غزة بين فُتات "الإنسانية" وسيناريو الإبادة الصامتة

في ظل ركام من الجثت في كل بيت وحارة وشارع في غزة ودماء أطفال أصبحت شلاللت في الطرقات وتحت الردم ، تطل علينا أصوات من خارج السياق، تدّعي أن ما يُقدّم للغزيين من "مساعدات إنسانية" كافٍ – أو على الأقل، يُظهر الوجه الرحيم لمن يرسلها، آخر هذه الأصوات جاء من أمريكا وإسرائيل، اللتين تحدثتا عن إنشاء مؤسسة أمريكية تُغيث غزة، وكأنها الملاك الناجي وسط رماد الخراب.

 
 
 

لكن الحقيقة مختلفة تماماَ، فما يُمنح لسكان القطاع ليس سوى سعرات حرارية محسوبة، لا تكفي عائلة لأكثر من يومين كأقصى حد وليست كإسبوع بوزن 70 كيلو كاملة تكفي كما يرددون عصابات الإجرام والإبادة، بينما يتم تسويق هذه المساعدات كإنجاز إنساني عظيم، هذا التصور يُعيد للأذهان ما حدث في "الغيتو" النازي، حيث يُحشر الناس في مساحة مغلقة، ويُمنحون الحد الأدنى للبقاء فقط  لا للحياة.

تجاهل الأونروا: إقصاء لقضية شعب
تدير وكالة الأونروا 400 مركز توزيع غذائي في غزة، تخدم قرابة مليوني لاجئ فلسطيني ،يتم تجاهلها ليختزل في مركز واحد في اقصى الجنوب وليس موزعا فروعا.

المساعدات بلا بنية: أين الوقود؟ أين المشافي؟
منذ أكتوبر 2023، تعرضت 697 منشأة صحية في غزة لهجمات، مما أدى إلى تدمير 94% من المستشفيات  .

 
 
 

أين السجل المدني؟ من تستهدفون بالضبط؟
تستخدم مؤسسة GHF تقنيات التعرف على الوجه في مراكز التوزيع، مما يثير مخاوف من استخدامها لأغراض أمنية  .

شماعة "حماس" لتبرير تجويع مليونَي إنسان
تُستخدم مزاعم سرقة حماس للمساعدات كذريعة لتجويع السكان، رغم أن 83% من المساعدات الغذائية لا تصل إلى غزة بسبب الحصار  .

أمريكا بين وجهين: قاتل ومُسعف كاذب
تدعم الولايات المتحدة مؤسسة GHF، بينما تُتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة  .
لا كفن... لا قبر... لا ماء

يعاني سكان غزة من نقص حاد في المياه، حيث يحصل الأطفال على 1.5 إلى 2 لتر يوميًا، أقل من الحد الأدنى للبقاء  .

 
 
 

وجهان لأمريكا
من جهة، تُمطر إسرائيل غزة بأسلحة أميركية محرمة دوليًا،ومن جهة أخرى، تُرسل واشنطن طرودًا غذائية لم تُفحص، وربما تكون فاسدة، تحت اسم "الإغاثة"، وقد تكون خاوة خليجية عربية هذه ليست مساعدة إنسانية، بل غسل للجرائم بالسعرات الحرارية.

الشيزوفرينيا الفلسطينية: حين تتعاون الضحية مع الجلاد

المؤسف أن المؤسسات الغربية الدولية المستقلة والأممية قاطعت هذا الإرهاب وهذه المؤسسة العسكرية تحت إدعاء إغاثة انسانية ، ومن يسمون أنفسهم "شيوخ رحمة"، باركوا التعاون مع GHF، وحتى مقاولين من غزة انخرطوا  مقابل المال، في لحظة انفصام وطني وأخلاقي مروّع.

خاتمة:
الحديث عن الإنسانية في غزة دون ذكر العدوان والقتل والدمار هو تزييف للواقع, من يتجاهل أن القصف طال المدارس والمستشفيات، وأن الأطفال يُمنعون من السفر للعلاج والحليب للإرضاع، وأن العائلات تُدفن تحت الأنقاض، لا يحق له أن يتحدث باسم الضمير.
هذه ليست "إغاثة" بل بروباغندا، ليست "مساعدة" بل إهانة.
وغزة تستحق أكثر من طرود غذائية: تستحق حرية، وكرامة، وحقًا في الحياة وفك حصار وعلاج وسكن ومياه صالحة للشرب وتعليم .
ملاحظة : في هذه الأيام المباركة العشر الأوائل من ذي الحجة يتهافت الناس على الدعاء والحج توبة وينسوا أنهم محاسبون جريمة صمتا خذلانا على ذبح غزة وتجويعها.
لا تقبل الله منكم ولا شفع لكم رسولنا الكريم على صمتكم وخذلانكم.

disqus comments here