ناشونال إنتريست: لماذا لا يمكن لخطة حكم غزة أن تنتظر؟

وقال واريك، وهو زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط التابعة لبرنامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، وعمل في وزارة الخارجية الأمريكية بين عامي 1997 و2007 في قضايا الشرق الأوسط والعدالة الدولية، بما في ذلك رئاسة التخطيط لما بعد الحرب في العراق بين عامي 2002 و2003: “توليت قيادة التخطيط لما بعد الحرب في العراق بوزارة الخارجية الأمريكية، وعملت على عمليات ما بعد النزاعات في البوسنة وكوسوفو والعراق وتيمور الشرقية وليبيا وأفغانستان. بعد الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذرت، إلى جانب العديد من الأشخاص الآخرين، من مخاطر عدم التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، وانضممت إلى مجموعة من كبار المسؤولين السابقين لوضع خطة لمرحلة ما بعد الحرب في غزة”.

وأضاف، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، أن الرئيس ترامب وفريقه، الذي يعمل مع إسرائيل والحلفاء العرب، يستحق التقدير والثناء فيما يتعلق بخطة ترامب للسلام المكونة من عشرين نقطة، والتي تم تقنينها رسميا في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2803.

وتابع “خطتنا كانت قريبة من خطة ترامب النهائية أكثر من أي خطة أخرى وتضمنت نقاطا بينها: حكم دولي لفترة انتقالية، وهيئة إشراف دولية، تعمل مع الفلسطينيين من غزة، مدعومة بقوة استقرار دولية، مصرح بها بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي، مع وجود شخص غير أمريكي مسؤول عن الجهد المدني وجنرال أمريكي يرأس قوة الاستقرار الدولية”.

ولن يتم الإعلان عن مجلس السلام، الذي سيرأسه ترامب، حتى يناير/كانون الثاني المقبل. ولم يتم بعد تسمية أعضاء لجنة التكنوقراط الفلسطينية المنوطة بإعادة بناء البنية التحتية في غزة. وهناك أربعة أسماء معروفة بالنسبة للجنة التنفيذية التي ستتولى مهمة التنسيق اليومي الحيوي بين الأطراف الدولية والفلسطينيين والإسرائيليين والمصريين والدول المانحة، وهم: الدبلوماسي البلغاري المرموق نيكولاي ملادينوف، والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، وصهر ترامب جاريد كوشنر، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.

رغم وجود خطط طموحة، لم يقدم أحد المال الضروري لبدء أي شيء. ولن تمول الحكومات العربية إعادة إعمار غزة ما دامت حماس تحتفظ بأسلحتها، التي سوف يؤدي استخدامها إلى رد إسرائيلي يدمر ما أعيد بناؤه.

على الرغم من ذلك، يجري الكثير من العمل وراء الكواليس، لكن يتعين على ترامب الآن أتخاذ خيار رئيسي من بين ثلاث رؤى متضاربة. وإحدى هذه الرؤى، والتي من المرجح أن يسعى رئيس الوزراء نتنياهو إلى الدفع لتحقيقها، هي الحصول على موافقة ترامب على عمل عسكري إسرائيلي ضد مقاتلي حماس. ويكمن المنطق الاستراتيجي في أن إضعاف حماس بشكل أكبر سيجعلها عاجزة في نهاية المطاف عن التدخل في خطة ترامب للسلام.

ومع ذلك، فإن هذا العمل سوف يؤدي إلى وقوع ضحايا بين الإسرائيليين وسكان غزة وعرقلة المساعدات الإنسانية. وليس من الواضح الوقت الذي سوف يستغرقه ذلك. وترددت تقارير مفادها أن نتنياهو يريد أيضا دعم الولايات المتحدة لشن هجوم على برنامج الصواريخ الإيراني، الذي تعمل إيران بشكل نشط على إعادة بنائه. وربما يطلب نتنياهو أيضا تفويضا من ترامب لمهاجمة حزب الله إذا رفض تسليم أسلحته للقوات المسلحة اللبنانية. وربما يوافق ترامب على أحد هذه المقترحات، لكنه لن يوافق عليها جميعا.

أما الثانية، فهي الخطة التي أعدها معهد توني بلير الصيف الماضي. وتتضمن مسودة مسربة، نشرت في صحيفة هآرتس في سبتمبر/أيلول الماضي، عن تأسيس “أمانة تنفيذية” دولية صغيرة تضم خمسة “مفوضين” يشرفون على السلطة التنفيذية الفلسطينية التي تدير غزة فعليا.

تضع هذه الخطة مسؤوليات كبيرة على عاتق الفلسطينيين المحليين، الذين لن يكونوا منتمين لحماس. ومع ذلك، تتضمن المسودة المسربة نقطة ضعف فيما يتعلق بكيفية نزع سلاح حماس ومنع حماس من “ابتزاز أو إكراه” سكان غزة، بما في ذلك أولئك الموجودون في السلطة التنفيذية الفلسطينية، على الرضوخ لإرادتها.

وتتعلق الثالثة بنظام الإمداد في غزة، الذي أعده أمريكيون يقدمون تقاريرهم لويتكوف وكوشنر، وسيستخدم النظام رؤوس أموال خاصة لتسريع إطلاق عملية إعادة الإعمار المادي والاجتماعي في غزة، شرق الخط الأصفر، مع توظيف شركات أمن خاصة للقيام بأدوار ترفض قوة الاستقرار الدولية القيام بها. وسوف يتفادى هذا عقبتين: أولا، لم تساهم أي حكومة عربية فعليا بمليارات الدولارات في إعادة إعمار غزة، وثانيا، أن المقاولين الأمنيين الخاصين على استعداد للعمل في غزة حتى في حين تصر الولايات المتحدة على عدم نشر قوات أمريكية على الأرض، بينما لا ترغب بلدان أخرى في جعل قواتها تواجه حماس.

وأشار واريك إلى أنه وفقا لمقال في صحيفة الغارديان البريطانية، سيتم سداد أموال لمستثمري القطاع الخاص نظير تسريع إطلاق عملية إعادة إعمار غزة من خلال فرض رسوم جمركية على شاحنات المساعدات والشاحنات التجارية التي تدخل غزة.

وسوف يتعين على ترامب أن يقرر قريبا ما هو المقترح الذي سوف يدعمه من بين هذه المقترحات الثلاثة المتعارضة.

واختتم واريك تقريره بالقول إنه يتعين على الرئيس ترامب الموافقة على خطة تبدأ، بشكل عاجل، عملية إعادة الإعمار المادي والاجتماعي في غزة. ويعد نموذج نظام الإمدادات لغزة، رغم كل القيود المحيطة به، أفضل نهج متاح حاليا للبدء بسرعة في تحقيق مستوى ما من الأمن وإعادة الإعمار في نصف غزة على الأقل، و”يتعين علينا البدء من مكان ما، ويجب أن نبدأ الآن”.

disqus comments here