تقرير: نتنياهو بين نارَيْ التحالف والمصالح الدولية.. تصعيدٌ متعدّد الجبهات في أفق الاحتلال

:في ظل تراجع الدعم الأمريكي الظاهر لـ”إسرائيل” خلال الأشهر الماضية، تسعى حكومة الاحتلال بقيادة بنيامين نتنياهو إلى إعادة صياغة تموضعها الإقليمي والدولي عبر خطوات تصعيدية متعددة الأوجه، تتراوح بين استعراض القوة العسكرية والتصعيد الميداني في الضفة الغربية وقطاع غزة.

استعراض قوة ورسائل سياسية

تشير التقديرات إلى أن الاحتلال سيعمد في المرحلة المقبلة إلى تكثيف ضرباته العسكرية في دول الجوار، متجاوزاً بذلك العديد من المحددات السياسية التي كانت تحكم حركته سابقاً. الهدف الأساسي من هذا النهج هو توجيه رسالة مباشرة إلى الولايات المتحدة والعالم مفادها أن “إسرائيل” لا تزال قادرة على فرض إرادتها منفردة، حتى في ظل ما يُرى أنه تخلٍّ أمريكي أو فتور في الدعم.

كما ستسعى حكومة الاحتلال إلى الترويج لقدراتها العسكرية من خلال استعراض صناعاتها العسكرية، بما في ذلك الدبابات والمضادات الجوية والمعدات المتطورة. هذا العرض ليس مجرد دعاية عسكرية، بل محاولة لردع خصومها ولإقناع الداخل الإسرائيلي بقدرة الحكومة على الصمود رغم التحديات السياسية.

الضفة والقدس: مسرح تصعيد دائم

على الأرض، يُتوقع تصعيد كبير في الضفة الغربية والقدس المحتلة، يتمثل في توسّع الاستيطان وشن عمليات عسكرية يومية ضد الفلسطينيين. هذا التصعيد يحمل في طياته رسائل انتخابية داخلية، ويسعى إلى استرضاء الأحزاب اليمينية المتطرفة، وفي مقدمتها تحالف سموتريتش وبن غفير، الذي يشكل ركيزة بقاء نتنياهو في الحكم.

غزة: المجازر مستمرة حتى في ظل الهدنة

في قطاع غزة، تشير المعطيات إلى أن الاحتلال سيواصل مجازره بحق المدنيين حتى في حال تم التوصل إلى هدنة مؤقتة. كما سيحاول عرقلة دخول المساعدات الإنسانية لإثبات أنه الطرف الوحيد القادر على التحكم في الميدان. هذه السياسة تُعد جزءاً من استراتيجية السيطرة وفرض الشروط، وتؤكد أن الاحتلال لا يزال يرى في غزة مساحة لإبراز قوته وسط انقسام سياسي داخلي وتضاؤل الحاضنة الدولية.

نتنياهو بين نارَيْن: التحالف الداخلي والمصالح مع ترامب

هذا المسار التصعيدي لا يعكس بالضرورة ميول نتنياهو الشخصية، بل هو نتيجة ضغوط متعددة الاتجاهات. فرئيس حكومة الاحتلال يقف بين نارَيْ مصالحه الاستراتيجية مع دونالد ترامب – الذي لا يزال يُمثل له رصيداً سياسياً دولياً مهماً – وبين تحالفه مع القوى اليمينية المتطرفة التي تمنحه الغطاء للبقاء في الحكم وتجنب المحاكمة.

المعضلة التي يواجهها نتنياهو حالياً تتمثل في كيفية التوفيق بين هذين المسارين. وإذا لم يتمكن من إيجاد نقطة التقاء تجمع بين تحالفه الداخلي ودعمه الخارجي، فقد يضطر إلى الانحياز بشكل كامل نحو أحد الطرفين، وهو ما سيحدد ملامح المرحلة السياسية القادمة في دولة الاحتلال.

خلاصة

تبدو “إسرائيل” مقبلة على مرحلة من التصعيد المكثف متعدد الاتجاهات، تغذّيه حاجة القيادة السياسية لإثبات القوة والهيمنة، وسط تراجع الدعم الدولي وتصدع التحالفات الداخلية. وبين الاستعراض العسكري والمجازر اليومية، يبقى نتنياهو عالقاً بين نارَيْ التحالفات الداخلية ومصالحه الدولية، بانتظار لحظة الحسم

disqus comments here