باحثون إسرائيليون يحذرون: خطة تجميع سكان غزة في "مدينة إنسانية" برفح غير قانونية

تل أبيب:  وجّه باحثون إسرائيليون متخصصون في القانون الدولي وقانون الحرب نداءً عاجلاً يحذرون فيه من أن خطة تجميع سكان غزة في "مدينة إنسانية" مزمع بناؤها على أنقاض رفح، كما قدمها وزير الجيش يسرائيل كاتس في 7 يوليو 2025، هي مخالفة قانونية صريحة وواضحة.

تحذير من "أمر غير قانوني واضح" ومخاطر جرائم دولية

أكد الباحثون أن أي أمر بالتخطيط أو تنفيذ هذه الخطة "يرقى إلى مستوى أمر غير قانوني واضح"، مشيرين إلى أنه "انتهاك واضح وجلي للقانون، وعدم قانونية مؤكدة وضرورية تظهر على وجه الأمر نفسه، وطبيعة إجرامية واضحة للأمر أو للأفعال التي يأمر الأمر بالقيام بها، وعدم قانونية تؤلم العين وتجرح القلب، إذا لم تكن العين عمياء والقلب غير معتم أو فاسد".

وحذروا من أن تنفيذ هذه الخطة، إذا ما تم، من شأنه أن يشكل سلسلة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وفي ظل ظروف معينة، قد تندرج ضمن نطاق جريمة الإبادة الجماعية.

تضارب مع تعهد رئيس الأركان وخطورة تصريحات كاتس

وأشار الباحثون إلى بيان صدر في 6 يونيو 2025 باسم رئيس الأركان يفيد بأن الجيش الإسرائيلي لا ينوي إجبار سكان غزة على التنقل داخل القطاع أو خارجه. ودعوا إلى ضمان تطبيق هذا التعهد على أرض الواقع.

ولكن في 7 يوليو 2025، أفادت وسائل إعلام عبرية أن وزير الجيش يسرائيل كاتس صرّح بأنه أمر الجيش "بإعداد خطة لإنشاء 'مدينة إنسانية' على أنقاض رفح".

ووفقاً لكاتس، تهدف الخطة في البداية إلى تجميع حوالي 600 ألف فلسطيني هناك، معظمهم من منطقة المواصي، ثم جميع سكان قطاع غزة، مع التأكيد على أنه "سيتم قبول الفلسطينيين هناك بعد التفتيش، ولن يُسمح لهم بالمغادرة". وربط كاتس الخطة بـ"تشجيع الهجرة" من قطاع غزة.

أربعة شروط أساسية يجعل الخطة غير قانونية:

أوضح الباحثون أن هذه الخطة تتعارض مع القانون الدولي للأسباب التالية:

الغرض غير المناسب: الإخلاء لا يهدف لأمن السكان أو حاجة عسكرية ملحة في منطقة قتال محددة، بل يهدف إلى إخلاء سكان القطاع بأكمله إلى رفح.

وربط الإخلاء بـ "تشجيع الهجرة" لسكان معينين يعتبر غير قانوني ولا يمكن أن يكون غرضاً مشروعاً.

عدم ضمان سلامة السكان وظروف معيشية لائقة: البنية التحتية في جنوب غزة، وخاصة رفح، سيئة للغاية، ومن المشكوك فيه الحفاظ على الحد الأدنى من الظروف الإنسانية والصحية لـ 600 ألف شخص، ناهيك عن جميع سكان القطاع.

وحذروا من أن تركيز هذا العدد الهائل من السكان في هذه الظروف سيؤدي إلى عواقب وخيمة، مستشهدين بالإصابات العديدة في محيط مجمعات توزيع المساعدات.

الطابع غير المؤقت للإخلاء: تصريحات الوزير تشير إلى عدم نية السماح للسكان بمغادرة المجمع في رفح.

إضافة إلى ذلك، فإن التدمير الممنهج للمناطق السكنية والبنية التحتية في جميع أنحاء القطاع يتعارض مع نية السماح للسكان بالعودة إلى ديارهم.

كما أن ربط الخطة بـ "تشجيع الهجرة" يجعلها عملياً "إنشاء معسكر اعتقال جماعي هدفه الرئيسي التطهير العرقي والطرد من المنطقة".

عدم التناسب: حتى لو كان هناك هدف مشروع - وهو أمر ينفيه الباحثون - فإن الإخلاء بهذا الشكل يُعتبر غير متناسب للغاية بسبب ضرره البالغ على المدنيين، لا سيما بعد معاناتهم المتكررة والضائقة الإنسانية الشديدة.

مخاطر قانونية دولية على المسؤولين والجنود

وأكد الباحثون أن إسرائيل ستكون مسؤولة عما يحدث في حال تنفيذ الخطة، بغض النظر عمن يدير المنطقة، نظراً لسيطرتها الفعلية.

وحذروا من أن خطة "تشجيع الهجرة" غير قانونية أيضاً، حيث إن خلق "بيئة قسرية" لإجبار السكان على المغادرة بسبب تدمير منازلهم والبنية التحتية يُبطل أي صلاحية لاتفاق المغادرة.

واختتم الباحثون بالتحذير من أن تنفيذ خطة "المدينة الإنسانية" قد يؤدي إلى:

جرائم حرب: النقل والإبعاد القسريين.

جرائم ضد الإنسانية: النقل القسري والترحيل، الحرمان الشديد من الحرية (لحظر مغادرة المخيم)، والاضطهاد.

جريمة الإبادة الجماعية: بسبب تهيئة ظروف معيشية تؤدي إلى إبادة جزء من السكان نتيجة الاكتظاظ الشديد والوضع الإنساني المتردي.

وأشاروا إلى أن تصريحات العديد من أعضاء الكنيست والوزراء منذ بداية الحرب يمكن تفسيرها على أنها تعبر عن هذه النية، وأن الخطة تتناقض مع الأوامر المؤقتة لمحكمة العدل الدولية بشأن الظروف المعيشية في غزة ورفح.

ودعا الباحثون جميع الأطراف المعنية إلى الانسحاب علناً من هذه الخطة والتخلي عنها، مؤكدين أن أي أمر بإعدادها أو تنفيذها يُعتبر "غير قانوني تماماً ويجب عدم الامتثال له".

وحذروا من أن تنفيذ الخطة قد يُعرض كبار الشخصيات في النظام السياسي، بالإضافة إلى ضباط وجنود الجيش، لمخاطر قانونية جسيمة في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وفي دول أخرى، حيث لا يتمتعون بالحصانة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

disqus comments here