الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الخميس 4/9/2025 العدد 1400

 الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

هآرتس 4/9/2025

 

 

حماس تقول انها مستعدة لصفقة شاملة. في مكتب نتنياهو يقولون ان الامر يتعلق بمناورة

 

 

بقلم: جاكي خوري

 

حماس اظهرت مساء أمس استعدادها لصفقة شاملة لانهاء الحرب. “في اطارها سيتم اطلاق سراح جميع المخطوفين مقابل اطلاق سراح عدد من السجناء الفلسطينيين في إسرائيل”، هكذا كتب في البيان الذي نشرته حماس. “هذا الاتفاق سيتضمن انهاء الحرب في قطاع غزة، وفي اطاره تنسحب كل قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع، وسيتم فتح جميع المعابر لادخال البضائع وإعادة اعمار القطاع”. إضافة الى ذلك في حماس قالوا انهم يوافقون على إقامة “حكومة تكنوقراط” تدير كل شؤون القطاع.

بيان حماس نشر بعد بضع ساعات على دعوة الرئيس الأمريكي لحماس، اطلاق سراح على الفور جميع المخطوفين الاحياء. في المنشور الذي نشره في شبكة “تروث سوشيال” التي يمتلكها، اكد على انه لن يكتفي بـ “اثنين، خمسة أو سبعة مخطوفين”. وأضاف “هكذا الأمور ستتغير بسرعة والحرب ستنتهي”. ترامب تجاهل في أقواله المخطوفين الموتى الذين جثامينهم محتجزة في القطاع، ودعا فقط الى اطلاق سراح المخطوفين الاحياء.

في مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قالوا ردا على ذلك بانه لا يوجد أي جديد في رد حماس. “للأسف، الحديث يدور عن مناورة أخرى لحماس”، كتب المكتب في بيانه. “الحرب يمكن ان تنتهي على الفور بشروط الكابنت – تحرير جميع المخطوفين، نزع سلاح حماس، نزع السلاح من القطاع، سيطرة امنية إسرائيلية في القطاع، إقامة حكم مدني بديل لا يعلم على الإرهاب ولا يرسل الإرهاب ولا يهدد إسرائيل”.

وزير الدفاع يسرائيل كاتس انضم لاقوال نتنياهو. “حماس تواصل التضليل واسماع اقوال فارغة”، قال كاتس. “في القريب ستعرف انه يجب عليها الاختيار بين أمرين، اما الموافقة على شروط إسرائيل لانهاء الحرب، على راسها اطلاق سراح جميع المخطوفين، ونزع سلاحها، أو التحول الى ما يشبه رفح وبيت حانون. الجيش الإسرائيلي يستعد بكل القوة”. وزير المالية سموتريتش اضاف: “إعادة جميع المخطوفين، نزع سلاح حماس، نزع السلاح من غزة، منطقة امنية عازلة وحرية عمل لإسرائيل، هذا هو وضع النهاية للحرب بالحد الأدنى”.

في الفترة الأخيرة وضع رئيس الحكومة أربعة مباديء وثلاثة خطوط حمراء لانهاء الحرب وإعادة جميع المخطوفين. المباديء هي نزع سلاح حماس، نزع السلاح من غزة، سيطرة امنية إسرائيلية على القطاع وإقامة حكم مدني بديل غير حماس، ولا يرتكز الى السلطة الفلسطينية. الخطوط الثلاثة الحمراء استهدفت رفض طلبات حماس في المفاوضات الفاشلة التي تفجرت قبل بضعة أسابيع. إسرائيل لم تطلق سراح مخربي النخبة الذين شاركوا في الهجوم، ولن تنسحب بشكل كامل من محور فيلادلفيا، وهي تعارض ضمانات دولية واسعة تمنع مواصلة عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة اذا لم يتم التوصل الى تفاهمات على انهاء الحرب.

مصدر إسرائيلي رفيع قال اول امس ان الاتصالات حول الصفقة تستمر بشكل حثيث من وراء الكواليس. هذا بعد انعقاد الكابنت للمرة الثانية في غضون اقل من أسبوع، لكنه لم يناقش المصادقة على الخطة الجزئية لصفقة المخطوفين، التي وافقت عليها حماس. نتنياهو تجاهل الصفقة أيضا في بداية جلسة الحكومة، عندما أوضح بان الهدف الان هو عملية السيطرة على مدينة غزة. “الكابنت قرر في هذا الشأن: هزيمة حماس وتحرير جميع المخطوفين بجهد كبير، والجيش الإسرائيلي بدأ في اخراج هذا القرار الى حيز التنفيذ”، قال.

------------------------------------------

 

هآرتس 4/9/2025

 

 

نتنياهو يعرف انه لا يستطيع تلبية توقعات ترامب من العملية في غزة

 

 

بقلم: حاييم لفنسون

 

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو استفاد في الأسبوع الماضي من الوضع المحبب عليه – قاعدته عادت وهو أصبح محصن. كل الخيارات مفتوحة وهو لا يجب عليه اتخاذ أي قرار على الفور. احتلال غزة؟ صفقة مؤقتة؟ من يعرف. الوقت يمر وكل شيء ممكن.

نتنياهو يبث لقاعدته بانه الآن يستمع اليها. هذه المرة سيدمر حماس نهائيا، بدون سفقة وبدون المستشارة القانونية للحكومة وبدون “بتسيلم”. في نفس الوقت، دول الوساطة تسمع رسائل مختلفة. مصدر سياسي رفيع قال للصحيفة بان “هذه أيام حاسمة. هناك أمور تحت الطاولة، التي يمكن ان تؤدي الى الصفقة”. هذه الاقوال أضيفت الى ما نشره رفيف دروكر امس في “اخبار 13، ان يد رئيس الحكومة اليمنى، رون ديرمر، قال للمصريين والقطريين ان “إسرائيل لا ترفض صفقة جزئية. لذلك يجب عليكم أن لا تتأثروا من التصريحات”. ديرمر لا يخدع دول الوساطة، بل هذا هو فقط التكتيك الكلاسيكي لنتنياهو – إبقاء كل شيء مفتوح.

في الغرفة عميقا نتنياهو يواجه مشاكل رئيسية. الأولى هي توقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعملية سريعة جدا، التي ستهزم حماس في الأسابيع القريبة القادمة. ترامب يعيش في عالم ضيق من الخيال، عالم كاتب سيناريو لافلام الاثارة في الثمانينيات، وهو على قناعة بان القوة فقط هي التي ستهزم الأشرار وتسمح لإسرائيل بالازدهار.

لكن نتنياهو يعرف ان الجيش يطرح خطة مختلفة كليا. ايال زمير قدر في الكابنت ان عملية الاحتلال ستستغرق ثمانية اشهر، وهي لن تبدأ بضربة عسكرية ساحقة، بل بنقل السكان بشكل بطيء ومؤلم ومشكوك فيه. ممثلو هيئة التنسيق الارتباط يقولون في النقاشات بانه في الوضع الحالي للحرب فان انتقال الغزيين الى مخيمات النازحين من اجل الحفاظ على حياتهم لا يقنعهم. اذا كان في كل الحالات لا توجد أهمية لحياة الانسان وان كل الخيارات سيئة فلماذا ننتقل اذا؟. في نهاية المطاف سيعرف أيضا الرئيس الأمريكي بانه لا يوجد لهذه العملية نهاية تلوح في الأفق، ومن شأنه أن يختصرها.

المشكلة الثانية هي الازمة السياسية العميقة التي توجد فيها إسرائيل. وزير الخارجية جدعون ساعر، مثل أي انتهازي ليكودي عادي، تبنى القاعدة المعروفة “في الخارج تبجح امام القاعدة وفي الغرف المغلقة تحدث لمحاضر لجنة التحقيق”. رئيس الحكومة هو يعرض عليه سيناريوهات صعبة حول ما يتوقع حدوثه اذا احتلت إسرائيل غزة، والشاشات ستبث لفترة طويلة صور السكان الجائعين والأطفال الذين يموتون. الدول الأوروبية ستفرض عقوبات على إسرائيليين، بما في ذلك وقف التجارة وإلغاء الرحلات الجوية واغلاق المجال الجوي، والفرق الإسرائيلية سيتم تعليق مشاركتها في “الفيفا”، هذا ليس كل شيء.

نتنياهو حقا يقلق من الجانب السياسي ويحاول مسبقا الاهتمام بتوفير المساعدات الإنسانية لغزة بحجم واسع، مع العودة الى رسالة انه لا ينوي احتلال القطاع، بل نقله الى حكم عربي غير حماس. لكن هذا أيضا لا يشكل حتى لصقة لوقف النزيف المتدفق مثل الامازون.

في نفس الوقت، في المستوى السياسي وفي المستوى الأمني يتناقشون حول ما سيفعلونه مع ايران. الاقوال المبالغ فيها حول انهاء النظام تبخرت، والتقديرات الاستخبارية المحدثة تشير الى ان النظام قوي ومستقر رغم الحرب، وانه قد يتم استئناف برنامج الصواريخ في القريب بفضل جهود الصين. يتبين ان تهديد ترامب للصين وتجنيد قوتها حقق تاثير معاكس. الصين غير ضعيفة، بل هي تستخدم ايران كاداة في الحرب الباردة ضد الولايات المتحدة. وهجوم آخر في ايران ضد البنى التحتية للصواريخ لا يوجد الآن على الاجندة في المدى المنظور، لكن هذا سيناريو يجب عدم استبعاده في الأشهر القريبة القادمة، وهو من شانه ان يشغل الجيش ويقيد قدرته على التركيز على غزة.

اذا اخذنا في الحسبان كل الاعتبارات، بالأساس الاعتبار الأمريكي، يبدو ان نتنياهو يمكنه الذهاب نحو الصفقة، لكن يجب الحذر من التفاؤل الزائد. من فحص مع مصادر في الدوحة، مطلعة على المفاوضات، يتبين انه من ناحيتهم لا يوجد أي تغير في الشهر الماضي، وهم لا يشعرون بأي تقدم أو حسم، لكن لدى نتنياهو نحن لا نعرف أي شيء. الآن اصبح يمكن كتابة مسبقا الخطاب الذي سيلقيه اذا ذهب الى الصفقة الجزئية.

“القرار الذي اتخذته خلافا لرأي رؤساء أجهزة الامن، احتلال مدينة غزة، عمل على تغيير حماس. فقد وافقت على الشروط التي لم تكن توافق عليها في السابق. هذا بفضلكم، أنتم رجال الاحتياط المخلصين. نحن الآن في افضل وضع سياسي، ونحصل على المخطوفين، ويوجد لنا دعم كامل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. أنا أقول لبتسلئيل سموتريتش: هذا ليس الوقت المناسب لحل الحكومة. اذا ذهبنا الى الانتخابات لا يمكننا استئناف القتال. اليسار سيتسلم الحكم وسيقيم دولة فلسطينية بضغط من ماكرون. الحريديون يجب أن يعودوا”.

------------------------------------------

 

هآرتس 4/9/2025  

 

ابطال كبار، تحت قلنسوة سوداء

 

 

بقلم: جدعون ليفي

 

إسرائيل تغطي وجهها. هي تفعل ذلك ربما بسبب الخجل، وربما بسبب الشعور بالذنب، وربما بسبب الخوف، وربما بسببها جميعا. الموضة الجديدة: قلنسوة سوداء على رؤوس الضباط الذين يجرون مقابلات في التلفزيون. بيت الشعب اصبح جيش القلنسوات.

المقدم ط.، قائد كتيبة احتياط، قال بان تجنيد الاحتياط هو بنسبة “عالية جدا”. الرائد ش.، نائب قائد كتيبة احتياط قال: “انا تركت زوجة لبؤة وحدها في البيت مع ثلاثة أولاد، الذين عادوا الى اطر التعليم، وتركت مصلحة تجارية دخلت الى حالة جمود عميقة. مع ذلك، نحن نعرف اننا هنا في مهمة هامة”. هذان الشخصان اللذان يُسمعان اقوالهما يرتديان قلنسوة سوداء. ط. المجهول، وش. المتبجح، يظهران مثل لصوص الخزنات قبل الانطلاق الى عملية السطو. فقط عيونهم ظاهرة. جرابات النايلون للصوص الكلاسيكيين استبدلت بالقلنسوة التي يوزعها الجيش الإسرائيلي. يوجد كما يبدو ما يخفونه ويخبئونه. كل الاحترام للجيش الإسرائيلي.

الأوائل كانوا كما هي الحال دائما طياري سلاح الجو. في كل مقابلة كانوا يرتدون الخوذة المثيرة للانطباع، ووضعوا عليها النظارات الشمسية القاتمة كي لا يتعرف عليهم أحد. في البداية كان الخوف، كي لا، اذا سقط من الطائرة في منتصف الليل، والله وحده فقط هو الذي يستطيع رفعه، يشخصه آسروه من المقابلة في التلفزيون. بفضل الخوذة والنظارات القاتمة هو يستطيع الادعاء بأنه ضابط صف في القيادة أو ضابط صف مالي في الجيش الإسرائيلي. ولكن مع تصاعد جرائم الطيارين في قطاع غزة اضيف هدف مهم آخر الى هذا التمويه وهو منع كشف هوية الطيارين في لاهاي. فهناك يعرفون ما الذي يفعلونه.

مؤخرا اضيف أيضا من يقومون بحراسة رئيس الحكومة وبعض الوزراء الى حفل الاخفاء، الغامض والمتبجح. فهم يرتدون كمامات الكورونا السوداء، الامر الذي يعطي بعد آخر للمكانة المريبة أصلا، حيث يتجمع عشرات الحراس حول شخص واحد بجدية وعدوانية. الآن اصبح حراس الامن أيضا هدف امني حساس، وليس فقط من يقومون بحراستهم. الى جانب صافرات الإنذار الصاخبة والمواكب التي لا تنتهي، مع حراس الامن المقنعين، لدينا جمهورية موز في ذروة العطاء. كمامات الكورونا السوداء هي اللمسة الأخيرة. فاذا كان حراس الامن في السابق هم افضل ابناءنا وهم يرتدون الكمامات السوداء، هؤلاء أيضا اصبحوا زعران العالم السفلي. ربما هذا هو الهدف.

لكن الخوذات الجديدة في زي الجيش الإسرائيلي واقنعة رجال الحراسة ليست فقط كاريكاتير لتفكير ذاتي، وليس مثلها أيضا ما يعكس واقع أوسع. ضباط الاحتياط الذين سيدخلون في هذا الأسبوع الى غزة يفعلون ذلك بمعرفة، بعضهم على الأقل، انه من شانهم ان يرتكبوا جرائم حرب فظيعة. هم يتجندون رغم ذلك. الخوذة يمكن ان تخفف عنهم. هذا يعني انه يوجد لديهم ما يخفونه وما يخشون منه. لص السطو المسلح الذي يخرج للسطو المهم في حياته يعرف ان ما يفعله هو غير قانوني، وغير أخلاقي وهو خطير بالنسبة له. لذلك، هو يرتدي على وجهه جرابات النايلون. ومثله أيضا الضباط في غزة. بعضهم ربما يخجلون مما يفعلونه. وهناك شك كبير في ان السارقين لا يخجلون من افعالهم، معظمهم يخشون الإمساك بهم. ان رعب لاهاي وقع على الجيش، وهذا جيد.

ليس لان هذا الرعب مبرر: أجهزة العدالة في لاهاي تعمل ببطء لا يمكن تحمله. والى حين التقرير هناك انه تنفذ في غزة إبادة جماعية فلن يبقى أحد. أيضا تسليم المطلوب بنيامين نتنياهو لا يتوقع حدوثه حقا. مع ذلك، حقيقة ان الضباط يرتدون الخوذات تعني انه يوجد ادراك في الجيش بأن شيء ما غير سليم وأنه يجب الحذر. يحب عدم الحذر من الأفعال، بل الحذر من أن لا يتم ضبطهم متلبسين.

الجيش الذي يغطي على ضباطه بالقلنسوات السوداء هو جيش يدرك انهم يرتكبون جرائم، حتى لو كان لا يعترف ببعضها. أيضا من يرون الضباط المختبئين سيفهمون ذلك في نهاية المطاف.

-------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إسرائيل اليوم 4/9/2025  

 

صفقة جزئية، استسلام كامل

 

 

بقلم: نداف هعتسني

 

حملة الاستسلام لحماس ارتدت في الأيام الأخيرة ملابس تمويه جديدة. مروجو “الصفقة” يحاولون تشويش معنى الخطوة الفتاكة ويعدون باننا دوما سنتمكن من العودة الى القتال والى الحسم. هم يطلبون وقف الدبابات الان، الغاء تجنيد الاحتياط، الانسحاب تقريبا حتى خط الغلاف والتنازل عن حسم المعركة مع حماس. يحاولون إخفاء الحقيقة بانه لا يوجد فشل تام اكثر مما يسمى “صفقة جزئية”. ومن لا يتجاهل الواقع – يفهم بان هذا إما الان أو أبدا، نصر بقوة او خسارة تامة.

المعطيات غير قابلة للتلاعب. بخلاف “الصفقة” الجزئية الأولى، فان المنحى المقترح الان، منحى ويتكوف لن يجمد الوضع بل سيجبرنا على أن ننسحب حتى خط 6 أكتوبر تقريبا. وهكذا، فاننا ليس “فقط” سندفع ثمنا لا يطاق بمئات القتلة المحررين، لا يكفي أن نمنح العدو توقف انتعاش، انتظام وتسلح، بل سنضطر الى الانسحاب من تلك الـ 70 في المئة من أراضي القطاع التي اعدنا احتلالها، بعد الانسحاب/ الضفقة السابقة. بعد أن نكون قد دفعنا على إعادة الاحتلال دماء جنود اكثر بكثير من عدد المخطوفين الاحياء.

واذا رغبنا في استئناف القتال بعد الهدنة، للعودة الى الخطوط التي نستولي عليها اليوم، سندفع الثمن بعشرات آخرين من الجنود القتلى على الأقل. وماذا سيكون عندها الاحتمال لإنقاذ مخطوفين آخرين؟ صفريا حقا. والاهم – هل يتصور احد ما حقا ان من ناحية دولة سنتمكن عندها من فتح جولة جديدة من الحرب؟ ائتماننا الدولي يوجد في أواخر عهده ولم يتبقَ سوى حفنة لمعركة أخيرة وحاسمة.

حقيقة أن دونالد ترامب يعطينا الان ضوء اخضر، وعمليا يحثنا على الحسم، هي مثابة معجزة. لكن بعد التوقف التالي هو الاخر سيوقفنا مثلما فعل في ايران. إسرائيل ستكون مطالبة بان تتوقف تماما، توقف معناه استسلام. سنضطر لان نوافق على استمرار وجود العدو وإعادة تأهيله على خط الغلاف. والأخطر – سنثبت المبدأ في أنه يوجد سلاح سحري يهزمنا في كل مرة، مخطوفون. خطفنا عشرة إسرائيليين وعطلنا بدون مشاكل الدبابات، الطائرات والاستخبارات. المعنى الاستراتيجي – الآخرة.

 

هناك حاجة لحكم عسكري

 

هذه المفاهيم واضحة بحيث انه لا يمكن فهم سلوك رئيس الأركان وبعض من كبار رجالات جهاز الامن. ضمن أمور أخرى من الصعب أن نهضم محاولة زمير، في جلسة الكابنت هذا الأسبوع، الدفع بكل ثمن نحو “صفقة جزئية”، والتي من مثله يجب أن يفهم الاستسلام الكامل فيها. ليس واضحا المضمون، وبالتأكيد ليس المعزوفة. إذ حسب وزراء حضروا المداولات ادار زمير حملة ترهيب للوزراء، مثل تلك التي تسرب الى جزء من وسائل الاعلام.

لقد بدأ هذا بالطبع بتهديدات بان المخطوفين سيموتون وكأن إسرائيل لم تحرر في الماضي مخطوفين بوسائل عسكرية الى أن استسملت في “ضفقة جبريل”. لكن الذروة جاءت عندما حذر رئيس الجيش من مس بسكان غزيين كـ “ضرر جانبي” من الهجوم. ونذكر – يدور الحديث عن رعايا عدو طولبوا بالاخلاء واختاروا البقاء في ميدان المعركة. هل يحتمل أن يكون المجرمون من اليسار المتطرف ممن افسدوا ساحات بيت رئيس الأركان قبل أسبوع في أن يزرعوا فيه بعضا من أفكارهم.

وفضلا عن ذلك – لم يتوقف رئيس الأركان عن التلويح والتحذير من أن من شأننا أن ننزلق الى حكم عسكري. مقلق انه يستصعب الاستيعاب بان الغزيين تغيروا وان هذا على الاطلاق ليس تخويفا بل وعد. إذ في الظروف الحالية لا مفر من السيطرة على كل القطاع – عسكريا ومدنيا. هذا هو الطريق الأمني الوحيد للنجاة فضلا عن الخطط الإبداعية للرئيس ترامب. صحيح حتى اليوم رئيس الجيش ملزم بان يستوعب بان الاحكم العسكري الإسرائيلي في غزة وفي الضفة والذي كان قائما حتى كارثة أوسلو، كان الارخص والأكثر نجاعة من ناحيتنا – بالجيوش، بالمصابين وبالمال.

------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 4/9/2025

 

 

في الطريق لتخليد الحرب

 

 

بقلم: افي يسخاروف

 

القول الشهير المنسوب لالبرت آينشتاين (ويبدو ان ليس عن حق)، يقول ان انعدام سواء العقل او الغباء معناه ان تقوم بالعمل ذاته المرة تلو الأخرى وتتوقع نتيجة مغايرة. في حالة عملية برية واسعة في مدينة غزة، لا يوجد غباء كثير جدا. قلة في إسرائيل تتوقع نتيجة مغايرة: رئيس الأركان ومسؤولون كبار آخرون في جهاز الامن في إسرائيل يفهمون بان مزيدا من الامر ذاته، أي توسيع العملية البرية الى احياء في مدينة غزة سبق للجيش الإسرائيلي أن عمل فيها في الماضي – لن تؤدي الى تغيير في صورة الوضع. حماس لن تستسلم. المخطوفون لن يتحرروا وبالعكس – يوجد احتمال غير صغير أن يصاب بعضهم – وللجيش سيكون غير قليل من المصابين في اطار مثل هذه العملية. كثير جدا من الفلسطينيين سيصابون، بما في ذلك مخربو حماس لكن أيضا مواطنون كثيرون والنقد الدولي ضد إسرائيل – والذي على أي حال يصل الى ذرى جديدة سيحطم ذرى أخرى. في حملة عربات جدعون 2 أيضا من المتوقع على ما يبدو النتيجة إياها مثلما في عربات جدعون 1 – التي وصفها العميد غي حزوت في الفتوى التي كتبها للجيش الإسرائيلي كفشل. مقعول الافتراض بان حزوت لن يكتب التقرير عن عربات جدعون 2. لكنه سيتضمن على ما يبدو تقريبا البنود ذاتها: إسرائيل ستواصل توريد المساعدات الإنسانية الى القطاع بما في ذلك لحماس، ليس لإسرائيل خطة واقعية لليوم التالي للعملية في مدينة غزة وبعد لحظة من خروج قوات الجيش الإسرائيلي، فلول حماس ستعود لتتموضع هناك.

ومع ذلك، ثمة غير قليل من المحافل في إسرائيل، ولا سيما في الائتلاف ومؤيديه في وسائل الاعلام ممن يحاولون تسويق العملية البرية الجديدة كابداع لم يجرب حتى الان. لكن هنا يجب أن نذكر من يحاول ان ينسي بان الجيش الإسرائيلي سبق أن عمل في مركز مدينة غزة: في الشمال في احياء مثل الرمال، الشيخ رضوان، وجنوبا في الدرج والتفاح، صبرا، مركز المدينة تماما قرب الجامعة الإسلامية، جامعة الازهر، قرب الميناء وحيثما كان في الماضي المركز السلطي لحماس. فضلا عن ذلك: الجيش الإسرائيلي دمر منذ الان الكثير من مباني حكومة حماس وافضل أبنائنا قاتلوا هناك وقتلوا هناك في تل الهوى، في الشجاعية في جنوب المدينة، في الزيتون ومخيم الشاطيء للاجئين في شمال المدينة. عملية برية إضافية هناك ستمس بالفعل بمزيد من البنى التحتية لحماس ونشطائها، لكن المنظمة لن ترفع علما أبيض كما لن تصطدم مباشرة بالجيش بل ستعمل كمنظمة عصابات او إرهاب وستحاول ملاحقة القوات العاملة هناك. على أي حال يمكن أن نخمن بان مسؤولي حماس مثل عز الدين الحدود وآخرين انتقلوا منذ الان جنوبا، الى أماكن عمل فيها الجيش للمرة التي من يدري كم وخرج منها بنقص في القوى البشرية والتآكل، الذي يحتدم فقط اكثر فأكثر في الأسابيع الأخيرة.

لكن بالنسبة لحكومة نتنياهو، الهدف – استمرار الحرب، يبرر الوسيلة – استمرار الحرب. لا توجد هنا منفعة حقيقية ومشكوك حتى أن يكون في الحكومة وزير واحد يؤمن حقا، في داخله، بان الامر سيقرب نهاية الحرب او يؤدي الى تحرير المخطوفين. لكن هذا بالتأكيد سيساعد في الحفاظ على الائتلاف وتأييد أحزاب اليمين المتطرف لنتنياهو. هل سيؤدي الامر لاحتلال القطاع او طرد السكان المحليين هناك؟ يحتمل أن يكون الى هناك تتجه حكومة إسرائيل لكن الطريق اليه لا تزال طويلة بل وطويلة جدا. في هذه الاثناء تواصل الإدارة الامريكية إعطاء اسناد لخطوات حكومة إسرائيل في غزة، وبالتالي لعل نتنياهو ووزراؤه لا يهمهم ما يقوله الرأي العام في إسرائيل وبالتأكيد الرأي العام الدولي.

بالتوازي مع الاعمال لتخليد الحرب في غزة، تواصل حكومة إسرائيل العمل على اضعاف السلطة الفلسطينية في الضفة، سياسيتا واقتصاديا. السفير الأمريكي مايك هاكبي، الذي يعتبر صديقا لإسرائيل حذر مؤخرا مسؤولين إسرائيليين من انهيار اقتصادي للسلطة. في حديث مع باراك رابيد في N12 قال هاكبي “اذا ما انهار الاقتصاد الفلسطيني تماما، هذا لن يكون نصرا لاحد. سيؤدي هذا الى تصعيد وتأس متعاظم. اليائسون يرتكبون افعالا يائسة”. يبدو ان الإدارة الامريكية قلقة هي الأخرى من نية إسرائيل ضم أراض اليها وبالتوازي تسمح بانهيار السلطة مما يثير تخوفا حقيقيا لتدهور امني اكثر خطورة من ذاك الذي شهدناه حتى الان في الضفة. لكن بالتوازي تتخذ الإدارة الامريكية غير قليل من الإجراءات اتي تقوض السلطة اكثر من ناحية سياسية على الأقل مثل قرار منع دخول الرئيس أبو مازن وكبار مسؤولي م.ت.ف الى الولايات المتحدة لالقاء خطاب في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. السياسة المشوشة قليلا التي تتخذها الإدارة الامريكية تساعد حاليا حكومة إسرائيل التي لم تكفيها الحرب في غزة وتحاول الان ضعضعة الهدوء النسبي والمتوتر الذي في الضفة الغربية.

الى الفراغ الذي تخلفه واشنطن في المسألة الفلسطينية يدخل لاعبون معروفون آخرون، مثل فرنسا والسعودية ممن يبادرون الى مؤتمر سياسي في مركزه إقامة دولة فلسطينية. يمكن التقدير بان غير قليل من الدول في العالم ستؤيد مثل هذه الخطوة، فيما ستواصل حكومة نتنياهو تجاهل وضع إسرائيل في الرأي العام العالمي.

------------------------------------------

 

هآرتس 4/9/2025  

 

يجب وقف لعبة البوكر الدموية

 

 

بقلم: اوري مسغاف

 

ضابط مخضرم خدم مئات أيام الاحتياط في غزة، وهو غير مشتبه فيه باليسارية الزائدة، كتب لي في الأسبوع الماضي: ” غير واضح ما الذي يريدون منا تحقيقه، ما هو الهدف. الجميع هنا يعرفون ذلك. يبدو انهم ببساطة يرفعون قيمة الرهان على الطاولة، لكن يدهم ضعيفة جدا”. هذا يذكرني بـ “لعبة البوكر الدموية”، مقال التنبؤ ليوئيل ماركوس الذي نشر قبل اقل من شهر على الغزو الأول للبنان (“هآرتس”، 14/5/1982).

ماركوس كتب في حينه: “هذه الحكومة تنوي الخروج عن طورها السياسي. هي تقامر بمصير الدولة في لعبة بوكر دموية. لا يوجد أي مبرر لشن الحرب. دولة إسرائيل شنت الحروب في السابق فقط عندما تعرض وجودها للخطر”.

نحن على عتبة كارثة. تعديل: نحن منذ فترة طويلة في داخل كارثة، لكن المرحلة القادمة المخطط لها تحطم الرقم القياسي للحضيض. نتنياهو يعرف ذلك. فقد رأى في هذا الأسبوع استطلاعات عميقة اصابته بالصدمة. الدعم لصفقة مخطوفين ومعارضة احتلال غزة من جديد حتى تعمقت في أوساط قاعدته. في أوساط الجمهور الواسع هذا في الأصل ليس سؤال.

لكن نتنياهو لا يتخذ القرارات من خلال العقلانية، المصالح القومية أو مجرد اخذ الرأي العام في الحسبان. هو مأسور في يد بن غفير وسموتريتش وستروك، ومقيد بوعود عبثية نثرها عن ترامب الصبياني، الذي تحمس من هراء النصر المطلق الذي سيؤدي الى انهاء الحرب ويمكنه من ادخال الى غزة الفارغة والمستسلمة رجال اعمال أمريكيين كبار، الذين يستطيعون كسب المليارات من الاخلاء – البناء. خطابات نتنياهو وافلامه الأخيرة تبث مزيج غير معقول من جنون العظمة ولعب دور الضحية والنرجسية والجنون. من يشبه نفسه بتشرتشل وذهب في هذا الأسبوع الى الصف الأول في الناصرة العليا على انغام فرقة موسيقية عزفت “دافيد ملك إسرائيل”، نقل جلسات الكابنت والحكومة الى الحصن النووي الذي تم حفره في الجبال خوفا من الحوثيين. من المثير معرفة ماذا كان سيفعل امام الغارات الألمانية أو جوليات الفلسطيني.

لا يمكن الدخول تحت قيادته الضعيفة الى حمام الدماء الذي ينتظرنا في غزة. في الجيش الإسرائيلي يقدرون ان هذه العملية ستستغرق سنة وستكلف حياة 100 جندي. في نهاية الأسبوع الماضي سقط الشهيد 900، بعد ذلك ربما سيكون بالإمكان وصول العدد الى 1000. ولكن هذا بالطبع تقدير ناقص. يجب إضافة اليه الـ 20 مخطوف الذين سيقتلون، والمنتحرون الذين لم يتم احصاءهم، ومئات المصابين وآلاف المدنيين والأطفال الغزيين. ولأننا سنضطر أيضا الى البقاء هناك بعد العملية في اطار الفتنمة واللبننة، فسيكون لدينا عدد من القتلى اكبر من التوقعات الأولية.

الإسرائيلي العادي لا توجد لديه أي فكرة عن الاهلية المتدنية التي يوجد فيها الجيش الإسرائيلي المتعب والمتآكل: من ناحية الوسائل القتالية، الدبابات وناقلات الجنود المدرعة – والأكثر خطورة من ناحية القوة البشرية. الثقل الأساسي في القتال سيتم القاءه على اكتاف الجيش النظامي، لانه يجد صعوبة كبيرة في الرفض، أو ببساطة، عدم الامتثال. الجنود النظاميون اصبحوا متعبين تماما بعد سنتين من الحرب.

الاعدادات والتدريبات تم تقصيرها وتخفيضها، الانضباط والأمان والحذر في حالة تدهور. تزايد الحوادث ليس صدفيا، والكثير من الاحداث التي لا تنتهي بالموت لا يتم الإبلاغ عنها، وبصعوبة يتم التحقيق فيها. الجيش يمكنه ادخال الى القتال من انهوا التدريب الاولي، ومن لم يكملوا حتى تدريب متقدم في المهن الميدانية التي يجب عليهم تنفيذها، وخريجو مدرسة التدريب 1 الجدد خلال دورة ضباط لسلاح المشاة. يمكنكم تخيل كيف سيكون ذلك. لا يوجد اجماع على هذه العملية اللعينة، بل على العكس، يوجد اجماع ضدها، باستثناء المسيحانيين وقسم من البيبيين. من الجنون ان هيئة الأركان والخاضعين لها على استعداد للدخول الى هذه الحرب في الظروف التي وصفت أعلاه. يجب فعل كل شيء لمنعها. هذا اختبار لتحديد الصهيونية والإسرائيلية،. هذه الأهداف تهدف الى اقامة وطن قومي لليهود والحفاظ عليه في حدود معترف بها دوليا وقابلة للدفاع عنها، وليس إقامة اسبارطا حديثة لليهود الجهاديين المجانين بقيادة عائلة مضطربة ومنفصلة تجرنا نحو الهاوية. يجب علينا وقفهم.

------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 4/9/2025

 

 

سموتريتش اعلن عن الضم ويعتزم تنفيذه

 

 

بقلم: عميره هاس

 

خلال العشرين سنة من نشاطه السياسي أثبت بتسلئيل سموتريتش انه يسعى الى تحقيق هدف، وأن له قدرة عالية لتحقيق نواياه. بدءا بنضاله ضد الانفصال ومرورا بوقوفه على راس جمعية “رغافيم” اليمينية وانتهاء بتعيينه كوزير مسؤول عن المستوطنات، كان أول من قال بصراحة منذ 7 أكتوبر 2023 بان اطلاق سراح المخطوفين ليس الامر الذي يحتل الأولوية الأولى – الكثير من مواقفه تحولت الى سياسة حكومية. لذلك، يجب التعامل بكل الجدية مع الخطة التي اعلن عنها سموتريتش امس في مؤتمر صحفي مع كبار قادة المؤسسة الاستيطانية: الضم الرسمي لـ 82 في المئة من أراضي الضفة الغربية.

هذه ليست مناورة انتخابية أو قلق من الاستطلاعات، بل هذه عقيدة منظمة. حسب اقوال سموتريتش فانه هو وإدارة الاستيطان في وزارة الدفاع، الجسم الحكومي الجديد الذي اوجده بشكل خاص لغرض الضم، عملوا في الأشهر الأخيرة على رسم خارطة السيادة. الضم سيكون للارض وليس للناس. وقد تم تخصيص للفلسطينيين، حسب هذه الخارطة، ستة جيوب ملونة باللون الأصفر، منفصلة عن بعضها (كل من مدينة الخليل، رام الله، اريحا، نابلس، طولكرم وجنين)، وهي مناطق العيش الذي يسمح للفلسطينيين بإدارة حياتهم الشخصية فيها، قال سموتريتش بدون ان يرف له جفن. أيضا “سيتم الحفاظ على أكثرية يهودية واضحة في دولة إسرائيل اليهودية والديمقراطية”.

بهذه الصراحة أوضح سموتريتش أيضا: “لا توجد لنا أي رغبة في فرض السيادة على السكان المعنيين بتدميرنا. الأعداء يجب محاربتهم وليس السماح لهم بالعيش برغد. لذلك، المبدأ الاسمى لفرض السيادة هو القدر الأعلى من الأراضي مع القدر الأدنى من السكان”. مع كل هذه الصراحة سموتريتش لم يكشف في المؤتمر الصحفي المصير الذي يخطط له للفلسطينيين الذين يوجدون خارج البقع الصفراء على الخارطة. مثل بيت لحم، سلفيت، قلقيلية وابوديس، والقرى الموجودة بين المدن وتجمعات الرعاة. هل هذه القرى تم حذفها من الخارطة بسبب تسهيل الرسم البياني؟.

يجب علينا عدم لوم سموتريتش بسبب هذا التجاهل بالخطأ. الاستهزاء بانه وزير مالية فاشل لا يتحدث الإنجليزية، أو انه سياسي لا تؤيده الاستطلاعات، تجاهل ويتجاهل نجاحه في الدفع قدما بخطط القطاع الاستيطاني – الديني القومي المتطرف الذي يمثله بإخلاص. في نهاية 2016، في مقابلة اجراها معه رفيت هيخت في “هآرتس”، عرض سموتريتش هدفه وهو استئصال أمل الفلسطينيين في إقامة دولة بين البحر والنهر. وقد عدد ثلاثة خيارات للفلسطينيين: الهجرة الجماعية الطوعية (المفضلة بالنسبة له)، بقاء في البلاد من يوافقون على ان يكونوا رعايا بدون حقوق وتطلعات قومية، وحرب إسرائيلية ضروس ضد من لا يوافقون على هذا المصير. “عندما دخل يهوشع بن نون الى البلاد” قال سموتريتش في المقابلة. “قام بارسال ثلاث رسائل لسكان البلاد – من يريد التسليم بوجودنا فليسلم، ومن يريد أن يذهب فليذهب، ومن يريد أن يحارب فليحارب. أساس استراتيجيته هو: نحن جئنا الى هنا، وهذه الأرض لنا. الآن تم فتح ثلاثة أبواب امام الفلسطينيين، ولا يوجد باب رابع. من يريد الذهاب، وهناك من يريد الذهاب، أنا ساساعده. عندما لا يكون لهم أمل ولن يعود لهم حلم فهم سيذهبون كما ذهبوا في 1948”.

في أيلول 2017 سبق وطرح رؤيته في مقال نشره في مجلة “هشيلوح”، وسماها “خطة الحسم”. من أقواله عن الحاجة الى “محو” حوارة أو المكانة المؤقتة للفلسطينيين من مواطني إسرائيل (“العرب هم مواطنو إسرائيل، في هذه الاثناء على الأقل”). نحن يمكننا الاستنتاج بأنه يحتفظ في جعبته بخطط تدميرية للفلسطينيين الذين لا تشملهم الجيوب الصفراء. ربما مثل الدفع قدما بقوانين “اخلاء – تهجير” مثل التي تم سنها في جنوب افريقيا، والتي ستجمع وتحشر حوالي ثلاثة ملايين فلسطيني واحفادهم في الـ 1000 كم مربع المنفصلة.

سموتريتش ليس سوبرمان. ولكنه نجح لان القطاع الذي يمثله بإخلاص منظم جدا ويعمل على تحقيق هدف. ولكن أيضا لان الكثير من الإسرائيليين اليهود اكتشفوا بانهم يكسبون ويمكن ان يكسبوا من استمرار الاحتلال وتجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم: من السكن الفاخر والرخيص، نسبيا مقارنة مع إسرائيل نفسها، ومن الدعم، ومن تحسين المكانة الاقتصادية – الاجتماعية المترتبة على ذلك، ومن الصناعة العسكرية ذات التكنولوجيا العالية ومن النجاحات المهنية العسكرية التي تستند الى السيطرة الدائمة على شعب آخر.

سموتريتش لم يخترع العجلة: هدف احباط إقامة دولة فلسطينية في المناطق التي احتلت في 1967 كان من نصيب الكثيرين في المعسكر المقابل (ظاهريا). اسحق رابين وشمعون بيرس عارضا اقامتها، أيضا اهود باراك. ان فصل سكان غزة عن سكان الضفة الغربية – الشرط الضروري لإحباط إقامة الدولة – بدأ في التسعينيات. المبدأ الأساسي الذي يتمثل بـ “اكبر قدر من الأرض مع اقل قدر من العرب”، هو أيضا ليس مبدأ اصيل. أحيانا بالغمز والاشارة واحيانا بشكل علني، كان هذا أيضا هو الدليل لحركة العمل الصهيونية قبل العام 1948 وبعده، وأيضا عندما طرحت خطط هندسة ديمغرافية مختلفة لغزة والضفة الغربية.

اتفاق أوسلو عرف من البداية كيف يبقي في الضفة مناطق واسعة في ايدي إسرائيل مع اقل قدر من الفلسطينيين. قطاع المستوطنين ومن يؤيدونه الذين يتمددون في المؤسسة الإسرائيلية “انقضوا منذ منتصف التسعينيات على هذه المهمة لمنع إعادة 61 في المئة من أراضي الضفة للفلسطينيين، من خلال البؤر الاستيطانية المتزايدة، العنف المتصاعد الذي يخلقونه بدون أي عقاب أو ردع، الضغط السياسي الشديد على الإدارة المدنية كي تمنع أي بناء فلسطيني وقوانين الضم التي تم الدفع بها قدما.

في قطاع غزة تنفذ إسرائيل منذ سنتين تقريبا الخيار الثالث للفلسطينيين، الذي رسمه سموتريتش: حرب تدمير وابادة، التي تسعى فقط الى “الحسم” حسب اقوال رئيس الأركان ايال زمير. واذا كانت الإدارة الامريكية في كانون الثاني 2024 قد تخلت عن خطة الهجرة الطوعية من غزة، التي اسمعها سموتريتش، فانه في هذه المرة يوجد له حليف أيديولوجي في البيت الأبيض، الذي نقل سكان غير بيض من اجل حلم ضخم، رأسمالي وعقاري، وكأنه مجرد مكعبات ليغو، يبدو له طبيعي جدا.

أيضا في الضفة الغربية السياسة المتبعة هي بروحية الخيار الثالث ليهوشع وسموتريتش، حتى لو كان بادوات اقل فتكا: في جنين وطولكرم اثبت الجيش بان الاخلاء والاستئصال والتدمير هي النموذج. في كل الضفة الغربية تم اعلان حرب اقتصادية لجعل السكان فقراء من خلال منع عملهم في إسرائيل وابعاد الرعاة والمزارعين عن أراضيهم؛ مصادرة أموال السلطة الفلسطينية بحيث ان القطاع العام اصبح يعيش على نصف راتب؛ مصادرة أموال من اشخاص افراد؛ حواجز على مداخل القرى والمدن بحيث أصبحت منفصلة الواحدة عن الأخرى؛ أي حركة من اجل العمل والدراسة والتجارة أصبحت مكلفة جدا وغير مجدية.

في كل ما يتعلق بالسياسة ضد الفلسطينيين فان سموتريتش هو ضمن التيار العام، لذلك فان خطة ضمه لا تعتبر هذيان.

------------------------------------------

هآرتس 4/9/2025

 

حرب غزة… تجاوز لكل ما هو عقلاني وانهيار للمنظومة الإنسانية

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

تسير إسرائيل بعيون مفتوحة إلى الكارثة المتسعة من يوم إلى يوم. لقد تجاوزت الحرب في قطاع غزة كل حد معقول أمني وإنساني على حد سواء. جملة خطابات “حسم حماس”، و”سيطرة أمنية” و”إعادة المخطوفين” فقدت صلتها في ضوء الواقع على الأرض. حتى قبل البيان الرسمي عن بدء حملة “عربات جدعون 2” دمرت أحياء في غزة تماماً تقريباً. صور القمر الصناعي تظهر خراباً واسعاً، وخدمات النجدة هناك تحذر من انهيار المنظومات الإنسانية. مئات آلاف السكان بقوا بلا مأوى وبلا غذاء أو علاج طبي أساسي. الساعة تستوجب عملاً عاجلاً قبل الانهيار الذي سيكون لا رجعة عنه.

بالتوازي، تتبين أساليب مقلقة تتسلل إلى الجيش، مثلما كشف النقاب عنه أمس: “قوة أوريا”، طاقم بتسلئيل زينيه – أخ المرشح لرئاسة “الشاباك”– يقود مقاتلين إلى أنفاق ومبان مفخخة ويستخدم فيها الفلسطينيين كدروع بشرية ويضع الجيش أمام واقع أخلاقي وقيادي متفكك. تقع مسؤولية ذلك على القيادة العسكرية التي “يصعب عليها السيطرة” بل وتتحمل مسؤولية مباشرة عن التدهور.

لا يوجد تبرير أمني لـ “عربات جدعون 2” في الوقت الذي يحذر فيه رئيس الأركان أيال زامير من خطة احتلال غزة. لا يمكن رفع شعارات أمنية بعد أن عرض كل قادة أذرع الأمن على الكابنت موقفاً لا لبس فيه مع صفقة مخطوفين، بما في ذلك جزئية، وحذروا من ثمن باهظ بحياة الجنود والمخطوفين، وتآكل في الجيش، وانجرار إلى حكم عسكري في غزة.

من ينتظر ضغطاً خارجياً سيخيب ظنه. ترامب وإن قال هذا الأسبوع مقولته “عليهم إنهاء هذه الحرب لأنها تضر بإسرائيل. لعلهم ينتصرون في الحرب، لكنهم لا ينتصرون في حرب العلاقات العامة في العالم. هذا يضر بهم”. غير أن أقواله تتعلق بالصورة فقط. فبينما ينشغل ترامب بالعلاقات العامة، يدفع الجنود والمواطنون الثمن بحياتهم ولا يوجد من يوقف إسرائيل التي تتخذ فيها القرارات دون أساس موضوعي.

الجمهور الإسرائيلي، وعلى رأسه عائلات المخطوفين، يقف أمام حكومة منقطعة ومنغلقة الحس. احتجاج العائلات يحاول التسلل عميقاً، لكنه لا يغير موقف رئيس الوزراء، الذي تخدمه الحرب من ناحية سياسية. وليس هناك من يوقف تدمير غزة وانهيار إسرائيل.

مع حلول سنتين على نشوب الحرب، وقبل لحظة من أن يصبح احتلال قطاع غزة حقيقياً، فنحن ملزمون بالكبح. يجب وقف التدمير، وإعادة المخطوفين وقبول الخطة العملية لـ “اليوم التالي” التي تقترحها الدول العربية بدعم دولي. بعد لحظة سيكون الأوان قد فات. إسرائيل ملزمة بالتوقف الآن.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here