الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 26/5/2025 العدد 1317

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
إسرائيل اليوم 26/5/2025
إسرائيل تقول لاوروبا: اعتراف بدولة فلسطينية سيؤدي الى سيادة من طرف واحد في الضفة
بقلم: أرئيل كهانا
على خلفية المؤتمر الدولي الذي تقعده فرنسا والسعودية الشهر القادم وفي مركزه محاولة الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون تصدر اعتراف من طرف واحد بدولة فلسطينية من جانب دول في العالم، تحذر إسرائيل بان اعترافا من طرف واحد بدولة فلسطينية سيجاب بفرض سيادة إسرائيلية في يهودا والسامرة.
في محادثات مباشرة اجراها مؤخرا وزير الخارجية جدعون ساعر مع نظيره ديفيد لاني البريطاني وجان نويل بارو الفرنسي، ومع وزراء آخرين من دول مركزية في العالم، حذر ساعر: “خطوات أحادية الجانب ضد إسرائيل ستجاب بخطوات أحادية الجانب من إسرائيل”.
ماكرون، الذي يعاني ضعفا داخليا في بلاده، يعمل على اقناع دول في العالم بان الخطوة التي يتصدرها ستدفع قدما بالسلام. لكن في القدس يرفضون بحجة نهجه ويقولون ان افعاله هي “تشويه قيمي واخلاقي على خلفية مذبحة 7 أكتوبر، وكذا سخافة سياسية، إذ انه يعطي الفلسطينيين جائزة دون تلقي مقابل لها”. الرئيس الفرنسي، كما تتهمه مصادر سياسية، يدفع قدما بالخطوة رغم أنه بلغ القدس برسائل بانه لن يفعل هذا.
اسبانيا ستؤيد، المانيا لا. في إسرائيل لم يتخذ بعد قرار نهائي في كيفية الرد على قرارات المؤتمر، والامر منوط أيضا بما سيحصل فيه عمليا. اذا اتخذت قرارات “من فوق رأس” إسرائيل، فان احدى الإمكانيات البارزة هي إحلال من طرف واحد للقانون الإسرائيلي على المستوطنات الإسرائيلية في يهودا والسامرة وكذا على مناطق في غور الأردن ومناطق أخرى. ينعقد المؤتمر في 17 – 20 حزيران. و 18 حزيران سيكون يوم التصريحات المركزية. الذي في سياقه سيطلق زعماء من ارجاء العالم الإعلان الذي عمل عليه ماكرون. ومع ذلك حتى الان لم تؤكد أي دولة مشاركتها في الحدث الذي اعلن عنه الفرنسيون رسميا يوم الجمعة الماضي.
في وقت مبكر من هذا الشهر هدد ساعر علنا بخطوات رد إسرائيلية، اذا ما اتخذت دول في الغرب خطوة الاعتراف احادي الجانب. “مبادرات كهذه هي مبادرات أحادية الجانب وهي فقط ستثيب إرهاب حماس”، قال ساعر لنظيره الألماني يوهان ودفول. “كل محاولة لعمل هذا من طرف واحد سيمس فقط بإمكانية الدفع قدما بمسيرة ثنائية في المستقبل بين إسرائيل والفلسطينيين – ويلزمنا باتخاذ خطوات أحادية الجانب كرد”.
بناء على طلب إسرائيل، أوضحت الولايات المتحدة بانها لن تشارك في المؤتمر، لكن صحيح حتى الان لا يعمل الامريكيون بفاعلية حيال دول أخرى بالتصرف مثلها. حاليا، بضع دول مركزية في أوروبا رفضوا مبادرة الرئيس الفرنسي وأوضحوا بانه لن يتخذوا الخطوة من طرف واحد.
في رأس المعسكر المعارض في خطوات ماكرون تقف المانيا، ومثلها سيتصرف أصدقاء إسرائيل في أوروبا وعلى رأسهم هنغاريا وتشيكيا. بشكل مفاجيء، فان وزيرة خارجية لوكسمبورغ قالت هي الأخرى ان بلادها لن تعترف من طرف واحد بدولة فلسطينية، لكنها ستفكر بعمل ذلك بعد المؤتمر. بالمقابل في فرنسا وفي مالطا يعتزمون تأييد الخطوة حتى وان كانوا عمليا يعترفون بدولة فلسطينية قبل سنوات عديدة.
في بريطانيا، التي أعلنت الأسبوع الماضي عن سلسلة خطوات ضد إسرائيل، لم تتخذ بعد قرارات نهائية في كيفية التصرف. في بلجيكيا التي هي واحدة من الدول الإشكالية لإسرائيل في أوروبا أعلنت الحكومة عن شروط للاعتراف بدولة فلسطينية.
وحسب دبلوماسيين غربيين يوجد عدم وضوح بالنسبة للعناصر الدقيقة والنهائية للمبادرة الفرنسية. من جهة، ماكرون، كما أسلفنا يدفع قدما باعتراف احادي الجانب. وبالمقابل، يدعي بانه يجب اجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية، وان كان من غير الواضح كيف سيتمكن من تحقيق هذا المطلب.
تتضمن مبادرة ماكرون أيضا تعهدات بنزع سلاح حماس، وكذا دفع دول عربية وإسلامية للاعتراف بإسرائيل لكن في القدس يعتقدون بان هذه الوعود غير واقعية ووصفها مصدر سياسي بـ “النكتة”.
------------------------------------------
القناة 12: 26/5/2025
هكذا شق بشارة بحبح طريقه إلى قلب الإدارة الأميركية وأقام قنوات اتصال مع حماس
بقلم: باروخ يديد
بشارة بحبح هو الأميركي من أصل فلسطيني الذي أنشأ قنوات الاتصال المباشرة بين قيادة حماس في الخارج وبين إدارة ترامب. وهو المسؤول عن الاتصالات المباشرة والمحادثات التي تُجرى، حاليا، بين ستيف ويتكوف وخليل الحية، نائب يحيى السنوار في قيادة غزة.
وُلد بشارة بحبح في القدس عام 1958 لعائلة هربت من المدينة القديمة إلى الأردن ثم عادت للعيش بين أسوار المدينة. في سبعينيات القرن الماضي، أسس صحيفة ‘العودة’ التي وُزعت في الولايات المتحدة، أيضا، بالإنجليزية، وذلك بالتعاون مع الصحفية الفلسطينية ريموندا الطويل، والدة سهى عرفات، أرملة ياسر عرفات.
سيكون للاثنتين دور حاسم في إقامة العلاقات المباشرة بين الأميركيين وحماس لاحقًا. أدار بحبح وطويل صحيفة ‘العودة’، وجذبا أنظار القيادة الفلسطينية في ثمانينيات القرن الماضي، التي قررت، لاحقا، اختيار بحبح للمشاركة في المحادثات ضمن مؤتمر السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، بين السنوات 1991 و1993، محادثات أدت إلى اتفاقيات أوسلو.
بحبح هو خرّيج جامعة هارفارد، تخصص دراسات الشرق الأوسط والعلاقات الدولية، وشغل، لاحقا، منصب نائب رئيس معهد أبحاث الشرق الأوسط في الجامعة. بدأ مسيرته السياسية بدعم الديمقراطيين، لكن الغضب الكبير من سياسة باراك أوباما في الشرق الأوسط دفع بحبح إلى الانتقال لدعم الجمهوريين.
في العام 2024، أقام منظمة “الاميركيون العرب من أجل دونالد ترامب”، وذلك رغم أنه غضب، قبل ذلك، من قرار ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس. “لقد غضب جدا من الجمهوريين، لكن من الديمقراطيين غضب أكثر”، يقول مقربوه.
في نشاطات في إطار هذه المنظمة، التقى بحبح، أيضا، بمسعد بولس، قريب عائلة ترامب وصهره. يقول مقرّبو بشارة لنا: “لم يُظهر بولس طاقة وحيوية ولم يكن متحمسًا ولذلك خسر منصب المستشار لشؤون العرب لصالح بشارة، الذي نجح في لفت انتباه ترامب عندما نظّم له الحملة الانتخابية في ميشيغان، وساهم كثيرًا في دعم الجمهوريين وفي فوز ترامب على كامالا هاريس”.
نساء عائلة الطويل وعرفات لم يقطعن الاتصال مع بحبح. قبل عدة أسابيع، توجّه غازي حمد، أحد كبار قادة حماس، إلى بشارة في محاولة للاستفادة من علاقاته مع الإدارة الأميركية. ومن نصحت حمد، القيادي في حماس، بالتوجه إلى بشارة بحبح، لم تكن سوى سهى عرفات، أرملة ياسر عرفات وابنة الصحفية ريموندا الطويل، شريكة بحبح في صحيفة ‘العودة. سهى، التي حافظت على علاقات جيدة مع قيادة حماس في الخارج، علمت من حمد أن حماس تبحث عن علاقات مباشرة مع الأميركيين، ومن مقر إقامتها في مالطا، أرشدت غازي حمد إلى العنوان الواعد.
هكذا، بعد أن أجرت محادثات تمهيدية مع الاثنين، بدأت المكالمات الهاتفية الأولى بين القيادي في حماس وبين بحبح. فيما بعد، وضع حمد هذه العلاقات تحت تصرف خليل الحية، الذي يترأس وفد حماس للمفاوضات، بينما أبلغ بحبح ستيف ويتكوف عن هذه العلاقات الجديدة.
يقول مقرّبو بحبح لنا هذا الصباح: “هو يهتم بحماس وهم يهتمون به، ولا يخذلونه بوعود كاذبة أمام الإدارة الأميركية، وذلك على رغم الغضب الشديد في صفوف الجناح العسكري لحماس في قطاع غزة، غير المتحمس لهذه العلاقات الجديدة…”
بحبح هو الفلسطيني الذي وصل إلى أبعد مدى في محاولة كسر الاحتكار الإسرائيلي للعلاقات مع البيت الأبيض وممرات الجمهوريين، وأثبت أن الفلسطينيين، أيضًا، قادرون على تحقيق تأثير ملموس”، يقول لنا أحد مقرّبيه. في إحدى المحادثات بين بحبح وخليل الحية، ضحك الاثنان أن فلسطينيا من القدس وفلسطينيا من غزة أقاما اتصالا مباشرا مع البيت الأبيض…
بحبح، كما ذُكر، غضب جدا من ترامب عندما نقل السفارة الأميركية إلى القدس، لكن مع ذلك، أقام في عام 2024 منظمة “الأميركيون العرب من أجل ترامب”، إلا أنه بعد أن نشر ترامب خطة التهجير لسكان غزة، غضب بَحبَح بشدة وكتب رسالة غاضبة إلى ترامب، بل هدّد بقطع الصداقة الناشئة.
بشارة مرهج
الذين حذّروه من القيام بذلك كانوا مقرّبوه في منظمة “الاميركيون العرب من أجل ترامب” وكذلك سهى عرفات. ويقول مقرّبوه: “قرر بحبح البقاء ومحاولة التأثير من الداخل”. بعد أن علم ترامب بغضب من بدأ بالفعل في إقامة علاقات مع حماس، نقل الرئيس رسائل إيجابية إلى بحبح وأشار له بالعودة إلى فريق ويتكوف.
ترامب”، يقول مقربو بَحبَح لنا، “فرح جدا بعودته للعمل وقرر أن يكون مستشاره لشؤون العرب، أيضا لأن مسعد بولس لم يُظهر أداءً مميزًا في القناة اللبنانية، الذي أوكل ترامب أمرها إلى مورغان أورتاغوس.
لكن من دفع بحبح الى التقدم، بالأساس، داخل البيت الأبيض هو ستيف ويتكوف، الذي ينسب لنفسه إطلاق سراح عِيدان ألكسندر ويحسّن مكانته أمام ترامب، الذي استمتع، بنفسه، بهذا الإنجاز عشية زيارته إلى الشرق الأوسط. عاد بحبح للعمل وبدأ في بناء الثقة مع ترامب.
كما أن القطريين كانوا سعداء جدا بتقوية العلاقة بين بَحبَح وخليل الحية في الطريق إلى البيت الأبيض، وقرروا المساعدة عندما وعدوا قيادة حماس باستخدام كل تأثيرهم وعلاقاتهم مع البيت الأبيض لفتح غزة أمام المساعدات الإنسانية وهم ينسبون لبحبح الفضل في تصريحات ترامب بهذا الشأن خلال الأسابيع الماضية.
مفارقة القدر أن خطة التهجير، بالذات، التي طرحها ترامب، والتي حاول من خلالها الرئيس الاميركي إخراج ملايين من الغزيين من قطاع غزة، هي التي أدت في نهاية الامر إلى إنشاء العلاقات بين حماس والإدارة الأميركية، وجعلت ترامب يتحدث لصالح المساعدات الإنسانية، بل ويقيم اتصالا مع قيادة حماس.
يقول لنا مقرّبو بحبح: “جميعهم علموا بهذه العلاقات، الأميركيون، القطريون وحماس، جميعهم علموا، لكن من غير المؤكد أن إسرائيل كانت تعلم. بعض المحادثات بين خليل الحية وبحبح وويتكوف جرت بينما كان رون ديرمر نفسه متواجدا في البيت الأبيض…”.
بحبح هو الذي يقف، أيضا، وراء فكرة الربط بين إطلاق سراح عِيدان ألكسندر “الأميركي” وفتح غزة أمام المساعدات الإنسانية. هذا الأمر أعجب حماس الخارج والقطريين، بشكل خاص، الذين رأوا كيف سيعزز عِيدان ألكسندر مكانتهم عندما ينضم إلى ترامب في زيارته إلى قطر، التي لم تخرج في النهاية إلى حيز التنفيذ.
رأت حماس في ذلك اختراقا تاريخيا وخطوة استراتيجية تجاه الإدارة الأميركية، وقررت العمل على إطلاق سراح ألكسندر، لكن ويتكوف، الذي أعطى الضوء الأخضر لخطوة بحبح هذه، أخذه إلى ترامب وساهم في إطلاق سراح عِيدان.
وقال لنا مقرّبو بحبح: “نشر خطة ترامب للهجرة كاد يقضي على العلاقة الناشئة”، ويضيفون أنه مسؤول عن سلسلة طويلة من المهام السياسية السرية”.
------------------------------------------
هآرتس 26/5/2025
نموذج ترامب السوري قد يفشل في لبنان ويشهد على نواياه تجاه ايران
بقلم: تسفي برئيل
هذا كان خطاب ساخن، ودونالد ترامب صاغ فيه بشكل حاد وواضح الايديولوجيا التي ستوجه استخدام القوة العسكرية للولايات المتحدة والاستراتيجية المترتبة عليها. “خلال عشرات السنين تم ارسال جنودنا الى حملات صليبية في دول لم ترغب في اقامة علاقات معنا، من قبل زعماء لم تكن لديهم أي فكرة عن البلاد البعيدة، واساءوا استخدام جنودنا في محاولات ايديولوجية هنا وهناك… هم اخضعوا قواتنا المسلحة لكل انواع المشاريع الاجتماعية والذرائع السياسية، وتركوا حدودنا بدون حماية وافرغوا ترسانتنا لشن الحروب على دول اخرى. نحن حاربنا من اجل حدود ثلاث دول أخرى، ولكن ليس من اجل حدودنا”، هكذا انتقد ترامب في احتفال انهاء دورة للضباط الذي اقيم في يوم السبت في ويست بوينت.
هذه ليست رؤية جديدة وثورية التي يطرحها ترامب للمرة الاولى. هي ظهرت في ولايته الاولى عندما اعلن في 2019 عن نية سحب القوات الامريكية من سوريا (هناك لا يوجد أي شيء باستثناء الرمال)، وعندما وقع مع طالبان على اتفاق لانسحاب جزئي للقوات من افغانستان. في الفترة الاخيرة مرة اخرى تم تطبيق هذه الايديولوجيا عندما اعلن ترامب عن وقف اطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين، وهكذا فقد اعتبر الحرب في البحر الاحمر حرب لم تعد متعلقة بالامريكيين. اذا كانت اسرائيل أو أي دولة اخرى تريد أن مضطرة لمواصلة الحرب فلتتفضل وتفعل ذلك بنفسها.
بعد فترة قصيرة طرح ترامب مشهد آخر لهذه الرؤية عندما قرر الالتقاء مع احمد الشرع ومصافحته ورفع معظم العقوبات عن سوريا، رغم أن المنظمة التي يترأسها الشرع، هيئة تحرير الشام، ما زالت تعتبر منظمة ارهابية. نموذج سوريا يمكن أن يعطي مؤشر على ما يمكن توقعه.
في شهر آذار عرضت الادارة الامريكية على الشرع عدة طلبات، التي يجب عليه تنفيذها كشرط لرفع العقوبات، ضمن امور اخرى، طلب منه محاربة الارهاب وابعاد المحاربين الاجانب وتدمير مخزون السلاح الكيميائي وتحمل المسؤولية عن ادارة معسكرات الاعتقال لاعضاء داعش وعائلاتهم والانضمام الى اتفاقات ابراهيم. هذه الشروط لا تشمل اقامة نظام ديمقراطي واحترام حقوق الانسان والمساواة في مكانة المرأة وكل البنود الاخرى التي هي بلغة ترامب “تتناول تجارب اجتماعية”. الشرع تعهد بتنفيذ كل هذه الشروط، وضمن ذلك الانضمام الى اتفاقات ابراهيم “عندما تنضج الظروف”. ولكن أي طلب من هذه الطلبات تم تنفيذه حتى الآن. رغم ذلك، خلافا لموقف اسرائيل، في الاسبوع الماضي تم رفع معظم العقوبات. البنك المركزي السوري يمكنه الانضمام الى منظومة المقاصة الدولية “سويفت”، والشركات الاجنبية يمكن أن تبدأ في الاستثمار في سوريا بدون أي خوف من معاقبة امريكية أو اوروبية، بعد أن قرر الاتحاد الاوروبي رفع العقوبات ايضا.
منذ كانون الاول حصلت سوريا على مساعدة اقتصادية محدودة، بالاساس من السعودية وقطر وتركيا، استهدفت بالاساس تمويل النشاطات الجارية. من الآن فصاعدا يمكنها تجنيد مليارات الدولارات للبدء في اعادة بناء نفسها واعادة الى بيوتهم ملايين السوريين الذين اصبحوا لاجئين أو مهجرين في وطنهم. عمليا، حتى قبل رفع العقوبات وقع نظام الشرع على اتفاقات مع شركات اجنبية، من بينها الاتفاق على ادارة وتطوير ميناء طرطوس، الذي وقع مع شركة “دبي بورتس” (التي تنافست قبل اربع سنوات على ادارة ميناء حيفا مع شركة السفن الاسرائيلية). الاتفاق مع شركة سي.ام.ايه – سي.جي.ام الفرنسية على تطوير ميناء اللاذقية. هذه الشركة، التي هي الشركة الثالثة الاكبر في العالم، يمتلكها الملياردير الفرنسي من اصل لبنان رودلف سعادة، وهو صديق مقرب لترامب. وقد تعهد ايضا باستثمار 20 مليار دولار في تطوير اسطول السفن الامريكية.
المهم والاصل في نموذج سوريا، الذي خلقه ترامب عندما قام برفع العقوبات، استنادا الى تعهد مستقبلي للشرع، يكمن في نقل المسؤولية عن “سلوك الرئيس السوري المناسب” الى رعاية السعودية، قطر وتركيا. هكذا حرر ترامب نفسه، ظاهريا، من الانشغال بـ “دولة بعيدة” اخرى، التي لا تهدد حدود الولايات المتحدة. ولأن سوريا ما زالت دولة “مشبوهة” وبؤرة احتكاك خطيرة مع اسرائيل، وهكذا فانه من شأنها ان تتطور فيها مواجهة عنيفة تجر الولايات المتحدة وتعيدها الى الساحة.
ترامب يطمح الى التوصل الى “تسوية” مشابهة ايضا مع لبنان. للوهلة الاولى قام نظام جديد برئاسة جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، ايضا هو بحاجة الى عشرات مليارات الدولارات من اجل ترميم انقاض الحرب والخروج من الازمة الاقتصادية. مثل القيادة السورية، لبنان ايضا وضع كمبدأ اساسي سيطرة الدولة على كل القوات المسلحة. حسب هذا المبدأ الذي تم وضعه ايضا في اتفاق وقف اطلاق النار مع اسرائيل فان لبنان ملزم بنزع سلاح جميع المليشيات المسلحة، بما في ذلك حزب الله والتنظيمات الفلسطينية.
النظام في لبنان الذي في يوم السبت استكمل الجولات الانتخابية الاربعة للسلطات المحلية، بتأخير ثلاث سنوات تقريبا، وطرح انجاز سياسي واداري، يوجد في معضلة تشبه معضلة نظام الشرع: كيف يقوم بنزع السلاح غير القانوني بدون الوصول الى مواجهة عنيفة يمكن أن تتدهور الى حرب اهلية. بخصوص نزع سلاح الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين وخارجها، تم التوصل الى اتفاق مبدئي في اللقاء بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في لبنان في الاسبوع الماضي وعون وسلام ورئيس البرلمان نبيه بري، الذي يدير ما يسمى في لبنان “الثنائي الشيعي”، الذي يشمل حركة امل وحزب الله، وبلورة اتفاق حول نزع سلاح الفلسطينيين. لكن العبوة الموقوتة تكمن في نزع سلاح حزب الله. الولايات المتحدة تضغط على عون من اجل البدء على الفور بنزع السلاح من شمال الليطاني وليس فقط من جنوبه. ولكن عون يخشى من أن اجراء عنيف جدا سيفيد حزب الله ويجعل الدولة ساحة قتال داخلية. هو يفضل حوار يثمر اتفاقات، في حين أن الولايات المتحدة تعتقد أن عون لا يمكنه ضمان ان ينجح هذا الحوار في انهاء قضية حزب الله كتنظيم عسكري.
هنا ايضا توجد عدة فروقات جوهرية بين الوضع في سوريا والوضع في لبنان. وهي فروقات تضع لبنان في مكان متدن نسبيا عن مكانة سوريا، البارز من بينها هو أنه لا يوجد للبنان حلقة من الدول الأبوية التي هي مستعدة لتقديم ضمانات بأنها ستنفذ شروط الولايات المتحدة. السعودية ودولة الامارات تعهدت بالمساعدة على اعادة اعمار لبنان، وقطر ستضاعف في هذه السنة مبلغ المساعدة السنوية التي تحولها للجيش اللبناني، من 60 مليون دولار الى 120 مليون دولار. ولكن خلافا لسوريا، التي حصل رئيسها على الشرعية الكاملة مسبقا، فان أي دولة عربية لم تعرض على ترامب ضمان سلوك الحكومة اللبنانية امام حزب الله، أو أنها ستنفذ الاصلاحات الاقتصادية العميقة التي يجب عليها تنفيذها كشرط لتقديم المساعدات.
من اجل ان يستطيع ترامب التحرر من عبء لبنان، كما هو ينفصل عن سوريا، بصورة تضمن بأنه لن تشتعل فيها مواجهة عنيفة تهدد اسرائيل أو تورط الولايات المتحدة، فانه يجب عليه التقرير اذا كان سيطبق نموذج سوريا في لبنان، واعطاء لحكومتها الاعتماد الذي منحه للشرع. أي السماح لها بادارة الحوار مع حزب الله كلما كانت حاجة لذلك، أو استخدام كل ثقل المكبس والمخاطرة بفقدان السيطرة. هناك احتمالية ثالثة وهي ادارة الظهر وترك لبنان يدير شؤونه مع اسرائيل كساحة محلية لا تتعلق بالولايات المتحدة.
السياسة التي تبناها ترامب فيما يتعلق بسوريا وطريقة تصرفه مع لبنان يمكن أن تدل ايضا على الاستراتيجية المتوقعة مع ايران. هل سيضع الحرب ضد ايران في قاموس الحروب المناسب خوضها للدفاع عن الولايات المتحدة، أو أن هذه ستكون حرب اخرى لـ “دول اخرى” لا صلة لها بالامريكيين، حتى لو قررت اسرائيل شنها. حتى الآن الرئيس الامريكية اكد على أن خطه الاحمر يوجد في قدرة ايران على الحصول على السلاح النووي، وقد اظهر استعداده لفتح “باب جهنم”. وهو لم يتعهد بالقتال في حرب اسرائيل.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 26/5/2025
سياسيون من نوع نتنياهو وكاتس يفكرون بأنفسهم ومكانتهم قد يكون فتاكا
بقلم: ناحوم برنياع
الناس الذين يؤمون بالابد مشبوهون في نظري: فالابد هو محيط العمل الشرعي للانبياء والشعراء، هم وفقط هم. كل الاخرين يختبرون بما يوجد لهم لان يساهموا به هنا والان. وعليه فقد وجدت صعوبة في أن أتأثر بالفتوى المنمقة التي جاءت على لسان اللواء دافيد زيني، مرشح نتنياهو لمنصب رئيس الشباك. الحرب بين إسرائيل والعرب هي حرب أبدية، كما اقتبس عن زيني ولم ينفه بعد. استنتاجه العملي كان انه محظور عقد صفقة لتحرير المخطوفين: ففي الحرب الأبدية لا تعقد صفقات.
“مسيحاني”، دعاه حسب احد المنشورات نتنياهو، حين قرر الا يعينه سكرتيره العسكري. المسيحانيون ليسوا أناسا سيئين، لكنهم ليسوا مبنيين لقيادة جهاز عملي مثل الشباك، من شأن المسيحانية ان تجعله عدو الدولة، مواطنيها وقيمها. في الماضي نتنياهو فهم هذا.
ما بالك أن زيني مخطيء أيضا. صحيح أن النزاع الإسرائيلي – العربي طويل مقارنة بنزاعات قومية أخرى لكنه مجرد فصل واحد في تاريخ الشعب اليهودي وفقرة في تاريخ الشعوب؛ والحروب ليست ابدية. فهي مطرزة بصفقات مرحلية وتنتهي بصفقة شاملة تسمح للطرفين بإعادة البناء. ليس حبا، ليس سلاما – بل تطبيع. وانا اقترح على اللواء زيني ان يقرأ النبأ الرئيس في عدد “نيويورك تايمز” أمس. فهو يتحدث عن قصة وهمية في فيتنام.
القصة هي ان عائلة ترامب تسعى لان تقيم، باستثمار مليار ونصف دولار، ملعب غولف قرب مدينة العاصمة هانوي. احد السكان اعترض على الخطة: فهي تنطوي على هدم المقبرة التي يدفن فيها أباؤه. على الرغم من ذلك وقع على موافقة؛ حكومة فيتنام الشيوعية اجبرته على التوقيع. فالحكومة تأمل في أن تترجم المعاملة المفضلة التي تعطيها لترامب الرجل الى سياسة جمارك مراعية من جهته.
عندما قرأت فكرت بآنية الحروب: قبل 50 سنة هزمت الولايات المتحدة في حرب طويلة وصادمة. اليوم يقصف المنتصرون في حينه بالمال الحساب البنكي لرئيس الدولة التي هزمت.
الابد يكذب؛ الابد يُسكر. الخليط بين الناس الذين يوجد لهم خط مباشر الى الابد وسياسيين من نوع نتنياهو وكاتس ممن يفكرون فقط بأنفسهم ومكانتهم قد يكون فتاكا. كل يوم ونموذجه المفزع.
يوم الجمعة نشر في ملحق السبت لـ “يديعوت احرونوت” تقرير لطوفا تسيموكي تصف فيه كيف تنزل اوريت ستروك، الوزيرة في كتلة سموتريتش، بالمظلة الى وظائف قضائية أناسا يفكرون مثلها. “74 تعيينا من اصل 178 كانت وظائف حركناها نحن”، قالت ستروك بفخار. شريكها، وزير العدل لفين، سار خطوة إضافية. فقد اصدر بيانا يثني على قاضي الصلح الذي حرر من المعتقل المشبوهين في قضية قطر غيت. وقد لون القاضي بالوان سياسية وكل ذلك كي ترى القاعدة وتتأثر. وكتب يقول ان “قرار القاضي مزراحي هو دليل على الرياح الجديدة التي تهب في جهاز القضاء.
اما إسرائيل كاتس فيساهم بدوره في هذا الميل. فقد دخل الى منصب وزير الدفاع بقرار مصمم على أن يكون الرقيب الذي لا داعٍ له، الأكثر سخرية في القاعدة: لا يتعلم الموضوع، لا يقرر سياسة، لا يترك اثرا لكنه يصرخ ويمنع وينغص على الجميع بصلاحيات او بدونها. الحرب الوحيدة التي تشغل باله حقا هي الحرب على خلافة نتنياهو.
في نهاية الأسبوع اعلن بانه يحظر على يئير غولان ارتداء البزة العسكرية والدخول الى معسكرات الجيش. غولان يدعي ان هذا ليس من صلاحياته. أمس اعلن بانه يمنع النائبة العامة العسكرية الظهور في مؤتمر رابطة المحامين. والتبرير: في المؤتمر السابق كشفت عن معطيات عن مخالفات ارتكبت في اطار القتال من قبل الجنود. فاذا لم تكشف فان العالم لن يعرف. لكن المخالفات تمت وتتم، والجيش يفعل القليل جدا كي يحقق فيها ويقدم المخالفين الى المحاكمة. هكذا في غزة من بداية الحرب، وهكذا في الضفة: العالم يعرف وينصدم، كل يوم. لكن العالم لاسامي. كاتس يعمل لدى القاعدة، والقاعدة لا تريد أن تعرف.
الفشل الأكبر لكاتس هو التصدي لايال زوهر، رئيس الأركان الذي أوصى هو باختياره. في إسرائيل رئيس الأركان لا يتبع وزير الدفاع بل يتبع الحكومة. لكن جماعته هو الجيش وأعضاء هيئة الأركان. توجد قواعد أخلاقية؛ يوجد تراث. يوجد احترام للنظام. عندما يتلقى لواء من رئيس وزراء عرض عمل فانه ملزم بان يبلغ بذلك رئيس الأركان على الفور. في مثل هذه المواضيع لا يجري تدوير زوايا؛ لا يكذبون. فلا يمكن إدارة جيش بانما سلوك مركز الليكود.
وعليه فلم يكن مفر امام رئيس الأركان غير تنحية اللواء زيني وحماسة اللواء يفعت تومر يروشالمي، النائبة العسكرية العامة علنا. عمليا، كاتس اجبر زمير على أن يصدر بيانا يشرح له وللجمهور لماذا في ظهورها تحمي النائبة العسكرية الدولة، الجيش، نتنياهو وكاتس نفسه من تورطات إضافية.
رئيس شباك مسيحاني؛ وزير دفاع لجوج؛ وزير عدل هدام؛ رئيس وزراء متآمر. لماذا نستحق هذا العقاب.
-------------------------------------------
معاريف 26/5/2025
رئيس الأركان: هذه ليست حربا لا نهاية لها، سنقصرها
بقلم: ايال زمير
قام رئيس الأركان ايال زمير امس بجولة في خانيونس وفي لقاء مع المقاتلين تطرق لاقوال رئيس الشباك المرشح اللواء دافيد زيني الذي قال ان الحرب في غزة هي “حرب ابدية” وشدد على أن “هذه ليست حربا لا نهاية لها – سنعمل على تقصيرها”.
في اثناء الجولة التي قام بها مع قائد المنطقة الجنوبية اللواء ينيف عاشور، قائد فرقة 36 العميد موران عومر، قائد لواء غولاني، قائد لواء 188، قائد لواء كفير، قائد لواء النار 282، قادة كتائب وقادة آخرين – أشار رئيس الأركان زمير الى أن “حماس في حالة ضغط، سنستخدم ادواتنا لاعادة المخطوفين ولهزيمة منظمة الإرهاب. وفقا لتحقيق اهداف الحرب، نحن نريد أن نحسم وان نفعل هذا بتصميم، جذرية وفي ظل الحفاظ على أمن القوات”.
اما للمقاتلين فقد قال الفريق زمير: “انتم تقاتلون في الجبهة المركزية لدولة إسرائيل. هذه حرب طويلة ومتعددة الساحات. من هنا خرج القتلة الذين اجتاحوا نير عوز، ارتكبوا الفظائع، قتلوا واختطفوا رضعا وأطفال، نساء وشيوخ. محظور علينا أن ننسى للحظة ما حصل هنا. نحمي أنفسنا، وكي ندافع عن أنفسنا – نحن نهاجم. هذا درس مركزي من 7 أكتوبر. نحن نصعد اعمالنا بموجب الخطة المرتبة”.
وعلى حد قوله فان “حماس توجد في حالة ضغط كبير جدا، فقدت معظم ذخائرها والقيادة والتحكم لديها. سنستخدم كل أدواتنا كي نتمكن من إعادة المخطوفين الى بيوتهم، لهزيمة حماس وتفكيك حكمها. انتم تقومون هنا بعمل غير عادي وهام لا مثل له – ولكم اسناد كامل مني”.
في الجيش يقدرون بان القتال في غزة سيستمر نحو شهرين ويعملون مع خمس فرق بهدف الاستيلاء على نحو 75 في المئة من أراضي القطاع وحشر نحو 2 مليون من السكان في بضعة مجالات في القطاع – المواصي، منطقة مخيمات الوسط ومركز مدينة غزة. كما انهم في الجيش يحاولون ان ينزعوا من حماس قدرات التحكم بالمؤن الغذائية، كما يعملون على التشكيك بشرعيتها بين ا لسكان المحليين إضافة الى ضرب ذراعها العسكري.
وفي الجيش يؤمنون بان الخطوة العسكرية ستؤدي الى هزيمة حماس وجلبها الى طاولة المفاوضات. منذ بدأت حملة “عربات جدعون” هاجم الجيش الإسرائيلي 2900 هدف وصفي اكثر من 800 مخرب بينهم عشرة قادة كتائب ونواب قادة كتائب ، 18 قائد سرية و 12 آخرين من كبار رجالات حماس. في الجيش يشخصون في الأيام الأخيرة صدوعا في قدرات الحكم لدى حماس في القطاع وبانخفاض حاد في ثقة الجمهور الغزي في المنظمة. كما أن حماس في مصاعب اقتصادية. في الجيش يقولون أن الضربة لمنظومات القيادة العليا والوسطى أدت الى ضرر شديد بالمنظمة، وان العديد من المخربين غادروا مناطق القتال وانغرسوا بين السكان.
والى ذلك، في الجيش يواصلون فحص التقارير عن موت 9 أطفال الزوجين الطبيبين من مستشفى ناصر، الذين تدعي حماس بانهم قتلوا في قصف إسرائيلي. في الجيش يقولون انه يوجد مؤشر على حدث كهذا. صحيح أنه كان في المجال اطلاق نار نحو 4 مخربين كانوا في مبنى لكن الإصابة كانت دقيقة، لم يكن مدنيون في المنطقة ولم يخرج من المبنى جثث أطفال.
بالتوازي، سلاح الجو يغير شكل الهجمات في غزة. قصف اقل واسناد اكثر للقوات المناورة بواسطة مُسيرات ومروحيات هجومية. وهذا بعد أن عمل سلاح الجو في الأيام الأولى من حملة “عربات جدعون” بقوة شديدة ونفذ مئات طلعات القصف على اهداف حماس والجهاد الإسلامي في ارجاء القطاع، وبينهم مخربون وقادة من حماس، انفاق ومبان استخدمت كمخازن سلاح.
وكانت اعمال القصف تستهدف كسر خطوط الدفاع لحماس من خانيونس، في مخيمات الوسط، في جباليا من شمال القطاع وفي مدينة غزة. اما الان، حين القى الجيش الى المعركة خمس فرقه النظامية وبينها ثلاثة الوية مدرعات، خمس الوية سلاح مشاة، لواء كوماندو وثلاث كتائب الهندسة القتالية فان سلاح الجو يغير نموذج استخدام القوة وينتقل الى اعمال الاسناد الوثيقة للقوات على أساس معلومات تصل من الميدان ومعلومات استخبارية تحولها له الشباك وأمان.
-------------------------------------------
هآرتس/ ذي ماركر 26/5/2025
بسبب استئناف القتال، زيادة اكثر من 15 مليار شيكل في ميزانية الدفاع
بقلم: سامي بيرتس
استئناف الحرب في غزة وتجنيد وحدات الاحتياط أدت الى ارتفاع حاد يبلغ 15 – 25 مليار شيكل، هذا ما يتبين من نقاش جرى أمس الاحد لدى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بمشاركة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الدفاع يسرائيل كاتس وممثلون عن المالية والجيش.
في الجلسة قيل ان كل الافتراضات التي كانت عند الاعداد للميزانية في بداية السنة لم تعد سارية المفعول. بناء على ذلك فان تجاوز كبير جدا سيقتضي أن تتم في الكنيست المصادقة على تعديل كبير على الميزانية، الامر الذي قد يؤدي الى رفع الضرائب وتقليص الخدمات الاجتماعية وزيادة العجز.
الفجوة بين القياسات تنبع من هوية من يقوم بالتقدير: المحاسب العام في وزارة المالية، يهلي روتنبرغ، قدر أن التجاوز يصل الى 25 مليار شيكل، في حين أن ممثلي الجيش قدروا ان الامر يتعلق بتجاوز يبلغ 15 مليار شيكل. في قسم الميزانيات في وزارة المالية يميلون الى قبول تقدير الجيش الاسرائيلي ويقولون ان الجيش يجب عليه اجراء تقليصات.
الارتفاع الكبير هو بالاساس لتجنيد رجال الاحتياط والتسليح، لكن ايضا لأنه لم تمدد بعد الخدمة الالزامية باربعة اشهر بتشريع، لذلك فان الجيش يدفع لجنود الخدمة الالزامية راتب رجال الاحتياط بسبب اربعة اشهر خدمة اضافية، التي هي مطلوبة بالامر 8. تكلفة اخرى مرتبطة بالاستعداد امام ايران اذا فشلت المفاوضات التي يجريها الرئيس دونالد ترامب من اجل التوصل الى اتفاق نووي جديد.
الافتراضات الاساسية التي وقفت في اساس ميزانية الدولة للعام 2025 لم تاخذ في الحسبان حرب شديدة وتجنيد كبير للاحتياط. لذلك، من الان يوجد تجاوز كبير في الميزانية. حسب بيانات الاقتصادي الرئيسي في وزارة المالية فان نفقات الحكومة في الاشهر الاربعة الاولى بلغت 203 مليارات شيكل، وهي اعلى بعشرة مليارات شيكل مقارنة مع التنبؤ الاصلي. الزيادة تنبع بالاساس من النفقات العالية في جهاز الامن في اعقاب الحرب وتبكير المنح لرجال الاحتياط.
الاستعدادات الاكبر بدأت في شهر أيار عندما تم تجنيد وحدات احتياط كثيرة ونقل جزء كبير من الجيش النظامي الى قطاع غزة، ومعنى ذلك يظهر في التقارير التالية للاقتصادي الرئيسي. حسب الحسابات التي اجريت في وزارة المالية فان تكلفة تجنيد 10 جندي احتياط تقدر بـ 400 مليون شيكل في الشهر.
الحديث يدور بالاساس عن الاجر الجاري لهم، وايضا عن نفقات اضافية كثيرة مثل النقل، الغذاء واللوجستيكا. افتراضات عمل الجيش الاسرائيلي في بداية السنة كانت انه سيحتفظ بحجم من القوات، 50 ألف رجل احتياط بالمتوسط خلال السنة، لكن الآن يوجد 90 – 100 الف رجل احتياط في الخدمة الفاعلة. واذا خرجت عملية “عربات جدعون” الى حيز التنفيذ وانطلقت بكامل القوة فان الرقم سيرتفع ليصل الى 120 ألف شخص على الاقل.
هذه الزيادة تثير القلق من فقدان السيطرة على نفقات الامن التي ستؤدي الى تجاوز كبير لاهداف الميزانية والى تبادل الاتهامات بين وزارة المالية وجهاز الامن. وزير المالية سموتريتش وجه الانتقاد لرجال الجيش الاسرائيلي اثناء الجلسة وقال “انتم تفعلون ما يخطر ببالكم”.
في قسم الميزانيات في وزارة المالية يعرفون أنه في الحقيقة توجد مفاجآت للافضل على صورة زيادة المداخيل من الضرائب. ولكن معركة شديدة في غزة ستستهلك بسرعة هذه الزيادة، ومن شانها ان تؤدي الى ارتفاع العجز. حرب قوية يوجد لها تاثير فوري على الميزانية والنفقات الامنية، لكن ايضا من شأنها ان تكون لها تاثيرات غير مباشرة على شكل المقاطعة الاقتصادية من قبل دول مثل اوروبا وكندا التي هددت في الاسبوع الماضي بفرض عقوبات على اسرائيل.
النقاش لدى رئيس الحكومة تناول ايضا معنى تاجيل فحص تمديد الخدمة الالزامية باربعة اشهر. وهي الخطوة التي تتباطأ بسبب عدم الموافقة على الدفع قدما بقانون تجنيد الحريديين. طالما انه لا يوجد قانون للتجنيد فان الكنيست لن تنجح في تمرير تمديد الخدمة النظامية. ونتيجة لذلك يحصل جنود الخدمة الالزامية الحاصلين على الامر 8 واجر يبلغ 8 – 9 شيكل في الشهر، أي ثلاثة اضعاف اجرة جنود الخدمة الالزامية.
في الجيش يعتقدون أن هذا ايضا يساهم في زيادة النفقات الامنية. الحل هو تجنيد شباب حريديين، لكن الحكومة لا تدفع قدما بخطوات توفر للجيش الاسرائيلي الادوات والعقوبات التي تزيد نسبة الامتثال للخدمة القليلة للحريديين في مواقع التجند.
رئيس الحكومة طلب من المشاركين في الجلسة الالتقاء في الاسبوع القادم من اجل التوصل الى تفاهمات حول معنى الزيادة والخطوات المطلوبة من وزارة الدفاع ووزارة المالية. ازاء التجاوز الكبير فان المرونة غير كبيرة، ورغم انه يمكن توزيع نفقات معينة وتاجيلها للسنة القادمة إلا ان ذلك ما زال يقتضي من وزارة المالية تقديم ميزانية جديدة معدلة، واتخاذ خطوات تمنع قفزة حادة في العجز.
------------------------------------------
هآرتس 26/5/2025
المجتمع الفلسطيني شرقي القدس يتغير بشكل دراماتيكي، اكثر حداثة وأقل فقرا
بقلم: نير حسون
عندما انهت سيرين نجم، وهي من سكان بيت حنينا في شرقي القدس، الثانوية في المدرسة الخاصة في مكان سكنها، لم تفكر في التعلم في جامعة اسرائيلية. السنة هي 2010، بعد بضع سنوات من اقامة جدار الفصل. “قررت التسجيل في جامعة بير زيت. وعندما ذهبت الى هناك استغرقني ذلك ثلاث أو اربع ساعات بسبب الحواجز. فقررت أن هذا ليس ما اريد فعله خلال اربع سنوات”.
الزيارة في الجامعة العبرية غيرت المسار. “استغرقني الذهاب اليها ربع ساعة من البيت. مكان مختلف تماما عما عرفته، ولكني رايت المكتبة الضخمة، وأنا أحب القراءة”، قالت. “الناس اعتقدوا في حينه بأن والدي مجنون بسبب ارسالي للتعلم هناك”.
الامر الذي كان أمر شاذ قبل 15 سنة هو الآن أمر مقبول. تقريبا نصف الطلاب من شرقي القدس يتعلمون في المؤسسات الاسرائيلية. 70 في المئة منهم من النساء. هذا تغير دراماتيكي يمر فيه المجتمع الفلسطيني في القدس. وفي المجتمع الاسرائيلي تقريبا لا يلاحظون ذلك. المجتمع اصبح اكثر حداثة واقل فقرا، ومندمج في اقتصاد غربي المدينة. نسبة النساء العاملات تقفز وعدد الاولاد في العائلة ينخفض، والخبراء يتوقعون أنه في السنوات القريبة القادمة سنشاهد انخفاض في معدل الفقر.
دراسة اللغة العبرية تكلف 12 ألف شيكل. يوم القدس الـ 58 الذي يصادف اليوم (الاثنين)، هو على الاغلب فرصة لمظاهرة قومية ثابتة: الحكومة تعقد جلسة احتفالية، وسياسيون يقسمون من اجل وحدة وخلود المدينة، وعشرات آلاف الشباب من الصهيونية الدينية يسيرون في مسيرة الاعلام التي اصبحت استعراض تقليدي للعنف والعنصرية.
لكن هذا اليوم هو ايضا فرصة جيدة لفحص وضع التجمعات في المدينة الاكبر في اسرائيل. واحد من بين كل عشرة اسرائيليين يعيش في القدس، التي مساحتها وعدد سكانها هي بضعف ونصف مدينة بحجم تل ابيب وعدد سكانها. القدس الحريدية هي المدينة الحريدية الاكبر في اسرائيل. القدس الدينية هي المدينة الاكثر تدينا. والقدس العربية، التي تتركز تقريبا بشكل كامل في شرقي المدينة، هي المدينة الفلسطينية الاكبر بين البحر والنهر.
العرب في القدس نسبتهم 40 في المئة من سكان العاصمة، لكن اضافة الى الصورة السائدة في شرقي القدس كمكان يسود فيه الفقر والعنف، فان الاسرائيلي العادي يعرف عنهم القليل جدا. حتى العام 2016 سكان شرقي القدس كانوا في الحقيقة ما يزالون من التجمعات السكانية الفقيرة في اسرائيل. ولكن في السنوات الاخيرة تمت مشاهدة انخفاض بطيء في نسبة العائلات الموجودة تحت خط الفقر، من 59 في المئة في 2018 (بعد تغيير التأمين الوطني لطريقة حساب مؤشر الفقر)، الى 56 في المئة في السنة الماضية.
تغيير واضح اكثر حدث في مجال تشغيل النساء. قبل عقد 18 في المئة من الفلسطينيات في القدس عملن خارج البيت. الخروج الى غربي المدينة، حيث هناك تتركز معظم اماكن العمل، اعتبر امر خطير أو غير مناسب ثقافيا واجتماعيا، ايضا شبكة المواصلات العامة التي تصعب الوصول من شرقي المدينة الى غربها ساهمت في ذلك.
عامل آخر ومؤثر كان حاجز اللغة، حيث عانت النساء منه اكثر من الرجال، لأنهم ينكشفون على اللغة العبرية في مكان العمل. جهاز التعليم في شرقي القدس الذي في معظمه يتم تعليم المنهاج الفلسطيني وليس البغروت الاسرائيلي، استخف بتدرس اللغة العبرية، ايضا الآن مستوى اللغة العبرية في اوساط خريجي المنهاج الفلسطيني في المدينة هو على الاغلب متدن جدا.
في العقد الماضي نما في القدس جيل جديد من النساء العربيات، وهن يناضلن الحواجز في المجتمع الفلسطيني والمجتمع الاسرائيلي على حد سواء من اجل الخروج للعمل.
في 2024 تم للمرة الاولى تجاوز نسبة الـ 30 في المئة في نسبة النساء العاملات. واحدة منهن هي رزان مشاهرة، من سكان جبل المكبر، التي حسب قولها انهت المرحلة الثانوية مع معرفة قليلة جدا باللغة العبرية. “عرفت قليل من الحروف وبعض الكلمات. وهي لا تكفي للمحادثة”، قالت.
مشاهرة قررت فعل شيء. لقد قامت بالتسجيل لتعلم اللغة العبرية في معهد في بيت صفافا لمدة سنة. ودفعت 12 ألف شيكل من جيبها. بعد انتهاء الدورة بدأت في العمل كموظفة صندوق في بنك لئومي، من خلال شركة “القوة البشرية”. “ارسلوني للعمل في موديعين وبيت شيمش”، قالت. “قبل ذلك أنا لم أخرج من القدس لوحدي. لا أقول إن ذلك كان مخيف، ولكن أنا تدبرت امري”.
الآن مشاهرة تعمل في منظمة العمال “معا”، وتساعد النساء في الخروج للعمل. “يوجد تغيير”، قالت. “لكنه بطيء”.
حسب اقوال نجم فان دافع النساء الاساسي في شرقي القدس للخروج الى العمل هو الوضع المالي للعائلة. “ذات يوم كان راتب واحد يكفي، لأنه كان من السهل الذهاب الى المناطق للتسوق”، قالت. “لكن الآن بسبب الحواجز الكثيرة اصبح الامر صعب جدا. وحتى في شرقي القدس الاسعار مرتفعة”.
“في السابق كان الرجل يقول لزوجته اجلسي في البيت، لكن الآن بدأ يقول لها اخرجي الى العمل حتى مقابل 3 أو 4 آلاف شيكل”، قال وسيم الحاج، وهو مدير المركز الجماهيري في بيت حنينا. وحسب قوله فان الضربة التي تسببت بها الكورونا للاقتصاد في شرقي القدس، الذي اعتمد بالاساس على السياحة والمطاعم، كانت المحفز لتغيير الاتجاه. “عندما تضررت الفنادق والمطاعم اصبحت للنساء مصادقة اكبر”، بين قوسين، “على الخروج للعمل، ومن هناك استمر الامر”.
عمل النساء هو من الخصائص الواضحة على نمو الطبقة الوسطى، وهو ينعكس ايضا في فتح رياض الاطفال التي تمكن الامهات من العمل. الكثير من ابناء الطبقة الوسطى في شرقي القدس يعيشون في بيت حنينا، والحاج يقدر بأن 75 في المئة من رياض الاطفال في شرقي القدس يتم تشغيلها في بيت حنينا. حسب قوله في الـ 15 سنة الاخيرة ارتفع عدد الاطفال في رياض الاطفال التي تشغل في بيت حنينا بخمسة اضعاف، من 70 الى 350 الآن. عدد رياض الاطفال الرسمية التي تعمل في شرقي القدس ارتفع في السنوات الخمسة الاخيرة من 3 الى 30. الى جانبها تم فتح عشرات رياض الاطفال العائلية والخاصة.
لكن عدد رياض الاطفال بعيد عن ان يكون كاف، وعلى الاغلب النساء في شرقي القدس لا توجد امامهن فرصة لتسجيل اطفالهن فيها. “خسارة النساء اللواتي لا يخرجن للعمل خارج البيت هي خسارة لكل المجتمع”، قالت العضوة في مجلس البلدية لورا فيرتون. “ايضا في شرقي القدس الآباء يجب عليهم الحصول على خدمات لاولادهم لتمكنهم من كسب الرزق والاسهام والتطور. تقديم فرصة للعمل ومساعدة تمكن من تحقيق هذه الفرصة، هو العامل الاهم للخروج من الفقر”.
في نفس الوقت العلامة الاكثر وضوحا على التغير في المجتمع في شرقي القدس هي انخفاض عدد الاولاد في العائلة، من 4.5 ولد بالمتوسط للمرأة في 2004 الى 2.7 ولد في 2023.
حسب اقوال يئير اساف شبيرا، الباحث في معهد القدس لابحاث السياسات، فان تقليص الولادات هو ايضا فرصة اقتصادية لمرة واحدة للمجتمع. “عندما يوجد في اوساط السكان انخفاض حاد في عدد الاولاد ينشأ وضع للعائلات التي يوجد فيها الكثير من الاخوة في جيل العمل، الذين يدعمون قليلا الآباء والاولاد”، قال واضاف. “هذا يسمى “عائد ديمغرافي” وهو يمثل امكانية كامنة لقفزة كبيرة في الاقتصاد. عمليا، الادعاء هو ان كل “نمو شرق آسيا – تايوان، سنغافورة، هونغ كونغ وكوريا الجنوبية – نمت بفضل العائد الديمغرافي”. ولكن نافذة الفرص، كما يؤكد اساف شبيرا، قصيرة. في الجيل القادم سيكون الكثير من المسنين، بعضهم بدون راتب تقاعد منظم بسبب طبيعة تشغيل سكان شرقي القدس، الى جانب اولاد قلائل يعيلونهم. “نحن نوجد الآن في جيل الفرصة ومضطرون الى استغلالها”، قال.
خبراء يقولون ان بناء جدار الفصل بين القدس والضفة الغربية قبل عشرين سنة تقريبا كان العامل الرئيسي في التغيير الذي نشاهده الآن. في حينه شجعت اسرائيل الفلسطينيين على التعلم في الجامعات في الضفة الغربية وفي الدول العربية والاندماج في اقتصاد المناطق.
هذه الرؤية تظهر ضمن امور اخرى، في الرسالة التي كتبها رئيس البلدية تيدي كوليك في 1976، والتي عثر عليها الدكتور امنون رامون من معهد القدس، وقد كتب فيها “نحن نجد صعوبة في ايجاد اماكن عمل مناسبة لابناء الشبيبة العرب في شرقي القدس. لذلك، نحن يجب علينا تمكينهم من مواصلة التعلم في الدول العربية المجاورة كي يتم استيعابهم هناك في دوائر العمل التي تناسب تعليمهم وقدراتهم”.
لكن الجدار والحواجز حولت امكانية التعلم في الضفة الغربية الى أمر معقد اكثر، والفجوة بين الاقتصاد الاسرائيلي والاقتصاد الفلسطيني جعلتهم اقل جدوى. “شرقي القدس تعرض لضربة الجدار، بعد ذلك بدأت عملية الانتقال الى الاقتصاد الذي يرتكز اكثر الى غربي المدينة وأقل الى الضفة”، قال د. ماريك شتيرن، باحث في معهد فان لير. “بناء الجدار دفع الى الاندماج في الاقتصاد الاسرائيلي وادى الى توسع الطبقة الوسطى، لكن الامر استغرق 15 سنة الى أن بدأ يظهر هذا التاثير”، قال رامون
“هذه عملية تستغرق وقت”، يوافق شتيرن. “من المرجح أنه بعد عقد على دخول السكان الى الكلية أو الاندماج في العمل، الرواتب بدأت ترتفع. الآن اينما تذهب في غربي المدينة ترى الفلسطينيين: سائقون في المواصلات العامة، نادلون في المطاعم، موظفون في البنوك، منقذون على الشواطيء، وحتى رجال حراسة. في كل أنواع الخدمات في القدس”.
تغيير “من اسفل الى اعلى”
التغيير الدراماتيكي حدث كما يبدو في مجال التعليم العالي. قبل عشرين سنة تقريبا لم يكن هناك أي طلاب عرب مقدسيين في الجامعات الاسرائيلية. ولكن بناء الجدار وعوامل اخرى، منها الحداثة واليأس من العملية السياسية التي تكون مرتبطة باتفاق لتقسيم القدس، كل ذلك غير الوضع.
ما بدأ نقطة نقطة، مثلما في حالة نجح، اصبح سيل. والآن التعليم في الاكاديميا الاسرائيلية هي أمر مقبول، في 2017 قررت الجامعة العبرية الاعتراف بشهادة الثانوية من اجل القبول للتعلم. وفي اطار الخطة الخماسية للحكومة في شرقي القدس، التي تمت المصادقة عليها بعد سنة من ذلك، تم تقديم ميزانية لدعم المدارس التمهيدية قبل الجامعة بشكل كامل للطلاب من شرقي القدس.
ايضا نجم كان يجب أن تتعلم في المدرسة التمهيدية لتحسين اللغة العبرية. “في المدرسة تعلمنا فقط القراءة والكتابة”، قالت. “لم أعرف المحادثة”. بعد انتهاء المدرسة التمهيدية حصلت على اللقب الاول في اللغة الانجليزية، وفي الاسلام والشرق الاوسط. بعد ذلك حصلت على اللقب الثاني في ادارة المؤسسات غير الربحية، في مدرسة للعمل الاجتماعي.
الان هي تعمل في جمعية “ليسان”، التي تعنى بتعليم اللغة العبرية، بالاساس للنساء في شرقي القدس، من اجل مساعدتهن في كسر حاجز اللغة والاندماج في سوق العمل. “الامر الذي بدأ بطالبتين طلبن من الطالبات اليهوديات مساعدتهن باللغة، تطور الى جمعية يتعلم فيها 450 طالب وطالبة و50 متطوعة. هذا ليس فقط مشروع لغة، هذا ايضا لقاء ايجابي بين الاسرائيليين والفلسطينيين في وضع فيه هذا الامر تقريبا غير ممكن”، قالت.
الحرب ايضا كانت عامل معيق. انهيار السياحة ادى الى اقالة جماعية، الكثير من العمال ولا سيما السائقين العامين تحدثوا عن العنف لفظي وجسدي من قبل الشباب اليهود، والنساء اللواتي رغبن في العمل في وظائف مساعدة في رياض الاطفال في غربي المدينة ووجهن برفض الاباء على خلفية عنصرية.
“منذ اندلاع الحرب اكثر من 10 نساء قلن لي بأنهن لا يرغبن في الذهاب الى غربي المدينة بسبب الخوف”، قالت مشاهرة. “أنا ايضا تعرضت للشتائم عندما كنت في سوبرماركت في تلبيوت. ولكن أنا لا أصمت لهن”.
مع ذلك، استمرار الحرب يعيد بالتدريج الروتين للقدس. احد عوامل ذلك هو الاغلاق المتواصل للمناطق، الذي خلق طلب كبير على الايدي العاملة لا سيما في مجال البناء. وفي اعقاب ذلك ارتفاع واضح في الاجور في هذا المجال. “اعتقد أن زخم البناء في غربي المدينة ومضاعفة اجور عمال البناء المهنيين هو القاطرة التي تقود الآن المجتمع في شرقي القدس بدلا من فرع الفنادق”، قال رامون.
في نفس الوقت يبدو أن التغيير الذي ينبع من اسفل يستمر ايضا الى اعلى. “عندما بدأت الحرب اوقفنا تعليم اللغة العبرية”، قالت نجم من جمعية “ليسان”. “لكن بعد ثلاثة اسابيع اجرينا استطلاع بين الطالبات اظهر أن 93 في المئة قلن أنهن مع العودة والتعلم”.
أمس كان مركز “ريان” مليء بعشرات الفلسطينيات بمناسبة افتتاح دورة جديدة لتعلم اللغة العبرية. الدورات متطلبة جدا، 4 ايام في الاسبوع، 3 – 4 ساعات في كل يوم. 40 في المئة من المتقدمات لهذه الدورات هن اكاديميات، معظمهن تحت جيل 35. وحسب بيانات المركز فان 59 في المئة منهن سيجدن مكان عمل. ايوب، التي قامت بتاسيس المركز قبل 11 سنة قالت ان الحرب وضعت امامهم تحديات جديدة. ولكنها لم توقف الطلب على الاندماج في سوق العمل الاسرائيلية. “كثير من العمال اقيلوا أو اجبروا على الاستقالة بعد ان حصلوا على ملاحظة مثل “لماذا ترتدين اللون الاسود؟ هل أنت حزينة على ما يحدث في غزة؟، اشياء كهذه. ولكن ايضا من استقالوا وجدوا فينا العنوان. في الاسابيع الاولى قمنا بالتعليم في “الزوم”، وبعد شهرين رجعنا الى الصفوف.
-------------------------------------------
هآرتس 26/5/2025
عم أطفال النجار الـ 9: بحثنا عنهم فكان المشهد مروعاً.. أكوام لحم محترقة وأشلاء متناثرة
بقلم: أسرة التحرير
لا طريق للشرح، ولا لتبرير ما تفعله إسرائيل في قطاع غزة. هذه حملة ثأر خرجت عن السيطرة، تواصلت لأسباب سياسية، بلا أهداف عسكرية أو سياسية ودعم الدولي، وتتم على حساب حياة المخطوفين.
لا نتوقع من الحكومة ورئيسها أن يعرفوا من تلقاء أنفسهم أن الوقت قد حان لوضع السلاح؛ فاليمين المتطرف راغب في حرب أبدية: أداة لتحقيق احتلال قطاع غزة، وطرد الفلسطينيين، وتهيئة التربة لاستيطان يهودي. حتى من ليسوا شركاء أيديولوجيين نراهم يشاركون في هذه الخطوات لاعتبارات تهكمية ومصلحية. والنتيجة: قتل المدنيين بلا تمييز، وبلا تاريخ لوقفه.
كل يوم تقع فظائع في قطاع غزة. الجمعة الماضي، قتلت إسرائيل تسعة أخوة أعمارهم أقل من 12 سنة، بقصف بيتهم في خان يونس. أطفال حمدي وآلاء النجار – الطبيبان في مستشفى ناصر، لم تكن لهم أي صلة بحماس. وحتى لو كانت لهما صلة كهذه، فلا مبرر لقتل أطفالهما.
نقل حمدي زوجته إلى عملها في المستشفى، وبعد بضع دقائق من عودته إلى بيتهما وقع الهجوم. أصيب الأب بجروح خطيرة، وهكذا ابنه آدم ابن الـ 11، الوحيد الذي بقي على قيد الحياة. أما الأطفال الـ 9 الآخرون فقد قتلوا. 9 إخوة كانوا لآدم، وبات للوالدين الآن ابن وحيد. قصفت إسرائيل البيت دون أي إخطار. مع أن الجيش الإسرائيلي -حسب ما قاله عم الأطفال- يعرف بأنه يقصف مجال سكن للأطباء وأبناء عائلاتهم.
تعقيب الجيش الإسرائيلي: “يفحص الادعاء إصابة غير مشاركين”. تعقيب جاف، بارد، لامبال – مثل دولة كاملة باتت متلبدة المشاعر. سكان قطاع غزة الذين ماتوا لا يثيرون الاهتمام ولا حتى عندما يدور الحديث عن أطفال ولا عندما يدور الحديث عن عائلة طبيبين فقدا 9 أطفال في قصف واحد.
وصف العم لهذه الفظاعة لم يوقظ ضمير المجتمع الإسرائيلي: “كل شيء احترق، كنا نعرف أن الأطفال في الداخل، بحثنا عنهم”، وأضاف: “وفيما نحن نفتش، بدأت تظهر جثث محروقة وأشلاء. لم نتمكن من تشخيصهم، كلهم كانوا محروقين. كان مشهداً مخيفاً لا يمكن احتماله. ما ذنب هؤلاء الأطفال، وبعامة هذه العائلة – عائلة طبيبين وأطفال صغار؟”.
لا أحد يجيب عن السؤال بجدية. معظم دعوات وقف القتال تركز على إعادة المخطوفين. ومؤخراً، على الضرر الإعلامي. لكن هذه الحرب يجب أن تتوقف لأنها تجاوزت كل حدود منذ زمن بعيد.
على الجمهور أن يستيقظ. ملزمون برفع صوت صرخة والمطالبة بوقف الحرب. المطالبة بوقف المس غير المبرر بالمدنيين، على رأسهم الأطفال، سواء بالتجويع الجماعي المقصود أم بقصف سلاح الجو
-------------------------------------------
يديعوت أحرونوت 26/5/2025
إسرائيل: ما معنى قتل 9 أطفال ونحن في طريقنا إلى “صباح الخير”؟
بقلم: عيناب شيف
موت الإخوة التسعة من عائلة النجار من خان يونس في قصف شديد، وقع في وقت يمتلئ بمفارقة رهيبة: بينما نشأ إجماع شاذ في التيار المركزي ضد أقوال يئير غولان، بقيت إسرائيل في معظمها غير مبالية من حادثة مخيفة بكل مقياس. بينما شعر كثيرون وكثيرات بالإهانة عقب ادعاء غولان بأن “دولة سوية العقل لا تقتل الرضع كهواية” قلة قادرون على أن يسألوا كيف ولماذا يموت الكثير من الأطفال في هذه الحرب. نقطة. وبينما أثار قتل 12 طفلاً في مجدل شمس في تموز الماضي غضباً جماعياً في إسرائيل عقب نار أطلقها حزب الله، فإن موت الأطفال التسعة من عائلة زوجين طبيبين، ينشر في إسرائيل تحت عنوان رمزي “صدمة في العالم”، وبالطبع قلق وطني من “فقدان الشرعية”.
كل هذا رهيب، لكنه ليس مفاجئاً أيضاً: ثمة دعوات من داخل الحكومة والائتلاف لارتكاب جرائم حرب من الطرد وإعدام كل رجال غزة، مثلما اقترح نائب رئيس الكنيست نسيم باتوري، أصبحت “صباح الخير”: شيء ما يقال دون التفكير مرتين. الجانبان الوحيدان اللذان لا ينجحان في إثارة ثورة جماهيرية ما منذ خرق إسرائيل لاتفاق وقف النار هما الخوف على حياة المخطوفين والمخاطرة بحياة المقاتلين.
وهناك أيضاً، ينبغي الحرص على عدم انتقاد الجيش الإسرائيلي الذي يتخذ تكتيكاً ذكياً: يناقض علناً انغلاق حس المستوى السياسي بالنسبة لأهمية تحرير المخطوفين، في الوقت الذي تنفذ ميدانياً أعمال تبعد إنهاء الحرب، تم بأعداد عظيمة من الأبرياء، ولا تدفع قدماً بتحرير المخطوفين، وتعرض سلامة المقاتلين الجسدية والنفسية للخطر من أجل أهداف موضع خلاف.
عملياً، يتبين أن تصريحات رئيس الأركان ومحافل رفيعة المستوى في الجيش الإسرائيلي ممن يبيعون للجمهور مباشرة وعبر وسائل الإعلام المفزوعة “التنسيق الكامل مع قيادة الأسرى والمفقودين” (أو كما يسمع هذا: “لنا بطاقة من نيتسان ألون”)، هي تصريحات بلا أساس: نشر رونين بيرغمان في هذه الصحيفة في نهاية الأسبوع، معلومات صادمة تبين كيف أن هجوما على النفق الذي كان فيه إيدان ألكسندر كاد يقتله، قبل وقت غير بعيد من فهم الأمريكيين بأن عليهم أن يثقلوا على حكومة إسرائيل للعمل على تحريره. الناطق العسكري، ذاك الذي قال بانفعال إن “المخطوفين أمام ناظرينا دائماً”، لم يحترم حتى التقرير بأجوبة لأسئلة عن التحقيق في الحادثة الخطيرة هذه.
لقد خرجت إسرائيل بعد 7 أكتوبر إلى عملية أكثر من شرعية، عقب هجوم بربري نفذته منظمة إرهاب وحشية، جلبت على نفسها وعلى رعاياها خراب غزة. لكن بمرور 20 شهراً فإن ما يهدد إسرائيل ليس “صدمة في العالم”، بل لأن قتل تسعة أطفال من غزة لا يحرك حتى ساكناً في الوجه، فيما معارضة استمرار الحرب لاعتبارات أخلاقية وإنسانية باتت في الهوامش. “التسونامي السياسي” هو مشكلة استراتيجية. والإعصار الداخلي -ذاك الذي يصفي القدرة على الدفاع عن إسرائيل وعدالة طريقها- هو خطر وجودي.
-----------------انتهت النشرة-----------------