الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاربعاء 21/5/2025 العدد 1313

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 21/5/2025
زيارة الرئيس ترامب للخليج: نظام إقليمي متغير والتحدي الذي تواجهه إسرائيل
بقلم: إلداد شافيت ويوئيل غوزانسكي
أنهى الرئيس دونالد ترامب أولى زياراته الدبلوماسية في ولايته الثانية إلى المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، مُشيرًا إلى أن هذه الدول تحمل أهمية شخصية بالنسبة له، وليس فقط للولايات المتحدة. وقد أتاحت نتائج الزيارة لقادة هذه الدول فرصةً لإظهار تقاربٍ واسعٍ في المصالح، لا سيما تلك الظاهرة. وقد ساهمت هذه الزيارة، إلى جانب التحركات الأخيرة للإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط، في تنامي الشعور بتهميش إسرائيل عن التطورات الإقليمية الرئيسية. ويتضح بشكل متزايد أن الرئيس وإدارته يُشيران إلى نية واشنطن إعادة تشكيل إطار التحالفات الإقليمية، ربما من خلال تقليل اعتمادها على إسرائيل. من جانبهم، ضغط قادة الخليج على ترامب لرفع العقوبات عن سوريا – وهو ما فعله – وللترويج لاتفاق نووي مع إيران من شأنه أن يُقلل من خطر الحرب. كما حثّوا ترامب على الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في قطاع غزة، حيث طلبت المملكة العربية السعودية تحديدًا تأجيل مسألة التطبيع مع إسرائيل مؤقتًا. ركزت الزيارة رفيعة المستوى – وهي الأولى لترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض – التي جرت في الفترة من 13 إلى 16 مايو/أيار في المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، والتي شملت قمة مجلس التعاون الخليجي التي حضرها، على سلسلة من التصريحات المشتركة حول نوايا تعزيز الصفقات الاقتصادية، لا سيما في قطاعي الدفاع والتكنولوجيا، بقيمة إجمالية غير مسبوقة بلغت حوالي تريليوني دولار. وقد وُضعت هذه الصفقات، التي لم تُوقّع رسميًا بعد، بالتعاون مع المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة.
السعودية: طُرحت على الطاولة صفقات أسلحة، واستثمارات سعودية في الولايات المتحدة، وتعاون في سوق النفط وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، واتفاقية دفاعية، وتعاون نووي. في هذا السياق، وخلافًا للتقارير السابقة، لم تحصل السعودية بعد على موافقة على برنامج نووي، ولم يُوقّع أي اتفاق جوهري بشأن هذه المسألة خلال الزيارة. صرّح ترامب بأنه يتوقع استثمارات سعودية في الولايات المتحدة تُقدّر بحوالي تريليون دولار. ويبلغ إجمالي حجم الصفقات المُعلن عنها بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية حوالي 600 مليار دولار، بما في ذلك 142 مليار دولار في عقود عسكرية ودفاعية.
قطر: ركّزت المناقشات على توسيع التعاون الدفاعي والاستثمارات في الولايات المتحدة، بما في ذلك صفقة ضخمة لشراء طائرات من شركة بوينغ تُقدّر قيمتها بحوالي 100 مليار دولار. ووفقًا لبيان البيت الأبيض، وقّع الرئيس ترامب اتفاقية مع قطر لتعزيز التجارة المتبادلة بقيمة لا تقل عن 1.2 تريليون دولار.
الإمارات العربية المتحدة: تم إبرام صفقات بقيمة 200 مليار دولار، تتعلق بشكل رئيسي بالتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي. بُذلت جهودٌ أيضًا للترويج لاتفاقية أمنية، إلى جانب توقعات أمريكية باستثماراتٍ ضخمةٍ تصل إلى 1.4 تريليون دولار من الإمارات العربية المتحدة في التكنولوجيا الأمريكية على مدى عدة سنوات.
طوال الزيارة، برزت رغبةُ ملوك الخليج في تكريم ترامب بأوسمةٍ ملكية، وبدا وكأنّ منافسةً كانت قائمةً بينهم على نيل ود الرئيس، حيث سعى كلٌّ منهم إلى التفوق على الآخر في الاحترام والمزايا التي يُقدّمها له. من جانبه، لم يبخل ترامب في الإشادة بمضيفيه، مؤكدًا تقديره العميق لقيادتهم وإنجازاتهم. ووصفت جميع الأطراف الزيارة بأنها نجاحٌ استثنائي، حيث سلّط كلٌّ من ترامب والقادة العرب الضوء على الإنجازات.
من الواضح أن الرئيس ترامب ينظر إلى العلاقات الوثيقة مع دول الخليج على أنها مساهمةٌ كبيرةٌ في المصالح الأمريكية، وهي وجهة نظرٌ تتشاركها دول الخليج نفسها، التي تتوق إلى فتح صفحةٍ جديدةٍ وتعميق علاقاتها مع الولايات المتحدة. المستفيد الرئيسي من هذا التطور – إلى جانب الرئيس ترامب – هو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي اكتسب هو وبلاده مكانةً مرموقةً وركيزةً أساسيةً للولايات المتحدة في العالم العربي والمنطقة ككل.
كما ساعدت الزيارة الجانبين على تحقيق أهدافهما على الصعيد الدبلوماسي:
التأثير المتبادل على السياسة الإقليمية – لتعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة، يُطلب من دول الخليج أيضًا تقليص علاقاتها مع الصين إلى حد ما، وبالتالي معالجة المصالح الأمريكية الرئيسية.
الصراع على المكانة الإقليمية في مواجهة إيران – أتاحت الزيارة لدول الخليج الاستفادة من علاقاتها مع الولايات المتحدة لإظهار قدرتها على تحديد الأجندة الإقليمية المتعلقة بإيران – على الأقل خلال فترة الرئيس ترامب. في مقابل الصفقات الضخمة، تتوقع هذه الدول من الولايات المتحدة اتخاذ خطوات لضمان أمنها.
الاستعداد لتنسيق سياسة الطاقة قدر الإمكان – يولي ترامب أهمية كبيرة لأسعار النفط، بينما يتمثل أحد الأهداف الرئيسية لدول الخليج في التأثير على أسعار النفط مقابل ضمانات أمنية.
خلال الزيارة، برز تركيز الرئيس ترامب على إعادة تشكيل هيكل التحالف الإقليمي، لا سيما من خلال دعواته لحل النزاعات وتعزيز الاستقرار، الذي يراه حيويًا لتحقيق الأهداف الاقتصادية لإدارته. في هذا السياق، كان من أبرز التطورات قرار ترامب المثير – بتشجيع من المملكة العربية السعودية وتركيا – بلقاء الرئيس السوري أحمد الشرع، وإعلانه رفع جميع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا منذ عام 2019. وصف ترامب هذه الخطوة بأنها تمنح سوريا فرصة للازدهار، وأوضح أنها تُمثل خطوة أولى نحو تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة والنظام السوري الجديد.
بالتوازي مع ذلك، شملت الزيارة مناقشات موسعة حول إيران والحرب بين إسرائيل وحماس. في كلتا الحالتين، أعرب ترامب عن رغبته في السعي إلى حلول مبتكرة وغير تقليدية، مفضلاً التفاوض على العمل العسكري:
إيران – حثّت دول الخليج ترامب على التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران للحد من خطر الحرب، الذي قد يُقوّض اقتصاداتها واستقرارها. وأوضح ترامب أنه غير مهتم بالعمل العسكري ضد إيران، وأعرب عن تفاؤله بالمفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران. ومع ذلك، شدّد على أنه في حال فشل المحادثات، فإن البديل سيكون زيادة الضغط الاقتصادي والعسكري على إيران (مع أنه امتنع عن تحديد طبيعة أي عمل عسكري).
الحرب في قطاع غزة – طوال الزيارة، باءت جهود إدارة ترامب للدفع بصفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس – بما في ذلك وقف إطلاق النار والتخطيط لمرحلة ما بعد الحرب – بالفشل. من جانبها، أكدت دول الخليج على ضرورة الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب، حيث طلبت المملكة العربية السعودية تأجيل مسألة التطبيع مع إسرائيل في الوقت الراهن. ورغم أن ترامب كرّر أمله في انضمام المزيد من الدول – وخاصة المملكة العربية السعودية – إلى اتفاقيات إبراهيم، إلا أن الإدارة تعتقد أن هذه الآفاق لا تزال محدودة ما لم يحدث تحوّل كبير في الوضع في غزة. يتضح من تصريحات القادة خلال الزيارة أن كلاً من الإدارة الأمريكية ودول الخليج التي زارها ترامب كانت راضية عن توافقها في مجموعة واسعة من القضايا الملحة. ومع ذلك، ستُختبر الآثار العملية لهذا التوافق بمرور الوقت. ويمكن بالفعل تحديد العديد من مجالات الخلاف المحتملة:
يتضح من تصريحات القادة خلال الزيارة أن كلاً من الإدارة الأمريكية ودول الخليج التي زارها ترامب كانت راضية عن توافقها في مجموعة واسعة من القضايا الملحة. ومع ذلك، ستُختبر الآثار العملية لهذا التوافق بمرور الوقت. ويمكن بالفعل تحديد العديد من مجالات الخلاف المحتملة:
إنتاج النفط وتسعيره – تتوقع الإدارة الأمريكية زيادة إنتاج النفط وانخفاضًا لاحقًا في الأسعار. استجابت دول الخليج، بقيادة المملكة العربية السعودية، للطلب وتحركت لزيادة الإنتاج. ومع ذلك، نظرًا للضغوط الاقتصادية – وخاصة في المملكة العربية السعودية – وانخفاض أسعار النفط، قد يكون الحفاظ على هذا المستوى من الإنتاج أمرًا صعبًا. وقد أعلنت شركة أرامكو السعودية للنفط عن أداء ضعيف بسبب انخفاض الأسعار، ومن الواضح أنها تواجه صعوبة في تنفيذ المشاريع المخطط لها. وبالتالي، قد يعيق انخفاض أسعار النفط والضغوط الاقتصادية قدرة المملكة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، تتوقع دول الخليج من الإدارة خفض الرسوم الجمركية البالغة 10% المفروضة عليها، على الرغم من أن صادراتها إلى الولايات المتحدة لا تزال ضئيلة نسبيًا.
السياسة تجاه إيران – جميع دول الخليج ترغب في تجنب التصعيد مع إيران، ولأسبابها الخاصة، تحافظ على علاقات جيدة معها. يبدو أن السعودية قد تعلمت درسًا من ولاية ترامب الأولى، التي شاركت خلالها في استراتيجية “الضغط الأقصى” ضد إيران وعانت جراء ذلك. من وجهة نظر الرياض، لم تكن هذه الاستراتيجية فعّالة، بالإضافة إلى أن السعودية كانت هدفًا لهجوم صاروخي إيراني، دون أي دفاع أمريكي. لذلك، فإن قرارًا أمريكيًا بمهاجمة إيران باستخدام قواعد في الخليج (مثل التوقعات باستضافة قطر لقاذفات استراتيجية أمريكية في قاعدة العديد الجوية) قد يُثير صراعًا بين دول المنطقة والإدارة الأمريكية.
حرب غزة والرغبة في إشراك السعودية في اتفاقيات إبراهيم – قد يُولّد الصراع المطول، وخاصةً الوضع الإنساني المتدهور في غزة، ضغطًا داخليًا على الأنظمة العربية. ونتيجةً لذلك، استغلت هذه الأنظمة الزيارة للضغط على الرئيس ترامب بشأن هذه القضية. بل إنه انتقد الوضع الإنساني، بما في ذلك تصريحه بأن “الكثير من الناس يتضورون جوعًا” في غزة، وأن الوضع بحاجة إلى “معالجة”. على أية حال، لن يتحقق طموح ترامب بإقناع المملكة العربية السعودية بالانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم طالما ظلت الرياض غير مرتاحة للوضع في غزة، وطالما ظلت إسرائيل مترددة في الالتزام بحل سياسي للقضية الفلسطينية.
التداعيات والتوصيات لإسرائيل
على الرغم من أن زيارة ترامب للخليج ركزت على تعزيز التحالفات بين الولايات المتحدة ودول المنطقة – والتي تُعدّ إسرائيل طرفًا أساسيًا فيها – إلا أنه لم يُدرج إسرائيل في جدول أعماله. وبينما شدّد على أهمية التطبيع الإقليمي الشامل، ساهم غياب إسرائيل في خلق شعور بالإقصاء من العمليات الدبلوماسية المتسارعة التي تجري دون مشاركتها. وقد خلق هذا الإغفال انطباعًا بأن الرئيس وإدارته ربما يُشيران إلى الحكومة الإسرائيلية بأن واشنطن تهدف إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية – ربما حتى من خلال تقليل اعتمادها على إسرائيل.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل لم تكن الطرف الوحيد المُستبعد. فقد استُبعد أيضًا قادة عرب بارزون آخرون – أبرزهم من مصر والأردن – ممن دُعوا إلى قمم الخليج خلال زيارة ترامب عام 2017.
تُشكّل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، والتعاون المتنامي بين الولايات المتحدة ودول الخليج، وخاصةً المملكة العربية السعودية، تحدياتٍ وفرصًا في آنٍ واحد لإسرائيل:
المخاطر والتحديات
الشعور بالإقصاء – يُثير الانطباع الذي تركه ترامب بشأن الأهمية والتقدير الذي يُوليه لقادة دول الخليج مخاوف بشأن تحوّل النظرة الأمريكية لدور إسرائيل في المنطقة. وقد يُعزز هذا الانطباع لدى الجهات الفاعلة الإقليمية بأن إسرائيل تفقد مكانتها المحورية كحليف رئيسي – لا سيما لصالح المملكة العربية السعودية. وقد يُقوّض هذا التصور بشكل مباشر قدرة إسرائيل على جذب شركاء إقليميين وردع خصومها.
تآكل التفوق العسكري النوعي لإسرائيل – يُشكّل البيع المُحتمل لأسلحة متطورة إلى المملكة العربية السعودية وقطر – حتى في حال عدم إبرام أي صفقات ملموسة – تهديدًا خطيرًا للتفوق العسكري النوعي الراسخ لإسرائيل، وهو مبدأ حافظت عليه الولايات المتحدة لسنوات. من الأمور المثيرة للقلق بشكل خاص احتمال بيع طائرة مقاتلة متطورة من طراز F-35، والتي تسعى إليها المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة (والتي وُعدت بها مقابل توقيع اتفاقيات إبراهيم).
زيادة التنسيق بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وتركيا – إن التوافق الثلاثي الذي ظهر خلال الزيارة، دون تدخل إسرائيلي، قد يُهمّش إسرائيل في الحوارات الإقليمية المستقبلية حول تشكيل الشرق الأوسط ويهدد مصالحها.
تبني الرواية العربية/الخليجية – تشير تصريحات الرئيس ترامب خلال الزيارة إلى تبنيه إلى حد كبير للمنظور العربي فيما يتعلق بالتطورات في غزة وغيرها من الساحات الإقليمية. قد تُوجّه هذه الرواية، التي يروج لها حلفاء الخليج الذين اكتسبوا نفوذًا كبيرًا على الإدارة الأمريكية، السياسة الإقليمية الأمريكية الآن.
الاتفاق مع إيران – تشترك إدارة ترامب ودول الخليج في مصلحة التوصل إلى اتفاق مع إيران – حتى لو كان ذلك على حساب تجاهل مطالب إسرائيل. في حال فشل المفاوضات، من المرجح أن تستغل الدول العربية علاقاتها القوية مع إدارة ترامب للضغط من أجل ضبط النفس تجاه إيران، بما في ذلك الجهود المبذولة للتأثير على الاعتبارات العملياتية لإسرائيل.
الفرص
الدفع قدماً بالتطبيع مع السعودية – قد يؤدي تصميم ترامب على توسيع اتفاقيات إبراهيم وهدفه بناء محور سني مناهض لإيران إلى زيادة الضغط الأمريكي على السعودية لتقديم لفتات تجاه إسرائيل. في حال اتخاذ قرار بضرب إيران، قد تضغط الإدارة على دول الخليج للسماح لإسرائيل بحرية التصرف، أو على الأقل توسيع التنسيق السري معها.
التكامل الاقتصادي والتكنولوجي من خلال الشراكات الإقليمية – يمكن لإسرائيل أن تندمج في الجهود الأمريكية الرامية إلى تطوير مشاريع اقتصادية وتكنولوجية مشتركة (مثل الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا IMEC) ، نظراً لأن الولايات المتحدة ودول الخليج تنوي استثمار مبالغ طائلة في تحويل اللاعبين الإقليميين إلى قوى في هذه المجالات.
تزايد إدراك الولايات المتحدة للاحتياجات الأمنية لإسرائيل – في ظل المخاوف من تآكل التفوق العسكري لإسرائيل، قد تقدم إدارة ترامب مساعدات عسكرية موسعة أو ضمانات أمنية رسمية. الانضمام إلى الآليات الإقليمية الرسمية ــ إن توسيع التعاون الأمني بين الولايات المتحدة ودول الخليج قد يسمح لإسرائيل بالانضمام إلى المنتديات الأمنية الإقليمية، التي من المتوقع أن تنمو.
توصيات لإسرائيل
يجب على إسرائيل العمل على جميع المستويات لضمان الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية مع البيت الأبيض، وألا تُتخذ القرارات المتعلقة بإسرائيل إلا بعد التشاور مع الحكومة الإسرائيلية. وفي هذا الصدد، ينبغي على إسرائيل السعي بحزم للحصول على التزام من واشنطن بعدم إجراء أي عملية أمنية أو دبلوماسية أو اقتصادية إقليمية دون تنسيق مسبق معها.
ينبغي على إسرائيل العمل على تعميق علاقاتها مع المملكة العربية السعودية، حتى في غياب التطبيع الرسمي، من خلال تعزيز القنوات السرية، ومن بين أمور أخرى، الترويج لمنتدى أمريكي-إقليمي دائم يكون لإسرائيل فيه دور فاعل.
الحفاظ على التفوق العسكري الاستراتيجي لإسرائيل – من الضروري، إلى جانب الصفقات الكبرى مع دول الخليج، أن تواصل الولايات المتحدة الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، بما في ذلك توفير أنظمة متطورة وضمانات الأمن العام. وينبغي التركيز بشكل خاص على ضرورة تعزيز التنسيق فيما يتعلق بخطة الولايات المتحدة للتعاون مع المملكة العربية السعودية في الشؤون النووية، وخاصة فيما يتعلق بمسألة تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية.
لحماية جميع هذه المصالح، يجب على إسرائيل ضمان توافق استراتيجيتها مع أولويات إدارة ترامب. قبل كل شيء، يجب عليها أن تدرس بعناية أفعالها للاستفادة من العلاقات المتنامية بين الولايات المتحدة ودول الخليج بما يخدم مصالحها. يجب على إسرائيل أن تعمل على اغتنام الفرص لتعزيز مكانتها الإقليمية، وتعزيز موقفها تجاه الإدارة الأمريكية، ورفع مكانتها على الساحة الدولية.
-------------------------------------------
هآرتس 21/5/2025
بعد تنفيذ مهمتهم كنصب تذكاري للفشل، فان المخطوفين اصبحوا عبئا اخلاقيا
بقلم: تسفي برئيل
اجيال من الاسرائيليين سيحملون وصمة العار المنقوشة على جبيننا في هذه الايام، التي نواصل فيها عمليات القصف والتجويع وطرد اشخاص عاجزين. ماذا اصبحنا؟ كيف يمكننا العيش مع هذه الافعال؟، هذا ما قاله بانفعال ميخائيل سفارد (“هآرتس”، 18/5). هذه الدهشة هي أمر غريب، لأن الجواب ليس معقد كثيرا. نحن نعيش مع انفسنا بشكل ممتاز. كان يجب علينا فقط تغيير الرواية، وكل شيء كان سيكون على ما يرام. الصدمة التي اعمت العيون، التي تسبب بها الفشل الذريع والحزن العميق، اغرقتنا في انتقام توراتي، يعتمد على معادلة تحقيق العدل باسم الذين تم قتلهم واغتصابهم واختطافهم.
هذا انتقام دموي وطني، ليس فقط من القتلة الذين قاموا بالتخطيط والمبادرة الى وتنفيذ الفظائع. الشعب (الضحية) كله قام بمحاسبة تاريخية للشعب القاتل وفقا لنظرية العدل المطلق. المشكلة الجمالية هي أن الانتقام وتصفية الحساب هي غريزة متوحشة تميز الثقافات والشعوب البربرية، مثلا، العرب.
رواية الانتقام لا تناسبنا. فنحن ابناء الثقافة، المتنورون والمثقفون، الذين نؤيد حقوق الانسان والذين لدينا الجيش الاكثر اخلاقية في العالم. هذا العيب وجد له رد مناسب. لقد قمنا بتغطية الانتقام بعباءة العقلانية، عباءة مصطلحات مثل “الاستراتيجية” و”الامن” و”تدمير البنى التحتية” من اجل أن نعطيه المبرر الموضوعي البارد الذي يسمح لنا “العيش بسلام” مع ما ظهر لنا في المرآة، أو بالاحرى، كي لا نضطر الى النظر الى المرآة.
هكذا تطورت الرواية الجديدة، التي تطالب بالنصر المطلق الذي يضمن الامن المطلق. انتقام كوني لا يوجد له انتهاء صلاحية وتنقصه مقاييس رياضيات دقيقة مثل عدد الوفيات المطلوب من اجل تحقيق الغرض، بل “معركة قوية” تؤدي الى الاستسلام وتقديمها بشكل مزور على أنها هدف حقيقي قابل للتحقق ومحدد بزمن.
باسم هذه العقلانية الخبيثة يمكننا القيام باكثر الاعمال اجراما شريطة تحديدها كاستراتيجية. التجويع حتى الموت، قتل مئات المدنيين من النساء والاطفال والشيوخ، تدمير المستشفيات، منع العلاج، كل ذلك لا يعتبر انتقام، بل خطوات عسكرية محسوبة جيدا، وتستند الى معايير علمية يوفرها الذكاء الصناعي على اعتبار أنها جديرة بدولة تنتمي لعائلة الشعوب.
من الآن فصاعدا يمكن النظر الى المرآة برضا، لأنه لا توجد حاجة الى أن يكون هناك ما يمنع رؤية حجم الدمار والتدمير الذي نفعله لسكان غزة، بالعكس. ومثلما نشر صور التدمير في موانيء الحوثيين وتسوية القرى في جنوب لبنان وعرض اشلاء جثث “قادة كبار” من حماس أو حزب الله اثبت لنا قوة الانجازات، فان الجمهور في اسرائيل يحق له الحصول على صورة كاملة عن اقتراب الانتصار في غزة. اجلبوا لنا صور الاطفال الذين يموتون بسبب الجوع، وغرف العمليات المدمرة، والنساء اللواتي لا يمكنهن ارضاع الاطفال، والسكان الذين يجرون اغراضهم على البهائم، وسنصدق بأننا قمنا بخطوة اخرى على طريق النصر.
الجيد في هذه الرواية هو أنه لا يوجد فيها أي مكان للمخطوفين. في الاصل صورهم أخذت تبهت على اعمدة الكهرباء ولوحات الاعلانات. تفاصيل المفاوضات حول صفقة تحريرهم مضنية، لم يعد بالامكان متابعة الوفود التي تذهب وتأتي من قطر، القاهرة وواشنطن، ولم يعد يهم ما اذا بقي 21 أو 24 أو 10 مخطوفين على قيد الحياة، مقابل الجثث، كمبدأ وطني، نحن غير مستعدين لدفع الثمن. ربما بعد اربعين سنة، هذا اذا تذكرنا، سننفعل عند العثور على رفاتهم في احد الانفاق، كما انفعلنا للحظة من اعادة رفات تسفي فيلدمان من سوريا بعد 43 سنة.
من نفذوا المهمة كنصب تذكاري للفشل والاهمال، فان تحريرهم لم يعد مهما، لأنهم الآن هم فقط عبء اخلاقي في الحرب الكاذبة، التي الاخلاق فيها تعتبر تهديد للنصر. هذه هي الطريقة للعيش بسلام مع انفسنا، وليس لأنه يجب علينا تقديم تفسير لأي أحد.
-------------------------------------------
هآرتس 21/5/2025
يجب على ترامب الاختيار، إما انهاء الحرب أو حلم سموتريتش
بقلم: حاييم لفنسون
في الايام القريبة القادمة يجب على الرئيس الامريكي، دونالد ترامب، وستيف ويتكوف، يده اليمنى، اتخاذ قرار استراتيجي. هل يجب مواجهة بشكل علني نتنياهو وفرض وقف لاطلاق النار عليه وانهاء الحرب أو التنازل والسماح لسموتريتش بتنفيذ خطته، تدمير غزة. المرجل السياسي على وشك الامتلاء ويبدو أن أن الوقت ينفد.
صحيح أنه حتى أمس ظهرا المفاوضات في الدوحة كانت فاشلة، مواقف الطرفين لم تتغير، حماس تريد صفقة لتحرير جميع المخطوفين مقابل سجناء، وانسحاب الجيش الاسرائيلي من كل القطاع وانهاء الحرب. اسرائيل، كما قال نتنياهو امام العدسات من اجل تفجير المفاوضات، تريد الحصول الآن على عدد من المخطوفين ومواصلة الحرب بعد ذلك لأن حماس ليست غبية، ولا توجد لها أي مصلحة في الخطة الجزئية، والسقوط في شرك نتنياهو الواضح.
للحظة اثناء المفاوضات ساد في الدوحة شعور بالتغيير، هذا جاء بعد ان وافق طاقم المفاوضات الاسرائيلي على التحدث عن انهاء الحرب. ولكن هذه كانت اقوال فارغة. توجد لاسرائيل عدة طلبات تضعها كشرط، وهي غير مستعدة لمناقشة تفاصيلها: نزع السلاح من القطاع ونفي قادة حماس. كم هو عددهم؟ الى أين؟ ما معنى نزع السلاح من قطاع غزة؟ ماذا بشأن الاجهزة الامنية؟. اسرائيل غير مستعدة لمناقشة ذلك. من المؤكد أن المخطوفين لا يهمون نتنياهو كثيرا. ومثلما قيل في هذا الاسبوع في قناة الدعاية 14 فان هذه مأساة خاصة لعشرين شخص، وليست مسألة وطنية، ليست شيء دراماتيكي مثل مظاهرة على مدخل صالون الحلاقة.
يوجد للوسطاء القطريين مصلحة كبيرة في انهاء الحرب. هم يضغطون على حماس من اجل الموافقة على صفقة جزئية، مقابل تصريح علني لترامب بأن الامر يتعلق بمرحلة ما قبل انهاء الحرب. في حماس لا يوافقون على ذلك ويطلبون وعد خطي من امريكا يقدم لقطر، يكون مرفق بخطوات عقابية على اسرائيل اذا خرقت هذا الوعد. صحيح أنه حتى الآن، الامريكيون لا يريدون اعطاء مثل هذه الورقة، بل فقط وعد شفوي. أمس في لقاء المنتدى الاقتصادي في الدوحة بالتعاون مع “بلومبرغ”، اتهم رئيس الحكومة القطرية محمد آل ثاني اسرائيل وقال انها تصعب على المفاوضات لاعتبارات سياسية.
سواء عاد الوفد الاسرائيلي أو لم يعد، فانه في نهاية المطاف هذا قرار للامريكيين. في الشهر الماضي تغيرت النغمة في البيت الابيض تجاه اسرائيل. ترامب استنفد الحرب، التي تعيق خططه الضخمة في الخليج، واحتمال حصوله على جائزة نوبل للسلام. في محادثات مع عائلات المخطوفين وفي احاطات للسناتورات وفي الحوار مع النظراء في الخليج، يعود رجال البيت الابيض مرة تلو الاخرى ويكررون الرغبة في انهاء الحرب. مع ذلك، ترامب لم يتخذ حتى الآن الخطوة الضرورية لانهائها، وهو يجلس على الجدار على أمل أن يتوصل الطرفين الى تفاهمات لوحدهما.
في دول الخليج يضغطون على ترامب كي يطرح علنا صيغة انهاء الحرب التي يقترحها، بصورة تقيد حماس واسرائيل ايضا. هذه الصيغة توجد لها تفاصيل، لكن الجميع متفقون بأن حماس لا يمكن أن تبقى في الحكم في غزة. وهكذا، ستتم تلبية طلب اسرائيل الرئيسي، وهي يمكن أن تعتبر نفسها منتصرة في هذه الجولة. وزير الخارجية الاماراتي الذي اجرى مقابلة في الاسبوع الماضي مع “فوكس نيوز” أكد على أن هذا هو موقف دولة الامارات، التي تنسق هذا الامر مع دول عربية اخرى، وأن حماس لن تحصل على الدعم لأي موقف آخر.
في حين ان ترامب ينشغل بماذا سيفعل لاخراج عربة المفاوضات من الوحل فانه يتم نسج ضد اسرائيل تحالف بين كندا وبريطانيا وفرنسا، التي تنسق من اجل القيام بخطوات لانهاء الحرب. لا يوجد لهذه الدول القوة التي توجد للولايات المتحدة، لكن توجد لها قوة اقتصادية وقدرة على جر دول اخرى الى جبهة موحدة. تصريحات بتسلئيل سموتريتش حول تدمير كل غزة ودفع السكان نحو الجنوب وتجويعهم الى درجة الحصول على رغيف خبز ووجبة ساخنة في اليوم الى حين طردهم من غزة، كل ذلك اشعل الدول الاوروبية التي ادركت أن هذا هو الموعد الاخير لوقف التطهير العرقي الاكبر في عصرنا.
من يدفعون نحو الخط المتشدد هم البريطانيون بالذات. رئيس الحكومة كير ستارمر لا ينوي الاكتفاء بالتصريحات الدبلوماسية والتشاجر في تويتر، بل هو ينوي فرض أي عقوبة محتملة على الاقتصاد الاسرائيلي وعلى اشخاص في اسرائيل وما شابه، من اجل التوصل الى انهاء الحرب.
اسرائيل توجد لوحدها في هذه المعركة. لا يوجد لها اصدقاء باستثناء فيكتور اوربان. فقط بقي الله الذي في السماء، ورؤية ما ينوي ترامب أن يفعله في الايام القريبة القادمة.
------------------------------------------
معاريف 21/5/2025
التحذير من عقوبات على إسرائيل يمكن ان تتصاعد اذا رفعت إدارة ترامب الحماية
بقلم: شموئيل روزنر
في احدى جامعات البحث في إسرائيل وصلت امس رسالة الكترونية بلغة باردة: الاتفاق لتوريد المعدات لمختبرات الجامعة الغي. الشركة البريطانية التي بعثت بالرسالة قررت بانه من الأفضل لها التخلي عن الصفقات هنا. وسيتعين على الجامعة أن تبحث عن توريد من مصدر آخر.
احد لن ينهار من هذا الإلغاء. البحث الأكاديمي سيستمر – واذا ما تأخر قليلا، ففي هذا أيضا سنصمد. اذا كان هذا “التسونامي” السياسي الذي يهدد إسرائيل فهو يبدو كأمواج صغيرة.
اضيفوا عقوبات على دانييلا فايس. موجة أخرى، هي أيضا لن تعصف بأحد. على أي حال تتبين مشكلة ما مع الشخص الذي اختير. تسونامي. مثل “ذئب ذئب”، فان “تسونامي تسونامي” أيضا اعتدنا عليه. مثل ذئب ذئب، هذه المرة لم يأتِ ومرتان لم يأتِ، لا يعني أن في المرة الثالثة لن يأتي. وبالطبع يحتمل الا يكون هذا على الاطلاق ذئب أو تسونامي – هذا سيكون، لنقل، نمر، او من الافضل: أفعى. شيء ما لا يأتي بضجيج كبير، ملموس ودراماتيكي، بل يسترق سرا ويضرب بعضة سريعة، يكاد لا يشعر بها احد، ولكنها فتاكة.
اذا سألتم أي ضرر الحقه امس يئير غولان بالاقوال المتسرعة التي اطلقها لسانه الى الهواء قبل أن يتمكن عقله من التفكير بمعناها الدقيق، فان الضرر هو صرف الانتباه. بدلا من الحديث عما هو مهم، عما هو معناه استراتيجي – مثل احتمال التدهور السريع لعلاقات إسرائيل مع باقي العالم – إسرائيل انشغلت امس بتفسير ما قال وما قصد ا لرجل، الذي ربما شخص سياقات لكن ليس كيف من الصواب التحذير منها.
بالطبع، امر يرتبط بأمر: اقوال غولان ستساعد على تعليلات الدول الساعية الى وقف حرب إسرائيل. اقوال غولان ستساعد زعماء بريطانيا، كندا وفرنسا على ان يقرروا بانه ينبغي اخراج إسرائيل من اسرة الشعوب – وستساعد زعماء الائتلاف بان يقرروا بانه يجب اخراج غولان من اسرة الزعماء الشرعيين.
لكن اذا ما عدنا الى الامر الأساس: إسرائيل تقف في مفترق طرق خطير. اذا ما دخلت الى الزقاق غير الصحيح، فستخرج منه مضروبة ومرضوضة. في دول عديدة في العالم يوجد من ينتظرون الفرصة لضربها بادوات لم تستخدم حتى الان. أداة المقاطعة، الحظر، الاقصاء. أدوات سرعان ما سيشعر بها كل إسرائيلي بجيبه، في خطط السفر لديه وفي قدرته على عقد الصفقات.
دولة واحدة فقط تفصل بين إسرائيل وبين الدخول الى هذا الزقاق – الولايات المتحدة. طالما كان الحاجز الأمريكي بين إسرائيل وبين باقي العالم، يمكن مواصلة سياسة نصف التجاهل نصف الاستفزاز حيال التحذيرات من أوروبا او من كندا. غير أن الحاجز الأمريكي يبدو مستقرا اقل مما كان من قبل. البيت الأبيض يؤشر الى أن نهاية الحرب يجب أن تكون قريبة. اذا كان يريد أن يقربها لا يحتاج لان يفعل كثيرا. فقط أن يرفع الحاجز. ان يسمح لباقي العالم بان يقوم بالعمل الوسخ المتمثل بالمشادة مع إسرائيل. تصوروا جملة واحدة من دونالد ترامب بصيغة: “من حق فرنسا أن تقرر اذا كانت ستتاجر مع إسرائيل أم لا”. هذا كل ما يحتاج. وترامب – مثل يئير غولان – ينهض في صباح ما مع حاجة يصعب عليه أن يتغلب عليها في أن يقول شيئا ما يحدث عاصفة.
الاستنتاج؟ ها هي إمكانية لان نعرف بـ “معقول”، حتى وان لم يكن مضمون: “عربات جدعون” لن تتمكن من السفر بعيدا. فتيل الصبر يقصر، وكل يوم من الحملة يقصره أكثر فأكثر. إسرائيل يمكنها أن تحاول العمل بسرعة، او يمكنها أن تجر الارجل الى أن يجبرها العالم – او يخلصها، كل حسب تفسيره – على التوقف.
إما هذا، أو… يوجد غير قليل من الدول التي أصرت على سياسة بدت لها صحيحة، بما في ذلك حيال إمكانية نبذ سياسي متصاعد. في معظم الحالات هذه دول يوجد فيها زعيم وحيد، او تحكمها زعامة طاغية تخوفها الأساس هو من فقدان الحكم.
بمعنى، على سؤال هل يمكن لإسرائيل أن تواظب في سياستها، حتى حيال الاعمال النشطة لعزلها، يمكن أن نرد بامثلة. روسيا فعلت هذا، كوريا الشمالية فعلت هذا، جنوب افريقيا فعلت هذا لزمن لا بأس به. سوريا فعلت هذا، ايران لا تزال تفعله. الاستنتاج – نظريا، اذا كانت عربات جدعون هي بالفعل استمرار لحرب وجود، فهذا أيضا ممكن. واذا كان احد ما يشخص هنا سياقات، فهو يفعل هذا على مسؤوليته فقط.
-------------------------------------------
هآرتس 21/5/2025
التسونامي السياسي يصل
بقلم: يونتان ليس
تسلسل الاحداث السياسية التي عرفتها اسرائيل أمس كانت استثنائية بكل المعايير. “الوضع في غزة لا يطاق”، قال للصحيفة دبلوماسي غربي مطلع على الاجراءات ضد اسرائيل. “لقد حان الوقت للتوقف. صور الاطفال الذين يناضلون على الحصول على صحن من الارز والتقارير عن جوع حقيقي، وحقيقة أن اسرائيل لا تفعل بما فيه الكفاية من اجل ادخال المساعدات الانسانية الى القطاع، كل ذلك لا يمكن أن يسمح لنا بالوقوف اكثر مكتوفي الايدي”.
منذ يوم الاثنين توجد ازمة تلو ازمة: زعماء فرنسا، بريطانيا وكندا، اعلنوا بأنهم سيفحصون فرض عقوبات على اسرائيل؛ 25 دولة غربية نشرت بيان تعبر فيه عن القلق من الوضع في غزة؛ الحكومة البريطانية اعلنت عن تجميد المفاوضات حول اتفاق التجارة الحرة مع اسرائيل؛ وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي اعلن عن فرض عقوبات على المستوطنين؛ السفيرة الاسرائيلية في بريطاني تسيبي حوطوبلي، تم استدعاءها لمحادثة في وزارة الخارجية البريطانية. في موازاة ذلك وزيرة خارجية السويد، ماريا ملمار ستانرغراد، اعلنت نيتها الدفع قدما بفرض عقوبات على وزراء اسرائيليين، وهي الخطوة التي تم وقفها بعد ذلك، في حين أن وزير الخارجية الفرنسية جان نوئيل بارو، اعلن أمس بأنه يؤيد فحص الغاء اتفاق الشراكة بين الاتحاد الاوروبي واسرائيل. بعد بضع ساعات بمبادرة وزير خارجية هولندا، التقى وزراء خارجية الاتحاد في بروكسل لمناقشة الغاء هذا الاتفاق.
17 دولة من بين الـ 27 دولة في الاتحاد الاوروبي قررت المصادقة على اعادة النظر في الاساس القانوني للاتفاق الرئيسي بين الاتحاد واسرائيل، اتفاق الشراكة. من اجل الغاء كل الاتفاق فانه مطلوب اجماع، وفي هذه الحالة لا يمكن الغاءه. مع ذلك، باغلبية ساحقة يمكن الغاء اجزاء في الاتفاق، مثل اتفاق التجارة الحرة الذي يسمح لاسرائيل بالتصدير الى الاتحاد الاوروبي بدون جمارك، أو خطة “الهورايزون”، التي تسمح لاسرائيل بالتعاون مع الاتحاد في مجال العلوم والتكنولوجيا.
في اسرائيل تفاءلوا من أن دول مثل ايطاليا والمانيا واليونان وقفت في التصويت في الممثلية الى جانب اسرائيل. في وزارة الخارجية في هذه المرحلة يتشككون من امكانية الغاء اتفاق الشراكة، لكنهم اعترفوا بأن قرار اعادة النظر فيه هو اشارة تحذير مهمة. مصدر سياسي قال للصحيفة بأن هذه الخطوة كانت متوقعة. “اعلان كلاس هو حدث مؤسف، لكن كان يمكن أن يكون اسوأ. فقد كانت كل التحركات في الـ 24 ساعة الاخيرة مخطط لها، شرك مخطط له كنا نعرف عنه. كانت سلسلة من الاحداث التي مهدت للنقاشات بين وزراء الخارجية في بروكسل، من خلال العمل المشترك بين السفراء ووزراء الخارجية استطعنا ادارة هذه الخطوة”.
“الرصاصة انطلقت من فوهة البندقية”، قالت في المقابل، الدكتورة مايا سيئون تصدقياهو، من معهد متافيم في الجامعة العبرية”، “نحن لا نعرف الى أين سيؤدي وماذا سيكون رأي المستشار القانوني. هذه خطوة تدهور بشكل اكبر مكانة اسرائيل كدولة منبوذة، تفقد عدد من الاصدقاء في اوروبا. هذا السيل حدث بسرعة في الاسابيع الاخيرة، والقرار يمكن أن يشجع على التسونامي السياسي”.
وزير الخارجية جدعون ساعر تحدث مؤخرا مع 10 وزراء خارجية في اوروبا واستمع للانتقاد الكبير لدولهم. في جلسة الكابنت في يوم الاحد اوضح للوزراء بأن الانتقاد الاوروبي يمكن أن يكون معزز بالافعال ايضا. المستوى الامني أكد في النقاشات على أنه حسب منظومة الرقابة الاسرائيلية فان الوضع الانساني في غزة وصل الى الخط الاحمر، وأنه توجد حاجة فورية لادخال المساعدات. رئيس الحكومة نتنياهو، بالتنسيق مع الادارة الامريكية، قرر بأنه سيتم ادخال المساعدات على الفور. وبعد بدء الشاحنات بالدخول الى غزة فان مصادر سياسية سارعت الى التوضيح للنظراء بأن اسرائيل تعمل وبحق على تقليل الجوع وأنها لا تكتفي بالتصريحات فقط. مصدر مطلع قال ان نتنياهو يخطط لاصدار في الغد بيان رد على الخطوات الاخيرة للدول الغربية ضد اسرائيل.
لكن خطوة اسرائيل المستعجلة كانت بعيدة عن تكون مرضية للمجتمع الدولي. في عدد من الدول الاوروبية عبروا عن الانتقاد للخطة الجديدة لتوزيع المساعدات التي ستبدأ بالعمل خلال اسبوعين. “هذه هستيريا”، قال اول امس دبلوماسي اوروبي في محادثة مع “هآرتس”. “لا توجد أي امكانية لأن يعمل ذلك. اسرائيل تقوم باغلاق 400 موقع لتوزيع المساعدات في غزة وتستبدلها بـ 4 – 5 مواقع. سيكون 6 آلاف شخص سيأتون للحصول على الغذاء في كل موقع. وأنا آمل جدا أن لا يقوموا بهذا الخطأ. هذا سيكون أمر فظيع”.
في اسرائيل حددوا نقطة الازمة القادمة. ففي شهر حزيران يتوقع أن تعقد فرنسا والسعودية مؤتمر في نيويورك، يتم الاعلان فيه عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية. حسب بعض المصادر فان الحديث يدور عن مبادرة سعودية استهدفت منحها انجاز سياسي، الذي يعكس القلق على الشعب الفلسطيني. ولكن جهات سياسية قدرت بأن منظمي المؤتمر يعملون على زيادة عدد الدول التي ستعترف بالدولة الفلسطينية. رئيس الدولة اسحق هرتسوغ الذي شارك في يوم الاحد في احتفال اداء البابا لليمين في الفاتيكان، سافر من هناك بشكل مفاجيء الى باريس. رئيس الدولة الذي يقوم احيانا بمهمات دبلوماسية دولية، التقى مع الرئيس عمانويل ميكرون بشكل لم يتم التخطيط له. اضافة الى اعادة طرح قضية المخطوفين، طرح الرئيس ايضا خوف اسرائيل من المؤتمر الفرنسي – السعودي. وحسب التقديرات فان اسرائيل ستجد صعوبة في افشال هذه الخطوة، التي ستحقق كما هو مخطط له.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت 21/5/2025
التهديد الدولي: عقوبات على إسرائيل على مسافة خطوة من تسونامي سياسي
بقلم: ايتمار آخنر
بعد 593 يوما من نشوب الحرب، وصلت إسرائيل الى قعر دبلوماسي: بعض من اصدقائها الأهم في العالم – بريطانيا، فرنسا وكندا – يسمحون لانفسهم بنشر بيان يهدد إسرائيل بالعقوبات اذا ما واصلت الحرب في غزة. لم يسبق أبدا أن صيغ بيان بهذه الحدة ضد إسرائيل يجعلها دولة منبوذة. القسم الأكثر اقلاقا: الولايات المتحدة، تلك التي منذ الازل استقلت على الجدار من اجل إسرائيل، تصمت. لقد سبق أن اتهموا ترامب بانه يلقي بإسرائيل تحت عجلات الباص، والان هذا يتلقى تعبيرا علنيا في الساحة الدولية. ماذا ستفعل الولايات المتحدة اذا ما وصلت المطالبات بوقف الحرب الى مجلس الامن؟ فهل لا يزال محفوظا لنا فيتو تلقائي؟ لقد صرحت إدارة ترامب في عدة مناسبات بانها لن تسمح بالاساءة الى إسرائيل في الأمم المتحدة وفي منظمات دولية وستحميها.
أمس ادخل الى قطاع غزة عبر معبر كرم سالم 93 شاحنة مساعدات إنسانية، تضمنت الدقيق، الغذاء للرضع، عتاد طبي وأدوية. بالتوازي، تحدثت وسائل اعلام في هولندا بان الدولة حققت دعما كافيا يسمح لها بان تجري بحثا في الاتحاد الأوروبي في مسألة الغاء اتفاق الشراكة بينه وبين إسرائيل. مثال آخر على التدهور هو الصحافي البريطاني فيرس مورغن الذي يعتبر مؤيدا كبيرا لإسرائيل في الماضي وخرج جبهويا ضد الحكومة والحرب. فقد اتهم امس الوزير سموتريتش بتأييد الإبادة الجماعية وكتب: “على حكومة إسرائيل سيطر أناس مثله ونتنياهو يسمح لهم بان يفعلوا ما يشاءون. من سيوقفهم؟”. إضافة الى ذلك أعلنت بريطانيا امس عن فرض عقوبات ضد بضعة إسرائيليين، بينهم رئيسة حركة “نحالا” للاستيطان دانييلا فايس بدعوى انهم أيدوا العنف ضد الفلسطينيين. وتضمنت العقوبات منع دخول الدولة وتجميد ممتلكات.
خطوة فرنسا
كيف وصلنا الى مثل هذا الوضع؟ التفسير المنطقي الأول هو ان فرنسا تقف خلف الخطوة. عمانويل ماكرون يستعد للاعتراف بدولة فلسطينية في مؤتمر دولي مع السعودية يعقد في نيويورك في الشهر القادم. إسرائيل ردت الدعوة الفرنسية للمشاركة في المؤتمر. وقال مصدر إسرائيلي رفيع المستوى بان هذا تدويل للنزاع، وإسرائيل لن توافق على ذلك. التقدير هو أن ماكرون يعد لموجة اعتراف من عدد من الدول لدولة فلسطينية، استمرارا للموجة السابقة التي كانت في أيار 2024 حين اعترفت بالدولة الفلسطينية النرويج، ايرلندا واسبانيا. في اعقاب هذه الخطوة اعادت إسرائيل السفراء من الدول الثلاثة. وفي ايرلندا إسرائيل أغلقت السفارة تماما. نقلت إسرائيل رسائل حادة الى باريس، تقضي بان عليهم أن يأخذوا بالحسبان رد فعل إسرائيلي حاد جدا. بين الإمكانيات: اغلاق القنصلية الفرنسية في القدس وخطوة فرض السيادة في الضفة. “الفرنسيون يعرفون بانهم اذا ما فعلوا هذا فسيكون له ثمن”، قال مسؤولون في إسرائيل. كما أوضح وزير الخارجية جدعون ساعر هذا في حديثه مع نظيره الفرنسي، جان نويل بارو.
دبلوماسي غربي كبير قال ان السعوديين أرادوا الاعتراف بدولة فلسطينية في المؤتمر: “ابن سلمان بحاجة الى شيء ما. هو يريد ان يقوم بخطوة واراد ان يستغل القوة الدبلوماسية لفرنسا. والنية هي ان تشمل الدولة الفلسطينية غزة أيضا. الفصل في هذا الموضوع بين غزة والضفة سيضعف فقط قوة الحكومة الفلسطينية”. وعلى حد قوله، ستعترف بالدولة الفلسطينية فرنسا، بريطانيا، هولندا وبلجيكا. كما أن لوكسمبورغ قد تنضم. رئيس وزراء بلجيكا اعلن مؤخرا بانه لن يعترف بدولة فلسطينية لكن ماكرون يضغط عليه.
وأضاف الدبلوماسي الكبير بان “80 في المئة من الأعضاء في الأمم المتحدة فعلوا هذا على أي حال، لا تنظروا الى الاعتراف بانه الموضوع المركزي. تعالوا نحاول ا لتذكير بشيء آخر يمنع النزاع لـ 30 او 40 سنة أخرى. فكروا بالفضائل الاقتصادية للدولتين وباستئناف العلاقات مع دول أخرى. إسرائيل آمنت خطأ واقنعت دولا أخرى بعدم حل المسألة الفلسطينية، تركها تحت الطاولة وادارتها بفكرة ان حماس مردوعة”.
تفسير آخر لماذا الان بالذات تأتي خطوة بهذه الحدة من جانب هذه الدول الثلاثة، هو صور الأطفال القتلى والجوعى في غزة والتي تؤثر جدا على جماعات عديدة في هذه الدول. في بريطانيا وكندا يدور الحديث عن حكومات يسار معروفة كنقدية جدا تجاه إسرائيل. صحيح أن ماكرون ليس يسارا لكنه يغمز لمصوتي الوسط واليسار والنبرة الان في فرنسا هي ان يكون المرء ضد إسرائيل. محظور أن ننسى أن بريطانيا، فرنسا وكندا سبق أن اعلنوا عن حظر سلاح جزئي او كامل على إسرائيل منذ نشوب الحرب في غزة.
الرأي العام في كل هذه الدول ضد إسرائيل آخذ في الاحتدام وذلك أيضا لانه الى جانب التقارير التي تأتي من غزة، فان كل ما يسمعوه من إسرائيل هو تصريحات سموتريتش وبن غفير عن التجويع والحسم. لا يوجد صوت معتدل يعرض خطة كيف تنهى الحرب ويسوى الوضع ولا توجد محاولة حتى وانت كانت تظاهرية لاشراك الاتحاد الأوروبي لتسوية لليوم التالي (في الجرف الصامد في 2014 اعلن الاتحاد الأوروبي بانه سيؤيد ويساعد في تجريد غزة وتجاهلناه). وعليه فان الضغط المتزايد للاعلام والرأي العام يلزم الحكومات بعمل ما.
“احباط الكمين الدبلوماسي”
يوجد تفسير إضافي: زعماء أوروبا يزقون اصبعا في عين ترامب بعد أن قطع ارتباطه بهم. يحتمل أن يكونوا أيضا يشخصون الفجوات بين نتنياهو وترامب ويقدرون بان الولايات المتحدة لن تساند إسرائيل.
هل هذا سيصل الى إعادة سفراء وربما قطع علاقات؟ يبدو أن لا. حتى اردوغان لم يقطع العلاقات مع إسرائيل. لكن يحتمل أن نرى خطوات كاعادة السفراء للتشاور، عقوبات إضافية ضد مستوطنين متطرفين وتهديدات بتعليق الاتفاقات التجارية – التي من المعقول الافتراض بان اصدقاءنا هناك، هنغاريا وتشيكا سيمنعان ذلك في الاتحاد الأوروبي. لكن التهديدات بالعقوبات من شأنها أن تعطي ضوء اخضر لتعميق “المقاطعة الهادئة” ضد إسرائيل: الامتناع عن ارتباطات اقتصادية من القطاع الخاص دون تعليمات من فوق.
وقال مصدر في وزارة الخارجية “نحن امام تسونامي حقيقي سيواصل الاحتدام، في الوضع الأسوأ الذي نعيشه في أي مرة. العالم ليس معنا، هو يرى على شاشات التلفزيون منذ تشرين الثاني 2023 فقط أطفالا فلسطينيين يموتون وتدمير البيوت وقد ملوا ذلك. إسرائيل لا تعرض أي حل، أي تسوية لليوم التالي، المقاطعة الهادئة كانت هنا من قبل وهي ستتعاظم، محظور الاستخفاف بذلك. احد لا يريد أن يكون متماثلا مع إسرائيل”.
ومع ذلك، امس ادعى مصدر سياسي بان “الكمين الدبلوماسي احبط. كل ما رأيناه في ا لـ، 36 ساعة الأخيرة هو جزء من خطوة مخططة، عرفنا بها واستعدينا لنا جيدا. في السطر الأخير لغة القرار جد معتدلة. ليس لك لغة تعليق. لا يحطمون القواعد بل يتحدثون بتعبير “المراجعة والمسيرة. النتائج استثنائية في نجاحها: 17 ضدنا، 10 معنا. النوعية تقرر. المانيا، إيطاليا، تشيكيا، اليونان، قبرص، هنغاريا، بلغاريا وكرواتيا معنا. وزير الخارجية ساعر عمل بكد وأجرى ميراتون مكالمات هاتفية مع وزراء خارجية، وكذا سفراء إسرائيل انتحروا على هذا. بريطانيا، فرنسا وكندا عليهم أن يخجلوا. من ايد بيانهم كانت حماس. فهذه دعوة صحوة في أن حماس تؤيدك”.
------------------------------------------
هآرتس/ ذي ماركر 21/5/2025
من يستثمر أمواله في دولة “تقتل الأطفال هواية”؟
بقلم: إيتان أفريئيل
مثلما هو النقاش الذي جرى أول أمس حول إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، فإن النقاش العام والسياسي حول أقوال رئيس حزب الديمقراطيين يئير غولان بشأن “دولة تقتل الأطفال كهواية”، كان ناقصاً.
في البداية، كان تنقصه الأخلاق. الجميع تقريباً تطرقوا إلى الجانب النفعي لإسرائيل والأضرار السياسية التي ستلحق بها بسبب مشاهدة دول أخرى لصور قاسية من غزة على شاشات التلفاز. عدد قليل اختاروا التركيز على الموضوع نفسه – هل يجدر أن تقوم دولة حديثة بتجويع شيوخ ونساء وأطفال؟ هل يجدر بدولة حديثة أن تضغط بسهولة على الزناد وتقتل عشرات الأشخاص كل يوم، من بينهم أطفال، حتى لو كانت حربها عادلة.
النقاش في هذه المسالة الأساسية بدون صلة بالسياسة والعلاقات الدولية، لم يتم. ادعاء أساسي في الرد على سؤال “لماذا يفضل عدم تجويع سكان غزة وقتل الأطفال؟”، كان من أجل أن “يسمح لنا العالم بإنهاء العمل”، ولم يتطرق إلى السؤال الأخلاقي نفسه، الذي اختار كثيرون تجنبه.
موضوع الضرر الاقتصادي لأعمال الحكومة والجيش في غزة غاب أيضاً من النقاش العام. من الأسهل استكمال الناقص. لنبدأ بالنرويج: بفضل مكاسب من استخراج النفط في بحر الشمال، تمتلك النرويج صندوق الثراء الأكبر في العالم، حوالي 1.8 تريليون دولار. وقررت في الأشهر الأخيرة بيع حصتها في بعض الشركات الإسرائيلية بسبب عمليات إسرائيل في غزة والضفة الغربية.
في هذا الشهر، أعلن الصندوق تصفية كل ممتلكاته في “باز” (55.290 سهم، نسبتها 1.79 في المئة)، لأنها تنشط في المستوطنات. في كانون الأول 2024 باعت كل أسهمها في شركة “بيزك”. وقبل ذلك، في آب 2024، واستمراراً لحكم المحكمة في لاهاي بشأن ارتكاب جرائم حرب من قبل إسرائيل، اتخذ الصندوق قرار فحص بيع ممتلكاته في “عدد من الشركات”.
حسب موقع الصندوق، كان الصندوق يملك في نهاية 2024 عقارات في إسرائيل بمبلغ 1.7 مليار دولار في عشرات الشركات. البارز منها بنك هبوعليم، وتيفع، وآي.سي.ال (إسرائيل للكيماويات). وهكذا فعلت صناديق أخرى، وطنية وخاصة. صندوق الثروة لأيرلندا، الذي هو أصغر بكثير، أعلن قبل سنة بأنه سيبيع كل ممتلكاته في البنوك الخمسة الكبيرة في إسرائيل وفي شبكة السوبرماركت “رامي ليفي”.
أما في اليابان فقد طالب سياسيون الصناديق ببيع سندات دين صادرة من حكومة إسرائيل. وثمة صناديق أخرى خاصة، لا تنشر عن سياسة استثماراتها، قلصت استثمارها في العقارات في إسرائيل، كل واحدة حسب تعليمات مجلس الإدارة فيها وحسب موقفها السياسي. جميع هذه النشاطات نفذت حتى قبل أن يعرف العالم عن الجوع في غزة. المعنى بسيط؛ ففي اللحظة التي تقرر فيها أجزاء كبيرة في العالم التخلي عن أفعال إسرائيل، فإن الأمر الرئيسي الذي يقومون به هو عدم الاستثمار في الأسهم والسندات الإسرائيلية. والنتيجة أن قيمة الشركات في البورصة وعوائد السندات الإسرائيلية ستحمل على ظهرها تخفيضاً كبيراً – أي أنه سيتم بيعها أقل بكثير من قيمتها لو كانت تنتمي لدولة أخرى “سليمة”.
منحدر زلق
هذا التوجه الذي يبدأ في معظم الحالات صغيراً، مثل صندوق النرويج، يراكم القوة بسرعة. في هذا الأسبوع، أعلنت عدة دول أوروبية، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا، بفرض عقوبات على إسرائيل قريباً.
أمس، أعلنت بريطانيا بواسطة وزير الخارجية ديفيد لامي، بأنها قررت تجميد المفاوضات حول تجديد اتفاق التجارة مع إسرائيل، وأيضاً استدعاء سفيرة إسرائيل لمحادثة توبيخ بسبب سياسة الحصار وعدم إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. وأعلن الاتحاد الأوروبي أمس أيضاً بأنه سيفحص إمكانية إلغاء اتفاق التجارة مع إسرائيل على خلفية الشك بالتزام إسرائيل بحقوق الإنسان في نشاطاتها في غزة.
هذه الأقوال تتدحرج بسرعة وتصل إلى البورصة وإلى قيمة العقارات. منذ اللحظة التي تتخذ فيها محكمة أو حكومة أي موقف – فليس للمستثمرين خيار عدا السير في أعقابه. وآجلاً أو عاجلاً، فإن من لا يبيع ممتلكاته في إسرائيل يخاطر بتصنيفه كمتعاون مها.
صحيح أن الأسواق عديمة القلب، وبثمن ما ستجد من يشتري كل عقار مالي، حتى لو كان إسرائيلياً. ولكن بالقدر نفسه، من الواضح أن مواطني إسرائيل كلهم سيدفعون ثمن أفعال الحكومة في غزة بالكثير من الأموال، سواء عن طريق هبوط الأسهم والسندات أو بسبب الفجوة الكبيرة عن السندات والأسهم المشابهة لدول أخرى.
إلى أي درجة قد يزيد الخصم في إسرائيل؟ تصعب الإجابة، لأن الحكومة قد تتراجع عن قرار سيطرتها على غزة وتجويع السكان، لأن الأغلبية الساحقة في الجمهور تعارض ذلك. وإذا لم يحدث ذلك، فيمكن النظر إلى ما حدث في السابق لدول أصبحت منبوذة في نظر العالم الغربي الذي يملك معظم الأموال.
جنوب إفريقيا التي كان فيها نظام أبرتهايد منذ منتصف القرن السابق وحتى بداية التسعينيات، مثال ممتاز، لأنه يمكن فحص ما حدث هناك بعد ذلك. “في الثمانينيات، في ذروة الأبرتهايد، وحول موجة أعمال الفوضى في البلدات التي يعيش فيها السود، تم بيع الأسهم في بورصة جوهانسبرغ بخصم بلغ 30 – 50 في المئة مقابل دول أخرى في نفس مستوى التطور.
سجلت ظاهرة مشابهة في سوق السندات. سندات حكومة جنوب إفريقيا وأسهم شركات في جنوب إفريقيا بيعت بثمن عكس المكاسب العالية، 2–6 في المئة، مقارنة بسندات دول مشابهة في خصائصها. والعملة عكست مقت العالم من النظام في جنوب إفريقيا. في الأعوام 1961 – 1980 مرت العملة في جنوب إفريقيا بتخفيض 80 في المئة مقارنة مع سلة عملات أخرى.
عندما يبدأ ذلك، فإن كل المعايير ومستويات سوق رأس المال في الدولة المنبوذة تتدهور بسرعة هي أيضاً. دورات التجارية تهبط، وحجم التداول ينخفض وأرباح الشركات في البورصة، وترتفع أقساط المخاطر، والسوق كلها “تجف”.
يجب ألا يشكك أحد في ذلك. إذا استمرت إسرائيل في سياستها وأعمالها في غزة، فلا سبب هناك؛ لأن ما حدث للسوق المالية في جنوب إفريقيا (في حينه كانت دولة ثرية مع موارد طبيعية كثيرة وعلاقات دافئة مع المركز المالي في لندن) لن يحدث أيضاً لإسرائيل. صناديق كثيرة ستبيع سنداتها وأسهمها الإسرائيلية، والدول ستفرض على إسرائيل عقوبات اقتصادية، والنتيجة انخفاض دراماتيكي للقيمة، بعشرات النسب المئوية، تشمل كل عقار له صلة بكلمة إسرائيل: أسهم، سندات، شركات خاصة، مشاريع ناشئة وحتى عقارات.
ألا تصدقون؟ اسألوا أنفسكم: هل كنتم ستشترون سندات في دولة -لنفرض في أمريكا الجنوبية أو في آسيا- ترتكب أفعالاً هناك يطلقون عليها جرائم حرب، والتي تفرض عليها دول مهمة عقوبات، وصناديق الاستثمارات الكبرى تبيع ممتلكاتها فيها؟ حقاً “لا”.
-------------------------------------------
هآرتس21/5/2025
مَرّ القطار الأميركي.. وبقيت إسرائيل في المحطة!
بقلم: يائير غولان
في الشرق الأوسط تحدث في هذه الفترة دراما اقتصادية، سياسية وأمنية، تنهار في داخلها، بسبب رئيس حكومة الفشل، مكانة إسرائيل الإستراتيجية في المنطقة وفي العالم. دونالد ترامب الذي طرح نفسه كصديق حقيقي لإسرائيل، يسوق لنظام إقليمي جديد، الذي فيه الأموال، وليس القيم المشتركة، هي القوة المحركة. تدفع المصالح الاقتصادية، الشخصية والدولية، جانباً النظام والمشاعر القديمة. تتحدث الولايات المتحدة الآن بلغة واحدة فقط: أموال كثيرة. ومن أجل هذه الأموال الكثيرة فإن هناك حاجة إلى محيط إقليمي مستقر. لذلك، من ناحية واشنطن، فإن الحرب في قطاع غزة يجب أن تنتهي، ومن لا يفهم ذلك لن يكون في اللعبة.
الحرب في القطاع والتصعيد مع الحوثيين يعتبران في الولايات المتحدة عبئاً إستراتيجياً على الواقع الجديد الذي يمليه ترامب. في هذا السياق، فإن إسرائيل في ظل بنيامين نتنياهو ليست ذخراً للأميركيين بل هي عبء وعائق. يلمح ترامب للحكومة بأن تهدئ اللعب وتنهي الحرب وتدخل إلى الواقع الجديد. هذا الواقع يشمل أيضاً استئناف التفاهمات مع إيران، وربما اتفاقاً نووياً يشبه الـ"جي.سي.بي.أو.ايه"، خطة التفاهمات المشتركة بين الـ 5+1 وإيران، التي تم التوقيع عليها في 2015. ولكن في إسرائيل رئيس حكومة مدفوع فقط باعتبارات بقائه السياسي وغير قادر على قبول التغيير.
في الوقت الذي تدور فيه العجلة بسرعة كبيرة، فإن الحكومة بقيت بعيداً خارج الغرفة، مجمدة، وبالأساس مقطوعة. الشخص الذي كان يتفاخر بأنه ساحر في الساحة الأميركية، والذي كان يتفاخر بالقدرة على التلاعب بترامب، أصبح يمكن التلاعب به من قبل شخص متلاعب أكثر بكثير منه. نتنياهو في عهد ترامب ليس النجم الذي يملي الأجندة ويحصل على التصفيق في الكونغرس، بل هو لاعب هامشي، فاشل، في قصة فقد سيطرته عليها.
الأميركيون يبنون الآن النظام الجديد مع السعودية والإمارات وقطر، وحتى مع سورية وتركيا. المعيار بسيط: من ينضم إلى عربة الاقتصاد والتطبيع فهو في الداخل، ومن يتمسك بالأوهام حول الطرد والضم والإبادة فهو في الخارج.
بديل الانضمام إلى الطريق التي يرسمها ترامب واضح: جنود الجيش الإسرائيلي سيديرون حياة 2 مليون فلسطيني. الجميع يعرفون ما معنى ذلك ويعرفون كيفية انتهاء ذلك. بعد سنة ونصف السنة على رفض نتنياهو المصمم لفحص أي تنازل، فإن المنطقة تستمر في التقدم من دوننا وتبقي إسرائيل في الخلف مع الحساب، الذي هو حياة البشر، نهاية الصهيونية والديمقراطية وتدمير اقتصاد إسرائيل لأجيال. لا يوجد اندماج لإسرائيل في إطار الاتفاق المستقبلي من دون رسم أفق إيجابي في الساحة الفلسطينية، أفق يعني الحل وإعادة الإعمار والتهدئة وتعزيز القوى المعتدلة بروحية المبادرة السعودية من العام 2002. الاندماج في محور الدول المعتدلة لا يعتبر تنازلاً، بل هو مصلحة وطنية من الدرجة الأولى. هو الطريقة الوحيدة لنقل ولو بشكل جزئي المسؤولية عن غزة لدول أخرى. هذا لا يعتبر ثمناً، بل هو مكسب إستراتيجي لإسرائيل.
إسرائيل، بصورة غير مسبوقة، لم تعد تقف على راس التحالف الإقليمي، بل تمت إزاحتها جانباً. بدلاً من الجلوس على الطاولة الإستراتيجية مع ترامب ومحمد بن سلمان والشركاء الإقليميين، فإن نتنياهو اختار البقاء في غرفة مع سموتريتش وبن غفير. بضعفه وخضوعه لحفنة مسيحانية، متعصبة، فقد فوت القطار الأميركي. ومثلما كتب مئير أريئيل: "مرت دقيقتان، وها أنا بقيت في الخلف".
التداعيات كبيرة. ففي السنة القادمة ستبدأ المحادثات حول اتفاق المساعدات الأمنية بين إسرائيل والولايات المتحدة (ام.أو.يو). الحديث يدور الآن عن 3.8 مليار دولار في السنة – سلاح متقدم، ذخيرة ومظلة دفاع إستراتيجية. ولكن مع استمرار هبوط مكانة إسرائيل وانخفاض أهميتها في نظر ترامب، فإن هذه الأموال التي إسرائيل بحاجة إليها غير مضمونة. من دون المساعدات الأميركية ومع حكومة تبذر ميزانية الدولة على الوظائف والمستوطنات وطلاب المدارس الدينية، ولا تقوم بتجنيد الحريديين وتشجعهم على الإسهام في الاقتصاد، فإن إسرائيل يمكن أن تتحول إلى مكان يصعب العيش فيه، معزولة، نازفة، متعبة، وبالأساس لا تعمل بشكل سليم، وغير آمنة. المعنى المصيري هو أن إسرائيل لن تكون البيت الذي يوفر الأمان لسكانه.
أمام هذا الواقع فإنه يجب إنقاذ إسرائيل من هذه الحكومة. هذا ليس شعاراً، بل هو مهمة وطنية. يجب على إسرائيل أن تعود إلى أبعادها الحقيقية: الدولة العظمى الأقوى عسكرياً، مع قيادة سياسية تعرف كيفية السعي إلى الاتفاقات وتوفير الأمن. دولة قوية ولكنها متزنة. تبادر ولكن مسؤولة. دولة تعرف علاقات القوة وتعرف كيفية استغلال إنجازاتها العسكرية، ليس من أجل البقاء وزيادة الخوف، بل لخلق اتفاق إستراتيجي بعيد المدى.
هذه هي صفقة القرن الحقيقية، ليس صفقة نتنياهو. هذه هي صفقة الأمن الإقليمي بعيد المدى الذي يستند إلى تحالفات واتفاقات والاعتراف بأفق سياسي للفلسطينيين في قطاع غزة وفي يهودا والسامرة. ومن لا يدرك ذلك فإنه يقودنا إلى الضياع، وهو غير جدير بالقيادة. لذلك، يجب علينا التوحد في المعارضة ووضع أيدينا معاً لاستبدالهم.
-------------------------------------------
إسرائيل تحت الضغط بعد إطلاقها النار على وفد دبلوماسي في جنين..
استدعاء سفراء وإدانة أوروبية وأممية واسعة
القدس المحتلة: قال مسؤول في وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الأربعاء، إن الجيش الإسرائيلي أطلق الرصاص بكثافة “لتخويف وترهيب” وفد دبلوماسي أجنبي خلال وصوله إلى أحد مداخل مخيم جنين للوقوف على العدوان الإسرائيلي المتواصل في الضفة الغربية.
وذكر أحمد الديك مساعد وزير الخارجية الفلسطيني أن “قوات الاحتلال الإسرائيلي وفي خرق للأعراف أطلقت الرصاص الحي عند وصول وفد دبلوماسي مكون من 35 سفيرا وقنصلا ودبلوماسيا إلى أحد مداخل المخيم”.
إدانات دولية وأممية واستدعاء سفراء
نددت الأمم المتحدة الأربعاء بإطلاق النار الاسرائيلي، مطالبة السلطات في تل أبيب باجراء “تحقيق دقيق”.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الأممية ستيفان دوجاريك إن انطونيو غوتيريش “قلق حيال معلومات تتحدث عما سماه الجيش الاسرائيلي اطلاق نار تحذيريا في اتجاه دبلوماسيين، بينهم طاقم من الأمم المتحدة”.
وأضاف “هؤلاء الدبلوماسيون، بمن فيهم طاقم من الأمم المتحدة، تعرضوا لإطلاق نار، سواء كانت عيارات نارية تحذيرية أو سوى ذلك، وهو أمر غير مقبول”.
وتابع “من الواضح أن دبلوماسيين يقومون بعملهم ينبغي ألا يتعرضوا البتة لاطلاق نار او لهجوم مهما كان (…) اي استخدام للقوة ضدهم هو امر غير مقبول”.
وقال المتحدث أيضا “ندعو السلطات الإسرائيلية إلى إجراء تحقيق دقيق وتقاسم نتائجه معنا واتخاذ كل الإجراءات للحؤول دون تكرار هذا الحادث”.
كما أدانت ألمانيا “بشدة” إطلاق جنود إسرائيليين النار على 35 دبلوماسيا كانوا يزورون مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وأوضحت وزارة الخارجية في بيان، الأربعاء، أن الوفد كان يضم دبلوماسيا ألمانيا وسائقا يعمل في بعثة برلين بمدينة رام الله.
وقالت إن الحادثة غير مبررة، مؤكدة أن الدبلوماسيين كانوا بالضفة الغربية في إطار أنشطتهم الدبلوماسية وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي.
وأضافت أن دور المراقب المستقل الذي يؤديه الدبلوماسيون على الأرض أمر لا غنى عنه ولا يشكل بأي حال من الأحوال تهديدا للمصالح الأمنية لإسرائيل.
وطالبت وزارة الخارجية الألمانية الحكومة الإسرائيلية بتقديم توضيح بشأن الحادثة على الفور واحترام حصانة الدبلوماسيين.
وقالت الوزارة في بيان “يتعين على الحكومة الإسرائيلية الكشف فورا عن الملابسات واحترام حصانة الدبلوماسيين. وهذا ما سيُبلغه أيضا وزير الخارجية يوهان فادفول لنظيره الإسرائيلي”.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو اليوم الأربعاء أنه سيستدعي السفير الإسرائيلي.
ووصف بارو، في منشور على منصة إكس للتواصل الاجتماعي، الواقعة بأنها “غير مقبولة”، وقال إنه سيُطلب من السفير تقديم تفسير.
كما أفاد وزير الخارجية الايطالي أنتونيو تاياني على منصة إكس بأنه أصدر تعليماته “باستدعاء السفير الاسرائيلي في روما للحصول على توضيحات رسمية بشأن ما حدث في جنين”.
واعتبر تاياني الأربعاء أن الطلقات التحذيرية التي أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي باتّجاه دبلوماسيين في الضفة الغربية تهديدات “غير مقبولة”.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الإسباني الأربعاء أن مدريد تعتزم استدعاء القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية، في غياب أيّ سفير راهنا في إسبانيا.
وكتب خوسيه مانويل ألباريس على اكس “بعد اطلاق النار غير المقبول للجيش الإسرائيلي خلال زيارة لدبلوماسيين من إسبانيا والاتحاد الأوروبي ودول أخرى، سنستدعي القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في مدريد ونطالب بتوضيحات ومساءلة”.
من جانبها، اعتبرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الأربعاء أن أي تهديد لحياة الدبلوماسيين هو “غير مقبول”.
وأضافت كالاس للصحافيين في بروكسل “ندعو إسرائيل إلى التحقيق في هذه الحادثة ونطلب محاسبة المسؤولين عنها”.
إسرائيل تبرر
أعرب جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأربعاء، عن أسفه لإطلاق جنوده أعيرة تحذيرية أثناء دخول وفد دبلوماسي أجنبي مخيم جنين زاعما أن الوفد “انحرف عن مساره” المحدد له.
وقال جيش الاحتلال، في منشور على منصة “إكس”: “في وقت سابق اليوم، جرى دخول منسق لوفد دبلوماسي إلى جنين، وعند تنسيق الدخول، تم منح أعضاء الوفد مسارا معتمدا يجب اتباعه نظرا لوجودهم في منطقة قتال نشطة”.
وادعى أنه “بحسب التحقيقات الأولية، فإن الوفد انحرف عن مساره ووصل إلى منطقة ممنوع البقاء فيها، وأطلقت قوة تابعة للجيش الإسرائيلي المتواجدة في النقطة طلقات تحذيرية، ولم تقع أضرار أو إصابات”.
وتابع الجيش: “بعد الحادثة، وبعد أن اتضح أن الحديث يدور عن وفد دبلوماسي، قام قائد فرقة الضفة الغربية العميد ياكي دولف، بالتحقيق في الحادثة على الفور، كما أمر قائد الإدارة المدنية العميد هشام إبراهيم، ضباط الوحدة بالتحدث فوراً مع ممثلي الدول، وسيجري قريباً محادثات شخصية مع الدبلوماسيين ويطلعهم على نتائج التحقيق الأولي الذي أجري في الموضوع”.
وأعرب جيش الاحتلال في البيان عن أسفه للإزعاج الذي تسببت فيه قواته.
بدورها، نقلت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، عن مصادر أمنية قولها: “انحرف الوفد في جنين عن مساره، ولم يكن الجنود يعلمون أنهم دبلوماسيون، وأطلقوا النار في الهواء”، وفق ادعائهم.
وأضافت: “سوف يعتذر الجيش الإسرائيلي للدول التي كان ممثلوها حاضرين في الجولة، بما في ذلك إسبانيا وكندا”.
وفي 21 يناير/ كانون الثاني 2025، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا عسكريا شمالي الضفة استهله بمدينة جنين ومخيمها وبلدات في محيطهما، ثم وسّع عدوانه إلى مدينة طولكرم في 27 من الشهر نفسه.
ووفق وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية، أسفر العدوان الإسرائيلي المتواصل على طولكرم ومخيميها (طولكرم ونور شمس) عن استشهاد 13 فلسطينيا، وإصابة واعتقال العشرات، ونزوح أكثر من 4 آلاف و200 عائلة من المخيمين.
كما أسفر العدوان عن تدمير 400 منزل بشكل كامل، و2573 بشكل جزئي، وإلحاق دمار شامل في البنية التحتية والمتاجر، وفق الوكالة.
وبالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد 969 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال ما يزيد عن 17 ألف شخص، وفق معطيات فلسطينية.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 175 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.
-------------------------------------------
منظمة غامضة ومرتزقة أجانب ورئيس وزراء بريطاني سابق: خطة أمريكية إسرائيلية للسيطرة على مساعدات غزة
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرًا من إعداد نيري زيبلر وميهول سترفاستافا وديفيد شيبرد أشاروا فيه إلى المجموعة التي لا يعرف الكثيرون عنها شيئًا، ومن المقرر أن تسيطر على عمليات توزيع المواد الإنسانية في غزة.
وجاء في التقرير أن أعدادًا من المرتزقة الأجانب وصلوا إلى إسرائيل للعمل على تنفيذ خطة مثيرة للجدل، وتحظى بدعم أمريكي، وقد تجبر الأمم المتحدة على التخلي عن إدارة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وسمحت إسرائيل، هذا الأسبوع، بدخول 60 شاحنة للقطاع، بعد موجة شجب دولي بسبب الحصار المطلق على غزة، منذ 3 أشهر، ودفع السكان هناك إلى حافة المجاعة.
حذر توم فليتشر أن خطة “مؤسسة غزة الإنسانية” تجعل “المساعدات مشروطة بأهداف سياسية وعسكرية”، و”أنها تجعل من التجويع ورقة مساومة”
لكن الإمدادات الأخيرة، بحسب إسرائيل، هي “جسر” لآلية دعمتها ودافعت عنها إدارة الرئيس دونالد ترامب.
ويتوقع أن تكون هذه الآلية جاهزة بنهاية الشهر الحالي، بحيث تصبح الطريق الوحيد لدخول المساعدات إلى القطاع.
وبموجب الخطة، ستوزع “مؤسسة غزة الإنسانية”، وهي مؤسسة سويسرية غير معروفة، المساعدات في مراكز توزيع يحرسها الجيش الإسرائيلي وشركات خاصة. وإذا أرادت الأمم المتحدة وجهات أخرى توزيع المساعدات، فستحتاج إلى استخدام هذه المواقع، التي يتركز معظمها في جنوب غزة، ما يجبر الفلسطينيين على قطع مسافات طويلة للحصول على الغذاء.
ومع ذلك، ومنذ طرحها لأول مرة في بداية مايو/أيار، واجهت مبادرة المساعدات مشاكل متعددة، ويقول أشخاص مطلعون على الخطة، التي تلقت حتى بعض النصائح غير الرسمية من رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، إنها غير قادرة أو جاهزة لإطعام أكثر من مليوني فلسطيني.
وقد أدانت الأمم المتحدة، التي طالما كانت المزود الرئيسي للمساعدات إلى غزة، هذا الترتيب ووصفته بأنه “غطاء” للتهجير، بينما قال أحد “أعضاء مجلس الإدارة” في المؤسسة، الذين وردت أسماؤهم في مسودة وثيقة صندوق الإغاثة العالمي، هذا الشهر، لصحيفة “فايننشال تايمز” بأنهم لم يكونوا أعضاء في المجلس قط.
وقال شخص مطلع على البرنامج: “لقد أصبح الأمر برمّته مدعاة للجدل والسلبية”.
وتقول “مؤسسة غزة الإنسانية” إنها ستوزع 300 مليون وجبة طعام في الأشهر الثلاثة من عملها، وبحسب مسودة الخطة فإنها ستطعم الفلسطينيين بوجبات كلفة الواحدة منها 1.30 دولارًا، بما في ذلك كلفة المرتزقة الأجانب الذين استأجرتهم لحراسة الطعام والمنشآت.
لكن لا توجد معلومات واضحة حول كيفية تمويل المؤسسة، ولم تسهم أي دولة أجنبية مانحة في ماليتها حتى نهاية الأسبوع، ما يطرح شكوكًا حول تمويلها ومن أين يأتي الدعم، حسب ثلاثة أشخاص على معرفة بالأمر. وقال شخص مطلع على عمليات “مؤسسة غزة الإنسانية” إن المانحين التزموا بـ100 مليون دولار على الأقل، لكنه لم يُسمّهم.
ومنذ البداية، حاول المشروع استقطاب شخصيات بارزة في عالم العمل الإنساني. وقال ثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر، إن بلير تحدث مع ديفيد بيزلي، الرئيس السابق لبرنامج الأغذية العالمي، المدرج في وثيقة لمؤسسة التمويل الإنسانية العالمية كعضو محتمل في مجلس الإدارة، من أجل النظر في الخطة. ولعل ارتباط الخطة ببيزلي، حاكم ولاية نورث كارولينا السابق، الذي أدار برنامج الغذاء العالمي عندما فاز بجائزة نوبل، يعزز مصداقية المشروع الناشئ. ولم يرد بيزلي على الاتصالات والرسائل للتعليق.
ورغم أنه لا يشغل أي منصب رسمي في مؤسسة الغذاء العالمي، إلا أن شخصًا مطلعًا على عملياتها أفاد بأن المؤسسة تجري محادثات معه. وتم ذكر اسم نات موك، مدير المطبخ العالمي، والذي أسهمت جمعيته الخيرية بإطعام مئات الآلاف من الفلسطينيين، قبل أن تنفد الإمدادات بسبب الحصار، كواحد من أعضاء مجلس إدارة “مؤسسة غزة الإنسانية”، وكونه “أحد أعضائه المهمين”.
ونقلت الصحيفة عن موك قوله إنه “ليس عضوًا في المجلس”، ولم يقدم مزيدًا من المعلومات. وقال شخص مطلع إن اسم موك “ظهر في مسودة داخلية، وللأسف تم تسريبها للإعلام”.
وأثارت “مؤسسة غزة الإنسانية” الكثير من الشكوك والأسئلة حول بنيتها الغامضة، وتضم فرعًا سويسريًا أسسه مواطن أرمني، في أوائل شباط/فبراير الماضي، ليس له أي صلة وثيقة بالعمل الإنساني، وفرعًا أمريكيًا ثانيًا للمؤسسة لم يُكشف عن اسمه، إلى جانب أنه لم يُكشف إلا عن القليل من معلومات تمويل المؤسسة.
ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية، في الأيام الأخيرة، صورًا لمتعاقدين أمنيين/مرتزقة أجانب يرتدون الزي الكاكي، وهم يهبطون إلى إسرائيل ويتلقون إحاطات، قبل نشرهم لحراسة قوافل المساعدات ومواقع التوزيع.
وتشترك شركتان أمنيتان في العمليات، وهما “سيف سوليوشنز” و”يو جي سوليوشنز”، في الخطة، حيث تم الاستعانة بخدماتهما لإدارة نقاط التفتيش داخل غزة، بداية العام الحالي، وخلال الهدنة القصيرة التي استمرت حتى 18 آذار/مارس.
أما المدير التنفيذي لمؤسسة غزة الإنسانية فهو جي وود، وهو عضو سابق في وحدات المارينز ويدير وكالة لإغاثة الكوارث “فريق روبيكون”، فقد قال إن الخطة، وإن لم تكن كاملة، إلا أنها الوحيدة المتوفرة، وبموافقة إسرائيلية.
قال متحدث باسم مؤسسة غزة الإنسانية: “نحن ملتزمون بإيصال المساعدة الإنسانية بطريقة لا تبدو وأنها عسكرية”، و”ستتم عملية التوزيع عبر فرق مدنية فقط”. وأشار إلى مظاهر قلق الأمم المتحدة، لكنها الوحيدة التي يتم من خلالها إيصال المساعدات لغزة الجائعة وبموافقة من إسرائيل.
ونفى معهد توني بلير أن يكون رئيس الوزراء البريطاني الأسبق قد قام بتقديم استشارات رسمية نيابة عن الخطة. ورفضت الأمم المتحدة ووكالات أخرى، حتى الآن، المشاركة، بحجة أن إنشاء عدد قليل من مراكز التوزيع الجماعي، معظمها متمركز في جنوب غزة، سيجبر الفلسطينيين الجوعى على جلب عائلاتهم إلى المنطقة القريبة من مصر.
وزادت المخاوف من تصريحات بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، التي وصف فيها العملية الأخيرة التي يشنها الإسرائيليون بأنها وسيلة لطرد سكان غزة من القطاع في نهاية المطاف و”تغيير مجرى التاريخ”.
وقد حذر توم فليتشر، منسق المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة، في كلمة أمام مجلس الأمن، الأسبوع الماضي، بأن خطة “مؤسسة غزة الإنسانية” تجعل “المساعدات مشروطة بأهداف سياسية وعسكرية”، و”أنها تجعل من التجويع ورقة مساومة”.
لاحظت الصحيفة أن خطة “مؤسسة غزة الإنسانية” تتوافق بشكل وثيق مع أفكار طرحها الجيش الإسرائيلي
وبسبب الانتقادات، حاولت المؤسسة تكييف عملياتها والاستجابة لقلق المؤسسات الدولية، وفي رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية، في الأسبوع الماضي، طلبت إنشاء مراكز توزيع إغاثة في الشمال. كما تعهدت بعدم مشاركة معلوماتها عن المتلقين للمساعدات مع أي جهة، ولا يُعرف إن كانت إسرائيل ستوافق على هذه المطالب.
وتناقش الولايات المتحدة وإسرائيل أن خطة “مؤسسة غزة الإنسانية” هي الوحيدة للتأكد من عدم سيطرة “حماس” على المساعدات، وهي المزاعم التي استخدمت لفرض الحصار، وعدم نجاح إسرائيل في تفكيك سيطرة الجماعة على القطاع. ولاحظت الصحيفة أن خطة “مؤسسة غزة الإنسانية” تتوافق بشكل وثيق مع أفكار طرحها الجيش الإسرائيلي على مدى العام الماضي، ومنها أفكار طرحت الشهر الماضي، حسب ملاحظات اجتماعات اطلعت عليها الصحيفة.
وتدور هذه الأفكار على إنشاء محاور “مطهرة”، أو معقمة خالية من “حماس”، حيث يتم توزيع المساعدات. ويتناقض هذا مع نموذج المجتمع الدولي، الذي يتضمن مئات من نقاط التوزيع الأصغر في جميع أنحاء القطاع.
وقال فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين (أونروا)، إن وكالته لم تلاحظ أبدًا تحويلاً “كبيرًا” للمساعدات من قبل “حماس”، وألقى باللوم في حوادث النهب على “اليأس” ونقص الغذاء.
وقال مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون وغربيون آخرون لصحيفة “فايننشال تايمز” إن لديهم مخاوف بشأن قواعد الاشتباك التي يتبعها المقاولون في حالة وقوع هجمات من “حماس”، أو في إدارة حشود الجياع من سكان غزة في مواقع التوزيع، والتي من المفترض أن يخدم كل منها 300,000 شخص.
ومع ذلك، تحظى الخطة بدعم كامل من حكومة الولايات المتحدة التي قالت إنه عندما تكون جاهزة للتنفيذ، فستكون المسار الوحيد لدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن “الرئيس ترامب دعا لحل إبداعي يقود إلى السلام، ويحمي إسرائيل، ويترك “حماس” خاوية الوفاض، ويوصل المساعدات التي تنقذ الحياة لأهل غزة”.
-----------------انتهت النشرة-----------------