الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 17/10/2025 العدد 1436

 الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

يديعوت احرونوت 17/10/2025

 

 

قمة شرم الشيخ والأوهام المحيطة بالصفقة

 

 

بقلم: رونين بيرغمان

 

منذ توقيع الاتفاق مع حماس، تعرض الجمهور الإسرائيلي لهجوم مكثف من الأكاذيب والتضليل والتصريحات المُفبركة، المصممة لتفسير سبب استحالة ما لم يحدث لمدة عامين، وكيف أن ما حدث الآن هو في الواقع جزء من خطة رئيسية رائعة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. هذا الخلق، من العدم، لواقع بديل ليس مجرد هروب من المسؤولية أو انتحال للفضل. إنه ينتهك حق الجمهور الأساسي في المعرفة، ويُجحف بالتاريخ. والأسوأ من ذلك، أنه يُنشئ توقعاتٍ خطيرة للمستقبل. وعندما يتبدد هذا الوهم، يُصبح معروفًا مُسبقًا من سيُلقي اللوم عليه.

في هذه الأيام، يشاهد المواطنون الإسرائيليون مسرحياتٍ تُنتج لهم، مدركين أن مقدمها ليس ممثلاً، ومتيقنين من أن هذا هو واقع. إليكم بعض الأمثلة من الأيام الأخيرة:

 “مسار الذبح” في شرم: قدسية العيد أم الخوف من الواقع

كنا حالمين، لساعتين. يوم الاثنين الماضي، تلاحقت الأخبار بوتيرةٍ مُذهلة. اختُطف عشرون أحياءً في طريقهم إلى ديارهم؛ نتنياهو، كما ورد، في طريقه إلى قمة شرم الشيخ؛ رئيس إندونيسيا في طريقه إلى زيارة تاريخية لإسرائيل؛ وفي هذه الأيام العصيبة، تُعدّ زيارة رئيس قبرص في اليوم التالي تطوراً هاماً أيضاً. كانت الاستوديوهات تتحدث بالفعل عن “شرق أوسط جديد”، عن خطوة إقليمية “يتجاوز فيها نتنياهو الحدود”، تاركاً وراءه الوزيرين بن غفير وسموتريتش، ودخل ممراً لا عودة منه – “مسار ذبح”.

قد تكون قمة “مسار الذبح” هي اللحظة التي سيصافح فيها نتنياهو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في شرم الشيخ، تحت أنظار الرئيس دونالد ترامب والعالم العربي، وسيُجبر على مناقشة مستقبل العلاقات مع الفلسطينيين. بالنسبة للبعض، كان ذلك حلمًا، وبالنسبة للآخرين كابوسًا.

 ثم، فجأةً، انقطع الفيديو. “لن يتمكن رئيس الوزراء من المشاركة بسبب اقتراب العيد”، أعلن البيان الصحفي الجاف. قدسية العيد. السلام، بمعنى نقيض الحرب، بمعنى إنقاذ الأرواح – أليست مسألة حياة أو موت؟ نتنياهو، الذي لم يتردد في انتهاك أيام السبت والأعياد في الماضي لأسباب سياسية وأخرى تتعلق ببناء صورة أقل أهمية، يتخلى الآن عن قمة تاريخية بسبب “العيد”. سارعت الأحزاب المتشددة إلى توضيح أنها ليست طرفًا في هذا العمل على الإطلاق. “اذهب بسلام وعد بسلام”، على الأرجح، لو طلب ذلك. لكنه لم يطلب، لأن الدافع الحقيقي يكمن على الأرجح في مكان آخر تمامًا.

 اختار نتنياهو عدم دفع الثمن: الربح والخسارة في التغيب عن شرم

وفقًا لمصدرين استخباراتيين في الشرق الأوسط، لم يُدعَ نتنياهو إلى المؤتمر أصلًا. استشاط الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي غضبًا من سلسلة تصريحات صدرت عن مكتب رئيس الوزراء ضد مصر. سارع معلقون مقربون من المكتب، مثل يعقوب باردوغو، إلى التقليل من أهمية المؤتمر ووصفوه على القناة 14 بأنه “صراع قوى إقليمي… لا تُستخدم إسرائيل إلا كخلفية له”. تكمن المشكلة في أنهم لم يدعوه أصلًا ليكون خلفية.

كان الرئيس ترامب هو من أدخل إسرائيل من الباب الخلفي. وسواءً اشتكى نتنياهو إليه أم كانت مبادرة ترامب، فقد ضغط الرئيس الأمريكي على السيسي وحصل على الدعوة. حاول المكتب الترويج لقصة عن مكالمة هاتفية عفوية من سيارة الليموزين الرئاسية، لكن مصادر ذات صلة بالجيش الإسرائيلي تُؤكد أنهم تلقوا أوامر بتجهيز “جناح صهيون” للإقلاع من بن غوريون، واصطحاب نتنياهو، والمغادرة إلى شرم قبل ساعات عديدة.

سُرِّبت القصة فورًا إلى الصحافيين المقربين، وتداولتها وسائل الإعلام بضجة هائلة. حتى أن القناة 14 نجحت في إعادة صياغة المؤتمر برمته. إذا كان نتنياهو سيحضره، فلا بد أنه أصبح حدثًا مهمًا. وذكر التقرير الجديد: “ستضم القمة قادةً ومسؤولين كبارًا من دول عديدة، بما في ذلك دول عربية وإسلامية لا تربطها علاقات دبلوماسية رسمية بإسرائيل”. وأضاف: “يُعتبر الاجتماع أوسع مبادرة سياسية منذ انتهاء القتال في غزة، ويهدف إلى صياغة إطار عام لترتيب سياسي جديد في القطاع والمنطقة بأسرها”.

في الوقت نفسه، ولإبراز الإنجاز الدبلوماسي، سرّب أحدٌ في الموساد، وهو على يقينٍ من أنه مكتب رئيس الوزراء، الزيارة السرية المُخطط لها للرئيس الإندونيسي – وهي زيارةٌ تم إنجازها بجهدٍ كبيرٍ من الموساد وكانت مشروطةً بالسرية المُطلقة. أثار التسريب، كما كان متوقعًا، غضب أجهزة الاستخبارات ودفع الإندونيسيين إلى إلغاء الزيارة وإنكارها. وبعد فترةٍ وجيزة، ألغى رئيس قبرص زيارته أيضًا.

فلماذا أُلغيت الرحلة إلى شرم الشيخ حقًا؟ لم تكن العطلة، ولا قصةً مُختلقةً عن تهديدات أردوغان والطائرة التي تحلق في سماء شرم الشيخ – فخريطة مسار الرحلة المُخطط لها، مباشرةً وبدون تأخير، تُظهر ذلك بوضوح. والإجابة، وفقًا لمصدرين، كما هو الحال دائمًا في العامين الماضيين، بسيطةٌ وقاتمة: سلامة الائتلاف. قبل نتنياهو الدعوة، لكنه شعر بالقلق، “أو ربما بقلق مماثل”، وفقًا لمصدر أمني رفيع المستوى مطلع على ما يجري في المكتب وفي المنزل، لأنه منذ اللحظة التي أدرك فيها أنه سيدخل “مسار الذبح”، كانت المصافحة كافية، وأنه سيواجه سموتريتش وبن غفير، وكان الأمر في اتجاه واحد؛ وفي الوقت الحالي على الأقل، ضغط نتنياهو على المكابح. كان خوفه من فقدان السيطرة على شركائه في الحكومة يفوق الاعتبارات الوطنية.

وهذا هو السبب نفسه الذي جعل الاثنين، “شمشون ويواف السياسة الإسرائيلية، كما نسميهما في قيادة الرهائن”، كما يقول المصدر الرفيع، ينجحان في إقناع نتنياهو في كل مرة “بكبح صفقة الرهائن”؛ وعدم البدء حتى في صياغة خطة “لليوم التالي” في غزة؛ وهذا هو السبب نفسه الذي حال دون حدوث التطبيع مع السعودية حتى الآن. ليس بسبب السعوديين، بل لأن رئيس الوزراء لم يكن مستعدًا لدفع الثمن السياسي.

 

 بيت “منتدى الامل” الورقي

 

حطمت الصفقة التي وُقّعت جبال الادعاءات وأبراج الذرائع التي بُنيت في مكتب رئيس الوزراء وفي أجهزة الدعاية لتبرير استمرار الحرب عامين. على سبيل المثال، عندما أوضحوا أن قصف الدوحة كان في الواقع لتحرير الرهائن؛ وأن قيادة حماس الخارجية في الدوحة هي المتطرفة، وهي التي تمنع الصفقة. إذا قضينا عليها فقط، فإن الجناح العسكري في غزة، بقيادة عز الدين حداد “المعتدل” (الذي كان من بين مخططي ومنفذي مجزرة 7 أكتوبر)، سيوقع صفقة بشروطنا. جميع هذه الادعاءات، التي روج لها الإعلام المحيط بوزير الدفاع ورئيس الوزراء، تناقضت تمامًا مع تقديرات إسرائيل.

صفع الواقع الدعايةَ على وجهها. كان خليل الحية، القيادي البارز خارج غزة، والهدف الأول لذلك القصف، هو من وقّع الصفقة وأقنع حداد. في الواقع، دحضت هذه الصفقة فورًا جميعَ المواعظ والخطابات التي سُمعت من اليمين: أن الضغط العسكري وحده كفيلٌ بإنقاذ الرهائن، وأن “النصرَ المطلق” وحده كفيلٌ بإنقاذهم، وأن حماس لن تُفرج أبدًا عن جميع الرهائن أحياءً.

كان “منتدى الامل”، الذي مثّل حفنة من عائلات المختطفين، من أبرز الأصوات التي روّجت لرواية الحكومة. لم يُطالب المنتدى بالتضحية بالمختطفين، بل عبّر بدقة عن رواية نتنياهو: السبيل الوحيد لإعادتهم هو العمل العسكري وهزيمة حماس. لم يُكلّف أحد، لا نتنياهو ولا المنتدى، نفسه عناء شرح كيفية حدوث هذه المعجزة.

 وفقًا لتحقيق “زمان إيميت”، لم ينشأ هذا المنتدى من فراغ. أُسس على يد أعضاء من اليمين المتطرف نشأوا في منظمة “حونينو” لمساعدة الإرهابيين اليهود وعلى القناة 20، بهدف تقسيم هيئة عائلات الرهائن. صلته بالحكومة وثيقة: إحدى بنات سارة عضو في إدارتها، وتُرسل التبرعات للمنتدى عبر منظمة أسسها وزير آخر. ورغم أن المنتدى يُمثل أقلية بين الأقلية، إلا أنه حظي بمنصة إعلامية تُضاهي منصة هيئة العائلات، التي تُمثل الأغلبية الساحقة. فعّلت عناصر محترفة “منتدى الأمل الرقمي”، الذي أرسل تعليمات إلى نشطاء الشبكة حول كيفية الرد ومن يُهاجم.

على موقعه الإلكتروني، صرّح المنتدى بحزم: “الحوار مع حماس لن يُفضي إلى إطلاق سراح الرهائن”. إلى ماذا سيؤدي؟ “مكافآت مالية” و”ضمان مرور آمن” لمحتجزي الرهائن. لقد حاولت المؤسسة الأمنية هذا منذ زمن طويل، باستثمارات ضخمة. لم يُفلح أيٌّ من ذلك. في النهاية، أُطلق سراح الرهائن بصفقة مع حماس. نجح “منتدى الامل” في إخفاق توصياته بنسبة 100 في المئة. أما الواقع فكان عكس ذلك تمامًا.

 

 زرع الأوهام، حصد الدمار

 

أرسل نتنياهو مبعوثه الأكثر ثقة، الوزير رون ديرمر، إلى شرم الشيخ لتوقيع الاتفاق. عازف الطبول نفسه، الذي شرح قبل شهرين ونصف فقط، في البودكاست المؤثر “نادني من جديد”، بحماس للمضيف دان سينور، الذي أراد معرفة سبب عدم ملاءمة انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة مقابل الإفراج عن الرهائن والعودة إلى الداخل إذا لزم الأمر. صاح عازف الطبول بحماسة: “عندما نعود، علينا أن نبدأ من الصفر. وإذا خسرتم 200 جندي آخر عند عودتكم، فهل هذا منطقي؟”

يوم الأربعاء الماضي، وقّع الطرف نفسه اتفاقًا ينصّ على ذلك تحديدًا: انسحاب الجيش الإسرائيلي من معظم قطاع غزة، دون أي ترتيبات أمنية مستقبلية، على الأقل في الوقت الراهن. لا تقتصر المشكلة على التخلي عمّا وُصف بأنه مصلحة أمنية عليا، بل إن الحكومة، بدءًا من نتنياهو فما دونه، تدّعي الآن أن الاتفاق يشمل كل ما طالبت به دائمًا: نزع سلاح حماس، ونفي قادتها، وتشكيل حكومة بديلة. إنها تُسوّق للشعب الإسرائيلي اتفاقًا غير موجود.

يقول مصدر أمني رفيع المستوى: “مشكلة كل هذا أنه يُولّد توقعات. في الأسابيع المقبلة، سيتلاشى فرح عودة الرهائن، وستُظهر الصور التلفزيونية حماس وهي تُحكم سيطرتها على غزة. إن عدم حدوث أي شيء – لا نفي، لا تسريح، لا حكومة بديلة بدون السلطة الفلسطينية – سيُثير علامات استفهام. بين الوهم الذي روّجوا له والواقع، ستكون هناك خيبة أمل كبيرة، وسؤال: لماذا خضنا هذه الحرب أصلاً، ونحن نعود إلى نقطة البداية؟”. ويُحذّر المصدر نفسه من أن هذا الغضب “قد يُؤدي إلى كارثة”. في ادعاءاتهم بأن الاتفاق يتضمن ما لا يتضمنه – نزع السلاح، نزع السلاح، النفي، إلخ، فإن نتنياهو وكاتس – الذي أمر الجيش الإسرائيلي للمرة الألف “بالاستعداد لهزيمة حماس” – وشعبهم، يزرعون بذور الحرب القادمة. لأنه في بعض الأحيان، عندما تنكشف الفجوة بين العرض والواقع، فإن الطريقة الوحيدة للتهرب من المسؤولية هي إعادة إشعال النار.

-------------------------------------------

 

 

 

هآرتس 17/10/2025

 

 

المخطوفون عادوا، حماس بقيت، هذه هي الصفقة

 

 

بقلم: رفيت هيخت

 

يحتمل (جدا) انه بعد المرحلة الضرورية والتطهيرية، التي هي ضرورة وجودية اكثر من أي شيء آخر، عودة المخطوفين – لن تاتي مراحل أخرى. يحتمل (جدا) ان تكون هذه هي الصورة النهائية التي تعكس جوهر الأمور، وحقيقة الاتفاق الذي فرض بخطوة خاطفة وحاسمة.

ربما لا توجد ولن تكون مرحلة ثانية أو ثالثة أو أي مرحلة أخرى. ربما بعض فتات العزاء لبعض العائلات التي تتوق الى إعادة جثامين اعزائها الى احضانها، الى دفن مناسب ونهاية ما. ربما ما نراه الان هو ما سيبقى لاشهر كثيرة قادمة، الذي منه ستحدد الخطوات التالية (أي الحرب القادمة).

دونالد ترامب وشركاؤه لم يعيدوا المخطوفين فحسب، بل اعادوا معهم انفاسهم واملهم وفرصة الفرح من جديد في هذا المكان. لقد صنعوا هنا معجزة استثنائية: لقد خلقوا اجماع إسرائيلي من التعاطف معهم والامتنان لهم. هذه مكانة معجزة، ليس فقط في الواقع الإسرائيلي، بل في عالمهم أيضا. هؤلاء لن يحصلوا أبدا على تعاطف أمة بأكملها في بلادهم. ولن ينجحوا أبدا في توحيد الأعداء اللدودين لهم تحت جناحهم، متكاتفين ومشجعين لهم. لكنهم اصبحوا، لو لبضعة أيام، قيادة نبيلة ومحبوبة تلوح للجماهير في مشهد من قصة خيالية طوباوية حيث يخلصون هم المختارون “عامة الشعب” بسخائهم، وينقذون ارواحهم القزمة.

الحقيقة هي أنهم قدموا لبضعة أيام عرض آسر ومقنع وناجح في متحف الأوهام، وهو العرض الذي لن يتحقق أبدا، وسيفشل أيضا في محاولة تقليد ذلك بعد فترة زمنية محدودة (التي بدأت وانتهت في هذا الأسبوع). دونالد ترامب هو شخصية درامية مبالغ فيها، تحتاج الى الاهتمام الدائم، لكن يحتمل أن الشهرة التي حصدها في هذا المكان الملعون كانت مرضية له بالفعل.

ان التطاول الوحشي الذي شنته حماس بعد وقف اطلاق النار مباشرة، وعمليات الإعدام الوحشية، وفوق كل ذلك التصريحات الصريحة بشان الخطط المستقبلية، والتصريحات التي تم بالفعل الكشف عن التستر عليها، تعزز الانطباع انه خلافا لما قيل ويقال فان هذا هو الاتفاق الحقيقي: إعادة الرهائن الاحياء وبعض الجثث مقابل الحفاظ على حكم حماس في جزء من قطاع غزة.

حماس تعرف كيفية الحديث وجني الأرباح. لقد كان الحفاظ على حكمها المبرر للتخلي عن ذخر الرهائن. لم تمر بضع دقائق على انتهاء الحرب حتى اعادت ترسيخ حكمها على طريقتها المقرفة. وقبل انتهاء اليوم الثالث بدأت في سباق تسلح في الطريق الى هجوم جديد على إسرائيل في الوقت الذي يذبح فيه أبناء شعبها. من يؤمن انه بامكان الأحذية العسكرية الدولية النظيفة، ان تتسخ من اجل نزع سلاح حماس، فهو يعيش في لعبة أوهام ترامب التي تحدث بين برنامج واقعي في التلفزيون وبين فناجين الشاي الدوارة في مدينة الملاهي. يمكن مواصلة الاستهزاء بنتنياهو بسبب هراءات “النصر المطلق” وبسبب تحطم التصورات واحد تلو الآخر (لكن ذلك ليس هو الأساس الآن). يمكن للمرء ان يامل من اعماقه نجاح حل سياسي تشارك فيه السلطة الفلسطينية، أو حل اقتصادي بقيادة جارد كوشنر، في منع ما يبدو كأمر محتوم (لا يمكن التعويل على ذلك).

لم يكن هناك أي سبب ملح اكثر، أو منطقي أو أخلاقي، لاعادة الرهائن، ولا هدف انبل من إيصال ولو ذرة عزاء لعائلات الشهداء. مع ذلك، مع اقتراب هذه الملحمة الفظيعة من نهايتها فان مهمة كل رئيس وزراء، من أي جهة وأي جنس وأي عرق، المكتوبة بدماء الشهداء، هي أن يأخذ استيلاء حماس الحالي على القطاع على محمل الجد، وأن لا يعود الى حالة الرضا التي كانت قبل 7 أكتوبر. حيث انه طالما انه هو وامثاله موجودون فلا أحد في أمان، سواء في القطاع أو في تل ابيب، أو في غزة أو في خانيونس.

-------------------------------------------

 

هآرتس 17/10/2025

 

 

نعم للدولة الفلسطينية: نتنياهو يمكنه أن يقوم بخطوة مهمة لصالح اسرائيل

 

 

بقلم: عاموس شوكن

 

“المعركة لم تنته. ما زالت توجد تحديات امنية كبيرة جدا امامنا، بعض اعداءنا يحاولون إعادة بناء انفسهم من اجل مهاجمتنا مرة أخرى”، هذا ما قاله رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عشية إعادة المخطوفين في بيانه للجمهور. كالعادة هو لم يقل الحقيقة. لا يوجد امام إسرائيل أي تحد امني اكبر من ولاية نتنياهو الحالية، عمليا، ولايته منذ بدأت للمرة الثانية في 2009.

في القضية الأكثر حسما لامن إسرائيل – علاقاتها مع الفلسطينيين، وهي العلاقات التي حددت أيضا علاقة ايران بإسرائيل – فان الاستراتيجية الأمنية لنتنياهو كانت وما زالت استراتيجية غوش ايمونيم: استيعاب الإرهاب وقتل اليهود، وأيضا محاربته، الى جانب سرقة الأراضي من المناطق التي تم تخصيصها في خطة التقسيم للأمم المتحدة للدولة العربية.

نتنياهو رفض استراتيجية سلفه في منصب رئيس الحكومة اهود أولمرت، الذي أوضح لمحمود عباس في عدة لقاءات بينهما بانه معني بالتسوية مع الفلسطينيين وإقامة دولة فلسطينية الى جانب إسرائيل. نتنياهو لم يبادر في أي مرة الى اجراء لقاء مع عباس وقرر رعاية حماس من اجل خلق واقع فيه السلطة الفلسطينية لا تمثل الفلسطينيين، لذلك فانه لا يجب التحدث معها. يصعب فهم كيف ان نتنياهو الذي يعتبر شخص ذكي اعتقد ان الاستراتيجية التي تبناها يمكن ان تكون قابلة للعيش بدون التسبب بانتفاض الفلسطينيين. وقد زادت حكومته الحالية على ذلك، حيث انها بوقاحتها نصت في وثائقها الأساسية بانه فقط يوجد لليهود الحق في الاستيطان في المناطق بين البحر والنهر. في خطابه السنوي في الأمم المتحدة في أيلول 2023 قال نتنياهو بغطرسة ان إسرائيل ستوقع على اتفاق سلام مع السعودية بدون ان يكون للفلسطينيين أي حق فيتو على مثل هذا الحدث، وأيضا لا يجب ان يكون لهم مثل هذا الحق. من الواضح انه باقواله هذه استدعى هجوم 7 أكتوبر الذي حدث بعد أسبوعين من اللقاء.

وقاحة حكومة نتنياهو الحالية تتمثل أيضا بالحرب التي تشنها ضد الفلسطينيين في المناطق المحتلة في الضفة الغربية. وهذه تشمل إقامة مزارع معزولة من اجل احتلال الأراضي واتخاذ قرارات لبناء مستوطنات جديدة وإرهاب يهودي بدعم الجيش الإسرائيلي والحكومة، الذي استهدف طرد الفلسطينيين من أماكن سكنهم من اجل اخلاء مناطق للمستوطنات وقتل الجيش الإسرائيلي ألف فلسطيني في المناطق المحتلة منذ 7 أكتوبر. “سنضم 82 في المئة من الأراضي المحتلة في الضفة الغربية”، اعلن سموتريتش عن نية الحكومة، الذي تنفيذه سيشكل خرق للقانون الدولي وقرارات مجلس الامن. وحقيقة ان رئيس الحكومة يسمح بكل ذلك هي التحدي الأمني لإسرائيل. علاج كل هذه الكوارث التي انزلها نتنياهو على إسرائيل وعلى الشعب اليهودي بشكل عام هو موافقة إسرائيلية مستعجلة على إقامة الدولة الفلسطينية، كما يريد معظم العالم، بما في ذلك أصدقاء إسرائيل. هنا المكان المناسب للتذكير مرة أخرى بما قاله ردا على خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة في أيلول 2024، وزير خارجية الأردن ايمن الصفدي، عندما كان يقف بجانبه وزير خارجية السعودية ووزير خارجية مصر ورئيس الحكومة الفلسطينية:

“رئيس حكومة إسرائيل نتنياهو وقف هنا واعلن بان إسرائيل محاطة بمن يريدون تدميرها… بالنسبة لنا، نحن ممثلو الدول العربية، لدينا تفويض من 57 دولة، وتوجد لدينا الرغبة في ضمان أمن إسرائيل في سياق انهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة… هل انتم (المراسلون) يمكنكم سؤال رئيس حكومة إسرائيل عن نهاية العملية من ناحيته، باستثناء الحرب، وحرب أخرى وقتل؟”.

بعد ذلك قال الصفدي: “جميعنا نريد السلام. إسرائيل ستحصل على السلام والاستقرار اذا انهت الاحتلال ووافقت على الانسحاب من المناطق المحتلة على أساس حدود 1967. هذه هي روايتنا. ولكن خلال ثلاثين سنة إسرائيل قتلت كل احتمالية للسلام. نحن نريد السلام وتوجد لدينا خطط للسلام، لكن إسرائيل لا توجد لها أي خطة، خطتها هي تدمير غزة ولبنان. لا يوجد لنا شريك في إسرائيل”.

يجب إضافة الى هذه الاقوال أيضا اقوال رئيس اندونيسا، الذي قال في هذه السنة بان بلاده ستعترف بإسرائيل كدولة ذات سيادة، التي يجب ضمان امنها اذا اعترفت بالدولة الفلسطينية.

في الواقع اعتراف كهذا وعمل جدي وايجابي من ناحية إسرائيل، السماح بإقامة الدولة الفلسطينية، من خلال علاقة غير متعالية مع السلطة الفلسطينية ورؤيتها كشريكة مساوية لإسرائيل – مع اتفاقات امنية، وتعليم جديد للمجموعتين السكانيتين، واقتصاد وشؤون أخرى توجد في أساس العلاقة بين دولة وجارتها، ستضمن بالصورة المثلى أمن إسرائيل.

بعد هذه الخطوة ستتقلص بشكل دراماتيكي التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل. خلال فترة قصيرة ميزانية الدفاع ستنخفض الى النصف ومكانة إسرائيل في العالم، في الدول العربية وفي أوساط مواطني إسرائيل الفلسطينيين، ستتحسن بدرجة كبيرة جدا، وفي الدولتين الجارتين سيكون هناك ازدهار اقتصادي كبير.

نتنياهو يجب عليه اتخاذ قرار والقيام بخطوة هامة لصالح إسرائيل، وليس العمل ضدها كما يفعل منذ سنوات.

-------------------------------------------

 

هآرتس 17/10/2025

 

 

لم تكن في أي يوم دولة فلسطينية، وأيضا لم تكن دولة يهودية

 

 

بقلم: سامي شالوم شتريت

 

بعد انتهاء الحرب والقتل فان الفرح بسبب تحرير المخطوفين الاحياء وتوقع عودة كل الشهداء، فانه شيئا فشيئا ستهدأ الأمور وسنغرق مرة أخرى في العجز بدون أي حلم منطقي للمستقبل المنظور. هذا هو الوقت المناسب للقول مرة أخرى: الدولة الفلسطينية جيدة لإسرائيل.

مؤخرا تبين ان كل إسرائيلي يعتبر نفسه مخلصا للدولة، من اليمين واليسار، يعارض بشدة إقامة الدولة الفلسطينية الى جانب إسرائيل – وهي النتيجة التي كان من شأن اتفاقات أوسلو أن تؤدي اليها، وخلال عشرات السنين شكلت الأساس لتفاهمات دولية والامل باتفاق سياسي. حتى ان رؤساء المعارضة، الذين في وقت آخر كانوا ناطقين رسميين متحمسين لفكرة الدولتين، يسارعون الى ادانة أي تلميح لذلك. يبدو أن هذه الكلمات، “دولة فلسطينية”، أصبحت طابو وطني، رمز للخيانة أو السذاجة، وهذا يتعلق بمن نسأل.

لكن بالتحديد في هذه الاثناء، بعد عقود من الاحتلال والاستيطان والإرهاب الفلسطيني الفظيع والإرهاب اليهودي برعاية الدولة، والكثير من الياس المتبادل، ما زال الحل الأفضل والأكثر عدالة واستقرار ليس استمرار الفصل أو السيطرة، بل اتفاق جديد لحياة مشتركة بين البحر والنهر، اطار مشترك لدولتين ديمقراطيتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان الى جانب بعضهما بشراكة امنية واقتصادية.

هذا النموذج معروف، وكانت هناك اتفاقات للدفع به قدما. أنا اريد في هذا المقال ان اتناول الادعاء السائد في الخطاب الإسرائيلي: “لا يوجد للفلسطينيين حق في دولة، لانه لم تكن في أي يوم دولة فلسطينية في ارض إسرائيل (أو فلسطين أو كنعان). هذا الادعاء يبدو منطقيا في اللحظة الأولى، لكن فعليا هو يستند الى الدمج بين الاخلاق والتاريخ، بين الواقع السياسي الاني وبين بنية حاكمة عمرها الاف السنين.

اذا استعرضنا تاريخ هذه البلاد فسنكتشف تسلسل من الامبراطوريات والمحتلين: مصر القديمة، آشور وبابل، بلاد فارس، اليونان، روما، بيزنطة، الخلفاء المسلمون، الصليبيون، المماليك، العثمانيون والبريطانيون. خلال ذلك كانت فترات لا باس بها من الحكم العبري المحلي: المملكة الموحدة لشاؤول، دافيد وشلومو (تقريبا من العام 930 الى العام 1000 ق.م)، مملكة إسرائيل ومملكة يهودا المنفصلتان والمتنازعتان (من 586 الى 930 ق.م)، وبعد ذلك مملكة الحشمونائيم (من العام 63 الى العام 167 ق.م).

من المهم الفهم بأن هذه كانت ممالك قبلية أو إقليمية وليس “دولة يهودية” بالمعنى الديني أو القومي الحديث. اليهودية نفسها كديانة ولدت بعد خراب الهيكل الثاني (70م). وبالصورة المعروفة لنا كدين مع التعليم الذي جلبه لنا المشنيه والتلمود، الفلسفة اليهودية حسب نموذج الرامبام، الحاخام موشيه بن ميمون، موشيه بن عزرا، يهودا هليفي وحاخامات آخرين، وشعائر الصلاة والمجتمع والدعم المتبادل، هذه اليهودية تشكلت بالتحديد في الشتات، في بابل في الشرق الأوسط، في شمال افريقيا، في اسبانيا، في بروفنس وفي وقت لاحق في أوروبا أيضا.

لذلك فان المفارقة التاريخية هي ان إسرائيل هي الدولة اليهودية الأولى في التاريخ، لان “اليهودية” نفسها نمت فقط بعد ان فقدت السيطرة السياسية في البلاد. مع ذلك، هذه ليست دولة يهودية بقوانينها وادارتها، لان من قاموا بتاسيسها اختاروا الديمقراطية التي أساسها سلطة القانون (التي تقوضت في الفترة الأخيرة). بالطبع، علاقة اليهود بهذه الممالك القديمة تم الحفاظ عليها وتطويرها خلال 2000 سنة، بالصلاة، الأعياد وكتابات كثيرة، لا احد يمكنه انكار ذلك.

بهذا المعنى أيضا ادعاء أنه “لم تكن هناك دولة فلسطينية”، يفقد الصلاحية: تقريبا لم يكن هناك أي كيان قومي في المنطقة موجود على صورته الحالية قبل 100 سنة، سواء الأردن، سوريا، لبنان، مصر وإسرائيل أيضا. القومية الحديثة، اليهودية والفلسطينية على حد سواء، هي وليدة القرن التاسع عشر والقرن العشرين، وليدة حركات تحرر، وليدة عهد الكولونيالية وتفكك الامبريالية.

ادعاء أنه “لم تكن توجد دولة فلسطينية” يتجاهل السؤال الحقيقي: هل يوجد شعب فلسطيني الآن؟ الجواب واضح لكل من لا يحركه الانكار الأيديولوجي: نعم، يوجد شعب فلسطيني. في الواقع هو شعب فتي مقارنة مع الشعب اليهودي القديم ابن الـ 100 سنة واكثر. ولكنه شعب توجد له لغة، ثقافة، هوية، تاريخ، أدب، فن، فولكلور، عادات، كوارث، ذاكرة وتضامن مشتركين.

هذا الشعب الذي ابناءه وبناته ولدوا هنا واختاروا العيش هنا واحفادهم ولدوا ويولدون هنا، يعيشون هنا ويدفنون هنا. هذا الى جانب شتات واسع، القسم الأكبر يعيش في مخيمات لاجئين في الضفة الغربية، غزة، الأردن، سوريا ولبنان، والقسم الأصغر في الغرب مثلما عرفنا في السنتين الأخيرتين. وهذا الشعب يتطلع الى الحرية بنفس القوة التي يتطلع فيها شعب إسرائيل طوال أجيال من الشتات. هذا أيضا لا يمكن انكاره بدون ان يبدو الامر سخيفا.

إضافة الى ذلك أيضا في الفترات التي حكم فيها محتلون أجانب فان السكان المحليين، مسلمين ومسيحيين ويهود، كانوا التواصل الإنساني في هذه البلاد طوال آلاف السنين. الامبراطوريات جاءت وذهبت، لكن سكان البلاد بقوا (بعضهم ترك البلاد وبعضهم انتقل اليها خلال هذه الأجيال)، قاموا بحراثة نفس الأرض ورعاية نفس أشجار الزيتون واشجار الخروب ودفنوا في نفس الجبال ونفس السهول. لذلك، القول بانه “لم تكن هناك دولة فلسطينية” هو مثل القول بأن “الشعب الفلسطيني غير موجود”، من هنا فانه لا توجد له حقوق. هذا شعار سياسي وبلاغي يتم طرحه كحقيقة تاريخية، في حين ان كل هدفه هو حرمان الفلسطينيين من حق تاريخي واخلاقي.

الحق في دولة ليس جائزة على ماض سيادي، بل هو تعبير عن مبدأ أخلاقي عالمي: حق الشعوب في تقرير المصير. مصادرة هذا الحق، كعقاب لان زعماء في فترات معينة “لم يفوتوا أي فرصة لتفويت الفرص” مثلما في تشرين الثاني 1947، ما زالت لا تبرر مصادرة هذا الحق اليوم من الشعب نفسه. هذا هو نفس الحق الذي بحسبه أقيمت دولة إسرائيل مع ارتباط قوي جدا.

العالم لم يعترف بالدولة اليهودية لانه قبل ثلاثة آلاف سنة قامت هنا مملكة داود وسليمان الفاخرة، بل لانه يوجد شعب يهودي حديث، له صلة تاريخية وثقافية بهذه البلاد، ومر بابادة شاملة تقريبا في أوروبا. اليوم نفس العالم يعترف أيضا بحق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة الى جانب إسرائيل. بالتدريج وعلى مراحل مع ضمانات دولية، والعالم مستعد لذلك باستثناء الولايات المتحدة، حتى الآن.

كيف يرتبط كل ذلك بحماس؟ حماس هي فرع مهم في حركة الاخوان المسلمين (مصر، قطر وتركيا)، التي لا تنشغل بالطموحات الوطنية الفلسطينية، بل بالطموح الاسمى لخلق فضاء إسلامي  سني في كل الشرق الأوسط، مع نظام موحد حسب قوانين الشريعة. المعارضون تتم تصفيتهم. إضافة الى ذلك حماس تركب على ظهر القومية الفلسطينية وتستغلها من اجل تقريب اليها مؤمنين جدد. لذلك فان أعداء حماس الكبار، باستثناء إسرائيل والسلطة الفلسطينية، هي دول عربية وإسلامية “علمانية”، التي تخشى على مصيرها.

كلما شاهدنا اعلام فلسطين اكثر في شوارع العالم العربي، وبالاساس في قطاع غزة، نعرف ان حماس تفقد نفوذها. كل شخص، فلسطيني أو غير فلسطيني، يؤيد حماس والدولة الفلسطينية أيضا، لا يعرف حقا هذا التعقيد. حماس تركز فقط على هدف واحد وهو تطهير البلاد من المسلمين غير السنة، مثلما هو الامر عندنا أيضا. للأسف، حركة “الاخوان اليهود” وضعت نصب عينيها تطهير البلاد من المسلمين كشرط للخلاص المسيحاني (المسيحيون الافنغلستيون يحبونهم).

المشكلة ليست فيما اذا كانت هناك دولة فلسطينية في الماضي، بل هل الإسرائيليون والفلسطينيون مستعدون لتقاسم مستقبل مشترك، الذي فيه يوجد للشعبين أمن، حرية، كرامة وهوية قومية. كل من يحاول تأسيس مصادرة أخلاقية على تسلسل تاريخي ومفارقة تاريخية ينسى ان المستقبل بني على الاعتراف المتبادل، وليس على الانكار المتبادل. لقد رأينا كيف خضع الحاكم نتنياهو لاملاءات قيصر الإمبراطورية. وهذا ما سيحدث أيضا فيما يتعلق بالتوصل الى تسوية دائمة مع دولة فلسطينية. لا يمكن لإسرائيل ان تستمر بدون الدعم الأمريكي. لن يكفي وقف اطلاق النار في غزة لمنح دونالد ترامب جائزة نوبل للسلام. توجد لإسرائيل فرصة لقيادة العملية ونتائجها. ان تعاقب القادة المتنازعين على العرش سيعيد الامبراطور الى هنا مرة أخرى، الذي اثبت في هذا الأسبوع بانه في السراء والضراء هو الذي يقود العالم الآن.

من المؤسف انه لا يوجد الآن أي زعيم واحد في الساحة السياسية في إسرائيل يستطيع التسامي على الواقع، وأن يضع هدف لمستقبل لا مناص منه: دولة فلسطينية الى جانب إسرائيل في اطار كونفيدرالية مشتركة لادارة الاقتصاد والحفاظ على الامن. كل ما يطرحه الزعماء الحاليون هو فقط تأجيل مستمر ودموي، الذي لا نرى نهايته. مطلوب زعيم لديه رؤيا واضحة وشجاعة سياسية.

 ------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 17/10/2025

 

 

إنتهت الحرب وإنتهت المعاذير لعدم تشكيل لجنة تحقيق رسمية

 

 

بقلم: يوسي بيلين

 

الحرب الأطول في تاريخ إسرائيل انتهت. رئيس الوزراء نتنياهو شعر بالحاجة لان يقرر بانها لا تزال مستمرة لكن الرئيس ترامب كان أعلن، وعندما يعلن – نتنياهو ينصت. انتهت المعاذير التي اتاحت تفادي إقامة لجنة تحقيق رسمية التي يفترض أن تفهم كيف يمكن لمثل هذا الامر الرهيب أن يحصل لنا وكيف يمكن ان نمنع حدا مشابها في المستقبل.

حسب قانون لجنة التحقيق للعام 1968: “اذا ما رأت الحكومة بانه يوجد موضوع ذو أهمية جماهيرية حيوية تستوجب استيضاحا فمن حقها أن تقرر إقامة لجنة تحقيق في الموضوع ترفع لها تقريرا”. ولما كان الموضوع في يد الحكومة، فان الحكومات تميل لان تسارع الى إقامة لجنة تحقيق.

قبل ربع قرن بالضبط وقع حدث صعب: 13 عربيا إسرائيليا شاركوا في مظاهرات تأييد للانتفاضة التي اندلعت في حينه قتلوا على ايدي افراد من الشرطة. في الجمهور نشأ السؤال كيف حصل أن قتلت الشرطة مواطنين إسرائيليين لم يكونوا مسلحين بسلاح ناري. ادعت الشرطة بان أفرادها كانوا في خطر وانهم دافعوا عن أنفسهم وعارضت أي تحقيق خارجي وأوضحت بان التحقيق الداخلي سيكون كافيا.

غير أنه في اعقاب تعاظم النقد شكلت لجنة فحص تقل صلاحياتها عن لجنة تحقيق رسمية. النقد لم يقل سواء في الوسط العربي أم خارجه. شخصيا، اعتقدت ان الحالة تستوجب اقامة لجنة تحقيق رسمية لكن قسما من وزراء الحكومة اعتقدوا ان لا مكان لذلك لان الموضوع واضح تماما وان تشكيل لجنة كهذه سيمس بمعنويات الشرطة.

في نهاية الامر قرر رئيس الوزراء في حينه اهود باراك الأخذ بتوصيتي. الأغلبية في الحكومة ايدت   ذلك رغم أنه كان واضحا تماما ان سهام اللجنة ستوجه الى أصحاب القرار وكبار مسؤولي الشرطة. عندما نشرت المجلدات التي كتبتها اللجنة وركزت على موقف المؤسسة الإسرائيلية من الأقلية العربية، حتى معارضي إقامة اللجنة فهموا كم كان تشكيلها هاما، وكم كانت توصياتها حيوية.

أعترف اني كنت مقتنعا بان لجنة تحقيق رسمية ستقوم سواء للتحقيق في الفترة التي سبقت 7 أكتوبر او للتحقيق في ما حصل ذاك اليوم (واساسا لما لم يحصل فيه) والرد الإسرائيلي على المذبحة الرهيبة. لم أتفاجأ حين لم يجتمع الوزراء حول الرأي بإقامة لجنة تحقيق هم سيكنون في أساسها اول من يحقق معهم، لانه لم يكن سبب وجيه اكثر من احداث 7 أكتوبر لاقامة لجنة تحقيق رسمية منذ سن القانون في 1968.

في البداية كانت اقوال من داخل الحكومة أساسها ان هذا ليس الوقت لاقامة لجنة تحقيق، وان يجب الانتظار الى ما بعد الحرب لاقامتها. لكن من مرحلة معينة وقف نتنياهو بقوة ضد مجرد تشكيل لجنة رسمية وطافت على السطح أفكار هاذية، احداها تشكيل لجنة تحقيق من أعضاء الائتلاف والمعارضة كي تكون متوازنة لان الكثيرين في الجمهور لا ثقة لهم بالمحكمة العليا التي يفترض برئيسها ان يعين أعضاء اللجنة.

 

 الحرب انتهت

 

ذريعة عدم مصداقية المحكمة بقيت نكتة غير ناجحة. ولا سيما حين تكون عدم مصداقية من يقولها تصرخ الى السماء. كلما مر الوقت تنكشف أمور أصعب تبقى مثابة شائعات تستوجب الفحص.  كل من تهمه الدولة أكثر من مصلحته الشخصية يجب أن يتغلب على الرغبة الطبيعية في الدفاع عن نفسه ويسمح بالخطوة الكفيلة بالا يتكرر ما حصل. وإذا لا، فسيكون هذا دور المعارضة.

يوجد كل مبرر في العالم للمطالبة الان بإقامة اللجنة، وحشد الناس لهذا الغرض. يتعين على المعارضة أن تركز على ذلك وان تستعين بالوطنيين الاسرائيليين الذين خرجوا الى الشوارع ضد الانقلاب النظامي ومطالبين بتحرير المخطوفين. المواضيع مختلفة لكن الدفاع مشابه: ضمان تميز المجتمع الإسرائيلي الذي يكافح في سبيل مباديء وثيقة الاستقلال وفي سبيل التضامن الاجتماعي حتى في ضوء موجات عكرة.

 ------------------------------------------

 

هآرتس 17/10/2025

 

 

نتنياهو مرة أخرى يقوي حماس ويضع مصير إسرائيل في أيدي قطر وتركيا

 

 

بقلم: يائير غولان

 

قمة السلام في شرم الشيخ كان يمكن أن تشير الى لحظة تاريخية من الامل، لحظة انتهاء الحرب، لحظة تحرير المخطوفين، لحظة بداية عهد إقليمي جديد اكثر أمنا. ولكن من نظر الى هوية الدول التي قادت الاتفاق فهم على الفور بان شيئا رئيسيا تشوش. الدول الأربعة التي وقعت عليه – مصر، قطر، تركيا والولايات المتحدة – خلقت واقع خطير الذي فيه من تمسك بمفاتيح امن المنطقة وإعادة اعمار غزة في المستقبل هي بالذات الدول التي ايدت حماس ومولتها ودافعت عنها خلال سنين. من المهم الانتباه لمن لم يكونوا هناك: السعودية واتحاد الامارات، وهي الدول العربية المحافظة، البراغماتية، التي إسرائيل رسخت في العقد الأخير تعاون غير مسبوق معها في مجال الامن والاقتصاد والنضال ضد ايران.

ان غياب ولي عهد السعودية محمد بن سلمان ورئيس اتحاد الامارات محمد بن زايد لا يعتبر أمر هامشي. هذه مقولة سياسية حادة وواضحة، التي نحن في إسرائيل يجب علينا فهمها. السعودية والامارات أوضحت من البداية بان مشاركتها في خطة اعمار غزة مشروطة بأمر واحد بسيط وهو نزع سلاح حماس وابعادها كمنظمة أو كحركة عن القطاع (تسفي برئيل، “هآرتس”، 15/10). بالنسبة اليها فانه طالما بقيت حماس في غزة فان المنطقة لن تخرج من الخطر، حيث تعتبرها امتداد خطير لحركة الاخوان المسلمين وايران، ومنظمة إرهابية تقضي على أي احتمالية للاستقرار بعيد المدى والسلام الحقيقي في المنطقة.

هذا الشرط المهم ببساطة اختفى من اتفاق ترامب، لذلك فان السعودية واتحاد الامارات وصفت وبحق صيغة الاتفاق بأنها “متساهلة” و”مرنة جدا” تجاه حماس. الاتفاق في الواقع أدى الى انهاء القتال وإعادة المخطوفين، لكنه لا يضمن نهاية حماس ولن يؤدي الى تدميرها. بالعكس. فقد خلق بالنسبة لها أرضية جديدة لاعادة البناء وإعادة التنظيم والعودة الى العمل من بين انقاض غزة. قطر، الدولة التي شكلت بالنسبة لحماس قبل وبعد 7 أكتوبر مصدر التمويل والدعاية، وتركيا الاخوان المسلمين، هما المسؤولتان الآن عن “اليوم التالي” في غزة، بدلا من السعودية واتحاد الامارات.

هذا الوضع هو تهديد امني حقيقي لإسرائيل. وهذا ليس خطأ تقني، بل هو نتيجة استمرار سياسة اهمال رئيس الحكومة الإسرائيلية. هذا هو  الفشل السياسي الأكثر خطرا له، وهو ليس نتيجة الإخفاق، بل نتيجة سياسة موجهة معروفة مسبقا.

نتنياهو مرة أخرى اختار الهرب من الساحة السياسية لاعتبارات البقاء السياسي، ومرة أخرى ترك فراغ وسمح للعناصر الأكثر تطرفا بالدخول اليه. بدلا من استغلال الدعم الأمريكي واتفاقات إبراهيم وخلق تحالف إقليمي، الذي سيشكل نظام امني جديد مع الدول المعتدلة، سمح لقطر وتركيا بامساك زمام الأمور وإعادة حماس للحياة. هكذا ظهر بالفعل استمرار تطبيق الرؤية الخطيرة والساخرة لنتنياهو التي تقول بان “حماس ذخر”. خلال سنوات فضل نتنياهو الحفاظ على حكم حماس في غزة من اجل اضعاف السلطة الفلسطينية وتعزيز حكمه. أيضا في هذه المرة عندما سنحت لإسرائيل فرصة نادرة لاحداث تغيير استراتيجي في غزة وفي كل المنطقة، مرة أخرى نتنياهو اختار حماس، ومرة أخرى من خلال التنازل عن الامن الوطني لإسرائيل.

الآن بعد فترة قصيرة من تنفيذ الاتفاق تصل تقارير من غزة: حماس عادت لاستعراض القوة، وهي تهدد السكان وتقوم بتصفية رجال مليشيات محلية نشات بمساعدة إسرائيل وتحاول السيطرة على أجهزة توزيع المساعدات. لا توجد آلية دولية لانفاذ القانون الذي يمنع ذلك. الإنجاز العسكري المثير للانطباع لإسرائيل الذي تم تحقيقه بثمن باهظ بدماء الجنود والمدنيين، يتراجع مرة أخرى امام فشل سياسي ذريع.

الدولة المسؤولة كانت ستؤسس امنها على تحالف مع الجيران المعتدلين، السعودية، اتحاد الامارات، مصر والأردن، ولا تضع مصيرها في أيدي تركيا وقطر، التي تتماهى مع الاخوان المسلمين والتي تعطي الأموال والسلاح والاوكسجين لمن قاموا بذبح واختطاف إسرائيليين وزرعوا الموت. أمن إسرائيل لا يمكن ان يكون مرهون بدول معادية وتكره إسرائيل مثلهما.

باهماله لساحة “اليوم التالي” في غزة وتركها للدولة التي باموالها تم تنفيذ المذبحة في قطاع غزة، فان نتنياهو منح حماس هدية، ومنح قطر وتركيا موطيء قدم، وسمح للعالم بأن يفهم ان دولة إسرائيل تنازلت عن المباديء الأساسية التي قام امنها عليها. في مثل هذه اللحظة، التي فيها لا نقود مبادرة سياسية تضمن مصالحنا الأكثر أهمية، والاعتبارات السياسية تتغلب على الاعتبارات الأمنية، فان إسرائيل ضعفت واعداءها تزداد قوتهم.

-------------------------------------------

 

معاريف 17/10/2025

 

 

جاء ترامب الى الشرق الأوسط ووجد امامه زعيما ضعيفا قابلا للضغط والابتزاز

 

 

بقلم: ران ادليست

 

دونالد ترامب هو أزعر الحارة في العالم. قوته في قوته فقط، وكل ما تبقى محرج ببؤسه. هذه القوة أنقذت المخطوفين وجمعت نصف العالم في شرم الشيخ لاجل صنع سلام شرق اوسطي بالمفهوم الوحيد الذي يفهمه ترامب: ان تصنع السلام يعني أن تجني المال.

وبالمناسبة هي ليست مصادفة على الاطلاق: لاجل الفهم اذا كان ترامب سيواصل الهجوم على بنيامين نتنياهو لتنفيذ تفاهمات شرح الشيخ (دولة فلسطينية الى جانب دولة إسرائيل هي الهدف الأساس)، ينبغي فحص وضع ترامب في الولايات المتحدة وفي العالم – وهذا هو المكان للتفاؤل.

حتى الان فشل ترامب في كل موضوع انشغل وينشغل به، من السياسة الخارجية وحتى السياسة الداخلية. لم يسبق أن كان رئيس تهبط نسب التأييد له الى 30 في المئة. اقتصاد في أزمة عقب سياسة جمارك وضرائب مجنونة، خطوات منفلتة العقال ضد الديمقراطية (ادخال وحدات جيش الى الولايات). تعطيل عمل الحكومة وانتقامية صبيانية من كل من آذاه في الماضي.

لقد تكبد فشلا ذريعا في المواجهة المباشرة مع فلاديمير بوتين الذي رفض مبادرته للسلام، شي جين بينغ الصيني استخف بعقوباته، وحين ضاقت عليه الحيلة تراجع ترامب وارتبط بالناتو (بعد أن نسي مطالبته الغبية بتفكيكه). والايرانيون أيضا لا يسارعون لشراء مبادرته للسلام. وحتى فلوديمير زلنسكي رفض تسليم أجزاء من الوطن الى بوتين رغم أنه تلقى حظر سلاح وتهديدات. وعندها يأتي ترامب الى الشرق الأوسط الذي يبدو ظاهرا كمشكلة لا يمكن حلها – فوجد امامه زعيما ضعيفا قابلا للضغط والابتزاز. ترامب يخضعه، ينزع منه كل تصريحاته، يربطه، يجلده، ويدفعه لان يتراجع عن كل تهديداته وتصريحاته القتالية.

منذئذ وحتى اليوم، كان جوهر العلاقات بين ترامب وبيبي سادية – مازوخية (التلذذ وتعذيب الاخرين والتعرض للتعذيب). أتتذكرون إهانة الخازوق في احتفال الاعتذار في واشنطن؟ ترامب لينه وزيته بالممالأة، ربطه بمصالحه، جلده – ونتنياهو اطاع بابتسامة صفراء. هكذا كسبت دولة إسرائيل مخطوفيها وخسرت جزء آخر من قوتها، وهكذا عولج نتنياهو لاحقا حين وصل ترامب الى الكنيست. مضروب من الخارج وملاحق من الداخل.

القنبلة الموقوتة تحت كرسيه في البيت الأبيض في هذه الأيام هي حقا مبادرة مشتركة للديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس الذين يطالبون بانزال المدعي العام الرئيس بان يسلم لجنة الرقابة على البرلمان وثائق ترتبط بتحقيق جيفري افشتاين، او كما قال احد أعضاء اللجنة: “نحن لا نريد ان يدير ملاحق الأطفال البيت الأبيض”. صحافيون يدعون بانهم يعرفون المادة واثقون من أن الكشف سيصفي ترامب سياسيا. وفي هذه الاثناء يهبط هو في المكان الأكثر مواساة في الكون: فرع مركز الليكود في كنيست إسرائيل. يوم تاريخي؟ هراء. فعل تحرير المخطوفين كان تاريخيا. في الكنيست استغل الائتلاف تحكمه بجدول الاعمال كي يلفق رواية عرضت فشلا ذريعا وداميا حيال حماس كنصر مدو في صالح الانتخابات التمهيدية للمشاركين وحملة الانتخابات التي على العتبة. والمعارضة هي الأخرى امتطت التسونامي والانفعال القومي، وهذا على ما يرام، هذا انساني وحزبي.

غير أنه في ظل هذا الانسجام اللحظي، تركت المعارضة لمصيرهما المستشارة القانونية ورئيس المحكمة العليا. هذا البؤس لن ينسى ولن يغتفر. غالي بهرب ميارا واسحق عميت هما المقاتلان الكبيران في الصراع على الديمقراطية. يئير لبيد، رئيس المعارضة كان ملزما بان يضع في مكانه المناسب الرجل الذي وقع على هذا الفعل المعيب الذي كان بالمناسبة بالمناسبة بأسلوب ترامب وموقفه من القانون.

 

 الكل يتحدث عن السلام

 

 لم يسبق للكنيست أن رأت استسلاما لواقع على هذا القدر من الغطرسة وهتفت لرئيس امريكي تصرف تماما كمقدم برامج تسوية. فقد كانت هذه وظيفته وبطاقة دخوله الى الوعي العام في الولايات المتحدة. في كل لحظة أمسك فيها ترامب الميكروفون كان عرضا معيبا ومشوشا تضمن مبالغات، اهانات وترهات مختلفة. الحقيقة هي ان هذا كان مبهجا بخاصة لمن نسي ان الحديث يدور عن مصير دولة إسرائيل ورأى في ترامب مجرد غرض في مختبر باعث على الفضول.

ولا يزال حين كان ترامب مركزا تحدث عن السلام بما في ذلك مع ايران وعن الحاجة للاستجابة (للاستسلام) للدول العربية (يوجد لها مال طائل) التي تريد التسوية (التي تعني دولة فلسطينية). في كل لحظة معطاة تصرف ترامب كتاجر عارٍ جاء ليقنع بيبي على أن يستسلم في الجولة التالية أيضا. ولم يتردد في أن يعد له فخا يربطه بتسوية ادخال قوات خارجية الى القطاع. وهكذا بشكل عفوي دعا نتنياهو الى القمة في شرم الشيخ من اللحظة الى اللحظة. وعد ترامب في طائرته الرئاسية، في تقدير بان نتنياهو لن يصمد امام الاغراء.

وبالفعل، قال نتنياهو نعم للعرض الذي يسمح له بان يبث – انا وترامب مستوى آخر. سافرت معه في السيارة الرئاسية من مطار بن غوريون الى القدس، والان نحن نطير معا الى قمة دولية، وليمت الحاسدون. حتى لو فككوا الحكومة أنا اجلس مع ترامب مع الطائرة وابحث في مصير العالم.

أنا لا اعرف ماذا او من اقنع بيبي بالتراجع. يمكن الافتراض انه هو نفسه فهم بان هذا فخ. عشرات السنين تمتنع حكومات اليمين عن المشاركة في مؤتمر دول للزعماء في موضوع الشرق الأوسط. النتيجة كان واضحة مسبقا: رئيس وزراء إسرائيل رافض للسلام، أمام عالم يطالب بحل المشكلة الفلسطينية. هذا ليس مشهدا منعشا بل هو ضرر للصورة.

عندما لم يصمد اسحق شمير امام ضغط الرئيس بوش الاب (تهديدات بتقليص ضمانات بالمليارات وعدم نقل السلاح)، تنازل في 1991 وشارك في مؤتمر مدريد الذي تحدث صراحة عن “مسيرة سلام مباشرة مع الفلسطينيين”. شمير أمر ممثليه بعرقلة كل فكرة تمس بالمستوطنات. وبالفعل، سيطر ممثلوه السياسيون على الخطاب بمن فيهم افرايم هليفي الذي كان في حينه رئيس دائرة العالم في الموساد في المحادثات مع نظرائه. ومعا خدعوا كل العالم وخمنوا من كان الناطق بلسان الوفد؟ صحيح، بنيامين نتنياهو.

عودة الى نتنياهو في الطريق الى شرم. بينما دخلت المنظومة اللوجستية الى عمل سريع، وصل نتنياهو الى مكتبه. لا اعرف مع من تحدث، هذا اذا كان تحدث، وحسم الامر: اذا انضم الى ترامب فسيكون مثابة سجين ورهينة سيلتقي في شرم 20 رئيس دولة سيتحدثون عن دولة فلسطينية الان. حسنا، هذا ليس لطيفا، لكن يوجد له جواب يهودي فخور، بما في ذلك المحرقة والمذبحة في الغلاف.

ما ليس تحت سيطرته هو الرأس المشوش لترامب الذي من شأنه أن يجلسه الى جانب أبو مازن، فيما يعلو فوق رأسه عنوان القمة الذي اعده السيسي: “سلام 2025”. وعندها ما الذي سيقوله مصوتو ومنتسبو الليكود. فقبل نحو شهر فقط منع ترامب أبو مازن من الوصول للخطابة في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. اما في شرم فصافح أبو مازن واجرى معه حديثا مصادفا، وكأنه رئيس دولة شرعي.

 

والاسوأ هو أن ترامب يتعامل مع حماس كمنظمة يجب أخذها بالحسبان وعدم قتلها. وعندها صحا نتنياهو وامتشق ذريعة عابثة وذهب للنوم على أمل ألا يرى ترامب. لا بالحلم ولا بالهاتف، لا في الكنيست وبالتأكيد لا في البيت الأبيض.

-----------------انتهت النشرة-------
disqus comments here