التحديات الاقتصادية والاجتماعية بعد الحرب… غزة بين رماد الدمار وبذور الأمل

ما إن خفتت أصوات القصف، حتى وجدت غزة نفسها أمام معركة البقاء، معركة لا تقل قسوة عن الحرب نفسها، لكنها مختلفة في طبيعتها: إنها معركة إعادة الحياة وسط الركام.
الاقتصاد المنهك
توقفت عجلة الاقتصاد في غزة شبه كليًا خلال الحرب. المصانع الصغيرة دُمّرت، الأسواق أغلقت، والمخازن أُحرقت. مئات آلاف الأسر فقدت مصادر دخلها، ومعظم العمال باتوا بلا عمل.
القطاع التجاري يعيش شللاً حقيقياً، فيما يعاني القطاع الزراعي من خسائر فادحة بعد تدمير الأراضي وشبكات الري. أما الصيادون، فحُرموا من رزقهم نتيجة القيود المفروضة على سواحل القطاع.
رغم هذه الصورة القاتمة، إلا أن إرادة الصمود التي تميز الغزيين بدأت تظهر من جديد؛ فالشباب يعيدون فتح متاجرهم الصغيرة بأبسط الإمكانات، والورش تعود للعمل تدريجيًا رغم غياب المواد الأولية.
النسيج الاجتماعي الممزق
الحرب لم تترك ندوبًا في الحجر فقط، بل في النفوس أيضًا. آلاف العائلات فقدت أحباءها، وانهارت مساكنها، وتشرد الأطفال والنساء في المخيمات.
ورغم التضامن الاجتماعي الذي اشتهر به المجتمع الغزي، إلا أن الضغوط الاقتصادية والنفسية تهدد بتآكل هذا النسيج المتماسك، إذا لم يتم دعم الأسر المنكوبة بشكل منظم وسريع.
الأبعاد النفسية والإنسانية
الصدمة النفسية لدى الأطفال والشباب باتت من أخطر التحديات، إذ يعيش جيل كامل تحت وطأة الخوف والدمار.
يتحدث المختصون عن ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق، وهو ما يتطلب برامج دعم نفسي عاجلة، إلى جانب إعادة بناء المدارس والمراكز المجتمعية التي كانت تشكل متنفسًا للأهالي.
من الأزمة إلى النهوض
رغم قسوة الظروف، هناك فرصة حقيقية لتحويل هذه المرحلة إلى نقطة انطلاق جديدة، شرط أن تُدار عملية الإعمار والتنمية بشفافية وعدالة، وأن تُمنح الكفاءات المحلية دورها في التخطيط والبناء.
غزة لا تحتاج فقط إلى مساعدات عاجلة، بل إلى خطة اقتصادية مستدامة تخلق فرص عمل وتعيد الثقة للناس بأن الغد ممكن.
ختامًا، غزة اليوم ليست مجرد منطقة منكوبة، بل رمزٌ للإصرار على الحياة. ومن رماد الدمار، تُزرع دائمًا بذور الأمل… لتقول للعالم من جديد: نحن باقون هنا.