الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 14/12/2025 العدد 1485

الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

هآرتس 14/12/2025

 

 

جوقة الدعاية والاعلام الاسرائيلية قامت بنشر السم: “الاونروا” هي نخبة

 

 

بقلم: جدعون ليفي

 

حملة التشويه الاسرائيلية المجنونة ضد الاونروا، التي وصلت الى الذروة في الفترة الاخيرة بالسيطرة المجنونة على مقرها في القدس ورفع علم اسرائيل فوقه، تنبع من سبب عميق، الذي اسرائيل لن تعترف به في أي يوم وهو أن الاونروا هي المساعد الرئيسي للاجئين الفلسطينيين منذ العام 1948، هذا هو ذنبها الحقيقي، وكل ما تبقى هو مبررات ودعاية. الاونروا انقذت اللاجئين، لذلك هي عدو.

على مدى سنوات شكلت الاونروا اداة طيعة في يد اسرائيل، تمول الاحتلال وتؤدي الدور الموكل اليها بحسب القانون الدولي. في السنوات التي كانت فيها اسرائيل ما زالت تهتم ولو قليلا بمصير الفلسطينيين، رغبة منها في التزام الصمت، وكانت قراراتها تقوم على اعتبارات منطقية وليس على مجرد الكراهية، كان للاونروا دور هام. ثم جاء 7 اكتوبر، وانقلبت اسرائيل على من مد يد العون لضحاياها. لقد فقدت كل الاهتمام بقضية الفلسطينيين، وتوقفت عن النظر اليهم كبشر. عندها الاونروا اصبحت منظمة ارهابية، وسارعت ادارة ترامب في الانضمام لاسرائيل.

الذريعة الاولى التي استلتها الدعاية الاسرائيلية هي أن العاملين في هذه المنظمة كانوا مشاركين في احداث 7 اكتوبر. ليس حماس هي التي هاجمت اسرائيل، بل الاونروا. اسرائيل قالت ان 12 شخص من العاملين فيها شاركوا في المذبحة. 12 من بين الـ 13 ألف عامل في الاونروا في غزة. جوقة الدعاية والاعلام في اسرائيل نشرت السم. “الاونروا هي نخبة”. هذه المنظمة قامت باقالة من شاركوا في الجرائم، ولكن لم تكن لها أي فرصة. لا احد لم يسال في يوم من الايام كم من العاملين في بنك ليئومي قصفوا الاطفال في غزة، وكم من العاملين في الجامعة العبرية قصفوا المستشفيات، وكم من العاملين في وزارة التعليم قاموا بقنص من وقفوا في الطابور للحصول على المساعدات. مصير الاونروا تم حسمه. ايضا القصص التي لم يتم اثباتها في أي يوم بشان “مقرات قيادة” حماس الموجودة في مخازن الاونروا، ومكان اللجوء الوحيد لمئات آلاف الاشخاص، عملت على تاجيج التحريض.

عندها تم فتح الحساب التاريخي. الاونروا تخلد اللجوء. لولاها لما كان يوجد لاجئون. اللجوء هو الدليل الاخير على النكبة، لذلك هي لا تعجب اسرائيل. بعد ان قامت بمحو اكثر من 400 قرية، بقيت فقط مخيمات اللاجئين كذكرى دموية على 1948. هذه هي جريمة الاونروا، ادعي ايضا في الفيلم الوثائقي لدوري درور، الذي تم بثه في “كان 11”. الاوروبيون ساذجون، قال درور، كما يدعي الاسرائيليون دائما ضد منظمات المساعدة. هم ساذجون – فقط نحن الاسرائيليون اذكياء.

الاونروا لم تخلد وضع اللجوء. الاحتلال هو الذي خلده. لو انه كانت للفلسطينيين دولة لكانت وظيفة الاونروا ستنتقل اليها. وقد بلغ درور ذروة السخافة في دعايته في مقابلة مع نيريت اندرمان (“هآرتس”، 4/12)، عندما قال ان فلسطين تعتبر اليوم في الامم المتحدة دولة مراقبة، “أنت لا يمكن أن تكون لاجيء عندما تكون لك دولة. قرروا، هل انتم دولة أو مناطق محتلة؟”. حقا هذا غير جيد، أيها اللاجئون الفلسطينيون، أنكم لم تقرروا بعد. ولكن اسرائيل قررت بالنسبة لكم منذ زمن. في 1967 قررت الاحتلال، ومنذ ذلك الحين لم تغير أي شيء في هذا القرار. الان هي ايضا تقول: لن تكون هناك دولة الى الابد. الاونروا خلدت اللجوء.

توجد بالطبع المناهج التعليمية للاونروا. “كلها تحريض” ضد اسرائيل. وكأننا بحاجة الى الاونروا من اجل تكريه الاطفال الفلسطينيين باسرائيل. يكفي أن يفتحوا نافذة بيتهم، هذا اذا بقيت نافذة، كي يكرهوا من فعل بهم كل ذلك. الاونروا كان يجب ان تعلمهم حب اسرائيل.

لقد وجد للاونروا بديل وهو منظمة المساعدة الامريكية “جي.اتش.اف”. وبعد حوالي الف قتيل تم اغلاقها، لحسن الحظ. الهجمات على الاونروا مستمرة، وليس لها بديل. الجمعية العمومية للامم المتحدة دعت أول أمس باغلبية كبيرة اسرائيل للتعاون مع الاونروا، بعد ان قررت محكمة العدل الدولية في لاهاي ان الاتهامات ضدها لا اساس لها. داني دنون سارع الى الرد وقال: “الاونروا هي منظمة ارهابية. فقط يجب على الفلسطينيين أن يختفوا من أمام انظارنا”.

------------------------------------------

 

هآرتس 14/12/2025  

 

الحكومة تستعد للإعلان الأسبوع القادم عن تسويغ 19 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية

 

بقلم: متان غولان، يونتان ليس وليزا روزوفسكي

وزراء الكابنت ناقشوا في يوم الخميس الماضي المصادقة على شرعنة 19 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية، من بينها كيديم وغانيم، الموجودة في عمق السامرة – هذا حسب مصدر تحدث لـ “هآرتس”. وحسب قوله فانه في الاسبوع القادم يتوقع ان تعلن الحكومة عن هذه الخطوة بشكل رسمي. هكذا فانه فعليا يتوقع ان تستكمل الدولة الغاء مباديء سريان قانون الانفصال عن الضفة التي تم تطبيقها في الضفة الغربية، الذي في اطاره تم في 2005 اخلاء مستوطنات غانيم وكيديم وحومش وصانور، الموجودة في مركز السامرة. العملية التي بدأت في آذار 2023 عند المصادقة على تعديل القانون المعروف “بالغاء قانون الانفصال”، الذي يسمح للاسرائيليين بالمكوث في المناطق التي اخليت في الانفصال، وان تكون لهم حقوق على الاراضي في المنطقة بعد ان تم الغاء هذه القوانين كجزء من قانون الانفصال.

هذه المستوطنات المعزولة في عمق السامرة اقيمت في الثمانينيات، وبعد اتفاق اوسلو اصبحت في مناطق ج، بسيطرة اسرائيلية على المنطقة التي هي في معظمها مناطق أ وبعضها مناطق ب. لسانان من مناطق ج يقسمان تواصل الفلسطينيين في المنطقة، وفي اطار قانون الانفصال سرى عليهما حظر تواجد للاسرائيليين، مع اخلاء المستوطنات الاربعة التي كانت موجودة في المنطقة حتى البدء بسريان القانون. “نحن نقلص الاحتكاكات اليومية والضحايا في الطرفين”، شرح في آب 2005 رئيس الحكومة في حينه اريئيل شارون.

منطقة كيديم وغانيم قريبة من جنين، شمال المنطقة “المسلحة” التي شن فيها الجيش الاسرائيلي مؤخرا عملية “الحجارة الخمسة” على خلفية تهديدات الارهاب الكبيرة التي تم تشخيصها من قبله في المنطقة. ان الاقامة الجديدة للمستوطنات في قلب السامرة يتوقع ان تعمق التواجد العسكري في المنطقة، التي معظمها يعتبر تحت السيطرة المدنية والامنية الفلسطينية، وخلافا لمباديء خطة الانفصال التي بحسبها “لن يبقى في شمال السامرة أي وجود اسرائيلي دائم لقوات الامن والمدنيين الاسرائيليين”.

منذ عملية الانفصال اقيمت بؤر استيطانية كثيرة في السامرة، وفي مناطق الضفة الاخرى، لا سيما بعد اندلاع الحرب. مع ذلك هذه البؤر الاستيطانية كانت مثل فكي الكماشة، التي تحيط بشمال الضفة من ثلاث جهات، ازاء قيود قانون الانفصال. في ايار 2023، بعد شهرين على المصادقة على تعديل قانون الانفصال، تم فرض أمر عسكري باسم “تطبيق خطة الانفصال – الالغاء بالنسبة لمنطقة حومش”. في ايار 2024، في اعقاب توجيهات وزير الدفاع في حينه يوآف غالنت، تم الغاء تطبيق قانون الانفصال على كل المنطقة التي تقع شمال السامرة. وبعد ذلك تم اصدار امر منطقة عسكرية مغلقة في كيديم وغانيم وصانور، وهكذا فان عودة الاسرائيليين اليها لم يكن مسموح بها حتى الان بدون تنسيق امني. التسوية النهائية للمستوطنات التي تم اخلاءها في عملية الانفصال كان يمكن ان تستمر لسنوات كثيرة، لكن البنية التحتية القانونية للعودة اليها بحماية الجيش الاسرائيلي وضعت في اعقاب القرار المبدئي للمستوى السياسي. كما هي العادة في الضفة فان التسوية الكاملة ستحدث باثر رجعي، هذا اذا حدثت.

المصادقة على تعديل القانون في الكنيست قبل سنتين ونصف، ادت الى توجيه انتقاد من قبل ادارة بايدن. السفير الاسرائيلي في الولايات المتحدة في حينه مايك هرتسوغ تم استدعاءه لمحادثة توضيح مع نائبة وزير الخارجية الامريكية، فيندي شيرمان. “نائبة الوزير عرضت مخاوف الادارة في اعقاب التشريع الذي يلغي جوانب هامة في قانون الانفصال الصادر في 2005، بما في ذلك منع اقامة مستوطنات في شمال الضفة”، اعلن في حينه نائب المتحدث بلسان وزارة الخارجية الامريكية، وودنت بتال.

مصادر مطلعة على هذه المحادثة قال ان بيان بتال لم يعكس الرسالة الشديدة التي ارسلتها الولايات المتحدة. وحسب مصدر آخر فان المحادثة كانت استمرارية للرسالة التي ارسلها بتال من قبل، في مؤتمر صحفي، التي بحسبها فان المصادقة على القانون “هي امر استفزازي بشكل خاص” على خلفية التصعيد الامني. الاتحاد الاوروبي دعا ايضا في تلك الفترة اسرائيل الى الغاء القانون واتخاذ خطوات تساهم في وقف التصعيد.

حسب تقديرات مصادر مطلعة فان اعادة توطين المستوطنات في شمال الضفة، وكل تقدم في هذه العملية، يجب ان يتم بالتنسيق مع الولايات المتحدة. مع ذلك، يبدو أن نظرة ادارة ترامب للمستوطنات في السامرة مختلفة عن نظرة ادارة بايدن. ففي شهر ايلول، على خلفية اعتراف دول كثيرة بالدولة الفلسطينية والتطلع الذي عبرت عنه شخصيات في اسرائيل لفرض السيادة في الضفة، تم اطلاق حملة جولات مدعومة في مجلس السامرة، وبقيادة وزارة الخارجية تجولت في السامرة بعثة تتكون من 250 عضو في مجلسي النواب والشيوخ من 50 ولاية امريكية. السفير الامريكي في اسرائيل، مايك هاكبي، حصل على لقب مواطن شرف في المجلس الاقليمي السامرة، واعترف بيهودا والسامرة كوطن للشعب اليهودي وانتقد استخدام مصطلح “الضفة الغربية”.

جهود المجلس الاقليمي السامرة لتعميق سيطرة اسرائيل على الارض من خلال تعريف المنطقة كوطن للشعب اليهودي مدعومة بعمليات اعلان مسرعة عن مواقع اثرية بواسطة اوامر عسكرية. مؤخرا ايضا نشر في “هآرتس” عن حملة سياحية عسكرية تدعو الجنود والمواطنين للذهاب الى المواقع الاثرية في الضفة، بما في ذلك المواقع الموجودة في مناطق أ وب.

منذ تشكيل الحكومة صادق الكابنت على تسوية بؤر استيطانية ثلاث مرات. ففي شباط 2023 تمت المصادقة على شرعنة 9 بؤر استيطانية، منها جفعات ارنون وشحريت الموجودة في السامرة، وفي حزيران 2024 تقررت شرعنة 5 بؤر استيطانية، منها افيتار في السامرة، وفي ايار 2025 تمت المصادقة على شرعنة 22 بؤرة استيطانية، منها صانور وحومش. يبدو أنه في القائمة التي تمت مناقشتها في يوم الخميس تم طرح على الاقل ثلاثة اسماء لبؤر استيطانية اخرى في السامرة، بعضها توجد على حدود مناطق ب.

يونتان مزراحي، وهو من طاقم متابعة المستوطنات التابع لحركة “السلام الان” قال للصحيفة: “ان شهية تعميق النزاع لدى حكومة اسرائيل لا تعرف الشبع. عشرون سنة بدون استيطان اسرائيلي في المنطقة كانت جيدة ليس فقط للفلسطينيين، بل ولدولة اسرائيل ايضا”.

وزارة خارجية المانيا نشرت أمس بيان ادانة للمصادقة على بناء وحدات سكنية جديدة في المستوطنات، ودعت الى وقفها. هذا بعد ان صادق مجلس التخطيط الاعلى في الادارة المدنية في الاسبوع الماضي على بناء 764 وحدة سكنية في الضفة الغربية. “في 2025 تمت المصادقة تقريبا على بناء 30 ألف وحدة سكنية، وهذا رقم قياسي جديد وسبب لقلق كثير”، كتب في البيان. “بناء المستوطنات ليس فقط يخرق القانون الدولي وقرارات مجلس الامن، بل هو ايضا يعيق حل الدولتين وانهاء الاحتلال الاسرائيلي. المانيا ترفض تماما الضم الرسمي والضم الفعلي”.

------------------------------------------

 

معاريف 14/12/2025

 

 

لعبة جديدة

 

 

بقلم: بن كسبيت

 

طرح غادي آيزنكوت في برنامج “التقي الصحافة” إمكانية أن تشكل كتلة التغيير الديمقراطي بعد الانتخابات حكومة بأغلبية يهودية من 58 نائبا – والفرحة كبيرة. مبعوثو نتنياهو والناطقون بلسانه يسارعون الى الاحتفال: ها هو، قلنا وحذرنا، الانذال مرة أخرى سيقيمون حكومة مع العرب! نهاية الصهيونية حلت! النجدة.

لا حاجة للانضباط ولا حاجة للفزع. فعلى الهراء الليبي يجب ان نرد بطرح الحقائق. ففي الأسبوع الماضي فقط حاولت حكومة نتنياهو، نتنياهو إياه، تمرير قانون التملص من الخدمة باصوات العرب، العرب إياهم. فقواعد اللعب حسب نتنياهو مرنة: من ناحيته يوجد 120 نائبا في الكنيست، 10 منهم عرب – وهم شاغرون لان يقادوا. فقد حاول أن يقيم معهم حكومة (نعم نعم، من حاول أن يقيم معهم حكومة مع منصور عباس كان نتنياهو. من اسقط معهم حكومة، هو عين معهم مراقب دولة، هو عقد صفقات لا نهاية لها معهم، إذ هو مسموح له.

اما الطرف الاخر؟ فمعاذ الله. للطرف الاخر محظور. وعليه فعندما يقيم بينيت ولبيد حكومة مع منصور عباس فيكونون هم خونة، لكن عندما يقلب نتنياهو العوالم كي يقيم حكومة مع منصور عباس فهو زعيم ذو قامة يرى في عرب إسرائيل شريكا شرعيا. وبالفعل، ينبغي أن نعلن احتفاليا: هذا انتهى.

غادي آيزنكوت لم يتحدث أمس عن حكومة مع العرب، ولا حتى عنن حكومة بدعم العرب. آه، وكذا ليس عن حكومة بامتناع العرب. هو تحدث عن حكومة. كما هو معروف حكومة يمكن أن تؤدي اليمين القانونية حتى بأغلبية اثنين ضد واحد. آيزنكوت يقول انه اذا اعلن نتنياهو بان العرب خارج اللعبة وخارج الإحصاء إذن فليتفضل. يوجد 110 نائب (بعد حسم عشرة النواب العرب)، نحن سنعرض حكومة يوجد لها 58 او 57 نائبا يهوديا، المعارضة ستجند 52 او 53 معارضا واذا بالحكومة تقوم. تجسد أحلام اليمين: اغلبية يهودية. وليس فقط اغلبية يهودية بل اغلبية يهودية صهيونية مطلقة، إذ في جانب المعارضين يوجد غير قليل من النواب غير الصهاينة، أي نواب حريديم. هذه حكومة شرعية بكل معنى الكلمة. اما العرب؟ هم سيفعلون ما هو خير لهم. لن يوقع معهم اتفاق ائتلافي وهم لن يكونوا مكبلين باي اتفاق. اذا رغبوا، فليعارضوا. اذا رغبوا، فليمتنعوا. اذا غربوا فليؤيدوا. وفقا للامر والشأن. اذا ما توصلوا الى استنتاج بان حكومة التغيير جيدة لهم، فليساعدوا. اذا لا فيسقطوها. من حقهم.

نتنياهو يطلق أصوات فرح. ها هو نجح في أن يثبت نظريته. هؤلاء اليسرويون يريدون ان يجلسوا مع العرب. لكن لا تقعوا في الخطأ. نتنياهو ليس فرحا. نتنياهو قلق. هو يعرف ان حكومة كهذه يمكن أن تقوم، بدون اتفاقات مع العرب وبدون توافقات مع العرب. هو يعرف انه في اللحظة التي تقوم بها، فانها ستعين رئيس كنيست جديد، تستبدل الجرافة التي تسمى أيضا يريف لفين، ترسل عيديت سيلمان الى المكان الذي جاءت منه، ورئيس الوزراء سيكون اسمه نفتالي بينيت او افيغدور ليبرمان او يئير لبيد او غادي آيزنكوت. وهو، نتنياهو، سيكون رئيس المعارضة. الفعل الأول الذي ستقوم به هذه الحكومة هو إقامة لجنة تحقيق رسمية للتحقيق في اخفاق 7 أكتوبر. حتى لو نجح في اسقاطها في موعد ما فانه لن يكون رئيس حكومة انتقالية كما يريد. وهو حقا لا يريد ان يرى هذا السيناريو.

وختاما: اذا كان نتنياهو يريد أن يلعب مع العرب، فان الجميع سيلعبون مع العرب. اذا كان نتنياهو يستبعد العرب، فان العرب خارج اللعبة ومسموح ترسيم حكومة بدونهم. هذا بالضبط ما يجب عمله. إذ ان الأهم، لكن حقا الأهم، هو أمر أول لاستبدال بنيامين نتنياهو. هذه حاجة وجودية، لان بنيامين نتنياهو اعلن حربا على دولة إسرائيل. في الجو، في البحر وفي البر. اذا استمرت هذه الحرب، فلن يكون هنا الكثير من الرسمية ومن القيم التي أقيمت عليها هذه الدولة.  كل ما تبقى، سيترتب بعد ذلك.

-------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 14/12/2025

 

 

رأس المال الوطني الخفي لإسرائيل

 

 

بقلم: يوسي كوهين

 

لقد درج جهاز الامن على الحديث عن ثلاثة اركان كلاسيكية: التفوق التكنولوجي، والاستخبارات عالية الجودة، واحتياطيات القوى البشرية. ولكن هناك ركن رابع – خفي، لا يُقاس، ولكنه حاسم – بدونه تفقد الأركان الثلاثة الأخرى قيمتها: التفوق القيمي. في إسرائيل، لا يُعد التفوق القيمي فكرة فلسفية مجردة، بل هو قائم على واقع ملموس: فالقيم التي بُنيت هنا تحت نيران الحرب، على مر الأجيال، هي مورد وطني مُثبت. هذا هو رأس مالنا الوطني الأعمق: مزيج من الرسالة، والضمان المتبادل، والاستعداد لدفع ثمن باهظ من أجل مستقبل مشترك، والقدرة على إعادة التجنيد حتى بعد شرخ وطني.

من يملك رأس المال هذا؟ ليس المقاتلون فحسب، بل العائلات التي دفعت الثمن الأغلى أيضاً. في منظمة أرامل وأيتام الجيش الإسرائيلي، ألتقي بعائلات من مختلف شرائح المجتمع الإسرائيلي. يجمعهم قاسم مشترك واحد: الإنسانية والأخلاق. هذه الصفة تتجلى أيضاً في الجيل القادم. تحدث الحكماء عن “حق الأجداد”، وهو مفهوم يصف كيف تستمر أفعال وقيم الأجيال السابقة في التأثير على الجيل القادم وتوجيهه. في عيون الأطفال، أرى حزناً عميقاً، وفراغاً هائلاً، ولكن أيضاً حضوراً هادئاً لوالدٍ ترك لهم درباً وقيماً.

في عائلتي أيضًا، حلّت المأساة بلا رحمة. ففي الحملة الأخيرة وعلى مرّ السنين، فقدتُ ابن عمي ميخائيل (ميتشي) مارك، وثلاثة من أبناء عمومتي من الدرجة الثانية: إلحانان كليمينزون، وشلومي، وبيديا مارك. والحقيقة المؤلمة هي أنه لا يكاد يوجد بيت في إسرائيل إلا وقد خلّف فيه الفقدان فراغًا كبيرًا. هذا الواقع – الشخصي والوطني – لا يسمح لي بالوقوف مكتوف الأيدي. بل يُلزمني بتسخير كل أداة ومورد متاح لي، حتى لا تذهب وفاتهم سدىً، بل تُصبح عنصرًا من عناصر المعنى والمسؤولية والحياة.

 

خطر التآكل الداخلي

 

في مفهوم استراتيجي مُعتمد، يُعدّ “رأس المال” موردًا يمنح الدولة الصمود والقدرة العملياتية. فالصناعة الدفاعية تُحقق التفوق التكنولوجي، والاستخباراتية تُحقق التفوق المعرفي، وتدريب المقاتلين يُحقق التفوق العسكري. وتمتلك العائلات الثكلى ما يُتيح وجود كل هذا – الشرعية الأخلاقية والوطنية. ومنهم ينبع الشعور بالمعنى الذي يُتيح لنا الصمود أمام الاختبارات التي تستسلم لها الأمم الأخرى. تستمد الدول القوية قوتها من جيشها. تمتلك دولة إسرائيل جيشًا وقيمًا، لكن القيم هي ما يدعم الجيش.

وهنا يبرز سؤال الخدمة العسكرية. لا يُناقش “قانون التجنيد” آلية متفق عليها أو قسرية، بل هو سؤال جوهري يتعلق بالأمن القومي؛ هل ثمة قاسم مشترك من القيم ينبع منه الاستعداد للدفاع عن الوطن؟ الجيش ليس مجرد إطار تدريبي، بل هو ثمرة ثقة ومصير مشترك. عندما تُنظر إلى الخدمة كعبء يقع على عاتق قلة قليلة، لا تكمن المشكلة في العدد، بل في تآكل شرعية القيم التي تتمتع بها عائلات الشهداء. رأس المال القيمي الوطني، الذي وُلد من الفقد والألم، يتطلب نظام خدمة عادلًا وملائمًا، قائمًا على مبدأ واحد: يجب تقاسم المهمة الوطنية. وإلا، فإنه يفقد قوته ويصبح مصدرًا للخلاف يُلحق الضرر بالنسيج الإسرائيلي.

يُعلمنا التاريخ أن الدول لا تنهار بسبب عدو خارجي، بل نتيجة للتآكل الداخلي. تفكك الثقة، وتراجع الحافز للخدمة، وسخرية الرأي العام، وغياب الشعور بمعنى مشترك. عندما يضعف تماسك القيم، حتى أقوى الأنظمة تفقد قدرتها على العمل. لذلك، بدون دعم مستمر للأسر – التي تُشكل أساس هذا التماسك – يصبح تآكل القيم شبه مؤكد.

تدرك الأسر الحرب لا كعنوان في صحيفة، بل كواقع من واقع الحياة. ينظرون إليها من جديد كل يوم، وعليهم أن يختاروا الوقوف في وجهها. إنهم بمثابة جسر حي بين جيل المدافعين والجيل القادم، يُشيرون إلينا إلى نقطة التحول، وهنا تقع على عاتقنا مسؤولية وضع نقاط قوة أمامهم، وتعزيزها على الأقل كما تُعزز هي الوطن بأكمله.

 

وقود القيمة

 

عندما تستثمر الدولة في الأسر الثكلى، فإنها لا تقوم بمبادرة اجتماعية فحسب، بل تبني آلية استمرارية وطنية. ففي مجال الاستخبارات، يكمن الاستثمار في القدرة على استشراف المستقبل؛ وفي الصناعات الدفاعية، في القدرة على الاستجابة السريعة؛ وفي الاقتصاد، في الاستقرار. وفي الأسر الثكلى، يكمن وقود القيمة الذي يمكّن المجتمع من مواصلة الكفاح من أجل بقائه. إنه استثمار يُؤتي ثماره ليس فقط من الناحية الأخلاقية، بل من ناحية المستقبل أيضًا.

إن سيادة القيم ليست ترفًا، بل هي جزء لا يتجزأ من العقيدة الدفاعية ومكون أساسي من مكونات الصمود الوطني. فالأسر الثكلى هي البنية التحتية للقيم التي يقوم عليها وجود دولة إسرائيل. والاستثمار فيها استثمار استراتيجي طويل الأجل يقع في صميم الآلية التي تُمكّن الدولة من مواصلة مواجهة أي تحدٍ.

في المستقبل، لن يقتصر الصراع على الحدود المادية فحسب، بل سيشمل حدود المعنى أيضًا. ولن يُحسم الصراع في ساحة المعركة أو في التكنولوجيا فحسب، بل في قدرتنا على الحفاظ على رأس المال القيمي. كل من يفهم الأمن القومي يدرك أن هناك موارد قابلة للقياس، وموارد أخرى لا ينبغي إهدارها. تنتمي الأسر الثكلى إلى الفئة الثانية، فهي رصيد استراتيجي يجب على الدولة حمايته.

تُلقي التوراة على عاتقنا واجبًا أخلاقيًا لحماية الأرملة واليتيم، ليس من باب الإحسان فحسب، بل باعتباره ركنًا أساسيًا من أركان هويتنا. لا تدعو التوراة إلى الرحمة، بل تُطالب بالعدالة؛ عدالة تنظر مباشرةً إلى مواضع الألم التي أحدثتها الحياة. في سفر التثنية، نقرأ: “يحكم لليتيم والأرملة”. عندما يفقد الإنسان حماية أسرته الطبيعية، تصبح السماء نفسها سندًا له.

في هذا العهد الرقيق بين الله واليتيم والأرملة، تكمن حقيقة عظيمة عن طبيعة المجتمع. فالمجتمع الذي يسعى إلى العدالة الحقيقية يُقاس بمدى تعامله مع من فقدوا سندهم. ومن هذه الوصية تنبع مسؤولية اجتماعية عميقة والتزام بأن نكون حصنًا منيعًا للأسر. هناك، لا تُختبر إنسانيتنا فحسب، بل قوتنا أيضًا. القدرة على إعادة بناء توازنات مجتمع مُصلَح، مما يجعلنا لا أحد أقوى جيوش العالم فحسب، بل شعبًا مُرتبطًا بعهد أبدي.

على الرغم من الدمار والخسائر والنزاعات، لدينا بوصلة أخلاقية، لا تتأثر بكل هذا. دفاعنا عن العائلات هو النور الذي يبقى مُضاءً لهم. في عيد الأنوار هذا، يتجلى هذا الأمر أكثر من أي وقت مضى: بفضل هذه العائلات، يُضيء هنا نورٌ دائم، يُساند بلدًا بأكمله ويمنحه القوة للاستمرار شامخًا.

-------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 14/12/2025

 

 

لا أحد يريد حربا في لبنان ونزع سلاح حزب الله هو ورقة المساومة السياسية

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

التهديد بحرب في لبنان وصل الى مرحلة مطلوب فيها تدخل طوكو (ايلي وولش)، من المشهد الخالد في فيلم “الطيب والشرس والقبيح”. لقد نصح وولش وهو يجلس في حوض الاستحمام وقال: “اذا اضطررت الى اطلاق النار، فأطلق ولا تتكلم”، ثم اطلق النار على من يطارده وقتله. الامر نفسه ينطبق على لبنان، حيث لا يبدو أن أي طرف من الطرفين يرغب في استئناف الحرب. اسرائيل تواصل هجماتها الجوية مثل الهجمات الكثيفة التي استهدفت عناصر قوة “الرضوان” أمس، وما يوصف بـ “البنى التحتية للارهاب”.

حزب الله يواصل تمسكه باستراتيجية عدم الرد من اجل “احباط مؤامرة اسرائيل العمل بصورة انتقائية اكثر ضد لبنان”، كما برر الامين العام للحزب في تشرين الاول. الولايات المتحدة من ناحيتها تحذر لبنان من انه اذا لم يظهر العزم والقدرة على نزع سلاح حزب الله فان اسرائيل ستشن حرب شاملة. وقد نقل عن دبلوماسيين غربيين رسائل مشابهة للقيادة في لبنان. ولكن مشكوك فيه ان تعطي واشنطن الاشارة. فبالتوازي مع الخطاب التهديدي يتم شن حملة دبلوماسية كثيفة تشارك فيها فرنسا والسعودية ومصر الى جانب واشنطن، وتهدف الى تحديد الخطوات التالية من اجل التقدم. وقد تقرر عقد لقاء رفيع المستوى في باريس في يوم الاربعاء القادم، ويتوقع ان يشارك فيه من بين آخرين السفير الامريكي في لبنان مورغان اورتاغوس وقائد الجيش اللبناني اللواء رودول هيكل.

هيكل يتوقع ان يعرض في اللقاء بيانات حول نشاطات الجيش حتى الآن، وعدد السلاح المصادر ومنشآت حزب الله التي اصبحت تحت سيطرته، اضافة الى طلبات الجيش للمرحلة القادمة. وبعد يومين، في 19 كانون الاول، يتوقع ان يتم عقد في الناقورة نقاشات حول آلية الرقابة على تنفيذ وقف اطلاق النار بمشاركة ممثلين مدنيين من اسرائيل ورجل هيئة الامن الوطني الاسرائيلي اوري ريزنك وممثل لبنان سيمون كرم.

اللقاءات في باريس وفي االناقورة سيتم عقدها في ظل الاقرار بان لبنان لن يتمكن من استكمال مهمته التي تتمثل بنزع أو تحييد سلاح حزب الله في نهاية السنة، كما أمر الرئيس الامريكي ترامب. ويبدو ان الاطراف ستضطر الى التوصل الى اتفاق جديد حول الجدول الزمني والانجازات المطلوبة في كل مرحلة. مصادر سياسية لبنانية تحدثت لوسائل اعلام محلية اشارت الى ان الولايات المتحدة، تحت ضغط السعودية وفرنسا، ستوافق على اعطاء لبنان مهلة لمدة شهرين، لكن مشكوك فيه ان يكون هذا كاف للجيش اللبناني من اجل السيطرة على كل السلاح الموجود جنوب الليطاني، ناهيك عن شماله وفي كل ارجاء البلاد، كما ينص على ذلك اتفاق وقف اطلاق النار.

في نفس الوقت حظي تعريف “نزع السلاح” نفسه بتفسيرات مختلفة. فقبل فترة صرح المبعوث الامريكي الخاص في لبنان وسوريا توم باراك بأن “فكرة نزع سلاح حزب الله بالقوة هي فكرة غير منطقية. لا يمكن مطالبة لبنان بنزع سلاح أي حزب سياسي وتوقع السلام. السؤال الذي يجب ان نساله هو كيفية منع حزب الله من استخدام سلاحه”.

اقوال مشابهة اسمعها السفير الامريكي الجديد في لبنان ميشيل عيسى، الذي صرح بتصريحات مشابهة تقريبا في مأدبة عشاء اقيمت في يوم الخميس الماضي تكريما لوفد من اللوبي الامريكي – اللبناني الذي قام بزيارة بيروت. وقد سال النائب ميشيل معوض السفير عيسى اذا كان من الضروري الضغط على حزب الله لنزع سلاحه. وردا على هذا السؤال، حسب تقارير لبنانية، اجاب عيسى: “اذا لم يكن نزع السلاح امر ممكن، فيجب علينا احتواءه”.

لكن ايضا مفهوم “الاحتواء”توجد له عدة تفسيرات. اما ابقاء السلاح الخفيف في ايدي حزب الله والمطالبة فقط بنزع السلاح الثقيل – الصواريخ والمسيرات، أو القاء السلاح، أي تركه لدى حزب الله والتوصل الى اتفاق معه لتسليمه للدولة على مراحل، شريطة أن تنسحب اسرائيل من المواقع الخمسة التي تسيطر عليها في لبنان، ووقف هجماتها واطلاق سراح المعتقلين اللبنانيين لديها. هذه الترتيبات تعني ان الجيش اللبناني لن يدخل الى صراع عنيف مع حزب الله، وان سلاح حزب الله سيبقى في حوزته كضمان لتنفيذ أي اتفاق بين اسرائيل والحكومة اللبنانية.

امام هذه التفسيرات فقد كان لنعيم قاسم جواب حاسم، حيث قال: “حزب الله لن يتخلى عن سلاحه حتى لو توحد كل العالم لشن حرب ضد لبنان”. ولكنه اضاف: “لقد اصبحت الدولة هي المسؤولة عن سيادة لبنان والدفاع عنه، وطرد الاحتلال وانتشار الجيش. وقد قامت المقاومة (حزب الله) بكل مهماتها لتنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، وبالتالي، مساعدة الدولة”.

قاسم قال ان الاتفاق يلزم حزب الله بنزع سلاحه في جنوب الليطاني فقط، وانه يعمل بالتنسيق مع الجيش. ولكن هذه الامور تشير الى الشرك السياسي الذي سقط فيه الحزب. اذا كانت الدولة هي المسؤولة عن أمن لبنان وسيادته فلماذا يستمر في امتلاك السلاح؟. هذا ليس التناقض الوحيد في مواقف الحزب المعلنة، الذي يواجه انتقادات شعبية، ليس فقط من الخصوم السياسيين، بل من جمهوره نفسه، أي السكان الشيعة، الذين ما زال الكثير منهم غير قادرين على العودة الى بيوتهم في جنوب لبنان. ايضا التعويضات التي وعد بها الحزب عن الاضرار التي سببتها لهم الحرب تتأخر في هذه الاثناء.

هذه قضية سياسية حاسمة بالنسبة لحزب الله، الذي يستعد الان للانتخابات العامة التي يتوقع اجراءها في شهر ايار القادم. ونتائجها يمكن ان تحدد توزيع قوة الشيعة بين حركة أمل لرئيس البرلمان نبيه بري وحزب الله. هنا تكمن ايضا مصلحة ايرانية حيوية للحفاظ على الاقل على المعقل السياسي لها في لبنان، بعد ان فقدت سوريا ومعظم التهديد العسكري من جانب حزب الله.

في الاشهر الاخيرة حصلت ايران على عدة صفعات سياسية في لبنان، من بينها منع هبوط الطائرات الايرانية في مطار بيروت، ومحادثة توبيخ للرئيس جوزيف عون لسكرتير عام مجلس الامن القومي الايراني علي لاريجاني. آخرها كان رفض وزير الخارجية اللبناني جوزيف راجي دعوة نظيره الايراني عباس عراقجي لزيارة ايران. راجي اوضح بانه “في الظروف الحالية” لا يمكنه زيارة ايران. واضاف بانه سيكون مسرور بالالتقاء مع عراقجي في بيروت أو في دولة اخرى. يصعب تذكر متى اجرت حكومة لبنان مع ايران حوار فظ وشبه وقح كهذا.

في لبنان يوجد الان من يعتقدون بان جهود ايران بالتحديد للاحتفاظ بالسيطرة على الدولة هو ما قد يدفع طهران الى اصدار اوامر لحزب الله باظهار المرونة بشان مسالة السلاح، خشية أن يؤدي التصميم، الذي سيؤدي الى استئناف الحرب، الى مزيد من التآكل، ليس فقط في القوة العسكرية لحزب الله، بل ايضا في فرصة بقائه السياسي.

ايضا اسرائيل يمكن ان تجد نفسها على شفا معضلة نزع السلاح. فموقفها العلني هو انها لن توافق على أي اتفاق لا يشمل نزع سلاح حزب الله بشكل كامل وشامل، أو تدميره أو تسليمه بالكامل للجيش اللبناني. ولكن مصادر اسرائيلية تخشى ان تظهر الادارة الامريكية مرونة في محاولة لدفع العملية السياسية قدما، والبدء في المفاوضات حول ترسيم الحدود البرية واقامة منطقة منزوعة السلاح بين نهر الليطاني وحدود اسرائيل (باستثناء الجيش اللبناني)، وضم لبنان الى اتفاقات ابراهيم.

قد يكون لذلك تاثير مباشر على موقف الادارة الامريكية من نزع سلاح حماس. فمثلما هي الحال في لبنان، وايضا الحال في قطاع غزة، يبدو ان الادارة الامريكية لم تعد تعتبر السلاح الذي تمتلكه هذه التنظيمات تهديد امني ووجودي لاسرائيل، ومثلما هي الحال في لبنان فقد تتبنى في غزة ايضا موقف يفيد بأن “نزع السلاح بالكامل غير منطقي”. لذلك فانه يصعب اعتبار طلب نزع السلاح بالكامل عائق امام التوصل الى حل سياسي.

خطة العمل الامريكية للايام والاسابيع القريبة القادمة تدل على ان نزع سلاح حماس لم يعد شرط ضروري للدفاع قدما بخطة اعادة الاعمار. ويبدو ان القوة متعددة الجنسيات، اذا تم انشاءها ونشرها في غزة، لن يطلب منها مواجهة حماس أو الانشغال في نزع سلاحها، بل فقط حماية قوات الشرطة الفلسطينية والادارة المدنية الفلسطينية. ومثلما هي الحال في لبنان فانه يدور الحديث في غزة عن حلول مثل “القاء السلاح” و”منع استخدامه”، وهذه مصطلحات قد تعني السعي الى التوصل الى اتفاق مع حماس بشان سلاحها، مع الموافقة على سيطرتها في غرب غزة.

------------------------------------------

 

 

 

إسرائيل اليوم  14/12/2025

 

 

لا حدود للانبطاح

 

 

بقلم: ايال زيسر

 

في الأسبوع الماضي ظهر المبعوث الأمريكي الى سوريا، توم باراك، في مؤتمر في الدوحة، قطر، عاصمة الإرهاب، التطرف والكراهية، والى جانب اقوال التملك للطاغية المحلي أمير قطر اختار أيضا التهجم على إسرائيل.

“في الشرق الأوسط لم تكن ابدا ديمقراطية”، شرح باراك لسامعيه، وأضاف موضحا درء للخطأ، بان “لعل إسرائيل يمكنها أن تدعي بانها ديمقراطية”، لكن برأيه، كما يفهم على الأقل من الاقوال، فانها ليست كذلك. واجمل أقواله: “ما ينجح في منطقتنا هي الملكية التي يعجب فيها الرعايا بحاكمهم”. الجهل والغباء اللذان ينطويان على هذا القول، وكذا انعدام المعرفة المطلق لمنطقتنا، ليسا أمرا جديدا لدى الأمريكيين. صحيح أن اردوغان هو دكتاتور ولكنه ليس ملكا، وكذا أيضا الزعيم الأعلى لإيران علي خامينئي وحاكم مصر الجنرال السيسي. عمليا، باستثناء المجتمعات القبلية، مثل السعودية أو الأردن، فانه في معظم الشرق الأوسط يحكم بالذات دكتاتوريون طغاة وليس ملوكا محبوبين. لكن ما هو خطير ومقلق في اقوال توم باراك الذي يشغل أيضا منصب سفير الولايات المتحدة الى تركيا ومعروف بقربه من الرئيس ترامب هو خفة الرأي التي يخرج فيها من فمه قول بهذا القطاع وتجدر الإشارة الى انه مهين أيضا – بان إسرائيل هي بالاجمال دولة شرق أوسطية أخرى، ورغم ادعاءاتها فانها ليست ديمقراطية حقا.

إسرائيل مرت، بشكل غير مفاجيء، مرور الكرام على هذا القول، إذ اننا من اسيادنا الأمريكيين نقبل اليوم كل أمر باذعان وخنوع. لكن باستثناء الحقيقة هذا قول مقلق. ليس فقط لانه يعكس جهلا، وكذا ليس بسبب أنه يدل على أن في واشنطن لم يعودوا “يأبهون بنا”. الامر المقلق فيه هو أنه يعبر عن إدارة الظهر من جانب كثيرين في الولايات المتحدة لفرضية أنه في أساس العلاقات الخاصة التي بين إسرائيل والولايات المتحدة توجد قيم مشتركة، وعلى رأسها الالتزام بالديمقراطية، التحرر والحرية، وحتى الكتب المقدسة.

فلئن لم تكن إسرائيل ديمقراطية حقا، مثلما ادعى المبعوث الأمريكي، فان العلاقات معها هي مسألة مصالح. ومصالح هامة ربما اكثر كما هو معروف للامريكيين في السعودية، في تركيا وفي قطر أيضا، مثلما تعلمنا في السنة الأخيرة.

ان استعداد إسرائيل لاحتمال خبطات كهذه ممن يفترض أن يكونوا اصدقاءها ليس مقبولا على العقل.  فلا يدور الحديث فقط عن مسألة كرامة وطنية، التي لها أهمية كما هو معروف، ولا عن تداعيات هذه الاقوال على الشكل الذي ينظرون الينا به في المنطقة. إذ أن بعضا من الردع الإسرائيلي يكمن في القدرة على التصرف كدولة سيادية تبث قوة وتحظى بدعم من الولايات المتحدة.

المشكلة هي أن أمرا يؤدي الى أمر والموضوع لا ينتهي باهانات علنية ومس بالكرامة الوطنية بل في نهاية المطاف نصل أيضا الى مس بمصالحنا الأمنية الحيوية التي في كل ما يتعلق بها أصبحنا مداسا.

على مدى السنين قلنا اننا لن نقبل الاملاءات وسنرفض كل اتفاق يريدون أن يفرضوه علينا. طالبنا بدلا من هذا خوض مفاوضات مباشرة مع اعدائنا العرب كسبيل وحيد لتحقيق سلام معهم. إذن قلنا! عمليا، فرض عليها الرئيس ترامب اتفاق وقف النار في غازة والذي تحددت احد أهدافه إقامة دولة فلسطينية.

على مدى سنين أيضا قلنا اننا سنرفض نشر قوات دولية في منطقتنا. إذن قلنا. عمليا، ستصل الينا قريبا قوة كهذه، وفيها على ما يبدو أيضا جنود أتراك. واضح ان هؤلاء لن يأتوا كي ينزعوا سلاح حماس بل كي يساعدوها على الصمود والحفاظ على مكانتها في القطاع.

على إسرائيل ان تتجه نحو هجوم في كل الجبهات. عليها ان تستعيد لنفسها حتى ولو بعضا من حرية العمل التي كانت تتمتع بها في الماضي، قبل ان تصبح منفذة لارادة الولايات المتحدة، وعليها أن تقاتل بحزم موجة نزع الشرعية التي تتسلل أيضا الى أروقة إدارة ترامب. وكل هذا يبدأ بالحفاظ على كرامتنا أيضا وبخاصة حيال الولايات المتحدة ترامب. فبعد كل شيء، في عصرنا القول هو من يبقى ويحظى أيضا بالتقدير والاحترام، ومن يبدي ضعفا – فمصيره ان يفترس ممن هم اقوى منه.

------------------------------------------

 

هآرتس 14/12/2025

 

 

وقف النار ليس حصانة

 

 

بقلم: جاكي خوري

 

اغتيال رائد سعد هو عملية سياسية لا تقل عن كونها عملية عسكرية. بالنسبة لاسرائيل هذه فرصة لتثبيت قواعد اللعب في قطاع غزة وفي الشرق الاوسط بشكل عام، والتوضيح بانه يتم تطبيقها.

الرسالة الرئيسية التي نقلها الاغتيال هي قاطعة وواضحة: اسرائيل تتمسك ايضا الان بنموذج العمل المعروف للهجمات المحددة، وتصمم على تحييد مسبقا التهديدات عليها. كل ناشط في الذراع العسكري لحماس هو هدف، ووقف النار لا يعطيه حصانة، مثلما ان وقف النار في لبنان لا يمنع الجيش الاسرائيلي من مهاجمة نشطاء حزب الله. لا يوجد فضاء آمن، أو مكان فيه يمكن العمل ضد اسرائيل بدون دفع ثمن ذلك. اضافة الى ذلك هذه العمليات تحصل على الضوء الاخضر من الولايات المتحدة، حيث انه في نهاية المطاف لا يوجد هنا تغيير استراتيجي، سواء اعادة انتشار للقوات أو تغيير سياسي كبير، بل استمرار مباشر للطريقة التي تطبق منذ سنوات في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، كجزء من النضال المستمر ضد ما يسمى “البنى الارهابية”.

يبدو ان الامور واضحة لجميع الاطراف الفاعلة في المنطقة. لم يعد التوازن المالوف للردع قائم، وقدرة المنظمات على الرد بفعالية على هذا النوع من الهجمات محدودة جدا. وحتى لو توفرت الشروط العملية واللوجستية فان أي محاولة للرد يمكن ان تدفع اسرائيل الى توجيه ضربة قوية لهذه المنظمات، الامر الذي سيضعها في موقع ضعيف جدا. وضع حماس حرج جدا: فمع اطلاق سراح جميع الرهائن الاحياء (وجميع القتلى باستثناء واحد) فقدت حماس تماما تاثيرها على اسرائيل والمجتمع الدولي.

اسرائيل ايضا لا يجب ان تخشى من ان الولايات المتحدة أو الدول العربية ستتهمها بمحاولة افشال تحركات سياسية جارية أو محتملة في المستقبل القريب. بل العكس، يرى حلفاؤها في هذه التحركات وسيلة لتسريع خطوات مثل نشر القوة متعددة الجنسيات في غزة أو منح اعضاء السلطة الفلسطينية موطيء قدم في القطاع. من ناحية نظرية على الاقل يضعف أي تحرك كهذا حماس، ويلحق الضرر بهيكلها القيادي، ويضعف قدرتها على تقديم نفسها ككيان حاكم مستقر. لذلك فانه اضافة الى الفائدة العسكرية للعملية نفسها من المفروض ان تكون بمثابة رافعة لاعادة تشكيل الواقع السياسي. من وجهة نظر اسرائيل يبدو ان أي تطور سياسي هو تطور غير مرغوب فيه في كل الاحوال.

سعد نفسه لم يكن وجه معروف في غزة، وفضل على الاغلب البقاء في الظل. لقد كان من مؤسسي الذراع العسكري وشريك في تطوير صواريخ القسام، واسرائيل اعتبرته مطلوب كبير، لكن يصعب قياس وزنه الحقيقي. الكبار حقا قتلوا في فترة الحرب، وربما ان سعد الذي ينسب اليه الجيش الاسرائيلي تخطيط عمليات ضد اسرائيليين، اراد بالاساس ان يبقى على قيد الحياة.

السؤال هو كيف سيؤثر الاغتيال على حماس، وعلى بقاء غزة معلقة في الهواء، الى ان يتضح من الذي سيستبدله واي صلاحيات ستعطى له. الفراغ الذي تشكل ينطوي على خطر، حيث ان المس بحماس بدون وضع بديل واضح يفتح الباب امام المليشيات التي من شانها فقط أن تعمق الازمة.

------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 14/12/2025

 

 

نموذج لبنان في غزة

 

 

بقلم: د. ميخائيل ميلشتاين

 

رائد سعد هو المصفى الأكبر في حماس منذ تصفية محمد السنوار في أيار الماضي، وبالتأكيد منذ بداية وقف النار. فضلا عن الاصطلاح  الموجز في عبارة رقم 2، كان سعد العقل العسكري لحماس: عمل في المنظمة نحو أربعة عقود، اكتسب تجربة قيادية ومهنية كبيرة، كان من مهندسي تطوير “جيش حماس” في العقدين الأخيرين وعمل كالمخطط الرئيس لهجوم 7 أكتوبر.

توجه التصفية ضربة قاسية لحماس الجريحة على أي حال منذ نهاية 2023 وبخاصة لعز الدين الحداد، رئيس الذراع اليوم الذي عمل على مدى سنوات طويلة مع سعد. هذه ضربة رمزية ووظيفية في نفس الوقت: فقد نال سعد الاعجاب في أوساط نشطاء الذراع العسكري لكنه شكل أيضا محركا مركزيا في عملية إعادة بنائها، بما في ذلك إعادة تنظيم الوحدات، إعادة بناء البنى التحتية، تعيين قادة وتجنيد نشطاء جدد.

الى جانب الضربة المبهرة، مطلوب رؤية واعية ومتوازنة: حسابات “لم يتبقَ تقريبا احد من قيادة 7 أكتوبر (كلهم تقريبا صفوا بالفعل)، لا تساهم، بالضبط مثلما هو إحصاء الكتائب التي فككت لم تبشر بحسم المعركة مع حماس. صحيح أن الضربات قاسية والنشطاء الجدد يفتقرون لتجربة أولئك الذين صفوا، لكن مثلما هو الحال دوما تبدي حماس قدرة عالية على البقاء، إعادة البناء والتكيف مع الظروف.

لتوقيت العملية أهمية – عشية الدخول الى المرحلة الثانية من اتفاق انهاء الحرب في غزة. من ناحية إسرائيل تأتي التصفية لتصميم قواعد اللعب، واطلاق إشارة الى الاستعداد للعمل في القطاع مثلما يجري في لبنان منذ اكثر من سنة، أي اجتثاث كل مبادرة وتصميم من كل تهديد محتمل سواء كان تخطيطا لعملية، تهريب وإنتاج سلاح ام مثلما في حالة سعد – بناء قوة لا تستجيب لتعريف “قنبلة متكتكة”. وفي هذا واضح الشبه بين تصفية سعد وتصفية رئيس اركان حزب الله هيثم طبطبائي قبل نحو ثلاثة أسابيع.

ان الإبقاء على مجال عمل كهذا يستوجب إذنا أمريكيا. ولكن تعديلات مستقبلية في شكل إقامة حكم محلي بديل لحماس، فما بالك البدء بتواجد قوات اجنبية في المنطقة من شأنها أن تقيد حرية العمل وتلزم إسرائيل بالعمل كثيرا مع ترامب كي يسمح بذلك. في الخلفية من المتوقع ان يثور نقد متزايد من الوسطاء، وبخاصة قطر وتركيا المقربتين من حماس على العملية الأخيرة وكذا على عمليات مشابهة في المستقبل بدعوى أن الامر يفشل استقرار الواقع في القطاع.

فضلا عن التصفية المبهرة تقف إسرائيل امام تحديات معقدة يحتمل أن تتعاظم. فمن يوم الى يوم تتأكد الفجوة بين اهداف المعركة التي حددت وبين الواقع القائم عمليا في القطاع وذاك الذي يخطط للمستقبل: حماس نجت وتشكل الجهة السائدة في المنطقة اليوم؛ المشاريع المتهالكة منذ البداية التي اقامتها إسرائيل باستثمارات طائلة انهارت، وعلى رأسها العشائر وصندوق غزة الإنساني؛ ومجال العمل الإسرائيلي يتقلص ومعه أيضا الاحتمال في أن يكون ممكنا العودة الى قتال قوي ضد حماس، على الأقل في الزمن القريب القادم.

في الخلفية يتعاظم الضغط من جانب ترامب الذي يعرف الاتفاق في غزة كاحد إنجازاته الكبرى. يحث الرئيس الأمريكي إسرائيل على المواصلة الى المرحلة الثانية، رغم تطلعاتها المختلفة وملاحظاتها على عدم تنفيذ شرطين أساسيين تحددا قبل نحو شهرين: لا يزال يتبقى جثمان مخطوف واحد هو ران غوئيلي؛ وحماس توضح بالقطع انها لن تنزع سلاحها، حين يعلن خالد مشعل الأسبوع في الماضي بان “نزع السلاح هو نزع للروح”. في الخلفية تتواصل اقتراحات الحل الوسط حول نزع سلاح المنظمة الهجومي فقط.

من ناحية ترامب فان الخروقات إياها ليست سببا لعدم مواصلة المسيرة: وهو سيعقد بعد غد في قطر مؤتمرا يضم 25 دولة للبحث في بلورة القوة متعددة الجنسيات للاستقرار في القطاع؛ اعلن انه سينشر قريبا تشكيلة مجلس السلام الذي سيدير القطاع؛ وحاليا على الأقل لم يستبعد فكرة نشر جنود اتراك في القطاع، ما وصفه نتنياهو كخط احمر (يوم الخميس ادعى وزير الخارجية التركي: “إسرائيل ليست المقررة الحصرية في هذا الموضوع”). على هذه الخلفية تصعد أيضا إمكانية أن تضغط واشنطن على إسرائيل لتعميق الانسحاب الإقليمي في القطاع ويحتمل حتى لفتح معبر رفح.

سواء كانت إسرائيل تريد ذلك ام لا – فانها تدفع بالتدريج الى المرحلة الثانية. يمكن التمترس في السياسة القائمة على استخدام القوة، الخيالات ونهج الرفض (أساسا) في مسألة اليوم التالي في غزة)، التي أدت الى الاتفاق البعيد عن الأهداف المحددة، وفي اعقاب ذلك أيضا مواصلة التعرض لاضرار استراتيجية. بالمقابل، يمكن تعريف الوضع الحالي كأهون الشرور والتركيز على تحقيق أربعة اهداف عظيمة الأهمية: إعادة جثمان المخطوف ران غوئيلي؛ الحفاظ على حرية العمل في القطاع ضد كل تهديد وتحدي؛ تثبيت نظام رقابة امريكي متصلب في محور فيلادلفيا بما في ذلك في محور رفح؛ والحفاظ على حق فيتو على الأسماء التي ستطرح كاعضاء في الحكم المحلي الجديد في غزة والدول التي تتطلع لان تكون ذات نفوذ في غزة وعلى رأسها تركيا.

سيسمح الامر لإسرائيل التركيز على التهديدين المتبقيين مفتوحين وليسا الأهم في هذه المرحلة: حزب الله (احباط مساعي إعادة بناء التنظيم) وايران (التأكد من أن البرنامج النووي تعرض لضربة عميقة وبعيدة المدى). في الحالتين – وبخلاف المعركة في غزة الأهداف محددة ومقيدة وتحظى بشرعية واسعة داخليا وخارجيا وإسرائيل ستكون مطالبة بالفحص اذا كان ممكنا أعطاء جواب لها بوسائل سياسية ام ربما ستكون ضرورة للعمل بجهد عسكري.

------------------------------------------

 

هآرتس 14/12/2025

 

 

إسرائيل.. حتى قضاتها: أطفال غزة المرضى يشكلون خطراً على أمننا

 

 

  بقلم: أسرة التحرير

 

خضرة سلامة طبيبة أورام للأطفال في مستشفى أوغستا فكتوريا في شرقي القدس. اضطرت هي ورفاقها في الأسابيع الأخيرة لمشاهدة أطفالاً ينازعون الحياة كان يمكنهم إنقاذهم، لكن إسرائيل تمنعهم من الوصول لتلقي العلاج. منذ نشوب الحرب وإسرائيل لا تسمح لمرضى بأمراض صعبة، الخروج من غزة لتلقي العلاج في المستشفيات في الضفة وشرقي القدس. لقد دمر الجيش الإسرائيلي الجهاز الصحي في القطاع. مستشفيان للأورام – المستشفى الأوروبي والمستشفى التركي – خرجا عن الاستخدام. والنتيجة أن أطفالاً وكباراً من مرضى السرطان لا يمكنهم تلقي العلاج، وينتظرون حتفهم.

في مقال نشرته هنا د. سلامة، الجمعة، روت عن غزال ابن الستة، الذي شُخص بسرطان دم حاد؛ وعن الطفلة هيا التي أصيبت بسرطان الكلى، وعن الطفل يوسف ابن 12 الذي مرض بسرطان الغدد الليمفاوية في صدره. ثلاثتهم توفوا بمعاناة وآلام، رغم وجود مستشفى على مسافة بضع عشرات الكيلومترات عنهم كان مستعداً لاستقبالهم وإنقاذهم. “الحالات الثلاثة كان يمكن لها أن تشفى تماماً. فهذه أمراض نشفيها في الظروف العادية. لكن تأخير العلاج لهؤلاء الأطفال الثلاثة حكم عليهم بالموت”، كتبت د. سلامة.

غزال وهيا ويوسف ثلاثة من أصل أكثر من 16 ألف شخص – مرضى سرطان وأمراض خطيرة أخرى وجرحى – ممن يحتاجون إلى إخلاء طبي عاجل من غزة. إسرائيل تسمح لقلة من المرضى الخروج للعلاج في دول ثالثة، وحتى عندها تكون وتيرة الإخلاء بطيئة، والكلفة عالية، ووقت الانتظار طويلاً، وبيروقراطية الاستيعاب في دول أوروبا أو دول عربية معقدة جداً. الطريق السريع والأكثر نجاعة لإنقاذ حياة آلاف الأشخاص أولئك هو السماح نقلهم لمستشفيات فلسطينية في الضفة وشرقي القدس. فهم على مسافة ساعة سفر من غزة، وكانوا دوما جزءاً من المنظومة الطبية التي قدمت خدمات لسكان القطاع، وحتى التمويل متوفر لهم. لكن منذ بداية الحرب، وإسرائيل ترفض السماح للمرضى بالعبور إلى القدس والضفة.

قبل نحو شهر، تقدمت خمس منظمات حقوق إنسان بالتماس عاجل إلى محكمة العدل العليا في هذا الشأن. لكن مثل كل الالتماسات الإنسانية التي تتعلق بوضع السكان المدنيين في غزة، فقد فضل القضاة هذه المرة أيضاً أخذ وقتهم، أما المداولات بشأن الالتماس فلن تجرى إلا في نهاية الشهر. منذ وقف النار قبل أكثر من ثلاثة أشهر، تواصل إسرائيل التنمر والتنكيل بسكان غزة؛ لا تسمح بإدخال المعدات الطبية والخيام، وتمنع منظمات إنسانية من العمل، وتسد طريق دخول الأطباء إلى القطاع. كل هذا بخلاف القانون والأخلاقية الأكثر أساسية والمنطق أيضاً. الموت بعذاب للأطفال لا يساهم في شيء لأمن إسرائيل.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here