خالد عطا… حضور الغياب
رحلت يا عطا خالدا،
لكنك لن ترحل.
فالرحيل ليس جسدا يغيب،
بل حياة تمتد، وتاريخ يمشي بيننا،
وذكرى تجوب تفاصيل لن تنتهي.
***
لم يكن رفيقا فحسب، ولا قائدا فقط،
بل كان خالد عطا ذاكرة وعنوانا،
وصديقا لحلم فلسطيني
لم تكتمل فصوله بعد.
***
عرفته منذ زمن بعيد،
فكان شغفه بالقراءة، وتعمقه في الاقتصاد،
عرفته بنقاوة روحه الثورية،
نورا نهتدي به في دروب الغربة
ومتاهات الثورة معا.
بعد ان أعجبت بعقله المشع ثقافة،
وبقلبه المفتوح لكل رأي، حتى لو خالفه.
وكان، على المستوى الشخصي،
واحدا من أولئك الذين منحوني دعما معنويا صادقا
وأنا أخطو أولى خطواتي في ممرات القيادة،
ليس لي وحدي،
بل لجيل نهل من عطائه،
وسقاه إيمانا لا ينضب.
***
في دمشق، هناك في مقرّ الجبهة،
لم يكن خالد عطا مجرد رفيق
يشارك أبو النوف دروبه،
أو يجلس إلى جانب الرفيق فهد
في تلك الغرفة الصغيرة المزدحمة بالكتب
والنشرات الورقية الصادرة عن الجبهة.
كان العنوان الذي يسأل عنه كل وافد من فلسطين،
ومن الشتات، ومن أقاصي الأرض.
بمزاحه، وتعليقاته اللاذعة،
عن تشظي الواقع الداخلي الذي يوجع
قلب كل وطني حر.
***
اليوم،
يحزن كل من عرفه،
لكننا، نحن الثوار، لا نطيل البكاء،
لأننا نؤمن أن من يزرع نفسه في قضية
لا يموت.
وأنت، يا خالد، من أولئك
الذين سيعيشون فينا بعد الرحيل:
ففي كل كلمة حب،
وفي كل موقف بوصلته فلسطين،
وفي كل جيل غذيته
بحب الوطن لا كأرض فحسب،
بل كقضية حياة وكرامة.. سنفتقدك،
سنفتقدك في كل تفصيل:
في اجتماع صغير،
في نقاش حار،
وفي صمت طويل.
لكننا لن نقف عند الفقد،
بل سنمضي كما علمتنا..
فالعهد أن نكمل الطريق،
وأن نحمل فلسطين في قلوبنا
كما حملتها أنت:
شعلة لا تنطفئ،
ووعدا لا ينكسر.
***
إلى اللقاء يا عطا،
في المكان الذي حلمت به:
حيث تزهر البرتقالة على أنقاض الجدار،
ويعود الأطفال إلى مدارسهم بلا خوف،
وتنام الأرض مطمئنة..
إلى اللقاء في فلسطين التي أردتها
حرة، موحدة، سيدة نفسها،
هناك حيث لا غياب ولا وداع،
بل وطن يحتضن أبناءه العائدين