زيلينسكي ينسق مع الحلفاء بشأن لقاء ترامب ويؤكد خطوط بلاده الحمراء
فيما تستعد كييف لجولة محادثات مفصلية مع واشنطن، كثّف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اتصالاته مع الحلفاء الغربيين، ساعيًا إلى تحصين موقف بلاده سياسيًا وأمنيًا قبل لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولاية فلوريدا. وتأتي هذه التحركات في وقت يتواصل فيه القتال مع روسيا، وسط خلافات دولية حول مسارات إنهاء الحرب وشروط السلام، وضغوط اقتصادية متزايدة على أوكرانيا.
وقال زيلينسكي، يوم السبت، إنه سيجري محادثات مع زعماء أوروبيين بعد اجتماعه مع ترامب، يوم الأحد، في إطار سعي كييف إلى اتخاذ موقف أكثر قوة لمنع موسكو من إطالة أمد الحرب. وأضاف أنه أجرى اتصالات مع مجموعة من شركاء أوكرانيا لتنسيق الأولويات على المسار الدبلوماسي، موضحًا في منشور على تطبيق تليغرام: “غدًا، بعد الاجتماع مع الرئيس ترامب، سنواصل النقاش”.
دعم أوروبي
وقبيل اللقاء المرتقب، تلقى زيلينسكي ضمانات دعم من قادة غربيين، خلال اتصال عبر تقنية الفيديو شارك فيه قادة من قرابة 12 دولة أوروبية، إلى جانب كندا، ومسؤولين كبار من المفوضية الأوروبية وحلف شمال الأطلسي (الناتو). وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن القادة منحوا زيلينسكي “دعمهم الكامل”، وشددوا على التزامهم العمل عن كثب مع الولايات المتحدة للتوصل إلى “سلام مستدام وعادل في أوكرانيا”، مشيرًا إلى أن المستشار الألماني فريدريش ميرتس دعا إلى عقد المكالمة بناءً على طلب زيلينسكي.
من جهته، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضرورة مشاركة الأوروبيين بصورة كاملة في أي محادثات تؤثر عليهم، وفق ما أفاد به مسؤولون في قصر الإليزيه، معلنًا استضافة اجتماع جديد لتحالف الراغبين، وهي مجموعة دول تعهدت بتقديم دعم قوي لكييف، في باريس خلال يناير/ كانون الثاني المقبل. كما شددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، التي شاركت في الاتصال، على أن جميع الجهود تصب في “هدفنا المشترك، وهو سلام عادل ودائم يحفظ سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها”.
وفي هذا السياق، تتابع العواصم الأوروبية عن كثب تحركات زيلينسكي، الذي التقى، يوم السبت، رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في مدينة هاليفاكس، قبل توجهه إلى بالم بيتش بولاية فلوريدا للقاء ترامب. وأعلن البيت الأبيض أن الاجتماع الثنائي سينعقد عند الساعة 1500 مساءً (2000 بتوقيت غرينتش).
وقبيل اللقاء، رسم زيلينسكي ما وصفه بـ”الخطوط الحمراء” لأوكرانيا، مؤكدًا أن بلاده لن تقبل بأي استسلام أو سلام مفروض من موسكو. وقال في بيان نشره على وسائل التواصل الاجتماعي: “بالطبع، توجد اليوم خطوط حمراء لأوكرانيا والشعب الأوكراني”. وكرر رفضه مطالب روسية، طُرحت أيضًا في سياق تصريحات سابقة لترامب، بشأن تنازل كييف عن أجزاء من منطقة دونيتسك التي لا تخضع حاليًا للسيطرة الروسية، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن أوكرانيا قدمت “مقترحات توافقية” حول القضايا الإقليمية العالقة.
وأوضح زيلينسكي أنه يعتزم مناقشة إطار مكوَّن من 20 نقطة لخطة سلام محتملة، قدمها في وقت سابق من هذا الأسبوع، مشددًا على أن “الأهم هو ضمانات الأمن” في حال التوصل إلى وقف لإطلاق النار، في ظل الحاجة إلى حماية أوكرانيا من أي هجمات روسية متجددة. وأضاف أن الغارات الجوية الروسية اليومية تعكس عدم رغبة موسكو في السلام، مؤكدًا سعيه للحصول على أنظمة دفاع جوي إضافية، ومزيد من الصواريخ، لتعزيز قدرات الدفاع الجوي الأوكراني.
ضمانات مالية لإعادة الإعمار
وفي الجانب الاقتصادي، أشار زيلينسكي إلى أن مفاوضات موازية تُجرى مع الشركاء الأوروبيين بشأن ضمانات الأمن والدعم المالي، مرحبًا بقرار الاتحاد الأوروبي تقديم قروض إضافية بمليارات اليوروهات، لكنه أقر بوجود فجوات تمويلية مستمرة، لا سيما في ما يتعلق بإنتاج الأسلحة والطائرات المسيّرة، قائلًا: “بصراحة، هناك نقص دائم في الأموال”.
وأكد الرئيس الأوكراني أن روسيا ليست طرفًا في محادثات بالم بيتش، مشددًا في الوقت نفسه على أنه لا يمكن تحقيق سلام دائم من دون اتفاق مع موسكو. كما أشار إلى أنه سيناقش مع ترامب ملف الاستثمار في إعادة الإعمار بعد الحرب، موضحًا أن هذا المسار يتطلب إنشاء صناديق مخصصة وتمويلًا كاملًا قد يصل إلى 800 مليار دولار.
وفي موازاة ذلك، أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أن بلاده ستقدم مساعدات اقتصادية إضافية لأوكرانيا بقيمة 2.5 مليار دولار كندي (1.8 مليار دولار أميركي). وقال كارني، خلال تصريحات متلفزة إلى جانب زيلينسكي في هاليفاكس، إن حزمة المساعدات تهدف إلى تسهيل تمويل من صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، لبدء عملية إعادة الإعمار. ووفقًا لمسؤول حكومي كندي، ستساعد هذه الحزمة أوكرانيا على وقف سداد ديون قديمة، كما تُمكّن صندوق النقد الدولي من إقراض كييف مبلغًا إضافيًا قدره 8.4 مليارات دولار كندي ضمن برنامج التمويل الممدد.