مفاوضات "ثلاثة في واحد": إسرائيل تفاوض نفسها على مستقبل غزة ..!

في مشهد يبدو عبثيًا لكنه دقيق سياسيًا، تُجرى في الدوحة مفاوضات تهدئة بين وفد إسرائيلي وآخر من حركة حماس، بوساطة أطراف تُحسب على "الحياد"، لكنها عمليًا لا تخرج عن دائرة النفوذ الأمريكي الإسرائيلي.
ويبدو أن إسرائيل، عبر هذه العملية، تفاوض نفسها بوساطة إسرائيلية لتحقيق ما عجزت عنه الحرب حتى الآن: إخضاع غزة سياسيًا بعد إنهاكها إنسانيًا.
فالمشهد الميداني لا يعكس حربًا تقليدية بين جيشين، بل مجازر إبادة تُرتكب بحق شعب أعزل، تُستخدم فيها أدوات التجويع والتهجير جنبًا إلى جنب مع القصف، في محاولة ممنهجة لتحطيم كل ما تبقّى من بنية وطنية ومقاومة مستقلة في القطاع.
وفي المقابل، تُستثمر قضية المخطوفين الإسرائيليين كأداة ضغط داخلي وخارجي، تُستخدم لتبرير العدوان واستمراره، وتُوظف في المفاوضات لإضفاء طابع "إنساني" يُخفي الأجندة الحقيقية: فرض تسوية على غزة تُقصي المقاومة وتُمهّد لإعادة صياغة قطاع غزة تحت مظلة لا وطنية وتفاهمات إقليمية متواطئة.
ما يجري ليس مفاوضات بين خصمين، بل تمرين في الإخراج السياسي، يوظّف معاناة غزة وأشلاء أطفالها في خدمة مشروع استعماري لم يكتمل بعد....
فحين تكون الأطراف الثلاثة متوافقة في الأهداف، تغدو المفاوضات مجرّد طقس شكلي لتثبيت نتائج العدوان تحت مسمّى "الحل".

disqus comments here