إعادة إعمار غزة بين الأبعاد الإنسانية والاستثمارية… القطاع بوابة لمشاريع إقليمية ودولية

تشير التطورات الأخيرة في قطاع غزة إلى بُعد اقتصادي متسارع يرافق المأساة الإنسانية، حيث أصبح الدمار الهائل الذي خلّفته الحرب محور نقاش عالمي حول مستقبل إعادة إعمار القطاع ومن سيسيطر على مساراته.

ويرى خبراء الاقتصاد السياسي أن حجم الخراب غير المسبوق يفتح الباب أمام سباق بين القوى الإقليمية والدولية، يحوّل غزة من منطقة منكوبة إلى مشروع استثماري يدر أرباحاً على الشركات الكبرى، ويبعد تركيز إعادة الإعمار عن احتياجات سكانها الأصليين.

وأشار خبير الشؤون الدولية الإيطالي ماوريتسيو برينيولي إلى أن الحرب الإسرائيلية على غزة لم تقتصر على تدمير البشر والبنى التحتية، بل فتحت المجال أمام عملية اقتصادية كبرى، تضم شركات إسرائيلية وغربية وخليجية، تستهدف تحويل الدمار إلى فرصة استثمارية. ووفق تقديرات الأمم المتحدة، تصل تكلفة إعادة الإعمار الأولية إلى نحو 20 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، ضمن خطة أوسع تصل إلى 70 مليار دولار.

وأضاف برينيولي أن المخطط الأميركي ـ الإسرائيلي يركز على إعادة إعمار نحو 53% من مساحة غزة تحت سيطرة الاحتلال، مع توجيه الأموال للمستثمرين الدوليين، بينما يُترك النصف الآخر من القطاع دون إعادة بناء، ليصبح الفلسطينيون في معظمهم مجرد قوة عمالية منخفضة الأجر في المشروع الاقتصادي الجديد.

من جانبه، رأى المحلل الجيوسياسي الإيطالي إيمانويلي روسّي أن إنهاء الحرب قد يفتح المجال لتحولات جيو-اقتصادية واسعة، بما في ذلك مشاريع مثل ممر الهند–الشرق الأوسط–أوروبا (IMEC)، شرط تحقيق استقرار وأمن إقليمي قادر على حماية الاستثمارات الكبرى في القطاع.

ويبقى الملف الإنساني حاضراً، لكن إعادة الإعمار في غزة تتجه وفق هذه التقديرات نحو منطق الربح وإعادة رسم البنية الاقتصادية، بعيداً عن إعادة بناء المجتمع الفلسطيني المدمر.

disqus comments here