الأذان في مرمى الاحتلال.. حملة ممنهجة ضد حرية العبادة جنوب قلقيلية
يعيش أهالي قرى جنوب محافظة قلقيلية حالة من التوتر بعدما بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي ومجموعات استيطانية متطرّفة يستهدفون صوت الأذان في المساجد بذريعة “إزعاج المستوطنين”، وهو ما يؤكد السكان أنه مساس بحرية العبادة ونزع للهوية الدينية من الحياة اليومية.
ففي بلدة راس طيرة جنوب قلقيلية، فوجئ الأهالي منتصف ديسمبر/ كانون الأول الجاري بتوزيع منشورات عسكرية تطالبهم بـ “خفض صوت الأذان” في المسجدين الرئيسيين، وحذرت المنشورات من اعتقال أئمة المساجد في حال عدم الالتزام.
وتظهر تسجيلات فيديو ناشطين مستوطنين يطالبون بمنع الأذان، مستشهدين بهويتهم في مناطق الضفة الغربية، معتبرين صوت الأذان “ضوضاء” تؤثر على المستوطنين، ويشيرون إلى أن القانون الإسرائيلي يتيح لهم فرض السيطرة على هذه المناطق.
القرى المجاورة.. سياق أوسع من الاستهداف
لا يقتصر الاستهداف على راس طيرة وحدها، بل يشمل عدة مناطق في جنوب وشرق المحافظة، حيث سبق أن صادرت قوات الاحتلال جهاز الأذان من مسجد في راس عطية، وطُلب من أئمة مساجد في بلدة حبلة خفض صوت الأذان.
وطالت الدعوات أيضًا إلى خفض الأذان في عزبة سلمان، النبي الياس وعسلة القريبة من مدينة قلقيلية.
ويقول محافظ قلقيلية اللواء حسام أبو حمدة إنّ “الخطوة الإسرائيلية في راس طيرة ليست الأولى وليست فريدة، بل تأتي ضمن حملة تهدف إلى خفض صوت الأذان في المناطق المحاذية للمستوطنات، تحت تهديد الاعتقال للمسؤولين عن المساجد”.
وأضاف أبو حمدة لـ “وكالة سند للأنباء” أن التهديدات وزعت كتابة على الأهالي في المناطق المستهدفة، وتركز على القرى الواقعة ضمن ما يُعرف بالمناطق الحدودية.
من جانبه عقّب رئيس المجلس المحلي لراس عطية وراس طيرة، عز الديم مراعبة بالقول: “الذرائع الإسرائيلية واهية دائمًا.. يزعمون أن صوت الأذان يزعج المستوطنة، رغم ارتفاع بلدتنا على تلة تطل على المستوطنة”.
يربط بين الخطوة الإسرائيلية التي تستهدف مسجد راس طيرة والقرى المجاورة، وقرار الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير بحجب الأذان في الداخل الفلسطيني، بما يؤكد أنها حرب إسرائيلية على حرية العبادة.
من جانبه، أفاد الشيخ عوض السلمان من بلدة عزبة سلمان، التي تضم مسجدين ويقطنها نحو 2000 مواطن وتشتهر بالزراعة المحلية، بأن بلدته تعرضت هي الأخرى لمطالبات من المستوطنين المتطرفين بخفض صوت الأذان.
وأضاف السلمان: “تم تخفيض صوت إحدى سماعات مئذنة المسجد باتجاه مستوطنتي أورانيت ونيريت، وصرت شخصيًا بالكاد أسمع صوت الأذان من المنطقة المستهدفة”.
البُعد الديني والسياسي للتحريض
ويرى الباحث في شؤون الاستيطان، محمد أبو الشيخ، أن استهداف الأذان يشكل حربًا دينية في محاولة واضحة لضرب رموز الهوية الإسلامية للسكان الفلسطينيين، بينما يتمسّك المستوطنون برموزهم الدينية.
وأشار إلى أن هذا السلوك يتسق مع استهداف مساجد أخرى في الضفة الغربية، بما يعكس تحوّل الصراع من قومي إلى ديني واضح.
وتُظهر الأحداث الحالية في جنوب قلقيلية استمرارًا لممارسات بدأت منذ سنوات ضد حرية العبادة في الداخل الفلسطيني.
ويُعد 26 سبتمبر/ أيلول 2006 نقطة البداية لهذه السياسات، حين صادرت الشرطة مكبرات صوت من أحد المنازل التي كان يُرفع فيها أذان المغرب، بحجة عدم سماع الأذان من المساجد القديمة، وهو مؤشر مبكر على محاولات التضييق على ممارسة الشعائر الدينية.