استطلاع إسرائيلي يكشف قلقاً أمنياً متصاعداً وتراجع الثقة بالحكومة مقابل تصاعد نفوذ المؤسسة العسكرية

أظهرت نتائج استطلاع حديث حول الأمن القومي في إسرائيل تصاعداً لافتاً في مستويات القلق داخل المجتمع الإسرائيلي، إلى جانب تراجع واضح في الثقة بالمؤسسة السياسية، مقابل ارتفاع الثقة بالمؤسسات الأمنية والعسكرية، في ظل استمرار الحرب وتعدد الجبهات.

وبيّنت نتائج الاستطلاع، الذي شمل عيّنة من الجمهور اليهودي، أن الضفة الغربية تتصدر مصادر القلق الأمني بنسبة 77%، تليها الجبهة الشمالية بنسبة 74%، ثم قطاع غزة بنسبة 65%. وأشار أقل من ثلث المشاركين إلى أن الوضع الأمني الحالي يُعد جيداً أو جيداً جداً، في حين صنّفه 46% بأنه “متوسط”، و23% بأنه “سيئ”.

وكشفت المعطيات عن انقسام سياسي واضح في تقييم الوضع الأمني؛ إذ يميل مؤيدو الائتلاف الحكومي إلى نظرة أكثر تفاؤلاً مقارنة بمؤيدي المعارضة، الذين عبّر ثلثهم تقريباً عن اعتقادهم بأن الوضع الأمني سيئ. ورغم ذلك، أظهر الاستطلاع أن نحو نصف المجتمع الإسرائيلي يتوقع تحسّن الوضع الأمني خلال السنوات الخمس المقبلة، مقابل أقل من خمس يتوقعون تدهوره.

وعلى مستوى التهديدات الخارجية، أفاد 73% من المشاركين بأنهم يشعرون بقلق كبير أو متوسط، بينما عبّر 27% فقط عن شعور محدود بالقلق. كما سجّل الاستطلاع تراجعاً في الإحساس بالأمن الشخصي، حيث قال 28% فقط إنهم يشعرون بأمان مرتفع، مقابل 16% عبّروا عن شعور منخفض بالأمن.

وأبرزت النتائج قلقاً واسعاً من التوترات والانقسامات الاجتماعية الداخلية، إذ عبّر 86% من المستطلعين عن خشيتهم من تعمّق هذه التصدعات، مع ارتفاع النسبة بين مؤيدي المعارضة.

وفي ما يتعلق بالثقة بالمؤسسات، أظهر الاستطلاع فجوة حادة بين المؤسسة العسكرية والحكومة؛ إذ عبّر 83% عن ثقة مرتفعة بالجيش، و71% بجهاز الأمن العام، مقابل 26% فقط أبدوا ثقة بالحكومة، و34% برئيسها. في المقابل، ترتفع مستويات الثقة بالحكومة ورئيسها داخل أوساط مؤيدي الائتلاف.

وتشير النتائج إلى مناخ عام يمنح شرعية متزايدة للحلول العسكرية والأمنية، ويعزز نزعة عسكرة المجتمع، في ظل تراجع الثقة بالقيادة السياسية. كما توحي بوجود استعداد مجتمعي لتقبّل خطوات عسكرية جديدة، سواء على جبهة غزة أو لبنان أو في سياق التوتر مع إيران، وسط إجماع أمني يتجاوز الانقسامات الحزبية.

ويخلص الاستطلاع إلى أن القلق الأمني في إسرائيل لم يعد مرتبطاً بالوقائع الميدانية فقط، بل يتأثر بعمق بالانتماءات السياسية وبالتحولات الاجتماعية الداخلية، ما يعكس أزمة ثقة بنيوية بين المجتمع والمؤسسة السياسية، في مقابل تصاعد دور وتأثير المؤسسة الأمنية.

disqus comments here