الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 4/7/2025 العدد 1347

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 4/7/2025
عدو إسرائيل الحقيقي هو المليشيات العنيفة لشبيبة الراب
بقلم: اهود اولمرت
في الأسابيع الأخيرة كانت دولة إسرائيل في ذروة الحرب ضد عدو خارجي، ايران. خلال سنوات تم عرض ايران على انها التهديد الأكبر على سلامة وامن ووجود إسرائيل. فتعززها العسكري وقدرتها التكنولوجية المثيرة للانطباع وترسانة صواريخها البالستية واسطول المسيرات المتقدمة التي طورتها، وانتشار وكلاءها الواسع في الدول المحيطة بإسرائيل وتسلحهم بسلاح متطور، كل ذلك جعل ايران العدو الذي يشكل التهديد الفوري على إسرائيل. الخوف الرئيسي هو برنامج ايران لتطوير القدرة النووية والخطر من ان هذه القدرة كان يمكنها ان تصل الى انتاج قنبلة نووية واحدة، وربما اكثر، لم يختف كليا رغم الهجوم الجوي المدهش للولايات المتحدة.
قرار الكابنت الأمني برئاسة رئيس الحكومة، مهاجمة ايران، كان قرار مبرر وخرج الى حيز التنفيذ في وقت صحيح، بالقوة المطلوبة والوسائل المناسبة. بنيامين نتنياهو باعتبار انه من يتحمل المسؤولية العليا عن قرارات الحكومة ونشاطاتها، يستحق الفضل الكبير على مجرد اتخاذ هذا القرار، وقيادة العملية وادارتها والنجاح المدهش جدا. لا توجد حاجة الى التوسع في الحديث عن سلاح الجو الرائع وقادته والطيارين والمقاتلين والاستخبارات وجنود السايبر وكل وحدات الجيش التي عملت في ذلك – الذين جميعهم شركاء في هذا الإنجاز.
لكن الحرب في غزة مستمرة. هذه حرب زائدة، بدون هدف يمكن تحقيقه، والحكومة ليس لديها رؤية سياسية لليوم التالي بعد انتهاءها. الجميع يعرفون ما الذي تخشى منه الحكومة وما الذي يمنع إعادة المخطوفين وانهاء القتال الذي يراوح في المكان، ويكلفنا الكثير من الضحايا ويعرض للخطر حياة المخطوفين، ويضر كل يوم بالكثير من الفلسطينيين الأبرياء، غير المشاركين في الإرهاب ولا ينتمون لحماس. محاولة فرض الرعب على الجمهور الإسرائيلي وكأنه اذا لم تتم تصفية حماس كليا فانها ستشكل خطر على مستقبل الدولة، هي محاولة لا أساس لها.
على خلفية احتفال الحكومة ورئيسها بالانجاز العسكري المدهش ضد ايران، التي هي دولة عظمى عسكريا على المستوى الإقليمي وربما الدولي، وحقيقة انهم يعرضون ما بقي من حماس بعد تدمير غزة وتحويلها الى انقاض، وحسب بعض المعطيات التي يصعب دحضها، فقد قتل حوالي 60 ألف غزي، بينهم آلاف الأطفال والنساء، والكثيرين ما زالوا تحت الأنقاض، كخطر امني فوري على إسرائيل هو تضليل من اجل إخفاء عدم رغبة الحكومة في معالجة العدو الحقيقي الذي يهدد امن الدولة واستقرارها وعقلانيتها وسلامتها.
العدو الحقيقي لإسرائيل هو المليشيات الإرهابية العنيفة، الدموية، التي اخذت تسيطر بالتدريج في الضفة الغربية وتحول قوات الامن والشرطة والجيش الى احد اهداف الحرب التي تشنها ضد النظام المدني، الأمني والعسكري، في إسرائيل. شبيبة الرعب الذين تركزوا خلال سنوات بشكل غير قانوني على تلال مختلفة في الضفة الغربية، هم المسؤولون عن قتل 140 فلسطيني في الضفة منذ بداية السنة الحالية، الكثير منهم كانوا من الأطفال.
في الوقت الذي فيه اهتمام الجمهور يتركز وبحق على الحاجة الى إعادة المخطوفين على الفور ووقف الحرب التي تعرض حياتهم للخطر، فان عدو اكثر خطرا من كل الأعداء الخارجيين الذين نحاربهم، يهدد إسرائيل في الداخل، هذا العدو هو نفس هؤلاء الشباب العنيفين الذين لديهم لحى وسوالف ويضعون قبعات كبيرة ويتجولون في التلال والوديان وهم مزودين بالسلاح، الذي في حالات كثيرة اعطي لهم من قبل سادتهم السياسيين، مع المعرفة بانه لن يتم استخدامها في الدفاع عن المستوطنات، بل لمهاجمة الفلسطينيين في المناطق.
في الفترة الأخيرة استيقظ اهتمام الجمهور بهؤلاء الأشخاص المتوحشين لأنهم مرة أخرى هاجموا جنود الجيش الإسرائيلي، المسؤولين عن امن جميع المستوطنين. كالعادة نحن نصاب بالصدمة من المس برجال الشرطة والجنود. ولكن عندما في نفس الحادثة يتم احراق ممتلكات الفلسطينيين، ويتم تدمير حقول الزيتون وهدم البيوت واشخاص لم يفعلوا أي شيء يقتلون، نحن نرد بالصمت، ويظهر اننا نوافق على هذا الظلم. بكلمات أخرى، الشباب القتلة يظهرون كمشكلة في الخطاب الإعلامي والخطاب العام في إسرائيل فقط عندما يقومون بالمس بقوات امننا، لكن عندما يقومون بالقتل والاحراق والتدمير واثارة اعمال الشغب العنيفة ضد الفلسطينيين، فان افعالهم هذه لا تعتبر إشكالية.
منذ سنوات هذه المليشيات العنيفة اخذت تتبلور الى وحدات قتالية منظمة، كتائب الغضب في المناطق. على المدى القصير هدف عنفهم هو الفلسطينيين. بالطريقة العنيفة جدا وبدون شفقة ورحمة وبصورة منفلتة العقال.
يوجد في الضفة الغربية إرهاب فلسطيني، لا يمكن تجاهل ذلك. لا اريد الادعاء، لا سمح الله، بان الإرهاب الفلسطيني هو الرد المحتم على الإرهاب اليهودي. هذا غير صحيح. الإرهاب الفلسطيني كان موجود قبل فترة طويلة من تحول الإرهاب اليهودي الى تهديد حقيقي، ليس فقط على الفلسطينيين بل أيضا على دولة إسرائيل. الإرهاب الفلسطيني هو خطر حقيقي وفوري، ويقتضي عملية تصفية ناجعة، وهي جارية. في حالات كثيرة السلطة الفلسطينية وأجهزة الامن الفلسطينية تتعاون مع الشباك وتساعد على إيجاد المخربين المشاركين في قتل إسرائيليين أو الذين يخططون لتنفيذ عمليات. لكن لا يمكن لأي إرهاب فلسطيني تبرير الإرهاب اليهودي. فهو يستخدم الإرهاب الفلسطيني كذريعة لتنفيذ المهمة الأساسية للمستوطنين العنيفين – طرد جميع سكان الضفة الغربية وتنغيص حياتهم الى درجة الرغبة في الهرب، وهكذا فانه سيتاح تحقيق حلم ارض إسرائيل الكاملة للصهيونية العنيفة، المشوهة والقاتلة، التي تطورت عندنا بالتدريج، لكن بشكل ثابت، منذ حرب الأيام الستة، ولا سيما بعد أن قتل أحد ابناءها رئيس الحكومة اسحق رابين.
أيضا جمهور المستوطنين الواسع، رغم انه لا ينقض بالسلاح على القرى الفلسطينية، إلا أنه لا ينفصل عن الشباب العنيفين. في كل حالة يهاجم فيها المستوطنون الجنود ورجال الشرطة، وبالطبع الفلسطينيين، على الفور يهب المحللون في القنوات المختلفة، ممثلي الجمهور ورؤساء المجالس الإقليمية في المناطق وأعضاء كنيست، ويحاولون طمس حجم هذه الظاهرة والادعاء بان الامر يتعلق باقلية صغيرةى لا تمثل كل جمهور المستوطنين الذين يحترمون القانون ويعارضون كما يبدو العنف. ولكن هذا استعراض عبثي.
عندما رئيس مجلس إقليمي، وهو من المتحدثين البارزين والمؤثرين في المناطق، يقول ان الرد المناسب على القتل الاجرامي لسالا غاز هو احراق القرى، فهو بذلك يعبر عما يفكر فيه الكثير من المستوطنين.
إضافة الى ذلك مليشيات الفتيان، الذين لديهم سلاح وأدوات تخريب كثيرة، لا يمكنها التواجد بدون منحها المساعدة والدفاع عنها من قبل الغطاء المدني الذي تعيش فيه.
فتيان هذه المليشيات ليسوا الا الطليعة التي تختفي وراءها شريحة واسعة من المساعدين. هي منظومة كبيرة ومتطورة مع الخبرة، وهي ترتبط بكل مراكز الحكم وصنع القرار المدني والعسكري والأمني.
قرار وزير الدفاع الذي جاء على الفور بعد تسلم منصبه، الغاء الاعتقال الإداري لليهود في المنطق، لم يكن صدفيا. هو نتيجة منظومة جماهيرية عنيفة جدا، تؤيد من يثيرون اعمال الشغب العنيفين وتوفر بنية تحتية لافعالهم. فتيان الرعب هؤلاء ليسوا حفنة اشخاص متوحشين، بل هم طليعة لكل من يدفعهم ويعطيهم الالهام ويغطي عليهم.
المواجهات بين مثيري اعمال الشغب وقوات الامن هي كما قلنا ليست الهدف الأول والرئيسي لهم. في غالبية الحالات فان الحكومة والجيش والشرطة تغض النظر وتتجاهل جرائمهم، وعند الحاجة أيضا يغطون عليهم. عندما تحاول قوات الامن، حتى من اجل التظاهر، وقف مثيري اعمال الشغب، فانه لا توجد لهم أي مشكلة في الانقضاض على رجال الشرطة والجنود وكأنهم هم الأسوأ من بين الأعداء. هذه هي الثمرة المتعفنة لسياسة التغطية والاخفاء والتسليم من قبل كل أجهزة السلطة. يجب عدم الاندهاش من هذه الظاهرة، اذا اخذنا في الحسبان انه يوجد لهؤلاء المشاغبين ممثلين في المستويات العليا في منظومة الحكم. ايتمار بن غفير، بتسلئيل سموتريتش، تسفي سوكوت، الموغ كوهين، عيديت سلمان وعميحاي شكلي، جميعهم يوجدون في مواقعهم من اجل إعطاء الإشارة لشباب الرعب بان هناك من سيهب للقيام بنضال جماهيري، حكومي وقانوني، للدفاع عنهم، شريطة أن لا يتوقفوا.
الادانات التي اسمعها ممثلو الحكومة في اعقاب المس بقوات الامن هي ضريبة كلامية مضحكة. هم لم يدينوا في أي وقت بشكل جدي قتل الفلسطينيين. هؤلاء يمكن قتلهم، ويفضل ان لا تتدخل قوات الامن. التجربة تظهر انه في معظم الحالات بعد الهجمات القاتلة ضد الفلسطينيين، بشكل مدهش لا يتم اعتقال المعتدين اليهود، بل يتم اعتقال الضحايا الفلسطينيين.
الى اين يؤدي كل ذلك؟ هدف عنف المستوطنين القادم ليس فقط قوات الامن، بل كل من هو غير مستعد للتسليم بجرائم الحرب التي تنفذ في المناطق. عندما تكون الضفة الغربية خاضعة لسيطرة إسرائيل المطلقة، وينشرون فيها قوات الجيش والشرطة، ومع ذلك كل يوم يقتل هناك فلسطينيون ويتم احراق وتدمير ممتلكاتهم، فان التسليم بعنف الاستيطان هو جريمة. في هذا السياق مؤسف جدا انهم في المنظومة السياسية، بما في ذلك رؤساء المعارضة بني غانتس، غادي ايزنكوت ويئير لبيد، لم تسمع ادانات أو احتجاجات قوية على عنف مليشيات المستوطنين.
اذا لم تدرك حكومة إسرائيل بان هذه المليشيات هي العدو الأكثر خطرا علينا، ولم تستخدم كل القوة لوقفها واعتقال وحبس ومحاكمة رجالها، فنحن، الذين نتفاخر بتمثيل قيمة الشفقة والتسامح والانضباط والرغبة في التسوية والسلام، سنكون هدفها القادم. فهذه المليشيات لن تتردد أيضا في اطلاق النار علينا، وسيكون هناك من يزودونها بالسلاح.
------------------------------------------
اسرائيل اليوم 4/7/2025
اللحاف قصير جدا عليك يا بيبي
بقلم: يوسي بيلين
هنا ليس ليختنشتاين. رئيس حكومة ليختنشتاين هو دانييل ريش، ابن 47، وليد الدويلة المحاذية لسويسرا. عدد سكانها هو نحو 40 الفا. هي عضو في الأمم المتحدة وناتجها القومي الخام للفرد هو 183.626 دولار. منذ 1886 ليس فيها جيش، لكن يوجد فيها 125 من رجال الامن المزودين بسلاح خفيف. في مقابلة صحفية منحها نتنياهو في اذار 2021 لموقع “واي نت” قال: “انا قادر على أن أدير الدولة عبر المحاكمة ايضا في هذه الملفات السخيفة، التي تتفكك”.
في جلسة لجنة الخارجية والامن في الكنيست قبل وقت قصير من السبت الأسود، شرح بان “ما أتمكن من فعله في ساعة، لبيد لن يفعله حتى في سنة كاملة”. يخيل أنه صدق في تلك اللحظة بانه دانييل ريش. لم تطرأ على باله فكرة ان إسرائيل تدخل، في كل بضع سنين، في حرب او حملات، وان التحديات التي امامها تستوجب رئيس وزراء بوظيفة كاملة زائدة. وبدا انه فوجيء تماما مما وقع عليه، رغم أنه رئيس الوزراء الاقدم في العالم الديمقراطي.
إذن لا. لقد عرف بالضبط بانه عندما يدير رئيس وزراء محاكمة واذا لم يتولى المنصب سيدير محاكمته. فهم في حينه وهو يفهم الان بان وضعا تنسجم فيه رئاسة الوزراء في إسرائيل مع وقوفه امام المحاكمة ليس ممكنا، وهو مستعد فقط لعفو لا يعترف فيه بالمخالفات ولصفقة قضائية لا تلقي عليه عارا. لكن حتى المحاولة المثيرة للشفقة لاشراك الرئيس ترامب – المتنازع هو أيضا مع المحاكم في بلاده، والحصول منه على التسويغ – لن تجدي نتنياهو نفعا.
ان المحاولة للسماح للمتهم بملفات جسيمة التنافس على رئاسة الوزراء والرقص في العرسين، فشلت. بيبي كان مستعدا لان يوافق على كل وثيقة اتفاق تضارب مصالح شريطة ألا ينفذه ووعده بانه يمكنه أن يكون متهما ورئيس وزراء في نفس الوقت كان وعدا فارغا منذ البداية. هذا الفشل لا يعني ان على نتنياهو ان يستقبل من منصب المتهم بل ان عليه أن يستقيل كرئيس وزراء. المحكمة العليا بتركيبة 11 من أعضائها، ايدت بالاجماع حق نتنياهو في ان يتولى منصب رئيس الوزراء اذا ما كلفه الرئيس بتشكيل الحكومة. في نظري كان هذا خطأ جسيما. فبصفتي كنت احد مشرعي القانون الذى الغى الانتخاب المباشر لرئاسة الوزراء، كانت نية المشرع الا يؤدي رفع لائحة اتهام ضد رئيس وزراء الى سقوط الحكومة كلها، لكننا لم نتصور ان شخصا توجد ضده لائحة اتهام يمكنه أن يتلقى من رئيس الدولة الحق في تشكيل حكومة جديدة.
لن يكون هناك من يفرح اكثر مني بتوسيع اتفاقات إبراهيم، لكن عندما يتبين للجميع بان بيبي ضلل بقوله انه يمكنه أن يمسك برئاسة الوزراء وبمنصب المتهم أيضا – فأنا مقتنع بان لا مكان للسماح له بان يتخلى عن المنصب الثاني.
-------------------------------------------
هآرتس 4/7/2025
فخ “الاستيلاء على الأرض” في غزة يضمن حربا أبدية
بقلم: تسفي برئيل
في النشرات الإخبارية تعرض صور لمن يعتبرون رؤساء “حماس الخارج”، من بينهم خالد مشعل، زاهر جبارين، خليل الحية وغيرهم، ومعظمهم لا يعنون أي شيء بالنسبة لمعظم مواطني إسرائيل. هؤلاء هم الأشخاص حسب الراي القاطع للمحللين الذين يجب قطع رؤوسهم اذا رفضت حماس الاقتراح الأخير للصفقة. وكأنه فقط في أيديهم يوجد مصيرهم، وتهديد حياتهم هو وسيلة الضغط المطلق.
قائمة “الزعماء الكبار” الذين قتلهم لم يدفع قدما بتحرير المخطوفين، على رأسهم إسماعيل هنية، نسيت. هكذا أيضا رؤساء الأركان وقادة الفرق ورؤساء أجهزة الاستخبارات وقادة الالوية والكتائب في حماس الذين قامت إسرائيل باغتيالهم بالجملة. خلفهم بقي نوابهم ورؤساء خلايا وقادة مناطق ومدراء انفاق ونواب شخصيات رفيعة ونواب نواب وكل أصحاب المناصب الذين يواصلون احتجاز المخطوفين وإدارة معارك حرب عصابات قاتلة ضد الجيش الإسرائيلي ويقررون متى وهل وباي طريقة ستتقدم الصفقة.
هنا توجد الصعوبة. اذا كانت تصفية رؤساء حماس الخارج هي الوسيلة لتحقيق تحرير المخطوفين فلماذا تطرح المطالبة بنفي رؤساء “حماس الداخل” من غزة كشرط آخر للموافقة على الصفقة؟ لماذا سيوافق رؤساء حماس في غزة على الانضمام الى اصدقائهم في حماس الخارج اذا كانت حياتهم في الأصل مهددة؟.
هذا ليس السؤال الوحيد. الى جانب نظرية التصفية، وهي النظرية التوأم، تقول بان مكبس الضغط على قطر ما زال لم يستخدم بكامل الثقل، وانه فقط التهديد بفرض عقوبات عليها – وهي التي تحمل الصفة الرسمية كحليفة كبيرة للولايات المتحدة، غير العضوة في الناتو، والتي توسطت بين ايران وامريكا من اجل التوصل الى وقف اطلاق النار، ورئيسها الشيخ تميم آل ثاني هو صديق شخصي للرئيس ترامب – سيثمر نتائج.
قبل سنة تقريبا طلبت إدارة بايدن من قطر ابعاد قيادة حماس الخارج من أراضيها، وأعضاء في الكونغرس الأمريكي طلبوا فرض عقوبات عليها الى ان تعلن قيادتها بانها تنسحب من إدارة المفاوضات. بسرعة تبين انه بدون قطر لا يمكن اجراء المفاوضات مع حماس، وفي نفس الوقت تبين ان رافعة الضغط لقطر على حماس غزة وعلى قرارات القادة الميدانيين في حماس محدودة.
لقد تمت معرفة انه قطر يمكنها التوسط ولكنه لا يمكنها اتخاذ قرارات بدلا من حماس وباسمها، تاثيرها كان حقيقي عندما عملت كصراف الي رئيسي لحماس، حيث قامت بتمويل نشاطاتها وتشغيل جهازها المدني ودفعت رواتب الموظفين والمجندين وساهمت في إعادة اعمار غزة بعد كل عملية عسكرية لإسرائيل. كل ذلك كان باذن وصلاحية الحكومة الاسرائيلية. مثلها أيضا مصر كان يمكنها استخدام أداة تاثير طالما انها كانت تجلس على الصنبور الاقتصادي الذي قام بتغذية قطاع غزة وحماس من خلال معبر رفح. هذه الأداة تم وقفها بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا وعلى المعبر.
النتيجة الان هي ان الولايات المتحدة، بصورة غير مسبوقة، تجري مفاوضات مباشرة مع حماس ولم تسمع ضدها أي شكوى بسبب خرق المبدأ الأساسي الذي يقول بانه لا يتم اجراء مفاوضات مع منظمة إرهابية. حتى ان ترامب لم يعد يمكنه التهديد بفتح باب جهنم على غزة اذا لم توافق حماس على خطة الصفقة. جهنم تقف مكلومة امام ما يحدث في غزة.
ادعاء اخر في نظرية الضغط يقول ان “نقل” السكان في غزة من الشمال الى الجنوب وتركيزهم في منطقة صغيرة، وهي العملية التي وصفت كسيطرة على 75 في المئة من القطاع، ستمكن إسرائيل من إدارة “حرب ضروس” ضد حماس، وهي متحررة من القيود المدنية، وان هذه العملية ستحرم حماس من السيطرة على الأرض وستبعد تهديدها. ولكن الجيش الإسرائيلي، حسب شهاداته، اصبح قريب جدا من السيطرة على الـ 75 في المئة وربما اكثر، والجنود يستمر قتلهم والمخطوفين ما زالوا في الانفاق، يتنفسون وجبة الاوكسوجين الأخيرة.
اذا كانت السيطرة على الأرض هي نقطة ارخميدس التي تمثل الضغط الذي سيحدثه الانقلاب، فما هي فائدة العملية التي ستنجم عن القضاء على قيادة حماس باستثناء اطلاق سراح الرهائن؟ الجواب المشوش على ذلك يقول بان هذه اهداف منفصلة. المس بقيادة حماس الخارج يرتبط بصفقة المخطوفين. والسيطرة على الأرض في المقابل، تستهدف ابعاد بقايا حماس وضمان امن سكان غلاف غزة. ولكن رئيس الأركان قدر في السابق بان “حماس ماتت”، وقيل لسكان الغلاف ان “المنطقة آمنة”، وأنه لا يوجد ما يمنع عودتهم الى بيوتهم.
هذا الادعاء لا يشمل فقط تناقض داخلي، بل هو يطرح رؤية استراتيجية خطيرة تقول بان تواجد الجيش الإسرائيلي في المناطق التي احتلها في القطاع هو الحل الشامل الوحيد وبعيد المدى للتهديد الأمني لحماس. هذه النظرية المحدودة تتجاهل ان التهديد الذي يتطور في غزة لا يستند فقط الى بقايا حماس او الامكانية الكامنة في سيطرتها المدنية في القطاع.
في غزة يعيش اكثر من مليوني شخص، الذين مروا ويمرون بالكارثة الأكثر قسوة في حياتهم وفي تاريخ الشعب الفلسطيني، التي لا يمكن قياسها بعدد القتلى الذي يتراوح 50 – 100 ألف شخص؛ مئات آلاف المصابين والمعاقين والايتام والارامل؛ او بتاثير الجوع الشديد والامراض وفقدان المستقبل الشخصي لجيل بأكمله. هذه الصدمة الوطنية لا يمكن ان تتعافى بمساعدة عشرات او مئات شاحنات المساعدات الإنسانية او رزم الغذاء، التي مقابل الحصول عليها دفع سكان غزة حياتهم. غزة هي الأرض الخصبة التي تنمو فيها المقاومة الوطنية، وهي فقط ستزداد وتتعاظم وتصبح كفاح مسلح، الذي سيتعين على إسرائيل محاربته بشكل دائم ودموي.
ربما ان هذه المقاومة لن تسمى حماس او الجهاد الإسلامي. فبدلا منهم ستنشأ تنظيمات، عصابات ومليشيات، لن تحتاج الى صواريخ بعيدة المدى أو مسيرات متفجرة. عندما يكون العدو بينهم فان السلاح الخفيف الموجود بكمية كبيرة والقنابل اليدوية والعبوات الجانبية المرتجلة ستكون هي وسيلة القتال الناجعة لهم. إسرائيل عندها ستكتشف، ليس للمرة الأولى، بان احتلال الأرض كان المرحلة الأكثر سهولة في الحرب، بالضبط مثل ما واجهه الجيش الأمريكي وبحق في أفغانستان والعراق ومثل ما واجهته إسرائيل خلال 18 سنة في لبنان.
يمكن الحلم بالطبع بـ “حل نهائي”، الذي سيطرد كل سكان القطاع الى “أماكن جميلة”، كما حلم الرئيس الأمريكي ترامب؛ والحلم بـ “الهجرة الطوعية” و”نقل جغرافي خارج الحدود” أو “فتح جدار الفصل مع مصر”. الاستطلاعات بالتأكيد “ستثبت” ان معظم سكان القطاع معنيون بالانتقال الى سويسرا، او على الأقل الى اندونيسيا. في نفس الوقت يجب التذكر أيضا بان هذه العملية يمكن ان تؤدي ليس فقط الى موت التطبيع مع السعودية، بل حتى ربما تصفية اتفاقات السلام مع مصر ومع الأردن.
الافتراض الواقعي يجب ان يعتمد على انه في المستقبل القريب سيواصل سكان غزة العيش في خيام وان دولة إسرائيل ستتحمل المسؤولية عن توفير احتياجاتهم، والجيش الإسرائيلي يجب عليه إدارة ما بقي من “نسيج حياتهم”. حتى الان إسرائيل فشلت بصورة جارفة في كل ما يتعلق بالمعالجة الإنسانية الأساسية. “صندوق المساعدة الإنساني لغزة”، الذي لا تؤكد إسرائيل على انها تموله، اقام مراكز توزيع للطعام التي أصبحت ساحات قتل؛ الخدمات الصحية هي مفهوم نظري في القطاع؛ وعصابات مسلحة عنيفة أصبحت “قوة حماية” برعاية إسرائيلية.
نحن ما زلنا نذكر التنبؤات الكاذبة التي بحسبها تحت الضغط الإسرائيلي سيثور الجمهور الفلسطيني ضد حماس وسيسقط حكمها. هل استعدت إسرائيل لاحتمالية ان نفس هذا الجمهور الفلسطيني، الذي لم يعد لديه ما يخسره، ولكنه مستعد لأن يُقتل من اجل الحصول على كيس طحين أو علبة تونا، سيخرج بجموعه ضد قوات الجيش الإسرائيلي؟ هذا هو معنى الفخ القاتل الذي يسمى “الاستيلاء على الأرض”. لا يوجد لإسرائيل أي خطة عمل أو خطة تترجم “الاستيلاء على الأرض” الى سيطرة مدنية محلية لن تلقي على إسرائيل المسؤولية عن إدارة القطاع. هي حتى لا تعرف كيفية إدارة القطاع اثناء وقف اطلاق النار، اذا تحقق، لكنها مستعدة لحرب أبدية.
-------------------------------------------
معاريف 4/7/2025
تغيير الاتجاه حان وقت السلام مع سوريا
بقلم: ألون بن دافيد
“لن تكون حرب بدون مصر ولن يكون سلام بدون سوريا”، هكذا شخص السياسي الأمريكي الأعلى هنري كيسنجر الشرق الأوسط في السبعينيات من القرن الماضي. منذ ذلك الحين حظي كيسنجر بان يرى في حياته الطويلة هذا الثنائي المتضارب يتفكك: سلسلة من اتفاقات السلام وقعت بدون سوريا وغير قليل من الحروب دارت فيما أن مصر تشاهدها من بعيد.
الان، حين تبدد الدخان من فوردو يمكن أن نرى الألوان التكتونية للمنطقة تتحرك، ونشأت في اسرائيل فرصة نادرة لاعادة تصميم مكانها هنا. دخلنا الى حرب 7 أكتوبر فيما كان الشرق الأوسط ينقسم بين محورين: المحور الشيعي بقيادة ايران والمحور السُني المعتدل بقيادة السعودية. سقوط بشار الأسد في سوريا شكل إقامة محور ثالث جديد: محور الاخوان المسلمين بقيادة قطر وتركيا ومشاركة سوريا الجديدة وحماس.
المحور الشيعي ضرب بشدة: حماس والجهاد الإسلامي في غزة لم يعدا يعملان كجيش، حزب الله تلقى ضربة قاسية لقوته العسكرية وتآكلت مكانته في لبنان، سوريا انتقلت الى اياد سورية والان انكشفت ايران أيضا في ضعفها. الدليل: الفروع التي تبقت لها أبد انعدام رغبة واضحة للانضمام الى الحرب ضد إسرائيل. في اثناء الـ 12 يوما من الحرب اطلق الحوثيون من اليمن صاروخين نحن إسرائيل، الميلشيات في العراق رفعت العتب باطلاق بعض المُسيرات (رغم أنها قادرة على أن تطلق اكثر)، وحزب الله صمت تماما.
توجد لإسرائيل فرصة نادرة لنقل المنطقة الى نقطة توازن جديدة. الرئيس ترامب، باحاسيسه الحادة يشخص منذ الان الفرصة لصفقة كبرى ويرى في نهايتها جائزة النوبل اللامعة في قصر بلدية أوسلو. يخيل أن رئيس الوزراء نتنياهو هو الاخر يفهم انه لا يمكنه الان ان يقف في طريق ترامب نحو الكأس المقدس، وسيكون مطالبا بان يتعالى على الاعتبارات التافهة المتعلقة بصيانة ملائكة التخريب في ائتلافه.
ان ضم السعودية الى اتفاقات إبراهيم والتطبيع مع الدولة العربية الأهم يمكن أن تعيد تموضع إسرائيل كدولة رائدة في المنطقة. هذا سيفتح لنا آفاقا اقتصادية واسعة وعالما من الإمكانيات مع الفلسطينيين في الضفة وخلق واقع جديد في غزة. هذا على الاطلاق في متناول اليد ويمكن أن يتجسد في غضون أسابيع.
السعوديون، الذين تربوا على مدى السنين على كراهية إسرائيل، اجتثوا في يوم واحد التحريض من مناهجهم التعليمية. ولا يوجد خبراء مثلهم لتحقيق مسيرة نزع التطرف المطلوبة جدا في غزة. مقدراتهم الهائلة يمكن أن تدعم هجرة سكان غزة وفي نفس الوقت إعادة تأهيل أولئك الذين يختارون البقاء.
مستقبل افضل
لكن الاحتمال لاتفاق مع سوريا دراماتيكي حتى اكثر من ناحية ضمان مستقبل إسرائيل في المنطقة. صحيح، زعيم سوريا هو ذو ماض مشكوك فيه، ورجاله بقوا جهاديين في الحاضر أيضا، لكن يخيل أن الشرع يقرأ على نحو صحيح تطلع الطوائف والقبائل التي تتشكل منها سوريا المدمرة لضمان مستقبل افضل لابنائهم. مستقبل الشرع هو الاخر مشكوك فيه: في كل لحظة معطاة يمكن لواحد من رجاله ان يغتاله. هو واع لذلك ولا يزال يختار مواصلة مسيرة تحوله من إرهابي الى سياسي جسور.
الشك فيه مفهوم. ولهذا فمطلوب جسارة اسرائيلية أيضا. عشية الزيارة التاريخية للرئيس المصري أنور السادات الى القدس، العدو الأعظم الذي سفك دماء الاف الإسرائيليين، شكوا في قيادة الجيش في ان تكون هذه مناورة تضليل. حتى أولئك الذين آمنوا بصدق دوافع السادات تساءلوا ماذا سيحصل اذا ما اغتيل. وبالفعل دوافعه تبينت صادقة، وحتى اغتياله لم يوقف السلام الذي يبقى قائما ومستقرا منذ 46 سنة. توجد سياقات هي اقوى من الزعماء الذين يقودونها.
سوريا، على تعقيداتها الطائفية، التي على مدى اكثر من نصف قرن كانت دولة عربية علمانية، تتطلع للعودة الى مكانها الطبيعي، في حضن الدول السنية المعتدلة. الشيعة غرباء عليها والايرانيون مكروهون فيها بعد أن سفكوا دماء مئات الاف السوريين. وقد تحرر منذ الان من التدخل الإيراني وهي ناضجة للتحرر أيضا من العناق الروسي. هي تشكل فرصة لإسرائيل لتثبيت مكانها في المنطقة ولتحقيق رؤيا كيسنجر.
بعد اكثر من عقد من الحرب، سوريا تواقة لاعمار عاجل وعليه فانه يمكن تعزيز كل اتفاق سلام او حالة لا حرب معها، بمشاريع تحفز الاستقرار: مشاريع بنية تحتية برية في مجالات المواصلات، الطاق والاتصالات، تعيد إقليم الشام (الهلال الخصيب) لان يكون جسرا بريا يربط آسيا والشرق الأوسط في أوروبا.
مال خليجي يمكنه ان يبدأ اعمار خرائب سوريا، مال أوروبي يمكنه أن يقيم فيها مؤسسات تعليم وبحث تخدم عموم المنطقة، وهذا المشروع الهائل يمكنه أن يحول سوريا الكبرى (سوريا، لبنان، الأردن وإسرائيل) من ارض محروقة الى محرك ازدهار إقليمي كجزء من النظام العالمي الجديد الذي يتشكل امام ناظرينا.
أعرف انه بعد سنتين من سفك الدماء، يبدو هذا كرؤيا ساذجة. سوريا لا تزال توجد تحت نظام قمعي، المنطقة كلها في وضع هش، لكن الشعوب في المنطقة، ومن بينهم نحن، منهكون من سنوات سفك الدماء وتواقون للامن.
مصر كنموذج
عندما دعا رئيس الوزراء الرحل مناحم بيغن الرئيس المصري لان يخطب في الكنيست 1977كان هناك شكاكون كثيرون لم يصدقوا بانه يمكن الجسر على العداء الذي بيننا وبين الدولة العربية الأكبر. لقد شخص بيغن الفرصة التاريخية واتخذ القرار الثاني في أهميته في تاريخ إسرائيل الحديثة (بعد اعلان الدولة): اتفاق السلام الذي وقع مع مصر غير وجه الدولة: طير اقتصادها عاليا وثبت مكانتها في المنطقة.
بيغن كان يعرف ان التاريخ يعود للزعماء الذين يتجرأون على الحلم، على شق الطريق والعمل أيضا. في لحظة الحقيقة توجه ضد ايديولوجيته وضد “القاعدة” – واتخذ الخطوة التاريخية الصائبة. نتنياهو هو الاخر، ابن المؤرخ، المعجب بالزعماء الذين يشقون الطريق، لكنه حتى اليوم لم يبادر الى أي رؤيا ولم يتجرأ على السباحة ضد التيار، بل حرص دوما على ان يسبح مع التيار الأقوى الذي عصف به في تلك اللحظة.
الان، بعد أن جلب له الطيارون الكبلانيون ايران على اجنحة الفضة، فهذه لحظته لان يثبت بانه بالفعل رجل دولة وليس فقط رجل سياسة حزب تافهة: ان يدعو الشرع لزيارة القدس وان يسجل في التاريخ كزعيم مخترق للطريق، كزعيم يعرف كيف يحول الكارثة الى رؤيا من الامل.
-------------------------------------------
هآرتس 4/7/2025
“هآرتس” تكشف الحياة اليومية للسجناء في سجن مجدو
بقلم: مجوعون، مرضى، موتى
في صالون شقة فخمة في نابلس، على اريكة بنية باهتة، يجلس فتى نحيف ويدخن. شعره قصير ويديه نحيلة، وتحت عيونه الكبيرة بقع داكنة، هي فقط تحضير لنظرة الى الأسفل، الى الارجل. هذه الارجل مغطاة بعلامات مكتظة، حمراء – رمادية، بكل الاحجام. البقع هي دليل على الإصابة المتكررة بمرض الجرب وهي أيضا جزء من سيرة حياته في الأشهر الأخيرة – كان هناك مرضى آخرين. هذا هو إبراهيم (اسم مستعار) ابن 16.5 سنة. منذ فترة غير قصيرة تم تحرره من سجن مجدو، حيث وجهه “تصعب رؤيته ويثير القلق الكبير”. هذا ما قالته لجنة الافراج في السجن. من اجل استكمال الصورة يجب الاستماع اليه، أو الى أمه التي تجلس بجانبه ولا ترفع نظرها عنه. “هو يبدو مثل المومياء” هذا لم يكن حقا هو”. اشارت، وقالت “لم نستطع التعرف عليه”.
في الصورة التي تعرضها الام منذ تحريره قبل شهر تقريبا، تبدو قسمات وجه إبراهيم باردة وحتى اكثر مما هي الآن. نحافته تكون واضحة اكثر عندما ننظر الى يديه، بالاساس جلد وعظام. إضافة الى الجرب هو اضطر الى ان يواجه أيضا العنف واعراض قاسية من مرض في الأمعاء، من بينها أيضا فقدان الوعي. الوثائق الطبية والقانونية لابراهيم الى جانب شهادته هي فقط عدد من شهادات كثير من السجناء الاخرين، قاصرين وبالغين، الذين عانوا من اعراض مشابهة في مجدو. احدهم، وليد احمد (17 سنة)، توفي هناك في اذار الماضي. حسب سلسلة الشهادات التي وصلت الى “هآرتس” فانه في حالات كثيرة الإهمال الطبي ونقص التغذية هي فقط بنود ظروف السجن.
إبراهيم اعتقل في تشرين الأول 2024، وفي اطار صفقة تمت ادانته برشق الحجارة لم يؤد الى اضرار وحكم عليه ثمانية اشهر سجن في سجن مجدو الذي تشرف عليه مصلحة السجون. عندما دخل الى السجن، حسب ملفه الصحي، كان وزنه 65 كغم، ولكن خلال بضعة اشهر نزل وزنه الى 46 كغم. حسب أقواله فان المعلومات التي توجد في الملف لم تعكس خطورة حالته، وفي مرات أخرى التي تم وزنه فيها اظهر المؤشر انه اقل من هذا الوزن. الراي الذي كتبه خبير في طب الأطفال (من اجل “أطباء من اجل حقوق الانسان”) اظهر حسب لجنة الافراج “صورة صحية خطيرة تظهر سوء التغذية ونقص الوزن”. أيضا تمت الإشارة في الوثيقة الى انه حسب الفحوصات فانه عانى من الانيميا (فقر الدم) والـ بي.ام.اي كان 15.2 (الحد الأدنى له هو 18.5).
هذا الراي الطبي قدم للجنة الافراج من قبل المحامية منى أبو يونس، التي مثلت هناك إبراهيم من قبل النيابة العامة. حالته الصحية “استثنائية وصعبة”، قالت اللجنة وأشارت الى ان ضابطة السجناء من قبل مصلحة السجون (المسؤولة عن بعض جوانب الحياة اليومية للمعتقلين) لم تفسر حالته الصحية لابو يونس، فقط قالت ان حالته معروفة وتتم معالجتها. أيضا اللجنة اشارت، التي قررت تقصير مدة سجنه بـ 11 يوم، الى انه “لا يمكن تجاهل ظروف الاعتقال القاسية التي يعيشها السجين”.
الظروف في مجدو هي عامل رئيسي في شهادات أخرى، ليس فقط في قصة إبراهيم. لقد وصلت الى “هآرتس” شهادات مشفوعة بالقسم لاربعة سجناء اخرين، الذين خلال الأشهر الأخيرة عانوا هناك من اعراض مشابهة. أيضا منظمة أطباء من اجل حقوق الانسان عالجت خمس حالات أخرى لسجناء لديهم اعراض كهذه. وهناك أيضا شهادات وشكاوى تتناول جانب آخر: كمية الطعام القليلة التي تقدم للسجناء ومرض الجرب الذي يصعب عليهم تجنبه.
القصة الـ 11 هي لوليد احمد، الذي في احد أيام شهر اذار انهار في ساحة السجن وتوفي. التقرير الذي كتبه طبيب العائلة، الذي شارك في تشريح جثته، اظهر انه لم يكن لاحمد تقريبا انسجة دهنية في جسمه، وانه عانى من التهاب في الأمعاء الغليظة ومن مرض الجرب. “هآرتس” توجهت الى وزارة الصحة، المسؤولة عن معهد الطب الشرعي، وسالت هل في اعقاب تشريح الجثة تم اتخاذ أي خطوات. الوزارة رفضت إعطاء تفاصيل، فقط اشارت الى انه “كما يقتضي القانون فان الاستنتاجات الاستثنائية يتم نقلها لمعالجتها الى الجهات ذات العلاقة. وحدة التحقيق مع السجناء في الشرطة ما زالت تحقق في موت الفتى ابن الـ 17 سنة.
سجن مجدو الذي يقع على الشارع 65 بين ام الفحم والعفولة ربما هو الحالة الأكثر قسوة. لكن على الأقل عدد من الخصائص هي خصائص مشتركة أيضا مع منشآت اعتقال أخرى، التي يحتجز فيها فلسطينيون. حسب أطباء من اجل حقوق الانسان فانه حتى الشهر الماضي، مرض الجرب ينتشر أيضا في سجن كتسيعوت وغانوت وايالون. أيضا في شهادات قدمت في اطار التماس في موضوع تقليل الطعام الموزع على السجناء الأمنيين، شهد سجناء على انخفاض شديد في الوزن في عدد من السجون. مع ذلك، عدد من المحامين قالوا للصحيفة بان سجن مجدو يوجد في اسفل القائمة تقريبا في كل التصنيفات.
في قضية الموت خلف القضبان فان سجن مجدو يوجد في المرتبة الثانية بعد سجن كتسيعوت. في مجدو توفي خمسة سجناء، احمد وأربعة بالغين اخرين، في كتسيعوت توفي سبعة. لكن كل هذا هو بند في إحصاء أوسع: حسب نادي الأسير الفلسطيني فانه في العشرين شهر الأخيرة توفي 73 سجين ومعتقل وهويتهم معروفة في منشآت الاعتقال العسكرية وفي السجون التابعة لمصلحة السجون. بخصوص مجدو فانه في حالتي وفاة عثر على أجساد السجناء علامات يمكن ان تدل على العنف.
الحالة الأولى هي حالة عبد الرحمن مرعي، احد سكان قرية قراوة بني حسان، الذي توفي في تشرين الثاني 2023. وقد وجدت على جسمه علامات ضرب، واضلاعه وعظام صدره كانت مكسورة. سجين كان مسجون في ذلك الوقت واطلق سراحه قال لاطباء من اجل حقوق الانسان بان مرعي ضرب بشدة على راسه قبل موته. الحالة الثانية هي حالة عبد الرحمن البحش، وهو من سكان نابلس وتوفي هناك في كانون الثاني من السنة الماضية، وعلى جسده وجدت كدمات في الصدر والبطن. أيضا كسور في الاضلاع وجرح في الطحال. التشريح وجد أيضا التهاب شديد في الرئتين. في الحالتين التحقيق في ظروف الوفاة لم يستكمل بعد ويسري عليه امر منع النشر. المعروف هو ان وحدة التحقيق مع السجانين غير مشاركة، أي ان رجال السجن غير مشتبه فيهم.
الشهادات على عنف السجانين لا تفاجيء إبراهيم. حسب قوله هذا امر روتيني بين جدران السجن. “هم كانوا يجلسوننا في نهاية الغرفة على الركب ويقولون لنا ان نضع أيدينا على الراس وبعد ذلك يدخلون، يرشون الغاز على وجوهنا ويضربوننا بالعصي على كل انحاء جسمنا”، قال. “ذات مرة دخلوا وضربوني بالبندقية على راسي ووجهي وفكي انحرف. في مرة ثانية دخلت وحدة مصلحة السجون التي تقوم بتفتيش الغرف، ورجالها قاموا بضرب السجناء ورشوهم بالغاز وبعد ذلك جروهم الى ساحة السجن. هناك بقوا على الأرض مدة ساعة في حين كانت الامطار تتساقط. “لقد قاموا بتكبيلنا والكلاب سارت امامنا ونبحت في الوقت الذي كانوا يضربوننا فيه”، قال. كانت هناك حالات أخرى حسب، مثلا في المرة التي ضربوه فيها بالعصا وكسروها على جسده. في المقابل الذي نشرها في “هآرتس” يهوشع (غوش) براينر في أيلول الماضي تم ذكر امثلة أخرى وتوثيقات أيضا.
شهادة أخرى على العنف ظهرت في الشكوى التي قدمتها موكيد للدفاع عن الفرد في شهر أيلول باسم سجين قاصر اخر في مجدو لوحدة التحقيق مع السجانين في الشرطة. “العنف شديد الى درجة انه يتسبب للسجناء في الغرفة بالخوف الدائم مما سيجلبه المستقبل”، كتب في الشكوى. ما سيجلبه المستقبل، كتب في الشكوى، يتضمن دخول سجانين الى الغرف اثناء العد وضرب السجناء بشكل مبرح بالعصي أو اللكمات. نفس السجين القاصر أشار الى انه هو نفسه ضرب مرة في بطنه، التي أجريت له فيها عملية، الى ان فقد الوعي.
السجناء قللوا التحدث عن هذا العنف بسبب الخوف من ان يسمع السجانين، مباشرة أو من اصدقائهم، عندها سينتقمون منهم. “كان هناك احد ما الذي تحدث في المحكمة عن السجانين وبعد ذلك قاموا بضربه”، قال إبراهيم. بعد موت احمد، أضاف، قل العنف، لكنه لم يتوقف. هذه الاوصاف لا تقتصر على فترات زمنية معينة، فعليا كانت موجودة أيضا في اشهر الحرب الأولى التي ادار السجن فيها العقيد شرطة مؤيد سبيتي، أيضا في الأشهر الأخيرة بقيادة من استبدله يعقوب اوشري.
من مصلحة السجون جاء: “نحن نعمل حسب القانون والإجراءات مع الحفاظ على سلامة وامن وحقوق جميع السجناء في منشآتها، بما في ذلك القاصرين. أي علاج يتم اعطاءه حسب راي طبي مهني وفقا لتعليمات وزارة الصحة وباشراف أطباء ومهنيين يعملون في المنشآت وخارجها. كلما تم طرح ادعاء بشان علاج غير سليم يتم فحص ذلك من قبل الجهات المخولة”.
أيضا جاء أنه “في حالة موت سجناء فان مصلحة السجون تبلغ بشكل فوري جهات التحقيق المخولة وفقا لظروف الحدث. في موازاة ذلك يتم فتح تحقيق داخلي من اجل استيضاح ظروف الحالة وفقا للإجراءات. مصلحة السجون ستواصل العمل بمسؤولية وطبقا للقانون مع الحفاظ على كرامة الانسان وامن الجمهور وتطبيق القانون”.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت 4/7/2025
غزة على الطاولة
بقلم: ناحوم برنياع
أمام المشهد المبهج الذي سيقع بعد ثلاثة أيام في البيت الأبيض ليس أمامي غير ان أقتبس آية من المصادر. “مومستان تثنيان الواحدة على الأخرى”، كُتب في تلمود بابلي. حنه زيمر الراحلة، محررة صحيفة “دافار” كانت تمتشق هذه الاية في كل مرة ترى فيها سياسيين يزيفون المحبة امام الكاميرات. ذات مرة، في اثناء رحلة عمل الى إسطنبول قفزت الى غلاتا، الذي كان حي النوافذ في المدينة. أزقة ضيقة، ظلماء، بيوت مكشوفة، نساء متدللة، مزينة، تمدح الواحدة الأخرى امام الزبائن. “فما بالك تلاميذ الحكماء”، كتب الحكماء. أناس حكماء كانوا اسيادنا. عندما ترون ترامب ونتنياهو ينحنيان الى الامام في كرسييهما الفاخرين في الغرفة البيضوية، شعرة فقط تفصل بينهما، يهزان رأسهما، يضحكان، يثنيان الواحد على الاخر بمدائح مبالغ فيها – تذكروا تلمود بابلي.
نتنياهو طلب من البيت الأبيض تقديم موعد زيارته: فهو يعرف كم يمكن لمضيفه ان يكون متغير المزاج. اذا ما سار كل شيء كما كان مخططا، فان الزيارة في واشنطن ستدمج احتفالا على ايران بانقاذ من غزة. ترامب وتغريداته يفترض أن يشكلوا وزنا مضادا لكل تهديد يطلقه سموتريتش وبن غفير قبيل انسحاب محتمل. رغم اشتياقنا الشديد لحكم عسكري في غزة، لاستيطان مستوطنين رمال تل السلطان وبيت لاهيا، لتحويل فتيان التلال الى فتيان الشاطيء، لا يمكننا أن نكون ناكري الجميل لرئيس اعطانا فوردو.
“منذ 11 أكتوبر 2023 لا يفعل نتنياهو الا سياسة حزبية”، قال لي هذا الأسبوع شخص عمل معه على مدى معظم الفترة (في 7 أكتوبر أصيب بصدمة، مرت بالتدريج؛ في 11 أكتوبر اتخذ القرار السياسي الحزبي الأول في كابنت الحرب).
الآراء في الساحة السياسية منقسمة: هل وجهته الى تسوية تخرج الجيش الإسرائيلي من معظم غزة، تعيد المخطوفين، تشق الطريق الى التطبيع مع السعودية وتسمح له بالإعلان عن انتخابات مبكرة والانتصار فيها – ام وجهته لتبييض استمرار حكم الائتلاف الحالي، دون المخاطرة في انتخابات، في ظل تعميق الشرخ الداخلي والانقلاب النظامي.
توجد مؤشرات الى هنا والى هناك. التغيير في مكانة المخطوفين وعائلاتهم هو مؤشر من نوع ما. تحرير مخطوفين لم يكن في أي مرة هدفا بحد ذاته: كان أداة، وسيلة. في البداية نتنياهو أنكر وجودهم: كانوا المشكلة التي محظور الاعتراف بها. في صالحهم، بالطبع، مثلما قالت سارة نتنياهو.
بعد ذلك اصبحوا عبئا، عدوا، عملاء حماس. عيناب تسنغاوكر، الزعيمة والرمز للكفاح من اجل الصفقة، لاحقوها بلا رحمة، هددوها بموت ابنها وبموتها. وعندها وصلنا الى المرحلة الثالثة، المرحلة التي فيها فيها نتنياهو بانه يتورط في غزة. صفقة لتحرير المخطوفين أصبحت هدف الحرب الأساس. عائلاتهم عادت لتكون اعزاء الامة. اذا كان نتنياهو يسعى الى انهاء هذه القصة السيئة في غزة، فان المخطوفين وعائلاتهم سيشقون له الطريق.
التغيير في قضية التجنيد هو مؤشر معاكس. اذا كانت وجهة نتنياهو للتسوية وللانتخابات، لكانت حاجة لان يبعد نفسه عن الحريديم. فتملص الحريديم من الخدمة هو سم سياسي: فهو مكروه من ناخبي الليكود العاديين ومكروه على نحو خاص في المجتمع الصهيوني – الديني، الذين يريد نتنياهو أصواتهم. على الرغم من ذلك مارس ضغطا هائلا على يولي ادلشتاين، رئيس لجنة الخارجية والامن. في مقلوب على مقلوب، الحرب مع ايران أيضا كانت حجة في صالح قانون التملص: لا يجب هز الائتلاف في وقت الحرب.
أدلشتاين انكسر، على ما يبدو. مسودة القانون افرغت من العقوبات الشخصية التي فرضت على رافضي التجنيد. المخصصات المالية اعيدت. إقرار القانون كما هو، بتأييد الكتل الحريدية، سيثير معارضة جماهيرية واسعة حتى من مؤيدي الحكومة لكن سيسمح لها بمواصلة البقاء. هذا مؤشر. ولتعقيد الأمور اكثر من ذلك، ثمة من يصدر سيناريو آخر، لا يقل صخبا: وجهة نتنياهو الى التسوية، الى إعادة المخطوفين، الى الخروج من معظم غزة، الى انهاء الحرب، الى التطبيع مع العالم العربي السني. بعد أن ينهي هذه الحملة ا لعظيمة سيوقع على صفقة إقرار بالذنب مع الادعاء العام في محاكمته ويعتزل، في ذروة مجده، محوط بمحبة الشعب كله واعجاب العالم. هو تعب، قال لوزير سابق. هل سيعتزل، سألت. العائلة لن تسمح له، قال.
كيف تعطلت العربات
في 16 أيار انطلق الجيش الإسرائيلي الى حملة سميت “عربات جدعون”. شاركت فيها أربع فرق ولاحقا خمسة. رغم انهم في الجيش لا يعترفون بذلك حتى الان، فان خيبة الامل كبيرة. امام النجاحات العسكرية المبهرة في لبنان وفي ايران، الحملة في غزة، صحيح حتى كتابة هذه السطور، تتلخص بفشل ذريع. الدافع كان سياسيا حزبيا، القرار كان قرار رجل واحد والثمن عال: عشرين مقاتلا من الجيش قتلوا في حزيران، قتيلان في أيار وقتيلان آخران في الأيام الاولى من تموز؛ مئات من غير المشاركين ممن قتلوا في الجانب الفلسطيني. صور قاسية في العالم. مؤشرات صحوة من حماس.
اعمال الاحتلال دحرت السكان نحو دائرتين كبيرتين وأخرى صغيرة: دائرة غزة واحيائها؛ دائرة المواصي؛ وجيب اصغر من قلب خانيونس حتى اطراف مخيمات الوسط. الاشتباه هو أنه في كل دائرة كهذه يوجد مخطوفون احياء. كل تقدم للجيش من شأنه ان يكلف بحياتهم.
كي نفهم كيف تعطلت “عربات جدعون” في رجال غزة، علينا ان نرجع الى الوراء، الى الجدول الزمني الذي عرضه الجيش على الكابنت في أكتوبر 2023. فقد تحدث الجدول الزمني عن ثلاث مراحل قتالية تنتهي بتفكيك حماس بعد 11 شهرا حتى سنة.
لقد كانت للحرب خمسة اهداف معلنة. ليس في هذا الترتيب: تصفية القوة العسكرية لحماس؛ تصفية قيادتها؛ ضمان حرية العمل لإسرائيل؛ إقامة حكم آخر في غزة، إعادة المخطوفين. الأهداف الثلاثة الأولى تحققت في نيسان – أيار 2024 قبل اكثر من سنة. اما الهدفان الاخيران فقد استوجبا خطوة سياسية، ليس عسكرية.
نتنياهو رفض القيام بالخطوة الإضافية. فقد تخوف من تفكيك الحكومة. الرفض كل حياة مخطوفين ومقاتلين، الحكومة راوحت في المكان في غزة لسنة وعندها انطلقت الى حملة عسكرية يمكن ان نسميها “حرب سموتريتش” او “حرب نتنياهو”. الحجة كانت ان الحملة ستجلب صفقة حسب الشروط التي طرحتها الحكومة. هذا لم يحصل. الحقيقة هي ان هذا ما كان يفترض بها أن يحصل. اهداف الجيش الإسرائيلي صيغت حسب الاماني، وليس حسب الامكانيات الواقعية على الأرض. الخطابات المتفائلة لرئيس الأركان وللالوية استهدفت رفع معنويات المقاتلين. عمليات رئيس الأركان ايد صفقة شاملة، تعيد كل المخطوفين وتقيم وقفا دائما للنار (حماس لم تتحدث في أي مرة عن وقف تام للحرب مع إسرائيل. فوقف الحرب يتعارض وايديولوجيتها. على حد نهجها هي مستعدة للهدنة أو تهدئة لزمن محدد).
التجربة تدل على أن الجانب الفلسطيني بقي بشكل عام في موقفه؛ اما حكومات إسرائيل فتغير المواقف كل الوقت. اذا كان ثمة الان امل في صفقة فهو ينبع أساسا من التغيير الذي طرأ، اذا كان طرأ في الخطة السياسية لنتنياهو.
-------------------------------------------
هآرتس 4/7/2025
كفى… حتى الأمريكيون حضروا بأنفسهم لقتل الأبرياء وتوسيع دائرته في غزة
بقلم: أسرة التحرير
سكان غزة يقتلون باستمرار. أفادت وزارة الصحة في قطاع غزة بقتل أكثر من 300 شخص في الـ 48 ساعة السابقة. وفي الظهيرة، علم أنه منذ ساعات الصباح من يوم أمس، أضيف 39 قتيلاً آخر في هجمات إسرائيلية. 17 قتيلاً كانوا في مدرسة تستخدم كملجأ. 39 قتلوا في طابور المساعدات الإنسانية، 9 وهم ينتظرون شاحنات المساعدات في مكان آخر.
العقل لا يحتمل هذه الأعداد التي أصبحت يومية. لم يعد هناك أحد يدعي بأن الحديث لا يدور عن أغلبية مطلقة من الأبرياء، ولا أحد يدعي بأنه قتل جماعي.
وكالة الأنباء AP نشرت أمس، أن حراساً أمريكيين أيضاً يستخدمون النار الحية وقنابل الصوت ضد السكان الذين يأتون للحصول على الغذاء. وتروي الشهادات بأن العاملين في هذا المجال عديمو التأهيل. مشروع صندوق المساعدات لغزة باء بفشل دامٍ.
تحقيق “هآرتس” الذي جلب شهادات لمقاتلين رووا بأن الجيش الإسرائيلي يطلق النار عن قصد نحو سكان أبرياء يحتشدون في طوابير غير إنسانية قرب مراكز المساعدات، تحقيق وصفه رئيس الوزراء ووزير الدفاع بأنه “فرية دم حقيرة”، حظي منذئذ بالتأكيد حتى على لسان الجيش الإسرائيلي: مسؤول كبير في الجيش اعترف بأن السكان يقتلون بنار قذائف مدفعية وأن الجيش “يصلح هذا”.
لقد تحول الواقع في غزة إلى المدينة الفاسدة. فحقيقة أن غالبية وسائل الإعلام الإسرائيلية تخفيه بنية مبيتة عن ناظر الجمهور لا يجعله أقل رعباً. هذا واقع يجب أن يتوقف وفوراً. وتضاف إليه بالطبع معاناة المخطوفين والثمن الباهظ الذي يدفعه الجيش.
أمس، نشر توم لفنسون في “هآرتس” شهادات لخمسة مقاتلين وصفوا واقعاً صادماً يتراوح فيه الجنود في غزة بين اليأس، ونوبات الغضب، والخوف المرعب. من السابق لأوانه قياس الثمن النفسي الذي سيدفعه جنود الجيش الإسرائيلي طوال حياتهم.
كل شيء في غزة يصرخ لوقف الحرب فوراً، عديمة الجدوى وعديمة الأهداف ووحشية جداً، من الواجب إنهاء هذه الحرب بأي ثمن. الدم في الطرفين يسفك عبثاً، ولا أحد يخرج رابحاً. اختبار الزعيم أو القائد العسكري ليس في القرار للخروج إلى الحرب. لا يقل عن هذا اختبار الزعامة في وضع حد للحرب في التوقيت السليم.
عشية سفر رئيس الوزراء إلى واشنطن، عليه حمل الحرب في غزة إلى منتهاها. كما أن رئيس الأركان ملزم بإلقاء كل صلاحياته المهنية من أجل إنهائها. هذه الحرب تجبي أثماناً زاهدة لم يعد ممكناً قبولها.
-----------------انتهت النشرة-----------------