قرار مجلس الأمن رقم 2803… هل يفتح بابًا للحل أم يكرّس وصاية دولية جديدة؟
أقرّ مجلس الأمن القرار 2803 (2025) وسط ترحيب دولي وعربي، وتفاوُت واضح في المواقف الفلسطينية.
القرار، رغم أهميته، يضع غزة أمام مرحلة انتقالية حساسة تتداخل فيها الوعود الدولية مع مخاوف التحوّل إلى إدارة مؤقتة طويلة تُعيد إنتاج الوصاية بأشكال جديدة.
من حيث المبدأ، يوفر القرار إطارًا لوقف الانهيار الإنساني، وإعادة تنظيم الحياة المدنية، ومنع الفوضى بعد سنوات الحرب والحصار.
تشكيل قوة الاستقرار الدولية يحمل رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي لم يَعُد يقبل استمرار الفوضى الأمنية أو ترك القطاع ساحة مفتوحة للاعتداءات أو لتصفية الحسابات الداخلية.
أمّا مجلس السلام، فالمفترض أن يكون بوابة لإعادة الإعمار بهيكلية أكثر شفافية، وبمشاركة فلسطينية قادرة على إدارة الخدمات بعيدًا عن التجاذبات.
لكن جوهر المسألة لا يكمن في نوايا القرار، بل في كيفية تطبيقه، وفي موازين القوى التي ستتولى الإشراف على هذه المرحلة.
فالتفويض الواسع الممنوح للقوة الدولية باستخدام “جميع التدابير الضرورية” يضعها عمليًا في مستوى قريب من قرارات الفصل السابع، حتى وإن لم يُذكر ذلك صراحة. وهذه هي النقطة التي تثير القلق المشروع: أي مدى ستتسع صلاحيات هذه القوة؟ وأين تبدأ وتنتهي حدود دورها مقارنة بالدور الفلسطيني؟
هناك أيضًا خشية حقيقية من أن يتحول مجلس السلام إلى جهة فوقية تقرر الشؤون المدنية والاقتصادية بعيدًا عن الإرادة الوطنية.
وإذا لم تتضح آليات المشاركة الفلسطينية فيه، فقد نجد أنفسنا أمام نموذج آخر من “الإدارة الانتقالية” التي تبدأ كحل ظرفي وتتحول إلى واقع دائم.
الفرصة موجودة، لكنها ليست مضمونة...
فالقرار يمكن أن يكون نقطة تحوّل إيجابية إذا استُثمر في إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية، وتوحيد النظام السياسي، والتحضير لانتخابات عامة تُعيد الشرعية إلى أصحابها.
ويمكن أن يكون خطوة أولى نحو مسار سياسي يعيد الاعتبار لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
لكن في المقابل، قد يتحول إلى مسار آخر إذا تم التلاعب بتفاصيله: وصاية دولية مستترة، ضبط أمني مشدد، وإدارة خارجية تطول أكثر مما ينبغي، في ظل غياب رؤية وطنية موحدة قادرة على الإمساك بزمام الإدارة والقرار.
أن قرار 2803 يحمل إمكانات وفرصًا بقدر ما يحمل مخاطر وتحديات. وهو يُطالب الفلسطينيين قبل غيرهم بقراءة دقيقة للمرحلة، وبناء موقف وطني موحد، يضمن ألا تتحول الإدارة المؤقتة إلى إدارة بديلة، وأن تبقى غزة جزءًا من مشروع وطني لا مشروعًا دوليًا طارئًا.
القرار ليس نهاية الطريق، بل بدايته. والسؤال الذي سيُجيب عنه الزمن هو: هل ستكون هذه البداية خطوة نحو الدولة الفلسطينية المستقلة؟
أم نحو مرحلة جديدة من التعقيد تحت مظلّة دولية واسعة؟