الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاربعاء 15/10/2025 العدد 1434

الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

معاريف 15/10/2025

 

بعد “خطاب الرجل الوقح”: نتنياهو يعلن نيته الترشح لولاية أخرى ولابيد وهرتسوغ سيعودان لمقاعد الصف الحادي عشر

 

 

بقلم: آفي أشكنازي

 

سيُذكر الثالث عشر من تشرين الأول عام 2025 كيومٍ تاريخي في سجلّ دولة إسرائيل، لعدة أسباب. بعضها مؤثر وإيجابي، لكن أحدها سيكون أقل بكثير من ذلك.

إنه اليوم الذي انتهت فيه حرب “السيوف الحديدية”، حرب استمرت أكثر مما ينبغي، وكان ثمنها فادحًا إلى حد لا يُحتمل: 1958 قتيلًا بين مدنيين وجنود، آلاف الجرحى، و251 مخطوفًا.

بعد عامين، عاد إلى إسرائيل 20 مخطوفًا أحياء وأربعة قتلى آخرين، بعد عامين وأسبوع من الأسر. ومع ذلك، لا يزال 24 مخطوفًا قتيلًا في قبضة حماس حتى الآن.

سبب آخر يدعو للابتهاج، وهو زيارة ترامب إلى الكنيست وإلقاؤه خطابًا أمام الشعب في إسرائيل. وباتفاق الجميع، كان الحدث مؤثرًا، لكنه أيضًا كان الحدث الذي فقدت فيه دولة إسرائيل طابعها الديمقراطي، وتحولت في لحظة إلى دولة ذات نظام ملكي.

التصريحات التي أدلى بها ترامب على متن طائرة سلاح الجو الأمريكي يجب أن تثير قلق كل إسرائيلي حريص على بقاء الدولة الإسرائيلية ديمقراطية، القائمة على ثلاث سلطات: التشريعية، التنفيذية، والقضائية. قال ترامب:

“قلت لنتنياهو إنني لا أريد أن أثير موضوع العفو، لكن المكان كان مناسبًا والتوقيت رائعًا، لقد حظي بتصفيقٍ عالٍ، وكان التوقيت رائعًا، وقد نجح الأمر بشكل مذهل. لولا التصفيق لنتنياهو، لما طرحت الموضوع. إنه موضوع حساس بعض الشيء في إسرائيل، لكن الجمهور كان رائعًا”.

هكذا قال الرئيس بأسلوبه “الترامبي” الخاص.

في الحقيقة، ما فعله الرئيس الأمريكي يُعدّ وقاحة، إذ وقف على منصة الكنيست وتدخّل في الشؤون الداخلية لإسرائيل – دولة ذات سيادة تمتلك نظام قضاء وحكم مستقلّين. كان هذا تدخّلًا فجًّا، أشبه بحماة تتدخل في شؤون بيت الزوجين اللذين يعيشان بسعادة.

لكن المشكلة ليست مع الرئيس الأمريكي نفسه؛ فقد قام بأكثر مما يُطلب منه لإعادة المخطوفين الأحياء، ولتهيئة مستقبل أفضل هنا.

المشكلة تكمن في شخصين ضعيفين، ينبغي لهما هذا الصباح، من باب النزاهة، أن يضعا المفاتيح ويغادرا الحياة العامة في إسرائيل. لقد فشلا في أداء واجبهما ولم ينجحا في مهمتهما الأساسية (حماية قيم ومؤسسات دولة إسرائيل)؛ الأول هو رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ، والثاني هو رئيس المعارضة يائير لابيد.

وللتوضيح لكلا السيدين، إليكما درسًا قصيرًا في التربية المدنية للصف الحادي عشر، كما يُدرّس حاليًا في كل مدرسة ثانوية في إسرائيل: لدولة إسرائيل قوانين، ومؤسسات، وأعراف، ولها أيضًا قواعد بروتوكولية. إسرائيل دولة ديمقراطية تتكوّن من ثلاث سلطات: السلطة التشريعية – وهي الكنيست، السلطة التنفيذية – وهي حكومة إسرائيل، والسلطة القضائية – التي يرأسها المحكمة العليا.

إن مبدأ فصل السلطات وُضع لضمان التوازن والرقابة المتبادلة، ولمنع قيام نظام ملكي يستند إلى شخص واحد، أو عائلة واحدة، أو مجموعة ضيقة من أصحاب النفوذ.

لكن يبدو أن نتنياهو يريد أن يحكم إسرائيل إلى أبد الآبدين. فبحسب ما ورد أمس في القناة 12 الإخبارية، قالت الصحافية دانا فايس، إن نتنياهو قال لها إنه “ينوي الاستمرار لأربع ولايات أخرى كرئيس للحكومة”.

حكومة نتنياهو تبذل كل ما بوسعها لتفكيك السلطات الثلاث. في الوقت الراهن، تمسك باثنتين منها: السلطة التشريعية، بفضل الأغلبية البرلمانية التي تملكها الائتلاف، والسلطة التنفيذية. أما الجهة الوحيدة التي لا تزال تقف في وجهها فهي المحكمة العليا.

في أيام السلم، كان بإمكان الحكومة أن تتعايش جيدًا مع السلطة القضائية ومع مؤسسات القانون، بما في ذلك مؤسسة المستشارة القانونية للحكومة. لكننا لسنا في أيام سلم. تجري ضد رئيس الحكومة محاكمة جنائية بتهم تتعلق بنزاهة السلوك. وتجري ضد عدد من الوزراء وأعضاء الكنيست البارزين في الائتلاف تحقيقات شرطة بتهم اغتصاب ومخالفات نزاهة، أما ضد من كان رئيس الائتلاف سابقًا فتُجرى محاكمة جنائية بتهم نزاهة.

ثمة مساعدون لرئيس الحكومة ووزراء مشتبه بارتكابهم مخالفات أمنية وجنائية بمستوى خطير. بعض الوزراء وأعضاء الائتلاف أُدينوا قانونيًا أو كانوا أهدافًا للشاباك في الماضي. فوق كل هذا، هناك رغبة في تمرير قوانين تمكّن فئة معينة فقط من الجمهور من الاستفادة من الخزانة العامة، أو أن يشارك جزء من الجمهور في القتال بينما يحصل فئة مميزة على إعفاء وتأهيل للتملص من الخدمة في الجيش. لذلك، من الواضح أن للسلطة التنفيذية ومن يقودها صعوبة في العيش والمواصلة أمام السلطة القضائية، التي من المفترض أن تعمل ككبح وتوازن في المجتمع الديمقراطي الإسرائيلي. فماذا يفعلون؟ يخرجون السلطة القضائية من المعادلة.

بمنهجية، يحولونها إلى جهة غير شرعية. يصنعون حملات تضليل، ويطلقون آلة السم، ويحاولون فصلها وعزلها، ويتجنبون الظهور على نفس المنصة معها، ببساطة يعملون على جعلها غير ذات صلة. إلى حد أنه عندما وصل رئيس الولايات المتحدة لإلقاء خطاب في الكنيست، وحسب البروتوكول، كان ينبغي دعوة الطاقم الواسع من كبار مسؤولي الدولة – لكنهم لم يفعلوا ذلك ببساطة. لماذا؟ لأن السلطة التنفيذية، أي الحكومة، تسيطر على الكنيست ويمكنها أن تفعل ذلك. تزيح من لا تراه مرغوبًا، وفي هذه الحال من مبنى الكنيست.

كان من المفترض أن يتصرّف السيدان المذكوران في هذه النقطة تحديدًا.

الأول، رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ، كان عليه أن يقف ويعلن لرئيس الكنيست أمير أوحانا أنه إذا لم تُرسل الدعوات إلى جميع أعضاء الطاقم الرسمي الموسّع من فئة “ألف” – بمن فيهم رئيس المحكمة العليا يتسحاق عميت، وحامية البوابة القانونية للدولة المستشارة القضائية غالي بهراف-ميارا، فلن يحضر إلى مبنى الكنيست.

الأمر نفسه كان يجب أن يفعله رئيس المعارضة يائير لابيد، ومعه جميع أعضاء المعارضة.

والآن بات واضحًا لماذا استحق لابيد، كما قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لقب “الرجل اللطيف”؛ فقد أثبت بالأمس أنه ليس أكثر من وجه لطيف، وبالتأكيد ليس معارضة حقيقية تقاتل.

في نظر كثيرين، كان الاثنان بالأمس مجرد زينة في حدث مهيب أعلنت فيه دولة إسرائيل، تقريبًا بشكل رسمي، أنها باتت دولة ذات نظام ملكي لا ديمقراطي.

أما فيما يتعلق بالعفو، فالأمر واضح. دمية نتنياهو المتحركة، يتسحاق هرتسوغ، سينفّذ ذلك بكل سرور.

رئيسٌ أمضى فترة ولايته بأكملها كصورة فارغة بلا تأثير، من دون قدرة على التأثير في المجتمع الإسرائيلي أو الحفاظ على طابع الدولة كـدولة ديمقراطية، ليبرالية، متساوية في الحقوق والواجبات بين جميع مواطنيها -فما الذي سيمنعه من توقيعٍ صغير آخر يمنح العفو للملك؟

-------------------------------------------

 

يديعوت أحرونوت 15/10/2025

 

 

الوقفات والتصريحات لا تزال لا تحقق السلام الإقليمي: الدرس الذي تعلمه ترامب في الشرق الأوسط

 

 

بقلم: رون بن يشاي

 

كان يوم 13 أكتوبر 2025 بلا شك يومًا مذهلًا لمواطني إسرائيل. لكن إطلاق سراح الرهائن العشرين الأحياء من أنفاق غزة هو وحده الذي يستحق لقب “التأسيسي” أو “التاريخي”. الحدثان الآخران: خطاب الرئيس ترامب في الكنيست الإسرائيلي ومؤتمر القمة العالمي في شرم الشيخ كانا – في أحسن الأحوال – فرصة لإعلان نوايا إيجابي وطموح من قبل رئيس أمريكي آخر يحاول إقامة “سلام أمريكي” في الشرق الأوسط؛ وفي أسوأ الأحوال – فرصة لزعيم “غير تقليدي” للقوة الغربية الرائدة لإظهار مواهبه الصامتة وتلقي تدليك غرور مستمر وشامل من الإسرائيليين الممتنون وقادة العالم الذين يخشونه. كانت هناك وعود في معظمها – ولكن في الوقت الحالي لا توجد علامات على تنفيذ خطته لغزة، بما في ذلك نزع سلاح حماس ونزع سلاح قطاع غزة.

لقد كان إطلاق سراح المختطفين الأحياء، إلى حد كبير، تحررًا لنا، بل أجرؤ على القول – لجميع مواطني إسرائيل – من ضائقة نفسية ومعرفية مروعة زعزعت ليس فقط حياتنا، بل وحكمنا على الأمور، بل وعمّقت الانقسام الاجتماعي في البلاد. قالت إحدى الأمهات: “أستطيع أن أتنفس الآن”، حتى قبل أن ترى ابنها يُطلق سراحه – ويبدو لي أنها عبّرت عما شعرنا به جميعًا. لكن لإطلاق سراح المختطفين، وسيظل، آثار عملية. وأهمها، بالطبع، إنهاء معاناة عائلات المختطفين وأصدقائهم، والتخلص من الشعور الجماعي بالذنب الذي خيّم على الكثيرين منا منذ السابع من أكتوبر المروع.

لقد كانت مظاهر الفرح الجماهيرية العفوية التي شهدناها أمس دليلاً لنا وللعالم على أن الضمانات المتبادلة والتكافل بين اليهود ليست مجرد أخلاق، بل حقيقة ملموسة مُرعِبة – لكل من يزرع الشر ضد إسرائيل أن يُقر بوجودها. على كل من يحتاج إلى دليل أن يُلقي نظرة على صور أنقاض قطاع غزة، وأن يُدرك أن دموع أمهات وآباء المختطفين ومظاهرات الاحتجاج وجهان لعملة واحدة.

برأيي، إن الاهتمام الذي أولته وسائل الإعلام العالمية لإطلاق سراح الرهائن، مع وصفها للظروف المروعة التي اختُطفوا فيها، قد عزز بشكل كبير من شرعيتنا في العالم. تابعتُ التغطية الإعلامية العالمية أمس، والتي اتضح منها وجود صلة وثيقة بين إطلاق سراح الرهائن وموافقة إسرائيل على وقف القتال في غزة. بمعنى آخر: استمرت الحرب ليس لأن إسرائيل حاولت ارتكاب إبادة جماعية، بل – كما زعم جزء كبير من وسائل الإعلام العالمية – لأن حماس أصرت على احتجاز الرهائن، وإسرائيل، خوفًا على مصيرهم، لم تُلقِ سيفها حتى عودتهم إلى ديارهم. ليعذرني القراء على صراحتي، لكن التغطية الإعلامية العالمية لإطلاق سراح الرهائن (وإطلاق سراح الإرهابيين الفلسطينيين) كانت أول انتصار واضح لإسرائيل في حملتها ضد هذه الرواية؛ وهي حملة تكبدنا فيها هزيمة تلو الأخرى خلال العامين الماضيين.

 الجيش الإسرائيلي حرٌّ أيضاً: أدوات ضغط على حماس

من النتائج المهمة الأخرى لإطلاق سراح الرهائن التحسن الملحوظ في حرية العمليات التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) في قطاع غزة. فقد حدّ الخوف من إيذاء الرهائن بشكل كبير من قدرة الجيش الإسرائيلي على العمل في مناطق عديدة من قطاع غزة، وفي كثير من الحالات منع قوات الأمن من استخدام أساليب عمل فعّالة ضد القتلة المختبئين في الأنفاق؛ ناهيك عن الجهد الاستخباراتي المبذول في تحديد مكان الرهائن وفي عمليات تحريرهم، والأضرار المعنوية والسياسية الناجمة عن خلل في المعلومات الاستخباراتية، وعدم تنفيذ عمليات التحرير أو فشلها ومصرع الرهائن.

كل هذا لن يُقيّد قادة ومقاتلي الجيش الإسرائيلي إذا استُؤنف القتال. هذا الاحتمال قائمٌ بالتأكيد حتى في المستقبل القريب، على الرغم من تصريحات ترامب أمس في الكنيست وفي شرم الشيخ. الاتفاق على تنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب يخضع للاختبار بالفعل في هذه الساعات بسبب سلوك حماس، التي بدأت أمس بالتباطؤ في إطلاق سراح قتلة الرهائن الذين كانت في أيديها. هذا انتهاكٌ واضحٌ وصارخٌ للاتفاقيات بين الوسطاء وحماس، وحتى لتصريحات حماس نفسها بشأن تنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب المكونة من 20 نقطة. في الوقت الحالي، تمتنع إسرائيل بحكمة عن خرق القواعد، وقد لجأت إلى الوسطاء لممارسة نفوذها.

لدى إسرائيل، مع بقاء الجيش الإسرائيلي في معظم أنحاء قطاع غزة، أدوات ضغط قوية على حماس، مثل منع دخول الكرفانات، ومنع فتح المخابز، وفتح معبر رفح. ولكن إذا لم يُجدِ ذلك نفعًا، فقد تكون هناك آثار عملية واضحة على حرية العمل الموسعة التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي بفضل إطلاق سراح الرهائن أحياءً.

في خطابه أمام الكنيست، قال الرئيس الأمريكي كل ما هو صحيح من منظور إسرائيلي. وأكد مجددًا أن نزع سلاح حماس ونزع سلاح غزة يُشكلان مصلحة دولية يجب الإصرار عليها. ودعا إسرائيل إلى تحويل طاقة مواطنيها ومواردها البشرية من الحرب إلى الرخاء والنمو، ووعد بأنه لن يدخر جهدًا في إقامة ما يُعرّفه البيت الأبيض الآن بأنه “تحالف إقليمي وسلام بين أتباع الديانات الثلاث” – والذي ستكون إسرائيل جزءًا منه من خلال انضمام دول عربية وإسلامية إضافية إلى اتفاقيات إبراهيم.

العائد السياسي لنتنياهو: ما زلنا ننتظر الوحدة.

لم يُدخل ترامب في التفاصيل. بالتأكيد ليس تلك التي من شأنها أن تُصعّب على نتنياهو ووزرائه. فقد امتنع عن ذكر السلطة الفلسطينية والدولة الفلسطينية، اللتين ألمح إليهما في الفقرة الأخيرة من خطته المكونة من عشرين نقطة. كان من الواضح أن ترامب ينوي من خلال خطابه أمام الكنيست أن يُقدّم لنتنياهو مكافأة سياسية كبيرة مقابل موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي. الاعتذار لحكام قطر، والموافقة على خطة ترامب، وبشكل عام الموافقة على كل مطلب ونزوة وإعادة صياغة للحقائق تقريبًا من جانب الرئيس الأمريكي.

ألقى كلٌّ من نتنياهو ورئيس الكنيست أمير أوحانا خطاباتٍ مُجاملة ومُشيدة للرئيس الأمريكي، بهدفٍ واضحٍ هو الحفاظ على حسن نواياه وخشيةَ أن “يُغير رأيه” فجأةً. وفعل زعيم المعارضة يئير لابيد الشيء نفسه (مع أن مقدار الإطراء في الخطاب كان أقل بكثير)، على ما يبدو بدافع التفكير المُتفائل باليوم الذي قد يصبح فيه رئيسًا للوزراء ويحتاج إلى حسن نوايا ترامب. أما ترامب، الذي لم يُبقى غير مبالٍ، فقد كافأه بتعليقٍ مُبتسم: “زعيم معارضةٍ رائع… الآن يُمكنك أن تكون ألطف قليلًا يا بيبي، لأنك لم تعد في حالة حرب”.

كان هذا التعليق تلميحًا واضحًا لنتنياهو بأنه من المناسب والمجدي في هذا الوقت وقف، أو على الأقل، تعديل سياسته الداخلية الفئوية. وقد أشاد رئيس الوزراء، لكن في الوقت نفسه، ألحق رئيس الكنيست أوحانا ضررًا بالغًا بالدولة ووحدة الشعب عندما لم يدعُ رئيس المحكمة العليا إسحاق عميت والمستشارة القانونية لرئيس الوزراء غالي بهراب ميعارا إلى المنصة، كما يقتضي البروتوكول. إن ظلال هذا الهجوم السياسي، بالإضافة إلى إجراءات وتصريحات أخرى لكبار مسؤولي الائتلاف، تؤكد لنا أن الوحدة الوطنية والدولة، التي يتوق إليها شعب إسرائيل بأكمله، لن تدوم طويلًا.

عمليًا، كان مؤتمر شرم الشيخ وسيلةً لترامب لتعزيز رؤيته الإقليمية التي يطمح إليها والتي تهدف خطته إلى تحقيقها، وفي الوقت نفسه، أظهر “قوته الناعمة” على الساحة الدولية – وهو استعراضٌ كان مفيدًا جدًا له في التنافس الاقتصادي والعسكري بين القوى الذي يُجريه ترامب حاليًا.

لقد أظهر للرئيس الصيني، وبوتين، وآية الله خامنئي كيف أنه – وحده – قادرٌ على جمع نخبةٍ من القادة من جميع أنحاء العالم، بين ليلة وضحاها تقريبًا في منتجعٍ ناءٍ في الشرق الأوسط، لدعم خطته. جاء معظمهم خوفًا من الرسوم الجمركية التي قد يفرضها ترامب عليهم، بينما جاء آخرون، مثل الرئيس الفرنسي ماكرون على سبيل المثال، لأنها كانت فرصةً لهم للانخراط بنشاط في الشرق الأوسط عمومًا، وغزة خصوصًا، من أجل شرفهم الوطني وإرضاء ناخبيهم المسلمين. وقّع ترامب في شرم الشيخ، مع قادة قطر وتركيا ومصر، إعلان مبادئ عامًّا أدان التطرف (أي حماس)  إدانةً مبهمة، وتضمن بيانًا يتعهد بـ”ترتيبات سلام شاملة في قطاع غزة”. إلا أن هذا الإعلان تضمن أيضًا بيانًا مهمًا حول “علاقات ودية ومفيدة بين إسرائيل وجيرانها الإقليميين”.

ما حدث فعليًا على هامش مؤتمر شرم الشيخ وخلف كواليسه أدى إلى عكس ذلك تمامًا. كارثة دبلوماسية من منظور إسرائيلي، وتصرف كدي اضطر ترامب إلى استيعابه. سعى الرئيس الأمريكي، في إطار ترويج رؤيته الإقليمية، إلى توحيد دول المنطقة المقربة منه والمصالحة معها. لكن ما حدث بالفعل لم يُضف إلا مزيدًا من الانقسام والعداء: بدأ ذلك عندما أقنع ترامب، عبر مكالمة هاتفية من مكتب رئيس الكنيست، الرئيس المصري بدعوة نتنياهو إلى المؤتمر، لموازنة دعوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ولتجنب إعطاء انطباع بأن إسرائيل مُنبوذة عالميًا.

عندما امتثل الرئيس المصري لطلب الرئيس الأمريكي، أثار ذلك سلسلة من الأحداث التي كانت، عند تراكمها وكل منها على حدة، بمثابة صفعة مدوية في وجه إسرائيل، وإلى حد ما، لترامب. هدد الرئيس التركي أردوغان ورئيس الوزراء العراقي بأنه إذا حضر رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى المؤتمر، فإنهما سيعيدان طائراتهما ويعودان إلى ديارهما دون أن يهبطا في شرم الشيخ. أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مسبقًا أنه لن يأتي وأرسل وزير خارجيته – على ما يبدو لأنه شعر بالإهانة من حقيقة أن مصر وقطر وتركيا قد سرقت مركز الصدارة وموقع القيادة في العالم العربي والإسلامي منه ومن المملكة العربية السعودية، وربما أيضًا لأنه لا يريد أن ينتزع ترامب وشعبه منه التزامًا بتمويل إعادة إعمار غزة وإرسال جنود إلى القوة الدولية لتحقيق الاستقرار في القطاع.

وكأن ذلك لم يكن كافيًا، فقد ألغى رئيس إندونيسيا، الذي كان من المفترض أن يزور إسرائيل غدًا، وبالتالي يُطبّق عمليًا رؤية ترامب الإقليمية، زيارته أيضًا. استشاط كبار المسؤولين في بلاده غضبًا من تسريب الزيارة المُخطط لها، ويبدو أنه شعر بالخوف من رد الفعل؛ ونتنياهو نفسه: بعد أن وافق على ترامب ورفض السيسي، أحرجهما عندما غيّر رأيه وألغى زيارته إلى شرم الشيخ “بسبب العطلة”. فشلٌ ذريعٌ بسبعة أخطاء.

ترامب يتحدث، حماس تُطلق النار

في المؤتمر، رفض ترامب أي محاولة لتسريب معلومات منه حول آليات تنفيذ خطته كاملةً (بما في ذلك نزع السلاح من قطاع غزة)، إن وُجدت. من المعروف أن وفدًا إسرائيليًا موجودًا في شرم الشيخ، وأن وفدًا من الجنود الأمريكيين، من أفراد القيادة المركزية الأمريكية، موجودون في إسرائيل. ربما يُمثل هذان بداية هذا التنفيذ – لكن لا توجد معلوماتٌ أخرى في الوقت الحالي. ولم يأتِ مؤتمر شرم الشيخ أيضاً بأية أخبار حقيقية: فبينما يتحدث ترامب ويصافح أردوغان، تواصل حماس إطلاق النار على مواطنيها في شوارع غزة ــ في مظاهرات إعدام صادمة، مصممة لإظهار قوتها وحكمها.

بشكل عام، لم يُبشّر مؤتمر شرم الشيخ بالخير لإسرائيل، ويرجع ذلك أساسًا إلى أنه أظهر ميل ترامب إلى تعزيز علاقاته وتأسيس هيكلية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط على الدول السنية المتطرفة، قطر وتركيا، وليس على الدول السنية المعتدلة بقيادة المملكة العربية السعودية. ومن الحقائق المقلقة أيضًا تزايد تدخل تركيا في غزة بدعوة من ترامب. هذا دون أن يتخلى أردوغان تمامًا عن عدائه العلني لإسرائيل في الوقت الحالي. فهل يمكن الوثوق بتركيا، وهي فرع من جماعة الإخوان المسلمين – كما قطر – في نزع سلاح حماس؟ هذه الأسئلة وغيرها التي أثارتها قمة شرم الشيخ تُثير قلق القدس الشديد.

-------------------------------------------

 

هآرتس 15/10/2025

 

 

الخطاب عن مستقبل المنطقة ينال زخما، بدون إسرائيل

 

 

بقلم: ليزا روزوفسكي

 

كلمات بسيطة غابت عن الخطابات المفعمة بالعاطفة، التي القاها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الامريكي دونالد ترامب على منصة الكنيست – الدولة الفلسطينية. في الواقع هذه الكلمات غابت عن جميع الخطابات المطولة التي القيت بعد ظهر ذلك اليوم في الكنيست، بما في ذلك خطاب رئيس المعارضة يئير لبيد، الذي ظهر وكانه نسخة طبق الاصل من خطاب نتنياهو، مع اختلاف طفيف.

ولكن في حين ان ترامب لم يذكر الدولة الفلسطينية لانه يدرك جيدا معارضة نتنياهو للفكرة، فانه يمكن التقدير بانه وراء تجاهل نتنياهو لهذا الموضوع توجد بالتحديد الرغبة في عدم تكدير الاجواء قبل سفر الصديق العزيز دونالد ترامب الى القمة في شرم الشيخ. ربما ان ترامب كان يمكنه السماح لنفسه بوهم ان “السلام في الشرق الاوسط” أمر ممكن بدون التطرق الى تقرير المصير للفلسطينيين. ولكن نتنياهو يعرف جيدا أن هذا ليس خيارا، بالتاكيد بعد 7 اكتوبر والسنتين اللتان مرتا في اعقابه.

ايضا زعماء الدول العربية والاسلامية والاوروبية الذين اجتمعوا في شرم الشيخ يعرفون ذلك جيدا. ولكن في هذه المرحلة فان الجميع يركزون على “الحفاظ على الزخم” والتعهد بانتقال سلس بقدر الامكان بين المرحلة الاولى، “البسيطة” نسبيا، في خطة ترامب التي تتكون من 20 نقطة، وبين المرحلة الثانية، الغامضة والمليئة بالثغرات. الاعلان المشترك الذي وقع عليه ترامب والرئيس المصري والرئيس التركي وامير قطر تمت صياغته بشكل غامض وعام، مع اشارات ضمنية الى “سلام دائم” ينعم به الاسرائيليون والفلسطينيون بالازدهار مع الحفاظ على حقوقهم وضمان امنهم وصيانة كرامتهم.

من ناحية الدول التي شاركت في القمة في مصر فان اهم جزء في الوثيقة هو التوقيع نفسه. فقد اصبحت الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا ضامنة ومسؤولة بالفعل عن تنفيذ الاتفاق بين اسرائيل وحماس – أي انها قد تولت زمام الاتفاق، حيث تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية كبح جماح اسرائيل بينما تتحول الدول الاخرى مسؤولية كبح حماس – وقد صرح بذلك المراسلين الامريكيين الرفيعين اللذين قدما احاطة للمراسلين عشية التوقيع على الاتفاق. وحسب ما ذكر فان دور الادميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية الذي سيدخل الى الصورة في غزة وسيخصص 200 جندي لذلك والذين من غير المتوقع دخولهم شخصيا الى القطاع، هو الرقابة. “من اجل التاكد من عدم وجود اختراق أو تسلل” لان “الجميع يقلقون من الطرف الآخر. وحسب المسؤولين فان تعيين كوبر “اعطى الكثير من الثقة للدول العربية”، التي نقلت حتى لحماس رسالة تقول بان ترامب “يقف بقوة وراء ضماناته والتزاماته، ان لا يقوم أي أحد باعمال هجومية”.

هذه الشخصيات الرفيعة تطرقت في الاحاطة الى نزع “البنية العسكرية التحتية والسلاح الثقيل” من غزة، وهذا اشارة اخرى الى ما يتوقع ان يحدث، وللدقة، الى ما يوجد شك كبير في ان يحدث، “نزع سلاح حماس بشكل كامل”. من سينشغل في نزع السلاح أو أن يتحمل الرقابة على ذلك، حسب هذه الشخصيات الرفيعة، هو قوة الاستقرار الدولية. التشكيلة الكاملة غير واضحة حتى الآن. ولكن حسب اقوال هذه الشخصيات الامريكية الرفيعة فقد اصبح من الواضح أن الدول التي توسطت في المفاوضات في الاسبوع الماضي ووقعت على الاعلان في شرم الشيخ أول أمس – مصر، قطر وتركيا – سترسل قوات الى غزة. ربما تنضم الامارات ايضا اليها، كما قالت هذه الشخصيات الرفيعة.

مصدر مطلع على السياسة في المنطقة قال لـ “هآرتس” بانه من غير المعقول ان دولة اتحاد الامارات سترسل قوات عسكرية الى غزة، لكنها بلا شك ستواصل المشاركة بشكل واسع في الجهود الانسانية والمدنية في القطاع. ربما، حسب اقوال المصدر، ستلعب دور مهم ايضا في اصلاح جهاز التعليم في غزة من اجل نزع التطرف منه.

“لا اعتقد ان الوضع في غزة يتوقع ان يشبه الوضع في لبنان، هناك حزب الله موجود تحت ضغط شديد في الداخل من اجل التقدم نحو نزع سلاحه، رغم ان اسرائيل تستمر في مهاجمته”، قال يو لوبيت، زميل كبير في برنامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا في معهد ابحاث المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية (أي.سي.اف.آر). “في حين ان حكومة اسرائيل بالتاكيد ترغب في سيناريو يمكنها من استخدام الضغط على حماس دبلوماسيا وعسكريا في نفس الوقت لاجبارها على نزع سلاحها بالكامل، أنا لا اعتقد ان هذا من ضمن الاوراق”. وحسب اقواله فان حماس من ناحيتها “منفتحة” على نزع سلاحها الهجومي، أي الصواريخ والانفاق الهجومية، ولكنها لن توافق على نزع سلاحها الخفيف، في حين أن الدول المستعدة لتقديم جنود لقوة الاستقرار غير مستعدة لمواجهة حماس عسكريا. بكلمات اخرى، حماس ستواصل الاحتفاظ بقوة ونفوذ كبيرين في القطاع. وسيبقى السؤال المفتوح حول كيفية استغلال هذه القوة والنفوذ في المستقبل مثل اسئلة كثيرة اخرى تتعلق بمستقبل غزة.

اسرائيل يمكن ان تحاول الحصول على التشجيع من الصيغة اللاذعة لاعلان شرم الشيخ، الذي ينص على ان الشرق الاوسط لا يتحمل “دوامة حروب متواصلة ومفاوضات متعثرة وتطبيق جزئي أو انتقائي للشروط التي تم الاتفاق عليها”. حتى لو أنه كان من المستحيل تحقيق انتصار كامل على حماس، مثلما حذر كثيرون، فان حماس تحت اشراف تركيا وقطر ودول عربية واسلامية اخرى قد تكون في سيناريو متفائل مختلفة. المؤكد هو انه اضافة الى اسرائيل فانه توجد قوى اخرى في الشرق الاوسط، بما في ذلك الامارات، تهتم بأن تكون حماس مردوعة وضعيفة، وسيكون الصراع العربي والاسلامي في غزة حول هذه القضية من بين امور اخرى.

القمة في شرم الشيخ، اضافة الى القمة المتواضعة اقل التي تم عقدها في باريس على مستوى وزراء الخارجية، هي الحلقة الاولى في سلسلة قمم ولقاءات كثيرة، يتوقع عقدها في الاشهر القادمة، التي ستتناول مستقبل غزة وحل الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين. اذا لم تغير اسرائيل المسار فان معظمها سيعقد بدون مشاركتها.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اعلن في شرم الشيخ بان مصر ستستضيف في القريبة قمة اعمار قطاع غزة وفقا لخطة ترامب، ويتوقع أن يستضيف الاتحاد الاوروبي لقاء لمجموعة “المانحين لفلسطين” التي تهدف الى انقاذ السلطة الفلسطينية من الانهيار وتمكينها في نهاية المطاف من تولي المسؤولية في قطاع غزة ايضا. الدول الاوروبية والدول العربية الرائدة ستحرص على عدم تجاهل مسألة تدريب السلطة الفلسطينية على السيطرة في غزة، ولن تسمح بالغاء حل الدولتين حتى لو ان نتنياهو وورثته المحتملين تجاوزوه بتحد، وحتى لو تم اسكات الاصوات في اسرائيل التي تدعو الى اقامة دولة فلسطينية “بالفعل”، الامر الذي تجلى حسب ترامب في قيام رئيس الحكومة امير اوحانا باخراج عضو الكنيست ايمن عودة وعوفر كسيف من القاعة، وهما يحملان لافتة “يجب الاعتراف بفلسطين”.

ترامب قال ان الهجوم الامريكي في ايران ازال في الاتفاق الذي تم التوقيع عليه “غيمة”. ولكن غيوم اخرى ما زالت تحلق فوق نتنياهو وتطارده وتقيد خطوات اسرائيل: غيمة مجزرة غزة التي تستمر منذ سنتين وغيمة الدولة الفلسطينية غير المتحققة. مصادر دبلوماسية قالت للصحيفة بان دعوة نتنياهو الى مصر من قبل السيسي كانت جادة وأنه تم الاستعداد لها. وحسب نفس المصادر فان التقارير حول زيارة محتملية لرئيس اندونيسيا برابو سوبيانتو لاسرائيل كانت ايضا مبنية على نية جيدة. ولكن هذه النوايا الحسنة تلاشت، ومهما كانت الذريعة الظرفية فان هذه النهاية هي الاسباب الاساسية: يتم النظر الى نتنياهو كمجرم يديه ملطخة بالدماء في العالم العربي والاسلامي، وطالما انه غير مستعد للتحدث عن الدولة الفلسطينية فانه لا مبرر لقادته لبدء حوار معه. وبينما اسرائيل تبقى خارج غرف المفاوضات الهامة حول مستقبل المنطقة فان مصيرها سيبقى تحت رحمة ترامب واصدقاءه، بما في ذلك اردوغان وامير قطر.

-------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 15/10/2025

 

 

في الطريق الى الاختبار الحقيقي

 

 

بقلم: نداف ايال

 

في الشرق الأوسط لا يأتي أي شيء بسهولة. لا الحرب ولا السلام، ولا وقف النار الذي يوصف أحيانا كسلام. لقد كان واضحا تماما ان حماس ستحاول اللعب مع عناصر الاتفاق واولا وقبل كل شيء إعادة الضحايا. المشكلة هي أنه منذ البداية توجد تقديرات استخبارية غربية بانه توجد صعوبة في العثور على الضحايا؛ كما توجد أيضا تقديرات بان حماس ترغب في الإبقاء على ورقة المساومة، على حد نهجها في ايديها. المشكلة هي التشخيص: أين المشكلة الحقيقية وأين يدور الحديث في مواصلة اللعبة الوحشية لحماس.

تهديدات أسرائيل أمس فعلت فعلها، لكن الاختبار سيكون في إعادة كل الضحايا. التدخل الشخصي للرئيس الأمريكي في هذه المسألة هام للغاية؛ ترامب لا يتراجع، لم يلعب لعبة التظاهر وكأن الاتفاق يمر بسهولة. الطريق الوحيد الذي سينتهي فيه هذا الفصل الحزين هو في تدخله المتواصل.

بمفهوم ما الاحتكاكات في تنفيذ الاتفاق وخروقات حماس هي اختبار الواقع بعد أيام من السعادة الخالصة تماما. العنوان ليس أي كلمة تأتي على لسان الزعيم، حتى الرجل الأقوى في العالم في خطاب استثنائي في الكنيست. العنوان جاء من الكلمات القليلة المتكررة التي قالتها عيناب تسنغاوكر لابنها متان: “حياتي أنت. حياتي. بطل. ما شاء الله عليك”. دارج القول ان هذه صورة نصر، وتلقينا الان 20 صورة كهذه. لكن كلمة “نصر” ليست دقيقة. هذه صورة اشفاء، او بداية اشفاء لامة كاملة. هذه الهزة التي تمر بإسرائيل من شريط مسجل واحد الى آخر، هي هزة النهاية، نهاية فترة؛ ليست نهاية كاملة؛ فجثامين الضحايا لا تزال في غزة وعائلاتها لا تزال تعيش أياما صعبة. ولا نهاية “مطلقة”، وذلك أيضا لان حماس لا تزال في القطاع، وهي مسلحة، المستقبل غامض. لكن بين الاخوين غالي وزيف بيرمان مع قمصان مكابي تل أبيب؛ ايتان مور يعانق ابويه ويروي عما تعلمه منهم في قطاع غزة؛ الون آهال في المروحية، مع كلمات شالوم خانوخ: “نبع قوتي، ضحك وبكاء/ نهاية عذاباتي” – خلاصة الامل تغلبت هذا الأسبوع على حساب اليأس.

وكانت العقبى هي خطاب الرئيس الأمريكي في الكنيست. كانت هذه ذروة ترامب. عندما يتحدث امام جمهور محب فان ترامب سخي في الثناء وفي خلق العناوين الرئيسة. وباستثناء مهرجانات حركته في أمريكا، لن يكون للرئيس جمهور محب اكثر مما في كنيست إسرائيل – في الائتلاف والمعارضة. لإسرائيل الكثير مما تتعلمه من استعداد الرئيس الأمريكي لاعطاء هذا القدر الكبير من الحظوة السخية للاخرين؛ وكرس لذلك قسما واسعا من خطابه؛ تعريفه لستيف ويتكوف كـ “كيسنجر الذي لا يسرب” سيدخل الى عالم الاقتباسات، مثلما هي قصصه عن رئيس الأركان الأمريكي الجنرال كين، النقاش عن كم من المال لدى مريم ادلسون في البنك او انطباعه الشخصي الإيجابي عن رئيس المعارضة لبيد.

سياسيا، لا شك أن دعوته العلنية للعفو عن نتنياهو كانت العنوان الأهم. من يهمه السيجار والشمبانيا، قال الرئيس الأمريكي. توجهه المباشر للرئيس هرتسوغ، من فوق المنصة كان لحظة دراماتيكية. وحسب سيماء وجه نتنياهو كانت هذه هي اللحظة الأكثر سعادة لنتنياهو في اثناء الحرب كلها. لعل هذا هو النصر المطلق الذي قصده نتنياهو. الى جانب باقي الثناء لنتنياهو في الخطاب – “انت رجل شعبي جدا لانك تعرف كيف تنتصر” – يوجد هنا ما يكفي لحملة الانتخابات التالية. من أعتقد أنه توجد هنا خطة سرية ما لدى إدارة ترامب محاولة الثأر من نتنياهو في اليوم التالي، خاب ظنه.

جوهريا، خطاب ترامب تضمن بضع رسائل هامة. تأييد لا لبس فيه لاسرائيل، والى جانبه رسالة واضحة وحادة بان الحرب في قطاع غزة انتهت. وان على إسرائيل الان ان توظف طاقتها في التنمية وفي السلام: “إسرائيل حققت كل ما يمكنها عبر القوة العسكرية والان هذا هو الوقت لترجمة هذه الإنجازات”. تحدث عمليا عن مكانة إسرائيل في العالم وقال ان هذا “بات سيئا”، وان نتنياهو فهم “ان هذا هو الوقت”.

غزة ستجرد من السلاح وحماس سينزع سلاحها”، قال الرئيس الأمريكي ولم يفصل كيف، لكن كان واضحا جدا في رغبته في توسيع اتفاقات إبراهيم. دعوته لإيران للوصول الى اتفاق باتت أيضا كجزء من النص المكتوب، وكذلك حين خرج عنه وبدأ يتحدث بشكل حر. الرئيس الأمريكي لم يذكر دولة فلسطينية لكنه شدد على مساهمة الدول العربية في تحقيق الاتفاق وجسد قوتها الاقتصادية. كانت هذه نقطة توقف عندها، عند ثراء قسم من الدول العربية، عند صغر إسرائيل، عند قدراتها الاقتصادية والعسكرية والحاجة الى التعاون الإقليمي. الخطاب لم يهدد باي مرحلة بعمل عسكري، او باسناد عمل عسكري – لا في غزة وبالتأكيد لا في ايران. الرئيس ترامب طلب وفي واقع الامر طالب إسرائيل بطي الصفحة والانتقال الى الامام. قال نتنياهو، كاتس وجهاز الامن: ابدوأ بالاعتياد على انجاز اهداف استراتيجية دون استخدام القوة العسكرية. بالنسبة لغزة، سيكون هذا التحدي الأكبر لان المستوى السياسي في إسرائيل اهمل “اليوم التالي” على مدى سنتين. في هذه اللحظة، حماس تسيطرة في غزة وتصفي معارضيها.

لم يكن أي بهاء ولم تكن أي هالة في الطريقة التي نظمت فيها الكنيست الحدث، بأقل تقدير – وليس فقط بسبب الدعوات الفضائحية لاعضاء مركز الى مدرج الضيوف او عدم دعوة المستشارة القانونية للحكومة ورئيس المحكمة العليا. لكن في يوم كهذا، فان ضحالة السياسة الإسرائيلية وادمان السياسيين في اليمين على ممالأة “قاعدتهم” لا يمكنه ان يعكر صفو الفرحة.

الفرحة تعود الى المخطوفين الذين عادوا الى البلاد بعد معاناة لا يمكن تصورها، الى عائلاتهم التي لم تفقد الامل والى من كافح بكل قوته لان يعودوا بسلام.

الى جانب هذه الفرحة يوجد حزن عميق على من ضحوا بارواحهم كي نصل الى هذه اللحظة. لقد كانت هذه هي الحرب الاولى التي قاتلتها إسرائيل مع هدف إعادة مخطوفين ضمن أهدافها. قيمة كل إسرائيل متكافلة الواحد مع الاخر – التي لا تترك احد في الخلف لم تكن مؤكدة اكثر بالنسبة للمقاتلين في الحرب.

هذه ليست فقط الفرحة والاشفاء هما اللذان سيميزان حياتنا بعد الحرب بل أيضا الحزن على من فقدناه، وعلى الزمن الضائع – وكذا الحاجة للتغيير. “ان نكون جديرين” هو تعبير اصبح كليشيه، لكن ليس هناك ما هو أصح منه.

-------------------------------------------

 

 

 

هآرتس  15/10/2025

 

 

القمة في شرم الشيخ كشفت الفجوة العميقة بين الحلم والواقع في غزة

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

لحظة محرجة قد تلمح (كان الكثير منها) في قمة “السلام 2025” التي عقدت في منتجع شرم الشيخ الفاخر في يوم الثلاثاء، الى خطة السلام الكبيرة للرئيس ترامب. الرئيس ترامب سعى الى شكر رئيس دولة الامارات العربية محمد بن زايد، وطلب منه الوقوف لتلقي المديح، لكنه تفاجأ من غيابه.

قد يكون تجاهل ترامب لغياب الشخص، الذي تعهد باستثمار 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة، عن القمة، هو اهانة للزعيم الغائب، بل واكثر من ذلك يثير التساؤل حول فائدة تنفيذ الخطوات التالية في الخطة التي تتكون من 20 نقطة. حيث انه ليس فقط بن زايد هو الذي غاب، بل ايضا ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، لم يحترم المستضيف، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أو ترامب. ومثلهما ايضا حاكم سلطنة عمان.

لم يتم تقديم أي تفسير رسمي لغياب هؤلاء الزعماء الثلاثة عن قمة شرم الشيخ. ولكن معروف انه في الفترة الاخيرة التي شهدت مفاوضات كثيفة من اجل اتمام صفقة التبادل، ظهرت خلافات في الرأي بين السعودية والامارات ومصر. يقال في هاتين الدولتين بان السيسي يجري المفاوضات بدون التنسيق معهما وأنه يبلغهما بالنتائج لاحقا. ولكن الخلافات الجوهرية بينهم يتعلق بوضع حماس في القطاع بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي.

حسب مصادر اردنية فان الرياض وأبو ظبي اشترطت المشاركة في خطة اعادة الاعمار بنزع سلاح حماس، وأن لا تكون حماس موجودة في القطاع كمنظمة أو كحركة. هذا الشرط لم يظهر في خطة ترامب، التي بحسبها يجب على حماس نزع سلاحها وأنه لا يمكنها المشاركة في ادارة القطاع، لكن حماس يمكن ان تبقى في القطاع كحركة سياسية وحتى المشاركة في الانتخابات في المستقبل.

مصر، التي خلال سنوات بذلت الجهود واستخدمت الضغط على حماس وعلى م.ت.ف من اجل توحيد الصفوف، تصمم على ان الصيغة التي تشترط نزع سلاح حماس، لم تكن ستمكن من التوصل حتى الى اتفاق وقف اطلاق النار واطلاق سراح الرهائن. ان موافقة مصر وقطر وتركيا ودعم ترامب للصيغة التي تعتبرها السعودية “مرنة” و”متساهلة” مع حماس، وحقيقة ان ترامب سمح لمساعديه باجراء مفاوضات مباشرة مع قيادة الحركة، تضع الرياض وأبو ظبي الآن في مازق قد يؤثر على استعدادها للمشاركة في تنفيذ خطة الرئيس الامريكي.

حوالي 20 دولة شاركت في قمة شرم الشيخ، من بينها اربع دول هي مصر، قطر، تركيا وامريكا، وقعت على اعلان ترامب للسلام والازدهار الدائم. ولكن بالذات السعودية ودولة الامارات، التي لم توقع، هي الدعامة الاساسية، التي حسب ترامب تعهدت بأن تكون الصراف الآلي الذي سيمول اجهزة الادارة المدنية الجديدة التي ستقام في غزة، وايضا قوات الشرطة التي تتدرب الآن في مصر وفي الاردن، وفي نهاية المطاف اعادة اعمار القطاع.

كلمة “سلام” ظهرت 13 مرة في الاعلان القصير، لكنها لم تفسر حجم الاموال المطلوبة لتطبيق الخطة، ولا تظهر من هي الدول التي ستقدمها. الامر الذي لا شك فيه هو انه بدون التمويل الكبير المطلوب، الذي قدر في شهر شباط الماضي بـ 53 مليار دولار، والان يقدر بـ 70 مليار، فان السلام المتوقع في قطاع غزة، ومنها في كل الشرق الاوسط، يمكن ان يبقى على الطاولة التي فرغت بعد انتهاء القمة.

في هذا السياق يجب التذكير بانه بالضبط قبل تسع سنوات، في تشرين الاول 2014، تم عقد في مصر مؤتمر الدول المانحة، الذي استهدف تجنيد الاموال لاعمار قطاع غزة بعد عملية “الجرف الصامد”، في حينه قتل فقط 2200 فلسطيني تقريبا، وتم تدمير 150 ألف مبنى. الدول المانحة في حينه تعهدت بتمويل 5.4 مليار دولار، النصف لغزة والنصف الآخر لميزانية السلطة الفلسطينية.

بعد ثلاث سنوات من ذلك فقط 45 في المئة من الاموال ذهبت الى الاهداف التي خصصت لها، التي في معظمها كانت من قطر. السعودية في حينه امتنعت عن المشاركة في قائمة التبرعات بذريعة انها قدمت بالفعل مساعدات بما فيه الكفاية في السنوات السابقة. في ظل هذه الظروف سيكون مثير للاهتمام معرفة من سيشارك في مؤتمر الدول المانحة لقطاع غزة، الذي سيعقده السيسي في الشهر القادم في مصر، وما هو حجم الالتزامات.

مع ذلك، قبل دخول أي دولار الى قطاع غزة فانه من الضروري والمستعجل اقامة “قوة الاستقرار الدولية” التي من المفروض حسب خطة ترامب تولي حماية قوات الادارة المدنية التي ستقام في المناطق التي سينسحب منها الجيش الاسرائيلي، ومساعدة قوات الشرطة المحلية وجعل غزة “خالية من الارهاب”. ولكن حماس لا تنتظر اقامة القوة الدولية، وقد بدأت بالفعل في استعراض قوتها بعنف شديد ضد سكان غزة وتصفية الحساب مع المليشيات المحلية مثل مليشيا ياسر أبو شباب، التي تم تشكيلها بمساعدة اسرائيل، والعشائر المحلية.

على سبيل المثال، قتل في المواجهات في نهاية الاسبوع الماضي حوالي 20 شخص من ابناء عائلة دغمش، احد العائلات الكبيرة المسلحة في غزة، التي دعمت في السابق فتح ضد حماس، ولكنها اضطرت الى دعم حماس بعد الصراع العنيف الذي بدأ عندما سيطرت حماس على القطاع في 2007.

اثناء الحرب حاولت اسرائيل تجنيد هذه العشيرة كقوة بديلة لحماس، ولكن بدون نجاح. خطر كبير يهدد الآن ايضا مسلحي مليشيا أبو شباب، التي جندها الشباك والجيش الاسرائيلي، والآن بقيت بدون حماية بعد الانسحاب الجزئي للجيش الاسرائيلي.

نشطاء حماس والعصابات التابعة لها سيطروا منذ وقف اطلاق النار على قوافل المساعدات الانسانية التي دخلت الى القطاع بحجم كبير، وبواسطتها هم يحاولون اعادة بناء البنية التحتية الاقتصادية لحماس ويفرضون على مليون فلسطيني تقريبا، ممن يعيشون في القطاع ويعتمدون على هذه المساعدات، الخضوع لتعليماتهم.

الولايات المتحدة ارسلت حوالي 200 جندي لتنسيق تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار والرقابة عليه، لكن هذه القوات لا يمكنها المشاركة في عمليات قتالية داخل القطاع في اطار قوة الاستقرار الدولية. وعلى اسئلة مثل من سيشارك في هذه القوة وكم جندي سيكون فيها، وما هي اوامر فتح النار المعطاة لها وكم من الوقت ستتواجد في غزة، لا يوجد حتى الان أي اجابات. وقد تمت مناقشتها بالخطوط العامة فقط على هامش قمة شرم الشيخ.

هناك فجوة كبيرة تفصل بين قدرة الرئيس ترامب على ان يفرض على اسرائيل وقف النار والانسحاب من القطاع وبين قوته على اجبار الدول العربية أو الغربية على ارسال جنودها الى غزة أو الاسهام من خزينتها في اعادة الاعمار. اذا كانت هناك أي احتمالية لتجنيدها فهي تكمن في حل سياسي واقعي يضمن اعتراف الولايات المتحدة بحكومة فلسطينية، وبداية شراكة فلسطينية حقيقية ومباشرة في ادارة القطاع، من المرحلة الثانية في الخطة – أي من أمس.

لكن بادرة حسن النية الوحيدة التي بادر اليها ترامب للممثل الفلسطيني المعترف به هي مصافحة رئيس السلطة محمود عباس، الذي لم يتم اعطاءه تاشيرة دخول للولايات المتحدة، وتبادل بضع كلمات المدح والثناء، وهي بادرة حسن نية تقريبا تم اجباره عليها من قبل الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون. وفي شأن نقل الصلاحيات في غزة للسلطة، هو غير مستعد لسماع أي شيء، الى حين اقتناعه بأنه بدون عباس وممثليه في غزة فانه سيبقى مع احلامه.

-------------------------------------------

 

هآرتس 15/10/2025

 

 

بدأ الإصلاح

 

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

ما سيبقى كما يبدو في النهاية في الذاكرة من يوم أمس، الى جانب الانتهاء الواضح للحرب، هو سلسلة من الصور: والد يوسيف حاييم اوحانا يقرأ “اسمع، يا اسرائيل”، وبصعوبة يمسك نفسه كي لا ينهار في اللقاء الاول مع ابنه؛ عمري ميران يلعب مع بناته؛ عيناف تسانغاوكر تحتضن اخيرا نتان؛ الون اوهيل يجلس لالتقاط صورة عائلية مع والديه واخوته – و16 مخطوف آخر يجتمعون بعائلاتهم واصدقائهم.

رئيس هيئة الاسرى والمفقودين، الجنرال احتياط نيتسان الون، وهو واحد من الاسرائيليين الذين ساهموا كثيرا من اجل الوصول الى هذه اللحظة، لخص ذلك بصورة قصيرة وثاقبة: “اعادة المخطوفين هي عملية اعادة بناء وبعث للمجتمع الاسرائيلي”.

عشرون عائلة للمخطوفين الاحياء تعود الآن الى الحياة، بعد ان عادوا جميعهم الى البيت. اضافة الى 4 توابيت لقتلى تمت اعادتهم أمس في اعقابهم. تم الامر ولم ينته – لقد بقيت حتى الآن 24 جثة لم تتم اعادتها بعد. حماس تجد صعوبة في العثور على بعضها، ويستخدم بعضها كما يبدو كوسيلة للحرب النفسية. اسرائيل، بمساعدة دول الوساطة، ستمارس عليها ضغط كبير من اجل اعادة جثث اضافية، وقد سبق واعلنت اليوم بان معبر رفح سيبقى مغلق. مع ذلك، يمكن الافتراض بان بعض هذه الحالات سيبقى لغز غير محلول لفترة طويلة. لذلك فان بادرة حسن النية الغبية لرئيس الكنيست امير اوحانا، الذي انزل بصورة مسرحية دبوس المخطوفين عن بدلته اثناء الاحتفال في الكنيست في الظهيرة، كانت خطوة عديمة المسؤولية. الاستخذاء الذي اغدقه على الرئيس الامريكي دونالد ترامب وعلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لم يكن الامر الاكثر سوءا في خطاب اوحانا الطويل.

نتنياهو، بعد ان حاول كل الوسائل الاخرى، وصل في النهاية، تحت ضغط ترامب الشديد، الى الاحتمالية الصحيحة. الرئيس الامريكي في محادثاته مع المراسلين في الطائرة في الطريق الى هنا، وبعد ذلك في الخطاب المطول والمؤثر الذي القاه في الكنيست، اوضح اين نقف الان. من ناحية ترامب الحرب انتهت واسرائيل انتصرت فيها. الآن يجب التقدم لقطف الثمار: اتفاقات تطبيع مع دول عربية اخرى في المنطقة، وربما دول اسلامية ابعد (اندونيسيا في المقدمة) وفرص اقتصادية غير محدودة. ترامب اظهر ايضا امور اخرى – الحب والتقدير الشخصي لنتنياهو ودعمه غير المحدود لاسرائيل. بعد الضربة التي اوقعتها حماس في 7 اكتوبر، وبعد حرب طويلة ومتعبة، فان الدعم الامريكي مهم جدا لمكانة اسرائيل الدولية والاقليمية.

ما سيأتي يرتبط كالعادة باهتمام ترامب بالنزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. هو يكثر التطرق الى قضايا اخرى في جدول اعماله مثل الحرب بين روسيا واوكرانيا، المنافسة على النفوذ بين الولايات المتحدة والصين، المناوشات الداخلية مع الحزب الديمقراطي. لكن ربما مشاعر الحرمان للرئيس، بعد ان قفزت عنه لجنة جائزة نوبل هذه السنة، ستعزز دافعه من أجل التوصل الى انجازات لن يكون بالامكان الاستخفاف فيها في السنة القادمة.

خلال ساعة في ظهيرة أمس كان يبدو ان الافق السياسي الذي يقف امام اسرائيل هو واعد اكثر مما اعتقدنا. ترامب حاول ان يضم نتنياهو الى المؤتمر الاقليمي في شرم الشيخ، وحتى انه توسط في اجراء محادثة هي الاولى منذ اندلاع الحرب بينه وبين عبد الفتاح السيسي. في نفس الوقت نشر ان الرئيس الاندونيسي كان يمكن ان يزور للمرة الاولى البلاد اليوم، لكن هذه الفرحة كانت مبكرة جدا، هذه الخطط تلاشت. اندونيسيا الغت الزيارة من خلال الغضب من التسريب المسبق لها، الامر الذي ظهر انه جاء من المستوى السياسي في اسرائيل؛ ونتنياهو تنازل عن الذهاب الى شرم الشيخ بذريعة قدسية العيد، وهو العائق الذي كان يمكن تجاوزه لو انه اراد ذلك.

في المنظومة السياسي تشككوا من انه يخشى الجناح اليميني المتطرف في الحكومة، الذي في هذه الاثناء يتمسك بالكرسي الوثير رغم معارضته للصفقة (ولوقاحته يحاول كسب الفضل على اعادة المخطوفين). ولكن ربما انه يوجد هنا تفسير آخر: في وسائل الاعلام العربية نشر ان رئيس تركيا ورئيس العراق هددا بعدم المجيء اذا جاء نتنياهو. يبدو انه بالنسبة لبعض زعماء المنطقة فان صورة مشتركة مع رئيس حكومة اسرائيل، بعد لحظة من الدمار والقتل الضخم الذي خلفه الجيش الاسرائيلي في غزة، هي جسر بعيد جدا. ولكن معضلة رئيس الحكومة بين الطفرة الاقتصادية السياسية التي كما يبدو تنتظره وبين احباط شركاءه المسيحانيين ومحاولة الحفاظ عليهم في الائتلاف، ستواصل مرافقته ايضا في الاشهر القادمة. كل ذلك تعلمناه في الاسابيع الاخيرة ان كل شيء يرتبط بمستوى الضغط الذي سيختار ترامب استخدامه.

الرئيس الامريكي اختار مكافأة نتنياهو على استجابته لطلب التوقيع على الصفقة بمباركة كثيرة من فوق منصة الكنيست وبتدخل فظ في الجهاز القضائي في اسرائيل. لقد توجه بشكل مباشر للرئيس اسحق هرتسوغ وطلب منه العفو عن رئيس الحكومة، وان يعفيه من الاجراءات القانونية الطويلة “بسبب عدة علب من السيجار وزجاجات الشمبانيا”. نتنياهو ظهر راضيا. الجمهور على المدرجات المليئة بنشطاء الليكود واصحاب النفوذ والمصالح الخاصة خرج عن اطواره. ترامب اعترف بان هذه كانت خطوة خطط لها مسبقا بناء على طلب من نتنياهو. لقد جرت والانظار موجهة نحو الانتخابات. على خلفية هذه المحاولة المثيرة للاشمئزاز من اجل التاثير، ربما كان من الافضل لو ان اوحانا تجاوز كل قواعد الاحتفالات وقاطع رئيس المحكمة العليا اسحق عميت والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا، ربما هكذا كان سيعفيهما من هذه المعضلة ويخرجان من الجلسة تعبيرا عن احتجاجهما.

بصورة نموذجية نتنياهو لم يستغل المناسبة الاحتفالية من اجل اظهار ولو قدر ضئيل من الندم أو تحمل المسؤولية عن احداث 7 اكتوبر. حوالي 2000 اسرائيلي قتلوا في فترة ولايته، وحوالي 250 تم اختطافهم. ولكن من ناحية رئيس الحكومة ومؤيديه فانه هو المسؤول فقط عن النجاح في لبنان، ايران، سوريا وبصورة لم تستكمل بعد في غزة.

في القطاع ما زال يوجد الكثير من علامات الاستفهام المقلقة. أولا، بخصوص اعادة الجثث، وبعد ذلك بخصوص طبيعة الاتفاق الحكومي الذي سيتبلور هناك، اقصاء حماس عن موقع التاثير والوظيفة التي ستعطى للسلطة الفلسطينية. النجاح في غزة، الذي يجب ان يشمل اعتراف ما بمكانة السلطة الفلسطينية يمكن حقا ان يمهد الطريق امام خطوات سياسية ايجابية بعيدة المدى في الشرق الاوسط. ولكن من اجل حدوث ذلك يجب على اسرائيل فعل امور غير مألوفة. اولا، ابداء المرونة والمخاطرة بالقناة السياسية. ثانيا، الحذر من الادمان مجددا على ثمل القوة في كل ما يتعلق بالوضع الامني.

-------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 15/10/2025

 

 

بعد الأعياد بات هنا، وغزة لا تزال هناك

 

 

بقلم: يوآف ليمور

 

صورة إثر صورة، كل واحدة منها تساوي مليون كلمة. ارئيل كونيو واربيل يهود. أفينتان اور ونوعا ارغماني. عومري ميران مع ليشي والبنات. دافيد كونيو مع شارون والبنات. الكنا بوحبوط مع رام وريفكا. زيفي وغالي بيرمان مع قمصان مكابي تل ابيب. ايتان هورن مع قميص هبوعيل بيرشيفع ومع اخوته. والمروحيات. والكتابات على اللوح. ويهوديت رفيتس. وعومر ادام. وكل شيء ضربة في البطن. ومليء بالدموع. يرى المرء ولا يصدق. وفي واقع الامر يصدق. هذا حقيقي. هم في البيت.

مشكوك انه كانت أيام كهذه في تاريخ الدولة. ربما في 15 أيار 1948. السعادة والفرح والقدرة على الاتحاد للحظة واحدة، ووضع كل شيء جانبا. نعم، حتى المعرفة بان هذا ليس منتهيا حقا: بقي هناك مخطوفون ضحايا. وأيضا الثمن الذي باسمه اكتسب هذا اليوم: 519 ضحية من الجيش الإسرائيلي وعشرات الاف آخرين ممن أصيبوا بالجسد وبالنفس. وكذا القلق مما سيحصل لاحقا. حماس عادة لتسيطر في غزة، ولن تسارع الى وضع سلاحها وكذا الفهم باننا لم نتغير حقا: فهاهم في الكنيست، بينما يحصل كل هذا، مارسوا السياسة الصغيرة في يوم قومي عظيم، يجدر بنا أن نتوقف للحظة عند ما حصل في الكنيست. فوصول الرئيس ترامب كان تاريخيا. كما أن شرفه ناله وعن حق على دوره الحاسم في إعادة المخطوفين. وكذا خطابه – ترامب في افضل حال له – الأكثر سياسة صحيحة، ولا يزال العرض الأفضل في المدينة. خسارة ان الكنيست، ورئيسها لم ينجحا في التسامي الى عظمة اللحظة: عندما اختارا ان يقصيا عنها رئيس المحكمة العليا والمستشارة القانونية للحكومة وحين اختارا ان يدعوا لها متفرغين حزبيين ومقاولي أصوات وكأن هذا حدث رياضي ليكودي.

يتبين ان الوحدة جيدة فقط كشعار. بالضبط مثل السلام. لنتنياهو الذي كان هذا يومه الأعظم، أعطيت فرصة لتعظيمه اكثر حين دعي للانضمام الى القمة في شرم الشيخ. كان ينبغي له ان يسافر الى هناك والا يقول الا جملتين: في 7 أكتوبر هاجمت حماس دولة إسرائيل – قتلت، اغتصبت واختطفت وفرضت علينا حرب اللامفر. هذه الحرب انتهت اليوم، وانا اقف هنا وأمد يدي للجميع لحلف الشجعان، لسلام يأتي من القوة ليغير وجه الشرق الاوسط الى الابد”.

لكن نتنياهو اختار ان يبقى في البلاد. قد يكون هذا العيد، وقد يكون التخوف من أن يلتقط في اطار الصورة مع أبو مازن واردوغان، وقد يكون تهديد اردوغان ورئيس وزراء العراق بمقاطعة الحدث. مهما يكن من أمر، هذه اللحظة الواحدة التي كان بوسعه فيها ان يأخذ إسرائيل الى الامام، ارتعدت فرائصه. بدلا من أن تعود إسرائيل الى مركز الساحة بقيت جانبا فيما يبحث الاخرون في المستقبل بدونها.

بين هذا وذاك الغيت أيضا زيارة رئيس اندونيسيا التي كان مخطط لها لإسرائيل. احد ما سرب، ورئيس الدولة الإسلامية الأكبر في العالم قرر التنازل. في مكانين عرفوا بهذه الزيارة: في مكتب رئيس الوزراء وفي الموساد (الذي عمل على تنظيم الزيارة السرية). ينبغي التساؤل لماذا لم يطرح في محيط نتنياهو مطلب التحقيق في التسريب الذي الحق ضررا حقيقيا بدولة إسرائيل.

سيرافق الأيام القريبة القادمة هبوط طبيعي للتوتر. فبعد الأعياد بات هنا. الأطفال سيعودون الى المدارس والكبار الى العمل. ونتنياهو هو الاخر سيعود الى محاكمته التي يفترض أن تجرى أربع مرات في الأسبوع. العفو العفوي الذي حاول أن ينظمه له ترامب سلى الكنيست، لكن لم تكن له قيمة حقيقية. الاستطلاعات ستثني على نتنياهو حتى بدونه. وتعود لتتوازن بعد أسبوعين – ثلاثة أسابيع عندما تزول السحابة. هذه طبيعة العالم، هذه طبيعة الإسرائيليين.

غزة فقط ستبقى هناك. محظور علينا ان نقع في الأوهام: حماس عملت على العملية التالية الكفيلة بان تحصل صباح غد. من ناحيتها لم ينتهِ شيء. إسرائيل وعدت نفسا الا تسمح بهذا، لكنها لا يمكنها ان تستغل كل حدث ولا حتى تمديد زمن إعادة جثامين الضحايا المخطوفين – كي تستأنف القتال. ترامب وقع في حب الاتفاق الذي حققه ولن يسمح له بان ينهار بسهولة. هذه ليست فقط الضمانة الشخصية التي أعطاها: بل الشرف، بل جائزة نوبل السنة القادمة.

على إسرائيل أن تضغط في الاتجاه المعاكس – لتنفيذ الاتفاق. ان تدفع قدما بالتجريد من السلاح، الاعمار، وبالاساس إقامة حكم بديل في القطاع. هذا سيسمح لها بالانضمام الى الرؤيا الإقليمية العظيمة التي تحدث عنها ترامب في الكنيست. هذا في يديها بالضبط مثل الاشفاء ورأب الصدوع الداخلية في يديها أيضا. دخولها الى سنة انتخابات لا تبشر بالخير. ولا يزال، فرحة التوراة هذه السنة كانت فرحة خاصة. ليتها تشق طريقا جديدا.

-------------------------------------------

 

معاريف 15/10/2025

 

 

ترامب يطوي البسطة

 

 

بقلم: آنا برسكي

 

أول أمس كان يوما لا ينسى في تاريخ دولة إسرائيل. الشاشة منقسمة: خطاب رسمي في الكنيست لرئيس الولايات المتحدة، وعناق ام وابنها الذي عاد من الاسر. ليس صعبا التخمين أي صورة انتصرت. لكن في السطر الأخير، من ناحية واشنطن، أي ترامب، الحرب – في صيغتها القديمة انتهت. في القدس يمكنهم أن يعلنوا ما يريدون، لكن هذا لا يغير الواقع والامر الذي فرض عليهم.

اليمين يهديء نفسه بأمل أن ترامب “سيفقد الاهتمام” ويسمح “بإصلاح” نتائج الاتفاقات الأخيرة. هذا خيال مواسٍ لكنه ليس خطة عمل.

لقد استثمر ترامب مالا سياسيا طائلا في القمة في شرم الشيخ. فقد جمع حوله زعماء وقعوا على الورقة وليس فقط في الصورة، وخلق التزاما إقليميا نادرا. مشروع كهذا لا يترك في المنتصف.

الرجل، الذي في أمريكا هو تراكتور بدون رخصة، يأتي الى الشرق الاوسط مع كف جرافة ووقت استئجار محدود لثلاث سنوات. وهو لن يبذر هذا الوقت الغالي على الإشارات الضوئية المضيئة في القدس.

يجدر بنا أن ننتبه الى ما حصل من خلف الكواليس. الدعوة لنتنياهو لان ينضم الى شرم الشيخ لم تولد من تلقاء ذاتها. فحسب مصادر مصداقة ترامب نفسه طلب من الرئيس السيسي ارسال الدعوة الى نتنياهو، والاستجابة (بعد تأخير قصير) حلت محلها “لا” إسرائيلية بتعليل قدسية العيد. ليس واضحا اذا كان هذا من ناحية رئيس الوزراء أم من ناحية شركائه الحريديم، لكن من تهمه الاطياف الصغيرة لذريعة كبيرة.

تدقيقات المكتب؟ ربما. عمليا، غياب رئيس الوزراء حرم القمة من الفرصة لان تتحول من حدث توافقات رمزي الى طاولة عمل حية، وبالاساس أضعف الرافعة الإسرائيلية على الشكل الذي سيبدو عليه “اليوم التالي”. عندما يكون مخطط وكرسيك فارغ، فان آخرين سيصيغون بنود الحوكمة، الامن والاعمار بدلا منك.

من جهة أخرى يحتمل أن يكون اعتبار نتنياهو، الذي فضل أن يقول بكياسة “شكرا، لكن لا”، نبع من أن المشاركة في مثل هذا الحدث، بارتجال تام وبلا اعداد مناسب، من شأنها أن تتحول بالنسبة له من فرصة الى فخ.

ليس سهلا الاعتراض، جبهويا، على أفكار ترفضها بشدة بل وفي جلسة مواجهة دعيت اليها عبر حماية الرئيس الأمريكي وبخاصة حين يكون الرئيس في مزاج “سلام هنا والان”. فهل اخطأ نتنياهو ام أصاب؟ سنعرف في المستقبل البعيد.

نعود الى الشاشة المنقسمة. في قاعة الكنيست حصلنا على عرض محلي، منصة، مدرج، تصفيق. رئيس الكنيست وجه الحدث كمدير احتفال يستهدف زيادة المشاهدة – الكثير من الضجيج، القليل من المضمون. من لم يدعَ صنع عنوانا رئيسا لا يقل عمن دعي. الرسمي هي عملة يقل التعامل بها هذه الأيام؟ هذا جزء من الحالة الحزبية التي تحاول جعل الاحتفال عملة – وعملة للواقع. باستثناء ان السوق الخارجي – الولايات المتحدة، مصر، السعودية، الاتحاد الأوروبي لم تعد تشتري هذا.

وعندها جاء مقطع “طلب العفو” من هرتسوغ عن نتنياهو. ينبغي الافتراض بانه ولد عفويا. هو، يبدو، يسمع ويدار مثل فاكس وصل مسبقا. ترامب، الذي في شقاقه مع أجهزة القضاء في البيت وفي الخارج جعل الشك بها منذ زمن بعيد اجندته، سره أن يلعب الدور. من بدا أقل سرورا هو رئيس الدولة، الذي حشر بين الاحتفال، الكاميرات والوحل السياسي. اذا كان احد ما لا يزال يعتقد ان الحديث يدور عن بادرة ودية، فان الوتيرة التي فهم بها الجميع العنوان روت القصة. هذه سياسة، وليست مصالحة.

-------------------------------------------

 

هآرتس 15/10/2025

 

 

خوف نتنياهو من السلام يفوق خوفه من الحرب: ماذا يقول ترامب؟

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

 “بعد سنوات من الحرب والخطر، السماء هادئة اليوم، والمدافع صامتة، والشمس مشرقة على الأرض المقدسة”، هذا ما أعلنه ترامب من منصة الكنيست في القدس هذا الأسبوع، مع عودة الرهائن العشرين الأحياء الذين احتجزتهم حماس لمدة عامين كاملين إلى إسرائيل. هذه ليست مجرد نهاية حرب، بل نهاية حقبة من الرعب والموت. قال ترامب: “كما هو الحال في الولايات المتحدة، سيكون هذا عصرًا ذهبيًا لإسرائيل والشرق الأوسط”، محولًا التركيز من عظمة النصر إلى غايته. وأضاف: “لقد حققت إسرائيل كل ما في وسعها بالقوة العسكرية”، ثم أضاف على الفور: “حان الوقت لترجمة هذه الإنجازات ضد الإرهابيين في ساحة المعركة إلى الجائزة الكبرى المتمثلة في السلام والازدهار في جميع أنحاء الشرق الأوسط”. ودعا ترامب إسرائيل إلى “اغتنام الفرصة التي أتيحت لها بالقوة والشجاعة لقيادة مسار دبلوماسي جديد مع جيرانها”.

كما وجّه رسالة مباشرة إلى الفلسطينيين: “بعد كل هذا الموت والألم، حان الوقت لتركزوا على بناء الاستقرار والأمن والكرامة والتنمية الاقتصادية”. وأكد الرئيس صراحةً أن بلاده “ستدعم أي مبادرة إسرائيلية فلسطينية تسعى إلى سلام حقيقي ودائم في الشرق الأوسط”. ومع ذلك، خلال الخطاب، طُرد عضوان في الكنيست من قاعة المحكمة لرفعهما لافتات كُتب عليها “اعترف بفلسطين”. إذا كان ترامب ملتزمًا بالسلام، فلا يمكنه تشجيع رفض إسرائيل الاعتراف بفلسطين. حق الفلسطينيين في تقرير المصير. إن مطلب الاعتراف بدولة فلسطينية، وخاصةً عندما يُعبَّر عنه بطرق سلمية، هو مطلب معقول أيضًا لمن يطمحون، مثل ترامب، إلى شرق أوسط جديد.

بعد الخطاب، سافر ترامب إلى شرم الشيخ، حيث شارك في قمة إلى جانب الرئيس المصري السيسي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. إن مجرد مصافحة ترامب في لقائه مع عباس وإعادة السلطة الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات، دليل على فهمه أن قرار حماس يعني الاعتراف بالسلطة الفلسطينية ممثلاً للشعب الفلسطيني. من ناحية أخرى، تنازل نتنياهو عن مشاركته في القمة، بحجة “قدسية العيد”. كانت هذه ذريعة تُخفي حقيقة بسيطة: رئيس الوزراء الإسرائيلي يخشى السلام أكثر من خوفه من الحرب. وبدلاً من استغلال اللحظة التاريخية التي صنعها ترامب، اختار مرة أخرى الجمود والرفض، خوفًا من مواجهة مع شركائه المخلصين في الائتلاف. في الكنيست، وصف ترامب نتنياهو بأنه “ليس رجلاً سهلاً”، لكنه أشاد به “لفهمه أن هذا هو الوقت المناسب”. لم يكشف كيف جعله يفهم ذلك. الحقيقة أن نتنياهو رضخ للضغوط الأمريكية. على ترامب أن يواصل ممارسة هذا الضغط على نتنياهو وإسرائيل. إذا أصرّ ولم يستسلم، فقد تكون السماء التي تحدث عنها هي الحد الأقصى.

-------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 15/10/2025

 

 

هل ستعود الحكومة إلى وهم 6 أكتوبر؟

 

 

بقلم: افي يسخاروف

 

يمكننا أن نؤكد أنه بينما نحتفل بإطلاق سراح الرهائن العشرين وعودة جثامين الشهداء الأربعة، تستعد حماس بالفعل للمرحلة التالية من المواجهة مع إسرائيل.

ولكن حتى قبل ذلك، وهذا ما ظهر في غزة في الأيام الأخيرة، تُظهر حماس حُكمًا قويًا وتستعيد السيطرة على تلك المناطق القليلة التي نجحت في أن تصبح شبه مستقلة. تشمل “عودة الحكم” فظائع انتشرت على نطاق واسع عبر الإنترنت: إعدامات وتعذيب وضرب كل من يُشتبه في تعاونه أو تجرأ على رفع رأسه ضد حماس. الحركة، التي تُصرّح في كل فرصة بأنها مستعدة للتخلي عن سيطرتها على غزة لصالح السلطة الفلسطينية، تتصرف على الأرض وكأنها ستبذل قصارى جهدها لعدم التخلي عنها. وهنا أيضًا، لا بد من توضيح نقطة مهمة. قد تكون حماس مستعدة للتخلي عن السلطة الإدارية في غزة، كما أعلنت منذ بداية الحرب، لكنها ليست مستعدة لنزع سلاحها. في الأسابيع المقبلة، ستُجنّد حماس آلاف الجنود الجدد، وسيكون هناك الكثير منهم في غزة ممن يرغبون في الانضمام إلى صفوفها. ستُجهّزهم بأسلحة خفيفة، وربما ستحاول إحياء منظومة إنتاج الصواريخ وغيرها من الأسلحة.

السؤال هو ماذا ستفعل الحكومة الإسرائيلية حينها، بعد أن أعلن الرئيس ترامب انتهاء الحرب في غزة؟ هل ستحتفظ بحرية عملها وتهاجم أهداف حماس مجددًا، أم ستعود إلى وهم السادس من أكتوبر بأن حماس رصيدٌ ثمين، وأنها مردوعة وربما تسمح حتى بتحويل الأموال القطرية إلى قطاع غزة “لأغراض إنسانية” فقط؟

بعد صفقة جلعاد شاليط، التي أُطلق بموجبها سراح 1027 أسيرًا فلسطينيًا، حظيت حماس بدعم هائل بين الجمهور الفلسطيني – في الضفة الغربية وغزة على حد سواء. يبدو مستقبل غزة والضفة الغربية أخضرً للغاية. رفرفت رايات التنظيم الخضراء في كل مكان، وعرف التنظيم كيف يستغل إطلاق سراح يحيى السنوار والآخرين لإحكام قبضته على غزة، وتحسين قدراته العسكرية، والتحول إلى جيش عصابات مدرب ومنظم. جيش عصابات خطير

إذا لم تُكتب لخطة ترامب النجاح في سياق نزع سلاح حماس واستبدال الحكم في غزة، فسنواجه خلال بضع سنوات على أفضل تقدير، أو بضعة أشهر على أسوأ تقدير، جيش عصابات لا يقل خطورة. السؤال المطروح هو: هل ستعرف الحكومة الإسرائيلية كيف تستغل سياسيًا الوضع الميداني الجديد الذي نشأ نتيجة الحرب المطولة؟ الجناح العسكري لحماس أضعف من أي وقت مضى، وقد تم القضاء على معظم قادته، والجمهور الغزي متعطش لقيادة فلسطينية مختلفة. أعلنت عدة دول عربية، بما في ذلك حلفاء حماس – تركيا وقطر – دعمها لخطة ترامب، أي نزع سلاح حماس وتشكيل حكومة بديلة هناك. لكنها تريد أيضًا إدخال قوة فلسطينية تعتمد على السلطة الفلسطينية إلى غزة، لتحل محل حماس هناك وتعمل على نزع سلاحها.

على الحكومة الإسرائيلية الاستفادة من هذا الإجماع العربي والتعاون مع فكرة إرسال قوات السلطة الفلسطينية بدلًا من معارضتها. وإلا فإننا سوف نجد أنفسنا سريعا جدا عائدين إلى غزة، نبحث عن “النصر المطلق” الذي يحاول نتنياهو وأصدقاؤه تسويقه لنا دون جدوى.

في اليوم التالي لإطلاق سراح الرهائن العشرين، يمكن للمرء أن يبتسم ويفرح، لكن الاحتفالات لم تكتمل. فقد قُتل ألفا إسرائيلي خلال العامين الماضيين، جميعهم لديهم عائلات وزوجات وصديقات وأصدقاء وصديقات، والثمن باهظ، باهظ للغاية. لم يعد جميع الرهائن الذين سقطوا، وحماس تماطل بالفعل في إعادة الجثث. علينا أن نعترف أيضًا: لقد عدنا إلى السادس من أكتوبر، على المستوى الداخلي الإسرائيلي وفي سياق غزة. عادت حماس للسيطرة على القطاع، ولا يوجد اتفاق بينها وبين إسرائيل، وهناك بالفعل من يعتقد في الحكومة الإسرائيلية أن حماس مردوعة اكثر من أي وقت مضى، بينما تستعد حماس بالفعل للحملة القادمة. لكن ما لا يقل إثارة للقلق هو الشرخ الداخلي الإسرائيلي الذي لم يلتئم بعد الحرب. بل على العكس، يبدو أنه تفاقم في الأيام الأخيرة، وهذا يجب أن يُبقينا جميعًا مستيقظين. أدى إعلان ياريف ليفين عن الانقلاب القانوني في كانون الثاني 2023 إلى شرخ غير مسبوق في وحدة إسرائيل، لم يخفِ على أعدائنا. كل من كان يقظًا آنذاك حذّر رئيس الوزراء من أن استمرار هذا الشرخ سيدفع أعداء دولة إسرائيل إلى شم رائحة الدم في الماء: إيران وحزب الله وحماس. هذه هي العملية التي تنتظرنا هذه المرة أيضًا.

انتهى الشعور بالوحدة يوم تحرير الرهائن، والضمانة المتبادلة، بل وانتصار الروح في هذه الحرب، والصور المؤثرة التي وصلت من جميع الجهات من لقاء العائلات بالرهائن، وبالطبع مظاهرة الدعم لهم في ساحة الرهائن، بعد ساعات قليلة. لقد بذل رئيس الكنيست الاكثر تعسفا

جهودًا كبيرةً لعدم دعوة رئيس المحكمة العليا إسحاق عميت والمستشارة القانونية غالي بهرب ميعارا إلى الجلسة العامة الخاصة بمناسبة خطاب ترامب، وذلك لمواصلة إظهار أن القواعد الرسمية، أو بالأحرى قوانين دولة إسرائيل، أقل أهميةً بالنسبة له وأن الجمهور الوحيد الذي يخاطبه هو ناخبو نتنياهو.

نعم، من أجل تحقيق مصالحة حقيقية بين شعب إسرائيل، يجب علينا التحقيق وفحص ما حدث في 7 أكتوبر والسنوات التي سبقته. لذلك، يجب إنشاء لجنة تحقيق رسمية هنا لمحاسبة الجمهور

 بأكمله على فشل دولة إسرائيل والمؤسسة الأمنية في ذلك اليوم اللعين.

-----------------انتهت النشرة----------------- 

disqus comments here