تفاصيل الجواب اللبناني على المقترح الأميركي بشأن نزع سلاح المقاومة عشية عودة برّاك

أنجز المسؤولون اللبنانيون الجواب الرسمي بخطوطه العريضة على الورقة الأميركية مع إبقاء الاجتماعات مفتوحة طيلة اليوم الأحد للتدقيق ووضع اللمسات الأخيرة على بعض المصطلحات، وذلك عشية وصول المبعوث توماس برّاك إلى بيروت، بالتوازي مع مواقف عالية النبرة خرجت في الساعات الماضية من جانب حزب الله، فضلاً عن ظهور مسلّح يوم السبت لعدد من الأشخاص ضمن مسيرة عاشورائية وهم يرددون هتافات رافضة تسليم السلاح في منطقة زقاق البلاط في العاصمة.

ويُعدّ لبنان أمام أيام مفصلية في ظلّ ارتفاع حدّة الرسائل الخارجية المنبّهة من دقة المرحلة، وضرورة الاستفادة من الفرص، والتوصل إلى اتفاق وحل سياسي دبلوماسي، وإلا فإنّ المشهد سيكون مفتوحاً أمام احتمالات عدّة، ضمنها تصعيد العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية.

وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ”العربي الجديد” إن “الجواب اللبناني أنجز ويؤكد التزام الدولة بحصرية السلاح وامتلاك قرار الحرب والسلم، وستعمل على ذلك انطلاقاً من الدستور واتفاق الطائف والبيان الوزاري، بمقابل المطالبة بضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من النقاط الخمس”. وأشارت إلى أن “الموفد الأميركي توماس برّاك سيلتقي المسؤولين اللبنانيين غداً الاثنين وسننتظر الجواب الأميركي وردّة الفعل الأميركية والإسرائيلية”.

وأضافت المصادر “الجواب اللبناني أخذ بعين الاعتبار مواقف حزب الله بتطبيق الاتفاق الموجود أساساً المرتبط بوقف إطلاق النار، وضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من لبنان، والسلاح شأن داخلي، مع تأكيد التزام لبنان باتفاق وقف النار والقرار 1701، والتشديد على ضرورة الحصول على ضمانات لوقف الخروقات وإطلاق مسار إعادة الإعمار”.

وبحسب معلومات “العربي الجديد” فإنّ “لبنان لم يحسم موضوع كيفية تسليم السلاح، وآليته وموعده، ولا اتفاق بعد حول هذه المسألة، وهناك رسالة ستصل إلى الأميركيين بأن الرؤساء الثلاث مصمّمون على إنجاز الملف من دون مماطلة، لكن على مراحل، مع تعزيز مهام الجيش وعمليات انتشاره، خصوصاً بعد انسحاب الاحتلال من النقاط الخمس، لكن هناك وضعية خاصة بلبنان، ويجب مقاربة المسألة داخلياً بالحوار وليس بالضغط، وحزب الله يتمسّك بموقفه لناحية أن البحث بموضوع السلاح يكون داخلياً وليس عبر ضغوط أميركية تكون أشبه بالاستسلام بالنسبة إليه، وبالتالي، من خلال استراتيجية وطنية”.

ووفقاً للمعلومات فإن “هناك نقاشاً لا يزال دائراً في صفوف حزب الله حول ملف السلاح، وتباين في الآراء حول مسألة التسليم، فهناك أطراف رافضة الموضوع، وتعتبر أن وجوده ضروري في هذه المرحلة، فلا ثقة في أن الاعتداءات الإسرائيلية ستتوقف، كما أن هناك خشية من مخططات مستقبلية مرتبطة بتقسيم المنطقة، وأهمها المرتبط بالبقاع، إلى جانب اعتبار أن هناك أهدافاً أميركية إسرائيلية لإنهاء المقاومة بشكل كامل عسكرياً وسياسياً، وهو ما لن يقبل به حزب الله”.

وعشية وصوله إلى لبنان، كتب برّاك عبر حسابه على منصّة “أكس” أمس السبت: “يستيقظ أمل لبنان! الفرصة سانحة الآن. إنها لحظة تاريخية لتجاوز الطائفية المتوترة في الماضي وتحقيق وعد لبنان الحقيقي بأمل، بلد واحد، شعب واحد، جيش واحد، وكما دأب رئيس الولايات المتحدة (دونالد ترامب)، على مشاركة العالم: لبنان مكان عظيم، بشعب عظيم، فلنجعل لبنان عظيماً من جديد”.

وقال الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، اليوم الأحد، إننا “في لبنان نُواجه العدو الإسرائيلي للدفاع عن بلدنا ‏ومقاومتنا، ‏وهذا الدفاع سيستمر، ولو اجتمعت الدنيا بأسرها من أولها إلى آخرها، لأننا نُؤمن بأن ‏التحرير واجب، ولو ‏طال الزمن، وكثرت التضحيات‎”.

وأضاف “نحن أمام مرحلتين متتاليتين: المرحلة الأولى الاتفاق، والمرحلة الثانية تطبيق القرار 1701. موقفنا أننا مع ‏الانتهاء من المرحلة الأولى. أولاً، يجب على إسرائيل أن تُطبق الاتفاق: أن تنسحب من الأراضي المحتلة، أن ‏تُوقف عدوانها، أن تُوقف طيرانها، أن تُعيد الأسرى، أن يبدأ الإعمار. عندما تتحقق مفردات الاتفاق ‏والمرحلة الأولى، نحن حاضرون للمرحلة الثانية، حاضرون لِنناقش الأمن الوطني والاستراتيجية الدفاعية، ‏حاضرون لِنرى كيف يكون بلدنا قوياً في الاقتصاد والعسكر والأمن والسياسة وبناء الدولة. نحن حاضرون ‏لكل شيء، ولدينا من المرونة ما يكفي من أجل أن نتراضى، ومن أجل أن نتوافق”.

وتابع “لكن، اتركونا وحدنا. نحن نتفق ونُعطي النتيجة، لا تعنينا معادلة أميركا وإسرائيل التي تُهدد بالقتل أو ‏الاستسلام. حالياً، اليوم توجد معادلة يقولون لنا: إما أن نقتلكم، وإما أن تستسلموا. هذه المعادلة سخيفة بالنسبة ‏لنا، قطعناها منذ زمن، وخلصنا منها منذ زمن. نحن لدينا معادلة ثانية، هي التي نسير بها: حقوقنا أو باطلهم. ‏نحن متمسكون بِحقوقنا، وإذا استلزم من أجل تحقيق حقوقنا أن نُستشهد أو أن نَنتصر، فنحن حاضرون ‏لإحدى الحُسنيين، لكن لا يوجد محلّ للاستسلام. لا تُناقشوا إمكاناتنا، ولا تُناقشوا قدرتنا، ولا تُناقشوا ‏عواطفنا ومشاعرنا. عليكم أن تنظروا إلى أمر واحد: نحن رجال الميدان، بين السِلّة والذِلّة، هيهات منا الذلّة”.

وأعلن قاسم باسم حزب الله “أننا مستعدّون للخيارين: مستعدّون للسلم وبناء البلد، وبذل أقصى الطاقة والتعاون ‏بما التزمنا به، ومن أجل النهضة والاستقرار. ونحن جزء لا يتجزأ من سلام لبنان، وبناء لبنان، وعزّة لبنان، ‏كما أننا مستعدّون للمواجهة والدفاع. نحن قومٌ لا نُهزم ولا نخضع، نحن قومٌ لن نتخلّى عن بلدنا وأرضنا، لن ‏نتخلّى عن كرامتنا، لن نتخلّى عن حقوقنا، سندافع بلغ ما بلغت هذه التضحيات”.

وخرجت في الأيام الماضية مواقف عالية النبرة من جانب مسؤولين ونواب في حزب الله رفضاً للضغوط الأميركية والتصعيد الإسرائيلي، أبرزها قول النائب علي المقداد إن “سلاح المقاومة لن يكون يوماً محلّ نقاش أو مقايضة، لأنه سلاح وُجد لحماية لبنان والدفاع عن سيادته”.

من جانبه، قال رئيس الوزراء نواف سلام في موقف له، اليوم الأحد، إن “استعادة الدولة تبدأ بتطبيق ما تبقى من اتفاق الطائف، لا سيما اللامركزية الموسّعة وحصر السلاح بيد الدولة”.

disqus comments here