الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 16/9/2025 العدد 1410

الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 16/9/2025
مثلما في السنوات التي سبقت المذبحة، الآن حماس مدينة بالشكر لنتنياهو
بقلم: ديمتري شومسكي
كل من لا يشاركون في عبادة الشخصية لنتنياهو في اوساط الجمهور الاسرائيلي يدركون جيدا انه في السنوات الحاسمة التي سبقت مذبحة 7 اكتوبر، كان نتنياهو بالنسبة لحماس ذخر اغلى من الذهب، لانه سمح بشكل غير مباشر وبوعي بزيادة قوتها ونموها الدراماتيكي من خلال الاموال القطرية، الى درجة تحولها من منظمة ارهابية هامشية الى جيش مدرب وقاتل. ولكن الآن ايضا، بعد سنتين على الحرب في 7 اكتوبر التي لا تنتهي وعديمة الجدوى، يبدو ان اسرائيل نتنياهو بسلوكها الانتحاري تفعل كل ما في استطاعتها من اجل عدم جعل حماس باقية ورأسها فوق الماء، بل حتى ان تضمن بالنسبة لها انجازات كبيرة في الحرب الضروس التي تشنها ضد “الكيان الصهيوني”.
هناك مجالات اساسية في جبهة الصراع بين حماس واسرائيل، التي بدأ يظهر فيها الآن تفوق واضح للمنظمة الارهابية، الاسلامية القومية، على الدولة الكهانية القومية لنتنياهو – وهي مجال الصورة الامنية والمجال الاخلاقي الحربي. كل ذلك بعد ان كانت مكانة حماس خلال فترة طويلة، في كل واحد من هذه المجالات، في الحضيض، من ناحية الصورة العسكرية – الامنية أو الضربات الشديدة التي تسببت بها اسرائيل لحماس، لم تترجم في أي مرحلة الى صورة مقنعة للانتصار الحقيقي. حيث انه بدلا من استكمال الانتصارات العسكرية لحماس بضربة قاضية سياسية الى درجة ابعادها المنسق اقليميا ودوليا، لصالح السلطة الفلسطينية – فان اسرائيل اختارت استمرار الحرب بلا نهاية لضمان البقاء القانوني والسياسي للزعيم، وكذلك من اجل منع التوحد بين غزة والضفة الغربية تحت قيادة فلسطينية واحدة معتدلة. النتيجة هي ان تنظيم متعب ومصاب، الذي كان على شفا الانهيار المطلق، يظهر الآن اكثر فاكثر حبة جوز عسكرية قاسية، لا يستطيع الجيش الاقوى في الشرق الاوسط هزيمتها.
هذا الانطباع آخذ في التعزز بالتحديد على خلفية الانتصارات الباهرة لاسرائيل في الساحة الايرانية وضد حزب الله في لبنان. في حين أن التفوق الاسرائيلي في هاتين الجبهتين كان حاسما، فان حماس ليس فقط ترفض الاستسلام، بل هي حتى تواصل قضم ذيل الجيش الاسرائيلي والحاق المزيد والمزيد من الخسائر به. هكذا، بفضل الجهود الكبيرة لنتنياهو، مواصلة القتال الذي لا نهاية له، تنمو بالتدريج امام انظارنا الروح الفلسطينية الجديدة الغضة عن المقاومة البطولية لحماس التي بقيت لوحدها صامدة امام الاحتلال الصهيوني.
طالما ان الحديث يدور عن اخلاق القتال فان حماس، التي دائما كانت بالطبع منظمة ارهابية قاتلة ومتعصبة، وصلت في 7 اكتوبر الى حضيض لا يمكن تخيله من الحقارة. قتل وحشي لمئات المدنيين غير المسلحين، اعمال اغتصاب وتنكيل سادية – كل هذه الفظائع لم تشهد فقط على الفقدان المطلق للصورة الانسانية، بل ايضا ادت الى ان يظهر “مقاتلو الحرية” كعصابة جبانة وحقيرة، الذين يمارسون البطولة على اشخاص يستجمون في حفلة.
ها هي الدولة والمجتمع الاسرائيلي، والجيش الاسرائيلي ايضا، سرعان ما انتقلوا هم انفسهم، بصورة فظة وواضحة في ايام عملية تدمير مدينة غزة، الى عملية حمسنة سريعة. كل يوم يقومون باعدام عشرات المدنيين بواسطة عمليات القصف الاسرائيلية، في حين ان اسرائيل لا تحاول ان تبث، لو ظاهريا، أي تركيز على الاهداف العسكرية ومخربي حماس.
تحت رعاية مجرم الحرب في واشنطن، الذي يبدو انه سيعلن عن عقوبات ضد لجنة جائزة نوبل للسلام اذا لم يحصل عليها، بالضبط مثلما يلاحق القضاة في لاهاي، فان اسرائيل فقدت كل عنان. ومثلما كتب قبل فترة قصيرة عاموس هرئيل فان الجيش الاسرائيلي يسمي قصف الابراج في غزة “اهداف ضخمة”، حيث ان القصد هو مهاجمة اهداف تظهر من بعيد لاثارة الرعب في اوساط السكان الفلسطينيين. بكلمات اخرى، اسرائيل تعلن بشكل علني وبدون خجل انها تنوي ارتكاب جرائم حرب في المدينة وجرائم ضد الانسانية – من اجل فرض الرعب على المدنيين وجعلهم يختارون “الهجرة الطوعية” (كيف يمكن تفسير بطريقة اخرى الرغبة في زرع الرعب في اوساط السكان، حيث في الخلفية يوجد خطاب التطهير العرقي المقيت بشأن اقامة ريفييرا في غزة على انقاض الوجود الفلسطيني؟).
ازاء كل ذلك، في كل ما يتعلق بالاخلاق العسكرية، فقد اصبحت اسرائيل رويدا رويدا تشبه حماس: بطلة كبيرة على المدنيين والمباني – وايضا على رجال طاقم المفاوضات الذين يرتدون ربطة العنق من حماس في الدوحة، في الوقت الذي هي فيه غير قادرة على هزيمة المقاتلين المخربين في الانفاق، الذين يحتجزون المخطوفين والجثث. في المقابل، تترسخ على هذه الخلفية الصورة المشوهة، لكن الحتمية، لحماس كرمز للنضال الوطني للشعب الفلسطيني امام المحتلين الذين احدثوا النكبة الثانية. ومثلما في السنوات التي سبقت المذبحة فان حماس الآن ايضا مدينة بالشكر الكبير لنتنياهو. فبفضل حرب تدميره الخاسرة ضد المدنيين الفلسطينيين، التي تبتعد بشكل متعمد عن تحقيق الانتصار المحتمل الوحيد على حماس، ابعادها السياسي من الساحة، فان منظمة القتلة الارهابية التي اوقعت على الفلسطينيين كارثة وطنية بمستوى غير مسبوق ولطخت نضالهم الوطني بجريمة فظيعة، مذبحة ابادة، يمكنها ان تعيد ترميم نفسها عسكريا وسياسيا وقيادة الشعب الفلسطيني الى طريقه للاستقلال كممثلته المعترف بها والشرعية.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 16/9/2025
لنتنياهو: ستكون واهماً إذا اختبرت “دول إبراهيم” بفرضية “العدو الإيراني المشترك”
بقلم: آفي كالو
عشية احياء خمس سنوات على اتفاقات إبراهيم، يقف الإرث الأهم للرئيس الأمريكي ترامب أمام ساعة اختبار دراماتيكية. كلما مرت الأيام فان الهجوم الإسرائيلي على مقر مسؤولي حماس في الدوحة يتخذ صورة انجاز استخباري وعملياتي معقول لكن كمهزلة سياسية مدوية تنحفر سلبا في وعي دول الخليج الفارسي وتهدد بهز الأركان الإقليمية الأساسية التي بنيت بكد عظيم وأساسا من خلف الكواليس على مدى العقدين الأخيرين.
لقد ولدت اتفاقات إبراهيم من الخوف العميق من نظام آيات الله والحاجة الى بلورة ائتلاف إقليمي ضد إيران، في ظل الاعتراف بان الاهتمام الأمريكي في الشرق الأوسط آخذ في الخبو وانه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة عند الحاجة.
التجارب التي حزت على جلدة دول الخليج كانت ذات مغزى: فقد شهدت السعودية هجمة مُسيرات إيرانية مكثفة على منشآت الطاقة الى جانب مواجهة عسكرية قوية ضد الوكيل الإيراني، من الجنوب، الحوثيين؛ أما الامارات فكانت تخشى ولا تزال من دونية عسكرية قاسية حيال ايران؛ اما البحرين فتصدت لمحاولة انقلاب شيعية برعاية إيرانية في أراضيها.
في هذا الواقع، تعد إسرائيل كجزيرة استقرار، مزدوج قوة عسكرية ودبلوماسية، رئيسة المحاور لفتح الأبواب الى واشنطن. وفي نفس الوقت، كان واضحا للجميع بان الوقود لازدهار الاتفاقات منوطة ببلورة تفاهمات في المسألة الفلسطينية، الفكرة التي ليس فقط خبت، بل شهدت هزة في اعقاب مذبحة 7 أكتوبر.
وها هي اتفاقات إبراهيم تقف على حالها رغم الدمار الهائل والوضع الإنساني الصعب لقطاع غزة، فيما أن خط الفصل للاتفاقات بقي يكمن في الأساس الذي أدى الى توقيعها: منع ضم أراضي يهودا والسامرة من قبل إسرائيل.
ان الخطوات الحازمة لدول الخليج ردا على إعلانات الضم الهدامة من جانب مسؤولين كبار في الحكومة، والتصدر السعودي – الفرنسي لخطوات من طرف واحد في الأمم المتحدة ضد إسرائيل (ذروتها حاليا في قرار غير ملزم في الجمعية العمومية للأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية) تعود وتشهد على آلية الهدم الذاتي التي طورتها حكومة نتنياهو السادسة في الموضوع الفلسطيني. وهكذا يتبين أنه بشكل مفعم بالمفارقة وبالذات بعد فظائع 7 أكتوبر، تغدو المسألة الفلسطينية كعائق منيع امام تطوير اتفاقات إبراهيم.
لكن هذا لا يزال يتحدث وهذا يأتي: العملية العسكرية على ارض قطر، بخلاف تام مع رأي معظم قادة أجهزة الامن والاستخبارات، تلوح أكثر فأكثر كعملية تستهدف احباط المنحى الأمريكي الشامل لانهاء الحرب ولاعادة عموم المخطوفين – اكثر مما لاغتيال مسؤولي حماس الذين كانوا يتواجدون في المجال. والأخطر من ذلك، يخيل أن الهجوم يثير علامات استفهام متعاظمة كاختبار دراماتيكي لقدرة صمود اتفاقات إبراهيم، وحتى اكثر من غض النظر الخليجي عما يجري في القطاع، بخاصة في ضوء تصميم الدول العربية على جباية ثمن باهظ من نتنياهو الذي يتخذ أحيانا صورة الزعيم ذي التفكر العليل.
مهما يكن من أمر، من الأفضل لإسرائيل التي تتخذ صورة ليست في صالحها كأزعر الحارة، ان تصلح بسرعة الضرر اللاحق والامتناع عن دحر حلفائها في الخليج نحو أذرع الكتلة الشرقية المعادية لنا. الفرضية الأساس لرئيس الوزراء نتنياهو، كما يفهم من قراره المتسرع للهجوم في الدوحة بان الخوف من ايران سيبقي على اتفاقات إبراهيم وحده – كفيلة ان تتبين كمفهوم آخر محمل بالكارثة، يمس بالامل الاستراتيجي لتعزيز وتوسيع اتفاقات إبراهيم، التي هي مصلحة إسرائيلية قومية من الدرجة الأولى في ظل تحديات المستقبل المعقدة.
------------------------------------------
هآرتس 16/9/2025
رسالة قمة قطر موجهة الى الولايات المتحدة، مشكوك ان تستوعبها
بقلم: تسفي برئيل
“الشرق الاوسط لم يكن بخيل في ولادة شخصيات وحشية، لكن هذه المرة هو ينفذ امور لا يمكن تحملها”، كتب امس غسان شبال، المحرر الرئيسي في صحيفة “الشرق الاوسط. “هذا الشخص هو الاكثر خطورة من بين كل الذين عرفناهم ومن بين كل افعال الزعماء المتوحشين الذين عرفناهم. هو يراكم بيانات غير مسبوقة، لا يستطيع أي أحد منافسته في اجرامه، في بلاده وخارجها. لا أحد قتل فلسطينيين بالعدد الذي قتله. هو منتج للجثث، منتج للارامل والايتام”. الصحيفة في الواقع تعكس المناخ في البلاط الملكي السعودي، لكن ليس المشكلة الفلسطينية أو الحرب في غزة هي التي كانت تقف أمس في مركز النقاشات في القمة العربية – الاسلامية في قطر، التي شارك فيها زعماء حوالي 75 دولة.
هذا كان اجتماع طاريء، لف قطر بعباءة تضامن ثقيلة، لكنه استهدف أولا وقبل كل شيء تحديد الخطر الذي حسب الزعماء يحلق فوق دولهم. “اسرائيل تحلم في ان يكون الشرق الاوسط منطقة نفوذ اسرائيلية”، قال أمس حاكم قطر تميم آل ثاني، وعبر بكلماته عن الخوف المتزايد من سيطرة اسرائيل على الفضاء بدعم الولايات المتحدة. هكذا فانه في الوقت الذي يعرض فيه نتنياهو الهجوم في الدوحة كـ “نجاح”، لانه نقل “رسالة”، فان قطر والدول العربية ردت بالمثل. رسالتها، التي هي غير موجهة فقط لاسرائيل، وضعتها الآن في عزلة دولية حتى قبل القمة. حتى ان نتنياهو اصبح يعترف الآن بذلك.
ايضا في واشنطن يشخصون التهديد المتزايد على موقفها في الشرق الاوسط. يصعب عدم ملاحظة الاستهانة الكبيرة لنتنياهو بالعلاقات الحيوية للولايات المتحدة مع دول المنطقة، لا سيما دول الخليج. يظهر للعيان ايضا العلاقة الفكرية المباشرة بين مواقف زعماء الدول العربية وبين الروح الانتقادية الشديدة التي تسمع تجاه اسرائيل من دوائر الحزب الجمهوري ومن قاعدة ترامب. في الولايات المتحدة ليسوا بحاجة الى تحذيرات الرئيس المصري السيسي، الذي اتهم اسرائيل بانها تضر باتفاقات السلام القائمة وباستقرار المنطقة.
التوتر في العلاقات بين اسرائيل ومصر وبين اسرائيل والاردن، تفاقم ووصل الى ذروة غير مسبوقة؛ التطبيع المامول مع السعودية دفن منذ سنتين تقريبا؛ واحتمالية توسيع اتفاقات ابراهيم، النتاج المبارك للرئيس ترامب، تحول الى كتلة ملح.
في نفس الوقت “اختبار النتيجة”، أو التوقع المتوتر لخطوات عملية ومحددة تنتج عن القمة العربية، خيبت أمل من امل انه في هذه المرة “ستكون ايضا افعال وليس اقوال”. الطلبات التي اسمعها الزعماء والاحاطات التي نقلتها شخصيات رفيعة، خلقت توقعات بتجميد اتفاقات السلام أو الغاءها أو فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على اسرائيل، لكن هذه التوقعات تلاشت. اتفاقات السلام ما زالت تعتبر ذخر استراتيجي مهم للزعماء العرب، اكثر مما هي بالنسبة لاسرائيل. ليس لان هؤلاء الزعماء يعتقدون ان فيها ما يمكنه التاثير على سلوك اسرائيل، بل لانها اداة تاثير سياسية على الولايات المتحدة، وفي ظل الهجوم على قطر – ايضا درع ضد مهاجمة اسرائيل لاراضيها.
لكن الافتراض الذي يقول بان اسرائيل لن تهاجم دولة لها علاقات سياسية معها، يتعرض للتهديد بالذات من ناحية نتنياهو، الذي تعهد بضرب “اعداء اسرائيل” في أي مكان. أي مكان هو ايضا مصر، الاردن وتركيا، التي رغم الشرخ العميق لم تقطع رسميا علاقاتها مع اسرائيل، وليس فقط سوريا أو لبنان أو ايران، التي اصبحت ملعب مفتوح لاسرائيل.
الهجوم في قطر يشبه بالضبط “خط الفصل” بين الدول التي تحظى بالرعاية وتحالف مصالح مع الولايات المتحدة وبين الدول التي ليست كذلك. قطر في الواقع ليست عضوة في “اتفاقات ابراهيم”، وهي لم توقع على اتفاق سلام مع اسرائيل، لكنها عضوة كبيرة في مجلس التعاون الخليجي، الذي يقتضي، على الاقل على الورق، الدفاع عن أي دولة من هذه الدول في حالة تعرضها لهجوم. وقطر مستثمرة رئيسية في الولايات المتحدة، وهي تستضيف القاعدة الامريكية العسكرية الاكبر في الشرق الاوسط، وهي حتى الوسيط، ليس فقط في صفقة تحرير المخطوفين الاسرائيليين، بل ايضا هي وسيط في صفقات تحرير السجناء الامريكيين في ايران، وكانت شريكة في صياغة اتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان، سواء في ولاية ترامب الاولى أو في ولاية الرئيس جو بايدن.
شبيهة بقطر، دول الخليج والاردن ومصر، هي عضوة في “النادي المؤيد لامريكا”، وتوقعاتها هي ان تحصل على مظلة الامان التي توفرها الولايات المتحدة. زعماء هذه الدول ليسوا ساذجين كي يعتقدوا ان نتنياهو سيتاثر من هذه الاعلانات اللاذعة أو التنديدات الشديدة التي سمعت في القمة. التحدي الذي يواجهونه هو كيفية ردع اسرائيل وبناء منظومة دفاع ضد ما يعتبرونه تهديد مباشر وفوري. مثلا، احد اقتراحات القمة هو تشكيل قوة دفاع عربية، وتفعيل آلية تنسيق النشاطات العسكرية، باختصار تشكيل قوة رد ودفاع لردع اسرائيل. هذه ليست فكرة جديدة. فالرئيس المصري السيسي اقترح ذلك في 2015 في اطار الخطوة الاقليمية لمحاربة الارهاب وداعش. وحتى أنه حدد عدد الجنود في هذه القوة (حوالي 20 ألف)، ومن سيقود هذه القوة هو “جنرال مصري”، وماذا ستكون طريقة التنسيق. ولكن الفكرة مثلما كان يمكن توقع ذلك، بقيت على الورق. ايضا الآن مشكوك فيه ان هذه الفكرة ستنجح في اختراق خطوط الانقسام والتشكك وعدم الثقة واختلاف المصالح العميق الذي يفصل دول المنطقة. هذه الدول لم تنجح في تشكيل تحالف عسكري ضد الحوثيين، والاتفاق على طريقة العمل في السودان أو التعاون لمنع المذبحة التي ارتكبها نظام الاسد في سوريا.
من ناحية المشاركين فان المسار الآمن، وربما الاكثر نجاعة، يوجد في الحقل السياسي والدبلوماسي الذي سجل فيه نجاح في السابق. الاعتراف الجارف للجمعية العمومية للامم المتحدة بدولة فلسطين هو وليد نشاطات دبلوماسية مصممة وكثيفة من قبل السعودية وفرنسا وبدعم دول الخليج ومصر. هذه المبادرة ولدت في القمة العربية – الاسلامية التي عقدت في الرياض قبل سنة، ووجدت لها تسارع دولي تمت تغذيته على القتل الجماعي والتدمير لاسرائيل في قطاع غزة. في نفس الوقت أدت الى موجة العقوبات الاقتصادية، الثقافية والسياسية، التي فرضت على اسرائيل. اضافة الى ذلك يجب التذكر بانه بعد الهجوم في قطر فان الاعتراف بالدولة الفلسطينية لم يعد فقط بادرة حسن نية للشعب الفلسطيني أو حلم لـ “اليوم التالي” في غزة وفي كل فلسطين بشكل عام. هذا الاعتراف له رسالة استراتيجية، ودوره هو الدفاع عن دول المنطقة. هذا ما اقترحه شابل في مقاله بعنوان “العقوبة الاكثر نجاعة ضد مغامرات نتنياهو هي الاستخدام الحكيم والناجع للمجتمعين في الدوحة لادوات الضغط الكثيرة التي توجد لديهم من اجل اقناع الغرب، لا سيما الولايات المتحدة في عهد ترامب، بان الدولة الفلسطينية هي المسار الحيوي للحفاظ على الاستقرار في الشرق الاوسط وعلى المصالح الامريكية فيه”، كتب. “فقط حل الدولتين هو الذي سيعيد اسرائيل الى اسرائيل، وسيعيد جنودها من اراضي جيرانها، وسيعيد طائراتها من سماء دول المنطقة”.
لكن هناك عقبات متشابكة غير قابلة للاجتياز تظهر في هذه الاثناء وتغلق المسار. الاولى، الاستعداد لاستخدام ادوات الضغط العربية. والثانية هي الرئيس الامريكي ترامب. عمليا، السعودية، دولة الامارات وقطر، هي التي تتحكم بهذه “الادوات”، بعد ان تعهدت باستثمار 3.5 تريليون دولار في الولايات المتحدة في عهد ترامب. ولكن مقابل الطائرة باهظة الثمن التي حصل عليها الرئيس الامريكي من حاكم قطر، فان هذه الاستثمارات لا تعتبر هدية، بل هي جزء من صفقة ثنائية، التي فيها مقابل استثماراتها فان دول الخليج تضمن لنفسها مظلة دفاع امريكية، التي في هذه الاثناء لا يوجد لها أي بديل واقعي، سواء الصين أو روسيا، أو حتى اوروبا التي هي نفسها تحاول بناء قوة دفاع غير مرتبطة بالولايات المتحدة.
المشكلة الاخرى هي الدعم شبه المطلق لاسرائيل من قبل ترامب، الذي حتى الهجوم على قطر، الذي نفذ كما يبدو بدون تنسيقه معه وخلافا لموقفه، لم يقوض هذا الدعم. ترامب “اعطى” محمد بن سلمان هدية سياسية مهمة على شكل الاعتراف بحاكم سوريا احمد الشرع، واحتضن حاكم قطر الذي اعتبر دولته “حليفة كبيرة”، وحاكمها هو “انسان رائع”. ولكن حتى تعليماته لاسرائيل بان تكون “حذرة جدا” بالصورة التي تتعامل فيها مع قطر، لن تكفي حلفاءه العرب بان تضمن لهم ان لا تحول اسرائيل اراضيهم الى منطقة نيران.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 16/9/2025
التحذير المصري: لا بد من “ناتو عربي” لمواجهة “عدو المنطقة”
بقلم: شاحر كلايمن
من كل الخطابات في القمة العربية في قطر، فان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بلا شك سرق العرض. مثل نظرائه في الدوحة، في دمشق، في عمان، وفي عواصم عربية أخرى شجب محاولة تصفية قادة حماس في الدوحة. ومع ذلك، تحدث حاكم القاهرة بشكل عملي اكثر.
أولا، طرح السيسي فكرة التعاون الأمني بين الدول العربية والإسلامية. ومنذ نهاية الأسبوع سربت الى وسائل الاعلام العربية انباء عن رغبة مصر في الدفع قدما بآلية كهذه. ومع ذلك، لأول مرة تصدر الفكرة الى الملأ من الرئيس المصري بنفسه.
“الغرور الإسرائيلي المتزايد يستوجب منا العمل على المباديء التي تعبر عن رؤيا مشتركة للامن الإقليمي”، قال السيسي. بل وتطرق لإسرائيل بالتلميح كـ “عدو” مع نهاية خطابه إذ قال: “مواقفنا يجب أن تغير رؤية العدو لنا بحيث يرى في كل دولة عربية، من المحيط الى الخليج، مظلة تغطي كل الدول الإسلامية والمحبة للسلام. وكي تتغير هذه الرؤية مطلوب قرارات وتوصيات قوية وعمل لتنفيذها بصدق بحيث أن كل عدوان يردع وكل مغامر يتلقى تحذيرا. في هذه الظروف التاريخية سيكون ضروريا بالنسبة لنا إقامة منظومة عربية إسلامية للتنسيق والتعاون تتيح لنا جميعا التصدي للتحديات العظيمة – الأمنية، السياسية والاقتصادية”.
اعلان نوايا
في هذه المرحلة يدور الحديث أساسا عن تحذير، إذ ان “ناتو عربي” سيعاني من صدام واضح في المصالح. مثلما في الماضي، ليست كل دولة سيسرها الانضمام الى المعركة مع إسرائيل من اجل الأخرى، ولا يهم كم يصار الى الحديث عن “دول شقيقة” وعن “تضامن”. ولا يزال، هذا اعلان نوايا محظور على إسرائيل أن تتجاهله. ميل على القيادة الإسرائيلية ان تتابعه.
ثانيا، الرئيس المصري توجه مباشر الى مواطني إسرائيل وهذه ظاهرة تكرر نفسها في اثناء الحرب وفي اطارها يجري زعماء الدول العربية فصلا بين الجمهور والحكومة الحالية. “لشعب إسرائيل أقول – ما يحصل الان يمس بمستقبل السلام، يهدد امن كل شعوب المنطقة، يمنع كل فرصة لاتفاقات سلام جديدة، بل يخرب على اتفاقات سلام قائمة مع دول المنطقة”، حذر السيسي، “التداعيات ستكون قاسية – المنطقة ستعود الى أجواء النزاع، والجهود التاريخية لاقامة سلام والإنجازات التي تحققت ستضيع هباءً. هذا ثمن سندفعه جميعنا بلا استثناء. لا تجعلوا جهود اسلافنا تذهب هدرا”.
وتوجه السيسي الى الإرادة في إسرائيل لتوسيع اتفاقات إبراهيم الى دول أخرى كالسعودية. وبالفعل، هناك تبين منذ الهجوم الإسرائيلي بان التطبيع مع الرياض آخذ في الابتعاد. منذ جلسة مجلس الشورى في المملكة، الهيئة الاستشارية للحاكم، عاد ولي العهد محمد بن سلمان ليطرح من جديد “المبادرة العربية”، وهو منحى اكثر تصلبا من “مسار مصداق لاقامة دولة فلسطينية”. ضمن أمور أخرى قال ان “مبادرة السلام العربية التي اطلقتها المملكة في 2002 تشكل اليوم المسار لتحقيق دولة فلسطينية. يبدو أن الغموض حول مواقف الأمير تبدد، وابن سلمان اختار السير على المضمون. على الأقل حتى وقف نار في غزة، تغيير الحكم في إسرائيل ووفاة الملك سلمان. هذه التطورات قد تسمح له بإعادة احتساب المسار.
رغم طوفان التنديد والاتهام، قيدت الدول العربية والإسلامية ردها في هذه المرحلة بالاعلانات فقط. يدور الحديث عن خطوة أبعد بكثير مما كانت حماس وباقي منظمات الإرهاب معنية به. هذا الأسبوع مثلا دعت حماس لاستخدام “سلاح النفط”، لفرض عقوبات اقتصادية ولاقامة “قوة عربية” تعمل بكل الوسائل لوقف الحرب الإسرائيلية.
خطوة الى الوراء
على هذه الخلفية كان أيضا من برد الأجواء. “تعالوا لنكون واقعيين”. الدول العربية التي لها علاقات مع إسرائيل لن تقطعها. الدول التي توجد فيها قواعد لواشنطن لن تغلقها. مصر لن تتراجع عن اتفاق الغاز وأبو مازن لن يتخلى عن الحكم في رام الله”، كتب في صحيفة “الشرق الأوسط” المحلل السعودي الكبير عبدالرحمن الراشد، “هذه اثمان سياسية باهظة، وحتى لو دفعتها الدول ذات الصلة لا هي ولا الفلسطينيين يحصلون على تنازلات او انتصارات في المقابل. وهكذا صب ضوء على المنطق من خلف سلوك الدول العربية: صحيح ان لإسرائيل يوجد تفوق عسكري لكن بالذات في الساحة السياسية هي تعاني من موقف ضعف.
------------------------------------------
هآرتس 16/9/2025
الانتقال الى دولة اسبرطة، نتنياهو صاغ لائحة اتهام رهيبة ضد نفسه
بقلم: يوسي فارتر
ربما انه في عقله المصاب بجنون العظمة أو في فيلمه الخيال، نتنياهو كان يامل ان يكون لخطاب “اسبرطة العظمى” الذي القاه تاثير مشابه لخطاب “الدم، العرق والدموع” الذي القاه ونستون تشرتشل. ولكن، مثلما في حالات كثيرة في الفترة الاخيرة، فانه تقريبا دائما خاب أمله.
رئيس حكومة بريطانيا وحد شعبه واثار حماسته في فترة صعبة بشكل خاص في الحرب العالمية الثانية، لكن في المقابل، نتنياهو فقط عزز الفهم الذي يسري بين الجمهور بان الخطر الحقيقي على وجود الدولة لا يكمن خارجها. فالاعداء المعروفين تم ضربهم، وهناك من يقول تم استئصالهم. هذا العدو بالتاكيد ايضا ليس الثورة الرقمية او “المنظمات غير الحكومية ودول مثل الصين وقطر”. قطر في هذا الوضع الحرج تحولت بمعجزة من “دولة معقدة” الى دولة معادية.
لكل هذا الشر هناك عنوان واحد وهو رئيس حكومة اسرائيل. هو، فقط هو، دهور بيديه الدولة الى الهاوية، وهو الذي حولها الى دولة مجذومة ومنبوذة واثار ضدها افضل الاصدقاء (“الولايات المتحدة الى جانبنا”، حاول بجنون عظمته ان يشجع عندما انهارت البورصة). الآن هو يحذر من عزلة سياسية متزايدة و”صناعات عسكرية الطريق امامها مغلقة”، ويقترح التعود على وضع “اقتصاد مع مؤشرات لدولة تعيش على الاكتفاء الذاتي”، وكأنه محلل. هؤلاء غير الضليعين في هذا المفهوم سارعوا الى تشات جي.بي.تي ووجدوا هناك امثلة: الاتحاد السوفييتي الشيوعي، المانيا النازية عشية الحرب وكوريا الشمالية. هذا هو حلم نتنياهو، عشية رأس السنة، لمواطني الدولة.
“توجد لنا مشكلة محددة في غرب اوروبا”، هكذا حلل نتنياهو وربط الوضع بهجرة المسلمين الى الدول الغربية. “هذا يخضع الحكومات هناك لقضية غزة وينكرون الصهيونية”. من هم المقصودون؟ المستشار الالماني مارتس؟ رئيس وزراء بريطانيا ستارمر؟ الرئيس الفرنسي ماكرون؟ هل هؤلاء ينكرون الصهيونية أم سياسة نتنياهو الاجرامية والمجنونة؟. بالعكس، لينهي الحرب ويعيد الرهائن وليوقف احاديث المخادعين سموتريتش وستروك وشركاءهم حول احتلال غزة وتحويلها الى دولة يهودية – وسنرى ماذا سيحدث.
من جهة، نتنياهو يستحق الثناء، حيث انه للمرة الاولى قدم رئيس الحكومة وصف حقيقي وبائس لوضعنا اليوم. من جهة اخرى، هو بث انكار مطلق مريض نفسيا للجهات التي اوصلتنا الى الهاوية. بعد 710 ايام على الحرب وعشية العملية البرية في القطاع، التي فقط ستفاقم وضعنا، وقبل اسبوع من مهرجان الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العمومية للامم المتحدة، هو ما زال يتحدث (والى جانبه وزير الخارجية الامريكي ماركو روبيو) عن “تدمير حماس”، “حتى المخرب الاخير”، نزع سلاح غزة والتهجير، باعتباره المخرج الوحيد لانهاء الحرب. انقطاع مطلق وخطير عن الواقع.
لائحة اتهام مصاغة بشكل انيق
عندما يحدث خطأ فظيع في نشر الرسالة، وهو المجال الوحيد الذي فيه هذا الشخص بشكل عام لا يفشل، فانه لا يوجد ما يمكن استخلاصه باستثناء أننا نمر في فترة صعبة. هو خائب الامل من الفشل في قطر؛ يشعر بالمرارة تجاه الجيش الذي يحذر من عشرات الجنود القتلى في عملية عديمة الجدوى لاحتلال مدينة غزة؛ ونفد صبره تجاه عائلات المخطوفين، وتجاه هيئة المخطوفين والمفقودين، وتجاه كل المنظومة الامنية التي تحذر من ان بعض المخطوفين الذين نجحوا في البقاء على قيد الحياة يمكن أن يقتلوا، ايضا تجاه وزارة المالية لديه انتقاد لاذع.
خطابه امس، الذي نقلنا من دولة شركات ناشئة الى دولة اسبرطة، القاه في مؤتمر المحاسب العام في الوزارة التي يترأسها الوزير بتسلئيل سموتريتش، الذي جلس في الصف الاول وبالتاكيد كان راض. هذا هو حلمه: دولة تعيش بعون الله واقتصاد يعيش بعون الله.
عندما استوعب الكارثة الاعلامية التي اوقعها بكلماته اوضح نتننياهو الموضوع. هو يريد ان يرى المزيد من الاموال تتدفق للصناعات الامنية، لا سيما الانتاج وليس التطوير. هذا مضحك وسخيف. العزلة لها اوجه كثيرة. الدولة التي تحول العيش مثلما كان الامر في 1948 مع تجنيد السلاح من تحت الطاولة في كل انواع الدول، هذه الدولة لن تعيش. ايضا لا توجد امكانية لانتاج السلاح المتطور بشكل فردي. ليس هناك فقط عولمة في الاقتصاد، بل ايضا هناك عولمة في التكنولوجيا. بكلمات اخرى، باستثناء صياغة ببلاغة استثنائية لائحة اتهام فظيعة ضد نفسه وضد حكومته، فان نتنياهو لم يحقق أي شيء. نحن سجلنا خسارة اخرى تثير القشعريرة.
سنوات كثيرة وربما عقد، استهزأ بمن حذروا من تسونامي سياسي. طالما أنه لم يتصرف كسياسي مع اعتبارات ومسؤولية، ولا نقول عقلانية، فان التسونامي بقي مثابة اقوال هراء. العلاقات مع اوروبا ازدهرت، اتفاقات ابراهيم وقعت (بالضبط قبل خمس سنوات)، وتوسيعها مع السعودية ودول اسلامية اخرى كان يبدو امر مؤكد، والتعاون الامني مع مصر والاردن كان سليم. الافق ظهر وردي، التنبؤات، حتى تنبؤاته هو نفسه، هي انه عندما ستنتهي الحرب فان صوت القنابل في غلاف غزة سيستبدل بانفجار اقتصادي ونمو سريع. أمس هو قتل هذه التوقعات؛ ما هو الاقتصاد اذا لم يكن توقعات.
منذ سنتين تقريبا هو يدير حرب مجنونة واستحواذية، تجبي ثمنا باهظا وزائدا من حياة البشر والمناعة الاقتصادية ومكانة اسرائيل الدولية. الف ضوء احمر لم تجعله يتوقف. في هذه الاثناء هو يبدو اما كشخص نزل كليا عن السكة أو كشخص يصرخ من داخله كي ينقذه احد من نفسه، من هاوية الاخطاء التي ارتكبها ضد نفسه وضدنا. منذ اليوم الذي فتحت فيه تحقيقات ضده وحتى اليوم الـ 711 لحربه التي لا تنتهي.
وزيرة كمثال
الظاهرة القصوى التي لا تحتمل، والتي تسمى ماي غولان، لم تكن لتظهر للعالم لولا بنيامين نتنياهو. هو في الواقع لم يكن يستطيع ان يمنع انتخاب غولان في اسفل قائمة الليكود، لكنه بالتاكيد لم يكن ملزم بتعيينها في منصب وزيرة بدون حقيبة (لمكانة المرأة) – وهو منصب ابتزته منه بالتهديد عند اداء الوزارة لليمين.
هو بالتاكيد لم يكن ملزم باعطائها وزارة المساواة الاجتماعية، مع كل ميزانياتها وكل الجهات التي تعالجها، الجهات الضعيفة في كل المجتمع، النساء، المسنين، الناجين من الكارثة، المثليين، وبالاساس الوسط العربي، الذي رأى غولان وهي تحاول تصفية تنفيذ الخطة الخماسية، التي كان يمكن ان تبدأ في اصلاح مظالم كثيرة استمرت لسنوات ضده.
لقد عرفنا في السابق وزراء فاسدين تعاملوا مع خزينة الدولة وكأنها صندوقهم الخاص. جميعهم احتاجوا الى فترة خبرة وتكيف كي يفسدوا بما فيه الكفاية وأن يمدوا يدهم الى اموال الجمهور. غولان هي حالة استثنائية في ذلك لانها جاءت وهي فاسدة اصلا. فقد تعاملت مع الميزانية التي اعطيت لها كوديعة سخية ومرنة، التي يمكن ان تسحب منها اموال بطرق ابداعية. تحقيق “اخبار 12” بقسميه، طرح صورة مدهشة ومقززة في نفس الوقت، التي بحسبها هي لن تترك أي طريقة أو أي تلاعب كي تخلق لنفسها وللمقربين منها مداخيل جانبية.
صناعة خداع ادارتها هناك مع طاقم مخلص، الذي معظمهم الآن يتم التحقيق معه، وهناك تقريبا ايضا من يفحص التحول الى شاهد ملكي. في محاولة يائسة تصل الى حد تشويش الاجراءات، رفضت القدوم للتحقيق معها في الشرطة، لكنها شاركت في جلسة تمديد اعتقال احد المستشارين المقربين منها بشكل خاص. أي انه في الوقت الذي كان يجب عليها فيه ان ترد على اسئلة المحققين، استغلت الحصانة وذهبت الى المحكمة للسماع منهم الاتهامات التي بسببها يستطيع المقربون منها القاءها عليها، والاشارة لهم خلال ذلك بانه من الافضل لهم ان لا يفعلوا ذلك.
بدرجة كبيرة غولان تمثل باخلاص الحكومة وائتلاف نتنياهو. عنصرية، وهي تتباهي بذلك، غليظة القلب، ولها حنجرة تنشر السم ولسان غير مفلتر، يكثر من شتم ولعن خصومها، وليس فقط هم؛ محاطة باشخاص مشكوك فيهم، فاسدون مثلها، الذين يعيشون ملذات؛ امس في اقتحام شرفة بيت رئيسة مكتبها، تم العثور على مختبر للمخدرات، الذي هو لا يرتبط بالموضوع. بعد ذلك تبين ان موضوع المخدرات من جهة اخرى، بالتحديد طرح في التحقيق في قضايا غولان.
الشخص الوحيد الذي تحرص غولان على تملقه، اضافة الى نتنياهو، هو ايتمار بن غفير، الذي عالج امس ازمته مع المفتش العام للشرطة داني ليفي. بن غفير غطى على غولان اكثر من اصدقائها في الليكود. في اوساط اعضاء الحكومة والكنيست من الحزب هي تعتبر من المكروهين جدا. ومن غير الواضح اذا كان بن غفير سيحاول من اجلها، لكن بالنسبة لليفي فان هذا في كل الحالات اختبار آخر لاستقلاليته. معظم العمل قام به من اجله المراسلون، والآن بقي له أن يتأكد من ان هذا العمل سينتهي كما هو مطلوب.
غولان احتاجت الى وقت للاستيقاظ، وقد ارسلت رد لوسائل الاعلام فيه: “لقد ترعرعت في جنوب تل ابيب مع المدمنين والمومسات، المستشارة القانونية للحكومة لن تخيفني”. بخصوص الجزء الجيوغرافي في سيرتها الذاتية هي على الاقل تقول الحقيقة. بخصوص المستشارة القانونية للحكومة فان غولان دائما تذهب خطوة اخرى ابعد من كل المجموعة. هي تقارن وتضخم. كم هي المفارقة، ان وزيرة المساواة الاجتماعية تستخدم هذه الامثلة من اجل ارسال رسالة.
------------------------------------------
معاريف 16/9/2025
مع انهيار مكانتها..هل سيكون نتنياهو آخر رئيس وزراء لإسرائيل؟
بقلم: بن كسبيت
حتى بعبارات نتنياهو، الرجل الذي سبق أن قال كل الأشياء الأكثر انحطاطًا التي يمكن تخيلها، فإن هذا البيان استثنائي في فساده وسخافته وجنونه. لقد فقد هذا الرجل مكابحه وتوازنه تمامًا واتصاله بالواقع. هذه حقيقة. إن استمراره في قيادة سفينة تيتانيك الخاصة بنا يشكل خطرًا على الأرواح.
لا ينبغي أن تصبح إسرائيل اسبرطة أو كوريا الشمالية. هذا ليس قضاءً وقدرًا، بل اضطرار مفروض علينا. كان بإمكان إسرائيل أن تكون دولة رائدة ومحبوبة ومقبولة ومشهورة، ومنارة للتكنولوجيا والاستخبارات والقيادة والاقتصاد في الشرق الأوسط أيضًا، لو لم تكن بقيادة تلك المجموعة الجامحة من المتوحشين الذين جلبهم هذا الرجل علينا. كيف أعرف كل هذا؟ من حقيقة أننا كنا كذلك، قبل فترة ليست طويلة. حاول أن تتذكر.
نتنياهو مقتنع بأن إسرائيل تتحول إلى دولة منبوذة هذه الأيام بسبب الهجرة وسيطرة الإسلام على أوروبا. بالمناسبة، حتى أعز أصدقائه في المجر، الذين لم تغمرهم الهجرة، صوّتوا لصالح الاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة في التصويت الأخير. هم و112 دولة أخرى، عدد كبير منها لا علاقة له بالهجرة. بينما يدعونا نتنياهو إلى أن نصبح مثل اسبرطة (ويقصد كوريا الشمالية)، فإنه يدفع باتجاه زيادة صادرات الغاز الطبيعي وزيادة هائلة في عقود التصدير، بطريقة ستستنزف احتياطياتنا من الغاز في عشرين عامًا، أو أقل. هذا رقم واقعي ومهني. إذا كنا سنصبح معزولين ومنبوذين، يا سيد نتنياهو، ألا يجب علينا الحد من صادرات الغاز فورًا وتقليصها إلى الحد الأدنى؟ أم تعتقد أنه بعد رحيلك، سنُدعى إلى تسخين الطعام على النار والقتال بالحجارة والعصي؟
الحقيقة هي: إننا نفقد شرعيتنا ونصبح دولةً مُنبوذة بسبب “الهجرة الإسلامية”، تمامًا كما وقعت مجزرة 7 أكتوبر بسبب “الكابلانيين”. لقد عانت إسرائيل من المقاطعة والنبذ طوال معظم فترة وجودها. لسنوات طويلة، لم تعترف أجزاء كبيرة من العالم بحقنا في الوجود. في سبعينيات القرن الماضي، كانت هناك مقاطعة نفطية ضخمة. ابتعدت علامات تجارية عالمية كبرى مثل تويوتا وماكدونالدز عن إسرائيل، ولم تأت إليها إلا بعد اتفاقيات أوسلو. لطالما عرفنا كيف نواجه، وكيف نشقّ دروبًا جديدة، وكيف نقف بفخر أمام العالم ونناضل من أجل حقيقتنا.
دائمًا، إلا في هذه الأيام، حين يُفكك نتنياهو وحكومته بمفردهما كل ما بُني هنا في العقود الأخيرة. لقد أسس الرجل حكومةً قوميةً مسيحانيةً متطرفةً، وعيّن أكثر الوزراء تطرفًا وجرأةً في الترسانة السياسية، وخالف جميع المواثيق الدولية، والأسوأ من ذلك كله، أنه بدأ حربًا لم تعد ضرورية منذ زمن. في السابع من أكتوبر، اتفقنا. كان ينبغي توجيه أقوى ضربةٍ لحماس في تاريخها، وأن تُحفر في الوعي الفلسطيني والإسلامي والعالمي بأن من يرتكب هذه الجريمة ضد اليهود يدفع ثمنها بالدم والعرق والدموع والكوارث. لقد تحقق كل هذا منذ زمن بعيد. غزة كلها خراب، مُدمرة بالكامل. قُتل أكثر من 60 ألفًا من سكان غزة. نصفهم من المدنيين.
القيادة بأكملها، القيادة بأكملها، من صغار وكبار، وكل ما بينهما، كل البدلاء وبديلي البدلاء. دُمّرَ كل شيء. لكنه يُصِرُّ على مواصلة تدمير غزة وتفكيكها، وكذلك إسرائيل، وجيش الدفاع الإسرائيلي، والمجتمع الإسرائيلي، وعائلات الرهائن، ويتخلى عنهم، فقط كي لا تنتهي هذه الحرب أبدًا. ثم يدّعي أن ذلك بسبب “الهجرة الإسلامية”. في عالم ُصْالِح، كان ينبغي إرسال الرجل للمراقبة. إسرائيل رهينة في يد زعيمها المُنتَخَب. يجب إعلان إجراء هانيبال على البلاد. يجب إنقاذها. ربما حتى وضعها في “الحجز الوقائي”. وبالطبع، كل ما قيل هنا يهدف إلى أفعال تتوافق تمامًا مع القانون وقواعد الاحتجاج الديمقراطي، دون أدنى عنف.
لاحظوا أنه بينما يشرح لنا الرجل أننا بحاجة إلى التعود على أن نكون مثل اسبرطة، أو حتى كوريا الشمالية، فإن الصراع السياسي بين اسرائيل كاتس، وجلعاد اردان، ودودي أمسام يُصعّب على صناعة الطيران إنتاج صواريخ اعتراضية ومكونات أخرى أساسية لدفاعنا. يحدث هذا فقط لأن كاتس لا يريد تقوية اردان في صراع الخلافة، في اليوم الذي يلي نتنياهو. المشكلة هي أنه يبدو الآن أنه لن يكون هناك يوم كهذا. إذا لم نعد إلى رشدنا، فسيكون نتنياهو آخر رئيس وزراء هنا.
إن الكلمات الفاسدة للرجل المسؤول عن أمننا تأتي من مكان بسيط: فكما خطط بعناية لذريعته وهروبه من اللوم الملقى عليه فيما يتعلق بـ 7 أكتوبر، كذلك الحال مع التسونامي السياسي الذي يهدد بإغراقنا: يقول نتنياهو إنه ليس أنا، بل الهجرة الإسلامية، ومعاداة السامية، والكابلانيون، وكل شيء وكل شخص إلا أنا. كالعادة. في كلماته، ذكر نتنياهو اسبرطة. يا له من خيال رومانسي أن نتخيل الإسبرطيين الأبطال، الزاهدين، الذين تمكن بضع مئات منهم من صد جيش فارسي عظيم. المشكلة هي أن اسبرطة انقرضت. ضاعت واختفت. لم تعد موجودة اليوم (أعيد بناء قرية صغيرة تحمل هذا الاسم في العصر الحديث). ما نجا هو أثينا. أثينا نفسها التي يحاول نتنياهو تدميرها بكل قوته: مهد الثقافة والعلم والتقدم والديمقراطية. إنه يُدمر أثينا، ملاك التخريب، ولا يسعى لإقامة اسبرطة مكانها، بل بيونغ يانغ. يريد كوريا الشمالية. إنه ليس ليونيداس، ملك اسبرطة، بل يطمح إلى أن يكون كيم جونغ أون. بالمناسبة، من اعتنق اسبرطة وثقافتها وأساطيرها هم النازيون. كتابةً وشفهيًا وممارسةً. وهنا أيضًا، نعرف كيف انتهت الأمور. حتى تشكيل الحكومة الحالية، كانت إسرائيل تنتمي إلى العالم الغربي، إلى الثقافة الغربية، وتتمتع بعلاقات عامة رائعة. يستطيع نتنياهو أن يتذكر “عملية النقب” التي أسسها هنا المدير العام لوزارة الخارجية خلال فترة الأشكناز-لبيد، ألون أوشبيز. مؤتمرٌ عُقد هنا، في النقب الإسرائيلي، شارك فيه، بالإضافة إلى لبيد ووزير الخارجية الأمريكي بلينكن، وزراء خارجية الإمارات والبحرين والمغرب ومصر. حدث ذلك منذ فترة ليست بالبعيدة. كان من الممكن أن يستمر ويتكثف. حتى السابع من أكتوبر، كانت إسرائيل موضع إعجاب جزء كبير من العالم، بما في ذلك دول لم تكن تربطها بها علاقات. نتنياهو نفسه يمتلك أسهمًا تفضيلية في “اتفاقيات إبراهيم”. لأن الدولة تُقاس بسلوكها، وسلامتها العقلية، وقدرتها على العيش بين الأمم، ووفقًا للمعايير المتعارف عليها. إسرائيل نتنياهو ترفض كل هذا، أو بالأحرى، تُدمره. ثم يتحدث عن “الهجرة الإسلامية”.
بلغت جرأة نتنياهو أوجها في هذا الحدث، لا سيما وأن من وقّع على انهيار مكانة إسرائيل، ودعايتها، وشرعيتها، هو من أهمل إلى حدّ الانهيار “شبكة الدعاية الوطنية” التي يُفترض أن تُدير كل هذا. ولم يكتفِ بإهمال الشبكة، بل دمّر وزارة الخارجية بشكل منهجي على مدى سنوات طويلة. فقط خلال فترة حكومة التغيير، برئاسة بينيت ولبيد، عُيّن في شبكة الدعاية الوطنية رؤساء ومدراء تنفيذيين ذوي كفاءة، وبدأوا عملية بناء قوة، وعقيدة قتالية، وتخطيط طويل الأمد. إلا أن تلك الحكومة سقطت بعد عام، وعادت الفوضى مع نتنياهو. نتنياهو هو الطفل الذي قتل والديه، ثم طلب لاحقًا تخفيف عقوبته لأنه يتيم. يا للوقاحة! أتساءل كيف سيُدير نتنياهو منصبه كرئيس وزراء اسبرطة دون سيجار. يعلم أنه لا أمل لنا في إنشاء صناعة سيجار كوبية تليق بهذا الاسم هنا. وكيف ستتدبر “السيدة” أمرها دون رحلات فاخرة لقضاء عطلات نهاية أسبوع طويلة على حسابنا في “كناف تسيون”. إلى أين ستتجه هذه الطائرة؟ مع ذلك، هناك أمر واحد يطمئننا: ربما لن ينقصنا القنب. انظروا، هناك بالفعل من في حكومة نتنياهو تحولوا إلى الإنتاج الذاتي.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 16/9/2025
مع دخول إسرائيل عصر “المحنة الكبرى”: سننهار كما انهارت إسبرطة
بقلم: بن درور يميني
انتهت الكلمات. سُحقت الاحتجاجات. أُسكِت المستشارون. تبخرت الآمال. سقط المحراث. وجيش الدفاع الإسرائيلي يخوض أكثر الحروب إثارة للجدل على الإطلاق. الشعب لا يريدها. وحده نتنياهو يريدها. ولا حكومة. ولا مجلس وزراء. ولا مجلس أمن قومي. لا يهم ما تقوله جميع العناصر المهنية. وفي الحكومة لا يوجد أحد، ولا حتى واحد، لا يكون أرنبا. هناك حاكم أعلى، كل قرار له حكمه الأعلى. لذا، لا داعي للانتظار. نحن ندخل بالفعل عصر المحنة الكبرى.
كانت هذه هي الحرب التي كان من المفترض أن تكون الأكثر عدلاً. ولكن بطريقة ما، وبعد عامين، و900 جندي سقطوا في المعركة، وبعد أن تم دفن الجزء الأكبر من قوة حماس بالفعل، وبعد عدم وجود تهديد حقيقي لـ 7 أكتوبر آخر – لم يتبق لحماس سوى سلاح واحد. حتى لو فزنا في المعركة – فستكون هزيمة في الحرب. سيكون الضرر الذي يلحق بإسرائيل أكبر بكثير من الفائدة، وهو أمر مشكوك فيه. ما الذي يمكن تحقيقه ولم نحققه في العامين الماضيين؟ لقد غادر 300 ألف مدينة غزة. دعنا نقول أكثر من ذلك. ومع ذلك، هناك مئات الآلاف هناك. كثير منهم لا يستطيعون المغادرة حتى لو أرادوا ذلك. ستحولهم حماس إلى دروع بشرية. تريد قتلهم جماعيًا. هذا هو السلاح. نعم، حماس هي المسؤولة. حماس وحدها. لكن الفشل السياسي والدولي معروف مسبقًا. كيف بحق الجحيم تمكنتم من قيادتنا من أكثر الأماكن عدلاً إلى أكثر الأماكن بؤسًا؟ كيف تعلم، وتعترف، بأننا نتحول إلى “اسبرطة عظمى”، وتجد صعوبة في فهم أن هذا بالضبط ما أرادته حماس؟ ففي النهاية، انهارت اسبرطة، التي عاشت على السيف.
نأمل أن تكون لديكم فكرة عما تفعلونه. فبعصا سحرية – اذ أنتم ساحرون في نهاية المطاف – سيأتي التغيير الذي طال انتظاره. ففي النهاية، تحققت نجاحات ضد إيران وحزب الله. وكان هناك أمل بأن النور بدأ يسطع في نهاية النفق. لكن من ظنّ أنكم تريدون شيئًا واحدًا فقط: حربًا لا تتوقف، كانوا محقين. فبدلًا من دخول غزة، كان من الممكن قبول الخطة المصرية، التي عُرضت في بداية آذار. وقبل بضعة أسابيع، كانت هذه أيضًا جميع الدول العربية، التي اقترحت في وثيقة مشتركة ليس فقط إنهاء حكم حماس، بل أيضًا نزع سلاحها. ليس الأمر أن حماس كانت ستتحمس، بل يمكن الافتراض أنها كانت سترفض. لكن إسرائيل كانت ستمنع على الأقل عن نفسها جزءًا كبيرًا من الانهيار السياسي.
لقد قال نتنياهو أمس: “لم تفشل عملية قطر”، بل أوضح: “الهدف الرئيسي الذي أردناه هو إيصال رسالة”. نسمع ولا نصدق. ماذا يقول تحديدًا؟ ما الرسالة التي تم إيصالها؟ وهل شكّ أحدٌ في أن يد إسرائيل-اسبرطة الطويلة قادرة على الوصول إلى أي نقطة؟ نحن نعلم. أعداؤنا يعلمون. لقد وصلنا بالفعل إلى قلب طهران وقلب اليمن والطابق الخامس تحت الأرض في بيروت. فما الرسالة الإضافية التي كان علينا إيصالها؟ لقد تم إيصال الرسالة منذ زمن طويل. إسرائيل قوة عظمى. لكن نتنياهو قرر أنه يجب عليه إلحاق الضرر بالإنجازات. ولأول مرة منذ سنوات طويلة، نجح نتنياهو في دفع الدول التي وقّعت اتفاقيات سلام مع إسرائيل إلى أحضان الدول التي تسعى للقضاء عليها.
يصف نتنياهو هذا الفشل الاستراتيجي بأنه إنجاز
في اللحظة التي تحدث فيها نتنياهو، اجتمع قادة الدول العربية والإسلامية في قطر. وصلوا إلى حالة الإخوان المسلمين. حصلت قطر على ترقية لم تحلم بها قط. هذه هي الدولة التي موّلت حماس. هذه هي الدولة التي ترشي العالم أجمع. هذه هي الدولة التي تُموّل حملات القضاء على إسرائيل. وقد أصبحت هذه الدولة أقوى بكثير مما كانت عليه. كانت إيران حاضرة أيضًا، مُتحالفةً مع دولٍ كان يُفترض أنها تحتقرها. ويُصنّف نتنياهو هذا الفشل الاستراتيجي إنجازًا. أورويل يتقلب في قبره.
سيدي رئيس الوزراء، مئات الآلاف من العائلات تعود إلى الخوف. كنا خائفين أيضًا في الأسابيع الأولى بعد 7 أكتوبر. ولكن بعد ذلك، كان هناك سبب. ثم كان هناك مبرر. ثم كان هناك دافع. ثم أصبحت حربًا لا خيار فيها. ولكن الآن؟ ماذا تريدون؟ إلى أين تقودوننا؟ من سيسيطر على سكان قطاع غزة؟ من سيوفر لهم الخدمات الصحية؟ من سيوزع عليهم الطعام؟ كم ستكلفنا من الدماء؟
في ظل الظروف الراهنة، حماس تتوق لدخولنا قطاع غزة. تريد أن تغرق إسرائيل في مستنقع. حماس تعلم، وليس حماس وحدها، أن إسرائيل ستصبح أكثر فسادًا. هل حقًا لا تعرف ما تعلمه حماس؟ هل حقًا لا تعرف أن حماس رفضت كل اتفاق لأن هذا ما أرادته بالضبط؟ هل أنتم مذهولون إلى هذا الحد؟ هل أنتم مصرون على الوقوع في الفخ؟ هذه الأمور مصدر قلق وصرخة. لأننا نحب هذا الوطن. نودُّ أن نصدق أن لديكم فكرةً عمّا تفعلونه. لكن عندما يتعلق الأمر بالانحدار الذي وصلتم إليه إسرائيل، يصعب علينا تصديق ذلك. ونحن نمرّ بأوقاتٍ عصيبة.
------------------------------------------
يديعوت 16/9/2025
بينما حدد نتنياهو قطر كعدو، يحاول روبيو إعادة ربط الدوحة بصفقة الرهائن
بقلم: ايتمار آيخنر
بعد محاولة اغتيال قادة حماس الفاشلة في الدوحة، كان من المهم لوزير الخارجية الأمريكي التأكيد على أن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة لم تتأثر بأي شيء. بهذه الرسالة، يغادر إلى قطر، على أمل أن تتمكن الإمارات من التوصل إلى وقف إطلاق نار. نتنياهو يبذل قصارى جهده من أجل قطر. لا ضرر في أن تكون قضية “قطر جيت” في الخلفية.
يغادر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إسرائيل اليوم الثلاثاء في زيارة غير مقررة إلى العاصمة القطرية الدوحة. تأتي هذه الزيارة بعد يوم من إدانة قادة “القمة العربية الإسلامية الطارئة” إسرائيل بشدة، وفي ضوء محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت قادة حماس في الدوحة، دعوا “جميع دول العالم إلى إعادة النظر في علاقاتها مع إسرائيل”.
كان من المهم جدًا لروبيو أن يؤكد خلال زيارته للقدس أن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة لم تتأثر بأي شيء. تدعم واشنطن إسرائيل، ورغم استيائها من الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، إلا أن ذلك لم يُغير الموقف الأمريكي الأساسي: يجب إطلاق سراح جميع الرهائن الثمانية والأربعين، وتحرير غزة من قبضة حماس.
لم ينتقد روبيو العملية الإسرائيلية في الدوحة. الأمريكيون يريدون إبقاء جميع الخيارات مفتوحة. وحسب المعلومات المتاحة، لم تُبذل أي محاولة خلال اجتماعات روبيو مع نتنياهو لمنع إسرائيل من احتلال غزة. يدرك الأمريكيون أن العملية قد بدأت، لكنهم ما زالوا يعتقدون بإمكانية التوصل إلى صفقة رابحة: ربما يمكن استغلال القطريين للتوصل إلى صفقة رهائن تُفضي إلى وقف إطلاق النار.
توقيت زيارة المسؤول الأمريكي الكبير إلى الدوحة مثير للاهتمام: فهو يصل إلى قطر في اليوم التالي للقمة التي وُجهت فيها التهم والتهديدات لإسرائيل، ولكن من ناحية أخرى، لا أحد يرغب في الخلاف مع الرئيس دونالد ترامب. الرسالة واضحة لا لبس فيها: إسرائيل مسنودة من أمريكا. وقال مصدر مطلع على التفاصيل: “هناك الكثير من الغموض هنا، ويحاولون التلاعب به لتحقيق نتيجة”. كما تحدث روبيو عن التزام قطر بتحقيق النتيجة المرجوة المتمثلة في إطلاق سراح الرهائن.
بعد أن يختتم وزير الخارجية زيارته إلى قطر، سينضم إلى زيارة ترامب إلى بريطانيا. التقييم السائد في المجتمع الدولي هو أنه على الرغم من غضب قطر ومحاولتها تشكيل جبهة دولية واسعة ضد إسرائيل، لا تزال الدوحة ملتزمة بدورها كوسيط، ولا تزال مهتمة بالتفاوض على صفقة مع حماس.
خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع روبيو، كانت رسائل نتنياهو حادة: إسرائيل ملتزمة بإطلاق سراح جميع الرهائن وإخضاع حماس، والعملية في قطر لم تفشل (ما زلنا ننتظر التقارير النهائية)، وعلى أي حال، كانت الرسالة الإسرائيلية واضحة: لا حصانة للإرهابيين في أي مكان. كما انتقد نتنياهو نفاق المجتمع الدولي لعدم انتقاده الولايات المتحدة على أفعالها ضد أفغانستان وباكستان بعد أحداث 11 سبتمبر.
تهرب نتنياهو في رده على سؤال موقع Ynet عما إذا كان قد أبلغ الولايات المتحدة مسبقًا بالهجوم في قطر أم أن الأمريكيين علموا به من أقمارهم الصناعية. على أي حال، برّأ نتنياهو واشنطن، مؤكدًا أن مسؤولية هجوم الدوحة تقع عليه وعلى إسرائيل، وأنه عمل مستقل. كما وجّه نتنياهو تهديدًا ضمنيًا لدول العالم التي تخطط للاعتراف بدولة فلسطينية: “إذا اتخذوا خطوات أحادية ضدنا، فسنرد بخطوات أحادية”.
وأفاد مقر عائلات المخطوفين: “للمرة الثالثة خلال الأيام الأخيرة، التقت عائلات المخطوفين بوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو. وأكدت العائلات له أن اتساع رقعة القتال يُعرّض حياة المخطوفين الأحياء للخطر، وقد يؤدي إلى اختفاء القتلى. وحثّوا إدارة ترامب على التحرك لاستئناف المفاوضات في أقرب وقت ممكن، مع العلم أن وقت المخطوفين والمختطفين ينفد”.
من تصريحات نتنياهو في الأيام الأخيرة، يتضح أن قرارًا إسرائيليًا اتُخذ لشن هجوم شامل على قطر. ربما نابع من “القمة الطارئة” للقادة العرب، أو ربما خلص نتنياهو إلى أن ذلك يصب في مصلحته، لا سيما في ضوء قضية “قطر جيت” التي يُشتبه في أن مستشاريه على اتصال بها مع حكومة الدوحة. هناك محاولة هنا لتصوير قطر كدولة معادية. يتهم نتنياهو كلاً من قطر والصين بفرض حصار سياسي واقتصادي على إسرائيل. ويتعلق الاتهام الموجه للصين بمخاوف إسرائيل من أنها تساعد إيران في إعادة بناء برنامجها النووي، وتزويدها بأنظمة دفاع جوي، ووفقًا لتقارير غير مؤكدة، طائرات مقاتلة. ويهدف توجيه أصابع الاتهام إلى الصين إلى إرسال رسالة إلى ترامب بأنه يعتبر الدولة الآسيوية منافسًا شرسًا.
------------------------------------------
هآرتس 16/9/2025
للإسرائيليين في “إسبرطة نتنياهو”: هل استمعتم إلى ما قاله السيسي؟
بقلم: أسرة التحرير
في الوقت الذي اجتمع فيه زعماء إيران والسعودية والأردن ومصر، ومندوبون من دول أخرى في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في قمة طارئة في الدوحة، عقب محاولة إسرائيلية لاغتيال فريق حماس المفاوض، عرض نتنياهو عزلة إسرائيل كقضاء وقدر. في خطاب أمام كبار مسؤولي وزارة المالية، اعترف نتنياهو بأن إسرائيل في “نوع من العزلة”، واقترح “التصرف كدولة إسبرطة” وتحويل الاقتصاد والمجتمع إلى آلة حرب.
لا يكتفي نتنياهو بمحاولة تبرير الفشل السياسي والأمني؛ بل يحاول منحه آلة أيديولوجية. غير أنه بخلاف تفسيراته الشعبوية، فالعزلة لا تنبع من “حملات قطرية” أو “أقليات إسلامية كفاحية” في غرب أوروبا، بل من سياسة حكومته. وبدلاً من الإنصات إلى تحذيرات شركاء إسرائيل ورسالة الأسرة الدولية لإعادة المخطوفين ووقف التدمير في غزة والمضي بحل سياسي، يروج نتنياهو لحياة في حصار أبدي.
بدلاً من تهدئة الجمهور والوعد بأن يفعل كل شيء لإيقاف العزلة السياسية، يلمح بتهديدات جديدة وغامضة. “حتى عندما تهزم قوة عظمى ما، ستصعد قوى أخرى إلى السطح… لن أذكر أسماءها. فكروا بينكم وبين أنفسكم ما هي المخاطر”، قال. حين تقال مثل هذه الأمور وعلى خلفية قمة دولية، فلا حدود للخيال ولا لانعدام المسؤولية لدى “سيد أمن”.
الانقطاع ليس عن العالم فقط. فإصرار نتنياهو على توسيع المناورة البرية في مدينة غزة، بخلاف موقف رئيس الأركان وكبار رجالات جهاز الأمن، يكشف عمق الشرخ. فبينما يحذر الجيش من أن دخولاً إلى عمق المنطقة يعرض حياة المخطوفين للخطر ويورط إسرائيل في قتال لا نهاية له في حرب عصابات مدينية، ها هو رئيس الوزراء مصمم على “تسريع الحملة”، وانكشف نتنياهو أمس أنه -حسب رئيس الأركان- لا يوضح للجيش الإسرائيلي أي هدف للخطوة. لا يمكن التقليل من جسامة خطر انقطاع كهذا، حيال العالم والجيش على حد سواء. إسبرطة ليست نموذجاً على دولة محبة للحياة أن تتبناه. من يسعى لجعل إسرائيل إسبرطة، يقودها إلى كارثة. على الإسرائيليين الاستماع للأقوال التي وجهها إليهم أمس الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من الدوحة. “ما يحصل الآن يمس بمستقبل السلام، ويهدد أمنكم وأمن شعوب المنطقة كلها، ويمنع كل فرصة لاتفاقات سلام جديدة، بل ويمس باتفاقات السلام القائمة مع دول المنطقة”.
بدلاً من رفع أسوار الغيتو، على إسرائيل أن تفعل العكس: أن توقع على صفقة مخطوفين، وتوقف الحرب، وتقول نعم لشراكة إقليمية، وتستمع للعالم وتقبل استعداده لأن يكون ضامناً لليوم التالي في غزة.
------------------------------------------
هآرتس 16/9/2025
قناة دافيد زيني للاتصال المباشر مع الله !
بقلم: حاييم فايس
الجنرال دافيد زيني، المرشح الرسمي من قبل نتنياهو لرئاسة جهاز "الشاباك"، معجب بشخصية باركوخبا، زعيم التمرد ضد الرومان في القرن الثاني للميلاد. من الجدير فهم معنى مقاربته والضوء الآخر الذي تسلطه على الرؤية المسيحانية الأصولية لزيني، الذي نما في حوض الحاخام تسفي تاو.
كما أشار هيلو غلزر في مقاله، في احتفال الذكرى بـ "شهداء" كتيبة "نيتسح يهودا" في نيسان، تحدث الجنرال زيني في قاعة مليئة عن تمرد باركوخبا ونتائجه، التي سماها "رسالة للأجيال". قال وهو ينظر الى الأوصاف المخيفة في التلمود والمدراش، وتنكيل الجنود الرومان بجثث محاربي باركوخبا: "الله حكم مثلما حكم الحاخام عكيفا، أي ان باركوخبا هو الملك المسيح. والدليل على ذلك هو ان عشرات آلاف جثث شهداء حرب باركوخبا لم تتعفن رغم ان الرومان صنعوا من جثثهم سوراً وتركوها تحت أشعة الشمس سبع سنوات حتى أصبحت رمزاً ومثالاً على قدسية اسرائيل. هذا جانب من المنفى الطويل والمظلم وذكرى مقدسة لشهداء معارك اسرائيل... ويقول لنا الخالق، سبع سنوات امام انظار الجميع ولم تتعفن هذه الجثث".
بطولة شخصية باركوخبا يوجد لها تاريخ طويل في تاريخ الحركة الصهيونية. على مدى سنوات تم اعتباره المحارب العبري المثالي: الجريء، صاحب الارادة، المشبع بكراهية القوة الاجنبية والمستعد للعمل بكل طريقة من اجل القضاء عليها. بمساعدة القصائد والقصص والمسرحيات وإعادة كتابة التاريخ (الذي يكون فظاً احيانا) نجحت الحركة الصهيونية في خلق فجوة بين بطولة باركوخبا والفشل الذريع للثورة التي قادها، الفشل الذي أدى الى قتل عشرات الآلاف، ونفي واستعباد عشرات الآلاف.
عالج الشاعر اوري تسفي غرينبرغ هذا التناقض المعرفي بجملة حازمة: "حقيقة تعاليم باركوخبا صحيحة حتى في سقوط بيتار". لقد حرر ذلك المعجبين بباركوخبا من عبء الالتزام بالتاريخ ومن دروس التواضع التي تقدمها بسخاء لنا".
لكن التعظيم الذي يفعله زيني بتمرد باركوخبا يتجاوز "حقيقة تعاليم باركوخبا حتى في سقوط بيتار". بالعكس، خلافا لاسلافه، مثل يغئال يدين والحاخام شلومو غورين، الذين حاولوا طمس عدد من سقطوا في التمرد بالنسبة لزيني فان الموت الجماعي لمقاتلي التمرد هو الدليل على ضرورة الحرب وقدسية من سقطوا من أجل قداسة الله. بالنسبة له الحرب هي حدث لها أبعاد لاهوتية، تظهر عظمة الله ومحبته فيها بجلالها. زيني لا يطمس النتائج الفظيعة للتمرد، بل يؤكد عليها، ويضيف بمساعدة التلمود غلافاً لاهوتياً، بحسبه الجثث التي لم تتعفن هي الدليل على تاييد الله للتمرد. لخّص أقواله: "نحن سنعود مرة اخرى الى صهيون وسيكون لنا جيش وحروب، وستعود مملكة اسرائيل".
قبل أربعين سنة وأكثر قال المؤرخ العسكري يهوشفاط هركابي (الذي كان رئيس "أمان" في النصف الثاني في الخمسينيات) في محاضرة عن تمرد باركوخبا ونتائجه: "بتعظيم تمرد باركوخبا نضع أنفسنا في شرك الإعجاب بتدمير أنفسنا وعملية الانتحار الوطني". التعيين المتوقع للجنرال زيني رئيساً لـ "الشاباك" هو أحد التعبيرات النقية للاعجاب ذاته عديم المسؤولية. هذا تعيين خطير لمن يعتبر الحرب عملاً دينياً تظهر فيه قوة الله في العالم، ويفضل الحرب الخالدة مع خصائص مسيحانية على اتفاقات السلام والتسوية السياسية مع الجيران.
من يعتقدون انه يجدر تعيين شخص يؤمن بان له قناة اتصال مباشرة مع الله، ومن يهتمون برئيس "شاباك" يعتبر الموت والوحشية تعبير عن محبة الله لشعبه، ومن يتوقون لحرب لا نهاية لها، في احد المناصب الحساسة في دولة اسرائيل، يتوقع أن يتحمسوا لتعيين زيني القريب. كل ما بقي، من اليمين واليسار، وكل الذين يهتمون بدولة ديمقراطية وجهاز امن رسمي يلتزم بالقانون ويقوم بأداء دوره كحارس عتبة، يجب عليهم فعل كل ما في استطاعتهم لمنع هذا التعيين.
في مصادر حكمائنا القدامى، الذين يكثر زيني من اقتباسهم، تظهر ايضا الصلاة التي قام بها باركوخبا قبل الخروج الى المعركة. الصلاة التي بشكل غير مفاجئ تغيب عن محاضرات زيني. في الوقت الذي كان يخرج فيه باركوخبا الى المعركة كان يقول: "يا الله، لا تساعدنا ولا تزعجنا". أنا اطلب الانضمام لصلاة باركوخبا والتوجه الى وكيل الله على الارض، الجنرال زيني، بطلب صغير وهو "لا تساعدنا ولا تزعجنا". فنحن متعبون من الحرب التي لا هدف لها، والتي تزرع حولها فقط الموت والمزيد من الموت. نقول لك من البداية بانه ليس لنا أي حاجة في الخلاص من أي نوع. سئمنا من القادة العسكريين الفاشلين والمليئين بالخيال المسيحاني. ايضا ونحن في هذه الحالة لدينا ما يكفي من المشكلات.
------------------------------------------
عن "N12" 16/9/2025
فـشـل الـهـجـوم فـي قـطـر أعـمـق مـمـا يـبـدو
بقلم: إيلي فوده
كانت محاولة إسرائيل اغتيال قادة المكتب السياسي لـ"حماس" في الدوحة مفاجِئة وجريئة.
من الناحية العملياتية، يبدو أن العملية فشلت، لكن حتى لو نجحت، فإن اختبار التكلفة في مقابل الفائدة يُظهر أن السلبيات تفوق الإيجابيات.
هذه ليست مجرد حكمة بمفعول رجعي، إذ كان في الإمكان توقُّع نتائج العملية، في معظمها، مسبقاً:
إسرائيل دولة لا يمكن الوثوق بها
على مرّ السنوات، نشأت بين إسرائيل وعدد من دول الخليج علاقات ثقة من خلال اتصالات من وراء الكواليس. وعملت شخصيات بارزة من جهاز "الموساد" ووزارة الخارجية، بمن في ذلك رؤساء "الموساد"، والمدراء العامون في الوزارة، وبجهد كبير، على تطوير هذه العلاقات. لذلك، لم يكن مستغرباً أن يعارض رئيس "الموساد" عملية الاغتيال، على الأقل في التوقيت الحالي، لأن استهداف وسيطٍ يتمتع بحصانة بحكم منصبه يُعد عملاً شاذاً في الدبلوماسية.
إلى جانب ذلك تمتلك إسرائيل تاريخاً من انتهاك الثقة، حين قامت بمحاولة اغتيال فاشلة لخالد مشعل على أرض الأردن (1997)، وحين اغتالت محمود المبحوح في الإمارات (2010).
بخلاف العمليات التي نُفّذت في إيران، أو سورية، أو لبنان، وهي دول عدوّة بكل معنى الكلمة، فإن هذه الدول أقامت سلاماً، أو علاقات سرية، مع إسرائيل.
ولذلك، أثارت هذه العمليات مشاعر خيانة للثقة لدى الطرف العربي، وكانت النتيجة تضرُّر العلاقات فترة طويلة.
ازدياد المخاوف من هيمنة إسرائيلية
إن دول الشرق الأوسط، بما فيها دول السلام والتطبيع، تخشى من أن تكتسب إسرائيل مكانة مهيمِنة في المنظومة الإقليمية؛ فعندما طرح شمعون بيريس فكرة "الشرق الأوسط الجديد"، بعد اتفاقيات أوسلو، واجه معارضة عربية، خوفاً من هيمنة اقتصادية إسرائيلية.
وبفعل نجاحات إسرائيل العسكرية، والتصريحات المتطرفة التي يطلقها وزراء في الحكومة، تتعزز القناعة بأنها تسعى لإقامة "إسرائيل الكبرى" من الفرات إلى النيل، وهو أمر قد يدفع بعض الفاعلين في المنطقة إلى البحث عن بدائل.
عدم الدفع بقضايا إنهاء الحرب
منذ البداية، لم يكن واضحاً كيف يُفترض أن تساعد العملية على إنهاء الحرب، أو إطلاق سراح الأسرى.
والتفكير، إن وُجِد، في أن اغتيال قادة "حماس" سيؤدي إلى تليين موقف الحركة، لم يكن يستند إلى أي أساس. وبالمثل، ليس مستبعداً الافتراض أن العملية كانت ستعزز عزيمة "حماس" في غزة على القتال حتى النهاية. علاوةً على ذلك، لو نجحت العملية لَتسببت بإعدام أسرى، وإذا استمرت الحرب حتى خواتيمها المريرة، فقد تنتهي أيضاً بموت الأسرى.
وفي المقابل، فإن العملية لقّنت "حماس" درساً، وربما أعداء آخرين، مفاده أنهم ليسوا محصّنين في أي مدينة يلجؤون إليها.
إحراج الولايات المتحدة
من المعلوم أن قطر وإسرائيل حليفتان للولايات المتحدة، وتحالُف إحداهما لا يأتي على حساب الأُخرى، غير أن الهجوم وضع ترامب في موقف محرج، فبدا كأنه مضطر إلى "الاختيار" بين الدولة المهاجِمة والدولة المستهدَفة، و"اختار" إسرائيل لأنه كان على عِلم مسبق بالعملية.
من غير المستغرب أن تكون ردة فعله على العملية متحفظة ومضطربة "لست راضياً"، ومائلة إلى الإمساك بالعصا من طرفيها. ولإزالة الشكوك، سارع إلى الإعلان بشأن عقد لقاء مع رئيس وزراء قطر، وأكد مجدداً أنها حليف راسخ للولايات المتحدة.
تعزيز التضامن العربي
إذا كان من المعتاد حتى اليوم شدّ الرحال إلى الأماكن المقدسة في مكة والمدينة في السعودية، فإن القادة والوزراء باتوا الآن يشدّون الرحال إلى الدوحة للتعبير عن تضامنهم مع قطر.
علاوة على ذلك، دعت قطر إلى عقد اجتماع طارئ للدول العربية والإسلامية لمناقشة الهجوم وتبنّي موقف مشترك.
ومن هذه الزاوية، أضاف الهجوم إلى هذه الإمارة الصغيرة، التي كانت معزولة ومقاطَعة في الفترة 2017 - 2021، مكانةً ونفوذاً.
صحيح أن بعض الوافدين إلى الدوحة في حالة خصومة ومنافسة مع قطر، إلّا إن انتهاك إسرائيل لسيادتها يُعد عملاً قد يهددهم هم أيضاً في وقت ما. حدثت ردة فعل حازمة مماثلة، وإن في سياق مختلف، عندما غزا صدام حسين الكويت في سنة 1990، وكان استيلاؤه على الكويت يمكن أن يشكل سابقة للسيطرة على دول أُخرى، وكان لا بد من قطعه في مهده.
ضرر بالعلاقات الإسرائيلية - القطرية
يصعب في هذه المرحلة قياس حجم الضرر الذي لحِق بالعلاقات الإسرائيلية - القطرية، لكن أمثلة الماضي تُظهر أن خروقات الثقة كانت تقابَل عادةً بتعليق موقت للعلاقات.
وعلى الرغم من أن العلاقات الرسمية بين قطر وإسرائيل قُطعت عقب عملية "الرصاص المصبوب" (2008 - 2009)، فإن قطر بدأت بتحويل الأموال إلى غزة و"حماس"، بموافقة إسرائيل.
وفي الوقت الذي رأى نتنياهو وآخرون في اليمين في "حماس" رصيداً للحفاظ على الانقسام على الساحة الفلسطينية، اعتبر "الموساد" وأجهزة الأمن قطر وسيطاً ضرورياً بين إسرائيل و"حماس"، وخصوصاً بعد الطريق المسدود الذي وصلت إليه الأمور على الساحة الفلسطينية.
------------------------------------------
هآرتس 16/9/2025
المستشارة القانونية والخلاص من نتنياهو
بقلم: افيغدور فيلدمان
في 4 آب استكملت الحكومة التي بدات برسالة تحريضية وكاذبة، التي اعدها وزير العدل ياريف لفين، وقررت اقالة المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا، بذريعة ازمة عدم الثقة بينها وبين الحكومة. ازمة ثقة من النوع بين الشرطي والسارق الذي ضبط متلبسا مع البضاعة المسروقة.
ضد قرار اقالة المستشارة القانونية قدمت عدة التماسات. المستشارة القانونية للحكومة التي تضررت من قرار الحكومة لم تقدم التماس، بل فضلت الاختباء وراء ظهر الملتمسين العامين الذين وقفوا على حساب وقتهم واموالهم، التي تطمع الدولة في ان تفرض ضرائب عليها. ردها على الالتماس قدمته كمن يجب عليها الرد، وهي بالطبع تؤيد الملتمسين. الرد كتب من قبل محامين مخضرمين في قسم الالتماسات للمحكمة العليا في النيابة العامة.
في الادعاءات لم يغب ادعاء تضارب المصالح، الذي يقول بان حكومة اسرائيل الحالية ورئيس الحكومة توجد لهم مصلحة واضحة في تحديد هوية النائب العام ازاء الاجراء الجنائي الذي يجري ضده في مخالفات فساد وتحقيقات اخرى ضد وزراء آخرين.
عندما تختبئ المستشارة القانونية وراء الملتمسين فانها تتنازل مسبقا عن سيف ديموقليس الذي وضع في يدها في المحكمة العليا في العام 2022 عندما قام 11 قاض بتتويج شخص متهم بمخالفات جنائية. المستشار القانوني للحكومة في حينه افيحاي مندلبليت لم ينضم للالتماسات التي طالبت بمنع المتهم من تشكيل حكومة وترأسها. ولكنه اشترط موافقته على هذا المنصب بان يتعهد المتهم باتفاق تضارب مصالح، الذي يقوم بصياغته المستشار القانوني، والذي ايضا يراقب احترام الاتفاق. المتهم بالمخالفات الجنائية وافق على هذا الشرط، الذي اصبح جزء من قرار المحكمة.
الاسطورة تقول بان ديموقليس كان احد رجال البلاط الملكي لديونيسوس الثاني، ملك سركوزا. ديموقليس كان يحسد ديونيسوس على ثروته وملذاته، وقد اقترح عليه تبادل الحكم معه ليوم واحد. في ذلك المساء تمت اقامة مأدبة وجلس ديموقليس على كرسي فاخر وتم تقديم الماكولات والمشروبات له مثل الملك. في ذروة الحدث لاحظ فجأة انه يوجد فوق رأسه سيف معلق بشعرة فرس. طعم الماكولات غاب عن عيونه وكل الجمال والثروة التي حوله لم تعد تهمه. في نهاية المطاف توسل ديموقليس لديونيسوس بأن يتبادلا المراكز مرة اخرى.
هنا، عندما وضع السيف على عنق المستشارة القانونية للحكومة وقررت الحكومة اقالتها ولم تستجب لطلب المحكمة العليا اعادة فحص موضوع الاقالة، وبدلا من ذلك اقترحت اعتقالها. وحتى انها قالت بان الاوامر المؤقتة ضد الاقالة التي اصدرتها المحكمة العليا مخالفة للقانون الذي ينص على انه من صلاحية الحكومة اقالة المستشار القانوني للحكومة. المستشارة امتنعت عن قطع الشعرة بواسطة استخدام بند عدم الاهلية، الذي يسمح بوقف ولاية رئيس الحكومة، الذي اصبح غير مؤهل لشغل منصبه. المحكمة العليا قررت في السابق بأن عدم الاهلية يمكن ان يسري ليس فقط بسبب المرض أو قيد جسدي، بل ايضا بسبب قيد اخلاقي، الذي يجعله شخص غير جدير بشغل المنصب.
نتنياهو خاف من عقوبة بند عدم الاهلية وبادر الى تعديل القانون الذي حول عدم الاهلية الى شيء نادر جدا. وحسب هذا التعديل فان عدم الاهلية هو عيب صحي فقط، الذي يعلن عنه رئيس الحكومة، فقط هو. ايضا هذا الاعلان يحتاج الى مصادقة الاغلبية في الكنيست.
في نفس المساء الذي تمت فيه المصادقة على القانون ظهر رئيس الحكومة على كل الشاشات واعلن للجمهور بان عدم الاهلية لم يعد يهدده، وانه "دخل الى الحدث": الاصلاح القضائي. ولكن في هذه المرة المحكمة العليا قررت ان تعليمات القانون التي تحول عدم الاهلية الى لا شيء، ستدخل الى حيز التنفيذ فقط في الانتخابات القادمة. في نفس القرار كتب رئيس المحكمة بان افراغ عدم الاهلية من المضمون تم من اجل رئيس الحكومة، والادعاء بانه لا توجد له يد في ذلك، وان كل ذلك هو مبادرة مستقلة لياريف لفين وسمحا روتمان، هو خداع.
تضارب المصالح المتكرر هو عرض لمرض صعب، الذي يجعل المريض يصدق بان مصلحته الشخصية تتماهى مع مصلحة الدولة. لانه هو والدولة جسم واحد. وان من يحاول وقفه عن العمل في حالة تضارب المصالح فانه يسعى الى تقويض الدولة.
-----------------انتهت النشرة-----------------