تقرير: دعم إسرائيل في أمريكا يتآكل بشكل غير مسبوق

تل أبيب: حذر تقرير صادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، هذا الأسبوع، من تراجع التأييد لإسرائيل بشكل كبير في صفوف ناخبي الحزب الديمقراطي، وفي أوساط في الحزب الجمهوري، ومن أن مكانة إسرائيل في الولايات المتحدة تواجه أزمة غير مسبوقة، وهذا يبرز بالأساس في أوساط الشبان في كلا الحزبين.
ويتبين من الاستطلاعات أن الرأي العام الأميركي تجاه إسرائيل يتأثر سلبا وبشكل مباشر من حرب الإبادة على غزة ومن الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، كما تراجع التأييد لإسرائيل وتزايدت الانتقادات لها في صفوف الجالية اليهودية وخاصة في التيارات الليبرالية داخلها.
وحذر التقرير من أن "هذه التوجهات من شأنها المس بحرية العمل السياسي والعسكري الإسرائيلي، ووضع تهديد حقيقي على أمنها، إذ أنه فيما يتزايد تعلق إسرائيل بالرئيس دونالد ترامب، الذي يعتبر غير متوقع، وبالحزب الجمهوري، الذي تتعاظم في صفوفه الانتقادات لخطوات إسرائيل وحجم الدعم لها".
وأشار التقرير إلى أنه يتوقع على إثر الانتقادات العميقة لإسرائيل في صفوف القاعدة الانتخابية للحزب الديمقراطي أن "تضع مصاعب كبيرة جدا أمام أي قيادة مستقبلية للحزب لإعادة حجم الالتزام تجاه إسرائيل مثلما كان في الماضي".
ورغم أنه لا تزال هناك فئات أميركية مؤيدة لإسرائيل، خاصة في صفوف الجالية اليهودية وكبار السن والمسيحيين الإنجيليين، "لكن هؤلاء وحدهم لا يمكنهم ضمان تأييد واسع ومستقر. وإستراتيجية إعلامية ليست مدعومة بتغيير واضح في السياسة، لن تغير هذه التوجهات وتحسّن مكانة إسرائيل، التي يتعين عليها دفع خطوات واضحة لإنهاء الحرب، وتحسين الوضع الإنساني في القطاع وبلورة إستراتيجية طويلة المدى من أجل ضمان استقرار علاقاتها مع الولايات المتحدة"، وفقا للتقرير.
ودلت استطلاعات أميركية على هذه التوجهات. ففي استطلاع نشره "معهد غالوب"، في تموز/يوليو، تبين أن 32% من مجمل الأميركيين أيدوا العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وعارضها 60%.
وفي حينه، ركزت وسائل الإعلام الأميركية على خطورة الوضع الإنساني في قطاع غزة والمجاعة، وكذلك على إرهاب المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، والتي تسببت أيضا بمقتل فلسطيني يحمل الجنسية الأميركية.
وأيد إسرائيل في هذا الاستطلاع 8% من الناخبين الديمقراطيين، و71% من الناخبين الجمهوريين، و25% من ناخبي المرشحين المستقلين. كما برز تأييد 9% لإسرائيل بين الشبان في سن 18 – 34 عاما.
وفي استطلاع مركز الأبحاث "بيو"، عبر 53% من الأميركيين عن رأي سلبي تجاه إسرائيل. وفي استطلاع لجامعة مريلاند، الشهر الماضي، وصف 41% حرب إسرائيل على غزة بأنها "إبادة جماعية".
وقال 60% في استطلاع جامعة Quinnipiac إنهم يعارضون المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، ورأى 77% من الديمقراطيين و20% من الجمهوريين أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة.
ولفت التقرير إلى أن هذه المعطيات تعكس "تغييرا تاريخيا دراماتيكيا" بعد أن كان التأييد لإسرائيل في كلا الحزبين متساويا طوال الـ25 عاما الماضية. "وهذا لا يعكس تغيرا أيديولوجيا في كل حزب فقط، وإنما يعكس تسييسا متزايدا للقضية الإسرائيلية – الفلسطينية، التي تحول في إطارها الموقف تجاه إسرائيل من قضية إجماع قومي إلى مؤشر على الانتماء الحزبي".
وتدل الاستطلاعات أيضا، حسب التقرير، على أنه بعد تغيير الإدارات الأمريكية لا تزال الحرب على غزة تؤثر على الرأي العام الأميركي:
في صفوف الديمقراطيين، الحرب عززت الأصوات المعارضة للسياسة الإسرائيلية، وبضمن ذلك دعوات لاشتراط المساعدات العسكرية باستيفاء شروط في المستوى الإنساني.
وفي صفوف الإنجيليين الشبان، عمقت المشاهد في غزة الفجوة مقابل الرسائل التقليدية لقيادتهم الدينية.
وفي صفوف اليمين وخاصة بين مؤيدي "اجعل أميركا عظيمة ثانية"، تزايدت حدة النقاش حول مكاسب الولايات المتحدة من المساعدات غير المشروطة لإسرائيل.
والتراجع في تأييد إسرائيل لم يكن بسبب الحرب على غزة فقط، وإنما بسبب خطة حكومة نتنياهو لإضعاف جهاز القضاء أيضا، "على إثر الشعور بفجوات آخذة بالاتساع في القيم المشتركة، وخاصة المس بالديمقراطية والقلق على حقوق الإنسان والتقديرات أن الحكومة الإسرائيلية (حكومة نتنياهو) تخلت عن مبدأ الحفاظ على إجماع الحزبين وأنها تتجه بالأساس إلى علاقة مع الجمهوريين"، حسب التقرير.
وأضاف التقرير أنه أسهم في ذلك اتهام نتنياهو بأن قرار الاستمرار في الحرب على غزة من أجل الحفاظ على ائتلافه الحكومي؛ ومعارضة خطة إسرائيل طرد السكان الغزيين وضم القطاع؛ خرق إسرائيل القانون الدولي بعد ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من خلال منع دخول مساعدات إنسانية إلى القطاع واستهداف السكان المدنيين؛ وتساهل إسرائيل تجاه الإرهابيين اليهود الذين يهاجمون الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وتابع التقرير أنه في الحزب الجمهوري أيضا تتزايد المؤشرات على انتقادات لأداء إسرائيل وتزايد التساؤلات حول المنطق في استمرار المساعدات لها. وأشار التقرير إلى أن مؤثرين في الرأي العام الأميركي يحذرون من تأثير زائد للوبي الإسرائيلي، المتمثل بلجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (AIPAC)، ومن جرّ الولايات المتحدة إلى حروب لمصلحة إسرائيل. ورغم أن معظم الحزب الجمهوري يواصل دعم إسرائيل، لكن قسما من أعضائه في الكونغرس انضم إلى الانتقادات ضد إسرائيل، وخاصة مارجوري تايلور غرين، التي اتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة.