ضجة حول زيارة “أئمة” مقيمين في أوروبا إلى إسرائيل

الرباط : لم تهدأ بعد الزوبعة التي أحدثتها زيارة أئمة يمثلون الجاليات المسلمة في أوروبا خاصة فرنسا وبلجيكا وهولندا والمملكة المتحدة وإيطاليا، إلى إسرائيل أمس الإثنين.
وزار وفد الأئمة، الثلاثاء، مركز “ياد فاشيم” الذي يخلد ذكرى “الهولوكوست” في القدس الغربية. تضمنت الزيارة جولة إرشادية باللغة العربية، تلتها مراسم تأبين في قاعة الأسماء، حيث وضع الأئمة إكليلا من الزهور وأشعلوا الشعلة الأبدية تكريما لضحايا المحرقة، وفق ما أفاد به المركز.
ونقل المركز عن أحد المشاركين، وهو داهري نور محمد، قوله: “لم أستطع تحمّل رؤية الألم والحزن على وجوه اليهود في الصور. كان الأمر يفوق خيالي تماما”.
وزعم محمد أن “المشكلة هي أن هناك مسلمين لا يزالون يعتقدون أن الهولوكوست لم يحدث. من هنا، ستكون رسالتنا واضحة جدا للمجتمع الإسلامي: عليكم الاعتراف بحدوث الهولوكوست”.
وتابع: “ينبغي على المسلمين زيارة متحف الهولوكوست – ليروا بأعينهم، ويقرأوا التاريخ، ويشعروا بالألم والحزن الذي مرّ به الشعب اليهودي”.
وتأتي زيارة الوفد في وقت ترتكب فيه إسرائيل وبدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
ونشر الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ تدوينة على حسابه في “إكس” قال فيها إنه استضاف في مقر الرئاسة في القدس “قيادات مسلمة مهمة من أنحاء أوروبا” ناقش معهم التعايش بين الأديان. كما أشاد بالوفد لأنه يريد “بناء الجسور والحوار والإيمان” في اللحظة التي يعرف العالم “توترا بين اليهود والمسلمين”، على حد تعبيره.
الوفد الذي قاده الإمام الفرنسي من أصول تونسية حسن الشلغومي، المعروف بمواقفه المناهضة لهجوم “حماس” على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ضم أئمة من أصول تونسية ومغربية.
وقام منشد من هؤلاء بأداء النشيد الوطني الإسرائيلي المعروف بـ “هتكفا”. كما ظهر حسن الشلغومي وهو يجلس بجوار هرتسوغ.
وأولت منابر إعلامية إسرائيلية أولوية خاصة لهذا الحدث، وخصصت حيزا لمواكبة زيارة الوفد المذكور، مؤكدة أن الزيارة نظمتها “شبكة الريادة الأوروبية” المعروفة اختصارا بـ “إلنت”، والتي تعنى بـ”تعزيز العلاقات بين أوروبا وإسرائيل”، وفق الصحافة العبرية.
واختار بعض المدونين اختصار مسافة الكلمات بتعبير قالوا فيه إنهم “عمائم على باب التطبيع”. كما وصفوهم بكونهم “شرذمة من الأئمة المرتدين أصحاب مساجد (ضرار) في أوروبا”. واعتبر ناشط أن زيارة هؤلاء “اختراق خطير للموساد لرجال الدين”، في حين أوضحت منشورات على المنصة ذاتها أن “هؤلاء (الأئمة) أنفسهم أثاروا العديد من القضايا التحريضية في أوروبا ضد المسلمين، بل وطرحوا نموذجا مشوّها للسلام لا يمتّ للإسلام بصلة من أجل إرضاء الغرب”.
الزيارة “المشؤومة” كما سماها نشطاء على “فيسبوك”، كانت سببا في هجوم بعض الإعلاميين على عموم الإسلاميين، إذ نشر الصحافي محمد الضو السراج نص الخبر، وعلق عليه بقوله إن “الخوانجية (مصطلح مغربي يدل على جماعة الإخوان المسلمين وكل الإسلاميين) عندهم دائما عدة وجوه”، موضحا أنهم “في المغرب ينددون بالوقفات والاحتجاجات وإخوتهم في أوروبا يزورون إسرائيل ويؤيدونها في معاركها”.
وجاء الرد بطريقة غير مباشرة على هذه التدوينة من خلال بيان “رصد” نشره عزيز هناوي الكاتب العام لـ “المرصد المغربي لمناهضة التطبيع”، وصف فيه الزيارة بـ “الفضيحة” التي قام بها “وفد منتحلي صفة (أئمة مساجد من أوروبا) لرئيس الكيان الصهيوني الإرهابي”.
واعتبر المرصد في بيانه تلك الزيارة “جريمة ما فوق التطبيعية” ارتكبها وفد ما “يُسمّى بـ (أئمة مساجد من أوروبا)، كما وصف قائد الوفد الشلغومي بـ “العميل المتصهين، الذي لم يُخفِ صهيونيته يوماً”، مبرزا أنه بعد تحرياته الخاصة تأكد له “أن هؤلاء لا يمثلون أئمة أوروبا، بل لا يوجد فيهم إمام سوى شخص واحد يُدعى يوسف مصيبح، مغربي الجنسية، إمام مسجد بلال في مدينة ألكمار” الهولندية.
وحسب تدوينة هناوي، فإن مسجد بلال أكد “في بيان رسمي أن ما قام به (مصيبح) هو تصرف فردي لا علاقة للمسجد به، ولا بتلك الزيارة المخزية، وأن المؤسسة ترفض بشدة الزج باسمها في هذه الفضيحة”. وقد جرى التوقيف الفوري للإمام المذكور عن العمل، كما “أن إجراءات قانونية ستُتخذ ضده لما سبّبه من ضرر بالغ للمسجد وسمعته بزيارته إلى كيان العدو”، وهو القرار الصادر عن مبادرة الأئمة والخطباء والدعاة في هولندا، يقول بيان المرصد.
وشددت العديد من التدوينات على انتحال صفة “الإمام” من طرف أعضاء الوفد، وقال الباحث المغربي المهاجر التجاني بولعوالي: “الذين زاروا الكيان لا يُعتبرون لا مشايخ ولا حتى أئمة عاديين، ولا يشرفون على مساجد، ولا يمثلون الإسلام. أغلبهم نكرات؛ لا حضور فعليا لهم بين المسلمين في أوروبا!”.
بينما تحدى بعضهم “أي واحد يقول إن هؤلاء أئمة، وأن يقول لي في أي مسجد يؤمون الناس؟”، مؤكدا أن “واحدا منهم كان إماما وطُرد”، وهذا الأخير كان موضوع تدوينة قالت كاتبتها إن “مؤسسة مسجد بلال بألكمار الهولندية توقف الإمام يوسف مصبيح عن الإمامة والخطابة بعد زيارته للكيان الصهيوني”.
وكتب الشيخ الحسن بن علي الكتاني: “هذه جريمة من هؤلاء مشايخ العار والشنار، وعلى المسلمين في تلك البلاد أن يقاطعوا الصلاة وراءهم”.