في النقب…حياة تحت التهديد و30 ألف عربي بلا خدمات أساسية
تواجه قرية بير الحمام، وقرى نقع السبع المسلوبة الاعتراف في النقب، حملة إسرائيلية متصاعدة تستهدف تفريغها من سكانها الفلسطينيين، في إطار مخططات ومشاريع تهويدية أوسع.
ويؤكد الأهالي أن هذه القرى تقع في منطقة إستراتيجية بين قاعدة مطار “نفاطيم” العسكري ومدينة بئر السبع، ما يجعلها عرضة لمخططات السيطرة الإسرائيلية الرامية إلى تنفيذ مشاريع بنى تحتية وأمنية، على حساب الوجود العربي في المنطقة.
ويعيش في هذه القرى نحو 30 ألف مواطن فلسطيني، محرومين من أبسط الخدمات الأساسية مثل الماء، والكهرباء، والتعليم، والصحة، وسط محاولات ممنهجة لاقتلاعهم من أرضهم.
يقطن في بير الحمام، التي لا تعترف بها السلطات الإسرائيلية، نحو 5 آلاف مواطن، يعيشون في ظروف صعبة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة؛ فلا كهرباء ولا ماء ولا بنى تحتية. كما تفتقر القرية بشكل كامل إلى المؤسسات التعليمية، مثل رياض الأطفال والمدارس.
وتواجه القرية، إلى جانب القرى السبع المجاورة، خطر الإخلاء والهدم، في ظل الحملة التي أطلقتها السلطات تحت اسم “نسر الجنوب 3″، والتي تم خلالها توزيع أكثر من 100 أمر إخلاء في منطقة النقع وحدها، والعشرات في مناطق أخرى من النقب.
تضمّ منطقة النقع في النقب سبع قرى عربية مسلوبة الاعتراف، وهي: خربة الوطن، الرويس، الغرة، المشاش، الزرنوق، بير الحمام، وأم قبو والعقبي. ويسكن هذه القرى أكثر من 30 ألف مواطن، يعيشون جميعهم تحت التهديد نفسه، في ظل السياسات الإسرائيلية التي تستهدف وجودهم على أرضهم.
يقول مدير عام المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب، سليمان الهواشلة، لـ”عرب 48” إن “بير الحمام، إحدى قرى منطقة النقع قرب بئر السبع، تتعرض كما باقي القرى العربية في النقب لحملة إسرائيلية شرسة تستهدف الوجود العربي الفلسطيني، وتحديدًا في منطقة النقع”.
وعن العملية الإسرائيلية المسماة “نسر الجنوب 3″، يوضح الهواشلة أن “هذه عملية همجية وعنيفة، يتم خلالها توزيع أوامر الهدم بشكل عشوائي على المواطنين، وهدفها الأساسي ليس التنظيم أو التخطيط، بل الانتقام من العرب في النقب. وخلال توزيع الأوامر، حضر وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بنفسه، ما يؤكد الطابع الانتقامي للعملية وليس الإداري أو التنظيمي”.
وعن المباني التي تلقت أوامر هدم أو إخلاء، يوضح أن “الهدف من العملية ليس التنظيم، بل هدم المباني والمنشآت العربية في النقب. فبحسب إفادات الأهالي، بعض الأوامر استهدفت جدرانًا أو حمامات أو مآوي للحيوانات، مما يؤكد أن ما يجري هو انتقام من المواطنين العرب وليس محاولة لتنظيم البناء”.
وفي سياق التصدي للمخططات الإسرائيلية، وخصوصًا العملية المسماة “نسر الجنوب 3″، يؤكد أن “التصدي لما يجري يتطلب نضالًا شعبيًا واسعًا، ولذلك نأمل من أهالينا في النقب المشاركة في الخطوات الاحتجاجية المرتقبة خلال الأيام المقبلة، ومنها نصب خيمة اعتصام قبالة سلطة تهجير البدو في بئر السبع. نأمل أن يلبّي الأهالي النداء ويشاركوا بقوة في هذه الخطوات”.
ويعرب مدير عام المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب عن اعتقاده بأن “استهداف النقب، وخصوصًا في هذه الفترة، ليس إلا جزءًا من حملة انتخابية يقوم بها الوزراء وأعضاء الكنيست الإسرائيليون، بهدف جمع الأصوات على حساب دمار المواطنين العرب”، ويشير إلى أن “ما قام به نفتالي بينيت وإيتمار بن غفير هو دليل واضح على ذلك”.
ويختم الهواشلة بالتطرق إلى ظروف الأهالي في منطقة نقع السبع: “ما يعيشه السكان في هذه القرى صعب للغاية؛ فهم يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة. بعض القرى لا تتوفر فيها المياه، ولا أي من الخدمات الأساسية، والمعاناة هناك شديدة في ظل غياب تام للبنى التحتية والخدمات الضرورية”.
ويقول حسين الرفايعة، ابن بير الحمام، لـ”عرب 48“: “تقع بير الحمام في منطقة النقع، وهي قرية غير معترف بها، يقطنها نحو 5 آلاف مواطن. حالها كحال باقي القرى غير المعترف بها؛ تفتقر إلى الكهرباء والماء والبنى التحتية، وحتى إلى المدارس ورياض الأطفال”.
ويستذكر الرفايعة ما تعرضت له القرية من محاولات تحريش ومصادرة في عام 2023: “تعرضت منطقة النقع لمحاولات تحريش ومصادرة كاملة للأراضي قبل عدة سنوات، وكانت هذه المحاولات بزخم وقوة من قبل السلطات الإسرائيلية، لكنها فشلت بفضل صمود الأهالي واحتجاجهم، إلا أن الحكومة لا تزال تصر حتى اليوم على مصادرة الأراضي والسيطرة على النقع بشتى الوسائل، وقد تغيّرت خطتها من التحريش إلى إصدار قرارات هدم وإخلاء بهدف فرض السيطرة على الأرض”.
وعن أهمية منطقة النقع ومحاولات السيطرة عليها من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، يوضح أن “منطقة النقع تُعدّ إستراتيجية بالنسبة للحكومة، إذ تقع بين مطار نفاطيم ومدينة بئر السبع. ترى الحكومة في أهالي النقع تهديدًا أمنيًا للمطار، وتسعى لتهجيرنا من أجل شق طريق يصل بين بئر السبع والمطار. حكومات إسرائيل نظرت إلى أهالي النقب على أنهم خطر أمني”.
وفي ما يخص التمييز بين القرى العربية في النقب والبلدات اليهودية، يؤكد الرفايعة أنه “منذ إقامة إسرائيل في العام 1948، أُنشئت مئات البلدات، كثير منها على أنقاض قرى عربية، بينما لم تعترف الدولة أصلاً بوجود العرب في النقب. نرى اليوم التطور في البلدات اليهودية، في حين أن الحكومة لا تعترف بعدد كبير من القرى العربية. قانون التنظيم والبناء لم يشمل قرانا، رغم أنها كانت قائمة، وها هو اليوم يُستخدم لهدم بيوتنا بدل تنظيمها”.
ويتطرق الرفايعة إلى مطالب الأهالي في قرى النقع، قائلاً إن “مطالب الأهالي في النقب ليست تعجيزية، بل بسيطة وواضحة، وهي: الاعتراف بقرانا وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، الذين يعيشون في ظروف تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، من كهرباء وماء ومسكن وبنى تحتية، إلى جانب غياب المؤسسات التعليمية والصحية”.