أخطبوط الاستيطان يخنق قريوت: تجريف مئات الدونمات واقتلاع آلاف أشجار الزيتون جنوب نابلس
تعيش بلدة قريوت، جنوب مدينة نابلس، واحدة من أخطر مراحل الاستهداف الاستيطاني، في ظل مخطط إسرائيلي واسع يهدف إلى ابتلاع أراضيها وفصل شمال الضفة الغربية عن وسطها وجنوبها، عبر ربط كتل استيطانية كبرى ببعضها.
وخلال الأيام الماضية، واصلت جرافات الاحتلال أعمال تجريف واسعة في أراضي البلدة، اقتلعت خلالها مئات أشجار الزيتون المعمّرة، بعضها يزيد عمره عن 500 عام، تمهيدًا لإقامة جدار استيطاني يمتد بين مستوطنتي “عيليه” و“شيلو”، ويهدد بمصادرة آلاف الدونمات من أراضي قريوت والبلدات المجاورة.
وبحسب معطيات ميدانية، جرفت قوات الاحتلال منذ بدء الأعمال نحو 700 دونم، واقتلعت ما يزيد على 1500 شجرة زيتون، إلى جانب تدمير سلاسل حجرية وآبار مياه وبنية تحتية وشبكات كهرباء ومياه، في مناطق مصنفة (ب)، دون إخطار مسبق لأصحاب الأراضي أو إتاحة المجال للاعتراض القانوني.
وأوضح ناشطون من البلدة أن الاحتلال تجاوز حتى المخططات المعلنة، وامتد التجريف لمساحات أكبر من المحددة، ووصل إلى محيط المنازل، وسط تهديدات مباشرة للأهالي بهدم منازلهم في حال الاعتراض أو الاقتراب من مناطق التجريف.
ومع سيطرة المستوطنين على المنطقة الجنوبية من قريوت، الغنية بالينابيع، باتت الجهة الغربية المتنفس الأخير للأهالي، إلا أن الاستيلاء عليها يعني عمليًا إخضاع نحو 90% من أراضي البلدة لسيطرة الاحتلال والمستوطنين، ولم يتبقَ سوى مساحات ضيقة باتجاه بلدة تلفيت.
ويؤكد أهالي قريوت أن ما يجري ليس إجراءً أمنيًا مؤقتًا، بل حلقة في مخطط استيطاني طويل الأمد يهدف إلى فرض وقائع ديمغرافية وجغرافية جديدة، وخنق التجمعات الفلسطينية وعزلها، في ظل غياب أي ضغط دولي حقيقي يوقف هذا التوسع المتسارع.
وتحذر مؤسسات مختصة بمقاومة الاستيطان من أن ما تتعرض له قريوت يعكس سياسة عامة تشهدها الضفة الغربية، حيث صعّد الاحتلال منذ مطلع عام 2025 من أوامر وضع اليد لأغراض عسكرية وأمنية، ما أدى إلى مصادرة آلاف الدونمات، ضمن نهج يصفه مختصون بـ”السرطان الاستيطاني” الذي يلتهم الأرض والإنسان معًا.