قطع الغيار تشعل المواصلات في غزة… أسعار بلا سقف تُرهق السائقين وتستنزف جيوب المواطنين
تشهد أسعار قطع غيار المركبات في قطاع غزة ارتفاعًا غير مسبوق، استمر حتى بعد وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر الماضي، ما فاقم العبء الاقتصادي على السائقين وأصحاب المركبات، وانعكس مباشرة على ارتفاع أجور المواصلات التي يعتمد عليها المواطنون في تنقلاتهم اليومية.
ورغم تسجيل انخفاض نسبي في أسعار الوقود مقارنة بذروة الحرب، بقيت أجور النقل مرتفعة، وسط حالة تذمر متبادلة بين السائقين والركاب. فالسائقون يبررون ذلك بالغلاء “الجنوني” لقطع الغيار وكثرة الأعطال، بينما يشكو الركاب من استنزاف دخولهم المحدودة في ظل شلل اقتصادي شبه كامل وتدهور الأوضاع المعيشية.
وتأتي هذه الأزمة في وقت تعاني فيه غزة انهيارًا واسعًا في البنية التحتية وتجريفًا للطرقات، ما أدى إلى تسارع أعطال المركبات وزيادة الحاجة للصيانة، في سوق يشهد نقصًا حادًا في قطع الغيار وغيابًا للرقابة. ووفق تقارير أممية، فإن أكثر من 90% من البنية التحتية المدنية في القطاع دُمرت، إلى جانب تضرر نحو 300 ألف وحدة سكنية.
أرقام صادمة
يؤكد سائق الأجرة رمضان أبو طير أن أسعار قطع الغيار تضاعفت مرات عديدة مقارنة بما قبل الحرب؛ إذ قفز سعر محرك السيارة من نحو 6 آلاف شيكل إلى 28 ألفًا، فيما ارتفع سعر إطار السيارة من 300 إلى نحو 2700 شيكل، وزجاج السيارة الأمامي من 300 إلى 4500 شيكل. كما ارتفعت كلفة إصلاح الفرامل من 100 إلى 800 شيكل، دون احتساب ثمن القطعة نفسها لندرتها.
وامتد الغلاء إلى المستهلكات اليومية، إذ قفز سعر لتر زيت المحرك خلال الحرب إلى 500 شيكل، قبل أن ينخفض حاليًا إلى نحو 70 شيكل، لكنه لا يزال أعلى بكثير من مستواه السابق. وبات السائقون مضطرين لتخصيص احتياطي يومي للصيانة لا يقل عن 150 شيكل، مقارنة بـ10 شواكل فقط قبل الحرب.
أجور مرتفعة ودخل منهك
من جانبه، يشكو المواطن رامي سعادة من استمرار ارتفاع أجور المواصلات، حيث ارتفع أقل مشوار من شيكل واحد قبل الحرب إلى 5 شواكل حاليًا، ما يشكل عبئًا كبيرًا على العائلات في ظل البطالة وقلة الدخل. ويؤكد أن تدمير الطرق وكثرة الحفر تسبب أعطالًا متكررة للمركبات، ما يضاعف الطلب على قطع الغيار النادرة.
سوق مشوّه واستغلال
بدوره، أوضح رئيس جمعية قطع غيار السيارات والمعدات الثقيلة رشدي الخور أن ما يدخل غزة حاليًا كميات محدودة عبر “تجار حرب”، وغالبها قطع غير أصلية ولا تخضع للرقابة، ولا تغطي سوى 5% من حاجة السوق. وكشف عن رسوم “تنسيقات” تفرضها سلطات الاحتلال على الشاحنات، قد تصل إلى 3 ملايين شيكل للشاحنة الواحدة، ما ينعكس مباشرة على الأسعار النهائية.
وشدد الخور على ضرورة فتح باب الاستيراد المنظم وإدخال قطع الغيار كما كان قبل الحرب، ووقف حالة الفوضى والاستغلال، محذرًا من أن استمرار الأزمة سيبقي أسعار المواصلات مرتفعة ويستنزف ما تبقى من قدرة المواطنين على الصمود في قطاع غزة.