تقرير ألماني يكشف تلاعبًا إسرائيليًا بوثيقة حماس: اتهامات لصحيفة "بيلد" بخدمة أجندة نتنياهو

برلين: زعمت إذاعة "بانوراما" الألمانية، في تقرير استقصائي بثته يوم السبت، أنها حصلت على النسخة الكاملة من وثيقة سرية للغاية لحركة حماس، والتي كانت صحيفة "بيلد" اليمينية الألمانية قد نشرت جزءاً منها في سبتمبر الماضي.
وادعى "بانوراما" أن "بيلد" قامت بـ"تحريف خطير" لمحتوى الوثيقة لخدمة مصالح حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في عرقلة محادثات صفقة تبادل الرهائن.
وفقاً لـ"بانوراما"، قدمت "بيلد" الوثيقة كدليل على عدم اهتمام حماس بالتوصل إلى اتفاق جاد لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن
إلا أن "بانوراما" أوضحت أن الوثيقة الكاملة التي حصلت عليها تظهر أن حركة حماس كانت "مستعدة للتحلي بالمرونة والسعي إلى هدنة لمدة 84 يوماً مع مسار لإنهاء الحرب".
نتنياهو متهم بـ"تجنيد بيلد" لتأجيج الرأي العام:
ذكر تقرير "بانوراما" أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "جند بيلد لخدمة أهدافه" المتمثلة في إحباط محادثات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.
وزعم التقرير أن الهدف من تسريب الوثيقة السرية كان إيصال ثلاث رسائل رئيسية إلى الجمهور العالمي: "حماس لا تنوي إنهاء الحرب، والمفاوضات مع الإرهابيين لا طائل منها، وعائلات الرهائن والمتظاهرون الذين يطالبون بصفقة فورية يخدمون مصالح حماس".
لكن "بانوراما" أكدت أن تقرير "بيلد" الأصلي استبعد عبارات رئيسية أظهرت بوضوح أن حماس كانت تسعى إلى التوصل إلى صفقة وقت نشر التقرير، ووصف الحركة بأنها غير مبالية بسرعة انتهاء الحرب.
وكانت "بيلد" قد أفادت حينها بأن حماس أعطت الأولوية للحفاظ على قدراتها العسكرية، "واستنزاف" الأجهزة العسكرية والسياسية الإسرائيلية، وزيادة الضغط الدولي على الدولة اليهودية.
تفاصيل التسريب والتحقيقات الجارية:
أفادت "بيلد" في تقريرها الأصلي أن الوثيقة عُثر عليها في جهاز كمبيوتر في غزة يعود إلى زعيم حماس يحيى السنوار.
لكن تبين لاحقاً أن الوثيقة كتبها مسؤولون من المستويات الدنيا في الحركة، وبالتالي لا تعكس بالضرورة موقف القيادة.
الجانب الأكثر إثارة في هذه القضية هو أن الوثيقة يُزعم أنها استُخرجت بشكل غير قانوني من قاعدة بيانات للاستخبارات العسكرية للجيش الإسرائيلي من قبل جندي احتياطي – ضابط صف – قام بتسليمها إلى إيلي فيلدشتاين، أحد مساعدي نتنياهو.
وبحسب التقارير، حرص فيلدشتاين على نقلها إلى صحيفة "بيلد" رغم علمه بأنها تم الحصول عليها بشكل غير قانوني وأن الرقابة العسكرية منعت نشر هذه المعلومات.
وقد تم توجيه الاتهام إلى فيلدشتاين وضابط الصف، الذي كُشف لاحقاً عن هويته وهو آري روزنفيلد (جندي احتياطي في شعبة الاستخبارات العسكرية)، بتهمة تسريب معلومات سرية بهدف المس بأمن الدولة.
وتدور القضية حول مزاعم النيابة العامة بأن فيلدشتاين بذل جهوداً للتأثير على الرأي العام بشأن مفاوضات إطلاق الرهائن في اتجاه موات أكثر لنتنياهو، بعد أيام من مقتل ستة رهائن على يد الحركة في أغسطس الماضي.
في المحكمة، جادل محامو فيلدشتاين بأن موكلهم كان يتصرف بناءً على تعليمات نتنياهو، وأن رئيس الوزراء كان على علم تام بأن فيلدشتاين كان ينوي تسريب وثيقة سرية للغاية إلى الصحافة الأجنبية.
في المقابل، نفى نتنياهو أي تورط أو معرفة بتسريب الوثيقة، ولا يزال غير مشتبه به في القضية.
تداعيات القضية على مفاوضات الرهائن والعلاقات الإقليمية:
منذ تسريب تلك الوثيقة إلى الصحافة الألمانية في الخريف الماضي، دخلت إسرائيل وحماس في هدنة قصيرة في يناير، تم خلالها إطلاق سراح أكثر من 30 رهينة مقابل آلاف السجناء الأمنيين الفلسطينيين.
إلا أن وقف إطلاق النار استمر أقل من شهرين، حيث استأنفت إسرائيل عملياتها القتالية في منتصف مارس وأوقفت جميع عمليات إيصال المساعدات إلى القطاع.
منذ ذلك الحين، صعد الجيش الإسرائيلي من هجومه، الذي تقول الحكومة إنه يهدف إلى إضعاف القدرات العسكرية والحكمية لحركة حماس ودفعها إلى الموافقة على صفقة مواتية لإطلاق سراح الرهائن المتبقين.
وتفيد التقارير بأن الجماعات المسلحة في قطاع غزة ما زالت تحتجز 58 رهينة، من بينهم 57 من أصل 251 اختطفوا في 7 أكتوبر 2023. ومن ضمنهم جثث 35 شخصاً أكد الجيش الإسرائيلي مقتلهم.
كما أعرب مسؤولون إسرائيليون عن قلقهم البالغ بشأن سلامة ثلاثة آخرين.
تجدر الإشارة إلى أن فيلدشتاين، إلى جانب يوناتان أوريخ، أحد كبار مساعدي نتنياهو، مشتبه به أيضاً في قضية "قطر-غيت" المنفصلة، حيث يخضع الاثنان حالياً للإقامة الجبرية للاشتباه في تلقيهما أموالاً من الحكومة القطرية لتصوير الدولة الخليجية بشكل إيجابي في إسرائيل.
وقد اتسعت هذه القضية منذ ذلك الحين، ويحقق جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) والشرطة الآن في علاقات تجارية بين اثنين من مسؤولي الأمن السابقين في الموساد وقطر.