الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 14/11/2025 العدد 1460
|
الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس – 14/11/2025
صفقة القرن الجديدة: العفو عن نتنياهو مقابل السلام مع الفلسطينيين
كارولينا ليندسمان
ما يحاول دونالد ترامب ان يفعله واضح: استغلال القوة الفريدة الموجودة لدى بنيامين نتنياهو، فقط له على قاعدته، من أجل ان يقوده إلى تحقيق حلم سياسي متماه مع اليسار، الذي في أساسه كيان سياسي على شاكلة أوسلو. ترامب يبحث عن صفقة تاريخية على اسمه؛ نسخة محدثة لـ”صفقة القرن”. هو لا يغني أغنية “تخيل”، لكنه بالتأكيد شخص مصاب بجنون العظمة على الصعيد الجيوسياسي، ويريد أن يكون أكثر شهرة من ييشو والبيتلز. ومن أجل فعل ذلك فهو بحاجة إلى شريك يمكنه حشد “الشعب” له.
ترامب يعرف ان نفوذ نتنياهو على معسكر اليمين هو كبير جدا عندما يدور الحديث عن الحرب، لكنه غير كاف عند الحديث عن السلام. ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش شريكان في الحرب وليس في السلام. إذا كان الأمر يتعلق باحتلال غزة فعندها سيتساوقان معه باندفاع. إطلاق سراح مروان البرغوثي وإقامة كيان سياسي فلسطيني في القطاع؟ سيقولان له، سنراكم في صناديق الاقتراع. وبصفته شخص يتمتع بنفوذ سياسي مشابه وله جمهور مخلص لا يعاقب عن تناقضات سياسية، يدرك ترامب أن قوة نتنياهو الحقيقية ليست أيديولوجية، بل قبضته على الشعب. هو الوحيد في النظام السياسي الحالي الذي يقدر على قيادة مؤيديه إلى أي مكان. أفضل الاقتباسات ضد نتنياهو هي اقتباسات نتنياهو نفسه ضد خصومه السياسيين في مواقف مشابهة (“هذا رئيس حكومة غارق حتى رقبته في التحقيقات”؛ اذا كان مفهوم المسؤولية له أي معنى فيجب على رئيس الحكومة الذهاب). ولكن قاعدته تنسى كل شيء.
بصفته شخص يتمتع بنفوذ سياسي مشابه وله جمهور مخلص لا يعاقب عن تناقضات سياسية، يدرك ترامب أن قوة نتنياهو الحقيقية ليست أيديولوجية، بل قبضته على الشعب
مريام ادلسون في الواقع صديقة لنفتالي بينيت، وقد يكون بينيت أكثر يمينية من نتنياهو، لكن الشعب لن يتبع بينيت أبدا. الأمر ليس مسألة يمين أو يسار، بل مسألة فيسيولوجية سياسية، ثقة تنبع من الداخل. هكذا يعرف ترامب أن الشخص الوحيد القادر على اقناع مؤيدي نتنياهو بخطوة سياسية بروحية حل الدولتين هو نتنياهو، ولذلك وبخ ترامب يئير لبيد في خطابه في الكنيست. في أوقات الحرب لا حاجة إلى لبيد. أما في أوقات السلام – ماذا يهمك يا بيبي، ما رأيك ان تكون لطيفا معه أكثر قليلا. أنظر كيف احمر وجه الصبي خجلا، حتى إن نتنياهو ضحك. وأشار ترامب لهما: ستكونان معا في طاقمي للسلام.
هو يدرك أن لبيد والرؤساء المناهضين لبيبي لا يمكنهم تسويق الانضمام إلى نتنياهو للناخبين. انظروا الجثة السياسية الملقاة جانبا لبني غانتس. من هنا نحن سنصل إلى العفو. ترامب لا يحاول مساعدة صديق، بل يحاول هندسة مصالحة وظيفية، ليس عاطفيا أو أيديولوجيا، بين المناوئين لبيبي والبيبيين، من أجل تشكيل حكومة بدون اليمين المتطرف، تستطيع أن تدفع قدما السلام مع الفلسطينيين.
مثلما أدرك أن الرهائن قد تحولوا من رصيد لحماس إلى عبء يبرر استمرار الحرب، هو يدرك أيضا ان محاكمة نتنياهو قد تحولت من رصيد سياسي للمعارضة إلى عبء على كل النظام. ليس بسبب إدانة وشيكة أو لأن المحاكمة تستهلك وقت نتنياهو الثمين، بل لأنها تغلق مجاله السياسي للمناورة وتقيده باليمين المتطرف. وبالتالي تغلق أيضا المجال امام الفرص السياسية.
ترامب يعرض دعما رئاسيا ورعاية دولية للعفو، وساطة أمام معارضة ووقود سردي لـ “تغيير الاتجاه”، ومساعدة سياسية لنتنياهو في كسر ارتهانه للمتطرفين اليمينيين. العفو ليس منة شخصية لنتنياهو، بل ثمن لتغيير التوجه السياسي. ليس ثمنا للتقاعد، بل ثمن لوقف الانقلاب وفتح مساحة سياسية جديدة. هل سيحدث ذلك؟ الأمر يعتمد على ترامب وحده. فإذا نجح في إقناع هرتسوغ بأن ما هو موجود على المحك هو السلام مع الفلسطينيين.
-------------------------------------------
هآرتس 14/11/2025
عن مصدر إسرائيلي: تقسيم غزة لمنطقتين سيجعل الخط الأصفر “جدار برلين”
بقلم: ينيف كوفوفيتش
هذا الأسبوع، وبعد حوالي شهر على توقيع اتفاق الهدنة في غزة، تفاجأوا في جهاز الأمن من تسلّم طلب من واشنطن، صادق عليه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، للسماح ببدء بناء “غزة الجديدة”. القصد هو إعادة إعمار مدن في المنطقة التي توجد تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، شرق الخط الأصفر الذي انسحب إليه الجيش عند دخول الاتفاق حيّز التنفيذ.
الخط الأصفر من شأنه أن يقسّم القطاع إلى “غزة الجديدة” في الشرق، و”غزة القديمة” في الغرب.. هناك مليونا مواطن تحت سيطرة “حماس”
المرحلة الأولى في خطة غزة الجديدة ستكون إعادة إعمار رفح، المدينة التي دمّرها الجيش أثناء الحرب. في المرحلة الثانية سيُعاد بناء المزيد من المدن شرق الخط الأصفر، وحتى في شمال القطاع. بعد أن يتم ترميم كل المنطقة بواسطة شركات من دول الوساطة، سينسحب منها الجيش الإسرائيلي، والخط الأصفر من شأنه أن يقسّم القطاع إلى “غزة الجديدة” في الشرق، و”غزة القديمة” في الغرب – هناك يوجد مليونا مواطن تحت سيطرة “حماس” التي تواصل التعزز وترسيخ حكمها الذي لا ينازعها أحد عليه. “سور برلين غزة”، هكذا اعتبر مصدر أمني هدف الخط الحدودي الذي كان من شأنه أن يكون مؤقتًا.
لا يوجد للخطة جدول زمني، فهي ستستمر لسنوات، ومع ذلك الولايات المتحدة تضغط من أجل التقدّم. ولكن في جهاز الأمن يقلقون أكثر من مشكلتين جوهريتين: الأولى أنّ المستوى السياسي لا يشركهم في الثورات التي تخطّط لها أمريكا في غزة، والثانية أنّه يبدو أن الولايات المتحدة تترك الجيش الإسرائيلي ليواجه وحده “غزة القديمة” التي تعجّ بالإرهاب بدون قدرة على العمل فيها عسكريًا- فقط إنسانيًا. قوة الاستقرار الدولية التي من شأنها أن تدير “غزة الجديدة”، مسؤولة كما يبدو أيضًا عن القديمة- لكن “حماس” لن تسمح لها بالحكم بدون تعاون. أيضًا دول الوساطة لا تُظهر أي استعداد للحكم في “غزة القديمة”. مصر تحاول أن تنقل المسؤولية للسلطة الفلسطينية أو “فتح”. المستوى السياسي يرفض ذلك، لكن المستوى الأمني يفضّل أن تكون الحال هكذا إذا تحمّلت إسرائيل المسؤولية الكاملة عن المنطقة.
جهات رفيعة في جهاز الأمن قالت إنه ازداد لديها عدم اليقين في ما يتعلق بالخطط الأمريكية المستقبلية في غزة، التي حصلت كما يبدو على موافقة الحكومة في محادثات سرية بدون إشراك المستوى الأمني. هذه الجهات قالت إن رؤساء المنظومة الأمنية يصمتون خوفًا من أن يصبحوا هدفًا للسياسيين. وحسب أقوال أحدهم، هم أصلًا لم يُطلب منهم إبداء موقفهم بشأن تداعيات العمليات بعيدة المدى التي تخطّط لها الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا في غزة. “لقد فقدنا القدرة على التأثير وإسماع صوتنا”، تقول الجهة، وتضيف: “تحدث أمام أنظارنا عمليات إستراتيجية في غزة لها تداعيات على مستقبل الدولة بدون أن يكون لإسرائيل، خاصة لجهاز الأمن، تأثير على ذلك”. مصدر أمني آخر قال إن موقف رئيس الأركان ورئيس الشاباك أصبح بلا أهمية، وهما مطلوب منهما تنفيذ خطوات إستراتيجية كبيرة طبقاً للمستوى السياسي، بدون مناقشة الأضرار الأمنية التي يمكن أن تحدث.
إن نقل الغزيين من “غزة القديمة” إلى “غزة الجديدة” سيكون تحت رقابة يمكن أن تضمن ألا يحكم رجال “حماس” في المناطق الجديدة أيضًا.
ولكن في الجيش الإسرائيلي يشكّكون كثيرًا في إمكانية منع ذلك كليًا. مصادر أمنية مطّلعة على النقاشات في “غزة الجديدة” قالت إنه يبدو أن دول الوساطة ما زالت تختلف حول مسألة من سينفّذ الأعمال في المنطقة، وكل طرف يحاول الدفع قدمًا بشركاته لكي تكسب من إعادة إعمار القطاع. هذا الخلاف يؤثر على قدرة الجيش الإسرائيلي على ملاءمة الرقابة الأمنية مع الجهات المدنية في المنطقة، لكن جهاز الأمن يقلق أقل من هذه المشكلة لأنه يريد الانفصال عن غزة وعن إعادة إعمارها. ما يقلقه أكثر هو تجاهل هذه النقاشات لـ”غزة القديمة”.
حسب جهات استخبارية، فإن “غزة القديمة”، وهي مخيمات الوسط والمناطق الإنسانية التي وصل إليها السكان في الحرب، محكومة تمامًا من قبل “حماس”.
جهات رفيعة في جهاز الأمن قالت إنه الآن لا توجد أي جهة تستطيع الاحتجاج على مكانة هذا التنظيم الإرهابي على الأرض. في الجيش الإسرائيلي اعتقدوا أنه سيدخل إلى المنطقة عشرات آلاف الجنود الأجانب من دول مختلفة، بقوة متعددة الجنسيات، من شأنها أن تحمي الاتفاقات، وتقوم بنزع سلاح “حماس”، وإزاحتها عن السلطة، والمسّ ببناها التحتية العسكرية. ولكن الآن يقولون في الجيش إن أي قوة أجنبية يُتوقع أن تدخل إلى القطاع لا تنوي الدخول إلى “غزة القديمة”. الولايات المتحدة والدول التي ترسل قواتها تربط دخولها بوضع الجنود في “غزة الجديدة”، أو في المنطقة التي توجد تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي. لا توجد قوة دولية توافق على التعامل مع تجريد “حماس” من سلاحها.
“لا أحد مستعد أن يتولى المسؤولية عن (غزة القديمة)، وهذا يبقينا مع مشكلة سيكون من الصعب جدًا علاجها”، قال مصدر رفيع سابق في جهاز الأمن يشارك في الخطط لإعادة إعمار غزة. في جهاز الأمن يشعرون بالإحباط لأنه لا توجد نقاشات في هذا الموضوع، وكل التوجيهات بشأن غزة تصل إليهم من شخصيات رفيعة أمريكية متجاهلة المستوى السياسي الإسرائيلي.
الكاتب: نقل الغزيين من “غزة القديمة” إلى “غزة الجديدة” سيكون تحت رقابة يمكن أن تضمن ألا يحكم رجال “حماس” في المناطق الجديدة أيضًا
“نتنياهو يبثّ طوال الوقت أن أمريكا ستدرك أن ما يريدونه غير ممكن، وبدلًا من التشاجر معهم من الأفضل تركهم يتعلمون لوحدهم أن غزة ليست أفغانستان أو العراق وأن الاتفاق سينهار”، قال مصدر أمني مطّلع على التفاصيل.
“لكن إذا انهار الاتفاق، حيث كان في غزة 20 ألف جندي من قوات أجنبية، فلن نعود إلى الوضع الذي كان قبل الاتفاق. سنكون في وضع جديد من شأنه أن يكون سيئًا جدًا”.
في محادثات مع الولايات المتحدة حاولت جهات رفيعة في جهاز الأمن أن تفهم من سيتحمل المسؤولية عن “غزة القديمة” التي يوجد فيها الآن كل سكان القطاع. من سيدخل إليها الطعام والمساعدات؟ للمفاجأة، أجاب الأمريكيون بوضوح: “إسرائيل هي المسؤولة”. لقد وعدوا بأنهم سيساعدون إسرائيل بقدر استطاعتهم في إدخال المساعدات، ضمن أمور أخرى، بواسطة الأمم المتحدة ومنظمات دولية. ولكن إسرائيل ستكون المسؤولة عن أن تتواصل المساعدات إلى غزة التي توجد تحت سيطرة “حماس” – في الوقت الذي لا توجد فيه قوات دولية قادرة على مراقبة أن المساعدات لا تصل إلى هذه المنظمة الإرهابية.
في جهاز الأمن حذّروا المستوى السياسي من أن إسرائيل من شأنها أن تكون ملزمة تجاه سكان غزة دون أن تستطيع الإشراف على أن المساعدات لا تنتقل إلى “حماس”. هم أيضًا طرحوا مخاوف من أنه في حال وجود أزمة إنسانية، أو أوبئة، أو مذبحة تقوم بها “حماس” ضد معارضيها، لن تستطيع إسرائيل الرد بشكل ناجع. حتى الآن لم يردّ عليهم المستوى السياسي. رئيس الحكومة ووزير الدفاع يبثّان تعاطفًا، ولكن حسب أقوال مصدر رفيع سابق في جهاز الأمن فإن “هذا ظاهريًا. لا أحد يعود ومعه إجابات. الجميع يدركون أنه ليست لدينا سيطرة على الأرض، والجميع ينجرّون إلى مشكلة سترافقنا لسنوات وستحوّل نصف غزة إلى منطقة حرام”.
“هناك إحباط كبير جدًا وإدراك بأنه لا يوجد، وبحق، ما يمكن فعله”، قال ضابط يخدم في القوات المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة. “كل اللقاءات مع الأمريكيين لا تنتهي حقًا بتفاهمات أو قرارات واضحة على الأرض. في كل اللقاءات في كريات غات لا يمكن ملء أربع صفحات في كراسة. هي أجواء دافئة. كل شيء يُقرَّر في الأعلى، وهناك أيضًا يُلقى علينا كتعليمات. ليس كنتيجة لمناقشات عميقة تفحص التداعيات الإستراتيجية على غزة وعلى أمننا”.
الصفقة المخفية
في أوساط كبار الشخصيات في جهاز الأمن، الذين تحدثوا مع الصحيفة، يوجد شعور بأن أمريكا قررت الركض سريعًا، وربما سريعًا جدًا. هذا الشعور تعزّز منذ الأيام الأولى بعد التوقيع على الاتفاق عندما طُلب من كبار قادة الجهاز حضور إحاطات رجال الإدارة الأمريكية والجيش الأمريكي. هناك سمعوا عن خطط أُعدت مسبقًا بدون إمكانية لطرح رأيهم.
قبل أربعة أيام من إطلاق سراح المخطوفين وزيارة ترامب إلى إسرائيل، عُقدت جلسة بمشاركة رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورؤساء أجهزة الأمن وضباط كبار آخرين. دخل إلى الغرفة أيضًا جاريد كوشنر وستيف ويتكوف وإيفانكا ترامب، ومن حضر هذا اللقاء قال إنه لم يكن هناك شك بشأن من يقود النقاش. عندما أشعل كوشنر جهازا عرضه شعر رجال الأمن بأن أمامهم ترتيبات عمل تم إعدادها حتى قبل أن يتم التوصل إلى تفاهمات شرم الشيخ، وقبل أن يُسمَع صوتهم. كوشنر أوضح بأنه حتى قدوم ترامب يجب إظهار تقدم على الأرض.
في اليوم التالي، في اللقاء في مقر وزارة الدفاع، تبيّن أن الأدميرال براد كوبر، قائد قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي، جاء أيضًا مع ترتيبات عمل. لقد أمر الجيش الإسرائيلي بإنشاء آلية مشتركة في كريات غات والعمل فورًا على إدخال المساعدات إلى غزة. لم يقل كلمة عن مستقبل القطاع وعن المواضيع التي تقلق جهاز الأمن في البلاد- تجريد “حماس” من سلاحها وإمكانية إقامة حكم بديل. الفهم الذي ساد في الغرفة كان أنه يجب التركيز على إعادة المخطوفين، وإسرائيل ستبدأ في إدخال المساعدات الإنسانية بكميات كبيرة وستسمح بانتقال السكان. زيارة ترامب كانت على الأبواب، والأمريكيون أرادوا أن يرفقوها بصور لشاحنات طعام تدخل إلى غزة. عندما حاولوا في جهاز الأمن الحصول على إجابات من نظرائهم، ألمح الضباط الأمريكيون بأنهم هم أيضًا لا يعرفون كل شيء، ولكنهم ينفذون تعليمات الإدارة.
نتنياهو يبثّ طوال الوقت أن أمريكا ستدرك أن ما يريدونه غير ممكن، وبدلًا من التشاجر معهم من الأفضل تركهم يتعلمون لوحدهم أن غزة ليست أفغانستان أو العراق وأن الاتفاق سينهار
ما هي الخطة؟
بعد تشكيل طواقم العمل المشتركة، عُقدت عدة لقاءات بين كبار ضباط جهاز الأمن ونظرائهم الأمريكيين. في هذه المرحلة فهموا أن الخط الأصفر لا يشير فقط إلى المنطقة الموجودة تحت السيطرة الأمنية للجيش الإسرائيلي، بل هو جزء من خطة أكبر. حسب الخطة التي طُرحت في تلك اللقاءات فإن الولايات المتحدة ومصر وتركيا وقطر تطالب بتحويل الخط الأصفر إلى منطقة فاصلة. وقد خُطط لإقامة 16 نقطة توزيع ومناطق لوجستية كبيرة في البداية، تدخل إليها المساعدات إلى غزة بصورة مراقبة دون أن تتولى حماس السيطرة فيها.
الخطة الكاملة غير معروفة للجيش الإسرائيلي، وفي هذه الأثناء يطالب جهاز الأمن بألا يتواجد الجيش في المنطقة التي يعيش فيها مدنيون فلسطينيون. وفي الجيش الإسرائيلي يعارضون أي إمكانية يُطلب فيها منهم الاهتمام باحتياجات المواطنين في غزة. إذا قُبلت معارضتهم فسيتعيّن على القوات الانسحاب نحو الشرق باتجاه الحدود مع إسرائيل وتقليص المنطقة الفاصلة كما هي اليوم.
ضابط كبير في المنظومة القتالية في غزة قال للصحيفة إن عدم معرفة كبار قادة جهاز الأمن بكامل الخطط للولايات المتحدة ودول الوساطة في غزة يسبب تشويشًا على الأرض. “رئيس الأركان يطلب منهم قتل المخربين، ومباشرة تصله مكالمة يُطلب فيها منه تخفيض اللهب الذي ستحدثه أقوال رئيس الأركان”، قال الضابط.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت – 14/11/2025
زيادة هائلة في “مزارع” المستوطنين في الضفة تُؤدي إلى تدهور الوضع
بقلم: نداف إيال
مرة أو مرتان يوميًا، وأحيانًا أكثر، يُصدر تنبيه في مجموعة “شباب التلال” على تيليغرام. الصياغة دائمًا متشابهة: “عرب يُبلغون عن هجوم يهود على قرية رابا، قضاء جنين”، مع صورة لملثمين تبثها وسائل إعلام فلسطينية. في اليوم السابق: “عرب يُبلغون عن هجوم يهود على عرب قرب الخليل”، أو “عرب يُبلغون عن هجوم يهود على عدة مركبات في قرية مخماس شرق رام الله”، مع فيديو لسيارات محترقة. العلامات النجمية مثيرة للاهتمام: “هجوم”. “إشعال النار”. صياغتها “عرب يُبلغون” تهدف إلى ضمان عدم اعتبار التصريحات تحملاً للمسؤولية القانونية. إنه مجرد تقرير. من قِبل “عرب”. بين الحين والآخر، تُنشر رسائل دعم للمعتقلين، أولئك الذين يُحتجزون للاستجواب ويُطلق سراحهم.
هذا الأسبوع: عُرض فيلم وثائقي أثار ردود فعل: عشرات اليهود الملثمين يُضرمون النار في مصنع، وحظيرة أغنام، وشاحنات في المنطقة الصناعية الفلسطينية في بيت ليد وفي قرية دير شرف. نجحت فظاعة العمل الإرهابي في اختراق دائرة الأخبار. ولكن كما توضح منتديات شباب التلال، فإن الهجمات يومية. وهي تمتد من منطقة جنين شمالاً وصولاً إلى الخليل. في أعقاب الحريق المتعمد هذا الأسبوع، أدانه رئيس الأركان، وكذلك الرئيس هرتسوغ. وتبعهما وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو. أما رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع كاتس، فقد التزما الصمت.
في أعقاب الحريق المتعمد هذا الأسبوع، أدانه رئيس الأركان، وكذلك الرئيس هرتسوغ. وتبعهما وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو. أما رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع كاتس، فقد التزما الصمت
نادرًا ما يكون هذا المفهوم براقًا وخطيرًا مثل الموقف من الجريمة القومية والإرهاب اليهودي في إسرائيل. لهذا المفهوم طبقات متعددة. طبقة تزعم أن هؤلاء النشطاء ليسوا سوى “نواة صلبة من بضع عشرات”؛ وهذا تصريح غريب نوعًا ما. في عملية هذا الأسبوع قرب نابلس وحدها، تم توثيق العشرات. طبقة أخرى تحتقرهم. هذه “مشكلة رعاية اجتماعية”، “على هامش الاستيطان”. لكن بينما تُدين معظم حركة الاستيطان في يهودا والسامرة هذا العنف – ويبغضه البعض – فإن أعمال “شباب التلال” تُعتبر أكثر شرعية بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول. فإذا كانت كل بلدة فلسطينية في يهودا والسامرة قاعدةً للمذبحة المقبلة، كما يقول رؤساء المستوطنات أحيانًا، فلماذا لا يُنصح بإزالة كل بلدة فلسطينية تقع “على مسافة قريبة من اليهود” بالقوة؟ خاصةً عندما يكون جهاز الأمن العام (الشاباك) عاجزًا، والشرطة في خدمة الوزير. يتلعثم الكهانيون والجيش الإسرائيلي في وجه اليمين المتطرف.
افتراض “المفهوم”: الفلسطينيون مرعوبون ومردوعون مما حدث في غزة. لن ينفجر المجتمع الفلسطيني في يهودا والسامرة نتيجة حرق المناطق الصناعية، وحرق السيارات، ومحاولة حرق المنازل على سكانها، والهجمات على سكان موسكو. سيضيف الأصوليون اليهود كلمات أول زعيم للاتحاد السوفيتي، فلاديمير إيليتش لينين: كلما ساءت الأمور، كان ذلك أفضل. في أفضل الأحوال، يفقد الفلسطينيون أراضيهم وسيطرتهم، ويُدفعون إلى مراكز المدن، وتُحبط الدولة الفلسطينية المستقبلية. وفي أفضل الأحوال، يثورون ويشهدون نكبة في الضفة الغربية. فرصة إلهية.
لا يرى “المفهوم” في شباب التلال “إرهابًا” حقًا. يُعتبر كفاحهم محليًا، على مناطق معينة، حول أعمال انتقامية. “كتابات على الجدران وإحراق سيارات”، هذا ما قاله لي مسؤول أمني كبير بازدراء. وماذا عن الإرهاب الاستراتيجي – مسجد على سكانه، الحرم القدسي الشريف؟ تُجيب مصادر الجهاز الأمني: مستحيل. إنهم لا يؤمنون بمثل هذا السيناريو. هذه جمل سمعناها مؤخرًا، في سياق مختلف تمامًا.
من زاوية أخرى، احتمال إلحاقهم الضرر بشخصيات إسرائيلية؛ ويجدر الانتباه، على سبيل المثال، إلى حملة التحريض والعنف المستمرة ضد غاي بيليغ من قناة “نيوز 12″، الذي لم يكن ذنبه سوى نشر توثيق مصور لجريمة خطيرة وصادمة، يُزعم أنها ضد معتقل من حماس.
بيانات المؤسسة الأمنية قاطعة، تشير إلى تدهور. منذ بداية الحرب، سُجِّلت 1586 حادثة جريمة قومية يهودية، بمعدل حادثتين يوميًا، في يهودا والسامرة. 114 هجومًا شنّها يهود ضد الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود والشرطة. 174 “إصابة فلسطينية” (وفقًا لبيانات المؤسسة الأمنية). هناك تصعيد: زيادة تتراوح بين 20 في المئة و25 في المئة في عدد الحوادث مقارنة بالعام 2025. الرسوم البيانية والتعريفات التي ترونها – بما في ذلك تعريفات “الإرهاب الشعبي” و”الهجوم الإرهابي” و”الهجوم المتعمد على قوات الأمن” – صادرة عن المؤسسة الأمنية نفسها. الإرهاب الشعبي، على سبيل المثال، هو إلقاء قنابل المولوتوف من قبل إرهابيين يهود. الهجوم الإرهابي هو “حرق منزل” أو “محاولة اعتداء خطير أو إعدام خارج نطاق القانون” ضد فلسطينيين.
سيقرأ الكثيرون ويتساءلون: ماذا عن الإرهاب الفلسطيني؟ إنه الشكل الرئيسي للإرهاب في يهودا والسامرة. من الحجارة إلى قنابل المولوتوف وهجمات إطلاق النار القاتلة. والجواب هو أن الجيش الإسرائيلي يعمل ضد هذه الظاهرة، وبطريقة قاسية، بما في ذلك تدمير مخيمات اللاجئين، واستخدام سلاح الجو، والتوغل المستمر والمنتظم إلى مراكز المدن الفلسطينية لتنفيذ عمليات. أما أعمال الإرهاب اليهودي فتتداخل مع الجيش، وتعطل رد فعله، الذي يتسم أصلاً بالعدوانية الشديدة. هذه ليست ملاحظات شخصية، بل ملاحظات رئيس الأركان زامير وجميع أسلافه.
سموتريتش والنرجيلة
من المشكوك فيه أن يكون بتسلئيل سموتريتش قد قرأ كتاب نعومي كلاين “عقيدة الصدمة”، لكنه بالتأكيد يطبقه بدقة. شرحت كلاين كيف تُستغل لحظات الخوف والصدمة العامة لإحداث تغييرات استثنائية، تُفيد أصحاب السلطة؛ وتحدثت عن الرأسماليين. في يهودا والسامرة، أصحاب السلطة هم أرستقراطية المستوطنات. استغل سموتريتش، مع شريكته أوريت ستروك، لحظات الصدمة لدى الجمهور الإسرائيلي والتركيز على حرب غزة لتغيير الواقع في يهودا والسامرة جذريًا بطريقة دراماتيكية وشبه غائبة عن الأنظار. بدأ ذلك باتفاق الائتلاف، بالطبع. قال لي مسؤول كبير: “لا شك في ذلك، إنه في الواقع وزير الدفاع في الأراضي، وقد حقق نصرًا عظيمًا هناك”.
من المشكوك فيه أن يكون بتسلئيل سموتريتش قد قرأ كتاب نعومي كلاين “عقيدة الصدمة”، لكنه بالتأكيد يطبقه بدقة
هذا نصرٌ وحيد. لقد تخيلت الرؤية اليمينية المتشددة التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول طرد سكان غزة، وإقامة مستوطنات هناك، وبيع الأراضي، وتحقيق “طفرة عقارية”. وضعت إدارة ترامب حدًا لهذه الخطط. قبل بضعة أسابيع، أغلق الرئيس نفسه الباب أمام أحلام الضم في الضفة الغربية.
ماذا تبقى؟ حقائق على الأرض. وعلى الأرض، يسارع حراس الأراضي الذين ينثرهم سموتريتش وستروك إلى العمل. أبرز ما في الأمر هو ما يُسمى “العزب الزراعية”.
قبل أكثر من عامين بقليل، كان عددها حوالي 30 مزرعة. أما اليوم فيبلغ عددها حوالي 120 مزرعة. منذ أن أسس أرييل شارون وموجة الاستيطان في ثمانينيات القرن الماضي، لم يشهد أي مشروع استيطاني أكبر من هذا. على حد تعبير ستروك: “المزارع هي أهم وأبرز مشروع استيطاني في منطقة يهودا والسامرة؛ إنها تُغير نظرة الناس إلى المنطقة تمامًا”. تسيطر المزارع الآن على مساحة تفوق مساحة جميع المستوطنات (بما في ذلك المدن الكبرى) في يهودا والسامرة مجتمعة.
وقد تم كل هذا خلال الحرب. كان الخوف من المستوطنات منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول هو الوقود والشرعية للعملية برمتها. من وجهة نظر حكومة نتنياهو، تُعدّ المزارع صمام ضغط لليمين، إذ يُمكنها منع السلطة الفلسطينية من الاستيلاء على المناطق المفتوحة، كما يُمكن استخدامها “لإعادة تأهيل” الشباب الذين كانوا جزءًا من شبيبة التلال. لست متأكدًا من أن جهاز الأمن العام (الشاباك) يرى الأمر بهذه الطريقة.
للمزارع اتحاد، وقد قيل لي هناك إن “95 في المئة” من الشباب الذين يعملون في المزارع يلتحقون بالجيش الإسرائيلي، وقد خدمت عائلات المزارعين أنفسهم وقاتلت في الحرب، وفقد بعضهم أرواحهم فيها. على موقع “اتحاد المزارع”، يُوصف الأمر بلغة صهيونية تقليدية: “هذا المشروع الضخم، بدعم من جهات مهنية وحكومية، يُعيد السيطرة على مناطق أصبحت قاحلة، ويُحوّل الأرض الجرداء إلى تلال خضراء. جبال يهودا والسامرة مُغطاة من جديد بحب الشباب العائدين إلى ديارهم”.
من هم الشباب؟ يُدرج الموقع أسماء أعضاء اللجنة التنفيذية. أحدهم هو نيريا بن بازي، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة، خلال فترة الرئيس بايدن، عقوبات لما وُصف بالعنف ضد الفلسطينيين. في ديسمبر/كانون الأول 2023، أصدر اللواء في قيادة المنطقة الوسطى أمرًا إداريًا بحظر دخوله جميع مناطق يهودا والسامرة، ومنعه أيضًا من التواصل مع نشطاء اليمين المعروفين باسم “التلال”.
أخبرني مسؤولون يمينيون أن بن بازي “معتدل نسبيًا” ويحاول “دمج” شباب التلال. وأكد لي اتحاد المزارعين أنهم “يعارضون العنف”، ويعتبرون الأحداث الأخيرة التي قام بها المتطرفون اليهود ضربةً لمشروعهم، ويتعاونون بشكل كامل مع الجيش الإسرائيلي. توضح سلسلة من التقارير الصادرة عن منظمات إسرائيلية وشهادات أن المزارع والبؤر الاستيطانية أدت إلى تهجير جماعي وحشي وسريع لمجتمعات الرعاة الفلسطينيين، ونتيجةً لذلك، تُتهم إسرائيل بالطرد المتعمد. “هناك مناطق لم تعد تشهد أي صراعات، لأنهم يعتقدون أنهم “طهروا المنطقة” من الفلسطينيين”، كما قال أحد المصادر. هناك أموال كافية لهذا، بل كثيرة: تضخمت ميزانية مكتب ستروك بمئات الملايين من الشواكل منذ بداية الحرب. من الألواح الشمسية إلى الإضاءة، مرورًا ببناء الطرق والطائرات المسيرة والمولدات. إنه شعورٌ بالوفرة.
كنت أبحث عن إحصائية بسيطة: ما هو الإنتاج الزراعي لهذه المزارع الشاسعة؟ بالنظر إلى مساحة هذه المزارع، يُعد هذا تطورًا زراعيًا غير مسبوق. لم أجد إحصائية بعد.
دارت حربٌ قصيرة في المؤسسة الأمنية حول المزارع. انتهت، وانتصر سموتريتش، ويتعاون الجيش الإسرائيلي تعاونًا كاملًا. اليوم، لا يوجد سوى حرب عصابات. أخبرني أحد المسؤولين بما يلي عن المزارع، وعلاقتها بأعمال الشغب اليهودية في الأراضي الفلسطينية: “من تجاهل ازدياد عدد المزارع الجديدة تقريبًا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لا ينبغي أن يستغرب من ازدياد حوادث الاحتكاك والجرائم القومية”. أما المزارع نفسها، مجددًا، تنكر أن يكون هؤلاء منها.
كتب زميلي عوديد شالوم عن العنف المتطرف ضد الفلسطينيين في نيسان/أبريل الماضي. تحدث مع فلسطيني يُدعى عيسى أبو يونس، من قرية جنابة (على سفوح جبل الخليل، قرب صحراء يهودا). وصف له أبو يونس حادثة بدأت بشهادة رعاة يهود (من مزارع في المنطقة) تعرضوا لهجوم من قبل فلسطينيين. كان الإجراء الانتقامي موجهًا ضد القرية بشكل جماعي: “من بعيد، رأيت عدة شاحنات “بيك أب” ومركبات رباعية الدفع تابعة للمستوطنين تتجه بسرعة نحو القرية. كانوا 15 شابًا، جميعهم ملثمون، دخلوا منزل عزيز العمور، وهاجموا ابنه أحمد بالعصي، ثم عزيز نفسه الذي حاول حماية ابنه… كانت هناك سيارة جيب عسكرية تقف على تلة ليست بعيدة، على بُعد حوالي 100 متر من القرية. لوّح لهم أهالي القرية للمساعدة، لكنهم لم يأتوا”.
من الناحية القانونية، تقول المؤسسة الأمنية إن حوالي نصف المزارع لا تملك التصاريح اللازمة. لكنها تحظى بدعم كامل من الدولة والمؤسسة الأمنية، وتساعدها مديرية الاستيطان التابعة لسموتريتش. تعتمد هذه المزارع بشكل أساسي على موافقة دائرة الاستيطان لاستخدام المراعي. تضاف إلى ذلك مناورات قانونية: على سبيل المثال، يُخصص التمويل الحكومي لمنشآت “منفصلة” عن الأرض، وبالتالي يُسمح بذلك. توضح البيانات المعروضة هنا لأول مرة إنفاذ قوانين البناء اليهودي غير القانوني ضد الفلسطينيين في يهودا والسامرة. كما يتضح، بحلول العام 2025، ستُنفذ عمليات هدم للمباني الفلسطينية بمعدل 70 في المئة من إجمالي البناء غير القانوني المكتشف في المنطقة. بالنسبة لليهود، لا يمثل هذا سوى حوالي 10 في المئة من المباني غير القانونية المكتشفة.
في نهاية كل جملة تقولها باللغة العبرية، هناك عربي يجلس مع النرجيلة، كما ذكر مئير أرييل. من المستحيل فصل مشروع سموتريتش وستروك العظيم عن درجة الأمن التي تشعر بها خلية إرهابية يهودية في يهودا والسامرة. في هذه الحكاية، العربي الذي يحمل النرجيلة هو سموتريتش.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت – 14/11/2025
إسرائيل بدأت سباق تسلح استعدادا لجولة جديدة حتمية.. وإيران تركز على السلاح الباليستي وليس على النووي
بقلم: رون بن يشاي
في إيران تتعاظم الأصوات التي تطالب ببدء مفاوضات مع الولايات المتحدة على تفكيك المشروع النووي والسلاح الباليستي لأجل التصدي للمشاكل الاقتصادية وعلى رأسها النقص في المياه مما يهدد بقاء النظام في طهران. من جهة أخرى يقف المحافظون الذين يطالبون بالثأر على الإهانة التي تعرضت لها الجمهورية الإسلامية في “حرب الـ 12 يوما”.
في المعسكرين يوجد تخوف شديد من أن تستغل إسرائيل حقيقة أنه في الحرب تم تدمير كل منظومة الدفاع الجوي ذات المغزى تقريبا والتي كانت تدافع استراتيجيا عن إيران من هجوم جوي، فتحاول “إنهاء ما بدأته” – أي إسقاط النظام. عمليا، يبدو أن خامنئي يميل في هذه اللحظة لان يتبنى الخط المتطرف المحافظ بقيادة الحرس الثوري. ورغم أن إدارة ترامب تبذل جهودا واضحة، سرية وعلنية للشروع في مفاوضات مع إيران في موضوع النووي والصواريخ الباليستية، فإن الزعيم الأعلى ليس مستعدا لأن يبعث برجاله إلى المحادثات، حتى وإن كانت سرية، في دول وسيطة كعُمان، قطر أو دول أوروبية.
في إسرائيل ثمة من يعتقد بانه إذا لم تبدأ مفاوضات، وإذا لم يتحقق اتفاق سياسي بعيد المدى يمنع تسلح إيران بسلاح نووي وباليستي عظيمين- لن يكون مفر من جولة حربية أخرى مع إيران. يقول مصدر أمني في إسرائيل: “نحن نتابع بعناية ما يحصل في إيران ونفحص كل الوقت على أساس يومي إذا كان الإيرانيون يتجاوزون الخطوط الحمراء أو يعدون شيئا ما سيتسبب بالتصعيد. إذا ما تجاوزوا الخطوط الحمراء التي رسمناها لأنفسنا – فسنعمل بلا تردد لتصفية التهديد”.
في إسرائيل ثمة من يعتقد بانه إذا لم تبدأ مفاوضات، وإذا لم يتحقق اتفاق سياسي بعيد المدى يمنع تسلح إيران بسلاح نووي وباليستي عظيمين- لن يكون مفر من جولة حربية أخرى مع إيران
تجدر الإشارة إلى أنهم في أمريكا وفي إسرائيل لا يلاحظون الآن بأنه ستكون حاجة للعمل في الوقت القريب، كما لا يلاحظون نوايا إيرانية محددة لإيقاع ضربة ثأر على إسرائيل على إهانة “الأسد الصاعد”.
في المجال النووي، حسب التقارير في وسائل إعلام أمريكية وعربية، لم تستأنف إيران مساعيها لتخصيب اليورانيوم وفي هذه اللحظة في إسرائيل أيضا لا يلاحظون أي محاولة من جانب النظام في إيران لتطوير وإنتاج السلاح النووي نفسه، والاستخدام لهذا الغرض باليورانيوم المخصب الذي يوجد لديهم منذ الآن. وأساس جهودهم يوظفونه الآن على محاولة شراء منظومات دفاع جوي استراتيجية بعيدة المدى، يكون ممكنا من خلالها إعادة بناء المنظومة التي تحمي سماء الدولة الفارسية، المكشوفة الآن – على الأقل أمام القدرات الهجومية للجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل.
تجري هذه المحاولات في قناتين: الأولى هي محاولة شراء منظومات دفاع جوي من الصين، من روسيا، من كوريا الشمالية ومن كل من هو مستعد لأن يبيع. الثانية، والأساس، هي الجهد الإيراني لإنتاج ذاتي للمنظومات، التي هي نسخ لمنظومة S-300 وS-400 الروسية. في هذا أيضا يواجه الإيرانيون مصاعب للحصول على عناصر المنظومة، قطع الغيار والمواد الخام من الغرب.
إضافة إلى ذلك، تركز إيران على محاولة إعادة تأهيل منظومتها من الصواريخ وزيادة انتاجها كاستنتاج من “حرب الـ 12 يوما”. فقد توصلوا إلى الاستنتاج بأن هذا هو الأمر الوحيد لديهم الذي عمل وألحق ضررا بإسرائيل وهم يرون بكمياتها الأكبر بديلا عن السلاح البري. وإضافة إلى ذلك يريدون أن يردعوا إسرائيل من هجوم إضافي من شأنه أن يسقط النظام في طهران. إيران تحاول تجديد المنظومة أساسا من خلال جهات خارجية، بل وعرضت مؤخرا تطويرات جديدة لصواريخ بعيدة المدى قادرة، بزعم الإيرانيين، على التغلب على منظومات الدفاع الجوي لإسرائيل والولايات المتحدة. في إسرائيل لا يستخفون بالتصريحات الإيرانية، لكن حاليا يبدو أنه رغم الجهود – طهران لا تزال غير قادرة على إنتاج صواريخ باليستية، صواريخ جوالة ومُسيرات بالأحجام التي كانت تنتجها قبل الحرب مع إسرائيل – وان هذه الجهود توجد في هذه اللحظة في مهدها.
كما أن إيران لم تهجر “قناة التآمر الإقليمي” وهي تجتهد لأن تسلح، تعزز وتمول فروعها أيضا وعلى رأسهم حزب الله. هذه الجهود تصطدم هي الأخرى حاليا بالمصاعب. ومع ذلك ينبغي الانتباه إلى التصريحات التي تنطلق في هذه اللحظة في طهران على لسان مسؤولين كبار في الحرس الثوري وأعضاء البرلمان الإيراني وتقضي بأنه إذا هاجمت إسرائيل حزب الله أو إذا هاجم حزب الله إسرائيل – فإن إيران لن تجلس مكتوفة اليدين وستنضم إلى التنظيم الشيعي في عمل فاعل ضد إسرائيل. ثمة من يتعاطى باستخفاف واستهتار مع هذه التصريحات، لكن في إسرائيل الاستخبارات في إسرائيل يتعاطون معها بجدية وبحذر من الوقوع في اللامبالاة.
هذه التحذيرات هي التي تدفع جهاز الأمن في إسرائيل الآن لأن يدخل إلى تطوير متسارع وباهظ الثمن، يكلف مليارات الشواكل لمنظومات إخطار، استخبارات، دفاع جوي وسلاح هجومي جديد ستضطر إليه إسرائيل في الجولة التالية مع إيران. في إسرائيل، في الحكومة وفي هيئة الأركان يأملون بأن مجرد وجود هذه القدرات لدى إسرائيل، اذا كانت متوفرة في المدى الزمني القريب سيردع إيران من مبادرات هجومية. لكن التقدير هو ان الجولة التالية مع إيران، رغم أنها لن تحصل في الزمن القريب، فهي تكاد تكون حتمية.
-----------------انتهت النشرة-----------------