غزة تنزف أطرافها: آلاف مبتوري الحرب عالقون بانتظار التأهيل وسط انهيار المنظومة الصحية

يواجه آلاف الجرحى في قطاع غزة، ممن فقدوا أطرافهم أو قدرتهم على الحركة جراء الحرب الإسرائيلية، مصيرًا قاسيًا مع تعثّر وصولهم إلى خدمات التأهيل الطبي، في ظل نقص حاد في المراكز المتخصصة وشلل شبه كامل في الإمكانات الصحية.

وفي مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني بمدينة خانيونس، يتلقى أطفال وشبان من مبتوري الأطراف علاجهم داخل قسم التأهيل الوظيفي والعلاج الطبيعي، وسط ضغط هائل يفوق قدرة المستشفى على الاستيعاب، بينما تنتظر أعداد كبيرة من الجرحى دورها للعلاج في ظروف إنسانية بالغة الصعوبة.

وأوضح مدير مستشفى التأهيل أن القسم يستقبل حاليًا نحو مئة جريح يعانون من إعاقات حركية، في حين يقف آلاف آخرون على قوائم انتظار طويلة بسبب غياب مراكز تأهيل قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة، مؤكدًا أن إغلاق المعابر ومنع سفر عشرات آلاف الجرحى للعلاج في الخارج فاقم الأزمة ورفع العبء بشكل غير مسبوق على ما تبقى من مرافق صحية عاملة.

وتشير معطيات صحية إلى أن أعداد حالات البتر في غزة ارتفعت بشكل صادم خلال الحرب، لتشمل آلاف المصابين بإصابات توصف بالمغيّرة للحياة، من بينها بتر الأطراف، وإصابات الدماغ والنخاع الشوكي، والحروق الشديدة.

وفي أحدث الإحصاءات، جرى تسجيل نحو ستة آلاف حالة بتر خلال عامين، وسط تحذيرات من غياب برامج تأهيل عاجلة وطويلة الأمد، ونقص خطير في الأطراف الصناعية والعلاج الطبيعي والخدمات المساندة.

كما أظهرت بيانات رسمية أن خدمات التأهيل في قطاع غزة تراجعت بأكثر من النصف نتيجة الدمار الواسع ونقص المعدات والكوادر، مع تأكيدات بعدم وجود مراكز تأهيل تعمل بكامل طاقتها في الوقت الراهن.

ولا تتوقف معاناة المصابين عند العمليات الجراحية، بل تمتد إلى مرحلة ما بعد البتر، حيث يواجه المرضى صعوبات كبيرة في الحصول على أطراف صناعية وجلسات علاج منتظمة، بسبب شح المواد وقلة المختصين، ما يطيل فترات الانتظار ويؤخر استعادة القدرة على الحركة والاستقلال.

ويحذر الطاقم الطبي من أن استمرار هذا الواقع ينذر بمضاعفات صحية ونفسية خطيرة، خاصة لدى الأطفال، مع فقدان آلاف الجرحى فرصهم في التعافي والاندماج الوظيفي، ما لم يتم التدخل العاجل لتوسيع خدمات التأهيل وتوفير الدعم اللازم.

disqus comments here