الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 19/12/2025 العدد 1490

الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

هآرتس 19/12/2025

 

 

لا يوجد شيء اسمه عنف المستوطنين، انه ببساطة جوهر الهوية الاسرائيلية

 

 

بقلم: يونتان بولاك

 

25 حزيران. المكان: كفر مالك التي تقع على المنحدرات الشديدة لتل العاصور، التي قمتها هي الرابعة من حيث ارتفاعها بين جبال فلسطين. في 23 حزيران اطلقت النار على ظهر احد أبناء القرية وهو عمار حمايل. وحسب بعض الشهادات فقد كان الجنود هم الذين اطلقوا النار من مكان مخفي بين أشجار الصنوبر الموجودة على مدخل القرية من الجنوب. الرصاصة اخترقت ظهره وخرجت من جسده عبر الرقبة، وجهه لم يكن نحو الجنود عند موته. خلال الساعتين التاليتين منع الجيش بصورة عنيفة سيارة الإسعاف، وكذلك أبناء عائلته، من معالجة جراحه. أيضا سيارة تندر بيضاء مثل التي يستخدمها ضباط الامن في المستوطنات، وقفت قرب الجثة. كان عمره 13 سنة عند موته.

بعد يومين فقط على موته اقتحم اكثر من مئة إسرائيلي القرية. هم نزلوا في منحدر الجبل، بعضهم كان ملثم وآخرون غير ملثمين. قاموا بتخريب بيوت، واشعلوا النار في كل ما خطر ببالهم وخلفوا كتابات بذيئة على الجدران. لكنهم لم يكونوا لوحدهم. خلف هذه المليشيا كانت هناك القوات الرسمية للدولة، التي سارت بمحاذاتهم الى القرية، وهم الذين قتلوا ثلاثة من سكانها – احدهم هو قاصر وآخر قتلوه على مدخل بيته – في الوقت الذي حاولوا فيه الدفاع عن انفسهم وعن قريتهم امام مذبحة. بعد ذلك بقليل دوى صوت جعفر حمايل على خط الهاتف المتقطع: “هم يقتلوننا وبدأوا حرب يوجد فيها فقط طرف واحد. فقط يوجد معهم ومع كلابهم الجنود بنادق”.

10 تشرين الأول. في اليوم الأول من موسم قطف الزيتون تجمع حوالي 150 من قاطفي الزيتون في جبل كماتس الموجود في بيتا. هناك اقيمت منذ فترة عدة خيام ومبان مؤقتة، التي يسميها، سواء من يعيشون فيها أو الجيش، بالاسم المناسب “بشائر السلام”. قاطفو الزيتون وجدوا الحقول مليئة بالجنود وأعضاء المليشيا كتفا الى كتف. في نهاية اليوم بقي 20 مصاب من بين قاطفي الزيتون، بينهم 12 تم نقلهم الى المستشفى، 3 صحافيين وشاب اطلقت النار الحية على قدمه على يد المليشيا، 8 سيارات أحرقت على يد المشاغبين، وسيارة اسعاف انقلبت وتقريبا تم احراقها. في اليوم، في قطعة ارض ابعد قليلا، في الوقت الذي كانت فيه عائلة تنشغل في قطف الزيتون في الأرض، بدأ الجنود الذين كانوا يقفون وحدهم على تلة مقابلة في اطلاق الغاز المسيل للدموع عليهم. طفل ابن 13، ايسم معلا، اختنق بالغاز وفقد الوعي. قتلته اعاقوا سيارة الإسعاف التي جاءت طوال ست دقائق من نقص الاوكسجين الذي اصبح قاتل. ايسم لم يفق من غفوته ومات بعد شهر من ذلك في المستشفى. الجيش صمم على استقبال جنازته باغلاق مدخل القرية وارسال سيارة عسكرية لالقاء قنابل الصوت في العزاء.

7 كانون الأول، في يوم الاحد طوق الجيش قرية المغير واقتحم شوارعها وازقتها الضيقة. ماذا كان هدف الاقتحام، هذا غير واضح. حيث ان نشاطات الجيش اقتصرت على اغلاق كل مداخل القرية، وفرض حظر التجول غير الرسمي واقتحمت سيارات عسكرية في جنح الظلام، التي منها قام الجنود باطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت بين البيوت. لم تكن هناك أي محاولة لاختطاف احد شباب القرية، الذين في تلك الليلة ظلوا أحرارا. ما حدث حقا في تلك الليلة وفي تلك الساعات كان اقتحام مجموعة من الإسرائيليين لبيت عائلة أبو همام الذي يقع في قلب القرية. 8 اشخاص من المجموعة وصلوا من جهة مزرعة شليشا، وكانوا ملثمين ومسلحين بالعصي. كل من لا ينخدع بالاوهام يعرف مسبقا نتائج الهجوم. وكذلك التنسيق بين القوات الرسمية والقوات غير الرسمية التي تنفذ سياسة العنف الإسرائيلية. وحتى قبل ترك الجيش للقرية انسحب المهاجمون وخلفوا وراءهم فتى ابن 13 سنة وهو مصاب برأسه، وامرأة عمرها 59 سنة وهي مصابة بالكدمات في رأسها وجسدها وايديها، والتي لا تزال تكافح من اجل الوقوف بعد يومين في المستشفى، وأربعة نشطاء تضامن من بريطانيا وفرنسا وامريكا – جميعهم احتاجوا الى تلقي العلاج في المستشفى.

في وقت الهجوم، وبعده مباشرة، حاول اهل القرية والطواقم الطبية الوصول الى أبناء العائلات المتضررة ولكن الجيش منعهم. فقد صوب الجنود سلاحهم نحو سائق سيارة الإسعاف والمسعفين الذين كانوا يحاولون اسعاف المصابين وهددوهم بالاعتقال اذا تقدموا. وبعد بضع ساعات تمكنوا من اخلاء المصابين. وبعد ساعات أخرى تحقق التهديد بالاعتقال. عندما كانت سيارة الإسعاف عائدة من المستشفى أوقف الجنود اثنان من رجال الإسعاف عند نقطة التفتيش وقاموا بتكبيلهما وعصب عيونهما، ولم يطلقوا سراحهما الا بعد ساعات. وذلك بسبب مجرد وجودهما هناك. لم يكن الجنود الذين فعلوا ذلك من الجنود – المستوطنين أو من كتائب الحماية الإقليمية، بل هم ببساطة كانوا من جنود الاحتياط، الأشخاص الذين يجلسون في المقاهي وفي الأماكن المفتوحة وفي مكاتب الإدارة.

الهجمات على أبناء العائلة تواصلة حتى في الأيام التالية. كالعادة وجد الجيش الحل في ازعاج ضحايا الهجوم. في البداية صدر امر منطقة عسكرية مغلقة لمدة 24 ساعة، الذي استخدم لاعتقال اثنان من النشطاء وترحيل آخرين. ثم وصل الجنود وشرطة الحدود وفرضوا امر اغلاق لمدة شهر. اعتقلوا ناشطتين امريكيتين تواجهان الان الترحيل. رغم انهما لم تكونا داخل المنطقة المغلقة. وواصل الجنود التردد على بيت العائلة في محاولة لتعقب أي شخص لا ينتمي لها، شريطة أن لا يكون قادم من جهة مزرعة شليشا.

13 كانون الأول. هاجم ثلاثة فتيان يرتدون قبعات يهودية كبيرة منسوجة وشعر مستعار طويل سيارة حنان خيمل وولديها ابناء 5 و4 سنوات. حنان نفسها كانت حامل في الشهر التاسع. المهاجمون هددوا أبناء العائلة وضربوهم ورشوهم بغاز الفلفل ووجهوا لهم شتائم عنصرية. وأول من اعتقلتهم الشرطة وقامت بالتحقيق معهم في اعقاب الحادث، الذي أصرت على وصفه بانه خلاف على الطريق – كانوا 17 شخص من قرية حنان، الذين احتجوا على الهجوم. لم يتم الاشتباه بأي واحد منهم بارتكاب اعمال عنف، بل بقول الحقيقة: هذا الهجوم الذي لم يقع في الضفة الغربية، بل في يافا، كان موجه لكل المجتمع الفلسطيني في يافا، ولم يحدث ذلك في فراغ، بل في مناخ أوجدته النواة التوراتية في يافا، الممولة من بلدية تل ابيب، والتي كانت مصدر التوتر وعدم الاستقرار في المدينة لسنوات، وفرضت الخوف والرعب على سكان يافا العرب. ويترأس هذه المجموعة الأساسية الحاخام الياهو مالي، الذي قررت النيابة العامة عدم محاكمته بتهمة التحريض، بعد ان صرح قائلا: “ارهابيو اليوم هم أبناء العملية السابقة التي تركتهم على قيد الحياة. النساء في الواقع هن اللواتي ينتجن المخربين”.

لا يوجد هناك شيء اسمه عنف المستوطنين. فالعنف ضد الفلسطينيين بكل اشكاله – سواء كان رسمي أو ما يصوره الليبراليون بانه فوضى – ليس استثناء، بل هو جوهر الهوية الإسرائيلية. وينطبق نفس الامر على الضفة الغربية وقطاع غزة ويافا والجليل وأي مكان آخر. الضفة الغربية ليست ارض المستوطنين، والمهاجمون ليسوا جماعة صغيرة من المتطرفين. هذه الهجمات هي تطبيق لسياسة تطهير عرقي طويل الأمد، لا تبدأ ولا تنتهي بـ “المستوطنين المتطرفين” أو بـ “حكومة اليمين المتطرفة”. الضفة الغربية ليست ارض خارج الحدود، البلاد كلها من البحر الى النهر هي ارض الإسرائيليين.

------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 19/12/2025

 

 

الاصبع على الزناد

 

 

بقلم: يوآف زيتون

 

بعد نحو ثلاثة أسابيع من الحادثة في جنين التي اثارت عاصفة عالمية، وفي اثنائها قتل بالنار مطلوبان بعد ان رفعا اياديهما امام مقاتلي وحدة “يسم” الخاصة، اعيدت وحدة المستعربين من حرس الحدود هذا الأسبوع للعمل في فرقة المناطق، في ختام تعليق شاذ استمر لنحو أسبوعين.

في قيادة المنطقة الوسطى لا يجدون صلة بين الحدث الخطير الذي لا يزال موضع تحقيق في وحدة التحقيق في الشرطة وبين سلسلة الاحداث التي زعم فيها باصبع رشيق على الزناد من جانب المقاتلين والتشديد للقوات على أن كل مخرب يحاول إيقاع الأذى حتى لو كان راشق حجارة، ينبغي قتله.

النتيجة لهذه السياسة المتصلبة، حسب الجيش، هي رفع مستوى الردع في أوساط المشاغبين والمخربين الفلسطينيين بشكل يسمح بدخول قوات الجيش الى مخيمات اللاجئين في السامرة، مثل بلاطة حتى في وضح النهار دون أن ترشق نحو الجنود حتى حجارة. قبل 7 أكتوبر كل دخول الى مخيم اللاجئين ترافق ونار نحو قوات الجيش الإسرائيلي.

على الرغم من ذلك، في الجيش الإسرائيلي قلقون من الارتفاع في كمية راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة من جانب مخربين نحو مركبات إسرائيلية على طرق الضفة ولهذا فقد صعدوا الجهد الاحباطي من خلال كمائن في نقاط معدة للشغب. فأول امس فقط القى مخربون زجاجة حارقة نحو طريق بيغن من خط التماس الجنوبي للقدس. في طريق 443، بعد شهر من الهدوء في اعقاب نشاط مكثف للقوات، رشق مخربون مرة أخرى زجاجة حارقة.

في حوادث أخرى قتلت قوات الجيش هذا الأسبوع مخربين اثنين رشقا الحجارة نحو مركبات على الطريق في غوش عصيون. في بعض هذه الاحباطات اطلق المقاتلون النار بشكل دقيق من مسافة عشرة امتار نحو المخربين، قبل أن ينفذ أولئك مبتغاهم. في الجيش يشخصون محاور في المناطق حصل فيها عشرات حالات رشق الحجارة والزجاجات الحارقة في أسبوع ولهذا يشددون على أن حرية العمل للمقاتلين لقتل كل من يعرض الحياة للخطر، محفوظة لدى الجنود والقادة في الميدان.

الى جانب هذا، في فرقة المناطق يحققون في ثغرات مهنية تنكشف في أداء القوات في احداث معينة. هكذا مثلا اظهر تحقيق محاولة الدهس في الخليل قبل نحو أسبوع ونصف، والتي قتلت فيها قوة من المظليين سائقا فلسطينيا حاول، حسب رواية القوة دهس احد المقاتلين واصابه بشكل طفيف. هذا الأسبوع نشر الفلسطينيون شريطا مسجلا للحدث بدا فيه السائق الفلسطيني يتوقف قبيل الجنود ويعود اليهم مسافرا الى الوراء. وفي الالتفافة على الطريق يصيب جنديا، وعندها تفتح القوة نارا فتاكة. وحسب الادعاء الفلسطيني، في الشريط يبدو أن السائق استمع لتعليمات الجنود وعاد باتجاههم، لكن بسبب التواء الطريق بين البيوت لم يلاحظ احد المقاتلين فيما كان يقود المركبة الى الوراء. في الحادثة قتل فلسطيني آخر بنار المقاتلين، وبشأنه اعترفوا في الجيش الإسرائيلي بانه لم يكن مشاركا. بقدر ما هو معروف، لم تفتح الشرطة العسكرية تحقيقا في الموضوع بخلاف السياسة التي كانت متبعة قبل 7 أكتوبر. تحقيق الحادثة الذي انتهى منح اسنادا لاداء القوات لكنه أشار الى انهم عملوا بشكل غير مهني بالكمية الكبيرة من الرصاصات التي اطلقوها. وحسب النتائج كان ينبغي للمقاتلين ان يطلقوا عددا قليلا من الرصاصات، ونحو السائق فقط.

 

 يطلقون النار حتى على مخربين فارين

 

أظهر التحقيق أيضا سياسة استخدام النار من المقاتلين في يهودا والسامرة: خطر الحياة هو ما يشعر به الجندي بنفسه، واذا ما شعر بخطر يمكنه أن يطلق النار كي يقتل. حتى قبل الحرب كانت الأوامر في المناطق تحظر اطلاق النار على مخرب رشق حجارة أو القى بزجاجة حارقة اذا ما بدأ بالفرار من الساحة، توقف عن تعريض حياة الاخرين للخطر بشكل فوري ولم يعد يحمل سلاحا. اما اليوم فيتبين أن السياسة مختلفة حتى بالنسبة لاوضاع من هذا القبيل. الخطر في هذا التغيير، فضلا عن المس بغير المشاركين هو المس بالشرعية الإسرائيلية في العالم؛ اشعال المنطقة اذا ما وثق مثل هذا الحدث وانتشر؛ وكذا المس بالاسرائيليين. في العقد الذي سبق الحرب كانت حالات غير قليلة دهس فيها إسرائيليون بالخطأ جنودا او شرطة في المناطق وواصلوا السفر دون أن يلاحظوا ذلك. وعليه فكانت الأوامر عدم اطلاق النار نحو سيارة كهذه، وبخاصة اذا كانت لها لوحة ترخيص صفراء خشية أن يكون فيها يهود ويكون سوء فهم أو رد صدمة من جانب السائق.

بالنسبة للحادثة المأساوية هذا الأسبوع في محطة وقود كدوميم في السامرة، اعطي اسناد كامل للمقاتلين الاثنين: المواطن اليهودي، حسب التحقيق وحسب التوثيق، حاول طعنهما المرة تلو الأخرى من مسافة قريبة ولهذا فقد فتح احدهما نارا فتاكة لكن مقنونة، كي يحيده، وتضمنت رصاصتين. الشاب إياه، المريض نفسيا، أصيب بجراح خطيرة جدا بالنار.

بالنسبة للحادثة في جنين الشهر الماضي، تحقيق الحدث انتهى ورفع الأسبوع الماضي الى رئيس الأركان. وعلمت “يديعوت احرونوت” بانه انكشفت فيه فجوات مهنية ومواضع خلل خطيرة في أداء القوة على مدى مراحل تنفيذ مهمة اعتقال المطلوبين اللذين في النهاية قتلا من مسافة قريبة من قبل المقاتلين. في فرقة المناطق، في خطوة شاذة، علقوا عمل الوحدة كلها لاسبوعين ونصف بعد الحدث، وفقط في منتصف الأسبوع الماضي عادت لتعمل ضد مخربين في المناطق.  في وقت تعليق الوحدة الخاصة عمل في جبهات مختلفة في المناطق مقاتلون من الجيش في مهام حساسة، أساسا من دودفان، في النظامي والاحتياط.

هذا الأسبوع أجرى مسؤولون كبار من الجيش حديثا مع مقاتلي وحدة “يسم” أشاروا لهم فيه بعد تقدير جهودهم الى الفجوات المهنية التي لا يقبلها الجيش، ومواقع الخلل المحددة مثل انعدام الدقة، في الحملة التي انتهت بمقتل المصور للمخربين الاثنين بعد أن خرجا من المبنى المحاصر، كشفا عن جسديهما ليريا انهما لا يحملان عبوة ناسفة. احدهما حتى رفع اليدين، في وضح النهار. المقاتلون الأربعة من الحادثة، بينهم ضابط، ادعوا في تحقيقهم أنهم شعروا بخطر على الحياة وعملوا على تحييد وليس إماتة المخربين بعد أن بدا هذان يبدآن بالعودة الى داخل المبنى. ليس واضحا بعد اذا كانا فعلا هذا بناء على طلب المقاتلين ام بمبادرة منهما.

التحقيق العسكري لم يفحص القسم الأخير من العملية، أي النار الفتاكة نفسها، لان هذا التحقيق من صلاحية وحدة التحقيق مع الشرطة فقط. في الجيش اعتقدوا أنه كان من الخطأ نقل التحقيق الى دائرة تحقيق الشرطة وليس الى الشرطة العسكرية. كما علم انه صحيح حتى الان لا يلوح خلل قيمي في أداء المقاتلين لكن في ختام التحقيق اذا ما تبين بالفعل بانه لم يكن مبرر عملياتي لذلك، فمن المتوقع اتخاذ خطوات خطيرة من ناحية الجيش ضد المشاركين.

 

 خمس رصاصات أخرى للتحييد

 

في الجيش يقولون انه بلا شك بعد 7 أكتوبر “تغير القرص” في المناطق وعليه فقد اتخذت يد قاسية قضت منذ الان على ظاهر مثل “مسيرات مسلحين في جنازات مخربين في نابلس او في طولكرم؛ اعلام حماس ترفرف من البيوت بلا عراقيل؛ وكذا مباني فلسطينية يمكنها أن تعطي تفوقا عملياتيا للمخربين لاطلاق النار او زرع العبوات الناسفة، لم تعد قائمة على حالها بعد أن بدأ الجيش مؤخرا يدمرها هي أيضا – واساسا في مخيمات اللاجئين في السامرة، في جنين وفي طولكرم.

منذ بداية السنة قتل قوات الجيش الإسرائيلي مئات من راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة، ولا يزال كل حدث شاذ يحقق فيها جيدا في فرقة المناطق، حتى مستوى فحص كمية الرصاصات التي اطلقها كل جندي: “تطلع لجعل المقاتلين مهنيين بالقدر الممكن والاكتفاء بنار دقيقة ومحدودة حتى خمس رصاصات لتحييد المشبوه. في الجيش يقلقون من ظاهرة التسكع الواسع للفتيان الفلسيطينيين بسبب الإضرابات الكثيرة في جهاز التعليم في السلطة. ولهذا يشددون النشاط الهجومي في أعماق المنطقة أ.

------------------------------------------

 

هآرتس 19/12/2025

 

 

بتعاون استثنائي، انكشف ماضي قرية فلسطينية هجرها أهلها ودمرت

 

 

بقلم: اريئيل دافيد

 

جمال عيد ما زال يتذكر وبمحبة كيف كان في صباه عندما اخذه والده في الثمانينيات لزيارة قرية الآباء الحديثة، التي اضطرت عائلته الى تركها في حرب الاستقلال في 1948. عيد الان هو موظف في بنك، ابن 64 سنة، ويعيش في البيرة في الضفة الغربية. هو يتذكر كيف ان والده اراه انقاض بيت العائلة وحقول الزيتون التي ما زالت قائمة، وما كان ذات يوم يمثل معقل القرويين الفلسطينيين، الذي يقع بين تل ابيب والقدس.

زيارات تراثية كهذه الزيارات ليست امر نادر في أوساط الفلسطينيين الذين يمكنهم الوصول الى التجمعات التي تم اقتلاع عائلاتهم منها في أيام النكبة. ولكن في الفترة الأخيرة كانت انقاض الحديثة في مركز نشاطات مجموعة أخرى مختلفة كليا: طاقم علماء الاثار والمؤرخين في جامعة تل ابيب، الذين يحققون في هذا الموقع من اجل استعادة تاريخ القرية.

هذا المشروع يعتبر مبادرة نادرة في دولة ما زال التيار السائد فيها يجد صعوبة في الاعتراف بدور إسرائيل في معاناة وتشريد اكثر من 700 ألف لاجيء فلسطيني في 1948. وبصورة متميزة اكثر، قام الباحثون بالتعاون مع لاجئي الحديثة الناجين واحفادهم، بما في ذلك عيد، بالحصول على اذن منهم للتنقيب والكشف عن بيوت اجدادهم، ومن اجل جمع شهادات شفوية عن الحياة في القرية وعن نهايتها المفاجئة.

 

بدأوا بالتفجير (تقريبا)

 

مثل الكثير من مئات القرى، التي هجرت في 1948، بنيت الحديثة على تلة كانت تتشكل من طبقات من الاستيطان البشري الذي تراكم خلال آلاف السنين. تلة الحديد، كما تعرف باللغة العبرية، هي موقع اثري مهم في إسرائيل. ولكنها بقيت حتى فترة قريبة غير مكتشفة بدرجة كبيرة. في العام 2018 قرر علماء الاثار في جامعة تل ابيب وفي كلية نيو اورليانز اللاهوتية المعمدانية تغيير هذا الواقع. ومنذ ذلك الحين حققوا اكتشافات مدهشة حول ماضي هذا الموقع البعيد. من بين هذه الاكتشافات كشف الباحثون عن حصن ضخم يعود الى بداية العصر الهليني إضافة الى رسائل عمرها 2700 سنة، تشير الى وجود مجتمع مختلط من بني إسرائيل ومهاجرين آخرين جاءوا في اعقاب اعمال الطرد التي نفذها المحتلون الآشوريون في القرن السابع قبل الميلاد.

لكن الدافع للتحقيق في التاريخ الأقرب لهذا الموقع، هو اكتشاف متواضع جدا: قنبلة يدوية لم تنفجر، التي تم العثور عليها في موقع حراسة يرجح أنه بني في القرية الفلسطينية اثناء الحرب في 1948. هكذا شرح البروفيسور عيدو كوخ، عالم الاثار التي يترأس البحث. كوخ قال انه في اعقاب الاكتشاف تواصل مع صديقه البروفيسور يوآف الون، الباحث في تاريخ الشرق الأوسط في تل ابيب، وسأله اذا كان يرغب في القيام بشيء آخر.

هكذا فانه في العام 2022 ولد مشروع قرية الحديثة. هذا المشروع الذي هو بتمويل الصندوق الإسرائيلي للعلوم، يقترح منهج جديد للتحقيق في القرى الفلسطينية المهجرة من خلال الجمع بين علم الاثار والبحث التاريخي وجمع الشهادات الشفوية. وقد قال الون لصحيفة “هآرتس”: “إسرائيل دائما عملت على طمس هذه القرى من الذاكرة العامة، ليس فقط من خلال المحو الفعلي، بل أيضا، على سبيل المثال، من خلال غرس الأشجار فوق الأنقاض، مثلما حدث في قرية الحديثة. نحن نخالف التيار السائد ونسعى الى تسليط الضوء على هذه القصة. يوجد لنا دور في توثيق الرواية، التي هي جزء لا يتجزأ من تاريخ الموقع وتاريخ كل الدولة”.

 

نكشف عن الأرض والشهادات

 

حتى الان تقريبا لم يقم علماء الاثار الإسرائيليون في التحقيق في بقايا من تلك السنوات. وذلك لعدة أسباب، من بينها ان استخدام الأدوات الاثرية للتحقيق في الماضي القريب هو تطور جديد نسبيا في هذا المجال. إضافة الى ذلك منذ اقامتها انصب اهتمام إسرائيل على علم الاثار وكثيرا استخدم هذا المجال لأغراض سياسية، لا سيما لتاكيد ارتباط الشعب اليهودي بالأرض وتبرير قيام الدولة الحديثة. لذلك فانه ليس من الغريب ان يفضل علماء الاثار بشكل تقليدي البحث عن آثار من عصر التوراة وتجاهل االتراث التهجير الفلسطيني، الذي ما زال قضية حساسة جدا وقادرة على احداث انقسام سياسي في الدولة. في نفس الوقت ما زال مؤرخون لهم آراء مختلفة متباينين حول ما اذا كانت دولة إسرائيل الفتية قد وضعت خطة متعمدة لتهجير الفلسطينيين بشكل قسري، أو اذا كانوا في معظمهم قد هربوا اثناء القتال أو استجابوا لدعوة قيادتهم مغادرة بيوتهم.

على الرغم من ان القانون الإسرائيلي ينص على ان القطع الاثرية التي صنعت بعد العام 1700 ليست من الاثار القديمة، الا ان علماء الاثار في إسرائيل يظهرون اهتمام متزايد بالتنقيب العلمي عن الماضي القريب، كما يتبين من الحفريات الأخيرة التي قامت بها سلطة الاثار الإسرائيلية في يافا وفي القدس وفي أماكن أخرى، حيث تمت دراسة الطبقات الحديثة أيضا، حسب اقوال كوخ.

مع ذلك فان التنقيب في قرية الحديثة هو المشروع الاثري الثاني في إسرائيل الذي يركز على قرية فلسطينية تم تهجير سكانها. المشروع الأول نفذه أيضا طاقم في جامعة تل ابيب، الذي ركز على قرية قادش في الجليل الأعلى، التي هرب سكانها الى لبنان في 1948. كوخ قال: “احد الأمور التي اقولها لطلابي هو ان هذا ما زال ماض. هذا ماض قريب. ويمكننا ان نتعلم أشياء عن أناس عاشوا قبل سبعين أو ثمانين سنة، تماما كما نستطيع ان نتعلم عن الذين عاشوا هناك قبل 2800 سنة”.

حتى الان لم يقم الطاقم الا بحفريات محدودة في 2023. وفي الصيف الماضي في مناطق مفتوحة في الحديثة مثل الساحات والطرق. ويعود هذا جزئيا الى نقص المتطوعين خلال حرب غزة، لان علماء الاثار لم يرغبوا في الكشف عن بيوت الفلسطينيين المدمرة بدون اذن منهم، الذي تم الحصول عليه في هذه الاثناء. حسب اقوال كوخ فان احد اهداف الحفريات هو الوصول الى طبقات اكثر قدما في الحديثة في محاولة للإجابة على سؤال ما اذا كانت القرية قد تاسست فقط في القرن التاسع عشر أو كما تشير السجلات في محاكم القدس بانها كانت ماهولة بالفعل في القرن السادس عشر والقرن السابع عشر.

في غضون ذلك عثر علماء الاثار في الطبقة التي تقع تحت القرية التي تم تهجيرها في 1948 على قطع اثرية تعود للعصر الحديدي. وقد قالوا انها يمكن ان تكون مرتبطة بالغزو الآشوري لمملكة إسرائيل. كوخ قال: “نحن سنعود الى هناك لدراسة العصر الحديدي في المستقبل، لكن أصول قرية الحديثة ستكشف في وقت لاحق”. إضافة الى ذلك كشفت العينات الأولية عن أدوات كان يستخدمها السكان في الحياة اليومية، لا سيما الخزف الذي يعود للقرن التاسع عشر والمستورد من أوروبا: كؤوس خزفية وغلايين واواني طهي من قبرص.

نظرا لان هذه القطع لا تعتبر آثار بحسب القانون الإسرائيلي – الذي لولا ذلك لقام بتصنيفها كملكية للدولة – فقد صرح علماء الاثار بانهم سيعيدون أي قطعة يتم اكتشافها الى جمعية اللاجئين الفلسطينيين للحديثة فور انتهاء ابحاثهم. مع ذلك، يبدو ان الإنجاز الأبرز للمشروع حتى الان هو إرساء شراكة متينة بين الباحثين وبين لاجئي قرية الحديثة، الذين ينتشرون بشكل رئيسي في منطقة البيرة قرب رام الله وفي عمان في الأردن.

المسؤول الرئيسي عن خلق هذه العلاقة هو رامي أبو حامد، وهو طالب دكتورة في جامعة بار ايلان ومتخصص في دراسة اللغة والادب العربي المعاصر، لا سيما الفلسطيني والأردني. أبو حامد اجرى مقابلات مع عشرات اللاجئين واحفادهم، بينهم 13 من سكان القرية القدامى. أبو حامد يقول، وهو من سكان الجليل ويصف نفسه بانه عربي إسرائيلي: “في البداية كان هناك خوف وتردد، بل ان البعض شككوا في نوايانا. ولكن نحن بنينا علاقة معهم بالتدريج من خلال الشفافية التامة. أنا جلست مع قادة جمعية اللاجئين واطلعتهم على البحث وجاوبت على استفساراتهم”.

بالتدريج تحولت الشكوك الى اهتمام وتاثر بالمشروع، الذي يعد بتوفير التوثيق للحياة التي انقطعت بموجة التهجير في 1948. “انا ارحب بكل خطوة يمكن ان تدفع قدما بالعثور على بقايا أو أشياء تربطني من جديد بجدي وجدتي وآبائي”، قال جلال العطشان، وهو مصور (64 سنة) ونائب رئيس جمعية لاجئي الحديثة في البيرة.

حسب أبو حامد فان المقابلات اتاحت إعادة بناء التاريخ الاجتماعي والاقتصادي للقرية، بما في ذلك العلاقات بين العائلات التي عاشت في الحديثة وصلتها باقرب تجمع يهودي قبل إقامة الدولة، وهي قرية الشباب في بن شيمن. ويشير أبو حامد الى ان الصورة العامة تظهر علاقات داخلية هادئة، ولم تكن هناك اتصالات عميقة وواسعة مع اليهود، ولم يكن هناك صراع مفتوح أيضا.

إضافة الى ذلك تركز الشهادات أيضا على أيام الهرب من قرية الحديثة، الذي كان في تموز 1948، بعد سقوط مدينة اللد ومدينة الرملة في ايدي القوات الإسرائيلية وتهجير السكان في اطار “عملية داني”. العطشان قال: “كان اطلاق نار وانفجارات متفرقة، لكن الاخلاء (قرية الحديثة) كان في معظمه بسبب الخوف، اذ سمعوا وشاهدوا عمليات القتل والتهجير في القرى القريبة، لا سيما اللد والرملة”.

لقد لجأ تقريبا 900 شخص من سكان قرية الحديثة في البداية الى قرى عربية قريبة، على امل العودة الى بيوتهم بعد انتهاء الحرب. وفي الأسابيع التالية تمكن بعضهم من التسلل بين حين وآخر من اجل اخذ الطعام أو الأغراض الثمينة، لكن هذه الزيارات توقفت بسرعة، اذ ادرك السكان بان القرية سقطت كلها في ايدي الإسرائيليين. وتفرقوا بالتدريج في عدد من القرى، بعضها اكثر ودا وكرم ضيافة من غيرها، حيث وجدوا فيها ملجأ مؤقت. وانتقل آخرون الى رام الله وضواحيها واستقروا هناك. وقد استقرت بعض العائلات في عمان عاصمة الأردن الذي ضم اليه الضفة الغربية في العام 1950 ومنح الجنسية الأردنية للفلسطينيين الخاضعين لسيطرته. أما المجتمع الذي كان متماسك في السابق فقد تشتتت الان. ووفقا لالون فان الشهادات الشفوية تستحضر مشاعر المعاناة، وربما أيضا الخجل، الى جانب الفقدان والحنين للقرية.

كوخ أضاف بانه في اطار المشروع نفذ الباحثون عملية ترقيم للصور الجوية القديمة للمنطقة قبل الحرب وبعدها على الفور، من اجل إعادة انتاج خارطة لقرية الحديثة وتشخيص وظيفة وملكية كل مبنى.

 

نزهة على القبور

 

حسب اقوال كوخ فانه كثيرا ما يطالبه الإسرائيليون في مرات كثيرة تفسير لماذا بادر الى اطلاق مثل هذا المشروع، خاصة المسؤولون في الصندوق القومي الإسرائيلي (الكيرن كييمت) المالك الحالي لاراضي قرية الحديثة. وقد أوضح وقال: “الناس يعتقدون ان هناك اجندة سياسية، لكن الحقيقة هي ان هذا هو جزء من تاريخ الموقع. نحن لسنا بصدد اثبات أي شيء، لانه لا يوجد ما يثبت. كانت هناك قرية ثم اختفت. آثارها ما زالت باقية. واذا تجاهلت هذه الاثار فانا سافشل في دوري كباحث”.

حسب اقوال عيد، موظف البنك من البيرة، فان احفاد لاجئي قرية الحديثة يظهرون حماسة متزايدة في ضوء النتائج الأولية للمشروع. وقد قال في محادثة هاتفية مع صحيفة “هآرتس”، ترجمها أبو حمد من اللغة العربية: “الشباب، لا سيما الجيل الثالث، لديهم مشاغلهم الخاصة وقد بدأوا ينسون قرية الحديثة. هذا المشروع أعاد احياء اهتمام الجيل الشاب بالقرية واحياء رغبتهم في التعرف على تاريخها وعاداتها وكل ما يتعلق بها”.

الطرفان يقولان بان هجمات حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023 والحرب بعدها في غزة لم تتسبب بالضرر لمنظومة العلاقات بين الطرفين. المثير للدهشة هو ان تداعيات الحرب أفادت علماء الاثار قليلا: حسب كوخ فانه في تشرين الأول 2024، خلال هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، سقطت شظية من صاروخ اعتراض على التلة واشعلت حريق، الامر الذي أدى الى إزالة أشجار الصبر والنباتات الكثيفة التي كانت تخفي جزء من القرية، الذي تم الحفاظ عليه بصورة جيدة نسبيا.

أبو حامد أضاف بان مبادرات مثل مشروع الحديثة تساهم في بناء الثقة وتضعف الصورة النمطية التي كونها الفلسطينيون عن الإسرائيليين. “هم يرون ان هناك إسرائيليين قادرين على التحدث معهم وجها لوجه، ويدركون الألم الذي عانوا منه والخسارة التي سببتها الحرب. هذا يهدئهم، وربما يتيح للطرفين التقارب قليلا وتخفيف التوترات، على الأقل على المستوى الشخصي”، قال.

مع ذلك، جراح النكبة لم تندمل بعد، وهي تفتح بسهولة. وتذكر العطشان زيارته الأخيرة في الحديثة مع الباحثين الإسرائيليين ومدح عمل الطاقم، لكنه اعرب عن اسفه لحالة القرية وقال: “لقد تالمت من رؤية في المقبرة العليا موقع للتنزه حيث كان الناس يدوسون على قبور اجدادنا. لقد حزنت من تدمير القرية بشكل كامل وتسويتها بالأرض تقريبا ولم يبقوا أي بيت أو أي شيء يربطنا باجدادنا”.

-------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

معاريف 19/12/2025

 

 

المرحلة الثانية تتطلب انسحابا إسرائيليا وإقامة حكومة فلسطينية ونزع سلاح حماس

 

 

بقلم: جاكي خوجي

 

يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع اجتمع في الدوحة عاصمة قطر عشرات ضباط الجيش، معظمهم من دول أوروبا كي يقدموا النصيحة كيف التصدي لمشكلة غزة في السنوات القادمة. وقد انعقد الاجتماع بناء على طلب الجيش الأمريكي. وكان على جدول الاعمال أسئلة صعبة. يحاول الامريكيون جمع مزيدا من الدول للقوة العسكرية الدولية التي ستقام في القطاع، وصحيح حتى الان فان الدول غير المتحمسة هي اكثر من تلك التي قالت نعم.

المسألة التي تخيفها جميعها هي صلاحيات وطبيعة القوة. اذا كانت للرقابة ولحماية الهدوء، أي فرض القانون والنظام ومعالجة الخروقات من كل جانب، أم سيعلن عنها كقوة لفرض الاستقرار أي جسم مقاتل هدفه نزع سلاح حماس؟

تطالب إسرائيل بقوة ذات صلاحية من النوع الثاني. الدول العربية وغيرها أيضا ترفض ذلك. مصر ومعها الأردن تقود الخط الرافض وتقترح بديلا لنزع سلاح حماس. فقد أوضح المصريون قبل سنة واكثر بان جنودهم لن يرسلوا الى غزة كي يقاتلوا الفلسطينيين. ولمثل هذه المشاهد يوجد تأثير هدام على الشارع المصري. كما أن الحكومات العربية تخشى من ان تعد حماس فخا لجنودها وتقتلهم.

في الدول العربية يعتقدون ان إسرائيل وحماس اعدوا الطبخة ولهذا فليسوا هم من يتعين عليهم أن يخرجوا الكستناء من النار بدلا منهما. مرات عديدة قال مسؤولون عرب لنظرائهم الإسرائيليين في الموساد، في الشباك وفي الجيش ان إسرائيل ادعت انها ستقضي على حماس لكن لاسفهم لم توفي بالمهمة. عليها ان تفهم بان الاخرين لن يقوموا بذلك من أجلها.

تركيا – اردوغان طلب منها ان تبقي ممثلها في البيت وبالفعل لم يشارك ضباط من جهتها في اجتماع الدوحة. إسرائيل طلبت من الأمريكيين إبقاء الاتراك خارج الغرف. تركيا تعد مشكلة لإسرائيل في كل ما يتعلق بغزة. البيت الأبيض يدفعها الى الداخل وترامب لا يخفي محبته لاردوغان. تركيا قريبة جدا من حماس وذات نفوذ عليها وقد اثبتت ذلك. قسم كبير من الإنجاز الذي سجل في أكتوبر وأعاد المخطوفين ينسب اليها. إسرائيل، التي حاولت كل السنين منع تدخل ت كيا في النزاع مع الفلسطينيين وفعلت ذلك بنجاح كبير – من شأنها أن تجد اعلاما تركية ترفرف في غزة قريبا.

مشكلة ثانية تتعلق بالقطريين. صحيح أن الدوحة اقل حماسا لارسال جنود الى غزة لكنها مرشحة مركزية لتمويل مشروع الاعمار. القطريون لن يوقعوا على الشيكات دون مطالب سياسية فتكون في النهاية في صالح حماس. الاعمار المدني لغزة هو مصلحة إسرائيلية عليا ترمي الى منع نشوء دولة إرهاب متجددة. في القدس يفهمون هذا جيدا. وليعلم أيضا سيد إسرائيل إسرائيلي ان تعلقنا بالقطريين كبير.

هكذا تجد إسرائيل نفسها في عدة ضغوط وامام تحد سياسي لم تشهد له مثيل عشية 7 أكتوبر. لهذا الحرب دخلنا فيما كانت حماس موجودة في القطاع وقطر تنبش من بعيد. خرجنا منها فيما ان حماس لا تزال حي يرزق، وان كان بعد ضربة جسيمة، قطر مشاركة حتى الرقبة وضرورية. ومع مشاغب غير لطيف مثل اردوغان دفعه الى الساحة صديقنا الرئيس الأمريكي. وهذا حتى قبل ان يتحدث عن سلاح حماس.

 

أربعة بنود في المرحلة الثانية

 

لمصر وقطر أربعة شروط للمرحلة الثانية. وهذا يفترض أن يبدأ فور عودة غوئيلي. واذا بإسرائيل تعرض نزع سلاح حماس كشرط للتقدم في كل المجالات الاخرى. اما الوسطاء فيطالبون بالتقدم في كل المراحل بالتوازي.

احد البنود الأربعة يطالب الجيش الإسرائيلي بالانسحاب تماما من القطاع لتحل معه القوة متعددة الجنسيات خارج المدن وليس داخلها. البند الثاني هو إقامة جسم سلطوي فلسطيني يدير الشؤون المدنية. وليس واضحا من سيكون في هذا الحكم.

البند الثالث يتعلق بترتيبات الامن. وهذه كلمات مغسولة لنزع سلاح حماس. وحسب المصريين سيستغرق الامر بضع سنوات.

اما البند الرابع فيتعلق بالاعمار. وهو يجري عمليا منذ شهرين. مئات الشاحنات تصل من سيناء وتدخل الى القطاع، تحمل الخيام والمعدات الطبية والغذاء.

مشوق أن نتابع لغة الوسطاء لوصف التفاصيل الصغيرة للمرحلة التالية. فكلمات “نزع سلاح حماس” لا ترد في لغة المصريين والقطريين. بل ترتيبات امن. وكذا “اللجنة الوطنية” لتكون هي المسؤولة في القطاع. وكلمات “انسحاب عموم القوات من غزة” معناها قوات الجيش الإسرائيلي ومعناها انهاء الحرب بشكل رسمي.

في الاسابيع القادمة سنرى مرة أخرى جولات يقوم بها الدبلوماسيون. ممثلون إسرائيليون الى الدوحة والقاهرة لتقليص الفجوات في المواقف وإيجاد حل لشرط إسرائيل القاطع بالنسبة لسلاح حماس. رحلة نتنياهو الى ترامب ستكون حاسمة. مسألتان في مركز اللقاء. مشاركة تركيا في القوة الخاصة وكيفية نزع سلاح حماس بشكل يكون فيه الجميع – باستثناء حماس راضين.

 ------------------------------------------

 

 

 

هآرتس 19/12/2025

 

 

في مصر التجارة في جهة والسياسة في جهة أخرى

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

صفقة الغاز الضخمة التي رافق المصادقة عليها احتفال مغطى اعلاميا على نطاق واسع، التي فيها صافح بنيامين نتنياهو وزير الطاقة ايلي كوهين – كما لو انهما من يملكان شركة الغاز الإسرائيلية والأمريكية – حظيت بتغطية إعلامية على نطاق واسع في إسرائيل. هذه الصفقة تناولتها وسائل الاعلام المصرية كخبر عادي. وقد كتبت صحيفة “الاهرام”: “هذه الصفقة هي استكمال لاتفاقية الغاز الموقعة في آب”. بدون ان تكلف نفسها عناء توضيح سبب الحاجة الى مراسم أخرى بعد تأخير رئيس الوزراء الموافقة على الصفقة. في المقابل، احتدم النقاش في الشبكات الاجتماعية بين من اعتبروا الصفقة خطوة أخرى تربط مصر بإسرائيل التي تشن حرب إبادة في غزة وبين من قدموا ارقام مفصلة عن عشرات المليارات التي ستوفرها مصر من هذه الصفقة. وأشاروا أيضا الى انه “لم يوجد ولن يوجد أي مصدر آخر لتوقيع مثل هذه الصفقة معه.

رئيس تحرير “الاهرام” اشرف العشري، اكتفى بتعليق واحد مستعجل. حيث اكد على أن “صفقة الغاز مع إسرائيل هي مسالة تجارية بحتة ولن تؤثر على القرارات السياسية في مصر وعلى موقفها من قضية غزة”. ولكن صفقات الغاز بين مصر وإسرائيل كانت دائما قضية سياسية معقدة، وليس فقط “صفقات تجارية”، ومثلها أيضا هذه الصفقة التي حسب بعض التقارير تم  اخذها من نتنياهو بضغط كبير من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ربما هي أيضا من شانها ان تثمر لقاء قمة في البيت الأبيض بين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي لم يقم بزيارة واشنطن منذ العام 2019.

في الظروف العادية كان يمكن توقع توقيع اتفاقية بمبلغ 35 مليار دولار في القاهرة أو في القدس بحضور الرئيس المصري ورئيس حكومة إسرائيل، أو على الأقل بمشاركة وزيري الطاقة في الدولتين، بدون الحاجة الى وساطة مباشرة من قبل الرئيس الأمريكي. ولكن الظروف غير عادية، والاتفاقية هي وليدة مفارقات تتضارب فيها المصالح وتتداخل فيها التهديدات المتبادلة. فقد واجهت مصر في حرب غزة ما وصفته بانه التهديد الأكبر لامنها القومي. ورغم تأجيل فكرة ترحيل 2 مليون غزي تقريبا الى مصر والى دول أخرى، وإقامة ريفييرا تحت سيطرة أمريكية في القطاع، الا أن الخوف لم يتبدد أبدا، لا سيما في ضوء استعداد إسرائيل لفتح معبر رفح، لكن فقط من اجل خروج الغزيين.

مهم أيضا التذكير بانه في الوقت الذي كان فيه الرئيس الأمريكي ترامب يفكر بمشروع غزة العقاري، اتهم السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة يحيئيل لايتر، مصر بخرق اتفاق كامب ديفيد، بزعم انها كانت تعد نفسها عسكريا في شبه جزيرة سيناء وبناء قواعد “لا يمكن استخدامها الا لنشاطات هجومية، ووضع سلاح هجومي”. ربما نسي لايتر ما حدث قبل بضع سنوات عندما كانت مصر تخوض حرب دامية ضد التنظيمات الإرهابية الإسلامية (خاصة فرع داعش في شبه جزيرة سيناء”. إسرائيل هي التي سمحت للقاهرة في حينه بخرق بنود الاتفاق، وزيادة انتشارها العسكري حتى في المناطق التي كان من المفروض ان تكون منزوعة السلاح، بل وحتى استخدام سلاح الجو. أيضا إسرائيل لم تظهر أي اعتراض على خرق الاتفاق عندما قام الجيش المصري بتسوية شريط يمتد على طول 3 كم بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، وقام بتدمير انفاق حماس ونسق اغلاق وفتح معبر رفح بناء على طلب من القدس.

أيضا العلاقات الدبلوماسية الرسمية مجمدة في الوقت الحالي، وتأجل تسليم أوراق اعتماد السفير الإسرائيلي في القاهرة، اوري روتمان، “الى حين انتهاء الحرب”، ولم يتم تعيين سفير لمصر في إسرائيل حتى الآن. مع ذلك في نفس الوقت تنشط شبكة اتصالات وثيقة بين رؤساء المخابرات المصرية والإسرائيلية، وبين القيادات العسكرية العليا في مصر وإسرائيل، ليس فقط فيما يتعلق بقضية الوساطة في صفقة الرهائن أو تنفيذ المرحلة الثانية في خطة ترامب.

مصر تؤكد في كل مناسبة على تعهدها باتفاق كامب ديفيد واختيارها الاستراتيجي للسلام، وترى نفسها وبحق رائدة، التي بفضلها تم عقد اتفاق السلام مع الأردن وبعد ذلك اتفاقات إبراهيم. ولكن هذه المواقف لا تعني تبني مطلق وكامل لسياسة إسرائيل ومنع أي انتقاد للنظام المصري ضدها. من هنا فان الافتراض بان صفقة الغاز تنشيء تبعية مصرية كاملة لإسرائيل وتقمع أي معارضة أو انتقاد مصري لها وتفرض عليها قواعد سلوك مطيعة، هو افتراض خاطيء. في هذا السياق تجدر الإشارة الى ان المعاملات التجارية قد تتمتع أحيانا بـ “الاستقلالية” التي لا تخضع بالضرورة للسياسة الخارجية لتلك الدولة. مثلا، يستمر تدفق النفط من أذربيجان الى إسرائيل في الانبوب الذي يربط باكو بتبليسي، ومن هناك الى ميناء جيهان في تركيا، رغم ضغوط انقرة. والسبب: وفقا للاتفاقية الموقعة بين شركات النفط وائتلاف أنبوب النفط والدول “المضيفة” فان شحن النفط ومساره في خط الانابيب لا يخضع للقوانين أو اللوائح أو الأوضاع السياسية أو غيرها من الاتفاقات. يمكن الافتراض ان اتفاقية توريد الغاز مع مصر التي لم تنشر تفاصيلها بالكامل، تتضمن أيضا شروط “تحيد” تاثير “الظروف السياسية” على تنفيذها. يبدو ان هذا هو الأساس الذي استندت اليه مصر في بيانها الذي بحسبه الاتفاق لن يغير سياستها بشان القضايا الإقليمية ولن يؤثر عليها.

مصر وقعت على اتفاقية الغاز الحالية والسابقة بدافع الضرورة الاقتصادية التي تهدد استقرارها. يحتوي حقل الغاز الضخم “زوهر” على كمية غاز اقل مما تم تقديره في البداية. وقد أدى استغلاله السريع، رغم تحذير شركات الاستخراج المشاركة فيه، الى تسرب مياه البحر وتخفيف تركيز الغاز. وقد دفعت زيادة الاستهلاك نتيجة النمو السكاني والتوسع الهائل للصناعة (التي تستهلك الغاز أيضا)، دفعت الدولة الى شفا ازمة طاقة. وقد بدات الازمة في 2022 واشتدت حدتها في صيف 2023، حتى قبل اندلاع الحرب.

في ذلك الصيف اضطرت الحكومة الى اتباع سياسة “تقشف في الطاقة”: فقد امرت بتقليص ساعات انارة الشوارع، وفعليا أدى الى ظلام لمدة ساعتين في اليوم في أماكن كثيرة في الدولة، واغلاق المحلات التجارية والمجمعات التجارية في ساعات مبكرة، وتقييد تشغيل أجهزة التكييف في المكاتب وفي الشركات الحكومية، وحتى تخفيض حصة الغاز المباعة للمصانع. وانهارت وعود رئيس الوزراء مصطفى المدبولي، ان هذه الإجراءات مؤقتة وان مصر ستتمتع “قريبا جدا” بوفرة من الغاز، عند اندلاع الحرب في غزة وما تبعها من انقطاع مؤقت في امدادات الغاز من حقل تمار. وبعد ذلك تسببت الحرب مع ايران في انقطاع آخر للامدادات.

انقطاع الكهرباء الذي فرض في صيف 2023 واستمر في الصيفين التاليين، تسبب باضرار اقتصادية جسيمة واجبر مصر على استيراد الغاز السائل لأول مرة. يضاف الى ذلك خسارة عائدات قناة السويس التي تضررت بسبب هجمات الحوثيين على حركة الملاحة في البحر الأحمر، التي لم تتعافى منها القناة حتى الآن. ونتيجة لذلك اضطرت مصر الى اقتراض مليارات الدولارات من صندوق النقد الدولي، الامر الذي زاد دينها الوطني، حيث يذهب تقريبا 87 في المئة من اجمالي إيراداتها من الضرائب لتسديد الدين. وقدمت دولة الامارات العربية (التي تعهدت باستثمار 35 مليار دولار في مشاريع سياحية) الدعم لمصر، وهكذا فعلت السعودية وقطر، اللتان تستثمران في البنى التحتية والعقارات. هذه الاستثمارات تساهم في تحقيق ارقام نمو متفائلة، وساهمت أيضا في خفض نسبة البطالة الى نحو 6.5 في المئة. مع ذلك، عند دخول 1.5 – 2 مليون طالب عمل الى سوق العمل سنويا فان معدل التنمية سيواجه صعوبة في مواكبة الطلب.

مصر في الواقع نفذت بعض الإصلاحات الاقتصادية المهمة مثل تعويم  الجنيه المصري وإلغاء بعض الدعم، بما في ذلك دعم الوقود، وهي خطوة اشعلت في حينه شرارة اعمال الشغب واجبرت الاحتجاجات الحكومات السابقة على التراجع. ولكن القاهرة ما زالت تفتقر الى استراتيجية اقتصادية واضحة، والأكثر أهمية من ذلك هو انها تواجه صعوبة في تنفيذ توصيات وطلبات صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية.

في خطاباته للمواطنين يعد الرئيس السيسي بأن “الساعات العصيبة” ستمر، ويطالب المواطنين “التحلي بالصبر”. حيث يقترح عليهم وعلى من ينتقدونه مقارنة ظروف المعيشة للمواطنين المصريين مع ظروف سكان غزة، من اجل “فهم معنى المعاناة الحقيقية”، ولكن الخطابات الرنانة لا يمكن ان تحل محل سيطرة الاحتكارات الاقتصادية – خاصة سيطرة الجيش، الذي يسيطر على اكثر من نصف الاقتصاد في مصر – وسيطرة التكتلات وأصحاب المليارات الذين يستحوذين على الجانب الأكبر من الأرباح الخاصة.

في شهر أيلول نشرت الحكومة وثيقة طموحة تتكون من 500 صفحة، بعنوان “رواية وطنية جديدة للتنمية الاقتصادية”. ودعت فيها وزارة التخطيط والتنمية السكان الى ابداء آرائهم حول الوثيقة واقتراح تحسينات. ويظهر استعراض ملخص الوثيقة ان العبارات المبتذلة التي يتم ترديدها منذ سنوات ما زالت على حالها، لكن بصيغة جديدة. ويبدو انه بدلا من ان تنوي مصر التوجه نحو مسار تنمية جديد، نحو خصخصة حقيقية وخلق قطاعات دخل جديدة، هي ستعتمد على المقولة المالوفة وهي أن “مصر اكبر من ان تنهار”. بكلمات أخرى، سيكون هناك دائما من ينقذ اقتصادها.

مصر، التي كانت مصدرة للغاز وتطمح في ان تكون مركز إقليمي لتسويقه، أصبحت الان مستوردة تحتاج الغاز لانارة الشوارع وتشغيل آلات المصانع والورشات. وستستغرق المفاعلات النووية التي تقوم ببنائها بتمويل من روسيا سنوات قبل البدء في تزويد الكهرباء. ومن السابق لاوانه الحديث عن خطط مستقبلية للتحول الى الطاقة المتجددة. وفي نفس الوقت مهم التذكير بانه رغم الأهمية الاقتصادية للغاز الإسرائيلي بالنسبة لمصر، وكونه عنصر مهم في استقرار العلاقات بين الدولتين، الا ان مصر هي جزء لا يتجزأ من الكتلة العربية والإسلامية التي باتت الان العامل الأكثر تاثيرا في سياسة ترامب في الشرق الأوسط. هذه هي الكتلة التي يجب على إسرائيل التعامل معها، حيث يكون تاثير الغاز فيها هو تاثير هامشي.

------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 19/12/2025

 

 

الخط الأصفر الحدود الجديدة

 

 

بقلم: ليلاخ شوفال

 

قبل لحظة من لقاء نتنياهو ترامب يوضح مسؤول كبير في جهاز الامن: “الخط الأصفر هو الحدود الجديدة من ناحيتنا. طالما لا يوجد تجريد ونزع سلاح حماس، فان موقف جهاز الامن هو أنه لا يجب الانسحاب عن الخط الأصفر”. هذه الاقوال القاطعة من جهة جهاز الامن تعرض أيضا في المحافل الأعلى وفي الاستشارات قبل الرحلة السياسية الهامة لنتنياهو الى الولايات المتحدة.

في هذه الاثناء يواصل الجيش الإسرائيلي تثبيت حقائق في منطقة الخط الأصفر ويستعد للبقاء قدر ما يلزم، إذ صحيح حتى هذه اللحظة، لا يبدو ان الأمريكيين ينجحوا في بلورة آلية تجرد قطاع غزة من السلاح او قوة متعددة الجنسيات توافق على أن تأتي الى المنطقة وتصطدم مع حماس عند اللزوم.

في جهاز الامن يوضحون بانهم سينفذون قرارات المستوى السياسي، بالطبع، ويتبعون كل تعليمات أخرى اذا ما صدرت بعد لقاء نتنياهو – ترامب في نهاية الشهر، لكن موقف الجهاز هو البقاء في نحو نصف أراضي القطاع، في المناطق المطلة، طالما حماس لم ينزع سلاحها.

مصدر امني كبير آخر تحدث مع “إسرائيل اليوم” في الأيام الأخيرة قال “نحن لن نخرج آخر كلاشينكوف من غزة لكن طالما كانت حماس تسيطر على المواطنين تحيك مؤامرات وتحاول بناء قوتها من جديد في القطاع، دون رد، لا يجب التحرك قيد أنملة”.

محافل أخرى في جهاز الامن اشارت الى أن مستوى التنسيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل عال جدا، وفهم الواقع لدى الجهات المهنية في الولايات المتحدة “جيد جدا”. “العسكريون الامريكيون الذين يخدمون هنا يفهمون جيدا ما يحصل في غزة. لا يوجد ميلمتر لا يعرفونه. ليس لديهم أوهام، يفهمون الواقع جيدا”، يقول المسؤول الكبير.

 

بين التشاؤم والرؤيا

 

من المهم التشديد مع ذلك على أن إسرائيل تحاول عمل كل شيء كل تدعم الجهد الأمريكي لاقامة قوة متعددة الجنسيات وبناء “غزة الجديدة” في رفح أولا كي لا تعبر كمن تحاول افشال الامريكين في خططهم.

لا توجد جهة إسرائيلية واحدة ليست شكاكة بالنسبة للخطة. وحسب مصدر رفيع المستوى فانه “بين التشاؤم الإسرائيلي والرؤيا الامريكية توجد هوة، لكن إسرائيل ستفعل كل شيء كي لا تكون هي التي تفشل الخطوات الامريكية. اذا ما نجحت الخطوة فخير لكننا يفترض أن نكسب أيضا اذا ما فشلت الخطوة الامريكية”.

وعلى حد قوله فانه “الى أن تأتي جهة تشرح كي ينزع سلاح حماس ليس لنا نية للتحرك ميلمتر واحد. توجد أيضا إمكانية بانه اذا لم توجد الالية، سيرفع الامريكيون أيديهم ويواصلون مشاركتهم من خلال القيادة الامريكية في كريات جات – وعندها 50 في المئة من غزة في أيدينا، الغزيون يسكنون في الخيام ونكون نحن حسنا وضعنا”.

بالتوازي يواصلون في إسرائيل الإصرار على إعادة المخطوف الضحية ران غوئيلي. مسؤولون كبار في إسرائيل يشيرون الى أن إجراءات التفتيش معقدة جدا، لكن يشددون على أن الحصول على كل المخطوفين تقريبا في ظل البقاء على الخط الأصفر – “هذا هو الأقرب الى الحسم العسكري الذي سيكون لنا في غزة. عندما ننظر الى ما قبل شهرين، ليس واضحا كيف وافقت حماس على ذلك”.

 

لقاء مصالح

 

الجانب الأكثر تعقيدا هنا هو حرية العمل الإسرائيلية المحدودة في غزة، بالطبع، والحاجة لتنسيق اعمال إسرائيلية في القطاع مع الأمريكيين. هنا، يقترح مسؤولون إسرائيليون يجب النظر استراتيجيا وللمدى البعيد.

حتى بعد أن أعربت الإدارة الامريكية عن عدم رضاها من العملية الإسرائيلية، لتصفية مسؤول حماس الكبير رائد سعد بل ان ترامب قال انه سيفحص اذا كان هذا خرقا لوقف النار، يشير مصدر امني كبير الى أنه اذا ما وقعت فرصة أخرى للمس بمخربين كبار في غزة مثل رئيس الذراع العسكري لحماس عزب الدين الحداد، فان التوصية القاطعة من الجيش ستكون تصفيته.

ومع كل هذا، يجب الاخذ بالحسبان المصالح الامريكية وحقيقة ان الرئيس الأمريكي يلقي بكامل ثقل وزنه على الاتفاق في قطاع غزة، إذ ان هذا هو احد الإنجازات الأكبر لولايته. لا شك ان المصلحة الامريكية هي التقدم الى المرحلة الثانية من الصفقة وذلك ضمن أمور أخرى في ضوء التعهد الذي قطعه ترامب لدول مثل قطر، تركيا و غيرها.

 

غير انه هو المكان للامل في أن ينجح نتنياهو في اقناع ترامب الا يمس بالمصالح الأمنية لإسرائيل التي تتضمن تفكيك حماس وازاحتها عن الحكم. مهما يكن من أمر فاننا سنحصل على الأجوبة فقط بعد لقاء نتنياهو ترامب في نهاية الشهر.

-----------------انتهت النشرة----------------

disqus comments here