تقرير يكشف عملية تجسس استخباراتية مرتبطة بقطر استهدفت الموظفة التي اتهمت كريم خان بالاعتداء الجنسي
لندن: ذكر تقرير أن مكتبًا حكوميا قطريا رفيع المستوى دفع لشركة استخبارات خاصة للحصول على معلومات من شأنها دحض إدعاء امرأة اتهمت المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بالاعتداء الجنسي.
وأفادت صحيفة “الغارديان” أن شركة “هايغيت” (Highgate) ومقرها لندن كُلفت أيضا بربط المرأة بإسرائيل، رغم أنه لم يتم العثور على أي معلومات من هذا النوع. وكان خان قد أصدر مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الجيش السابق يوآف غالانت العام الماضي.
وقالت صحيفة الغارديان إن هايغيت وشركة أصغر حجمًا تدعى “إيليسيوس إنتليجنس” (Elicius Intelligence) حصلتا على معلومات خاصة مهمة عن الضحية المزعومة لخان وعائلتها.
وتنحى خان في مايو الماضي عن منصبه مؤقتًا في انتظار التحقيق في مزاعم سوء السلوك الجنسي، وهو ينفيها جملة وتفصيلا. وتجري الأمم المتحدة تحقيقاً في هذا الشأن، وقد اتُهم خان منذ ذلك الحين بالانتقام من الموظفين الذين دعموا من اتهمته، بما في ذلك خفض رتب عدة أشخاص اعتبرهم منتقدين له.
بدأت العملية التي استهدفت مقدمة الشكوى ضد خان في وقت سابق من هذا العام، بمشاركة مسؤولين تنفيذيين من هايغيت، الذين حرصوا على الإشارة إلى عميلهم فقط بـ”الدولة العميلة“ أو ”الدولة Q“، حسبما ذكرت الغارديان.
تضمنت المعلومات التي تم الحصول عليها تفاصيل جواز سفر المرأة، وكلمات المرور التي استخدمتها لحساباتها الإلكترونية، وعنوان بريد إلكتروني خاص تم الحصول عليه على ما يبدو من خلال “الويب المظلم”.
كما سعت هايغيت للحصول على معلومات عن الرحلات التي قامت بها بالإضافة إلى شهادة ميلاد طفلها الصغير.
كما التقى موظفو هايغيت بممثلي خان، حسبما أفاد أشخاص مطلعون على الأمر للغارديان.
وفي بيان للغارديان، أكدت هايغيت أنها قادت عملية مرتبطة بالمحكمة الجنائية الدولية، لكنها أصرّت على أنها لم “تتصرف ضد أي فرد” ونفت أن تكون قد كُلفت من قبل “حكومة قطر”.
ووصف بيان هايغيت ادعاء الغارديان بأن الشركة سعت للحصول على معلومات عن طفل المرأة بأنه “غير دقيق”.
وقال البيان: “قادت هايغيت تقييمًا مستقلاً للأنشطة السرية أو غير الملائمة المحتملة التي ربما سعت لتقويض مصداقية المحكمة الجنائية الدولية واستقلالها وكفاءتها. وقد شمل التقييم عدة حوادث ضمت عدة أشخاص على مدى فترة طويلة”.
ولم تنكر هايغيت لقاءها بممثلي خان، لكنها وصفت هذه المعلومات بأنها “خاصة، وحساسة تجاريًا وسرية”.
لم ينكر محامو خان أيضًا حدوث مثل هذا الاجتماع، لكنهم قالوا إن ممثليه “ليس لديهم علم، ناهيك عن تورط، بالأنشطة المزعومة” التابعة لهايغيت.
ورفضت شركة “إيليسيوس إنتليجنس” التعليق. ولم ترد حكومة قطر على طلب للتعليق.
في أغسطس، أفادت صحيفة الغارديان بأن امرأة ثانية تقدمت أيضًا لتوجيه اتهامات ضد خان بسوء السلوك الجنسي.
في أبريل، أفادت تقارير أن محققي الأمم المتحدة الذين يحققون في مزاعم سوء السلوك الجنسي كانوا يحققون أيضًا في اتهامات بأن خان انتقم من موظفين أبلغوا عن مثل هذه المزاعم أو انتقدوا طريقة تعامله مع الأمر.
حاول شركاء خان تصوير المزاعم الأولية على أنها حملة تشويه مؤيدة لإسرائيل.
وقال مصدر في المحكمة الجنائية الدولية – واحد من خمسة رفضوا نظرية المؤامرة الإسرائيلية – للصحيفة: “قد تكون المصالح المؤيدة لإسرائيل قد استغلت القصة لكنها لم تخلقها”.
في 24 نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت للاشتباه في ارتكابهما جرائم حرب خلال حملة إسرائيل ضد حركة حماس في غزة، عقب هجوم 7 أكتوبر 2023.
تنفي اسرائيل هذه المزاعم، مؤكدة أن حربها، التي تهدف إلى إعادة الرهائن وهزيمة حماس ومنع أي تهديد مستقبلي من غزة، تُخاض وفقا للقانون الدولي.
كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق ثلاثة من قادة حماس، وقد قُتل جميعهم منذ ذلك الحين على يد إسرائيل.
حملة ممنهجة ضد قطر
أدان مكتب الإعلام الدولي في قطر، يوم الجمعة، الإدعاءات الباطلة بقضية تخص المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، مؤكداً في بيان أنها "ليست سوى جزء من حملة منسقة يشنها بعض المغرضين بهدف ترويج المعلومات المضللة والتنصل من تبعات أفعالهم المشينة عبر صرف الأنظار نحو الآخرين".
واعتبر البيان أن تلك الادعاءات تأتي "في إطار مساع منسقة بتداول معلومات مُفبركة بين عدد من وسائل الإعلام، والتي امتنعت معظمها عن نشرها بعد التأكد من خلوها من أي أساس واقعي وافتقارها للمصداقية"، وأضاف: "من المقلق للغاية أن تُستغل بعض المؤسسات الإعلامية المرموقة من قبل جهات تسعى إلى نشر التضليل وتشويه الحقيقة حماية لمصالحها الخاصة".
وقال البيان إن المزاعم "تأتي في إطار حملة ممنهجة مستمرة ضد دولة قطر بسبب دورها في الوساطة وجهودها في إنقاذ الأرواح وتأمين إطلاق سراح الرهائن (الأسرى الإسرائيليين في غزة)، فضلاً عن دعمها للمؤسسات الدولية وتمسكها بأحكام القانون الدولي".
وشدد البيان على مواصلة قطر "التصدي لمثل هذه الحملات بكل حزم ومسؤولية"، مؤكداً "التزامها بالدفاع عن اسمها وسمعتها عبر جميع الوسائل المتاحة، مع الاستمرار في جهودها الرامية إلى تحقيق السلام وتعزيز الاستقرار في المنطقة".
واعتبر مكتب الإعلام الدولي في قطر أن "نشر المعلومات المضللة أمر مألوف في إطار هذه المساعي".