في رسالة من "دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية" إلى أحرار العالم وصناع الرأي العام العالمي: غزة تنزف أجنّة، وإبادة تكتب قبل الولادة

بعثت "دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" رسالة إلى صنّاع الرأي العام العالمي، من مؤسسات حزبية وإعلامية، وهيئات حقوقية وبرلمانية، كشفت فيها عن واحدة من أخطر الجرائم التي مرت بصمت مريب: جريمة قتل آلاف الأجنّة في قطاع غزة، جريمة حاول العالم أن يتجاهلها، بينما هي تكشف جوهر الإبادة التي تمارس بحق الفلسطينيين.

في كانون الثاني 2023، قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي عيادة الخصوبة (البسمة) في مدينة غزة، ليقضي في لحظة واحدة على أربعة آلاف جنين فلسطيني كانوا محفوظين داخل خزانات النيتروجين. وبحسب نافي بيلاي، الرئيسة السابقة للجنة الأمم المتحدة للتحقيق في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن هذه الضربة لم تكن خطأ ولا عملا عشوائيا، بل استهدافا متعمدا للحياة قبل أن تبدأ، ومحاولة ممنهجة لـ محو جيل كامل قبل ولادته.

وأكدت الرسالة أن ما جرى يتجاوز نصوص الاتفاقيات الدولية التي تصنف مثل هذا الفعل كـ "جريمة إبادة جماعية"، إذ إن سياسات الاحتلال على الأرض تظهر إرادة واضحة لخنق الحياة داخل قطاع غزة: منع دخول مستلزمات الولادة القيصرية، الأدوية، المضادات الحيوية، حليب الأطفال، والخيوط الجراحية، ليتحول الإنجاب إلى معركة بقاء، وتصبح كل أم فلسطينية شاهدة على موت متكرر: مرة حين تفقد جنينها، ومرة حين ترى العالم صامتاً لا يتحرك.

ولم يتوقف الاحتلال عند قتل الأطفال في أحضان أمهاتهم، بل ذهب أبعد من ذلك، استهدف رحم الأم، ومختبر الخصوبة، ومستشفى الولادة. رسالة واضحة وقاسية: أن وجود الفلسطيني مرفوض حتى قبل أن يولد. هي ليست حربا ضد مقاومة، بل حرب على الاحتمال الإنساني للوجود الفلسطيني ذاته.

وشددت الرسالة على أن غزة ستبقى عنوان الكرامة والصمود؛ تواجه الحصار بالتحدي، والموت بالأمل. ومن بين الركام تخرج حكايات لا تنكسر، تثبت أن هذا الشعب لن يهزم: من جراحه يصنع مستقبله، ومن رماده يصوغ حريته، مؤمنا بأن الحرية تنتزع ولا تستجدى، وأن العدالة آتية مهما طال الزمن.

وتوجهت الرسالة باسم "دائرة العلاقات الخارجية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، بنداء إلى كل القوى الحية في العالم: البرلمانات، والنقابات، والأحزاب، والمؤسسات القانونية والحقوقية والإنسانية، من اجل فضح هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها. مؤكدة أن الضمير الإنساني الحر لن يبقى أسير الصمت، وأن حركة التضامن العالمية ستتسع حتى يسقط نظام الإبادة والاستعمار، المشروع الذي يبدأ باستهداف الجنين ولا يتوقف عند الطفل أو الشيخ.

وختمت الرسالة بالقول: مع كل صمت جديد، تترسخ الجريمة أكثر، ويضاف إلى التاريخ عار جديد يوقع باسم "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". غزة تنزف.. لكنها لا تنكسر، وفلسطين التي يريدون دفنها تحت الركام، ستنهض من جديد، كما تنهض الحياة دائما.. ليُرفع علم فلسطين حرا سيدا فوق أرضها.. لا يطأها محتل فاشي ولا يدنسها مستعمر غاز.

disqus comments here