نساء المخيمات الفلسطينية: صمود في وجه الأزمة الاقتصادية والأجتماعية

لست رقما في سجل اللاجئين، ولا حالة طارئة في تقرير إنساني.

 
أنا
 
امرأة فلسطينية ولدت في مخيم، وكبرت بين الجدران المتعبة، ونشأت على أن المقاومة ليست بندقية فقط، بل صبر يومي، وركض خلف الرغيف، ودمعة لا تسقط كي لا ينهار البيت.
في ظل الانهيارات السياسية والاقتصادية التي تعصف ببلاد الشتات، وجدت نفسي في قلب المعركة؛ لست على الجبهات، بل في المطبخ، في المدرسة، في السوق، في تفاصيل الحياة التي لا يراها أحد.
بين الجوع والكرامة
يسألونني: هل تعملين؟
أجيبهم: أعمل كلّ شيء أحمل المخيم على ظهري
فالخبز بات حلما، والحليب ترفًا، والدواء إن وُجد، لا يشترى.
وحدي أواجه هذا الواقع: أُطعم أولادي، أضمّد جراحهم، وأخترع الأمل من رماد الأيام.
تشير الإحصائيات إلى أن نحو 88% من النساء الفلسطينيات في لبنان خارج سوق العمل، لكنّ الحقيقة أعمق من رقم: نحن نعمل، لكننا لا نحسب
نبيع ما ننسج بأيدينا، نطبخ، نُدرّس، نُربّي، نداوي ولا نسجل في أي قائمة من قوائم الإنتاج أو الاستحقاق
ما معنى أن تكوني امرأة في هذا المخيم؟
أن تكوني امرأة هنا، يعني أن تكوني الحاضنة للجميع، ولا أحد يحتويكِ.
أن تشعلي مدفأة من ذكريات الوطن، وتربي طفلك على رواية العودة، ولو كانت عالقة في حنجرة التاريخ.
أن تخفي خوفك من الطائرات، وتبتسمي كي لا يرتعب قلب صغيركِ.
أن تقنعي نفسك أن وجبة اليوم تكفي، وأن الغد قد يحمل خبزا أكثر.
بين السياسة المنهارة والواقع القاسي
السياسة لم تلتفت إلينا، لكنها سحقتنا بقراراتها.
حينما أوقف الدعم، نحن من جاع.
حينما ارتفع الدولار، نحن من وقفنا في طوابير الخبز.
حينما سقط الشهداء، نحن من غسلنا دماءهم، ولففنا أكفانهم.
تقول الأرقام إنّ البطالة في صفوف النساء اللاجئات وصلت إلى معدلات مرعبة، والفقر تجاوز الخطّ الأحمر.
ولكننا رغم ذلك، نُقاوم بصمت: نحمل عائلاتنا على أكتافنا، ونرسم بأصابعنا خطّ النجاة
في كل مخيم، هناك امرأة تصنع الحياة:
امرأة تدرب النساء على صناعة الصابون.
أخرى تعطي دروسا لأطفال حرموا من المدارس.
وأرملة تزرع على سطح بيتها، تطبخ، وتبيع، وتطعم جيرانها قبل أن تطعم أبناءها.
هذه النماذج لا تعرض على الشاشات، ولا تمنح الأوسمة، لكنها تحفظ وجه فلسطين حيًا في الزحام.
لست مجرد لاجئة
أنا امرأة فلسطينية من المخيم، لا أصرخ، لكنني أقاوم.
أحلم بوطن، وسقف لا يسقط، وقانون يعترف بي، وفرصة لا تقايضني على كرامتي.
أريد أن أعامل كامرأة حرة، لا كـحالة إنسانية
وأتمنى أن يسمعني هذا العالم، لا فقط حين أبكي، بل حين أزرع، وأبني، وأحب
نحن نملك القبضات القوية إذا تعانقت الأكف،
ونملك الصمود، لا الصبر فقط،
ونعرف كيف نصنع الحياة من المعاناة والحرمان.
نحن لسنا هامشا في القضية
نحن الجذور التي لم تقتلع
disqus comments here