الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الخميس 16/10/2025 العدد 1435

الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 16/10/2025
لـ “الجيش المريض أخلاقياً”: ماذا ستخبرون أحفادكم بعد قتلكم الأطفال وتجويع شعب بأكمله؟
بقلم: عميره هاس
المتفائلون يقولون إن الإسرائيليين سيستوعبون في نهاية المطاف حجم الفظائع التي نفذناها في قطاع غزة، وستتسرب الحقيقة إلى وعيهم، وأن الأفلام القديمة عن الأطفال الذين مزقتهم قنابلنا إلى أشلاء، ستصل ذات يوم إلى قلب الإسرائيليين وستجرحه. فجأة سيشاهدون الأطفال الذين يغطيهم غبار الباطون المحطم الذي أنقذوا من تحته وهم يرتجفون بدون سيطرة وينظرون إلى الفضاء بنظرة مليئة بعلامات الاستفهام.
ذات يوم، يقول المتفائلون، سيكف الإسرائيليون عن قول “إنهم يستحقون ذلك بسبب 7 أكتوبر، هم الذين هاجموا”. ولن تبقى الأرقام مجردة، “من يصدق حماس أصلاً”. القراء سيستوعبون: أكثر من 20 ألف طفل قتيل – حوالي ثلث القتلى، هم من صنع يدنا، وأكثر من 44 ألف طفل جريح – حوالي ربع المصابين. هم سيعرفون أنهم شاركوا وأيدوا حرب التدمير ضد شعب، ولم يستطيعوا هزيمة منظمة مسلحة وحشية.
ذات يوم، سيعرفون أن الوحشية الانتقامية الشخصية التي أظهرها عدد كبير من الجنود – حتى مع نوبات الضحك والابتسام التي ظهرت في تيك توك، والوحشية القاتلة الباردة، العميقة والمجهولة، لمن يلعبون بالفيديو في قمرة القيادة في الطائرة ومراكز القيادة – لا تدل على البطولة، بل على مرض خطير، اجتماعي وشخصي.
يقدر المتفائلون أن الآباء لن يتمكنوا من النوم بسبب قلقهم من شعيرات على بنادق الأبناء موجهة نحو النساء والشيوخ والشباب الذين كانوا يجمعون الأعشاب لأكلها. سيكبر الأطفال ويسألون الآباء الذين كانوا جنوداً في حينه، إذا كانوا قد امتثلوا للأوامر وأطلقوا النار على مسنّ اجتاز خطاً أحمر غير معروف.
بنات الطيارين الذين حصلوا على أوسمة البطولة سيسألن إذا كان آباؤهن هم الذين ألقوا قنبلة قتلت 100 مدني من أجل قتل قائد متوسط في حماس. لماذا لم ترفض؟ تقول البنت وهي تبكي.
أحفاد السجان المتقاعد سيلحون في السؤال: هل قمت شخصياً بضرب سجين مكبل إلى أن فقد وعيه؟ هل امتثلت لأمر من وزير ومنعت الطعام والحمّام عن السجناء؟ هل زججت 30 معتقلاً في غرفة تناسب ستة أشخاص؟ هل أصبت بالعدوى بمرض جلدي أصابهم؟ هل عرفت أي واحد من بين عشرات المعتقلين الذين ماتوا في السجن الإسرائيلي جوعاً أو ضرباً وتعذيباً؟ كيف أمكنك ذلك، يا جدي؟ وأبناء إخوة قضاة المحكمة العليا سيقرأون قرارات الحكم التي تسمح بكل ذلك وسيتوقفون عن زيارتهم.
المتفائلون على قناعة بأن الإعلام الإسرائيلي سيكشف الواقع ولم يعد باستطاعته الإخفاء لتخدير العقل والقلب. لن تكون كلمة “سياق” كلمة بذيئة، والجمهور سيربط بين الأمور: القمع، التشريد ونزع الملكية، الإذلال، التهجير والاحتلال – وكل المعاناة التي ترافقها. هذه ليست شعارات اخترعها يهود يكرهون أنفسهم، بل حياة عاشها شعب بكامله لسنوات، تحت أوامرنا وبنادقنا.
-------------------------------------------
هآرتس 16/10/2025
“منظمة الجريمة” تعود بقوى متجددة: نتنياهو خط أحمر.. ولا نعترف بقضاء عميت وميارا
بقلم: غيدي فايس
منظمة الجريمة التي تدير إسرائيل لم تتوقف يوماً عن العمل، ولكن رجالها اضطروا في السنتين الأخيرتين لتكريس كل اهتمامهم للحرب، فالموارد التي كان يمكنهم توجيهها لتفكيك مؤسسات الدولة كانت محدودة. والآن حيث توقفت النيران، عادوا لإظهار القوة في خدمة الرئيس، الذي هو أيضاً رئيس الحكومة.
حتى قبل أن تطأ أقدام المخطوفين أرض الدولة، حرص الجندي أمير أوحانا على إلغاء مشاركة رئيس المحكمة العليا والمستشارة القانونية للحكومة في احتفال استقبال ترامب. وبدلاً منهما كان هناك المفضلون على الرئيس، أبناء عائلة فيلك، وشخصيات رسمية مثل بنينا روزنبلوم. وزاد أوحانا الطين بلة عندما هاجم إسحق عميت وغالي بهراف ميارا بذريعة واهنة، وهي الحفاظ على احترام الكنيست، وهو هجوم تملق رخيص للقاعدة، الذي سارع أعضاء المنظمة للانضمام إليه.
الجندي ياريف لفين، الذي كان عليه أن يحبس نفسه في البيت حتى آخر حياته بسبب دوره الكبير في إضعاف الدولة قبل 7 أكتوبر، أعلن أنه سيدفع قدماً بمشروع قانون يخول جندياً آخر، وزير الدفاع يسرائيل كاتس، بتجاوز المحكمة وإلغاء جلسات محاكمة نتنياهو إذا كان عقدها “يمكن أن يمس بأمن الدولة” (بالتشاور مع لفين نفسه). هذا الشخص عديم الخجل والخطير، أعلن بأن استمرار المحاكمة “يعارض سواء العدالة أو مصلحة الدولة”. الحقيقة أن الأمور مناسبة لاستمرار توليه لوزارة العدل وبقاء كل الحكومة.
في محاكمة رجال منظمات الجريمة، مثل عمير مورنر أو يوسي موسلي، اعتاد الجنود على الظهور لإثبات إخلاصهم للرئيس، وإظهار جبهة موحدة وفرض الرعب على القضاة والصحافيين. هكذا جاء أوحانا صباح أمس إلى قاعة المحكمة المركزية في تل أبيب، ونير بركات وميكي زوهر وعيديت سلمان ويوآف كيش وشلومو قرعي. وبدلاً من العمل لصالح الجمهور في وزاراتهم، رسموا وجه المتهم الذي يحظى بالامتيازات وأشاروا إليه ولقاعدته إلى المهم حقاً هنا. “لقد حان الوقت لإلغاء المحاكمة”، أعلن وزير التعليم، الذي يتملق في كل مناسبة للزوجة سارة والابن يائير. الجنود رافقوا نتنياهو حتى عند خروجه من القاعة إلى غرفة أخرى، مرة بعد تلقيه ظرفاً، ومرة أخرى لإجراء مكالمة هاتفية مستعجلة. وقد أحسنت تالي غوتليب صنعاً عندما انفجرت بتقديم الملاحظات. هذا العرض دليل آخر على أن المتهم مذعور، وأن الأمر الأخير الذي يهمه هو الحكم – حتى لو صدر عن تشكيلة أحلامه التي قصرت أمس (الأربعاء) الجلسة بناء على طلبه، هذه المرة بسبب الجو البارد. وثمة دليل آخر وفره ترامب، الذي ظهر بوضوح في أقواله بأن نتنياهو هو الذي وقف من وراء دعوته لإسحق هرتسوغ للعفو عنه: من يصدق أن الملفات ضده قد حيكت وأن تبرئته مضمونة، لا يستخدم رئيس قوي ضد رئيس ضعيف في محاولة للهرب من رعب الحكم.
يتذكر نتنياهو أنه هو نفسه أكد في التحقيقات معه بأنه حصل بشكل ممنهج على السيجار وصناديق الشمبانيا من الملياردير أرنون ميلتشن وجيمس فاكر، واعترف بعد نفي والتفاف بأنه توسل لميلتشن أن يشتري لزوجته المجوهرات، وأكد أنه شغل كبار قادة الإدارة الأمريكية لصالح استئناف تأشيرة الدخول لصديقه. هو يعرف أنه تم تسجيله وهو يجري محادثات مع نوني موزيس حول صفقة فاسدة – تسويق قانون سيحصل بحسبه الناشر على أموال كثيرة مقابل تحريف التغطية الإعلامية لما كان يعرف في السابق بأقوى مؤسسة إعلامية في البلاد.
هو يعرف الشهادات عن نشاط شاؤول أولوفيتش، وكيله في موقع “واللاه” الذي عمل صبح مساء لمصلحته. وهو يعرف أن رجله المخلص شلومو فلبر، عمل كجاسوس في الوزارة في خدمة مجموعة “بيزك”. هذا هو سبب إطلاقه للنار منذ سنوات على كل المدافع، بما في ذلك العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، كي لا يضطر إلى دفع الثمن عن كل ذلك.
أحداث الأيام الأخيرة تذكار كاذب لهدف خفي لحكومة الرعب، والسعي إلى تحقيقه قاد إسرائيل إلى الهاوية – الانقلاب النظامي الذي استهدف إنهاء المحاكمة التي أدت إلى حرب أهلية باردة، وأقنعت العدو بأنه الوقت المناسب للهجوم. إلغاء المحاكمة هو المهمة الرئيسية في جدول أعمال منظمة الجريمة، لكنه ليس الهدف الوحيد. فاستبدال بهراف ميارا بمستشار قانوني من قبلهم سيشطب قضية قطر، وإيلي كوهين وماي غولان، من جدول الأعمال، وسيسمح بإبعاد “المتآمرين” والذين “يحيكون ملفات” من صفوف النيابة العامة.
الهدف الآخر هو المحكمة العليا، ورئيسها عميت، التي قد تزعج نتنياهو ومجموعته في تحقيق مآربهم. المحكمة العليا مصممة وبإمكانها أن تفرض على الحكومة تشكيل لجنة تحقيق رسمية للتحقيق في إخفاقات 7 أكتوبر، أو إلغاء موجة التشريعات التي استهدفت تشويش الانتخابات القادمة. وثمة مهمة أخرى، وهي قمع الاحتجاج ضد الحكومة حتى بقوة الذراع. الطريق إلى هناك تمر بالتحريض. فعشية العيد، نشرت تسجيلات لمغرد في تويتر باسم “فاردي في الصباح”، الذي ألقى الرعب على شاهدة النيابة العامة هداس كلاين. “أرغب في استغلال هذه المنصة من أجل الدعوة لقتل جميع اليساريين أبناء الزنا”، أعلن وفسر ما يقصده الرئيس ومرؤوسوه عندما يتحدثون عن الوحدة. لم يطلب من منظومة إنفاذ القانون المنهارة فعل ذلك حتى الآن.
المرحلة الأولى في صفقة ترامب جلبت معها تسهيلاً مؤقتاً، وهو مشاهدة المخطوفين الأحياء عائدين إلى حضن عائلاتهم. ولكن التسهيل الحقيقي لن يأتي إلا برؤية من جلبوا 7 أكتوبر وحطموا الديمقراطية الإسرائيلية وحولوا إسرائيل إلى دولة منبوذة خلف القضبان.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 16/10/2025
مستشار استراتيجي إسرائيلي: التحديات بدأت.. وإيران قد ترد بهجوم مفاجئ
بقلم: تسفيكا حايموفيتش
لقد كان جزء كبير من خطاب الرئيس ترامب خلال زيارته لإسرائيل عشية عيد العرش، مخصصاً لحقيقة انتهاء الحرب، كما كانت تصريحاته خلال زياراته لإسرائيل ومصر.
مهما تحدثنا وصرحنا عن إنهاء الحرب في غزة، وعن القضاء على التهديد الإيراني، وعن ساحات وتهديدات أخرى، يجب أن نبقى واعين وعلى علم بأن الواقع يختلف قليلاً عن الاحتفالات والزيارات الرسمية.
غزة
في الأيام القليلة الماضية منذ إعلان وقف إطلاق النار وحتى عودة الأسرى العشرين أحياءً وبدء عودة الشهداء، نرى حماس، المنظمة الإرهابية والحركة الحاكمة في غزة، لا تنوي فقدان سلطتها ونصيبها في إدارة قطاع غزة.
إلى أن ننتقل إلى تطبيق المرحلة الثانية والمبادئ الأخرى لخطة ترامب، بما في ذلك إنشاء ونشر قوة متعددة الجنسيات في غزة، ونزع سلاح حماس وقدراتها (مثل الأنفاق)، سيستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى تستعيد حماس قوتها وسيطرتها على قطاع غزة، كما فعلت في الأسبوع الماضي. ما هي الأدوات التي تمتلكها إسرائيل لمنع انتهاك الاتفاق؟ هل لديها القدرة على استئناف القتال ومهاجمة حماس أينما يُكتشف انتهاك (من إعادة تأهيل البنية التحتية الإرهابية إلى تحديد هوية المسلحين)؟
وفقًا لتصريحات ترامب، على الأرجح لا. هل سنمضي قدمًا في نفق الزمن لنشر القوة متعددة الجنسيات في قطاع غزة؟ هل ستتمتع إسرائيل حينها بحرية العمل والهجوم في قطاع غزة؟ يجادل البعض بأن الوضع مشابه للبنان، حيث لا تزال قوة اليونيفيل متمركزة، وتشن إسرائيل هجماتها دون أي تدخل. لكن الواقع مختلف بعض الشيء، لأن معظم هجمات إسرائيل لا تتم على طول الحدود حيث يتمركز جنود اليونيفيل، والاحتكاك أقل بكثير. علاوة على ذلك، لا يوجد في جنوب لبنان حالياً أي سكان مدنيين تقريباً، لذا فإن الاحتكاك وحجم قطاع غزة لن يسمحا بمثل هذا التمايز.
إيران
الفجوة بين الخطابات والتصريحات كبيرة. فرغم تراجع المشروع النووي وعدم تشكيله تهديدًا مباشرًا، لا تزال إيران تمتلك القدرة على امتلاك صواريخ باليستية بعيدة المدى تهدد إسرائيل بكميات كافية (وفقًا لتقديرات وتقارير مختلفة، حوالي 1500 صاروخ، وربما أكثر)، بما في ذلك عدد كبير جدًا من الطائرات المسيرة.
ليس من الضروري الاعتقاد، بل من الأجدر الاستعداد، بأن إيران قد تخلت عن طموحاتها الإقليمية وخططها العسكرية، وليس من المؤكد أنها تخلت عن فكرة مبعوثيها في المنطقة. فغياب أي اتفاق بعد الحرب، يترك هنا، كما في حالة غزة، مساحةً هائلةً لكل طرف لترجمة أفعال أو انتهاكات الطرف الآخر.
ووفقًا لتقارير حديثة، بدأت إيران في ترميم بعض البنى التحتية التي تضررت في حزيران الماضي خلال الحرب. أين يقع خط الانتهاك الصارخ الذي لن تستطيع إسرائيل تجاوزه وستضطر إلى التحرك لمنع عودة الوضع إلى طبيعته؟ الخط الوهمي يخضع لتفسيرات صانع القرار، ولكنه موجود! وهذا دون التطرق إلى الطرف الآخر، إيران، التي لديها خيار الرد على الضربات التي تلقتها في حزيران، وقد ترد بهجوم مفاجئ.
الحوثيون (اليمن)
إن تصريحات الحوثيين بأن وقف الحرب في غزة سيؤدي إلى وقف الهجمات على إسرائيل لا يلغي التهديد الذي واجهناه خلال العامين الماضيين: ما يقرب من 200 طائرة مسيرة وأكثر من 130 صاروخًا باليستيًا. إن الوضع الأمني الإسرائيلي، الدفاعي والهجومي، منذ إطلاق أول صاروخ من اليمن في 31 أكتوبر 2023، لا يمكن ولا ينبغي أن يبقى على حاله.
لا يمكن لإسرائيل أن تتسامح مع وضع يسمح فيه هذا النوع من التهديد بإطلاق النار عليها في أي وقت. يجب أن يستمر التخطيط والإعداد لحملة شاملة لا تعتمد فقط على الهجمات الموجهة من اليمن؛ يجب أن يشمل هذا الإعداد مزيجًا من القدرات العسكرية الحالية والمتاحة، واستعادة وإنشاء تحالف دولي واسع لدعم إنهاء الحرب في غزة، والعمل ضد التهديد الحوثي، بالإضافة إلى استغلال العلاقات والنفوذ على قوى المعارضة داخل اليمن لتقويض حكم الحوثيين. بدون هذه الخطوة، سنبقى تحت تهديد دائم والحفاظ على رد فوري ومنظم في الدفاع والهجوم.
ربما أصبحت الحرب خلفنا، ولكن لا تزال هناك تحديات كثيرة تنتظرنا، ومن الضروري في المستقبل القريب أن نحافظ على الجاهزية واليقظة والاستعداد لأي سيناريو قد ينشأ.
-------------------------------------------
هآرتس 16/10/2025
“توحدنا الكراهية”.. هل تشعل محاكمة نتنياهو الشرارة الأولى لـ “حرب داخلية”؟
بقلم: أسرة التحرير
لم تجف دموع الفرح بعودة المخطوفين بعد، وإذا برئيس الوزراء يعود بالفعل إلى المعركة في الساحة القضائية. بالنسبة له، انتهاء الحرب وعودة المخطوفين ليسا سوى فرصة لتجديد المعركة على الساحة الداخلية. فكيف سيتحد معسكر نتنياهو قبل الانتخابات دون عدو مشترك؟ وكما قال نتان إيشيل، المستشار المقرب لنتنياهو: “الكراهية هي ما يوحد معسكرنا”.
أول خدام الكراهية هو رئيس الكنيست أمير أوحانا، الذي قرر عدم دعوة رئيس المحكمة العليا إسحق عميت – أحد رموز السلطة السبعة، إلى الحفل الاحتفالي في مبنى الكنيست بمشاركة ترامب. كما لم تُدعَ المستشارة القانونية لرئيس الوزراء، غالي بهرب ميارا، وهي عضو في صف القيادة الأول. لقد كان استبعاد رؤساء السلطة القضائية يهدف إلى تذكير مُضيف الحفل، والتوضيح بأن كلمات نتنياهو عن “حان وقت السلام بيننا” ليست سوى كلام فارغ.
لم يكن استبعاد عميت وبهرب ميارا عن الحفل الرسمي سوى بداية انطلاق شرارة الحرب الداخلية من جديد. وقد استؤنفت أمس جلسة الاستماع لشهادة نتنياهو في محكمة تل أبيب المركزية، ونظم مكتبه مظاهرة دعم، حيث امتلأت القاعة بالوزراء وأعضاء الكنيست والنشطاء، مطالبين بإلغاء المحاكمة. وأعلن وزير العدل يريف ليفين، مهندس الانقلاب، أن “محاكمة رئيس الوزراء ما كان ينبغي أن تبدأ قط”، ووعد بالترويج لمشروع قانون عضو الكنيست أرييل كيلنر. مشروع قانون يسمح لوزير الدفاع، بالتشاور مع وزير العدل، بإصدار أمر بتقليص جلسات الاستماع في محاكمات المتهمين، إذا تبين أن الجلسات “تضر بأمن الدولة”.
من الواضح أن هذا قانون شخصي، صُمم خصيصًا لوقف محاكمة نتنياهو. ومن الواضح أيضاً أن محكمة العدل العليا ستبطل القانون. لكنها مجرد مكافأة لمن يسعون للفوز في الانتخابات التمهيدية لحزب الليكود والانتخابات العامة حتى لو كلفهم ذلك تدمير الدولة.
لنتذكر أن نتنياهو نفسه زعم سابقًا أنه لا مانع من تولي منصب رئيس الوزراء أثناء محاكمته. هكذا شرح الأمر أمام محكمة العدل العليا، وهو الآن يستخدم منصبه ذريعةً لإفشال المحاكمة. إذا كان يصعب عليه التوفيق بين الأمرين، فعليه الاستقالة من منصبه والتفرغ لمحاكمته.
بدلاً من انتهاز فرصة تخفيف حدة التوتر، والإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق، وتحديد موعد للانتخابات، يختار نتنياهو ورفاقه إعادة إشعال الجبهة الداخلية كما لو أن السابع من أكتوبر وسنتين من الحرب لم يحدثا، وكما لو أن إسرائيل لم تُصبح مُنبوذة في العالم. يُجنّد وزراء الحكومة مجددًا للحرب، دون تردد.
على من يرفض تحمّل مسؤولية ما فعله بإسرائيل خلال فترة خدمته، ويُصرّ الآن على تجديد الحرب على مؤسسات الدولة وحُماتها، أن يُدرك أن الاحتجاج لن يستسلم دون قتال.
-------------------------------------------
هآرتس 16/10/2025
قد يضطر لمفاوضتها أيضاً: هل تلقت حماس من ترامب شرعية لبقاء حكمها في قطاع غزة؟
بقلم: تسفي برئيل
“تحدثت مع حماس وأخبرتهم: ستنزعون سلاحكم، أليس كذلك؟ أجابوا: نعم، يا سيدي. هذا ما قالوه لي”، قال ترامب في لقائه مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي. نافياً بعد ذلك أنه تحدث مباشرة مع حماس، أعاد ترامب لاحقاً تهديده الثابت: “سينزعون سلاحهم، أو سنفعل ذلك بالقوة”. ولكن في محادثاته مع المراسلين في الطائرة، تبين أن حماس حصلت على مصادقة الرئيس للعمل كـ “قوة أمن داخلية”. وقال أيضاً: “هم (أي حماس) يريدون منع المشاكل، وكانوا صريحين في ذلك، وصادقنا لهم لفترة محدودة. في غزة نحو 2 مليون شخص سيعودون إلى بيوتهم المدمرة، وهناك أمور كثيرة سيئة قد تحدث. نريد أن يكون ذلك بشكل آمن”. هو عبر عن التفاؤل: “أعتقد أن ذلك قد يكون على ما يرام، لكن لا وثوق في ذلك”. لم يصب الرئيس بالصدمة من عمليات الإعدام التي نفذها أعضاء حماس ضد رجال العصابات التي عملت برعاية إسرائيل، وقال “هذه عصابات سيئة جداً”.
مشكوك فيه إذا كان ترامب نفسه يتذكر، أو لا يتذكر، كل التصريحات التي قالها، ويفضل أيضاً عدم تسرع إسرائيل في صياغة نظرية قتالية في ضوء هذه التصريحات. ويفضل أيضاً عدم محاولة العثور على اتجاه تفكير ثابت يمكنها من خلاله استنباط سياسة أو رسم حدود المنطقة العسكرية المسموح لها بالعمل فيها أمام حماس. الحقيقة المكشوفة التي لا تحتاج إلى تفسير أن الفترة الانتقالية، التي فيها عملية إعادة الجثامين تحدث بشكل بطيء مثير للأعصاب، وبعد انسحاب إسرائيل إلى 53 في المئة من أراضي القطاع، تتمترس حماس بسرعة بقوة السلاح الذي بحوزتها. حماس تنقل إلى أيديها، بالسلطة والصلاحية التي حصلت عليها من ترامب، السيطرة على الأمن الداخلي في القطاع.
في هذه المرحلة، يصعب التوفيق بين التوجيهات الرئاسية، التي حسب أحدها “الحرب انتهت”، في حين أن توجيهاً آخر يهدد “نحن، الولايات المتحدة، سننزع سلاح حماس بالقوة”. بين هذين الطرفين قد يتطور سيناريو يشبه السيناريو في لبنان وسوريا والعراق. في كل دولة من هذه الدول تواصل المليشيات المسلحة عملها وسيطرتها على مناطق في الدولة التي تعمل فيها، رغم أن كل دولة منها وعدت، وحتى تعهدت، بنزع سلاح هذه المليشيات أو دمجها في الجيش الوطني.
في لبنان، ما زال حزب الله يحتفظ بسلاح هجومي ودفاعي خلافاً لاتفاق وقف إطلاق النار. الجيش اللبناني في الواقع بدأ في تفكيك منشآت حزب الله وجمع السلاح في المناطق الواقعة جنوب الليطاني. ولكن عملية جمع السلاح في شمال الليطاني، كما ينص القرار 1701 وقرار الحكومة اللبنانية، بعيدة عن التنفيذ، فأمام الضغط والتهديد الأمريكي، إضافة إلى هجمات إسرائيل، ثمة تخوف في لبنان بحدوث مواجهة عنيفة مع حزب الله تؤول إلى حرب أهلية.
الحكومة اللبنانية تدعي “دفاعاً عن النفس”، بأنه ما دامت إسرائيل تسيطر على خمسة مواقع في الدولة وتهاجم أهدافاً داخل لبنان، فإنها تجد صعوبة في إقناع حزب الله بإلقاء سلاحه. لذلك، تتوسل الحكومة اللبنانية للإدارة الأمريكية للضغط على إسرائيل لتنفيذ شروط اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل. وفي غضون ذلك، ما زال حزب الله جزءاً من الحكومة والبرلمان، ويواصل إملاء سياسة الدولة من خلال ذلك.
في سوريا، تعهد نظام أحمد الشرع الجديد بنزع سلاح المليشيات، وحصل على مصادقة الولايات المتحدة لدمجها في الجيش الوطني. والكثير من المليشيات التي حاربت إلى جانب الشرع عندما قادت “هيئة تحرير الشام”، المنظمة التي احتلت قصر الرئاسة لبشار الأسد، وافقت على الاندماج في الجيش الوطني. ولكن العصابات وعشرات المليشيات غير الخاضعة للنظام في سوريا ما زالت تعمل، وهو يواجه تحدياً مهماً: دمج القوات الكردية والمليشيات الدرزية. النظام الحاكم يجري مفاوضات معقدة مع هذه القوات، ولكنها لم تثمر أي نتائج حقيقية حتى الآن، رغم تدخل وضغط الولايات المتحدة وتركيا في قضية الأكراد، وإسرائيل في قضية الدروز.
في العراق، الوضع مشابه. فمنذ أشهر كثيرة، تجري نقاشات حول قانون دمج المليشيات الشيعية في الجيش الوطني، ولكن بدون أي نتائج ملموسة حتى الآن. هذه المليشيات تنتظم في إطار “الحشد الشعبي” الخاضع لوزارة الدفاع العراقية، لكن هذا الخضوع، الذي يضمن لها التمويل من ميزانية الدولة، ما زال يبقي لها هامش عمل مستقلاً في إطار الإخلاص لإيران وسياسيين عراقيين يؤيدون إيران. وهنا أيضاً تجري الولايات المتحدة مفاوضات قاسية ومهددة مع الحكومة العراقية. ولكن مثلما في لبنان، الاعتبارات السياسية والخوف من مواجهات داخلية عنيفة تتغلب على التهديد الأمريكي.
في كل هذه الدول، تبدو المليشيات المسلحة مركباً شرعياً وجزءاً لا يتجزأ من المجتمع والسياسة المحلية. الفرق الرئيسي بين مكانة المليشيات في هذه الدول، والوضع في غزة، هو أنه في لبنان وسوريا والعراق، توجد حكومة معترف بها تستطيع الولايات المتحدة إجراء المفاوضات معها، واستخدام الضغط أو بلورة تفاهمات قد تثمر حلاً متفقاً عليه، أما في غزة لا توجد حكومة، ولا توجد نية لإخضاع القطاع لحكم السلطة الفلسطينية، ولا موعد متفق عليه لبدء نشاطات الإدارة المؤقتة لشؤون غزة، حتى “مجلس السلام” المخطط له بقيادة توني بلير، ليس معروفاً كيف سيشكل “قوة الاستقرار” الدولية.
الواضح أنه عندما يتم تجنيد هذه القوات، لن تستطيع الدخول إلى القطاع للبدء في تطبيق خطة ترامب في حالة اشتعال النار مجدداً بين إسرائيل وحماس. ولضمان “دخول هادئ” لها، تحتاج دول الوساطة إلى إجراء مفاوضات حول ذلك مع حماس، وربما ستضطر الولايات المتحدة إلى إجراء مفاوضات مباشرة معها، ولا جديد في ذلك؛ فسابقة المفاوضات المباشرة بين الولايات المتحدة وحماس، التي أثارت انتقاداً شديداً في شباط عقب محادثات مبعوث ترامب آدم بوهلر مع ممثلي حماس في الدوحة، أصبحت الآن أمراً عادياً بعد التقاء ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر في مصر مع رئيس طاقم المفاوضات في حماس خليل الحية.
يبدو أنه يتوقع إجراء محادثات مباشرة كهذه في المستقبل القريب، لأن الإذن الذي أعطاه ترامب لحماس، العمل كقوة أمنية ولو بشكل مؤقت، يعطي حماس أكثر من مجرد مكانة شرعية: هو يجعلها بالفعل جزءاً لا يتجزأ من إدارة غزة، حتى لو لم تكن حماس شريكة رسمية في الحكومة المدنية. من المهم أيضاً التذكر بأنه مثلما لا يشترط الاتفاق مع لبنان تفكيك حزب الله كمنظمة، فإن خطة ترامب لغزة لا تشترط تفكيك حماس، مع تركها قابلة لأن تصبح حركة سياسية غير مسلحة. لذلك، على إسرائيل الاستعداد لحقيقة أنه مثلما وقع ترامب على اتفاق مع طالبان في أفغانستان، وشرعن المليشيات الإرهابية للشرع، ولا يطالب بتفكيك حزب الله، فإنه قد يعتبر حماس أيضاً منظمة “جديرة” شريطة أن توافق على نزع سلاحها.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 16/10/2025
المرحلة الأصعب: مَن سينزع سلاح "حماس"؟!
بقلم: داني زكان
بعد النشوة بعودة 20 مخطوفاً أحياء، والغضب على «حماس» التي سلّمت فقط 8 جثث من المخطوفين القتلى، تتقدم المباحثات بشأن مواصلة عملية إنهاء الحرب في غزة.
قبل الوصول إلى المرحلة التالية من تطبيق خطة ترامب المكونة من 20 نقطة، يجب إغلاق المرحلة الأولى، التي تتضمن إعادة كل جثث القتلى من المخطوفين، والبالغ عددها 24. في الأسبوع الماضي، زعمت «حماس» أنها ستجد صعوبة في العثور على كل الجثث، إذ دُفن بعضها في مواقع دُمرت جرّاء القصف، وأيضاً بسبب تصفية بعض الوحدات والقادة الذين كانوا يعرفون مواقعها. وكانت خلاصة المحادثات في شرم الشيخ، الأسبوع الماضي، أن «حماس» ستسلّم نحو 20 جثة من القتلى ضمن الإطار الزمني المقرر، أي حتى يوم الإثنين، وستقوم فرق دولية بالعثور على بقية الجثث بمساعدة آليات هندسية.
إلّا إن «حماس» لم تلتزم هذا الاتفاق، ولم تسلّم سوى 8 جثث. وادّعى عناصرها في محادثات مع الوسطاء أن هناك «صعوبات لوجستية»، لكن إسرائيل تقول إنها ذريعة؛ ووفقاً للمعلومات المتوفرة لدينا، تحتفظ «حماس» بجثث القتلى وهي قادرة على تسليمها. الرسالة التي نقلتها إسرائيل هي أنه ما دامت هذه المرحلة لم تُستكمل، وما دامت الجثث لم تُسلَّم كلها، فلن يكون هناك تقدّم إلى الأمام. ومع ذلك، إذا تبيّن أنه لا يمكن العثور على جثث بعينها فعلاً، وهناك هذا القلق، فمن الممكن استئناف البحث في موازاة ذلك.
يمكن أيضاً تقسيم مواصلة تنفيذ الخطة إلى مرحلتين: مرحلة إنهاء الأعمال العدائية عملياً؛ والمرحلة التالية، بدء إعادة الإعمار الطويل الأمد في غزة، وبصورة خاصة الخطط السياسية للمنطقة، بما في ذلك توسيع التطبيع، والعلاقة بيننا وبين الفلسطينيين. يتم الحديث عن هذه المرحلة، لكن دون الدخول في تفاصيل تتجاوز ما نُشر في خطة ترامب.
المرحلة القريبة ستكون الأصعب على الإطلاق، إذ تقرّ خطة ترامب نزع السلاح في القطاع في بندين على الأقل. على سبيل المثال، في البند الأول من الخطة: ستكون غزة منطقة منزوعة السلاح وخالية من «الإرهاب»، لا تشكل تهديداً لجيرانها. وكذلك في البند 13: ستُمسح كل البنى التحتية العسكرية و»الإرهابية» والهجومية، بما في ذلك الأنفاق ومنشآت تصنيع الأسلحة، ولن يعاد بناؤها. ستكون هناك عملية لتجريد غزة من السلاح تحت إشراف مفتشين مستقلين، تتضمن إخراج السلاح بعملية متفق عليها للتفكيك.
إن المقصود هنا ليس فقط تسليم كل السلاح، بل أيضاً تدمير أنفاق «الإرهاب» ووقف كل عمل له دلالة عسكرية عدائية تجاه إسرائيل. وفي الوقت نفسه، من المقرر أن ينشأ الجهاز المدني والأمني الذي سيضطلع بالسيطرة على القطاع، لكن هنا تدخل معضلة البيضة والدجاجة - الأطراف، في معظمهم، غير مستعدين لدخول قوات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» ما دامت مسلحة وخطِرة. إذاً، مَن سيجرّد «حماس» من السلاح؟ لا توجد إجابة واضحة عن هذا السؤال.
إن تطبيق هذه البنود هو شرط للمضيّ قدماً، بما في ذلك مواصلة انسحاب إسرائيل، لكن وفقاً لتصريحات قادة «حماس» وأفعال الحركة على الأرض، ومنها المعارك مع الميليشيات المُعارضة، واستئناف تحصيل الضرائب، أو بالأصح، ابتزاز الحماية من تجار غزة، وحاجة «حماس» إلى عرض إنجاز ما، أمور كلها ستصعّب العملية كثيراً.
التوقع هو أن «حماس»، إلى جانب تعطيل المحادثات والمباحثات، ستعمل على تعزيز سيطرتها مجدداً على المناطق المتبقية لها، وهي أقل من نصف مساحة القطاع، وفي هذا الإطار، ستواصل تجنيد وتدريب عناصر والبحث عن التسليح مجدداً.
ومن غير المستبعد أيضاً أن تبادر إلى عمليات مباشرة ضد الجيش الإسرائيلي لاختباره. أمّا إسرائيل، من جهتها، فأعلنت أنها مصممة على مطلب تسلم جميع القتلى والتمسك ببنود الاتفاق، ومن المرجح أنها ستختبر إذا ما كانت ستثبت على ذلك. من المفترض أن يتدخل الوسطاء هنا، وأن يحاولوا إنجاز المرحلة الأولى، لكن بسبب عدائهم لإسرائيل، وحدها مشاركة الأميركيين ستكون الضامنة لتحقيق التقدُّم.
-------------------------------------------
هآرتس16/10/2025
هل انتصرنا بالحرب على غزة أم لا؟
بقلم: يوسي كلاين
نحن لم ننتصر، لكننا لن نعترف في أي يوم بأننا خسرنا. بعد ما مر علينا كنا بحاجة حقا إلى نصر حقيقي. عندها حولنا إعادة المخطوفين إلى انتصار. ولكن لم يكن انتصارا، بل تصحيحا. نحن أعدنا المخطوفين ولم نقم بتحريرهم. يوجد فرق. ليست دورية هيئة الأركان هي التي قامت بتحرير المخطوفين أو "الضغط العسكري" أو المظاهرات هي التي عززت المؤمنين بعدالة الطريق. الديكتاتوريات في حالة التشكل لا تخشى من المظاهرات المهذبة. المخطوفون قام بإعادتهم رئيس متقلب المزاج، الذي من حسن الحظ جئنا في يوم سعيد بالنسبة إليه.
هدف نتنياهو كان إطالة الحرب
عندما لا يتم تحقيق الهدف الرئيسي فإنهم يسرقون بسرعة هدفا آخر، بهدوء وعلى أطراف الأصابع حقا، تم نقل النصر من "تدمير حماس" إلى "تحرير المخطوفين". الآن يأخذ خياطو الملك النصر غير الموجود ويحيكون بدلة منه. المواد توجد لديهم: 2000 قتيل إسرائيلي، عشرات آلاف من الفلسطينيين. ليست بالضبط هذه هي المواد التي يصنعون منها النصر، لكن المواد السيئة لم تزعج الخياطين في أي يوم. إن عزو الفضل هو امتياز للحكام.
هم لن يكتفوا بالتعادل
يوآف كيش سيملي انتصارا غير موجود في المناهج التعليمية، وعميت سيغل سيشير إليه كحقيقة واقعة، لكن الهزيمة فظيعة جدا، حيث لا يمكن إخفاؤها باستبدال التاريخ الأجنبي بالتاريخ العبري. المخطوفون والموتى لا يمكن إخفاؤهم، كل واحد هو بند في لائحة الاتهام بسبب الإهمال، تخريب الصفقات وإطالة الحرب الزائدة.
نفي الهزيمة هو هرب من الاعتراف بأنه لا يمكن المواصلة بهذه الطريقة. لا يمكن بناء المستقبل على الدبابات والطائرات وخدمة احتياط لثلاثة أشهر. لا توجد لدينا قوة لذلك. نحن لم ننجح في هزيمة 40 ألف مخرب ليس لديهم دبابات وطائرات. ما الذي سيحدث عندما سنقف أمام اعداء اكثر قوة؟.
الاعتراف بالهزيمة هو الخطوة الأولى في التصحيح
لو أننا اعترفنا بالهزيمة لما كنا سألنا أين كان الجيش في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، بل كيف يمكن تصديق الأسطورة التي تقول إنه لا يمكننا العيش هنا إلا بالقوة. ها هي القوة فشلت. عشرات المرات. ما العمل إذا؟ هل جلب طائرات متقدمة أكثر؟ دبابات متطورة أكثر؟ هذا لن يساعد. نحن غير قادرين على الصمود في "حرب أبدية". فهل تجدر بنا تجربة طريقة أخرى؟ أو على الأقل البحث عنها؟. لكن نحن بالنفي نفضل الوهم والكذب على الحقيقة.
لقد صبوا علينا أطنانا من الأكاذيب. شوهوا وأخفوا. أين كان المراسلون؟ لقد قاموا بخيانتنا وخيانة مهنتهم. لقد أضروا بالمصداقية التي من دونها لا قيمة لهم. نحن لم نعد نصدقهم. هم لم يكشفوا الأكاذيب بل قاموا بإخفائها.
في التلفزيون كذبوا من أجل خدمة الحكومة، الجيش وزيادة نسبة المشاهدة. بدلا من المعلومات حصلنا على أحاسيس عاطفية جامحة. لو أنه تم منع استخدام كلمات مثل "مثير" و"دراماتيكي"، لساد صمت محرج في الاستوديوهات ولصمتنا نحن. لم نطلب إجابات.
نحن اختبأنا وراء عدم المعرفة. لم يظهروا لنا كيف قمنا بإبادة حوالي 67 ألف شخص ولم نطلب نفيا لقتل الأطفال والنساء والشيوخ. نحن عرفنا أن الصمت هو مشاركة في الجريمة فقط، بعد طردنا من مطعم في اليونان.
ليس كل الشعب يؤيد إعادة المخطوفين
نصف الشعب عارض وقف الحرب التي كانت ستختصر معاناتهم. من أيدوا استمرار الحرب لم يؤيدوا إعادة المخطوفين. لذلك، سيكون "اليوم التالي" مثل اليوم السابق. صفحة جديدة، بيضاء مثل الثلج، لن يتم فتحها. الناس لا "يتوحدون" فقط عندما تطلب منهم اييلا حسون ذلك. هم يتوحدون فقط من خلال وجود أمل. معرفة أن هناك ضوءا في نهاية النفق تساعد في الارتباط والتغلب على الكراهية.
لا يوجد أمل "للحرب الخالدة". هي ذريعة. ذريعة لغير القادر على ايجاد أفكار جديدة وأصيلة. من يؤمن بالحرب الخالدة سيفضل الانتقام المعروف على التفكير الآخر: الانتقام والرد، ومرة أخرى الانتقام. حرب تشرين الأول (أكتوبر) كانت حرب انتقام. انتقام يجر انتقام. ابن الـ10 سنوات، الذي تمت تصفية عائلته في غزة، سيبحث عن الثأر عندما سيصبح ابن الـ20. بعد هذا الانتقام سيأتي "الردع، الذي سيأتي بعده انتقام". دورة الانتقام تساعد نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، على إقامة بنية تحتية خالدة للحرب الخالدة لدافيد زيني، حرب لا نهاية لها ولا يوجد فيها منتصر.
-------------------------------------------
الغارديان 15/10/2025
المصالح الشخصية دفعت ترامب لوقف الحرب في غزة.. فهل تكفي لإحلال السلام؟
نشرت صحيفة الغارديان مقال رأي لكينيث روث، المدير السابق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” والأستاذ الزائر في كلية الشؤون العامة والدولية بجامعة برنستون، رأى فيه أن دوافع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقف الحرب على غزة كانت في جوهرها شخصية، متسائلا ما إذا كانت هذه الدوافع كافية لإنجاز مهمة تحقيق السلام.
وقال روث إنه “لا يسعنا إلا أن نعبر عن الفرح لأن الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة قد توقفت، على الأقل في الوقت الحالي”، مشيرا إلى أن القتل توقف، والطعام بدأ بالدخول لتخفيف وطأة المجاعة، وأن الفلسطينيين المهجّرين قسرا عادوا إلى مدنهم، إن لم يكن إلى منازلهم التي دمّرتها إسرائيل.
لكن ما يخفف من هذه الفرحة – بحسب الكاتب – هو أن شروط السلام الدائم في الشرق الأوسط ما تزال مؤجلة إلى أجل غير مسمى، “هذا إن وُجدت أصلا”.
ورأى أن ترامب يستحق الثناء على إنهاء تمويل وتسليح واشنطن لـ”الإبادة الجماعية” في غزة، وعلى ليّ ذراع بنيامين نتنياهو لقبول خطته ذات النقاط العشرين، إلا أن ذلك لم يحدث في فراغ، فلو حاول جو بايدن تنفيذ الخطة نفسها لتعرّض لانتقادات عنيفة من الحزب الجمهوري، بينما يملك ترامب اليوم هذا الحزب. وكما حدث حين ذهب ريتشارد نيكسون إلى الصين، لم يكن هناك أحد على يمين ترامب ليعارضه.
وأضاف روث أن تحوّل مواقف ترامب من تبني هدف اليمين الإسرائيلي المتطرف المتمثل في “التطهير العرقي” لغزة إلى القبول بحق الفلسطينيين المدنيين في البقاء، جاء مدفوعًا بتغير المزاج الأمريكي تجاه إسرائيل، وخصوصًا بين الشباب الإنجيليين من أنصار حركة “لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا”، الذين شعروا بالاشمئزاز من حجم الدمار والقتل في غزة.
وأشار إلى أن ترامب، الذي ينشغل عادة بنفسه ومصالحه السياسية، أدرك التكاليف السياسية لاستمراره في منح نتنياهو “ضوءا أخضر” لحرب لا نهاية لها، وهي حرب احتاجها الأخير للحفاظ على ائتلافه الحاكم وتفادي الملاحقة بتهم الفساد، أو المحاسبة على الإخفاقات الأمنية التي كشفتها عملية حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويرى الكاتب أن “القشة التي قصمت ظهر البعير” كانت محاولة نتنياهو مهاجمة وقتل مفاوضي حماس في قطر، ما أثار غضب قادة الخليج، الذين يشكل مزيج ثروتهم واستبدادهم أحد أعمدة قوة ترامب. وهذا ما دفع الرئيس الأمريكي إلى معاقبة نتنياهو وإجباره على قبول خطة وقف الحرب المؤلفة من 20 نقطة، تضمنت تخليه عن حلم “غزة خالية من الفلسطينيين”، وعودة محتملة لوكالة الأونروا التي حاول نتنياهو تدميرها.
وأشار المقال إلى أن الخطة تمنح الفلسطينيين في غزة حق “المغادرة والعودة”، وهو امتياز لا يملكه اللاجئون في لبنان وسوريا والأردن. لكنه حذّر من أن ما لم يُعلن قد يكون أخطر مما أُعلن، إذ لم يلتزم نتنياهو بالامتناع عن استئناف الحرب في حال لم تُنزع أسلحة حماس بالكامل.
وانتقد روث رسالة ترامب المزدوجة، فبينما يسعى للسلام، فرض عقوبات على موظفي المحكمة الجنائية الدولية لأنهم اتهموا نتنياهو ووزير دفاعه السابق بارتكاب جرائم حرب، بينها تجويع المدنيين. كما أن خطة ترامب تدعو إلى “إصلاح السلطة الفلسطينية” التي لم تُجرِ انتخابات منذ أكثر من 15 عاما، تمهيدا لما وصفه بـ”مسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني”، من دون تحديد جدول زمني لذلك.
ويعرف ترامب – وفق الكاتب – أن إقامة دولة فلسطينية تتطلب ضغطا جديدا على إسرائيل، وهو أمر لا يبدو معتادا منه، إذ لم يتخلَّ عن رؤيته لـ”ريفييرا غزة” إلا بعدما باتت الكلفة السياسية مرتفعة جدا. كما شكك روث في حصول ترامب على جائزة نوبل للسلام التي يطمح إليها ما دام الصراع في جوهره لم يُحل بعد.
وفي سياق متصل، أشار إلى أن دول الخليج تضطلع بدور أساسي، إذ يريد ترامب منها تمويل إعادة إعمار غزة التي دُمّر 92% من منازلها، لكن هذه الدول تشترط وجود مسار واضح نحو إقامة دولة فلسطينية قبل ضخ الأموال.
وختم روث بالقول إن الاعتماد على ترامب في دعم القضية الفلسطينية يظل مثيرا للقلق، رغم وصف نتنياهو له بأنه “أعظم صديق لإسرائيل”، مضيفا أن هذا الإطراء لا يخفي استعداد ترامب للابتعاد عن حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل وفرض سلوك أفضل.
“لقد اتخذ خطوة كبيرة نحو إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني التي لا توصف، لكن يجب أن نواصل الضغط عليه لإتمام المهمة”، يخلص الكاتب.
-----------------انتهت النشرة---