الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 1/12/2025 العدد 1474
|
الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس/ ذي ماركر 1/12/2025
نتنياهو يزيد ميزانية الدفاع، والخدمات الاجتماعية ستختنق
بقلم: ناتي توكر
قبل أربعة أيام من النقاش الحاسم في الحكومة حول المصادقة على ميزانية الدولة للعام 2026، فانه لا يوجد في وزارة المالية حتى مسودة أولية للميزانية – أي ماذا سيكون اطار النفقات وما هو حجم الأموال التي ستكون لكل وزارة. السبب هو انه حتى الآن لم يتم التوصل الى اتفاق مع جهاز الامن بخصوص الميزانية. نقاش مهني في هذا الموضوع بمشاركة المستوى السياسي تم عقده أمس.
بسبب حجم ميزانية الدفاع في 2026 وتاثيرها على النفقات العامة، فانه في هذه المرحلة لا يوجد حتى الآن اتفاق على الميزانيات أيضا مع كل الوزارات الحكومية. وزارة المالية لا يمكنها التوصل الى تفاهم على الانفاق مع كل الوزارات طالما انه غير واضح حجم النفقات الأمنية.
في وزارة المالية كانوا ينوون تخصيص ميزانية للنفقات الأمنية تبلغ 95 مليار شيكل في 2025، وقالوا ان هذا المبلغ مبني على اتفاق مع وزارة الدفاع. ولكن الطرفين تركا المسألة مفتوحة: زيادة الانفاق على تعزيز الامن الجاري وزيادة الانفاق على التعزيزات المستقبلية.
في جهاز الامن طرحوا طلب زيادة ميزانية ضخمة، بحيث ان ميزانية الدفاع ستبلغ 144 مليار شيكل. في وزارة المالية رفضوا هذا الطلب بشدة، وطلبوا زيادة نجاعة اكبر في جهاز الامن.
في الجلسة في الأسبوع التي عقدت مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اعلن نتنياهو انه اتفق مع جهاز الامن على زيادة تبلغ 350 مليار شيكل خلال عشر سنوات. هذا الاتفاق تم بدون مشاركة سموتريتش، وبدون توصية من المستوى المهني – أيضا بدون تبني رسمي لتوصية لجنة ميغل، التي اوصت بزيادة تبلغ 130 مليار شيكل خلال عشر سنوات.
عصا في الدواليب
خلافا للطريقة التي عرض فيها، فان قرار نتنياهو لا يتعلق على الاطلاق بميزانية 2026 القادمة، بل هو يتعلق بزيادة النفقات في العشر سنوات التي ستبدأ في 2027 وتنتهي في 2036.
هذا يعني ان نتنياهو، الذي يتوقع ترشحه لاعادة انتخابه في هذه السنة، يرسخ فعليا النفقات الأمنية العالية للحكومة القادمة والتي ستاتي بعدها. وليس صدفة أن تعتبر وزارة المالية هذه الخطوة “قنبلة موقوتة” تزرعها الحكومة الحالية للحكومة القادمة.
هناك عدم وضوح بخصوص كم من هذا المبلغ هو زيادة وكم سياتي من مصادر مستقلة لجهاز الامن. حسب التقديرات من المفروض ان تاتي 50 مليار شيكل من مصادر داخلية لجهاز الامن، و50 مليار شيكل هي نفقات مرهونة بايرادات النظام، مثل بيع المعدات الدفاعية. في الواقع يبلغ الانفاق الإضافي حوالي 250 مليار شيكل.
حتى لو كانت الزيادة للامن للعام 2026 وحده معتدلة، فان التزامات مستقبلية كهذه لجهاز الامن يجب ان يتم التعبير عنها في السياسة المالية الرسمية لوزارة المالية. نتيجة لذلك فان وثيقة خطة الميزانية متعددة السنوات التي تقدمها الحكومة كل ستة اشهر، أو في كل عرض للميزانية، يجب ان تشمل هذا الالتزام.
التقديرات هي ان هذه الخطوة ستؤدي الى زيادة العجز بـ 1 في المئة من الإنتاج في كل سنة من العشر سنوات القادمة. في هذا الوضع إسرائيل لن تستطيع خفض مستوى الدين مقارنة بالإنتاج، الذي قفز الى 70 في المئة من الإنتاج خلال 2025 بعد ان بلغ 59 في المئة في 2022. ان عجز مرتفع من شانه ان يضر بثقة الأسواق بالسياسة المالية لإسرائيل – وابعاد اكثر رفع تصنيفها الائتماني.
اذا كانت الحكومة ترى أهمية في تقليص الانفاق على الامن، لكانت عملت طبقا لتوصيات المستويات المهنية، تقليص الانفاق على جنود الاحتياط عن طريق زيادة قاعدة الذين يخدمون في الجيش النظامي – أي تمرير قانون تجنيد مع تغييرات بحيث يمكن من زيادة حادة لمن يخدمون من قطاع الحريديين. عمليا، هي تفعل العكس تماما.
اليوم ستبدأ النقاشات في الكنيست حول قانون التهرب، الذي سيعفي بدون عقوبة عشرات آلاف الشباب الحريديين من الخدمة في الجيش. في موازاة ذلك الحكومة صادقت امس على اقتراح سيمكنها من مواصلة توسيع نطاق تجنيد جنود الاحتياط حتى 280 ألف. ان تكلفة كل جندي احتياط هي حوالي 48 ألف شيكل في الشهر، حسب وزارة المالية.
خدمات اقل للمواطن
“القنبلة الموقوتة” التي يعدها نتنياهو للحكومات القادمة ستجبرنا على القيام بخطوة هامة من اجل تقليل العلاقة بين الدين والإنتاج. التقدير هو انه في نهاية المطاف سيتم اتخاذ قرار بشان ميزانية الدفاع في 2026، وستصل الى 120 مليار شيكل صافي، وستضاف اليها المساعدات الامريكية التي ستزيد النفقات الى 144 مليار شيكل. في وزارة المالية ياملون بانه حتى في مثل هذا السيناريو سيكون بالإمكان الوصول الى اقل من 4 في المئة عجز في العام 2026.
هناك طريقتان لمواجهة الزيادة المستقبلية في النفقات الأمنية، التي ستبدأ في 2027. الاحتمالية الأولى هي زيادة المداخيل، مثلا بواسطة طرح خطوات لزيادة الضرائب (أو الامتناع عن تسهيلات في الضريبة وإلغاء تخفيضات مختلفة). الاحتمالية الثانية هي تقليص كبير في النفقات التي لا تتعلق بالامن، بحيث ان اجمالي الانفاق في الميزانية لا يرتفع بشكل حاد.
حسب تقدير وزارة المالية فانه لن يكون بالإمكان مواجهة زيادة الانفاق المستقبلي بواسطة زيادة مداخيل الدولة من الضرائب. خطوات التكيف القاسية التي أجريت في 2025 نجحت في الواقع اكثر مما هو متوقع، وتوقع المداخيل ازداد بـ 30 مليار شيكل – لكن سيكون من الصعب تنفيذ خطوات أخرى كهذه، وبالتاكيد في الأوقات العادية، الامر الذي يمكن أيضا ان يضر بالاستهلاك وبنمو الاقتصاد.
المخرج الوحيد الذي سيكون متاح كما يبدو لمواجهة قرارات نتنياهو هو تقليص حاد للانفاق المدني في العام 2027. الانفاق الاسمي لوزارات مثل وزارة المواصلات ووزارة التعليم في الواقع لن يقل، لكنه سيزداد بشكل معتدل فقط مقارنة مع زيادة عدد السكان، بدون إضافة تمكن من زيادة الخدمات المدنية.
في نقاشات داخلية في الحكومة الرسالة كانت “لن يكون مناص من تقليص الوزارات الحكومية وخنق الانفاق المدني”. في هذا السيناريو سينخفض مستوى الخدمات للمواطنين مقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي – ستنخفض الاستثمارات الحكومية وسيقل تعبيد الشوارع وستضاف خدمات اقل لجهاز الصحة.
-------------------------------------------
هآرتس 1/12/2025
احتمال ان يرفض هرتسوغ طلب العفو الذي قدمه نتنياهو
بقلم: رفيت هيخت
طلب العفو الذي قدمه رئيس الحكومة يحوي كل ما نحتاج الى معرفته عن نظام تشغيل بنيامين نتنياهو – قدر كبير جدا من الوقاحة، لعب دور الضحية، السخرية، عدم تحمل المسؤولية، السلطة، التي لم تتجرأ أي شخصية عامة في إسرائيل على اظهارها. من غير المعقول انه بعد سنتين على اكبر كارثة نزلت على الشعب اليهودي منذ المحرقة، فان الامر لا يقتصر على ان لا يجلس رئيس الحكومة في منزله للحداد وهو يغطي رأسه، بل هو يتجرأ على طلب الغاء محاكمته في سابقة لم نعرف مثلها.
“منح العفو سيسمح لرئيس الحكومة بالعمل على رأب الصدع داخل الشعب، وحتى التعامل مع قضايا إضافية مثل جهاز القضاء والاعلام. قضايا محظور عليه حاليا الانشغال بها بسبب المحاكمة التي تجري في قضيته”، مثلما جاء في الطلب. ما الذي يقوله هذا الطلب بالتحديد؟ ان من احدث الشرخ الكبير، وجر إسرائيل الى حرب أهلية تدمرها من الداخل، يطلب اعفاءه من المحاكمة، مستفز بذلك المعسكر الديمقراطي الذي يرى فيما تبقى من سيادة القانون شريان الحياة الأخير في بحر الجريمة. وماذا يقال أيضا؟ شيء يمكن تفسيره بانه تلميح ماكر وفاسد. اذا عاملني الرئيس بطريقة لم يعامل بها أي متهم آخر في إسرائيل فربما سأتفضل بوقف حملة تدمير جهاز القضاء وجهاز الاعلام، اللذان تركتهما لزعران مثل ياريف لفين وشلومو قرعي.
طلب العفو ليس أمر مزعج فقط، بل هو مضحك أيضا. “رئيس الحكومة كان وما زال يعتقد ان مصلحته الشخصية هي استكمال المحاكمة حتى النهاية، وهو على ثقة بانها ستنتهي بتبرئته بشكل كامل. مع ذلك، رئيس الحكومة مستعد، حتى في هذه الحالة، لتغليب المصلحة العامة على مصلحته الشخصية”. ولكن الابتسام يتلاشى كليا عندما ينتقل نتنياهو للتحدث عن الشؤون الوطنية. فهو يشيد بنفسه وينسب لنفسه الفضل في المس بالمحور الشيعي، واغتيال إسماعيل هنية ومحمد ضيف ويحيى السنوار، بدون ان يذكر احداث 7 أكتوبر وضحاياه، التي أدت الى كل ذلك. بالنسبة لنتنياهو فان اعظم واشد وافظع فشل لزعيم إسرائيلي على الاطلاق، الذي حدث في عهده، لا صلة له به على الاطلاق.
من الطريف ان الرئيس اسحق هرتسوغ قرأ الطلب بعد عدد كبير من الصحافيين أو المتصفحين لمواقع الاخبار. هرتسوغ، الذي كان يتوقع طلب العفو بعد رسالة التهديد من قبل الرئيس الأمريكي، كان اسير الاحتفالات طوال اليوم، لكن البشرى الصعبة لحقت به في نهاية المطاف. ليس سرا انه معني بتسوية تنهي محاكمة رئيس الحكومة مقابل اعتزاله للحياة السياسية، لكن نتنياهو لا ينوي المشاركة في هذه المعادلة. وهذا لا يعني أيضا ان المتهم لا يتردد في ذكر أهدافه التي يطمح الى تحقيقها كرئيس للوزراء كسبب لاعفائه من المحاكمة.
في محيط الرئيس يعولون على الوقت الطويل الذي تعطيه الإجراءات – نقل العفو الى وزارة العدل، الحصول على رأي الوزير المعني (الكهاني عميحاي الياهو الذي حل محل ياريف لفين الذي كان الشاهد في الملف 2000) – من اجل كسب الوقت قبل الرد. ولكن يجب عدم إطالة هرتسوغ لما يجب انهاءه الآن. في طلب العفو لا يوجد أي شيء، حتى لو ضئيل، يمكن للرئيس ان يتمسك به ويعتمد عليه. اذا لم تكن صياغة الطلب مفتوحة للتفاوض، هذه هي الحال كما يبدو، فانه يمكن الافتراض بان هرتسوغ سيرفضه. والا فانه سيكون ابن الرئيس السابق وحفيد الحاخام الأكبر السابق في إسرائيل، الذي سيوقع على شهادة وفاة الديمقراطية في إسرائيل.
لا يتعاونون
هناك قاعدة عامة يعرفها كل حريدي، واذا كان يعرفها فهو أيضا يعلنها جهارا: أي قانون يجند حتى حريدي واحد رغم انفه، هو قانون لا يُسمح لأي سياسي حريدي باقراره. الخلاف الوحيد بين الحريديين الذين يعارضون قانون الاعفاء الذي صاغه بوعز بسموت وبين شاس والليطائيين المؤيدين له هو شيء شكلي. اسحق غولدكنوفف من حسيدية غور هو الأكثر تشددا في هذا الشأن، حيث انه لا يوافق على “التماشي مع الصورة الكاذبة التي تتحدث عن أي حصة تجنيد وإمكانية فرض عقوبة، بينما الباقين مستعدين للتعاون مع هذا التحايل، طالما استمر اعفاء ناخبيهم من التجنيد الفعلي”.
الاختبار الحقيقي موضوع امام رجال الصهيونية الدينية، الذين منذ اندلاع الحرب تشددوا في مواقفهم إزاء تهرب الحريديين. ممثلوهم في الحكومة – في الليكود وفي القائمة التي تسمى على اسم هذا القطاع – سيضطرون الى تقرير ما هو الأكثر أهمية بالنسبة اليهم: مباديء المجتمع الذي يمثلونه أو ملذات السلطة. إزاء التجربة البائسة لرجال مثل يولي ادلشتاين، فان الجواب كما يبدو لن يفاجيء أحد.
------------------------------------------
هآرتس 1/12/2025
هرتسوغ لا يملك صلاحية هذا العفو
بقلم: مردخاي كرمنتسر
طلب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من رئيس الدولة اسحق هرتسوغ منحه العفو يغير أنظمة العالم في كل ما يتعلق بصلاحيات الرئيس. حسب القانون رئيس الدولة لديه الصلاحية للعفو عن مجرمين وتخفيف عقوبتهم من خلال تخفيفها أو تغييرها. ولكن رئيس الحكومة يصمم على الادعاء بانه بريء من كل تهمة، أي أنه غير مذنب. لم يتم إعطاء الرئيس صلاحية العفو عمن لم يخطيء أبدا. العفو في ظل غياب أي تهمة أو جريمة هو مفارقة. اذا لم نكن نعيش في واقع تشويش معياري شديد وانعكاس الاحداث لكان يمكن ان ينتهي المقال هنا.
يصعب تصديق ما تراه العين في طلب العفو. لقد عودنا نتنياهو على عدم الصلة بين أقواله وبين الواقع والمنطق البسيط، لكن هذه الوثيقة التي يبدو فيها وكأنه يطلب العفو، تحطم حتى ارقامه القياسية السابقة. الحقيقة يجب ان تقال: من البداية وحتى الآن، لا يوجد مجال للخوض في جوهر الطلب. مطلوب رفضه بشكل مطلق، لانه ليس طلب من شخص يعترف بارتكاب جريمة، ولان صلاحية العفو غير مقصود بها ان تكون البديل عن عملية قضائية جارية أو عائق امامها.
في مستهل الطلب يتم ذكر الطالب الرئيسي – الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – حيث ان نتنياهو فقط ينضم الى طلبه. وخلافا لرفض رئيس الحكومة، فان طلب ترامب من هرتسوغ كان من تدبير نتنياهو نفسه، وهذا ما اشارت اليه بصراحة اقوال الرئيس الأمريكي وطلب نتنياهو. رئيس الحكومة، الذي هو رئيس السلطة التنفيذية في إسرائيل، يسعى بشكل مخجل الى تقويض سيادة إسرائيل واستقلالية سلطات انفاذ القانون فيها بدعوة دولة اجنبية للتدخل في إجراءات داخلية، وبهذا فهو يلوثها بشكل لا يمكن إصلاحه. فهل سيتمكن الرئيس هرتسوغ من تجاهل مناشدة الرئيس الأمريكي كليا وكأنها لم تكن، مثلما يجب عليه ان يفعل اذا واجهته مشكلة؟.
يصعب تخيل تقويض اكثر عمقا واخطر لسيادة القانون من وجود سلطة أخرى قادرة على احباط عملية قضائية جارية بمجرد إشارة، خصوصا عندما يتعلق الامر بسلطة سياسية وغير مهنية، التي اعتباراتها ليست فقط اعتبارات قانونية، ولا تخضع لانتقاد حقيقي. ما يفيد نتنياهو يفيد بالتأكيد الوزراء والمتهمين الاخرين في محاكمته، واذا تم تخويل الرئيس بمنح العفو من المسؤولية القانونية مثلما كانت الحال مع رجال الدين في حينه، فان محاربة الفساد الحكومي يمكن دفنها مع سيادة القانون. كان بإمكان الرئيس هرتسوغ، بل كان يجب عليه، ان يقدم معروف لنفسه، وسيكون هذا مفيد لنا جميعا، وأن يوضح مسبقا حدود سلطته. هذا بدلا من فتح الباب امام مناقشة طلب شخص بريء للعفو، الذي لا يعرف كيف سينجو منه.
المصدر التاريخي لمؤسسة العفو هو سلطة الملك، الحاكم القادر على كل شيء والذي كان أيضا رئيس السلطة القضائية، والذي لم تكن أي حدود لصلاحياته. وبالتاكيد يجب رفض هذا الرأي بشكل قاطع في إسرائيل القرن الواحد والعشرين، الذي بحسبه رئيس الدولة هو البديل لملك إنجلترا؛ إضافة الى ذلك فانه يتناقض مع صياغة قانون الأساس: رئيس الدولة. ان معنى العفو الفردي في دولة يحكمها القانون ينحصر في التعبير عن التغيرات التي تطرأ بعد الحكم على المجرم ومبررات التساهل. لا يوجد أي تشابه بين هذه السلطة وسلطة سحب البساط من تحت اقدام المحكمة التي تنظر في الاتهامات الموجهة للفرد. حتى توقيع وزير العدل، المطلوب لمنح العفو، يمكن أحيانا ان يمنع إجراءات عفو فاضحة. ولكن هذه ليست الحال عندما يكون يشغل الوزير ياريف لفين هذا المنصب.
لا توجد أي فائدة لنا في قضيتنا من العفو غير المالوف الذي اعطي لمسؤولي الشباك في قضية الخط 300. فمن تم العفو عنهم هناك لم يدعوا البراءة التامة؛ العفو اعطي قبل البدء في الإجراءات القانونية، بل وتم الحصول عليه عن طريق الابتزاز – التهديد بكشف جرائم مشابهة. وقد تعرض قرار حكم اغلبية الهيئة القضائية التي قررت عدم التدخل في قرار الرئيس، لانتقاد شديد.
نتنياهو لا يتراجع عن الاتهامات الخطيرة التي وجهها لجهاز انفاذ القانون، تلفيق قضايا ضده بهدف الإطاحة به. وأوضح في رسالته انه كان يكرر هذه الاقوال بلهجة لطيفة وناعمة. ان المصالحة التي يسعى اليها مبنية على ابطال التهم تماما، فهو بريء تماما، وقد تصرف الجهاز ضده بطريقة إجرامية. فهل يمكن أن يبعث نظام كهذا من جديد؟ من الواضح انه فور صدور العفو عنه سيعمل شركاءه الذين لا تربطهم به أي رابطة بالطبع، على اجبار جهاز انفاذ القانون على دفع ثمن ما كان من المفروض ان يفعله، ولن يكون هناك أي غفران عن ذلك.
طلب العفو يكشف رؤية المسؤولية لدى رئيس الحكومة. يتبين انه يوجد لنتنياهو رأي جيد جدا، موضوعي وخالي من التحيز بشأنه هو نفسه. انه مسؤول بشكل كامل عن الإنجازات التي يدعيها بالتفصيل والاطالة. من جهة أخرى، مثل المغناطيس المعكوس، يرفض نتنياهو تماما تحمل المسؤولية عن أي تقصير، أو أي شيء سلبي أو غير مرغوب فيه. ان تدهور العلاقة بين السلطات حسب رأيه هو شر دنيوي وليس من صنعه. ولا علاقة لتراجع ثقة الجمهور بجهاز انفاذ القانون بالتشهير به، مع أنه هو الذي قاده؛ ان الانقسام بين الناس هو من صنع الاخرين، وهو من اعظم مثيري الانقسام، ولا دور له فيه، كما ان طول الإجراءات في قضيته لا علاقة له به، مع انه يعارض أي جهد لتسريع المحاكمة.
أيضا طلب العفو لم يأت من اجل مصلحة شخصية له، لا سمح الله، الدافع له هو مواصلة المحاكمة الى ان تظهر براءته على الملأ. ولكن نتنياهو مستعد للتضحية بمصلحته الشخصية من اجل المصلحة العامة. حتى عندما يطلب العفو فهو ليس الا ضحية على مذبح الأمة، التي فقط من اجلها هو يعمل، وحتى ضد نفسه.
نتنياهو يحكم قبضته على رقاب مواطني إسرائيل، وهذا ابتزاز. لديه القدرة على تحويلنا الى مجتمع موحد ومتصالح وايصال إسرائيل الى بر الأمان السياسي والاقتصادي، شريطة ان يتم سحب سيف العدالة عن رقبته، وان يتلاشى رعب التحقيق الذي يكشف اكاذيبه. اذا فقط قمنا بمهاجمة رئيس الدولة وطلبنا منه العفو عن نتنياهو ونجحنا في ذلك فستنزل علينا جنة عدن.
الافتراضات الواقعية التي استندت اليها المحكمة، التي سمحت لنتنياهو بتولي رئاسة الحكومة رغم الاتهامات الموجهة اليه، تبين دائما أنها باطلة. لقد افترض القضاة، لسبب ما، انه يمكن ان يشغل منصب رئيس الحكومة بما يخدم مصالح الدولة ومواطنيها، بينما يكون في نفس الوقت متهم بعملية قانونية معقدة، التي لن تدوم الى الابد. بل هم اعتقدوا انه سيكون هناك نوع من تضارب المصالح الذي سيمنع نتنياهو من إدارة كل شؤون الدولة بما يخدم مصالحه الأساسية – أي الهرب من خطر العدالة.
في طلب العفو الذي قدمه لرئيس الدولة، باسم السعي الى رأب الصدوع، فان نتنياهو يقسم الشعب بين أعداء سلطة القانون وبين المدافعين عنها. رئيس الدولة، الذي وضع وحدة الشعب على راس سلم القيم الذي يوجه اعماله، وجد نفسه في مركز جدل عام. وبما انه جلب على نفسه هذه الكارثة فانه لن يتمكن من التخلص منها الا بخطوة تثير الانقسام بالضرورة. ونحن نأمل ان لا يكون هرتسوغ ملتزم بنتنياهو وأن لا يساعد في خطوة لا يمكن التكفير عنها وهي تلويث سيادة القانون.
------------------------------------------
إسرائيل اليوم 1/12/2025
تحديات في خمس جبهات
بقلم: اللواء احتياط اليعيزر (تشايني) مروم
بعد سنتين من القتال، فان اتفاق وقف النار الذي وقع بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر، بوساطة الولايات المتحدة، قطر، تركيا ودول أخرى، بشر ظاهرا بانتهاء حرب السيوف الحديدية. لكن في الجبهات الأساسية لا يزال القتال مستمرا لقوى متنوعة.
هذا الوضع من انعدام الاستقرار الأمني المتواصل لا يبشر بالخير لإسرائيل. مطلوب عمل عسكري – سياسي مشترك، بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة لاجل احداث تهدئة وإعادة الاستقرار الى المنطقة.
في جبهة لبنان: نحن نشهد إعادة بناء وتعاظم قوى متجدد لحزب الله. لاجل منع الخطر على بلدات الشمال، التي معظم سكانها لم يعودوا الى بيوتهم مطلوب عمل عسكري يومي هدفه احباط كل محاولة من حزب الله لاعادة تنظيم نفسه قرب الحدود.
للاتفاق الذي وقع في تشرين الثاني 2024، مع حكومة لبنان، بوساطة عاموس هوكشتاين، كانت نقطتا ضعف بارزتان. الأولى – هي الاستناد الى حكومة لبنان الضعيفة، والثانية – الاستناد الى الجيش اللبناني ليفرض التسوية وينزع سلاح حزب الله. في الحالتين كان هذا سندا متهالكا.
الجيش الإسرائيلي ملزم بان ينفذ اعمال احباط جوية، كل يوم تقريبا وان يتواجد في مناطق مسيطرة على الأرض اللبنانية. تصفية رئيس اركان حزب الله، علي طبطبائي، نقلت رسالة لحكومة لبنان بان عليها ان تعمل بـعدوانية ضد منظمة الإرهاب كي تحافظ على الاتفاق. في هذه الجبهة الحل لا يبدو في الأفق، ويبدو أن الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل كل يوم تقريبا.
في الجبهة السورية: الجيش الإسرائيلي مطالب بان يعمل ضد المحاولات التنظيمية لحماس، حزب الله ومنظمات أخرى، تحاول تنظيم نفسها وتحدي إسرائيل على طول خط التماس. ينبغي القول ان وضعنا في هذه الجبهة افضل، في ضوء ظروف الساحة التي يوجد فيها قليل جدا من البلدات السورية وعليه فان القدرة على العمل هناك اكثر راحة. ثانيا، يبدو أن الحكومة السورية، رغم المشاكل الداخلية، معنية بالوصول الى تسوية واستقرار الوضع. في نهاية الامر، سوريا ستكون دولة اصغر مع مناطق نفوذ تركية في الشمال ومناطق نفوذ إسرائيلية في الجنوب. وبين الحين والآخر ستكون حاجة الى عمل توغلي، كذاك الذي نفذ في بيت جن مؤخرا، للقضاء على الإرهاب الناشيء. في هذه المرحلة يبدو أن قوات الجيش الإسرائيلي المتواجدة في سوريا لن تنسحب الى خط الحدود الدولي وستبقى في الأراضي السورية لزمن آخر.
في جبهة غزة: الوضع معقد وهش ويوجد على شفا انهيار واستئناف القتال. الوضع الحالي الذي يسيطر فيه الجيش الإسرائيلي في نصف القطاع وحماس تسيطر في النصف الثاني متفجر وخطير. في هذه المرحلة لا يوجد أي تقدم في المحادثات للمرحلة الثانية من الاتفاق، ومن شأننا أن نبقى في هذا الوضع لزمن آخر. حماس تعيد بناء قدراتها العسكرية والسلطوية، وفي كل يوم يمر يكون التحدي العسكري الذي تقف امامه إسرائيل اكبر. السؤال هو متى سيتعين على إسرائيل أن تعمل بقوة في المنطقة التي تحت سيطرة حماس، كي تدمر من جديد البنى التحتية التي تبنى بلا انقطاع.
في الجبهة الإيرانية: الهدوء وهمي، لان الإيرانيين يستغلون كل يوم يمر كي يعيدوا بناء منظومة مضادات الطائرات لديهم ولانتاج مزيد من انتاج الصواريخ الباليستية التي تهدد إسرائيل. ايران لم تتخلى عن المشروع النووي. وهو بلا شك سيعاد بناؤه. ينبغي الاستيعاب بان الإيرانيين يعملون مع رؤيا بعيدة وينظرون لعشرات السنين الى الامام، ونحن ملزمون بان نكون يقظين للتهديد الناشيء الذي عرفناه جيدا في حملة الأسد الصاعد. لا شك ان في هذه الساحة لم تصدر بعد الكلمة الأخيرة.
في الجبهة السياسية: إدارة ترامب، التي أعدت وقف النار في ايران، في لبنان وفي غزة، وتشارك في ما يجري في سوريا، تنظر الى الشرق الأوسط كرزمة واحدة. هدفها الأساس هو توسيع اتفاقات إبراهيم وادراج السعودية فيها، دولة إسرائيل تسير على حبل رفيع. من جهة نحن ملزمون بالحفاظ على الحلف مع الولايات المتحدة، الحيوي جدا لامن ووجود الدولة.
من جهة أخرى نحن ملزمون بالوقوف عند مبادئنا. ولهذا فان على دولة إسرائيل ان تجري حوارا متواصلا مع الولايات المتحدة لكن ان توضح بانه توجد خطوط حمراء محظور تجاوزها: أولا، الا تقام دولة فلسطينية بين البحر والنهر. وثانيا، في هذه المرحلة امن بلدات خط المواجهة يستوجب تواجد جسدي لقوات الجيش الإسرائيلي في سوريا، في لبنان وفي غزة.
إضافة الى ذلك سيواصل الجيش الإسرائيلي العمل بفعالية كي يمنع تموضع التهديدات في الطرف الاخر من الحدود، الى أن تنقل هذه المسؤولية الى اياد أخرى اذا ما نقلت على الاطلاق. هذه المباديء يجب أن تكون واضحة وان تطرح في كل لقاء مع حليفنا الأكبر الولايات المتحدة. فقط من خلال الحفاظ عليها، يمكن لإسرائيل أن تضمن وجودها وأمنها.
-------------------------------------------
معاريف 1/12/2025
حزب عربي يتبنى أزمات الوسط العربي سيؤدي الى تغيير الحكومة في الانتخابات
بقلم: افرايم غانور
كل من يتابع الاستطلاعات السياسية يلاحظ انه على مدى السنتين منذ 7 أكتوبر تتفوق كتلة المعارضة بأغلبية واضحة على الائتلاف. ومع ذلك، وحسب معظم الاستطلاعات، بدون الموحدة برئاسة منصور عباس لا يمكن لكتلة المعارضة الحالية ان تشكل الحكومة القادمة. رئيس الوزراء نتنياهو الذي يعي جيدا هذا الامر سارع لان يعلن: “اخرجنا حتى الان جزءا من الاخوان المسلمين عن القانون، ونحن نعتزم استكمال هذا العمل قريبا. الجناح الشمالي من الحركة الإسلامية، برئاسة الشيخ رائد صلاح، اخرج عن القانون في 2015، والان، زعما، حان دور الجناح الجنوبي. خطوة نتنياهو هذه، التي بالتأكيد كفيلة بان تتحقق تستهدف منع ضم الموحدة الى الائتلاف، مثلما كان بعد انتخابات 2021، قبيل حكومة بينيت – لبيد. وبالفعل، في هذه الأيام تنطلق أصوات من المعارضة تقول ان الحكومة القادمة ستقوم بدون حريديم وبدون عرب، لكن واضح انه في لحظة الحقيقة سيكون عدم ضم الموحدة الى الائتلاف عائقا امام اقامتها. اذا كان الوضع في الاستطلاعات سيتحقق حقا، يبدو أن رؤساء المعسكر المعارض لنتنياهو سيفضلون ضم عباس والموحدة والا يفوتوا الفرصة الهامة لتغيير هذه الحكومة السيئة.
في فترة العصر الذهبي لحكم مباي في الخمسينيات والستينيات، حرص الحزب الحاكم على إقامة أحزاب عربية تابعة. هذه الأحزاب شكلت من جهة ذراعا سياسيا في وجه أحزاب اليسار الصارخ، مبام (حزب العمال الموحد) وماكي (الحزب الشيوعي الإسرائيلي)، ومن جهة أخرى، كانت نوعا من ذراع الرقابة الحكومية على الوسط العربي. وهكذا أقام مباي على مدى تلك السنين خمسة أحزاب عربية، ابرزها كان “التقدم والتنمية”، الذي عمل في المجال المديني، “الشراكة والاخوة” الذي عمل في أوساط البدو، و “الزراعة والتنمية”، الذي عمل أساسا في الوسط القروي. الكثير من زعماء هذه الأحزاب كانوا من رجال النخبة العربية المحلية، المخاتير، الشيوخ وأصحاب الأراضي الذين كانوا مقربين من مؤسسة مباي، وكان لهم سهلا اكثر ان ينالوا الاذون المختلفة في الفترة التي كان فيها الوسط العربي تحت حكم عسكري. بعد الغاء الحكم العسكري انطفأت هذه الأحزاب واختفت، وفي مكانها قامت أحزاب عربية مستقلة.
في ضوء الوضع الصعب للوسط العربي في إسرائيل هذه الأيام، على خلفية حقيقة أن الحكومة تهمل معالجة الجريمة المستشرية في الوسط، مشوق أن نعرف لماذا لم تطرح مبادرة لاقامة حزب عربي يقوم برنامجه السياسي على أساس معالجة أزمات الوسط دون اتخاذ موقف سياسي. حزب همه معالجة الفرد، شؤون الامن الشخصي، التعليم، الصحة، السكن والبنى التحتية، يكافح في سبيل ميزانيات مناسبة لتحقيق الاحتياجات ويعطي جوابا لمشاكل الوسط.
في ضوء الفشل المطلق للأحزاب العربية التي توجد اليوم في الكنيست، يبدو ان مثل هذا الحزب مع الأشخاص الصحيحين والمناسبين الذي يتبنى مباديء وثيقة الاستقلال ويخدم بإخلاص وسطه أيضا، سيحظى بتأييد واسع. هو كفيل بان يحظى في الانتخابات بأربعة مقاعد على الأقل، وبها سيكون ممكنا ان تقام هنا حكومة براغماتية وناجعة.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 1/12/2025
عفو لنتنياهو سيكون عملية تحايل فاسدة وهدية للارهاب
بقلم: غيدي فايس
هذه هي اكثر الأيام صعوبة التي عرفها المتهم رقم واحد منذ بدأت محاكمة ملفات الآلاف. الجلسات في الأسابيع الأخيرة التي استكمل فيها التحقيق المضاد في الملف ألف، وبدأ التحقيق فيها المضاد في الملف 4 آلاف، ورطته في شبكة مليئة بالاكاذيب والتناقضات. كل من يقرأ النصوص من المحكمة ويعرف الدلائل في الملفات يدرك الان أنه لا توجد أي قوة يمكنها انقاذ بنيامين نتنياهو من الإدانة، على الأقل في عدد من الجرائم المنسوبة له. وحتى ليس تشكيلة القضاة الرحيمين والشفوقين الذين يناقشون قضيته.
في طلب العفو الذي قدمه نتنياهو لرئيس الدولة اسحق هرتسوغ لا يوجد ذكر لذلك. الوثيقة التي وقع عليها عميت حداد هي كما يبدو طلب العفو الأكثر وقاحة في تاريخ مؤسسة الرئاسة. نتنياهو لا يأخذ على عاتقه أي قدر ضئيل من المسؤولية عن افعاله، ولا يعتذر، وغير مستعد لدفع أي ثمن مقابل بادرة حسن النية المامولة. الطلب يشير الى منظومة انفاذ القانون كمنظومة مجرمة، والمتهم كضحية لها. “التحقيقات الجنائية بشان رئيس الحكومة رافقها سلوك استثنائي، مخالف للقانون، من قبل سلطات انفاذ القانون”، كتب في الطلب.
الشخص الذي فكك بصورة منهجية المجتمع الإسرائيلي الى درجة ايصاله الى حرب أهلية باردة، والذي جلب على الإسرائيليين 7 أكتوبر – لا نريد التحدث عن الاتهامات الموجهة اليه – يوصف كمن انقذ إسرائيل من اعدائها. احد العناوين الثانوية في الطلب هو “الاسهام العام العظيم لرئيس الحكومة لدولة إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي”. حسب رأيه فان الدولة هي التي كان يجب عليها طلب العفو من الرئيس. وليس عبثا يتم ذكر في طلب العفو الذي أعطاه الرئيس الأمريكي جيرالد فورد لسلفه ريتشارد نيكسون، الذي “رفض بصورة واضحة الاعتراف بكل تهمة من جانبه”؛ وليس عبثا انه لم تتم الإشارة فيه الى ان نيكسون استقال من الرئاسة بسبب تورطه في قضية “ووتر غيت”.
لا يوجد لنتنياهو أي نية للتصرف مثله. العفو، كما يشرح، مطلوب من اجل ان يستطيع “تكريس كل وقته وامكانياته وقوته للدفع قدما بدولة إسرائيل في هذه الأوقات الحاسمة”، وان “العفو سيمكن من رأب الصدوع بين اقسام الشعب المختلفة”. مؤسس آلة السم المفترسة، التي سحقت ونغصت حياة المحققين والشهود والقضاة والمراسلين الذين اعتبرتهم تهديد، يعمل الآن على رأب الصدوع التي أحدثها هو نفسه. أيضا هو يخطط لـ “التعامل مع قضايا أخرى مثل منظومة العدالة والاعلام” – أي العودة الى مسرح الجريمة التي نتج عنها آلاف القضايا. العفو سيكون اكبر هدية للشخص الذي شن إرهاب مستمر ضد من اعتبرهم المسؤولين عن محاكمته. ان الرسالة الموجهة للمتهمين أصحاب الامتيازات – قوموا باقتحام مؤسسات الدولة بلا رحمة، والهرب من تهديد العدالة – هذه الرسالة سيدوي صداها لسنوات قادمة.
نتنياهو يعرف انه في مقر الرئيس يجلس شخص انتظر بفارغ الصبر هذا الطلب. في الواقع كل تسلسل الاحداث – بدءا بالضغط الذي استخدمه وزراء الليكود على الرئيس ومرورا بطلب ترامب وتلميح هرتسوغ (“المحاكمة تثقل على المجتمع الإسرائيلي”) وانتهاء بالطلب الرسمي – تنبعث منه رائحة ثقيلة من التنسيق. صحيفة “هآرتس” كشفت مؤخرا ان هرتسوغ عمل على العفو قبل انتخابه لهذا المنصب. الرئيس قام بنفي ذلك، ولكنه للأسف لا يقول الحقيقة. لقد ايد الفكرة بشدة عندما كان زعيم المعارضة، (ثم كرئيس الوكالة اليهودية)، بل وقام بمناقشتها مع سلفه رؤوبين ريفلين. في العام 2019 عندما قال بني غانتس انه لا يستبعد العفو عن نتنياهو اذا اعتزل الحياة العامة، فرح هرتسوغ، وقال لاحد اتباعه: “ممتاز، تصريح مهم جدا”. هو يدعي بشدة بانه لم يكن أي اتفاق بينه وبين رئيس الوزراء بشان دعم ترشحه مقابل العفو. البعض يتذكره عشية الانتخابات الرئاسية وهو يكرر عبارة “اعرف كيف احل الاسرار المعقدة”، وهذه رسالة وصلت الى مؤيدي نتنياهو. شخص يعرف رئيس الوزراء جيدا يقول: “ربما كان يعرف عن موقف هرتسوغ من العفو، وانه كان المرشح الأمثل لمنحه إياه – شخص من المعسكر السياسي المعارض وكان يتنافس معه على رئاسة الوزراء”.
أيضا على فرض انه لم تكن هناك صفقة صريحة بينه وبين نتنياهو، فان سلوك هرتسوغ الغريب في هذه العملية يثير الشك الجدي حول حكمه على القضية. ومثلما كشفت صحيفة “هآرتس” فانه بينما كان التحقيق جار قام بزيارة الشاهدة الرئيسية هداس كلاين وطلب منها وضع الهواتف جانبا، وقدم لها رواية المشتبه فيه في القضية ألف. وقد قالت كلاين عن هذا الموقف: “جاء ليعبث برأسي”. كان من المفروض التحقيق معه، وبالتأكيد كان عليه الابتعاد عن أي انشغال في هذا الامر. كان عليه على الأقل ان يرد على نتنياهو على الفور: “أنا لست العنوان، وبالتاكيد ليس الآن. ارسل محامي دفاعك الى النائب العام من اجل التوصل الى اتفاق إقرار بالذنب، وعندها ستفتح امامك طريق طلب العفو. ولكن في إسرائيل 2025، لم يعد هناك أي شيء يتم اخذه على محمل الجد، والآن الكرة في ملعب الرئيس”.
في حينه تعهد هرتسوغ لرجال قانون كبار، من بينهم رئيس المحكمة العليا السابق اهارون براك، بانه لن يقوم بخطوة استثنائية جدا خلافا لموقف غالي بهراف ميارا، وان العفو سيكون مقرون بنزول نتنياهو عن المنصة. في المقابل، الطريقة التي عمل فيها منذ انطلاق الانقلاب النظامي أوضح بانه مستعد للذهاب بعيدا من اجل نتنياهو وشركائه. الى أي درجة هذا البعد؟ هذا سيتبين في الفترة القريبة القادمة.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 1/12/2025
الحل العادل لكل الأطراف: العفو مقابل اعتزال الحياة السياسية
بقلم: يوسي بيلين
شخص آخر في مكان نتنياهو كان سيستقيل من منصبه كرئيس للوزراء في اللحظة التي ترفع ضده لائحة اتهام. هو يطلب من المحكمة تأجيلات عديدة للغاية، وبعد ذلك يشكو من ان المحاكمة تمتد لزمن طويل للغاية. كان من الأفضل له الا يعد المحكمة بان لديه مؤهلات خاصة لان يدير الدولة والمحاكمة على حد سواء، وبعد ذلك يشكو من أنه يلقى عليه عبء مستحيل، وكأنه لم يكن يعرف عما ينطوي عليه منصبه. شخص آخر ما كان ليعرض نفسه كعبد الرب المستعد لان يضحي باثبات براءته في المحكمة من أجل وحدة الشعب (ما هي العلاقة بالضبط؟). ما كان ليتراجع، بمثل هذه السهولة، عن الوعد الا يطلب عفوا وبعد ذلك يطلب، بل وحتى لا يعتذر، ولا يعترف.
العفو – إقرار بالملاحقة ضده
لكن هذا هو بيبي. يواصل اظهار وجه الولي الذي القوا عليه بتهم ليست له وانه لم يكن شيء، وليس له ما يعتذر عنه وليس له ما يعترف به، ويبدأ كتابه لرئيس الدولة باقتباس اقوال الرئيس ترامب، وفي توجهه الشهير (المذهل والغريب) للرئيس هرتسوغ من على منصة الكنيست بالحاجة للعفو عن “الرئيس” (على حد تعبيره) نتنياهو، إذ انه على سيجار وكحول لا يقدم شخص خاص كهذا الى المحاكمة.
صحيح، القانون لا يلزم الاعتراف بالذنب، رغم أن هذا دارج. كوزير عدل عالجت مئات عديدة من طلبات العفو. فيها جميعها كان اعتراف بالذنب وطلب المغفرة. هذا العرف لا يلزم بيبي، وقد استغل هذا جيدا، من ناحيته، عندما امتنع عن ذلك. وهو يطلب من الرئيس ان يعفو عنه ليتفرغ للعمل في الأمور الهامة حقا التي على جدول الاعمال السياسي والأمني. “التنازل” الوحيد من جانبه هو استعداده للتخلي عن اثبات براءته وفهمه بان عفوا شاذا بهذا القدر في اثناء الاجراء القضائي يخلد مكانته كمتهم. إن عفوا كاملا سيكون نوعا من التأكيد بان نتنياهو ملاحق عبثا من المنظومة، وهرتسوغ لا يمكنه أن يفعل هذا. ورفض الطلب هو خيار معقول يبقي معنا لاشهر عديدة أخرى رئيس مع رئيس وزراء لا يمكنه ان يؤدي مهام منصبه بشكل كامل واعتبارات معروفة وغير معروفة تؤثر على قراراته. عفو متحفظ لا يمحو الوصمة وليس مثابة تنحية بخلاف إرادة الناخب. التحفظ يمكنه ان يكون صحيحا للعفو، إعطاء إمكانية لنتنياهو لمواصلة مهام منصبه، لكن منع الامكانية للتنافس في الانتخابات القادمة.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 1/12/2025
نتنياهو مستعد لمنحنا عفوًا
بقلم: ناحوم برنياع
طلب العفو الذي قدّمه محامو نتنياهو ليس خطوةً قانونيةً بحتة. إنه خطوةٌ سياسيةٌ بحتة، مُشكوكٌ قانونيًا فيها، لكنها مُثيرةٌ للإعجاب في مساهمتها لنتنياهو، على الصعيدين الشخصي والسياسي. من قال إن رئيس وزرائنا لا يمتلك مبادرةً استراتيجيةً واستعدادًا للتحضير لليوم التالي؟ عندما يتعلق الأمر به، فهو الأعظم على الإطلاق.
طلب العفو هو الخطوة الأولى في المفاوضات، والتي من المفترض أن يلعب فيها الرئيس هرتسوغ دورًا محوريًا. الهدف هو التوصل إلى اتفاقٍ يُنهي المحاكمة، سواءً بصفقة إقرار بالذنب أو عفو، أو كليهما معًا. سيُحب هرتسوغ كل لحظة: طوال مسيرته المهنية، بحث عن حل وسط، عن طريق مُشرق، عن جسر – حتى عندما لا يوجد حل وسط، ولا طريق، ولا جسر.
أفترض أن معظم الإسرائيليين سيشعرون بالارتياح عندما يرون أن هذا الكابوس قد انتهى، بعضهم لقناعتهم بأنه حيكت لنتنياهو قضية، والبعض الآخر لأنهم يرون المحكمة أسبوعًا بعد أسبوع في ضعفها، وقصر نظرها، وعارها.
سأشعر بالارتياح أنا أيضًا. السؤال هو ما الذي سيُقدمه نتنياهو في المقابل: كما تشهد رسائله ورسائل محاميه، فهو الآن غير مستعد لتقديم أي شيء. ربما، إذا أحسنت دولة إسرائيل التصرف، سيوافق على مسامحتها على جرّه إلى المحكمة ومنعه من إنقاذ البلاد والعالم. نتنياهو لا يطلب العفو: إنه يمنحه (وفي الواقع، في الرسالة التي وقّعها، كلمة العفو غير موجودة).
السؤال هو كيف سيتعامل هرتسوغ مع هذه النقطة. تواجه إدارة العفو في وزارة العدل ثلاثة خيارات. أولاً، لتوضيح أن العفو غير وارد: لم تُستوفَ الشروط المنصوص عليها في القانون؛ ثانياً، منح نتنياهو كل ما يطلبه والدعاء ألا تُبطل المحكمة العليا العفو (سبق للمحكمة العليا أن ألغت عفواً: مُنح بناءً على بيانات مُزوَّرة)؛ ثالثاً، الإصرار على التقاعد مقابل العفو، والإصرار على اعتراف المتهم بالذنب، والتذكير بأنه، هرتسوغ، ليس وسيطاً أو مُحامياً في هذه القضية، بل هو من يُقرر، هو من يُحدد. سيُرافقه القرار حتى يومه الأخير.
برأيي، الاعتراف، والبيان، والاعتراف أقل أهمية من الفعل: إذا كان نتنياهو يريد حقًا رأب الصدع، فإن الخدمة التي يمكنه تقديمها للمجتمع الإسرائيلي الآن هي الاستقالة. إن لم يكن بسبب المحاكمة، فبسبب فشل السابع من أكتوبر، أو بسبب استمرار الحرب، أو بسبب جنون الانقلاب، أو بسبب إدخال الكاهانية إلى قدس أقداس الدولة. إن إنهاء المحاكمة بالاستقالة سيُصلح شيئًا ما؛ أما إنهاء المحاكمة مع لقاء نتنياهو وزملائه على حالهم فسيُعمّق الصدع، والسحق واليأس.
ظاهرًا، تُظهر الرسائل مدى أهمية الدولة لنتنياهو – أهمية بالغة لدرجة أنه لا يستطيع التخلي عنها لبضع ساعات أسبوعيًا للفوز بالمحاكمة التي كان ينتظرها بفارغ الصبر. لكنها تُخبر الإسرائيليين أيضًا بعكس ذلك: مدى تركيزه على نفسه. اللقب هو الذي يُعرّف من هو، الهيبة، السلطة. لا يمكنه ان بغيش بدونها.
يستند طلب المحامين إلى العفو الذي منحه الرئيس حاييم هرتسوغ عام 1986 لكبار مسؤولي الشاباك في قضية حافلة الـ 300، وإلى موافقة محكمة العدل العليا عليه بأثر رجعي. قتل عناصر الشاباك شابين اعتُقلا بعد اختطاف حافلة. أمر رئيس الشاباك، أبراهام شالوم، بالاغتيال والتستر في لجنة التحقيق. وهدد بأنه إذا قُدّم للمحاكمة، فسيدّعي أن الأمر صادر عن رئيس الوزراء إسحق شامير (الذي أنكر ذلك). كان الجميع خائفين، وتعرض الجميع للابتزاز: أولاً قيادة الحكومة، ثم رئيس الدولة، وأخيراً قضاة الأغلبية في محكمة العدل العليا، الرئيس شمغار والقاضية مريم بن فورات (كان باراك في رأي الأقلية).
استُدعي المحامي رامي كاسبي لخدمة العلم، وابتكر اخترعا ابداغيا: العفو قبل المحاكمة. رفض شمغار هذا الإجراء بغضب. في سيرته الذاتية، “قضي ولن ينتهي”، يقتبس الفقرة التي تشرح السبب: “عندما تأكدنا من امتلاك رئيس الدولة أدلة على ارتكاب الجرائم، وعندما اتضح أن طالبي العفو قد اعترفوا بها وطلبوا العفو عنهم، كانت لدى الرئيس بيانات كافية للنظر في طلب العفو”.
كما أوضح لي إيال روزوفسكي، أحد أبرز المحامين في إسرائيل، الليلة الماضية، فإن القضية ليست مشابهة: ففي قضية نتنياهو، لم تُوضّح الأدلة، ولم يعترف المتهم، ولم يكلف نفسه حتى عناء طلب العفو بتوقيعه.
أكثر من ذلك: في قضية الخط 300، أُجبر أبراهام شالوم وآخرون متورطون على الاستقالة. وعندما سعى أحدهم، يوسي جينوسار، لتعيينه مديرًا عامًا لوزارة الإسكان، رفضت المحكمة العليا ترشيحه بسبب دوره في القضية.
لكن نتنياهو لا ينوي الاستقالة. على العكس من ذلك، فإن طلبه برّره بالكامل بضرورة تكريس كل وقته لمنصبه الحكومي. العفو من أجل المنصب: هذا هو جوهر طلبه. من المشكوك فيه أن يصل طلبٌ مُغلّفٌ بهذا المنطق إلى مقرّ رؤساء إسرائيل. إن السيناريو الذي يُبرّأ فيه مُدّعى عليه من محاكمته لأنه وحده القادر على إنقاذ العالم يُناسب أفلام الحركة الأمريكية، وربما أيضًا القصص المصورة، وليس دولة القانون.
تُشكّل الحجج القانونية لمحامي نتنياهو الإطار؛ أما الجبهة السياسية، في بداية عام انتخابي، فهي الأهم. يبدو أن خطوة نتنياهو مُربحة للجميع. إذا منحه هرتسوغ عفوًا فاخرًا، فسيخرج من المحاكمة سعيدًا، ويُثبت لناخبي كتلته أنه قادر على كل شيء، ويركب أمواج النصر إلى الانتخابات. ستتجاوز أصداء العفو الحدود الحزبية: هذا ما يُحدد مسار الحملة الانتخابية؛ وإذا فشلت المفاوضات، فسيُلقى اللوم دائمًا على المذنبين: النيابة العامة، والإعلام، وأنصار كابلان، وهرتسوغ. سيركب نتنياهو أمواج التقارب إلى ادعاء الضحية.
هناك من يعتقد – ربما هيرتسوغ نفسه – أنه من الممكن التوصل إلى صفقة شاملة: عفو، إزالة العار، استمرار نتنياهو في منصبه، ولكن مع وقف الانقلاب وإلغاء التقسيم لمنصب المستشار أوإقالة بهرب-ميارا. سيُرمى المشروع الرائد للحكومة في مزبلة التاريخ. سيهدأ لفين وروتمان أو يختفيان. سيُدفع بن غفير وسموتريتش إلى المعارضة. سيقوم الحريديم بدورهم في التعبئة أو سيجدون أنفسهم خارجها. تقول النظرية إن نتنياهو انضم إلى الانقلاب انتقامًا لمحاكمته. بدون سحابة المحاكمة التي تخيم عليه، سيعود إلى أصوله.
أجد صعوبة في رؤية ذلك يحدث. قد يكون نتنياهو قادرًا على تغيير مساره، لكن المارد الذي أطلقه من القمقم لن يختفي. العملية التي صنعها أقوى منه. الكاهانيون الذين سيطروا على الحكومة والائتلاف وتسللوا إلى وسط الليكود بأعداد كبيرة لن يستسلموا. النموذج هو ترامب: يرى نتنياهو كيف يرعى الرئيس الأمريكي، راعيه، تجار المخدرات، والمغتصبين، والقتلة، والمجرمين، ويهاجم الكونغرس، وكيف يحتقر سلفه ينتقد الدستور علنًا ويتلقى إطراءً عامًا. وهو يسعى للسير على خطاه. ولعلّه من الأصحّ النظر إلى الجانب الإيجابي: طلب العفو عملٌ مشروع. ورغم عيوبه، يُحدث نقلة نوعية في محاكمة بدت بلا نهاية. قال الحكيم الصيني لاو ديزيه: “رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة”. ولعلّ رحلتنا نحو الإصلاح تبدأ بكتابين.
------------------------------------------
يديعوت 1/12/2025
القضية التي تُثير قلق نتنياهو، لماذا العفو بدلاً من صفقة الإقرار بالذنب
بقلم: نتعئيل بندل
بعد خمس سنوات ونصف من بدء محاكمته، فاجأ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الجميع ليلة الاحد بتقديمه طلب عفو إلى الرئيس إسحق هرتسوغ، بعد أسبوعين ونصف من الرسالة التي وجّهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى هرتسوغ. وفي مقطع فيديو نشره تعقيبا على هذا الطلب المثير، قال نتنياهو إن “استمرار المحاكمة يُمزّقنا من الداخل” – والآن تنتقل “القضية الشائكة” إلى محكمة الرئيس، وستكون بلا شك القرار الأكثر دراماتيكية في عهده.
لكن لماذا يطلب نتنياهو العفو أصلًا ولا يسعى لصفقة إقرار بالذنب؟ ما هي أسبابه؟ ولماذا يحتاجها أصلًا في ظل “انهيار القضايا”؟ موقع Ynet يُرتب الأمور.
ما هي التهم الموجهة لنتنياهو؟
يواجه نتنياهو تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في ثلاث قضايا مختلفة: القضية 1000 (قضية الهدايا)، والقضية 2000 (قضية نتنياهو-موزيس)، والقضية 4000 (قضية بيزك-إلوفيتش). ووفقًا للائحة الاتهام في القضية 1000، التي لا تتضمن تهمة الرشوة، فقد حصل نتنياهو وعائلته على مزايا من رجلي الأعمال أرنون ميلشن وجيمس باكر، بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 700 ألف شيكل. ووفقًا للائحة الاتهام في القضية 2000، التي لا تتضمن أيضًا تهمة الرشوة، فقد ناقش نتنياهو مع نوني موزيس، ناشر صحيفة يديعوت أحرونوت، أن تقوم الصحيفة بترويج تغطية إيجابية له – مقابل إجراءات تنظيمية من شأنها الإضرار بصحيفة “إسرائيل اليوم”. وفقًا للائحة الاتهام في القضية 4000، مقابل تغطية إيجابية على موقع “والا”، نفّذ نتنياهو أو أمر بتنفيذ إجراءات لصالح أعمال شاؤول إلوفيتش، والتي درّت عليه، بشكل مباشر وغير مباشر، مبالغ طائلة تُقدّر بأكثر من 1.8 مليار شيكل. ونتيجةً لذلك، يُتّهم بالرشوة.
هل “تنهار القضايا” كما يدّعي نتنياهو مرارًا وتكرارًا؟
لا. على عكس لائحة الاتهام في القضية 4000 (بيزك-إلوفيتش)، التي تلقّت ضربةً قاضيةً، وخلافًا للقضية 2000 (نتنياهو-موزيس)، التي لم تتضح بعدُ كيفية تعامل القضاة معها، فإن القضية 1000 – على ما يُرجّح – لا تزال قويةً بشكلٍ أساسي. تجدر الإشارة إلى أن للقضية 1000 “ساقين”: الأولى والأكثر شيوعًا تتعلق بالملذات التي يُزعم أن ميلشين وباكر قدماها لنتنياهو، على شكل سيجار وشمبانيا.
أما “الخطوة” الثانية، وهي أقل شهرة ولكنها لا تقل خطورة، فتتعلق بسلسلة من الإجراءات التي يُزعم أن نتنياهو قام بها بحكم منصبه كرئيس للوزراء ووزير اتصالات لصالح صديقه المقرب ميلتشن. ومن بين أمور أخرى، إرسال المدير العام السابق لوزارة الاتصالات، شلومو فيلبر، لتقديم استشارات خاصة للملياردير بشأن ما إذا كانت وزارة الاتصالات ستوافق على دمج شركتي “كيشت” و”ريشت”، وهي خطوة كان ميلتشن يخطط لها.
لماذا لم يُوقّع اتفاق إقرار بالذنب؟
في الماضي، سُجّلت مبادرة لتوقيع اتفاق إقرار بالذنب في المحاكمة، ولكن حتى بعد تقديمه، طلب القضاة إعادة النظر في إمكانية ذلك. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك اقتراح لعملية وساطة مطروحًا في الماضي، إلا أن كلتا المحاولتين باءتا بالفشل. هناك سبب واحد: القضية 1000 (الهدايا) هي قضية تتعلق بالمنافع وتضارب مصالح خطير، بحيث لا يكون مفر من وصمة عار في اتفاق الإقرار بالذنب، مما سيُنهي مسيرة نتنياهو السياسية. بالطبع، لا يوافق رئيس الوزراء على هذا.
ما هو العفو تحديدًا، وماذا يحدث بعد تقديمه؟
العفو أداة تُمنح لرئيس الدولة، والغرض منها تخفيف آثار الإجراءات القانونية الجنائية بعد انتهائها. ويهدف هذا التخفيف إلى مراعاة الاعتبارات غير القانونية أو الجنائية المتعلقة بالعدالة. منذ لحظة تقديم الطلب، يُحيله رئيس الدولة إلى إدارة العفو بوزارة العدل لأخذ رأيها. ويُصاغ هذا الرأي وفقًا للمعلومات الواردة من سلطات الدولة والآراء الأخرى التي تتلقاها الإدارة من مكتب المدعي العام.
في الوقت نفسه، يكتب وزير العدل آراءه، وتُحال هذه الآراء إلى مستشار مكتب الرئيس، الذي يُصدر بدوره رأيه. تُحال جميع هذه الآراء إلى رئيس الدولة لاتخاذ قرار نهائي. ويمكن استئناف أيٍّ من قراراته أمام محكمة العدل العليا.
ما هي مبررات نتنياهو؟
يزعم نتنياهو أنه على الرغم من أن الإجراءات الجنائية لم تنتهي بعد، ينبغي على رئيس الدولة العفو عنه لأسباب عامة ولصالح الدولة. وكتب في طلبه أنه يواجه صعوبة في إدارة الدولة، وخاصةً شؤونها السياسية، عندما يُطلب منه الإدلاء بشهادته ثلاث مرات أسبوعيًا في المحكمة. كما كتب أن العفو قد يسمح له برأب الصدع في المجتمع الإسرائيلي والصراع ضد سلطات الدولة الذي أحدثته المحاكمة.
هل سبق لشخص أن حصل على عفو قبل انتهاء محاكمته؟
حدث هذا مرةً في قضية خط 300 في ثمانينيات القرن الماضي، حيث قتل عملاء الشاباك إرهابيين اثنين بعد أسرهما حيّين. أصدر الرئيس آنذاك حاييم هرتسوغ، والد الرئيس الحالي إسحق هرتسوغ، عفوا عنهما من تهم القتل والقتل غير العمد وعرقلة سير العدالة، حتى قبل فتح تحقيق من قبل الشرطة. وكجزء من العفو، اتفق الشاباك والمستشار القانوني للحكومة آنذاك إسحق زامير على استقالة رئيس الشاباك أبراهام شالوم، وكذلك جميع كبار قادة الجهاز المتورطين في القضية، بعد أن أعربوا عن ندمهم وإقرارهم بالذنب.
قُدِّمت التماساتٌ ضد العفو إلى محكمة العدل العليا، ورُفِضتها هذه في قرارها الذي أقرّ العفو ونصَّ على أن هذا احتمالٌ استثنائيٌّ للغاية، ولا يُتاح إلا عند عدم وجود حلٍّ آخر. وكتب القاضي مئير شمغار في قراره أنه “لا تنشأ إلا ظروفٌ استثنائيةٌ تمامًا، حيث تنشأ مصلحةٌ عامةٌ عليا أو ظروفٌ شخصيةٌ بالغةُ القسوة، ولا يُتوقّع فيها أيُّ حلٍّ معقولٍ آخر”.
إذا حصل نتنياهو على عفوٍ أقرّته المحكمة العليا، فماذا سيحدث للمتهمين الإضافيين موزيس وإيلوفيتش؟
من المتوقع أن تستمرّ المحاكمة ضدّ المتهمين الإضافيين، مع استخدام شهادة نتنياهو كدليلٍ في القضية. إذا أقرّ نتنياهو بالذنب كجزءٍ من العفو، فسيتمّ استخدام ذلك ضدّ المتهمين المتبقين، مما قد يؤثر على المحاكمة ببنودٍ إضافيةٍ من العفو. وقد جرت مفاوضاتٌ سابقةٌ بين الادعاء وموزيس للتوصل إلى اتفاق إقرار بالذنب، ومن المُرجَّح أنه في حال حصول نتنياهو على عفو، ستُفتَح مفاوضاتٌ مع المتهمين للتوصل إلى اتفاق إقرار بالذنب.
------------------------------------------
هآرتس 1/12/2025
نتنياهو وهرتسوغ.. إذا كان الأول وقحاً فلنصف الثاني بعد رده
بقلم: أسرة التحرير
يُظهر طلب العفو الذي قدمه نتنياهو للرئيس إسحق هرتسوغ وقاحةً واضحة. نتنياهو غير مستعد للاعتراف بأي شيء، ولا يتحمل أي مسؤولية عن أي شيء، وحتى عندما يطلب العفو من الرئيس، يُصرّ على التلميح إلى تلفيق قضايا ضده، وتصوير جهاز إنفاذ القانون على أنه جهاز إجرامي.
هذا الطلب ليس محاولةً لمداواة الجراح، بل هو عملٌ عنيفٌ ممن يسعى لاستغلال مؤسسة العفو لمحو القانون وسحق أبسط مبادئ المساواة أمام القانون.
إن ادعاء نتنياهو بأن على الرئيس مراعاة “روح الأمة” و”مداواة الجراح” ادعاءٌ فارغٌ من أي مضمون، في ظلّ ضجيج آلة السم المتواصل، وفي ظلّ استمرار الهجمات على كل مؤسسة تعترض طريقه.
بينما يدير نتنياهو نظام تحريض مُحكم ضد المحامين والمحققين والشهود والقضاة، وبينما يُفكك المجتمع الإسرائيلي بشكل منهجي إلى حدّ حرب أهلية باردة – ولم يتوقف عن ذلك حتى عندما جلب 7 أكتوبر، دون تحمّل أي مسؤولية عنه – يسعى الآن إلى تقديم نفسه كشخص يعمل على توحيد الشعب.
في الماضي، كان هناك على الأقل حديث عن عفو مقابل اعتزال الحياة السياسية. حتى في ذلك الوقت، كانت صفقة باطلة، لكنها عبّرت عن اعتراف بأن المتهم لا يمكنه احتجاز الدولة رهينة. ليس هناك أي مظهر من مظاهر الاتفاق حتى الآن. نتنياهو لا يقدم أي شيء مقابل العفو: لا تقاعد، لا ندم، لا تنازل.
إنّ الاستناد إلى مزاعم أمنية و”فرص إقليمية” كمبرر لإلغاء محاكمة جنائية ليس أقل من تلاعب. عندما سعى نتنياهو لإقناع المحكمة العليا بإمكانية توليه منصب رئيس الوزراء وإجراء محاكمة جنائية في الوقت نفسه، وعد بعدم وجود تناقض بين الأمرين. كان من الواضح حينها أنه في حال وجود تناقض، سيُكون نتنياهو أولاً متهماً بارتكاب جرائم، وبعد ذلك فقط يُكون رئيساً للوزراء. الآن، وبلا خجل، يطلب نتنياهو الاعتراف به أولاً كرئيس للوزراء والتنازل عن المحاكمة التي تمنعه من أداء مهامه.
يجب أن يُقال لرئيس الوزراء: إذا لم يكن قادراً على القيام بالأمرين في آنٍ واحد، فعليه الاستقالة من منصبه والتفرغ لمحاكمته.
سيُرسل العفو رسالة واضحة إلى الأجيال القادمة من المتهمين الأقوياء: تهجموا على مؤسسات الدولة، ومارسوا ضغوطاً سياسية، وفككوا كل عرف، وفي النهاية ستفوزون بجائزة.
إذا وافق الرئيس على الطلب، فسيكون ذلك استسلام دولة إسرائيل لزعرنة قادتها وفسادهم. سيكون ذلك نصرًا مطلقًا لنتنياهو وهزيمة نكراء لدولة إسرائيل. سيُخلّد التاريخ هرتسوغ كشخص تعاون مع الابتزاز وساهم مساهمة كبيرة في تدمير أسس الديمقراطية.
-----------------انتهت النشرة-----------------