كارثة صحية في غزة: وفيات السرطان ترتفع ثلاثة أضعاف مع انعدام العلاج وإغلاق منافذ السفر

أكد المدير الطبي لمركز غزة للسرطان، الدكتور محمد أبو ندى، أن قطاع غزة يشهد ارتفاعًا غير مسبوق في وفيات مرضى السرطان، مع تسجيل ما يقارب ثلاث حالات وفاة يوميًا، أي نحو ألف حالة سنويًا، وهو معدل يزيد بثلاثة أضعاف عمّا كان يُسجَّل قبل الحرب.

ويبلغ عدد مرضى السرطان في القطاع نحو 11 ألف مريض، من بينهم 3500 يحملون تحويلات للعلاج خارج غزة لكنهم يُمنعون من السفر، فيما تمكن نحو 3 آلاف مريض فقط من المغادرة قبل إغلاق معبر رفح.

وأوضح أبو ندى، في تصريح صحفي اليوم الخميس، أن الارتفاع الكبير في أعداد الوفيات يعود إلى انعدام العلاج الكيماوي والإشعاعي، وتوقف الجراحات المتقدمة، إضافة إلى منع المرضى من السفر للعلاج وتدهور الوضع الصحي والمعيشي داخل غزة.

وقال أبو ندى: “معدلات الوفيات تضاعفت ثلاث مرات على الأقل مقارنة بما قبل الحرب، بسبب ترك المرض يتقدم دون أي تدخل علاجي فعّال، في ظل غياب الدواء وصعوبة الوصول للعلاج وتزايد المضاعفات”.

وأشار إلى أن أوضاع المرضى تفاقمت بشكل كبير بعد تدمير مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، وهو المركز الوحيد المتخصص في علاج الأورام بالقطاع، ما أدى إلى فقدان المرضى الجهة الوحيدة التي كانت توفر العلاج الكيماوي والتشخيص المتخصص.

وأوضح أن النقص الحاد في الأدوية والمحاليل المخبرية وتعطل أجهزة الأشعة والمختبرات أدى إلى إلغاء وتأجيل مئات الجلسات العلاجية، الأمر الذي سمح للمرض بالانتشار بوتيرة أسرع ورفع معدلات الوفيات. وقال: “لا يمكن علاج السرطان من دون دواء أو مختبر أو أجهزة أشعة، وكل هذه المقومات الأساسية غائبة اليوم”.

وحذّر أبو ندى من أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى ارتفاع أكبر في أعداد الوفيات خلال الفترة المقبلة، مشددًا على أن المرضى باتوا “رهائن للمرض” في ظل غياب العلاج ومنع السفر.

ولفت إلى أن الأطفال المصابين بالسرطان هم الأكثر عرضة للتدهور السريع بسبب ضعف المناعة وسوء التغذية وغياب الرعاية المتخصصة، مؤكدًا أن معاناتهم مضاعفة مقارنة بالبالغين. كما أشار إلى الضغوط النفسية الشديدة التي يعيشها المرضى وعائلاتهم جراء البحث المستمر عن أدوية غير متوفرة، والتنقل بين مرافق مدمرة، والعيش في خيام في ظروف إنسانية قاسية.

وقال: “غياب العلاج بات عقابًا بطيئًا للأسر، وبعض المرضى يفقدون حياتهم بسبب مضاعفات كان يمكن السيطرة عليها لو توفر العلاج”. وشدد على أن غياب بروتوكولات العلاج المتخصصة داخل القطاع يُقوِّض فرص النجاة ويجعل السيطرة على المرض شبه مستحيلة، مؤكدًا أن المرضى “ليسوا أرقامًا، بل أطفالًا ونساءً ورجالًا لهم الحق في علاج آمن وإنساني”.

ودعا أبو ندى المجتمع الدولي والهيئات الصحية إلى التحرك العاجل لفتح ممرات علاجية إنسانية وإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية، مؤكّدًا أن حرمان المرضى من العلاج “أمر غير مقبول ولا يمكن تبريره تحت أي ظرف”.

وارتكبت “إسرائيل” منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 -بدعم أميركي أوروبي- إبادة جماعية في قطاع غزة، شملت قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا واعتقالا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة أكثر من 241 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلا عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع ومناطقه من على الخريطة.

disqus comments here