الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 20/10/2025 العدد 1438

 الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

هآرتس 20/10/2025

 

انتهاء الاتفاق النووي يضع ايران امام معضلة: إما ترامب او بوتين

 

بقلم: تسفي برئيل

بدون احتفالات ومراسم، وبدون مؤتمرات دولية وخطابات مشتعلة، انتهت في يوم السبت حقبة زمنية. الاتفاق النووي مع ايران، الذي تم التوقيع عليه في 2015، وصل بعد عقد الى نهاية سريان مفعوله بدون ان يحقق بالنسبة لايران ولكل العالم الاحلام التي تراكمت حوله. ايران كان يمكن ان تكون دولة مزدهرة، مع خطة نووية محدودة ومراقبة، ومع علاقات مدهشة مع معظم دول العالم. ولكن سيرورة التاريخ لا تاخذ في الحسبان الاتفاقات الدولية، وهي تخلق واقع خاص بها. بعد ثلاث سنوات على التوقيع على الاتفاق في ايار 2018 قرر الرئيس الامريكي دونالد ترامب تحت ضغط كبير من اسرائيل، الانسحاب بشكل احادي الجانب من الاتفاق النووي، وهكذا احدث الانعطافة التي بدأ منها التدهور الخطير الذي وصل الى ذروته في حزيران الماضي، عند بدء الحرب بين ايران واسرائيل بمشاركة امريكية كثيفة.

ولكن هذه الحرب ايضا لم تحقق هدفها. ترامب يؤمن، هذه الحقيقة ايضا، ان الحرب “دمرت بشكل كامل المنشآت النووية في ايران”، لكن عمليا، هذا الانجاز على الاقل هو انجاز مختلف عليه. حتى الان من غير المعروف ما هو حجم الضرر الدقيق الذي اصاب المنشآت، وأين يوجد حوالي 400 كغم من اليورانيوم المخصب بمستوى 60 في المئة، وما هي طبيعة النشاطات لاعادة الترميم التي تنفذها ايران في جزء من هذه المنشآت، وبالاساس، هل ما زالت توجد احتمالية للتوصل الى اتفاق نووي جديد.

ليس فقط موقف وخطط ايران غامضة، بل ايضا الرئيس ترامب لم يقرر بعد أين سيضع ايران على خارطة طريقه التي من شانها ان تحقق “السلام العالمي”. لانه، بما يشبه الحوار مزدوج الابعاد الذي يجريه مع حماس وفيه التهديد بـ “الدمار الكامل” و”فتح باب جهنم”، يتم تقليصها باعطاء تعليمات لاسرائيل بوقف الحرب واجراء مفاوضات مباشرة مع كبار قادة حماس، هكذا هو يتصرف ايضا مع ايران.

امام التهديد الثابت تجاه ايران باحتمالية مهاجمتها فان ترامب نقل عنه قبل عشرة ايام القول بان ايران بالذات تؤيد خطة العشرين نقطة التي صاغها لانهاء الحرب في غزة. “ايران معنية بالعمل من اجل السلام. لقد قالوا لي ذلك واوضحوا بانهم يؤيدون بشكل كامل خطتي. نحن نقدر ذلك وسنعمل على ذلك مع ايران. نحن نريد ايضا رؤية انهم يبنون بلادهم، لكن محظور ان يكون لديهم سلاح نووي”، قال الرئيس ترامب. وهو في هذه المرة لا يضلل. وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي غرد حقا بان “ايران تبارك كل مبادرة تنهي الابادة الجماعية التي تنفذها اسرائيل في غزة، وتضمن ابعاد الاحتلال عن غزة”. ولكن مثل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ايضا الرئيس الايراني مسعود بزشكيان، رفض الدعوة التي حصل عليها من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمشاركة في “مؤتمر السلام” في شرم الشيخ. “نحن لا يمكننا العمل مع شركاء قاموا بمهاجمة الشعب الايراني ويواصلون تهديدنا بالعقوبات”، كتب عراقجي في شرحه لرفض الدعوة. ومثلما في اسرائيل، ايضا في ايران تعرض الرئيس للانتقاد بسبب تفويته فرصة ضم بلاده الى طاولة متخذي القرارات الدولية، وربما البدء في مفاوضات مباشرة مع الرئيس الامريكي.

الاختلاف حول مشاركة ايران في مؤتمر شرم الشيخ هو في الواقع هامشي بالنسبة لقضية المشروع النووي، لكنه يدل على تخبط شديد بالنسبة للاستراتيجية السياسية الشاملة التي يجب على القيادة تبنيها.

منذ بداية الحرب كانت ايران ضيفة ثابتة في مؤتمرات القمة الاقليمية التي عقدت تحت عنوان “مؤتمرات عربية واسلامية” بهدف عرض الحرب في غزة كموضوع يقلق كل العالم الاسلامي، وليس كقضية محلية وعربية. ايران ايضا اضطرت الى ان تبتلع في هذه المؤتمرات عدة ضفادع، عندما طالبت القرارات التي تم اتخاذها في هذه المؤتمرات بنزع سلاح حماس أو ابعادها عن أي مشاركة في ادارة القطاع.

ايران التي تطمح الى استئناف علاقاتها مع مصر، منحت حتى الرئيس السيسي شرف استضافة مراسم التوقيع على الاتفاق لاستئناف نشاطات مراقبي الوكالة الدولية للطاقة النووية في المنشآت النووية في ايران، الذي تم التوقيع عليه في الشهر الماضي. ولكن في حين انه بالنسبة لوقف الحرب في غزة ايران هي جزء من اجماع دولي واسع، وليس فقط عربي واسلامي، فان قضية الذرة هي بالنسبة لها قصة مختلفة في اساسها، تمس بصراعات القوة الداخلية ومستقبل الدولة.

 

هل يمكن الاعتماد على بوتين؟

من فوق راس ايران يلوح الان سيف العقوبات الدولية التي يمكن ان تعود مع تفعيل بند اعادة فرض العقوبات الذي دخل الى حيز التنفيذ في يوم السبت الماضي. الجهود الدبلوماسية الكثيفة التي بذلتها ايران، ومحاولة الحصول على تاجيل لتفعيل هذا البند لم تنجح، والان طهران تدعي انه عند انتهاء صلاحية كل الاتفاق النووي فانه ايضا بند اعادة فرض العقوبات لم يعد ساري المفعول.

“جميع البنود في الاتفاق، بما في ذلك البنود التي تفرض القيود على المشروع النووي الايراني والآلية المرتبطة بذلك، تعتبر لاغية مع انتهاء صلاحية الاتفاق”، قيل اول امس في بيان وزارة الخارجية الايرانية. على الصعيد الدبلوماسي هي نجحت في الواقع في تجنيد دعم الصين وروسيا، اللتان تؤيدان ادعاء ايران، لكن هناك شك كبير فيما اذا كانت هذه المبررات القانونية ستنجح.

النقاش العام الذي يجري في هذه الاثناء في ايران حول موضوع استئناف العلاقات بين ايران والولايات المتحدة يدل ايضا على ان التقدير الذي بحسبه روسيا والصين هما “ورقة مضمونة” ستمكن ايران من التملص من العقوبات، ليست في الحقيقة ورقة آمنة.

“روسيا هي دولة هامة في منطقتنا، لكن يوجد لها خطوط حمراء: ضمان ان ايران لن تقيم في أي يوم علاقات سلمية مع العالم الخارجي”، هكذا هاجم محمد جواد ظريف، وزير خارجية ايران السابق في فترة التوقيع على الاتفاق النووي مع الدول العظمى الستة، وحتى أنه عمل لفترة قصيرة كنائب للرئيس بزشكيان. هذا في الحقيقة تصريح استثنائي من حيث شدته، لكنه جزء من اجمالي التصريحات الجديدة تجاه موسكو، التي وصلت الى الذروة عند سقوط نظام الاسد في سوريا، واتهام روسيا بأنها لم تساعد الرئيس السوري في الصمود والبقاء، وهكذا هي خدمت اسرائيل.

روسيا والصين وقعتا في الواقع على اتفاقات بعيدة المدى للتعاون الاستراتيجي مع ايران، تشمل استثمار مئات مليارات الدولارات، لكن هذه الاتفاقات لا تتضمن تعهد بالدفاع عن ايران اذا تعرضت للهجوم. في ايران نشر انها وقعت مع روسيا على اتفاق لشراء 48 طائرة من نوع “سوخوي 35، ولكن في 2022 نشر عن صفقة مشابهة لشراء 24 طائرة “سوخوي”، التي لم تخرج حتى الآن الى حيز التنفيذ.

في المقابل، التقارب الجديد بين روسيا وسوريا، وزيارة الرئيس السوري احمد الشرع في موسكو في الاسبوع الماضي، اشعلت الضوء الاحمر في طهران. في ايران يخشون من ان التقارب الجديد بين روسيا وسوريا يمكن أن يكون على حسابهم.

“تنفيذ الاتفاق بين ايران وروسيا يمكن ان يواجه صعوبات لان روسيا ستفعل كل ما هو جيد لها”، حذر نعمة الله ايزادي، الذي كان سفير ايران في موسكو. وقد المح الى ان الرئيس بوتين من شأنه أن “يضحي” بايران على مذبح علاقاته مع الرئيس الامريكي ترامب، ومن اجل ازالة عن روسيا تهديد فرض العقوبات الدولية. في حين ان هذا هو المناخ فان ايران لا يمكن ايضا ان تكون هادئة من رسالة بوتين التي جاء فيها بانه تحدث مع نتنياهو، الذي وعده بان اسرائيل غير معنية بمواجهة عسكرية مع ايران.

حسب تقارير في موقع “امواج” فان مستشار رفيع لبوتين نقل الى السفير الايراني في موسكو نسخة عن المحادثة الكاملة بين بوتين ونتنياهو. ربما انه في كل ما يتعلق بمواجهة عسكرية مع اسرائيل فان ايران يمكنها “الاعتماد” الآن اكثر على ترامب بانه لن يسمح لاسرائيل بجره الى مغامرة عسكرية جديدة في الوقت الذي فيه جبهة غزة ما زالت مشتعلة.

مع انتهاء صلاحية الاتفاق النووي وتفعيل بند اعادة فرض العقوبات فان قضية ايران دخلت الى مرحلة الانتظار، التي ستفحص فيها تاثير العقوبات الاقتصادية الجديدة على قرارات ايران، وبالاساس سؤال هل الصين وروسيا ستنضم الى هذه الخطوة. ايران اثبتت في السابق قدرة مثيرة للانطباع على الصمود في ظل العقوبات الشديدة، لكنها ايضا اظهرت “مرونة بطولية”، حسب اقوال الزعيم الاعلى علي خامنئي، عندما قررت التوقيع على الاتفاق النووي. يبدو ان اتخاذ قرار حول هل سيتم التوجه الى خطوة دبلوماسية “بطولية” اخرى، سيكون مرهون الان بنتائج صراعات القوة الداخلية اكثر مما هو مرهون بالضغط الخارجي.

 ------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 20/10/2025

 

ما دام “المترو” موجودًا، فمن المستحيل مغادرة القطاع

 

بقلم: رون بن يشاي

لا تزال ملابسات تبادل إطلاق النار الدائر منذ صباح يوم الأحد في قطاع غزة غير واضحة بما يكفي لتحديد المسؤول عن انتهاكات وقف إطلاق النار. وتشير التحقيقات الأولية التي أجراها الجيش الإسرائيلي إلى أن عناصر من حماس أطلقوا النار على جنود ومشغلي آليات ثقيلة كانوا يشاركون في عملية كشف نفق في منطقة خاضعة لسيطرة الجيش. فهل كان هؤلاء الإرهابيون محاصرين في نفق كان الجيش الإسرائيلي على وشك تدميره، أم أنهم دخلوا المنطقة عبر النفق لإلحاق الضرر بالقوات؟ لا تزال هذه الأسئلة بلا إجابات، لذا يُنصح بعدم التسرع في إصدار الأحكام، خاصةً طالما لم تُعِد حماس جميع المختطفين.

 اتفاقيات وقف إطلاق النار، وخاصةً في بداياتها، دائمًا ما تكون عرضة للحوادث، خاصةً عندما لا تُصاغ قواعدها بتفصيل ودقة كافيين، كما يحدث حاليًا في قطاع غزة. على أي حال، وقعت الحادثة في منطقة خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي، حيث لا يُفترض أن يكون إرهابيو حماس، وحتى لو كانوا محاصرين في نفق كما ورد، لكان بإمكانهم الاستسلام قبل أن يُدمره الجيش الإسرائيلي.

لذا، تتحمل حماس مسؤولية أكبر عن انتهاك وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى مسؤوليتها عن الانتهاك الأخطر لخطة ترامب المكونة من عشرين نقطة، بتأخيرها المتعمد لعملية إعادة جثث الصحايا الذين اختطفوا أو قُتلوا في الأسر. هذه الانتهاكات الصارخة تبرر الرد العنيف الذي نشهده من الجيش الإسرائيلي.

ومع ذلك، حتى في معركة ضد عدو قاتل ودنيء، من الأفضل التحلي بالحكمة على الصواب، ولذلك، ما دام لم يُعاد جميع المخطوفين، يجب ضبط النفس وتجنب الأعمال التي قد تتطور إلى معارك حقيقية.

خلال فترات وقف إطلاق النار السابقة في الحرب، وقعت حوادث مماثلة عديدة أطلق فيها مقاتلو الجيش الإسرائيلي النار على إرهابيين كانوا في أماكن غير مخصصة لهم أو كانوا يشكلون خطرًا على القوات، إلا أنه نادرًا ما أُبلغ عنها. خلال الأسبوع والنصف الماضيين، وقعت حالتان انتهكت فيهما حماس صراحةً شروط وقف إطلاق النار، عندما حاول عناصرها مهاجمة مقاتلي الجيش الإسرائيلي داخل الملاجئ التي كانوا فيها. لم تؤدِ هذه الحوادث إلى خرق وقف إطلاق النار أو إلى تبادل كثيف لإطلاق النار، أولًا لأن الإرهابيين لم ينجحوا ودفعوا أرواحهم ثمنًا لذلك، وثانيًا لأن إسرائيل خشيت أن يؤثر ذلك سلبًا على عملية إعادة القتلى.

أحداث اليوم تُمكّن حماس من الادعاء بأن إسرائيل هي من انتهك وقف إطلاق النار بدايةً، حتى لو لم يكن ذلك صحيحًا. على أي حال، فإن ردّ الجيش الإسرائيلي العنيف بغارات جوية وبحرية مُبرّر في ضوء سلوك الحركة العام، وحتى قبل أن تتضح ملابسات الحادثة بالكامل.

لكن أحداث اليوم تُسلّط الضوء على نقطة مهمة أخرى: ما دام “مترو” غزة موجودًا (أنفاق عديدة تُتيح للإرهابيين الاختباء والتنقل من مكان إلى آخر وإنتاج الأسلحة)، فلن تتمكن إسرائيل من مغادرة القطاع. ولن تتمكن من ذلك إلا بعد ضمان نزع سلاح غزة من الأسلحة والبنية التحتية العسكرية الفريدة، مثل أنفاق القتال والبقاء التي حفرتها المنظمات الإرهابية.

في المرحلة الثانية من تنفيذ خطة ترامب، سيتعين على إسرائيل التحقق، من خلال مصدر موثوق، من تدمير جميع الأنفاق، أو على الأقل الغالبية العظمى منها. في الوقت الراهن، ومع وجود عشرات الكيلومترات من الأنفاق في المنطقة، لن تتمكن الحكومة والجيش الإسرائيلي من إخبار سكان قطاع غزة وجنوبه بأن التهديد القادم من القطاع قد زال وأن حماس لن تتمكن من التعافي. تُعدّ الأنفاق أساسيةً في عملية إعادة إعمار الحركة، وما دامت موجودة، كما تُظهر أحداث اليوم بوضوح، فإن التهديد يبقى قائما.

-------------------------------------------

 

يديعوت 20/10/2025

 

مع بروز قطر وتركيا، وتهمش السعودية والإمارات يتزايد الخوف من تعافي حماس

 

بقلم: د. ميخائيل ميلشتاين

مع انتهاء الحرب، من اللافت للنظر أنه بعد عامين من الهيمنة الإسرائيلية الكاملة على قطاع غزة، بدأت هذه الساحة تمتلئ أيضًا بأطراف أجنبية، قديمة وجديدة. هؤلاء يتنافسون بشكل متزايد مع إسرائيل: فبينما تُصرّ (عن حق) على الالتزام الصارم بالاتفاق وتُلمّح إلى إمكانية العودة إلى القتال، تسعى هذه الأطراف إلى فرض وقائع على الأرض وتهيئة وضع جديد في غزة بسرعة لا يلبي مطالب إسرائيل بالكامل، وخاصةً فيما يتعلق بحماس، في محاولةٍ لكسب ترامب إلى صفّها وتقليل دعمه لنتنياهو.

وعلى نحوٍ لا يُرضي إسرائيل، تبرز قطر، التي كانت العامل الخارجي الأكثر تأثيرًا في قطاع غزة قبل 7 أكتوبر اليوم بقوة لا تقلّ عن قوتها السابقة، وربما أكثر. قطر، التي تعرضت لهجوم غير مسبوق على أراضيها، والتي سعت إسرائيل إلى تقليص نفوذها الدولي، ناهيك عن الساحة الفلسطينية، شنّت هجومًا مضادًا بقوة المال والدبلوماسية. ونتيجة لذلك، تعزز موقفها، وخاصة لدى الإدارة الأميركية، التي يشهد كبار مسؤوليها، ويتكوف وكوشنر، بأنهم شعروا بالخيانة بسبب الهجوم في الدوحة، وتحركوا في أعقابه لإنهاء الحرب بسرعة خوفاً من أن تلحق إسرائيل الضرر بنفسها.

في قلب القطريين توجد “زاوية حميمة” لحماس في قلوبهم، ويرون فيها رصيدًا لهم، ولذلك يسعون جاهدين لصياغة واقع جديد في غزة يتماشى مع مصالحهم، وفي الوقت نفسه يكون سهل الاستيعاب من قبل ترامب. ويبدو أنهم يقفون وراء قراره بتبني رد حماس على خطة العشرين نقطة، رغم أنها لم تُلبِّ مطالبه بالكامل، مع التركيز على نزع سلاح الحركة. وتروج قطر بالفعل لصيغة تسوية بشأن هذه العقبة الرئيسية، وفي هذا الإطار، تسعى جاهدة للتمييز بين “الأسلحة الهجومية” التي لن يُسمح لحماس بامتلاكها و”الأسلحة الدفاعية”، على أمل أن يرى ترامب في هذه المعادلة تحقيقًا لمطالبه بشأن اليوم التالي.

برعاية قطرية، يجري إدخال تركيا أيضًا إلى القطاع. تربط الدولتان علاقة وطيدة، تنبع جزئيًا من انتمائهما المشترك لجماعة الإخوان المسلمين، وتوفران لحماس سكنًا مريحًا ودعمًا سياسيًا واقتصاديًا. يتجلى الوجود التركي في غزة في إرسال فريق إغاثة مسؤول، من بين أمور أخرى، عن تحديد أماكن الرهائن والجرحى، ويبدو أن أنقرة ستسعى جاهدة لتوسيع هذه الفجوة لتوجيه المساعدات الاقتصادية، ومن ثم ترسيخ وجود أمني في القطاع. من وجهة نظر حماس، يُعدّ نفوذ الدولتين ووجودهما، حتى وإن كان محدودًا، خبرًا سارًا. ستتمكن حماس من الحصول على “أجزاء” من المساعدات التي ستُوجّه إلى غزة، بما في ذلك للاحتياجات العسكرية.

تحاول مصر اللحاق بالجهود القطرية التركية من خلال تسريع محادثات تشكيل حكومة بديلة جديدة في قطاع غزة، والتي تأمل القاهرة أن تخضع لنفوذها. ولتحقيق ذلك، يجمع المصريون جميع الفصائل الفلسطينية لمناقشة الترتيب الجديد، ويدربون قوات السلطة الفلسطينية المقرر نشرها في قطاع غزة، ويسعون جاهدين لتنفيذ المبادرة التي قدموها قبل نحو عام واعتمدتها جامعة الدول العربية، والمتمثلة في إنشاء مجلس محلي لا تشارك فيه حماس ويكون تابعًا للسلطة الفلسطينية، مع وعد بمناقشة نزع سلاح الفصائل الإرهابية لاحقًا. إضافةً إلى ذلك، تسعى القاهرة جاهدةً لقيادة عملية إعادة الإعمار المدني في غزة، مما سيساهم في دعمها اقتصاديًا.

إن القوى التي تُدفع إلى الهامش في مواجهة المنافسة المتنامية هي تلك التي ترغب إسرائيل فيها وخاصةً المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهما دولتان معاديتان لجماعة الإخوان المسلمين، واللتان أوضح نتنياهو خلال الحرب أنه يريد لهما نفوذًا في المرحلة التالية في غزة، بدلًا من قطر. ووفقًا لتقارير الأيام الأخيرة، تُحذر الدولتان من أن اتفاق إنهاء الحرب في خطر في ضوء الواقع الناشئ، الذي يمنح حماس القدرة على التعافي. إن انسحاب الدولتين من المشاركة في تشكيل المرحلة التالية في غزة سيترك لقطر وتركيا مساحة عمل مريحة، وسيصب في مصلحة حماس بالطبع.

في الوسط يقف ترامب، الذي غالبًا ما يعكس فجوة بين التصريحات الجازمة والأفعال الفعلية. ويتجلى ذلك، كما ذُكر، في قبوله رد حماس على خطته (وهي خطوة مقلقة سرعان ما غطتها إسرائيل بنظرة رضا)، وكذلك في تفهمه للاغتيالات الوحشية التي نفذتها حماس ضد خصومها في نهاية الحرب (حاول إصلاح الضرر بتحذير حماس من أنه إذا لم تتوقف، فإن “الولايات المتحدة ستقضي عليهم”)، وفي كبح جماح الإجراءات الإسرائيلية الصارمة ضد حماس ردًا على انتهاكات الاتفاق، وخاصةً عدم إعادة جميع الرهائن القتلى. سينشأ تحدٍّ معقد إذا وافق ترامب على صيغة “مرنة” بشأن نزع سلاح حماس.

ينبغي أن يُقلق التدخل الأجنبي المتزايد في غزة إسرائيل مرتين. أولًا، كتحدٍّ محتمل لحرية عملها، خاصةً إذا كان القطاع مكتظًا بالقوات الأجنبية، حتى لو على نطاق محدود، وثانيًا، كقلق من ترسيخ عناصر من شأنها أن تعيق مؤيدي حماس وتساهم في إعادة المنظمة بناء نفسها في القطاع. وهذا يتطلب صحوة سريعة. كا ان تعميق انخراط المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في قطاع غزة لن يتحقق إذا استمرت إسرائيل في معارضتها الشديدة لمشاركة السلطة الفلسطينية في اليوم التالي، ناهيك عن العودة إلى القتال.

يُتيح انتهاء الحرب لإسرائيل فرصًا استراتيجية، في المقام الأول تعزيز العلاقات مع دول رئيسية في العالم العربي والإسلامي. وكما كان الحال قبل 7 أكتوبر، واليوم، فإن الفرص الاساسية تنصبّ على إمكانية التطبيع مع المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، فإن وقف الصراع لا يكفي لتحقيق ذلك، بل يتطلب أيضًا مناقشة معمقة للقضية الفلسطينية، التي تتهرب منها الحكومة باستمرار، وبالتالي تستمر في تفويت الفرص وخلق التحديات.

 ------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم:

 

مخاطرة حماس في خرقها للاتفاق ينبغي أن يدفع إسرائيل لتنفيذ المرحلة الثانية

 

بقلم: يوآف ليمور

 الحادثة الصعبة أمس قرب رفح، هي ضوء تحذير. اذا لم تحدد إسرائيل قواعد متشددة وواضحة حيال حماس، من شأنها أن تعلق في منحدر خطير.

الرد الإسرائيلي الفوري بالنار من الجو ومن البر جاء أساسا لخلق ستار كثيف، بهدف السماح بانقاذ المصابين. ورغم أن الفلسطينيين رأوا فيه تفعيلا للنار بكل معنى الكلمة، فانه ليس “ردا” في صيغته الواجبة: فهذا يفترض أن يجبي ثمنا من حماس ويوضح لها بان إسرائيل لا تعتزم السماح لوقف النار بالانهيار بالتدريج.

ان إصرار الناطق العسكري الإسرائيلي بان الإصابة تمت شرقي “الخط الأصفر”، لم يكن صدفة. فقد جاء للايضاح بان خرق حماس كان مزدوجا: لوقف النار ولخطوط العمل المقررة. ويفهم من ذلك الاستنتاج بانه اذا كانت حماس لا تنفذ ما اتفق عليه فان إسرائيل أيضا لن تفعل ذلك.

هذا اختبار أول لإسرائيل بعد اتفاق المخطوفين وعودة حماس الى شوارع القطاع، وهو يأتي في موعد اقرب مما كان متوقعا. يحتمل أن يكون هذا سيء: معقول الا يرغب الوسطاء، وعلى رأسهم الولايات المتحدة في أن يروا ثمار عملهم تنهار في غضون وقت قصير بهذا القدر والحرب تستأتف. ويحتمل أن يكون هذا جيد: لإسرائيل أعطيت هنا فرصة فورية للايضاح بان ما كان في الماضي حيال قطاع غزة لن يكون بعد اليوم.

مجال المناورة لإسرائيل ليس غير محدود. فرغبتها في أن “تحول غزة الى لبنان” – أي تصفية مخربين صبح مساء – لن تنجح لان غزة ليست لبنان. فبينما في لبنان تتولى حكومة ترى في حزب الله عدوا، في غزة حماس هي (صحيح حتى هذه اللحظة) الحكومة أيضا. وبينما في لبنان العالم غير مهتم حقا بما تفعله إسرائيل في جنوب الليطاني، في غزة يتابع كل العالم عن كثب كل هجوم وكل حركة.

 

 وما الذي يشغل بال الحكومة؟

وعليه، على إسرائيل أن ترد بشدة، لكن أن تفعل هذا بتنسيق مع البيت الأبيض كي لا تتلقى منه كبحا. يمكنها ان تدير الحدث كي تعيد الى الديار مخطوفين ضحايا آخرين. الطريق الى هناك تمر عبر ممارسة الضغط على حماس – العسكري والدبلوماسي على حد سواء مع الاستعانة بالوسطاء من قطر، تركيا ومصر. وقد أوضح هؤلاء في الأيام الأخيرة بانهم سيعملون على منع استئناف الحرب: ثمة في هذا ميزة لانهم سيحاولون لجم حماس لكن فيه أيضا نقيصة لان مشاركتهم المتزايدة و(الضارة) في الشرق الأوسط بعامة وفي غزة بخاصة.

ان قدرات حماس العسكرية، التي استخدمت امس، لا حاجة لان تكون مفاجأة. فالمنظمة وان كانت أصيبت بشدة عسكريا لكن لا يزال لديها الاف المخربين وغير قليل من السلاح. واستعدادها بالذات للمخاطرة في مرحلة مبكرة جدا ينبغي أن يقلق إسرائيل ويستوجب تسريع الإجراءات للدفع قدما بالمرحلة الثانية من الاتفاق – تلك التي تبعدها عن مراكز القوة في القطاع وتقيم فيه حكما آخر. لكل ذوي الشأن (باستثناء حماس) توجد مصلحة في أن يحصل هذا، وخير تفعل إسرائيل اذا ما ضربت هذا الحديد وهو حام، قبل ان ينتقل الاهتمام العالمي الى مواقع أخرى.

يخيل ان الحكومة مشغولة حاليا بشؤون أخرى. امس واصلت جهودها لتثبيت رواية جديدة لحرب 7 أكتوبر. يدور الحديث عن هجوم متداخل، مخطط وحزبي في جوهره، من استبدال اسم الحرب حتى الجهد لتشكيل لجنة تحقيق معينة. هذه خطوات مكشوفة ومتوقعة، هدفها النهائي هو ابعاد الحكومة – واساسا رئيسها – عن مسؤوليتهم عن القصور الأكبر في تاريخ الدولة – والذي وقع في ورديته.

هذا الجهد بدأ في السبت الأسود مع محاولة تغيير محاضر المحادثات والبروتوكولات في مكتب رئيس الوزراء وهو لم يتوقف منذئذ. الى الـ 2000 مغدور ومقتول في الحرب – اضيف اثنان امس – وهم يستحقون اكثر من هذا، وان كان لاجل منع تكرار المصيبة في المستقبل. مشكوك أن يأتي هذا ممن لم يسبق ابدا ان اخذوا على عاتقهم المسؤولية عن المصيبة ويريدون الان ان يعينوا المحققين فيها في محاولة لان يرتبوا لانفسهم تخفيضات في استنتاجات اللجنة.

 ------------------------------------------

 

هآرتس 20/10/2025

 

وادي في الضفة الذي فيه زراعة مميزة، يتم بتره لصالح طرق ومستوطنات

 

بقلم: تسفرير رينات

الاعمال التي نفذها الجيش الاسرائيلي في الاشهر الاخيرة لشق طريق في جبال يهودا، وراء الخط الاخضر، الحقت اضرار كبيرة بالمشهد الطبيعي الفريد لتراث زراعي في القرية الفلسطينية وادي فوكين، وكذلك لمناطق طبيعية ذات قيمة مشهدية وبيئية كبيرة في المنطقة. حسب ادعاء منظمات البيئة فان خطط بناء اخرى، التي تشمل شق شارع واقامة مستوطنة جديدة، ستفاقم اكثر هذه الاضرار.

الاعمال تنفذ قرب مستوطنة بيتار عيليت وتواصل جنوبا نحو الشارع المؤدي الى غوش عصيون، قرب وادي فوكين، الطريق التي تم شقها هي طريق واسعة بشكل خاص، وهي توجد قرب اراضي زراعية للقرية بدون ان تخترقها. ولكنها تسبب اضرار لمشهد التلال المحيطة بالوادي وجرف وادي عصيونة. قرب الطريق التي تم شقها ايضا سيقام جدار. هذه الاعمال خلفت اكوام كبيرة من التراب والصخور على الارض وهناك خوف من انه فيما بعد ستؤدي الى اغلاق مغارة تستخدم كاسطبل من قبل عائلة فلسطينية.

في موازاة عملية هيئة المياه الاقليمية “مياه شيمش” فان الاعمال لمد خط انابيب سيدفن في الارض على طول الطريق.

قرية وادي فوكين تقع في عمق وادي فيه تم تطوير خلال اجيال زراعة تقليدية ترتكز الى استخدام البرك التي تتدفق اليها مياه الينابيع. الحديث يدور عن مواقع هامة تشكل جزءا من التراث الثقافي في المنطقة. قرب القرية توجد بقايا انظمة لتجميع المياه ومدرجات للفلاحة وصوامع وصهاريج.

مؤسسات التخطيط التابعة للادارة المدنية دفعت قدما في السنة الماضية بخطتين تهددان بالمس بالمشهد الطبيعي ومنظومة المناخ للوادي ومحيطه. احداهما هي شق طريق مقابل الطريق التي تم شقها وفي موازاتها. ايضا هذه الخطة، الموجودة قبيل المصادقة النهائية عليها، ستشمل اعمال ترابية وتحجير واسعة. الخطة الثانية هي اقامة مستوطنة جديدة اكثر جنوبا قرب مستوطنة جفعوت، التي من شان الشارع الجديد ان يخلق الربط المواصلاتي معها. سواء الطريق التي يشقه الان الجيش او الشارع الجديد المقترح، سيشكلان حاجزا امام الممر المناخي الذي يمر في المنطقة.

في اطار اجراءات التخطيط قدمت شركة “ليشم شيفر لجودة البيئة” رأي معتمد لوزارة البناء والاسكان بشان التاثيرات البيئية للشارع الجديد. ضمن امور اخرى، جرى مسح للثديات وتبين ان الامر يتعلق بمنطقة فيها اكتظاظ مرتفع لظباء البلاد. وجاء ايضا ان الشارع سيضر بتواصل النمو الطبيعي وحركة الحيوانات في المنطقة، وانه من اجل تقليص تاثيرها ستكون حاجة الى اقامة ممرات للحيوانات.

مسح تاثير بيئي آخر اجري لصالح لجنة التخطيط في منطقة غوش عصيون كجزء من خطة اقامة المستوطنة الجديدة. المسح قرر ان المستوطنة ستقام في منطقة حساسة بيئيا بشكل كبير التي شوهدت فيها ايضا ظباء. ولكن لم يكتب فيه انه يجب تغيير مكان البناء. بدلا من ذلك المسح اكتفى بالتوصية بتقريب جدار المستوطنة من البيوت.

من المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي جاء بان الطريق تم شقها “لمنع انتقال غير مراقب لمخربين ومتسللين من منطقة يهودا والسامرة – هذه الحاجة برزت اكثر بعد احداث امنية وقعت في هذه المنطقة. مسارات الطريق خططت من اجل تحقيق الهدف الامني الى جانب تقليل الاضرار بالبيئة”. وجاء من الجيش ايضا بان “الاعمال صودق عليها من قبل الجهات ذات الصلة، وكجزء من ذلك تم وضع انبوب مياه الذي من شانه ان يخدم كل السكان في المنطقة”.

من لم يقبل تفسيرات الجيش هو درور ايتكس من جمعية “كيرم نبوت”، التي تعمل في متابعة سياسة الاراضي الاسرائيلية خلف الخط الاخضر. “بسبب ان جزء كبير من مسارات الشارع الجديد يتطابق مع مسارات الطريق التي شقها الجيش فانه من غير المعقول ان ما يعتبره الجيش كطريق لاغراض امنية سيصبح في المستقبل شارع مدني يخدم المستوطنين”، قال. “هذا لن يكون الشارع الاول أو الشارع الثاني الذي تم شقه بسبب الاحتياجات الامنية، التي تبين فيما بعد انها احتياجات للمستوطنين”.

“وادي فوكين ووادي عصيونة هما جزء من الممر البيئي القطري ويرتبطان بمحمية سانسن”، قال متان ناحوم، وهو مركز محمية شركة حماية الطبيعة في جبال القدس ويهودا والسامرة. “خطط شق الطرق وبناء المستوطنات الجديدة ستدمر كليا آخر منطقة بيئية كبيرة في غرب غوش عصيون وتلحق بها ضرر كبير”. وحسب قوله فان الحديث يدور عن منطقة تشكل مكان رعاية لظباء البلاد، التي هي أحد الانواع التي يحدق بها خطر الانقراض على مستوى العالم.

وقد انضم الى هذا الموقف نداف طل، مدير القسم العلمي في المنظمة البيئية “ايكوبيس”. “هذه المنطقة هي منطقة مع قيم بيئية عالية وكانت جديرة منذ زمن بأن يتم الاعلان عنها كمحمية طبيعية مثل محمية سانسن”، قال. “اذا كانت هذه هي النتيجة النهائية للمشروع الذي اجتاز حسب الجيش فحوصات الجهات المهنية فان الامر يتعلق بفشل ذريع لهذه الجهات المسؤولة عن حماية الطبيعة في اسرائيل”.

“من شركة مياه شيمش جاء الرد: “لا يوجد نظام صرف صحي منظم في قرية وادي فوكين. وقد تسببت مياه الصرف الصحي التي صرفت بشكل غير قانوني في المجرى بتلويث خطير للمياه الجوفية والمشهد الطبيعي. وسيوفر انشاء خط الصرف الصحي الحل لامتصاص مياه الصرف ونقلها الى نظام المعالجة الاقليمي. جميع الاعمال يتم تنفيذها وفقا لكل التصاريح اللازمة وبالتنسيق الكامل مع سلطة الطبيعة والحدائق والصندوق القومي اليهودي وهيئات البيئة الاخرى. الشركة تتخذ جميع التدابير اللازمة لتقليل الاضرار التي ستلحق بالمشهد الطبيعي، واعادة تاهيل المنطقة بعد انتهاء الاعمال بحسب تعليمات الجهات المهنية.

 ------------------------------------------

 

هآرتس 20/10/2025

 

في القريب سيتحول الوعد بـ “تدمير سلطة حماس”، الى “سنعانق سلطة حماس”

 

بقلم: آفي دبوش

قبل عقد تقريبا، في 26 آب 2014، انتهت عملية “الجرف الصامد” في قطاع غزة. في كيبوتس نيريم قتل زابك عصيون وشاحر ملماد، المسؤول عن الامن ونائبه، باصابة مباشرة لقذيفة هاون. غادي يركوني، الذي اصبح بعد ذلك رئيس المجلس الاقليمي اشكول، اصيب اصابة بالغة. وقف النار كان على اساس “الهدوء مقابل الهدوء”، لكن هذا شمل ايضا الموافقة على صيغة اتفاق تسوية شاملة خلال شهر.

نحن كاشخاص قادوا الحركة من اجل مستقبل النقب الغربي، كنا الوحيدين كما يبدو الذين تعاملوا مع ذلك بجدية. قبل يومين من نهاية الشهر اجرينا مسيرة مشاعل ومظاهرة كبيرة في الغلاف، في مفترق “الاقواس”، وطالبنا بالتوصل الى اتفاق يضمن سلامتنا لسنوات. شعار الحركة كان من الايام الاولى “الامن الحقيقي، تسوية سياسية”. وكان فيها آباء من سدروت ونتفوت واوفكيم وعسقلان، وآباء من كيبوتسات وموشافات قرب الحدود. من نافل القول انه لم يتم التوقيع على اتفاق كهذا. اسرائيل ايضا اختارت عدم المشاركة في مؤتمر الدول المشاركة في اعادة اعمار قطاع غزة. نحن في حينه قمنا بدعوة بنيامين نتنياهو الى الغلاف كي يشرح لنا استراتيجيته وكيف سيتم ضمان مستقبل اولادنا. مكتبه حتى لم يكلف نفسه عناء الرد.

لماذا كل ذلك له صلة بتشرين الاول 2025؟ لانه عندما يدور الحديث عن نفس نظام الحكم ونفس طريقة التفكير فان ما كان هو ما سيكون. في 2015 اوضح بتسلئيل سموتريتش، الذي اصبح بعد ذلك شريك كبير في حكومة نتنياهو، بان حماس هي “ذخر”. وفي 2016 بدأت سياسة نقل الاموال من قطر الى حماس. بعد سنة تم اغلاق وحدة “تسلسيل”، التي حاربت البنى التحتية المالية للارهاب، وبالاساس البنى التحتية المالية لحماس. على الفور بعد ذلك بدأت تنتقل حقائب الاموال الى حماس كل شهر.

الآن نحن في بداية تطبيق “مباديء ترامب” لليوم التالي للحرب. هذه الصفقة كانت موجودة على الطاولة قبل سنة ونصف. اساسها اعادة جميع المخطوفين مقابل انهاء الحرب. هذا التاخير كان قاتل لعدد من المخطوفين، بمن فيهم يغاف بوخشتاف ونداف بولفابل من كيبوتس نيريم اللذان قتلا في غزة. لقد كان هذا التاخير قاتل لمئات جنود الجيش الاسرائيلي والكثير من آلاف الاطفال والنساء والمدنيين في غزة. الآن تحت الضغط الامريكي والعربي الثقيل تم التوقيع على الاتفاق. المخطوفون الاحياء عادوا والبحث عن الشهداء من اجل اعادتهم يتقدم، حتى لو كان ليس بالوتيرة المطلوبة. المرحلة القادمة هي مرحلة حاسمة بالنسبة لنا. سكان الغلاف الذين عادوا في الاسابيع الاخيرة الى حدود القطاع. هو يشمل انسحاب الجيش الاسرائيلي واقامة حكومة جديدة في غزة وادخال قوة متعددة الجنسيات وجمع السلاح من حماس.

الشك الصحي لكل طفل نما في الغلاف ويعرف الواقع الصعب على جسده هو من مصلحة مشتركة لحكومة اليمين الكاملة وحماس: تخريب الاتفاق والعودة الى الوضع الراهن الذي يتمثل بوجود حماس وراء الحدود وحرب خالدة من جانبنا (على طريقة الجولات). توجد علامات على ذلك. حماس جندت آلاف المقاتلين الجددي وفرضت حكمها الارهابي في غزة. صرخات الاستغاثة من قبل اليمين تقريبا هي مضحكة. كما تقول الرواية القديمة المثيرة: “ماذا اعتقدتم ان يخرج من الصنبور، الكوكاكولا؟”. من قاموا ببناء قوة حماس وفشلوا في 7 اكتوبر، وبعد ذلك اعادوا حماس الى الحكم، يجب أن لا يندهشوا عندما تتصرف حماس مثل حماس القاتلة والمتعصبة.

في موازاة ذلك، خلافا له، وزير المالية والضم الذي اثنى يوم الاثنين على حلم ترامب للسلام، ومساء يوم الثلاثاء في سدروت دعا الى “الاستيطان في القطاع”. لا يجب الاستغراب من ان انتهاك حماس القادم سيزيد الاصوات داخل الحكومة التي تطالب باقامة بؤر استيطانية وكنس يهودية وانوية مدارس دينية في المناطق التي يسيطر فيها الجيش الاسرائيلي. لماذا نحتاج الى أمن سكان المنطقة المحاصرة ونحن ننفذ “الخطة الالهية” التي همست بها دانييلا فايس واوريت ستروك وسموتريتش والحاخامات في حالة تجلي مباشرة؟.

كل شيء يعود الى نفس النقطة. خلال سنوات قلنا وحذرنا: نحن درع الاستيطان في الضفة الغربية. من اجل عدم الوصول الى النقطة 19 في مباديء خطة ترامب (التي تخلق المسار لاتفاق شامل، وعلى الاقل التلميح بما هو على الطاولة، أي الدولة الفلسطينية)، سيُسرون في حكومة السيد أمن والسيد ضم من القفز على نقاط نزع السلاح واستبدال الحكم في غزة. واولادنا سيعودون للعيش على حدود معادية والى المزيد من الجولات والاخلاءات. مذبحة 7 اكتوبر ستكون نقطة البداية للاوهام العنيفة والمجنونة لحماس المتجددة في الطرف الآخر.

الامل الوحيد هو ان تقف الاغلبية الاسرائيلية النائمة الى جانبنا في هذه المرة، ليس بعد اختطافنا بل الآن. والتصميم على تشكيل لجنة تحقيق رسمية، وتغيير الحكومة، ودفع الائتلاف الجديد نحو رؤية لتسوية تستبدل رعاية حماس والحرب الخالدة.

-------------------------------------------

 

معاريف 20/10/2025

 

يتابعون رد إسرائيل على هجوم حماس لمعرفة حافة ضبط النفس للجيش الإسرائيلي

 

بقلم: افي اشكنازي

أمس في الساعة 10:20 سجل الاختبار الأول لليوم التالي لحرب السيوف الحديدية. هل يوجد للمستقبل انبعاث؟ هل لنتائج الحرب يوجد معنى على عموم الشرق الأوسط؟ لقد خسرت إسرائيل تصميم وجه المستقبل في غزة. حماس نفذت هجوما واسعا في رفح. خرقت وقف النار – وعملت بقوة كبيرة تتكون من ثلاث خلايا خرجت من فوهات انفاق في حي الجنينة في رفح، على مسافة غير بعيدة عن محور تانتشر في الجانب الشرقي من الخط الأصفر اطلقوا صواريخ مضادة للدروع ونفذوا نار قنص على آليات هندسية للجيش الإسرائيلي وعلى قوة راجلة من لواء الناحل. الثمن باهظ: مقتل اثنين واصابة ثلاثة احدهم بجراح خطيرة.

كل هذا حصل في يوم الاحد من هذا الأسبوع، فيما أنهم في واشنطن يوجدون في إجازة والجميع في الإدارة الامريكية كانوا لا يزالون نائمين. إسرائيل ردت على الفور بشكل موضعي كي توقف الهجوم وتضرب غلاف القوة المهاجمة. شيء ما بحجم 20 هدف لحماس. سلاح الجو عمل فقط وحصريا في مجال القتال، وليس وراءه، ولم يوسع مدى الرد الفوري. المستوى السياسي تلبث في اصدار الاذن بهجوم موسع، وفي ساعات المساء فقط – بعد نحو 11 ساعة من الهجوم، هاجم الجيش الإسرائيلي في غزة ردا على الحادثة. لكن هذا أيضا كان بشكل مقنون وبعد اخطار مسبق أصدره الجيش الإسرائيلي للسكان.

رب البيت لم يجن جنونه في غزة أمس، فقد كان مترددا بل وحتى مشوشا. الحقيقة – الخطأ لم يكن في اصدار الاذن، كان قبل نحو عشرة أيام، عندما وقع اتفاق وقف النار. فالمستوى السياسي لم يقر للجيش الاسرائيلي ولجهاز الامن خطة هجوم على أساس بنك اهداف لحماس في غزة، وفقا لسيناريوهات خرق الاتفاق من جانب حماس. بمعنى أنه لو كانت خطة كهذه، فانه في الساعة 10:20 من يوم امس ما كانت لتقلع طائرتان او ثلاث طائرات قتالية للهجوم في رفح بل مئة طائرة قتالية تلقي ضربة نار ثقيلة على غزة.

منذ وقع الاتفاق، في حماس غزة يحاولون تحدي وفحص الجيش الإسرائيلي. فهم يبعثون باطفال وفتيان الى الخط الأصفر ليروا كيف يرد الجيش الإسرائيلي. فهل ينفذ اطلاقا للنار؟ كما أنهم يبعثون بمخربين مسلحين كي يفحصوا مسارات تسلل ويقظة القوات. في الجيش الإسرائيلي يفهمون بان هذه الأيام ستقرر المستقبل، قواعد اللعب. فهل يسيرون نحو جولات من هجمات حرب العصابات من حماس ضد الجيش الإسرائيلي؟ ام نحو الردع الذي تفهم فيه حماس بان الجيش الإسرائيلي لم يأتِ ليلعب وهو مصمم على تغيير الواقع الأمني؟

بالتوازي مع الحدث في رفح، بدأ الجيش أمس المناورة العسكرية الأكبر منذ 7 أكتوبر. وهذه مناورة لفرقة 91 تستغرق خمسة أيام وتستهدف فحص قدرات الجيش في معركة دفاع وهجوم. تجري المناورة على خلفية فترة متوترة في حدود الشمال، يحاول فيها حزب الله إعادة بناء قوته وإسرائيل تمنعه من ذلك ضمن أمور أخرى بهجمات على أساس يومي.

منذ وقف النار في الشمال، صفت إسرائيل أكثر من 200 مخرب من حزب الله – ولم تقل بعد الكلمة الأخيرة. امس في لبنان تابعوا ما يجري في غزة. ارادوا أن يفهموا ما هي حافة ضبط النفس والى أي حد يقرر الامريكيون هنا قواعد اللعب. الحدث أمس في القطاع كان صعبا وأليما، لكنه كان يفترض أن يرسم المستقبل – وليس فقط في رفح وغزة بل في كل المنطقة.

 ------------------------------------------

 

هآرتس 20/10/2025

 

المطرقة الامريكية والسندان الائتلافي

 

بقلم: يونتان ليس

حكومة نتنياهو اعترفت أمس بصورة ضمنية بأنها توجد بين المطرقة والسندان: هي لا تستطيع ضبط نفسها على قتل الجنديين ينيف كولا وايتي يعبتس. ولكن بضغط امريكي ايضا لم ترغب في الاضرار بالمناخ الهش الذي استهدف السماح باستمرار الدفع قدما بخطة ترامب. في سعيه الى السير على هذا الحبل الدقيق فان المستوى السياسي بلور عدة اهداف استهدفت نقل رسالة تهديد لحماس وللمنظمات الاخرى في القطاع بدون تصعيد التوتر: مهاجمة نفق واسع الذي كان المخطوفون الاسرائيليون حتى فترة متأخرة مسجونين فيه، واطلاق النار على فلسطينيين مسلحين وتلميحات، التي حتى الآن من غير الواضح اذا كانت قد طبقت فعليا، بشأن وقف ادخال المساعدات الانسانية الى القطاع.

عدد من الوزراء، بشكل غير مفاجيء، حثوا بنيامين نتنياهو طوال اليوم على العمل بصورة اكثر شدة وتحطيم الادوات: الوزير بتسلئيل سموتريتش غرد: “الحرب!”؛ الوزير ايتمار بن غفير طلب من رئيس الحكومة “اصدار اوامر بشان استئناف كامل للقتال في القطاع بكل القوة”؛ في حين ان الوزيرة اوريت ستروك اوضحت بان هجوم حماس “ليس خرق للاتفاق، ولا حتى خرق كبير، بل هذا اعلان بالافعال وبصورة واضحة جدا بانه لا يوجد اتفاق”.

الى جانب تعهد نتنياهو العلني بتطبيق خطة ترامب، كان لاسرائيل في هذه المرة اعتبارات اخرى للامتناع عن تصعيد آخر: الخوف من تشويش عملية اعادة جثث المخطوفين، التي تجري بالقطارة وبصعوبة كبيرة منذ الاسبوع الماضي؛ تصريحات حماس بانه لا يوجد لها أي دور في الهجوم على الجنود في رفح وادعاءها بخروقات اسرائيلية متكررة للاتفاق؛ ايضا الزيارة المتوقعة لنائب الرئيس الامريكي غاي دي فانس الى اسرائيل في هذا الاسبوع، ورغبة اسرائيل في عدم احراج الضيف الذي ياتي من اجل التاكد من ان المراحل التالية في الخطة الامريكية ستنفذ.

نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس قررا عدم تاييد طلب الوزراء تحطيم الادوات، ضمن امور اخرى، من اجل عدم فتح جبهة مع الادارة الامريكية والدول الاوروبية ودول المنطقة. نتنياهو لم يكشف هذا التعقيد الموجود فيه المستوى السياسي عندما اعلن في البيان المقتضب في الظهيرة انه اصدر تعليمات لجهاز الامن من اجل “العمل بقوة ضد الاهداف الارهابية في قطاع غزة”. الوزير كاتس اشار فيما بعد الى ان اسرائيل ما زالت تفحص خطواتها. “اذا لم يتم فهم الرسالة فان قوة الردود ستتزايد”، اضاف وزير الدفاع.

في حماس المحوا طوال اليوم انهم ينوون بالتحديد مواصلة الدفع قدما بالاتفاق وسارعوا الى القول بانهم وجدوا جثة مخطوف آخر وانهم سيعيدونها في الليل “اذا سمحت الظروف الميدانية بذلك”. في المقابل، المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي باللغة العربية نشر في الظهيرة “تحذير مستعجل” ودعا الجمهور في غزة الى عدم التواجد في المناطق التي تقع بين الخط الاصفر الذي يسيطر عليه الجيش الاسرائيلي في المنطقة التي تعتبر حتى الآن منطقة قتال. اذا كان الجيش الاسرائيلي قد اكتفى في السنوات التي سبقت الحرب احيانا بمهاجمة مناطق رملية مفتوحة فان التقارير الاخيرة من غزة اظهرت انه رغم كل ذلك، فان العضلة الاسرائيلية كانت هذه المرة هجومية عنيفة بدرجة اكبر.

------------------------------------------

 

هآرتس 20/10/2025

 

مع تعمّد إذلال رموز القضاء.. لهرتسوغ: عن أي ديمقراطية تتحدث وأنت تدوسها بقدميك؟

 

بقلم: أسرة التحرير

تُفتتح اليوم الدورة الشتوية للكنيست، المتوقع أن تشهد ترويجًا لتشريعاتٍ تُواصل الانقلاب. ووفقًا لقواعد الحفل، ربما يكون رئيس المحكمة العليا من بين المدعوين، إلا أن الدعوة المُرسلة إلى مكتب القاضي إسحق عميت تُخالف جميع الإجراءات الرسمية المُتعارف عليها: إذ لم تتضمن اسمه أو لقبه أو أي إشارة إلى كونه رئيسًا للسلطة القضائية.

هذه محاولة مُتعمدة لطمس مكانة رئيس المحكمة العليا. والأمر الخطير هو أن رئيس السلطة التشريعية، رئيس الكنيست، أمير أوحنا، يتصدر الهجوم على رئيس السلطة القضائية. وأوضح أوحنا، نيابةً عن رئيس الوزراء نتنياهو، رئيس السلطة التنفيذية، أن المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا لن تُدعى هذه المرة أيضاً، كحال المرات السابقة، وأن عميت لن يُدعى إلا بصفته “قاضيًا أعلى”، وليس رئيسًا للمحكمة العليا. رغم أن هذا الإجراء يُعدّ هجوميًا في حرب السلطات، إلا أن رئيس الدولة إسحق هرتسوغ، يعتزم المشاركة في المراسم، وقد يجلس، كعادته، بجانب رئيس الكنيست ومقابل رئيس الوزراء. وكأن شيئًا لم يكن.

ليست هذه هي المرة الأولى التي يتجاهل فيها الكنيست رئيس السلطة القضائية. عميت والمستشارة لم يُدعوا إلى الجلسة العامة خلال زيارة الرئيس الأمريكي ترامب. حتى في ذلك الوقت، فضّل هرتسوغ المشاركة في المراسم والاحتجاج فقط بلغة ضعيفة، واصفًا الحدث بأنه “غير لائق”. كلماته هذه، مثل مشاركته، عبّرت عن ضعف وموافقة ضمنية على إذلال رموز سيادة القانون.

ردّ أوحنا، ووزير العدل ياريف ليفين، وشلومو كيري على الرئيس بوقاحة، مُصوّرين المحكمة العليا كسلطة غير شرعية. وصرّح ليفين علنًا بأن تعيين عميت رئيسًا كان “غير قانوني”، لذا فهو تعيين “باطل”. هذا ليس نزاعًا على تفسير قانوني، بل تقويض صريح لمبدأ سيادة القانون ذاته.

بوقوفه إلى جانب الكنيست والحكومة في مثل هذا الحدث، أصبح هرتسوغ عنصرًا فاعلًا في الهجوم على القضاء. منذ حوالي ثلاث سنوات، يُصرّ على الحديث عن “ديمقراطية نابضة بالحياة”، بينما تُداس الديمقراطية. يتمسّك هرتسوغ بوهم التوازن، كما لو كان من الممكن الجمع بين حكومة تُفكّك مؤسسات الدولة وجمهور يحاول حمايتها. من واجب هرتسوغ أن يكون واضحًا: إذا حضر الحفل الذي تُقصي فيه السلطة التشريعية السلطة القضائية عن ركب الدولة وتُذلّها، فسيكون شريكًا في العملية. عليه أن يُعلن عدم حضوره، ما لم يُصحّح هذا الإذلال. أما إذا غاب، فسيُثبت أنه ليس رمزًا لحكومة جوفاء، بل مدافع حقيقي عن الديمقراطية. إذا حضر وأضفى الشرعية على الموقف، فسيُذكر كرئيسٍ أدى بصمته إلى إقرار الإلغاء لمبدأ فصل السلطات.

------------------------------------------

 

يديعوت 20/10/2025

 

دروس من الحرب يجب تطبيقها فوراً

 

بقلم: إيتان بن إلياهو

بعد عامين من القتال المكثف على جبهات عديدة، وقبل أن تُستكمل تحقيقات الجيش، وقبل أن يُنشر تقرير مراقب الدولة، بل قبل اتخاذ قرار بشأن تشكيل لجنة تحقيق رسمية، من المهم، منذ الآن، استخلاص عدد من الاستنتاجات وتطبيق الدروس فوراً.

حددت العقيدة الأمنية لإسرائيل فترة الإنذار من 5 إلى 6 أيام، وهي بحد ذاتها تُعد الأقصر، مقارنةً بما هو متّبع في دول العالم، غير أن هذه المدة لم تعد صالحة. علينا أن نكون مستعدين في غضون بضع ساعات فقط، وليس بالضرورة لردّ شامل على سيناريو حرب كاملة، بل على الأقل، للتمكن من صدّ هجوم مباغت.

إن المفاجآت من النوع الذي حدث في تشرين الأول 1973 وتلك التي حدثت في تشرين الأول 2023، تنبع من عقول الفاعلين، وبطبيعتها، تتوسع لتتحول إلى خطأ جماعي يزحف، بمرور الزمن، ليصبح "تصوراً". وهذه هشاشة بشرية، لذا، يجب أن يرتكز بناء قوتنا العسكرية واستعداد القوات بشكل مستمر على الافتراض أن خطأً من هذا النوع سيقع مرةً أُخرى في وقت ما. على إسرائيل أن تكون مستعدة على طول حدودها، بوسائل وبأفراد قادرين على صدّ هجوم مفاجئ.

منذ الأيام الأولى لقيام دولة إسرائيل، أدرك رئيس الحكومة، دافيد بن غوريون، أنه بسبب الظروف الجيوسياسية لإسرائيل، يعتمد أمنها، بل وجودها، على الاتكال على قوة عظمى صديقة. واستمر هذا المبدأ طوال أعوام وحتى اليوم، غير أن الحدث الأخير يعلّمنا أن الدعم من قوة عظمى لم يعد كافياً، بل إن الشرط، من الآن فصاعداً، في حال اندلاع حرب، هو التعاون السياسي والعسكري معاً، من دون أي نقصان.

يجب أن تبقى سياسة الصناعة الأمنية، التي أثبتت نجاحها، مثلما هي عليه: أي أن يوجَّه الجهد الأساسي نحو تطوير تكنولوجيات حديثة وتكييفها وفق الحاجات في ميدان المعركة المتغير، وليس السعي نحو استقلال إسبارطي. ستكون الحروب أطول من الماضي، وستتعدد الجبهات، وستأتي الأخطار من كل اتجاه، ومن كل مدى.

لذلك، لا توجد فرصة للسعي نحو الاكتفاء الذاتي في مخزون السلاح، بل يجب بناؤه كجزء من تعاون دولي، وفي المقام الأول مع الولايات المتحدة التي ترى في إسرائيل، اليوم، قاعدة أمامية لمصالحها السياسية والأمنية في المنطقة، وكذلك مع دول صديقة أُخرى. في هذا السياق، يجب الحذر من الاندفاع نحو ميزانية الدفاع بلا حدود، ومن دون تروٍّ وضبط وعقلانية، فهكذا أخطأنا بعد حرب يوم الغفران، وكانت النتيجة عشرة أعوام من أزمة عميقة في الاقتصاد الإسرائيلي: العقد المفقود.

وأخيراً، اتسع الحقل - أي الساحة ذات الصلة ضد إسرائيل - إلى مسافات تمتد آلاف الكيلومترات، ونحن مُلزمون بشأن المراقبة والتتبع والاتصال ونقل بيانات متواصل ومحمي. لذلك، يجب على إسرائيل زيادة وجودها في الفضاء الخارجي وتكثيفه.

أمامنا وقت طويل للتعمق وتحليل الحاجات، إلى جانب اتخاذ قرارات بشأن أولويات محددة، ومع ذلك، فإن ما سُرد أعلاه هو عبارة عن دروس أولية يجب البدء بتنفيذها، من دون انتظار التحقيقات والفحوصات الأُخرى.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here