عن معركة رمادة الخالدة أتحدث..

يحيي التونسيون يوم 25 ماي/أيار من كل سنة ذكرى معركة رمادة التي امتدت طيلة يومي 24 و25 ماي/أيار من سنة 1958، والتي تعدّ إحدى أهم محطات نضال التونسيين في مقاومة المستعمر واستكمال سيادة تونس وإجلاء ما بقي من جنود الاحتلال الفرنسي الغاشم.

*الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة: معركة رمادة لا تقل أهمية عن معركة بنزرت، خاضها المقاومون التونسيون ضمن ملحمة الجلاء في تونس، وخلّصت هذه المعركة التراب العسكري من براثن الاحتلال الفرنسي.

-جسّدت معركة رمادة روح التضحية والاستبسال التي أظهرها المقاومون التونسيون في وجه مستعمر غاشم، وآلة احتلال متجبرة وتكبّد جانب الاحتلال الفرنسي آنذاك خسائر كبيرة كما خلفت عددًا من الشهداء التونسيين.

لطالما ارتبط الحديث عن الجلاء العسكري الفرنسي عن تونس بمعركة بنزرت،بما سجلته من بطولات باهرة للتونسيين في تحديهم للغطرسة الاستعمارية الفرنسية وآلاتها الحربية.

لكن التضحيات العزيزة التي سطرتها شوارع بنزرت،حجبت على مدار عقود طويلة ملاحم وطنية أخرى على درب الجلاء الكامل، وإنهاء وجود القوات الفرنسية التي سمحت لها بروتوكولات الاستقلال سنة 1956 بالتمركز بعدد من الثكنات العسكرية والمواقع الاستراتيجية بالجنوب التونسي،والمناطق الحدودية مع الجزائر.

ويجمع المؤرخون على أن “معركة رمادة” التي تحيي تونس ذكرى أحداثها في الخامس والعشرين من ماي/أيار هي النموذج الأقرب والأصدق تعبيرا عن الظلم التاريخي والنسيان الذي غلف هذه الملاحم الكبرى،باستثناء بعض الجهود الأكاديمية التي عملت على توثيق أحداثها وحقائقها.

باتت هذه المعركة التي لم يهتم تاريخ الحركة الوطنية بتدوين تفاصيلها بشكل دقيق وإيلائها المكانة التي يستحقها شهداؤها وأبطالها،مرتبطة في الذهنية العامة للتونسيين بشخصية البطل المقاوم والشهيد مصباح الجربوع الذي يعتبر من أبرز قيادات حركة المقاومة المسلحة في تونس منذ سنة 1952.

ولعل من مظاهر الضيم الذي أحاط بملحمة رمادة،هو جهل السواد الأعظم من التونسيين بأحداثها وخلفياتها التاريخية ومكانتها في مسار النضالات الوطنية في سبيل الجلاء،وتكاد تقتصر المعلومات البسيطة المعروفة على المواجهة في حصار الحصن العسكري برمادة الذي كان يأوي ما يزيد عن 600 جندي من قوات الاحتلال،وهو ما يتطلب تسليط الضوء على خلفياتها وتسلسلها الزمني.

وفاء للتاريخ البطولي..وتخليدا لأرواح الشهداء..

يحيي أهالي ولاية تطاوين اليوم الأحد 25 ماي 2025الذكرى السابعة والستين لمعركة رمادة إحدى أهم محطات نضال أبناء تونس في مقاومة المستعمر واستكمال السيادة الوطنية وإجلاء ما بقي من الاحتلال الفرنسي.

وللتذكير فان المعركة قد  امتدت طيلة يومين 24 و25 ماي 1958 في مدينة رمادة وتحديدا بين وادي دكوك شمالا ونكريف جنوبا وقد استعمل فيها جيش الاحتلال سلاح الجو وقد اسفرت عن استشهاد ما بين 38 و58 شهيدا من ابناء تونس يتقدمهم البطل مصباح الجربوع ورفاقه وكذلك مقتل جنود فرنسيين.

وقد مهدت المعركة إلى إمضاء اتفاق 17 جوان 1958 والذي بفضله وقع إجلاء كل القوات الفرنسية المرابطة بعدة جهات من الوطن باستثناء القاعدة 

باتت هذه المعركة التي لم يهتم تاريخ الحركة الوطنية بتدوين تفاصيلها بشكل دقيق وإيلائها المكانة التي يستحقها شهداؤها وأبطالها،مرتبطة في الذهنية العامة للتونسيين بشخصية البطل المقاوم والشهيد مصباح الجربوع الذي يعتبر من أبرز قيادات حركة المقاومة المسلحة في تونس منذ سنة 1952.

الوجود العسكري الفرنسي والسيادة الوطنية

سنة 1956 كان تعداد القوات الفرنسية الموجودة على التراب الوطني يقدر بـ 56 ألف جندي،والتي تمركزت بموجب اتفاقيات الاستقلال بعدة ثكنات ونقاط جغرافية وحيوية،وهي بوفيشة وبنزرت وصفاقس وقفصة ورمادة وقصر غيلان وبرج البوف وذهيبة ورمادة.

تحول الوجود العسكري الفرنسي إلى مصدر إحراج وضغوط سياسية داخلية وخارجية على الحكومة التونسية والرئيس الحبيب بورقيبة،خاصة بعد تكرار الاحتكاكات والمناوشات مع عناصر الحرس الوطني التونسي،والتي سرعان ما تحولت إلى اعتداءات على السيادة الوطنية.

زاد تفجر ثورة التحرير الجزائرية من خطورة التجاوزات التي ترتكبها قوات الاحتلال الفرنسية المتمركزة في تونس في محاولاتها للتصدي لعمليات التسلل عبر الحدود، وتهريب السلاح والدعم التي كان يؤمنه التونسيون للثوار الجزائريين،حتى بلغت ذروتها في العدوان الغاشم على ساقية سيدي يوسف بولاية الكاف سنة 1958.

على سبيل الخاتمة :

لقد ارتوت هذه الأرض الطيبة بدماء شهداء حرب التحرير ومعارك الجلاء من رمادة إلى بنزرت وإذ نترحم عليهم اليوم وعلى ارواحهم الزكية فأقل ما يمكن فعله وفاءا لنضالاتهم ومن باب العرفان لهم بالجميل أن نعيد قراءة التاريخ والتحقيق فيه وكتابته بموضوعية وتجريده من كل ذاتية وتوظيف واعطاء كل ذي حق حقه ولتعرف الاجيال القادمة حقيقة النضالات من أجل الجلاء وكيف أريقت دماء الشهداء.

والثابت هو أن هذه المعركة جسدت روح التضحية والاستبسال التي أظهرها المقاومون التونسيون في وجه مستعمر غاشم، وآلة احتلال متجبرة

disqus comments here