كتب يحيى بركات : حين يخرج السؤال إلى العلن: من الشرعية الرمزية إلى الحامل السياسي
يطرح الكاتب سؤالًا جوهريًا حول السياسة الفلسطينية اليوم رغم امتلاك الفلسطينيين شرعية أخلاقية ورمزية غير مسبوقة، فإن غياب الحامل السياسي القادر على تحويل هذه الشرعية إلى فعل سياسي تحرري يبقي القضية الفلسطينية في مأزق.
الشرعية حاضرة في غزة، في الشارع العالمي، وفي تصدّع السردية الإسرائيلية، لكن الفعل السياسي المنظم لا يزال ناقصًا. هذا السؤال لم يظهر فجأة، بل جاء نتيجة تشخيص طويل لمسار السياسة الفلسطينية التي تحوّلت تدريجيًا من فعل تحرري إلى إدارة واقع تحت الاحتلال، وتسويق هذا التحوّل باسم “العقلانية” و”فن الممكن”.
المساءلة السياسية اليوم لم تعد مجرد سؤال عن المقاومة، بل عن كيفية ممارسة هذه المساءلة دون تحويل السياسة نفسها إلى أداة ضبط أو امتثال، و النقاش الحقيقي يركز على أي سياسة نريدها وأي مساءلة تحافظ على التحرر بدل أن تُفرغه من معناه.
في المقابل، تظهر الممارسات الدولية – من التفاوض الأمريكي مع حركات كانت تُصنّف خارج الشرعية – أن الشرعية الدولية ليست أخلاقية، بل وظيفية وتعتمد على القدرة على الفعل والتمثيل.
السؤال المركزي اليوم: من يحمل هذه اللحظة ويحوّلها إلى مسار؟ فلسطين لا تعاني من نقص في الشرعية أو العدالة، بل من غياب الحامل السياسي القادر على الربط بين الداخل والشتات، بين المقاومة والسياسة، بين الأخلاق والواقعية.
دور النخب الفكرية والسياسية: ليس تقديم وصفات جاهزة، بل كسر الصمت وإخراج السؤال إلى العلن. حين يصبح السؤال علنيًا، تتحول السياسة إلى فعل جماعي، وتبقى القضية حيّة، بعيدًا عن الصمت وإدارة الانهيار بصمت.