الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير الثلاثاء 1/7/2025 العدد 1344

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
هآرتس 1/7/2025
يمكن لرئيس الدولة ان يمنح العفو لنتنياهو، شريطة أن ينسحب من الحياة السياسية
بقلم: اهارون باراك
هل يمكن ويجدر بان يعطي رئيس الدولة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو العفو الذي يطهره كليا من كل الاتهامات بشأن ارتكاب مخالفات جنائية تتعلق بالرشوة والتحايل وخيانة الامانة؟. هذا العفو سينهي محاكمته الجنائية.
في وسائل الاعلام نشر في نهاية الاسبوع الماضي في اعقاب مقابلة اجريتها مع مجلة “مصدر أول” انني اؤيد اعطاء هذا العفو. لذلك، اعتقد ان هناك حاجة لوضع الامور في نصابها. قانون الاساس: رئيس الدولة، ينص على ان رئيس الدولة مخول بـ “العفو عن المجرمين”. على خلفية هذا القانون فان السؤال هو هل منح العفو لرئيس الحكومة سيكون قانونيا. وسؤال آخر هو اذا كان منح العفو في حالة معينة سيكون مناسبا.
السؤال الاول، هل سيكون من القانوني منح العفو حتى لشخص لم تتم ادانته في محاكمة جنائية. هذا السؤال ثار للمرة الاولى في قضية “التنظيم السري اليهودي”. في هذه القضية استخدم على رئيس الدولة حاييم هرتسوغ ضغط كبير لمنح العفو لاعضاء التنظيم السري في الوقت الذي كانوا فيه يخضعون للتحقيق في الشباك.
رئيس الدولة توجه الى المستشار القانوني للحكومة في حينه اسحق زمير وطلب منه رأي في مسألة ما اذا كان مخول لمنح العفو لشخص لم تتم ادانته في المحكمة بارتكاب مخالفة جنائية. في رأيه كتب المستشار القانوني بان القانون يتحدث عن “العفو عن مجرمين”، وأن الشخص يتمتع بافتراض البراءة، وبالتالي، هو لا يعتبر مجرم الى أن تتم ادانته. الرئيس تبنى هذا الرأي وتمت محاكمة وادانة اعضاء التنظيم السري اليهودي.
هذا السؤال ثار مرة اخرى في قضية الخط 300. في هذه القضية وافق الرئيس حاييم هرتسوغ على توصية كابنت الحكومة منح العفو لرجال الشباك المتورطين في قتل مخربين تم اعتقالهما وهما على قيد الحياة، وبعد ذلك اختلاق ادلة امام لجنتي تحقيق، رغم انه لم يتم تقديمهم الى المحاكمة. ضد قرار الرئيس في حالة منح العفو في هذه الحالة تم تقديم التماسات قليلة للمحكمة العليا. في هذه المحاكمة شاركت بصفتي احد القضاة. في قرار الحكم الذي اصدرته عبرت عن رأيي بان منح العفو في هذه الحالة هو غير قانوني. اولا، حسب رأيي ببساطة الشخص يعتبر مجرم فقط بعد ادانته بارتكاب مخالفة جنائية. ثانيا، توجد اسباب اخرى لعدم منح العفو لشخص لم تتم ادانته بمخالفة جنائية، ضمن امور اخرى، صلاحية منح هذا العفو تثير الشك الذي يتمثل في منح العفو لاسباب مرفوضة. مثل خدمة مصالح سياسية أو مصالح شخصية لرجال السلطة. مثلا، من فترة غير بعيدة الرئيس الامريكي جو بايدن منح العفو لابنه. والرئيس ترامب منح العفو لعدد كبير من الاشخاص المقربين منه شخصيا أو فكريا، بما في ذلك الذين نفذوا الهجوم في مجلس النواب. في الحقيقة لم يطرح أي أحد مثل هذا الشك بالرئيس هرتسوغ في قضية الخط 300. ولن يطرح أي احد مثل هذا الشك اذا منح الرئيس هرتسوغ العفو لرئيس الحكومة نتنياهو. ولكن محظور تجاهل احتمالية انه ذات يوم سيكون في اسرائيل رئيس مستعد لاستخدام بشكل معيب صلاحية منح العفو.
لكن رأيي في قرار الحكم في قضية الخط 300 بقي رأي اقلية. معظم القضاة، الرئيس مئير شمغار، ونائبة الرئيس مريم بن بورات، حكموا بأن الرئيس مخول بمنح العفو حتى لشخص لم تتم ادانته في محاكمة جنائية. لذلك فانه وفقا لقرار الحكم في هذه المحاكمة فان الحكم هو ان الرئيس اسحق هرتسوغ مخول بمنح العفو لرئيس الحكومة نتنياهو حتى في هذه المرحلة من محاكمته.
بناء على ذلك يثور السؤال الثاني وهو هل سيكون من المناسب منح العفو في هذه المرحلة؟ حتى الآن الرئيس هرتسوغ رفض منح العفو في هذه المرحلة بسبب ان الطريقة الصحيحة لانهاء محاكمة جنائية قبل اصدار الحكم، الطريقة المناسبة في هذه الحالة، هي صفقة يتم عقدها بالاتفاق بين رئيس الحكومة وبين المستشارة القانونية للحكومة. هذا الرأي مقبول ايضا بالنسبة لي.
احتمالية عقد صفقة ادعاء في هذه الحالة تمت مناقشتها في السابق لدى المستشار القانوني افيحاي مندلبليت. فقد اظهر الاستعداد للتنازل عن التهمة بتلقي الرشوة واقترح على المحكمة صفقة شريطة ان يقوم رئيس الحكومة بالاعتراف بارتكاب جريمة التحايل وخيانة الامانة التي توجد فيها وصمة عار، وأن تتم ادانته من قبل المحكمة بهذه الاتهامات، وأن يتم تحديد حكمه باربعة اشهر سجن في الخدمة المدنية وأن ينسحب من الحياة السياسية. في هذه الظروف، حسب قانون الاساس: الكنيست، فان رئيس الحكومة نتنياهو لا يمكنه التنافس في الانتخابات القادمة للكنيست، وفي الاصل لا يمكنه شغل منصب رئيس الحكومة لمدة سبع سنوات على الاقل. رئيس الحكومة رفض هذه الشروط. لذلك فان موضوع صفقة الادعاء ازيل عن جدول الاعمال. رأي مندلبليت في هذا الامر مقبول بالنسبة لي ايضا.
في مقابلة مع “مصدر اول” قلت حول هذا الامر: “أنا مع الاتفاق مع نتنياهو. غير مهم اذا كان هذا عفو أو صفقة، الاساس هو التوصل الى اتفاق”. واضح أن القصد هو اتفاق بين رئيس الحكومة والمستشارة القانونية للحكومة. يجب على المستشارة القانونية للحكومة مثلما كان يجب على مندلبليت في حينه، الموافقة على منح العفو فقط بالشروط المناسبة لظروف الحالة، وبشكل يضمن، اذا كان يمكن ضمان، انسحاب رئيس الحكومة من الحياة السياسية.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 1/7/2025
من محور المقاومة تبقت أساسا صور الحنين
بقلم: د. يوسي منشروف
لقد تعرض النظام الإيراني وحزب الله في السنة الأخيرة لضربات غير مسبوقة من إسرائيل مست بشدة ليس فقط بقوتهما العسكرية وأيضا بشكل العلاقات فيما بينهما. مسؤولون مركزيون في الطرفين مما كانوا شركاء في عملية اتخاذ القرارات الأمنية وإدارة الاتصال الاستراتيجي بين طهران وبيروت صفوا الواحد تلو الاخر. صورة الأرشيف التي نشرت في ايران يوم الخميس الماضي وظهر فيها علي شدماني وحسن نصرالله معا تكشف فصلا آخر في منظومة العلاقات هذه فصل لن يعود اغلب الظن بعد اليوم.
حسب تقارير في ايران، بان شدماني صفي في اثناء الحرب، بعد أن عين بديلا عن غُلام رضا رشيد الذي صفي في ضربة الافتتاح الإسرائيلية. كان يترأس قيادة “خاتم الأنبياء”، جسم مسؤول في الأيام العادية عن تعريف التهديد المحتمل، توجيه بناء القوة وتقدير الجاهزية، وفي الطوارئ – عن إدارة المعركة كلها، في تبعية مباشرة للزعيم الأعلى خامينئي. امر موته نشر في ايران يوم الأربعاء فقط بعد أن أصيب بجراح خطيرة في هجوم مركز قبل أسبوع من ذلك ولم ينجو منه.
في منصبه الأخير كان شدماني مسؤولا عن اجمالي الخطط العملياتية في ايران في الساحات المختلفة. وبالتالي مجرد وجود لقاء بينه وبين نصرالله، الذي انكشف الان يكشف مدماكا آخر في العلاقة الاستراتيجية العميقة التي بين طهران وحزب الله. وبينما ادار نصرالله لقاءات منتظمة مع قادة فيلق القدس، مستشاري خامينئي ووزراء الخارجية الإيرانيين يتضح انه التقى أيضا بكبار المسؤولين في شعبة العمليات في هيئة الاركان الإيرانية. تشهد هذه العلاقة على مكانته العالية في عملية اتخاذ القرارات في النظام الإيراني والمخططات العملياتية لطهران.
لقد شكل نصرالله حلقة استراتيجية ليس فقط بالنسبة لحزب الله بل وأيضا بالنسبة للنظام الإيراني وإدارة علاقاته مع المنظمة الشيعية. تصفيته شكلت انكسارا عميقا سواء لطهران ام لحزب الله الذي اختار ان يتبنى في الحرب الحالية موقع المراقب. وهكذا فان المنظمة اتخذت قرارا تاريخيا يتناقض بشكل حاد مع تصريحات الماضي لنصرالله وبموجبها حزب الله سيدخل الى المعركة الى جانب ايران في حالة تعرضها للهجوم.
ترميم المحور سيكون تحديا خاصا
سيكون النظام الإيراني مطالبا الان بان يبدأ عملية مركبة من الترميم وإعادة البناء، ليس فقط لمنظومة القيادة العسكرية بل وأيضا للتعاون مع المنظمة اللبنانية. غياب شدماني ومسؤولين آخرين كانوا قد صفوا وبينهم سعيد ايزدي، رئيس الفرع الفلسطيني في فيلق القدس، وبهنام شهرياري رئيس وحدة التهريب في فيلق القدس يشكل تحديا حقيقيا. والى هذا يضاف أيضا تصفية قائد فيلق القدس في لبنان وفي سوريا محمد رضا زاهدي، وبديله عباس نيلفرشان.
في مثل هذا الوضع، فان ترميم محور ايران حزب الله يبدو كمهمة متحدية على نحو خاص. وبالتأكيد في ضوء التصميم الذي ابدته إسرائيل لمنع كل محاولة لتعزيز أذرع المنظمة في المستقبل المنظور.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 1/7/2025
بلا اتفاق نووي ايران ستصبح كوريا الشمالية
بقلم: داني سترينوفيتش
جذور معركة “شعب كاللبؤة” مغروسة عميقا في قرار الرئيس دونالد ترامب في ولايته الأولى للخروج من الاتفاق النووي الذي تحقق في 2015. صحيح أن هذا لم يكن اتفاقا كامل الاوصاف، لكنه سمح بتراجع البرنامج النووي الإيراني الى الوراء، وابعد جدا (سنة على الأقل) الجمهورية الإسلامية عن القدرة للوصول الى مادة مخصبة للقنبلة (بمستوى 90 في المئة).
ان خروج إدارة ترامب من الاتفاق بتشجيع من إسرائيل، التي عارضت تقليديا كل تسوية مع ايران، وذلك بدون استراتيجية بديلة، أدى بطهران لان تدفع قدما بالبرنامج النووي بشكل ذي مغزى. الى جانب الارتفاع الدراماتيكي في مستوى التخصيب (60 في المئة) نجحت ايران في أن تطور اجيالا متقدمة من أجهزة الطرد المركزي (حتى الـ IR6) بشكل سمح لها نظريا بان تخصب الى مستوى 90 في المئة بسرعة حتى في منشأة صغيرة بشكل سري. حقيقة أن ايران تحولت لتكون دولة عتبة في التخصيب، وجمعت مادة مخصبة بشكل غير مسبوق تعود بشكل مباشر الى قرار مغادرة الاتفاق.
صحيح ان لمعركة “شعب كاللبؤة” توجد إنجازات دراماتيكية في المجال النووي، من تصفية العلماء الذين عملوا في التسلح، عبر الإصابة الشديدة لمواقع التخصيب في نتنز وفي فوردو، بل تدمير منشأة التحويل في أصفهان وانتهاء بتدمير مصنع انتاج أجهزة الطرد المركزي في كراج؛ ولا يزال، المعرفة الإيرانية قائمة وعلى ما يبدو أيضا بقي جزء من القدرات أيضا، بما في ذلك أجهزة طرد مركزي لم تهاجم ومادة مخصبة بكمية اكثر من 400 كيلو غرام بمستوى 60 في المئة. هذه الحقيقة تبقي بشكل نظري (بل وربما عملي تبعا للنوايا الإيرانية) قدرة طهران على التخصيب الى مستوى عسكري.
مشكوك أن يكون انهاء الحرب “المفروض” يسمح لإسرائيل بان تحافظ على إنجازاتها في المعركة دون خطر الانزلاق الى حرب استنزاف مع ايران، وبالتوازي الصدام مع الإدارة الامريكية التي مشكوك أن تكون معنية برؤية المعركة بين إسرائيل وايران تتجدد واساسا عندما تكون القدرات الإيرانية بأداء ترامب قد “دمرت تماما”.
بالتوازي لا تزال ايران لم تغادر ميثاق عدم انتشار السلاح النووي (NPT)، لكن لا يوجد إذن لمراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للوصول الى مواقع التخصيب “خوفا على امنهم”.
ان ضياع الرقابة على منظومة التخصيب في ايران يجعل من الصعب جدا فهم ما يجري في مواقع المنظومة والدليل – في اثناء الأيام الأخيرة ظهرت اعمال مشبوهة في مواقع مشكوك ان يكون هدفها معروفا.
لتأكيد اليقين بالنسبة لما يجري في البرنامج النووي الايراني، بقي خيار اتفاق في مسألة النووي بين ايران والولايات المتحدة. يبدو أنه لا يزال ممكنا العمل عليه، رغم المعركة بين إسرائيل وايران، وشريطة أن يكون ممكنا إيجاد حل لمسألة التخصيب على أراضي ايران والتي في هذه اللحظة حتى بعد الحرب لا تزال ايران ترفض التخلي عنها.
واضح ان اتفاقا سياسيا سيلزم برفع العقوبات عن ايران وسيقوي النظام لكن بالمقابل سيمنع تحول البرنامج النووي الى “نموذج كوريا الشمالية” الذي في اطاره تكون الاسرة الدولية والوكالة الدولية للطاقة الذرية “فقدت الاتصال” مع عموم برنامج “بيونغ ينغ” (مادة مشعة وتسلح). تذكير: كوريا الشمالية وصلت الى منتج نووي قبل بضع سنوات من مغادرتها الـ (NPT) .
في ضوء الدوافع الأساسية في ايران لترميم قدراتها في المجال النووي؛ المعرفة القائمة تحت تصرفها اليوم أيضا؛ والفهم بان إسرائيل تسعى الى اسقاط النظام فان الخطر في ان تسعى طهران الى اجتياز النهر في السياق النووي يرتفع بشكل ذي مغزى. هذه الحقيقة، والقدرات التي تبقت لها (وربما أيضا مع مساعدة من الخارج)، قادرة على ان تدفعها قدما نحو قدرة عسكرية نووية حتى بعد الحرب. الخيار الوحيد لمنع هذا هو العودة للرقابة على منظومة التخصيب (بما في ذلك المادة المخصبة الى مستوى 60 في المئة) بشكل يبعد الجمهورية الإسلامية عن القدرة للوصول الى مستوى تخصيب عسكري 90 في المئة وبذلك الحفاظ على إنجازات الحرب الاسرائيلية.
-------------------------------------------
هآرتس 1/7/2025
لانفاذ القانون في الضفة تحت الحكومة الحالية يوجد ثمن
بقلم: هاجر شيزاف
من يتابع ما يحدث في الضفة الغربية لا يمكنه عدم الشعور بشعور من شاهد هذا الفيلم في السابق. ازاء المشاغبة العنيفة لعشرات المستوطنين ضد قوات الامن قرب قاعدة لواء بنيامين والادانة من قبل السياسيين الذين استيقظوا كالعادة بشكل متأخر. بعد وقت قصير من عملي كمراسلة في المناطق في 2019 واجهت الحادثة الاولى لعنف المستوطنين ضد قوات الامن. كان ذلك في البؤرة الاستيطانية “قومي اوري” قرب يتسهار، التي كانت في حينه احدى منتجات العنف الرئيسية في المنطقة. هذا بدأ بتهديد عدد من المستوطنين لقائد الكتيبة في المنطقة. بعد بضعة ايام قام 30 مستوطن برشق الحجارة وتخريب اطارات سيارات للجنود. احد الجنود اصيب اصابة طفيفة. في نفس الاسبوع تم احراق خيمة لشرطة حرس الحدود التي تم وضعها في المكان لتطبيق أمر منطقة عسكرية مغلقة.
نتنياهو ادان تسلسل الاحداث وقال انه لن يكون أي تسامح مع خارقي القانون، ورئيس الاركان في حينه افيف كوخافي اصدر تعليماته بتطبيق القانون على المشاركين، وسموتريتش الذي كان في حينه وزير المواصلات ادان “الثلة العنيفة”. وحتى انه لم يتم تقديم لائحة اتهام في اعقاب الاحداث، وبؤرة “قومي اوري” ما زالت قائمة حتى الآن.
اصحاب الذاكرة الاطول سيذهبون الى العام 2011. في حينه اقتحم نشطاء من اليمين قاعدة للواء القطري في الشرق، افرايم. دخلوا الى القاعدة وقاموا بتخريب سيارات عسكرية واحرقوا اطارات ورشقوا الحجارة، التي اصابت نائب قائد اللواء. نتنياهو ادان الحادثة اثناء زيارته في المكان وقال: “نحن لا يمكننا الموافقة على المس، سواء بجنود الجيش الاسرائيلي أو شرطة حرس الحدود أو رجال الشرطة الاسرائيليين أو العرب أو اليهود أو المساجد”.
اهود براك، وزير الدفاع في حينه، وصف الاحداث بـ “ارهاب من انتاج ذاتي”. لائحة الاتهام التي قدمت ضد خمسة مستوطنين كانوا متورطين في الحادثة، التي في اطارها تم اتهامهم ايضا بجمع معلومات لها اهمية عسكرية بهدف احباط اخلاء البؤرة الاستيطانية، انتهت بصفقة مخففة، شطبت الاتهامات المتعلقة باقتحام القاعدة.
على الرغم من ان العنف والامتناع عن تطبيق القانون غير جديد في الضفة الغربية، إلا أن الدعم الذي يحصل عليه المشاغبون في السنوات الاخيرة في المناطق من الحكومة اليمينية المتطرفة، أتى أكله. في جهاز الامن يقولون انه في السنتين الاخيرتين يوجد تغيير في طبيعة اعمال العنف، التي انتقلت من التنظيم السري في الليل الى تجمع حاشد ومكشوف لعمليات احراق بيوت الفلسطينيين. شهادات من الميدان تدل على نماذج عمل منظمة وبدون خوف. هكذا مثلا وصف احد سكان كفر مالك لـ “هآرتس”، انه قبل اقتحام القرية لاحظ السكان بان المستوطنين يستعدون لساعات، وقال ان حركتهم كانت منظمة وموزعة الى مجموعات. المشاغبون يأتون ايضا الى هذه الاحداث وهم مسلحون، البعض منهم ببنادق وبعضهم بمسدسات. هذه الاحداث اصبحت تتكرر في السنتين الاخيرتين.
بشكل عام اعضاء الحكومة يصمتون عندما يدور الحديث عن عنف ضد الفلسطينيين. ايضا الحالات الاستثنائية التي تسمع فيها ادانة تكون هذه الادانة بدون قيمة ولا تؤدي الى تغيير فعلي في السياسة. مثال واضح على ذلك هو المذبحة في قرية جت في شهر آب الماضي، التي قتل فيها احد سكان القرية. بشكل استثنائي وعد نتنياهو بتطبيق القانون على المشاغبين. تقريبا مرت سنة والوضع بقي على حاله، لم يتم تقديم لائحة اتهام، واضافة الى ذلك توقف استخدام الاعتقال الاداري ضد المستوطنين، الذي كان اداة مركزية في احباط اعمال العنف، عندما قرر وزير الدفاع يسرائيل كاتس في تشرين الثاني وقف بشكل كامل اصدار اوامر اعتقال اداري ضد المستوطنين. في اعقاب هذا القرار تم اطلاق سراح المستوطنين الثلاثة الذين كان سبب اعتقالهم المشاركة في اعمال الشغب في قرية جت.
حقيقة ان اعمال العنف الاخيرة تتركز في منطقة كفر مالك غير مفاجئة ايضا. المنطقة التي حدودها بين رام الله وغور الاردن معروفة بالبؤر الاستيطانية العنيفة التي توجد منذ سنوات في مركز نشاطات الارهاب اليهودي. وحسب معطيات جمعية “كيرم نبوت” فانه في السنوات الثلاثة الاخيرة فقط اقيمت 12 بؤرة استيطانية. في نفس الوقت من منطقة نفوذ هذه البؤر، التي تمتد ايضا الى داخل غور الاردن، تم طرد حوالي 16 تجمع فلسطيني.
البؤرة الاستيطانية قرب كفر مالك، والقريبة من جبل باعل حتسور، اقيمت قبل بضعة ايام من اعمال الشغب العنيفة. ولكن حولها توجد بؤر استيطانية قديمة وعنيفة مثل جفعات هبلاديم وجفعات اعيرا شاحل، وهي تؤثر بشكل مباشر على الفلسطينيين ومنها تخرج الهجمات العنيفة ضدهم. قوات الامن في المقابل تقلل وصولها الى هناك. في يوم الاربعاء، في موازاة المذبحة في كفر مالك، تمت مهاجمة التجمع الفلسطيني الاخير الذي بقي شرق شارع ايالون، من دوما وحتى شارع رقم 1، والذي يسمى دار فآس.
البؤرة الاستيطانية الجديدة في منطقة جبل باعل حتسور هي بمثابة تجديد. ففي حين انه حتى الآن تركزت نشاطات البؤر الاستيطانية في منطقة شرق شارع ايالون، فان الاذرع الآن تمتد الى غرب الشارع باتجاه منطقة جديدة. البؤرة الاستيطانية بالمناسبة توجد على امتداد الشارع الذي توجد عليه بؤرة استيطانية باسم معاليه اهوفيا، التي سميت على اسم اهوفيا سانداك، الفتى الذي قتل في 2020 عندما انقلبت سيارته اثناء ملاحقة الشرطة له ولصديقه، بسبب قيامها برشق الحجارة على سيارات الفلسطينيين.
لكن التوسع نحو الغرب ليس التوجه الوحيد الذي تطمح اليه البؤر الاستيطانية في المنطقة. خلال الاشهر الاخيرة تم شق شارع غير قانوني من البؤرة الاستيطانية كوخاف هشاحر باتجاه وادي العوجا في غور الاردن. الفلسطينيون ونشطاء من اليسار يخشون من ان استكمال هذا الشارع سيمهد الطريق للازعاج المتكرر لسكان قرية رأس عين العوجا على سفح الجبل. رغم أن المعدات عملت في الشارع لاشهر، والسلطات تعرف عنه من التقارير الكثيرة لنشطاء اليسار الا ان شقه استمر بدون ازعاج.
بشكل عام وحدة انفاذ القانون في الادارة المدنية في الواقع تصدر اوامر ضد البناء غير القانوني، لكن موظفي الادارة اصبحوا يعرفون انه على الاغلب الحديث يدور عن عمل رمزي فقط، الذين لن يسمح سموتريتش بتنفيذه. الضغط السياسي الكبير الذي يستخدمه سموتريتش وبن غفير على المنظومات يظهر ايضا في ما حدث في الفترة الاخيرة. خلافا لثرثرته التي لا تتوقف في العادة، فانه بعد مهاجمة الجنود في يوم الجمعة فان بن غفير صمت. سموتريتش من ناحيته ركز انتقاده في البداية على الجنود، بعد اصابة فتى ابن 14 سنة بالنار قرب المنطقة التي تمت فيها مهاجمة القوة. اقواله كانت تكرار للدعاية المضللة التي نشرتها جمعية “حنونو”، التي علاقاتها العامة عالية، حتى اكثر من الماكنة القوية للمتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، والتي بحسبها قائد الكتيبة والجنود هم الذين هاجموا شبيبة التلال. هذا التضليل انتشر ايضا على الملصقات واللافتات التي ظهرت في المظاهرة امام قاعدة لواء بنيامين، والتي كتب عليها بان “قائد الكتيبة خائن”.
المعادلة التي وجدت تحت حكومة نتنياهو هي أن المسؤولين عن انفاذ القانون في المناطق ومعالجة اعمال عنف المستوطنين هم الذين سيدفعون الثمن. منظمات حقوق الانسان التي تقوم بتوثيق ما يحدث تمر بعملية شيطنة وتهديد (حتى لو كان يصعب القول بان هذا شيء جديد)، وأن الذي يصمم حتى الان على اصدار اوامر الهدم فهو يحارب طواحين الهواء وسيصاب باليأس، حتى قائد كتيبة احتياط يخدم في المنطقة تعرض لحملة تشهير. عندما ستمر الانباء عن مهاجمة الجنود فانه يصعب التصديق بان أي شيء من كل هذه الصدمة للعنف لن يترك اثر.
البؤرة الاستيطانية في جبل باعل حتسور ربما سيتم اخلاءها، ولكن عشرات غيرها ستواصل الوجود وستعمل على تطهير المنطقة بدون أن يرف جفن أي أحد. شبكة المصالح بين المستوطنين والسياسة والجيش اصبحت شبكة معقدة جدا مع مرور السنين ووصلت الى ذروتها في الحكومة الحالية، الى درجة انه من اجل تفكيكها فان الامر سيحتاج الى تغيير سياسي راديكالي.
-------------------------------------------
هآرتس 1/7/2025
المستشفيات في قطاع غزة في حالة سيئة
بقلم: نير حسون
في منطقة نتساريم التي تقع في وسط القطاع يعمل مركز التوزيع التابع للصندوق الانساني لغزة جي.اتش.اف، وهو المركز الوحيد في شمال ووسط القطاع. في الاسابيع الاخيرة تجمع حول المركز آلاف الاشخاص، وكثيرون بقوا هناك لايام على امل النجاح في العودة مع طعام لعائلاتهم. وهناك من اقاموا مأوى مؤقت مصنوع من القمامة، وآخرون استخدموا الاكياس التي جلبوها لحمل الطعام كغطاء للرأس. وهم ينامون تحت اشعة الشمس لايام كي ينجحوا في الوصول في الوقت المناسب لاخذ الطعام لعائلاتهم رغم الخطر الواضح الذي يحدق بهم، نار الجيش الاسرائيلي من اجل ابعادهم.
الخبراء والمنظمات الانسانية حذرت اسرائيل من ان برنامج الصندوق سيؤدي الى كارثة، لانه يخرق كل المباديء الانسانية التي تمت بلورتها خلال عشرات السنين لتوزيع المساعدات الانسانية على التجمعات السكانية في مناطق القتال. المبدأ الاول هو انه يجب وصول الغذاء الى السكان وليس العكس. ولكن اسرائيل والولايات المتحدة والمنظمات التي اقامت جي.اتش.اف تجاهلت هذه التحذيرات، وحتى الآن قتل مئات الاشخاص في محيط مراكز توزيع المساعدات.
بعد ادعاء رئيس الحكومة ووزير الدفاع بان تقرير “هآرتس” حول قتل المدنيين في محيط مراكز توزيع المساعدات هو “فرية” ونفوا وجود أي مشكلة، أمس اعترفوا في الجيش بحدوث “احداث ماساوية”، وحتى انهم وضعوا لافتات وجدران جديدة في الطريق الى مراكز المساعدات. ولكن بالنسبة لعبد الكريم الكحلوت فان هذا الامر اصبح متأخر جدا. قصة الكحلوت (35 سنة)، وهو اب لبنتين من مدينة غزة، تجسد الضائقة والوحشية التي وجد فيها سكان غزة انفسهم.
الكحلوت هو حداد بمهنته، قبل الحرب قام بشراء معدات كي يفتح محددة. وحتى أنه اثناء الحرب نجح في البدء في العمل. “هو قام ببناء ورشة والامور سارت بشكل جيد، الى أن قاموا باغلاق المعابر ولم ينجح في الاستمرار”، قال شقيقه صفوت، الذي هرب من القطاع مع عائلته. اثناء الحرب هدم بيت عبد الكريم وانتقل للعيش في منزل شقيقه مع ابناء العائلة. صفوت قال انه اهتم بان يرسل لشقيقه الاموال من الخارج، لكن هذه الاموال لم تكن كافية. حسب قوله، من اجل استخدام الاموال التي ارسلت من الخارج فانه مطلوب منك التنازل عن عشرات النسب المئوية منها لصالح الوسطاء، وبعد ذلك تتآكل قيمة الاموال.
ذات يوم المئة شيكل كانت تكفي لكل احتياجاتك. الآن هي تكفي لكيلو ونصف من الطحين”، قال شقيق عبد الكريم صفوت. وحسب اقواله فانه في الاسابيع الاخيرة توجه شقيقه الى مركز توزيع الغذاء في نتساريم مرتين. في المرة الثانية في يوم الاربعاء وصل الى المركز هو وآلاف الاشخاص اليائسين مثله. ومثلما حدث في بعض الاحيان في الشهر الاخير تم اطلاق النار على من ينتظرون على الرمال، كما يبدو من اجل ابعادهم. عبد الكريم لم ينجح في الحصول على الطعام وأصيب باطلاق النار.
صفوت اضاف بان شقيقه عاد الى بيته مع اصابة في المؤخرة. ويبدو أن الاصابة كانت طفيفة. ولكن بعد بضع ساعات، قال ابناء العائلة، بدأ يشعر بالالم وذهب الى مستشفى الشفاء. “الاطباء قالوا بان الاصابة سطحية وسرحوه. الآن في غزة اذا لم تكن بحاجة الى بتر القدم أو اليد فانهم لا يهتمون بك”، قال صفوت. “عاد الى البيت ولكن بدأ كل جسده يؤلمه ولم يستطع الوقوف على رجليه”. صفوت اضاف بان شقيق آخر له اخذ عبد الكريم مرة اخرى الى المستشفى، وهناك وجدوا رصاصة في جسده وتم اجراء عملية له بنجاح. في أي مستشفى معقول في مكان طبيعي كان سيتعافى خلال بضعة ايام ويعود الى عائلته، لكن بعد سنة ونصف على القتال فان مستشفى الشفاء لم يعد مستشفى معقول.
مثل كل المستشفيات في القطاع فان مستشفى الشفاء يواجه اعباء القليل من المستشفيات في العالم اضطرت لمواجهتها، مئات وآلاف المصابين يملأون المستشفى كل يوم. كثيرون منهم بحاجة الى علاج معقد بسبب اصابة الشظايا والصدمة واطلاق النار، آخرون يعانون من النقص الغذائي وامراض معدية وامراض مزمنة تفاقمت بسبب ظروف السكن. المشكلة الصعبة للمستشفيات هي امكانية اجراء صور طبقية. في القطاع بقي القليل جدا من اجهزة الاشعة، وهي تعمل ايضا تقريبا لسنتين متواصلتين، ووضع صيانتها سيء. المرضى الذين يحتاجون الى صور طبقية يتم نقلهم احيانا الى مسافة بضعة كيلومترات كي يتم فحصهم.
وضع عبد الكريم لا يظهر أنه خطير الى درجة تبرر وجوده لدقائق ثمينة في الجهاز، والاطباء لم يقوموا بعملية الفحص. “يوجد جهاز واحد وكثير من المصابين”، قال شقيقه. في هذه الاثناء كان يعاني من نزيف داخلي لم يلاحظه الاطباء، وبعد يوم على العملية تنوفي متأثرا بجراحه. المشكلة الآن في غزة ليست من مات. فنحن نقول من مات ارتاح، لكن المشكلة هي من سيبقى مع الألم، قال.
الان العائلة تقلق على وضع الأب الذي يعاني من مرض القلب ويحتاج الى الدواء. “الادوية نفدت منذ فترة وهو يمكن أن يتوفى في أي لحظة. محظور عليه بذل أي جهد. الآن نحن نخاف عليه لان حزنه على ابنه يهاجم قلبه”، قال صفوت واضاف. “المؤلم اكثر بالنسبة لي هو البنتين، 3 و5 سنوات. كل مرة افكر فيهن أنا أبكي. ماذا سيفعلن بدون الأب؟ كيف سيتدبرن امرهن؟ غزة ليست مثل اسرائيل أو فرنسا فيها حكومة تهتم. اما في غزة فاذا كنت بدون أب فأنت لا شيء. كل يوم البنات كن ينمن على يديه، من الامس لن يكون لهن أب. كيف يمكن شرح ذلك لهن؟”.
-------------------------------------------
معاريف 1/7/2025
فخامة الرئيس نتنياهو؟
بقلم: آفي غيل
يصعب على اليسار الإسرائيلي ان يهضم إنجازات بنيامين نتنياهو. الرجل المكروه والمحتقر في نظرهم شق الطريق الى شرق أوسط جديد. تحت قيادته فكك طوق الموت الذي بنته ايران حول إسرائيل. فالجيش والموساد حققا انتصارات مذهلة تعيد الردع الذي ضاع في مذبحة 7 أكتوبر. بانتظارنا ساعات قاسية أخرى، لكن في المستقبل لا يمكن لاي مؤرخ أن يستخف بالزعامة المميزة لنتنياهو، ولا حتى أولئك الذين سيتحفظون جدا من شخصيته.
في نهاية “فصل حرب الانبعاث”، كما عرفها نتنياهو، ينبغي أن يأتي “فصل الترميم”. لهذا الفصل مطلوب زعامة قادرة على رأب الصدوع، تجديد الثقة الداخلية، الجسر على الهوات. لكل هذه نتنياهو ليس مؤهلا. نتنياهو ليس الرجل الذي سيحظى بثقة الشارع الضرورية للصق الشظايا. الان وهو يقترب من عمر 76 وبعد أن حقق جدا مهمة حياته، أزال التهديد الإيراني، عليه أن يقرر بين واحدة من امكانيتين.
الأولى، “العودة الى يوم التوافه”: مواصلة اللعبطة في الساحة السياسية، المثول الى شهادات محرجة في المحكمة، التعرض لمظاهرات واحتجاجات والمخاطر بهزيمة في صندوق الاقتراع، مثلما شهد تشرشل، موضع اعجابه.
الثانية، “خيار الإرث العظيم”: عقد صفقة وترك الساحة السياسية في نقطة زمنية مثلى. هكذا يمكنه أن ينهي ارثه كزعيم عظيم شخّص الخطر، بنى القدرات، وقف امام المشككين وانقذ إسرائيل من الكارثة.
يوجد شخص واحد يمكنه أن يعطي فرصة لذلك في أن يختار نتنياهو “خيار الإرث العظيم” – الا وهو الرئيس اسحق هرتسوغ. عليه الا يكتفي بتكرار موقفه المعروف المؤيد لصفقة إقرار بالذنب، بل ان يتصدر مبادرة جديدة وغير اعتيادية: عرض لانتقال نتنياهو من الساحة السياسية الى كرئيس الرئاسة.
كرئيس، نتنياهو يمكن أن يصبح شخصية قدوة رسمية تجلب معها تجربة ثرية، علاقات عالمية وقصة نجاح قومية وشخصية فريدة من نوعها. في مقر الرئيس، يمكن لنتنياهو أن يسجل نهاية كاملة لمشروع حياته. ولاية السبع سنوات ستتيح له ان يبدل بالتدريج شخصية المقسم القومي بشخصية المعانق القومي. الأجواء الإيجابية التي ستنشأ ستسهل بلورة الحل الذي يؤدي الى وقف محاكمته (ناهيك عن انه سيكون رجال قانون يدعون بان للرئيس حصانة في وجه القانون الجنائي)، وسيكون ممكنا تشكيل لجنة تحقيق تتصدى لاخفاقات 7 أكتوبر بشكل يسمح بالتعلم والإصلاح.
اما الرئيس هرتسوغ، إذ يتيح ارثا مناسبا لنتنياهو فانه سيحظى بارثه الخاص. صحيح أن عليه أن يتنازل عن سنة ونصف من فترة ولايته، لكن بالمقابل لن يوصف مرة أخرى كرئيس هزيل بل كمن ابدى سخاء لا حد له كي يسمح إعادة اشفاء المجتمع الإسرائيلي الممزق. لحظة نبيلة كهذه يمكنها أيضا ان تشق طريق هرتسوغ للعودة الى السياسة. القانون يسمح له بالتنافس على منصب رئيس الوزراء. هكذا، فان هذه المبادرة من هرتسوغ ستسمح لنتنياهو بان يسجل ارثه، تمنح هرتسوغ ارثه الخاص بل وفرصة للهجوم على الهدف السياسي الذي تطلع اليه دوما، وبالاساس ستسمح لشعب إسرائيل أن يتنفس أخيرا الصعداء.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت 1/7/2025
في الطريق الى تسوية مع إسرائيل: ترامب رفع العقوبات عن سوريا
بقلم: ايتمار آيخنر
أعلنت الناطقة بلسان البيت الأبيض كارولين لبيد أمس بان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيوقع في اثناء الليلة على مرسوم يرفع معظم العقوبات الامريكية المفروضة على سوريا، بعد نحو شهرين ونصف من لقائه في الرياض مع الرئيس السوري احمد الشرع (الجولاني). منذ ذلك الحين وعد ترامب في رفع العقوبات كي يسمح لسوريا بالخروج الى طريق جديد.
في الشهر ذاته أعلنت الإدارة الامريكية عن تسهيلات معينة في العقوبات، بهدف تشجيع استثمارات جديدة في سوريا، لكن الان اعلن لبيد بان ترامب سيأمر بـ “الغاء خطة العقوبات” – أي معظم العقوبات التي فرضتها الإدارات الامريكية على سوريا منذ 1979، حين صنفت لأول مرة كدولة داعمة للارهاب.
وسيوقع المرسوم الجديد على خلفية الاتصالات لاتفاق امني بين إسرائيل وسوريا، رغم انهم في القدس يستبعدون حاليا إمكانية اتفاق تطبيع – بسبب الإصرار السوري على انسحاب من هضبة الجولان – اعرب ترامب نفسه مؤخرا عن أمله في أن تنضم دول أخرى الى “اتفاقات إبراهيم” وتعترف بإسرائيل. في مقابلة مع “فوكس نيوز” ذكر صراحة رفع العقوبات عن سوريا في هذا السياق وقال: “هذا هام”.
ظاهرا، الدولة التي تبدو الأقرب للانضمام الى اتفاقات إبراهيم هي سوريا. الرئيس السوري الجولاني، يريد استثمارات اجنبية ويريد الغاء العقوبات. وهو يفهم بان الطريق الى هناك تمر بالتسويات مع إسرائيل. هذا لن يكون اتفاق يتضمن فتح سفارات بل اتفاق امني أكثر من أي شيء آخر، نوع من فصل القوات.
إسرائيل وسوريا تجريان اتصالات على مستويات عليا. وقد سبق لرئيس الموساد دادي برنياع ان التقى بالجولاني. كما توجد مشاركة أمريكية في هذه الاتصالات. في الذروة يمكن لهذا ان يصل ربما الى مصالحة نتنياهو والجولاني في ساحة البيت الأبيض او الأمم المتحدة. هذا سيعطي الجولاني الشرعية التي يريدها جدا، ولترامب جائزة نوبل التي يتطلع اليها.
الجولاني لا يمكنه أن يقبل اتفاق سلام لا يتضمن انسحابا اسرائيليا من هضبة الجولان، وعليه فان التفاهمات الأمنية موضع الحديث تتضمن انسحابا إسرائيليا من النقاط التي توجد فيها في الأراضي السورية. حتى الان تحفظت إسرائيل عن ذلك، وعليه فيجري الحديث عن انسحاب متدرج.
بالمقابل تحصل إسرائيل على ضمانات ان تعمل سوريا ضد الإرهاب، تبعد 3 الاف من رجال حماس والجهاد يتواجدون في دمشق والاهم: توقف كل محاولة إيرانية للتموضع في سوريا. لقد دمرت إسرائيل كل الجيش السوري ومصلحتها هي ان تكون سوريا الجولاني دولة مستقرة، لا تسيطر عليها جهات اجنبية كالاتراك، وبالتأكيد الإيرانيون.
وحسب منشورات اجنبية، فقد استخدمت إسرائيل المجال الجوي السوري للهجمات في ايران، بحيث أنه على ما يبدو توجد منذ الان تفاهمات هامة جدا بين الدولتين.
-------------------------------------------
هآرتس 1/7/2025
هكذا فشلا في إيران.. لا تصدقوا مغرد البيت الأبيض و”الأكثر حقارة في التاريخ”
بقلم: نحاميا شترسلر
كلما مر الوقت بدا الوضع أمام إيران أكثر بؤساً. في حين أن ترامب ونتنياهو يكثران تصريحات متغطرسة، يقول زعماء إيران: انتصرنا. هم يستطيعون قول ذلك لأن ترامب ونتنياهو لم يوقعا بهم الضربة القاضية. لو بعد بضعة أيام أخرى من القصف الكثيف، لصرخ خامنئي: أنقذونا! توقفوا! سأوقف تخصيب اليورانيوم! ولكنهما توقفا في اللحظة الحاسمة، تنازلا وتراجعا، وهكذا سمحا لإيران بالنهوض.
خامنئي، في لحظة رفع القدم عن رقبته، خرج من حصنه بخطاب النصر: “صفعنا الأمريكيين، ولن نستسلم أبداً”. وأعلن رئيس الأركان الإيراني: “فرضنا إرادتنا على الولايات المتحدة وإسرائيل”. ترامب المتفاجئ همس: “يكذبون عندما يقولون بأنهم انتصروا”. ولكن بالنسبة لهم، يعتبرون بقاءهم واقفين على أرجلهم انتصاراً. لذلك، لا يتنازلون عن المشروع النووي ومشروع الصواريخ. هم يدركون أن الأمر يتعلق ببوليصة تأمين. يتذكرون معمر القذافي الذي تنازل عن السلاح النووي في 2003، وبعد بضع سنوات اندلعت الثورة في ليبيا (بدعم الناتو)، وتم قتله بوحشية على يد أبناء شعبه.
لذلك، لا أساس لقصص ترامب ونتنياهو حول النصر المطلق. يدور الحديث عن متحايلين لا مبادئ لهما، ويبحثان عن إنجازات في مجال العلاقات العامة وليس في الواقع. في الحقيقة، لا يهتم ترامب إذا واصلت إيران سيرها نحو القنبلة؛ فهي في نهاية المطاف خطر وجودي على إسرائيل وليس على الولايات المتحدة. وإذا اضطرت إسرائيل إلى شن حرب أخرى، فالدماء لن تكون أمريكية. ما يهم ترامب هو أسعار النفط. الجمعة القادم، سيحتفل ملايين الأمريكيين بعيد الاستقلال الـ 249 بالتنزه، وما يهمهم هو سعر البنزين. لقد انخفض سعره بعد أن انخفض سعر البرميل إلى 65 دولاراً في اللحظة التي توقفت فيها الحرب مع إيران، وكل ما بقي غير مهم.
إذا كانت إيران هزمت حقاً، فكيف تقول: “سنجمد التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية”؟ وإذا تم تدمير المنشآت النووية بالفعل، كما يقول المغرد الدائم، فكيف يقول رئيس الوكالة الدولية للطاقة النووية بأنه يمكن لإيران تخصيب اليورانيوم بضعة أشهر؟ وكيف يمكن أن يضع وزير خارجية “الدولة المهزومة” الشروط ويظهر استعداده للتحدث مع الأمريكيين شريطة “توقف ترامب عن التحدث عن خامنئي بشكل غير محترم”؟
ترامب، الذي لغته لغة شوارع، ينشغل بكرامته الشخصية. يقول: “منعت موتاً قبيحاً ومهيناً عن خامنئي. كان عليه القول: شكراً، أيها الرئيس ترامب”. هذا مخجل. ويواصل: “أردت رفع العقوبات عن إيران كي أمنحها فرصة أفضل للنهوض، لكني توقفت عن ذلك عقب أقوال خامنئي”. أي شخص عاقل يرفع العقوبات قبل إجراء مفاوضات؟ ففي هذه الأثناء، فتح الإيرانيون مدخل المنشأة النووية في أصفهان، ونفوا “زيارة” قوة إسرائيلية لمنشأة فوردو.
عندما سئل ترامب متى ستبدأ المفاوضات مع إيران، أجاب: “في الأسبوع القادم، وربما لا. سنرى ماذا سيكون”. ما الذي يهمه؟ وعلى سؤال ما إذا كان سيطلب نقل مخزون اليورانيوم الإيراني إلى خارج إيران، أجاب: “هذا سابق لأوانه. ولكننا سنفعل شيئاً كهذا”. ما الذي ستفعلونه؟ وكيف؟ فحاملات الطائرات الأمريكية غادرت المنطقة.
ونتنياهو أيضاً لا يفوت أي فرصة؛ فهو يريد خلق وعي كاذب. ولذلك، يقول “حققنا جميع الأهداف”، في حين أنه لم يحقق أي هدف منها. صحيح أن إيران تعرضت لضربة قاسية، لكن يمكن إصلاحها.
نتنياهو لم يتغير؛ كان جباناً وما زال. لم ينه أي عمل. مثلما في كل العمليات في غزة خلال الـ 17 سنة، يهرب في اللحظة الحاسمة. يدور الحديث عن الشخص الأكثر حقارة في تاريخ الشعب اليهودي.
-------------------------------------------
هآرتس 1/7/2025
أيمن عودة في “مسرحية الرعب” واستهداف العرب.. لرئيس المعارضة: حتى أنت يا “مراوغ”
بقلم: أسرة التحرير
التصويت الذي جرى في لجنة الكنيست، أمس، بأغلبية ساحقة من 14 نائباً – بينهم ممثلو “يوجد مستقبل” والمعسكر الرسمي ومعارضة 2، لتنحية النائب أيمن عودة، لم يكن خطوة إجرائية فحسب، بل إطلالة مباشرة إلى روح المجتمع الإسرائيلي المريضة، مثلما وجدت تعبيرها في الكنيست.
بخلاف قول كاذب لرئيس المعارضة يئير لبيد، الذي جاء فيه أن “هذا ليس ضد الأحزاب العربية، هذا شخصي”، فإنها خطوة غير شخصية وموجهة ضد التمثيل العربي في الكنيست. هذه خطوة زعرنة من أغلبية يهودية طاغية، عمياء من شدة التزمت الوطني، وصماء من شدة الجهل التاريخي الذي يسعى إلى قمع وإبعاد كل صوت عربي نقدي، قاطع وديمقراطي. “لا مكان في كنيست إسرائيل لأناس متطرفين ذوي آراء عنيفة، وهذا يتضمن الجميع”، شرح لبيد. سماع قول هاذ بهذا القدر من جانب رئيس المعارضة في عودة، فلا عجب إذاً من استمرار نتنياهو في الحكم.
باروخ مرزيل ونشطاء اليمين المتطرف ممن وصلوا إلى مقر الكنيست بتشجيع من رئيس اللجنة اوفير كاتس، والجوقة الصاخبة للنواب من اليمين، حددوا الهدف التالي: ليست تنحية نواب أفراد فحسب، بل نزع شرعية شاملة عن الأحزاب العربية كلها. اختبار الولاء بالنسبة لهم ليس وثيقة الاستقلال، بل مذهب مئير كهانا.
أما الجلسة نفسها فسرعان ما تحولت إلى مسرحية رعب من الشعبوية الممهدة للفاشية الصاخبة الضحلة، التي حاول بها نواب اليمين جني ربح سياسي على حساب مبادئ أساسية للديمقراطية وحرية التعبير. أما موقف المستشارة القانونية للجنة الكنيست، والتي تحدت الخطوة، فقد أسكت أو حظي بتجاهل استعراضي.
تتبين من خلف ستار دخان “عدم الولاء” محاولة واضحة يقودها رئيس الوزراء، المحرض القومي الأكبر، للمس بحق الجمهور العربي في الاقتراع، وجعل التمثيل السياسي العربي غير شرعي، وجعل أي تعاون معهم خيانة. لهذا الغرض، فإن كل قول نقدي – وبالتأكيد قول يتعلق بالقتل المستمر في غزة – يصنف فوراً كتحريض أو تأييد للإرهاب. إن التعاون الصامت لأجزاء واسعة من المعارضة، بما في ذلك رئيسها، مع هذه الخطوات، يبعث على قلق عميق على مستقبل إسرائيل كدولة ديمقراطية وكمجتمع حر.
هذا، وسينتقل القرار الآن إلى هيئة الكنيست، والمطلوب أغلبية 90 نائباً لإقراره. إذا ما أقر، يمكن لعودة أن يستأنف الحكم. إن غياب الاحتجاج والصوت الديمقراطي سوي العقل والشجاعة المدنية في الحد الأدنى يبين مدى تآكل مبادئ الديمقراطية والتعددية وحرية التذكير. نأمل ألا يكون في الكنيست 90 شريكاً في الجريمة السياسية.
-------------------------------------------
عن مجلة "972+" 1/7/2025
«ترانسفير» جماعي لسكان مسافر يطا
بقلم: يوفال أبراهام
كثّفت القوات الإسرائيلية والمستوطنون في الأشهر الأخيرة جهودهم لتهجير نحو 2500 فلسطيني يعيشون في مجموعة من القرى في منطقة مسافر يطا جنوب الضفة الغربية. في أوائل أيار الماضي، هدم الجيش معظم خلة الضبع في أكبر عملية هدم في المنطقة حتى الآن. والآن، يهدد توجيه عسكري جديد بتسريع هدم اثنتي عشرة قرية أخرى.
في الأسبوع الماضي، اعتمد مكتب التخطيط المركزي التابع للإدارة المدنية سياسة تقضي برفض جميع طلبات البناء الفلسطينية المعلقة في مسافر يطا تلقائيا. ويتذرع التوجيه بالاحتياجات العسكرية، مشيرا بالتحديد إلى منطقة إطلاق النار 918، وهي المنطقة التي تضم 12 قرية من أصل 20 قرية في مسافر يطا، والتي أعلنتها إسرائيل منطقة عسكرية مغلقة في أوائل الثمانينيات بهدف تهجير سكانها الفلسطينيين قسرا.
يستند هذا التوجيه إلى وثيقة أصدرتها القيادة المركزية للجيش، مؤخراً. وقد حصلت كلٌّ من مجلة "972+" و"لوكال كول" على نسخة منها. ووفقا للوثيقة، يجب إخلاء سكان المنطقة "باستخدام جميع الأدوات المدنية والأمنية المتاحة للجيش"، ليتمكن الجيش من التدرب على استخدام الذخيرة الحية على أراضيهم "لصالح الحرب في مختلف ساحاتها، وهي حرب أصبحت للأسف روتينية خلال العام والنصف الماضيين، وبلغت ذروتها في أحداث عملية "شعب كاللبؤة"، وهو الاسم الإسرائيلي للعملية في إيران. وفي وقت لاحق، أصدر يهودا القلعي، رئيس مكتب التخطيط المركزي، توجيهات للموظفين بمواءمة جميع القرارات مع هذا الأمر.
يستند التوجيه الجديد إلى استخدام إسرائيل المتواصل لمناطق إطلاق النار العسكرية ذريعة لمصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات. وبينما كان بإمكان الفلسطينيين سابقا تقديم مخططات بناء تُجمّد أوامر الهدم، مؤقتا، على الأقل أثناء المراجعة، صدر قانون عسكري سنة 2021 منع في البداية معالجة هذه الطلبات دون "موافقة القائد العسكري". ويستهدف التوجيه الجديد الآن عشرات الطلبات المعلقة المقدمة قبل هذا التغيير.
ويحذر الممثلون القانونيون للسكان الفلسطينيين من أن هذا التوجيه يلغي أي عملية مراجعة ذات مغزى، ويسمح برفض جماعي وسريع دون معالجة الحالات الفردية أو الحجج القانونية. وقال ألون كوهين ليفشيتس، وهو مهندس معماري يعمل مع منظمة "بمكوم" الإسرائيلية غير الحكومية المعنية بحقوق التخطيط، في حديث مع مجلة "972+" وموقع "لوكال كول"، إن مخططات البناء كانت بمثابة خط الحماية الأخير للسكان، وإن السياسة الجديدة "تخلق بنية تحتية لإفراغ منطقة إطلاق النار بالكامل".
ووفقا لرئيس المجلس المحلي في مسافر يطا، نضال يونس، فإن هناك ما لا يقل عن 25 مخطط بناء معلقا في عدة قرى – بما في ذلك جنبا وحلاوة وفخيت – سيتم رفضها قريبا، ما قد يؤدي إلى عمليات هدم واسعة النطاق.
وأوضح يونس أن الجيش ركز في السنوات الأخيرة على رفض طلبات البناء الفلسطينية، بدلا من فرض التهجير الجماعي للسكان الفلسطينيين، كوسيلة للتخفيف من حدة الانتقادات الدولية، وقال لـ"972+" و"لوكال كول"، "لم يرغبوا في أن يرى العالم أنهم يمارسون تطهيرا عرقيا، لذلك لم ينفذوا عمليات طرد واسعة النطاق، حيث يتم تحميل الناس في شاحنات". وأضاف، "لقد حاولوا استنزافنا تدريجيا، ومنعنا من العمل، وهدموا المنازل، على أمل أن يسأم الناس ويغادروا".
أما الآن، فقد أصبح الطرد الجماعي احتمالا واقعيا للغاية. ووفقا ليونس، فقد صُدم محامو السكان الفلسطينيين من اللغة الصريحة للجيش في وثيقته الداخلية، وخاصة تأكيده على أن الظروف الأمنية الحالية تسمح للجيش بتحويل منطقة إطلاق النار إلى "منطقة معقمة" من خلال "إخلاء" السكان.
بالنسبة للسكان مثل أحمد محمد عوض (28 عاما) فإن عواقب التوجيهات ستكون فورية ومدمرة. وأضاف أحمد، "إذا قاموا بهدم قريتنا، سنضطر إلى العودة إلى كهوف صغيرة جدا بالنسبة لعائلاتنا، مع ظروف معيشية غير ملائمة". وتجدر الإشارة إلى أن طلب بناء قريته سيُعرض على مجلس التخطيط، الشهر المقبل. وقال، "يزعمون أن هذه الأرض مخصصة للتدريبات العسكرية، ولكنها في الواقع تحت سيطرة المستوطنين، لقد رعوا ماشيتهم في حقولنا هذا العام أكثر من أي وقت مضى، ودمروا مئات الدونمات من محاصيلنا".
يتماشى تسارع عمليات الهدم مع أجندة الضم الأوسع لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش. فقد عزز هذا النائب اليميني المتطرف، الذي سلّمه نتنياهو زمام الأمور في الإدارة المدنية، العام 2022، سيطرته على سياسات البناء في الضفة الغربية من خلال تعيين حلفائه في مناصب رئيسة، مُعلنا صراحةً أن هدفه هو "تعميق المشروع الاستيطاني في جميع أنحاء أرض إسرائيل، ومنع قيام دولة (فلسطينية) إرهابية".
لكن بينما يسعى المستوى السياسي الإسرائيلي علنا إلى توسيع المستوطنات، يتمسك الجيش بحجة "الاحتياجات التدريبية" لتبرير عمليات الطرد، كتلك التي حدثت في مسافر يطا. ووفقا لنيتا عمار شيف، المحامية التي تمثل بعض السكان، فإن التبرير العسكري يُعيق الطعون القانونية في المحكمة. وأوضحت قائلةً، "يعتمد (محامو الجيش) على حجة حصرية واحدة، يُفترض أنها تتعلق بالأمن. عندما تقول، (القائد العسكري)، فإنك تُغلق القضية على الفور".
من الناحية العملية، يُظهر بحث أجرته منظمة "كيرم نافوت" الإسرائيلية غير الحكومية أنه على الرغم من إعلان الجيش تحويل حوالى مليون دونم – أي خُمس مساحة الضفة الغربية – إلى مناطق إطلاق نار، فإن 80% من تلك الأراضي لا تزال غير مُستخدمة لأغراض عسكرية.
في هذه الأثناء، يتزامن الهجوم البيروقراطي الإسرائيلي مع تصاعد عنف المستوطنين على أرض الواقع. فقد أقام المستوطنون على الفور بؤرة استيطانية على أنقاض خلة الضبع بعد هدمها، واعتدوا على العائلات المتبقية، ونهبوا ممتلكاتهم. وعلى الرغم من أن احتجاجات النشطاء الإسرائيليين والدوليين أجبرت المستوطنين على الانسحاب، إلا أنهم استمروا في العودة.
استمرت هجمات المستوطنين بلا هوادة في أماكن أخرى في مسافر يطا. في 19 حزيران ألقى جنود إسرائيليون – ربما كانوا مستوطنين يرتدون الزي العسكري – قنابل الغاز المسيل للدموع على رعاة فلسطينيين في قرية جنبا. وفي اليوم التالي، تم توثيق هجوم مجموعة من المستوطنين على عائلات بالقرب من قرية سوسيا، ما أسفر عن إصابة ستة فلسطينيين بجروح. وفي اليوم نفسه، وضع أحد المستوطنين أغناما مذبوحة بالقرب من منازل سكان أم قصعة، فيما وصفه السكان بأنه تكتيك نفسي لتسهيل طردهم.
وبينما يستعد مجلس التخطيط للبت في الطلبات المعلقة في الأسابيع المقبلة، يواجه السكان واقعا مريرا يتمثل في أنهم ومنازلهم قد يكونون التاليين. مع إغلاق القنوات القانونية وتكثيف عنف المستوطنين، يبدو أن استراتيجية إسرائيل المزدوجة المتمثلة في المحو البيروقراطي والمادي على وشك إكمال ما بدأته قبل عقود: التطهير الكامل للمجتمعات الفلسطينية في مسافر يطا.
وفي رده على استفسار مجلة "972+" حول التوجيه الجديد، صرّح متحدث عسكري إسرائيلي بأن الإدارة المدنية ومكتب التخطيط المركزي "يُجريان مناقشات مستمرة بشأن القرى المُشيّدة داخل منطقة إطلاق النار 918". وادّعى المتحدث أن الجيش "لديه حاجة مُلحّة لهذه المنطقة"، وبالتالي لن يُوافق على أي تصاريح بناء هناك، مُضيفا، إن وحدة إنفاذ القانون التابعة للإدارة المدنية "تعمل على منع أي بناء غير قانوني، استنادا إلى تقييمات عملياتية، وتوجيهات سياسية، وقوانين سارية في المنطقة".
على عكس هذه الادعاءات، تؤكد السجلات التاريخية وشهادات السكان أن القرى الفلسطينية في منطقة إطلاق النار 918 موجودة قبل أن يُصنّفها الجيش منطقةً عسكرية في الثمانينيات؛ بل إن العديد منها يعود إلى ما قبل قيام الدولة. علاوة على ذلك، وبينما يزعم الجيش أنه يطبق القوانين بصرامة ضد "البناء غير القانوني"، فإن المستوطنين الإسرائيليين أقاموا عدة بؤر استيطانية على الأرض نفسها دون أن يتعرضوا للهدم أو لأي تبعات قانونية. ووفقا لاتفاقية جنيف الرابعة، فإن التهجير القسري للسكان الواقعين تحت الاحتلال محظور تماما في جميع الظروف.
-------------------------------------------
معاريف 1/7/2025
أسباب تخلي روسيا عن إيران في المواجهة الأخيرة
بقلم: عنات هوشبيرغ – ماروم
بعد إدانة علنية للمواجهة بين إسرائيل وإيران، ووصف الهجمات الإسرائيلية والأميركية على المواقع النووية الإيرانية بأنها "غير مبررة"، أعرب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن قلقه البالغ إزاء التصعيد الإقليمي. ومع ذلك، ورغم كونها حليفا استراتيجيا وقّعت معه، مؤخرا، اتفاقية لتعزيز التعاون دون التزام بالدفاع المشترك، امتنعت روسيا حتى الآن عن تقديم مساعدة عسكرية ملموسة لإيران. علاوة على ذلك، وبينما يُصدر زعيم الكرملين بيانات دعم علنية لطهران، إلى جانب تحذيرات لواشنطن من الانضمام المباشر إلى الصراع، فإنه يُقدّم موسكو وسيطا محتملا بين جميع الأطراف، وهو يدرك تماما ضعف مكانة روسيا في الشرق الأوسط، التي كانت في السابق عنصرا أساسيا في سياستها الخارجية.
مخاوف تمدد الصراع
من وجهة نظر بوتين، فإن التدخل الأميركي إلى جانب إسرائيل ضد إيران ليس مجرد خطوة جذرية قد تؤدي لتصعيد الأزمة، بل إن الهجمات الأميركية وانضمام أطراف إضافية للصراع، بما فيها قوى غير إقليمية، تدفع العالم، إلى نقطة متطرفة خطيرة للغاية، فإلى جانب التهديد الكامن في استمرار الحرب، وتصعيد الصراع مع إيران، تشعر موسكو بقلق متزايد إزاء زعزعة الاستقرار في المنطقة، لأنها قد تمتد لجيرانها في القوقاز وآسيا الوسطى، بل وربما تهددها.
ومن منظور جيوسياسي وجيواستراتيجي روسي، فلا شك أن هذا وقت وموقف حرجان بالنسبة لها، ومعقدان للغاية، ومتفجران، لأن الصراع مع إيران، واحتمال تدهور الوضع الأمني في المنطقة يزيدان من التهديد لمصالحها وأصولها الاستراتيجية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مثل تدمير المنشآت العسكرية في إيران، وفقد الأسلحة والمعدات العسكرية الروسية المتقدمة، بما فيها التقنيات النووية التي ساعدت ببناء محطة بوشهر للطاقة النووية، التي قصفتها إسرائيل والولايات المتحدة، إضافة للحدّ من وصولها لميناء طرطوس وقاعدة حميميم الجوية في سورية، عقب سقوط الأسد.
يمثل امتناع روسيا عن تقديم المساعدة العسكرية الحيوية لطهران، بما فيها الطائرات المقاتلة المتقدمة (سوخوي 35) وأنظمة الدفاع الجوي (إس 400 إس) التي وُعدت بها في الماضي، تحديا كبيرا لها، وليس الأمر مجرد أنها تقرأ الخريطة بشكل صحيح، وتتبنى "سياسة واقعية" واضحة في صراعها في أوكرانيا، بل إن دعمها العسكري لإيران ينطوي على "ثمن" باهظ للغاية، وقد تؤثر سلبا على علاقاتها مع إسرائيل، وكذلك مع الدول العربية والعالم الإسلامي، مع التركيز على دول الخليج بقيادة السعودية والإمارات العربية المتحدة".
المصالح الإقليمية
تشكل الأنشطة العسكرية والقدرات النووية الإيرانية تهديداً مباشراً ووجودياً وأمنياً لروسيا، وفيما يعيش مليونا يهودي روسي في إسرائيل فإن 15% من سكانها مسلمون.
ورغم تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين طهران وموسكو، واتهام الغرب بمساعدة إسرائيل، فإن ترسيخ قوتها في الشرق الأوسط، ومكانتها كوسيط دولي، أهم من إنقاذ إيران وتطوير قدراتها العسكرية في وجه إسرائيل، فضلا عن إعطاء الأولوية للعلاقات المعقدة بين موسكو وواشنطن وتل أبيب، مع تأمين مصالحها الإقليمية في الوقت ذاته.
من الواضح أن بوتين على استعداد للمخاطرة بالتخلي عن إيران. فإمدادات الأسلحة السرية الروسية لإيران تعتبر أيضاً غير معقولة وغير مجدية، على الأقل في الوقت الراهن، ربما بسبب الضربة القاتلة التي وجهتها إسرائيل لقمة القيادة العسكرية والأمنية والاستخباراتية الإيرانية، وقدراتها العسكرية، بل وأكثر من ذلك، في ضوء احتمال كبير لانهيار النظام، ما سينعكس على مكانة روسيا وصورتها.
رغم دعوة روسيا جميع الأطراف لضبط النفس، وتجنب التصعيد، فمن الواضح أن الصراع ضد إيران يحمل لها العديد من الفرص الاقتصادية والاستراتيجية، لأن ارتفاع أسعار النفط يساعد على استقرار اقتصادها الذي يعاني من ارتفاع التضخم، كما أن تفاقم التوتر بين طهران وتل أبيب يؤدي لزيادة كبيرة في طلب الصين على الطاقة الروسية، لأنها زادت وارداتها من النفط الخام منها في 2024، وشكلت 21.5% من وارداتها النفطية، مقارنة بمتوسط 15.5% بين 2018 و2021، وهذا وضع معقد في حد ذاته، ونتج عن انخفاض صادرات النفط الإيرانية للصين، ما يؤدي في الوقت نفسه لتقليل اعتماد موسكو على بكين مع توسيع قدرتها على المناورة.
الموقف الانتهازي
يسمح تفاقم الأزمة الإيرانية، التي أصبحت محط أنظار العالم، لروسيا بجني إنجازات الحرب في أوكرانيا، لأن تحويل انتباه الموارد الغربية عن تحركاتها يسمح لها بمواصلة مهاجمتها بكثافة أكبر، والاستيلاء على الأراضي، وإخضاعها، حيث أطلقت 440 مُسيرة باتجاه كييف وأوديسا، وهذه فرصة أمامها لإلحاق الضرر بالتضامن الغربي، وإعادة تشكيل التوازن الإستراتيجي للقوى، والتأثير بشكل كبير على البنية الأمنية في أوروبا.
يزيد تعزيز علاقات واشنطن وتل أبيب من قلق موسكو من دفعها للخروج من الشرق الأوسط، ما سيؤثر على تقويض قوتها ومكانتها في القوقاز وآسيا الوسطى، رغم أن الضربة القاسية التي تلقتها طهران يعزز أهمية التدخل السياسي والأمني لروسيا في الشرق الأوسط، مع التأكيد على "الثمن" الذي ستدفعه لغيابها عنه، لأن قربها الجغرافي من منطقة الصراع، وكونها حليفاً متورطاً بشكل عميق في الساحة الإيرانية، يوضحان الحاجة الملحة لتغيير نهجها تجاه إيران، مع الحفاظ على التوازن الدقيق والمناورة مع إسرائيل والولايات المتحدة.
المراقبة الجيو - سياسية الواسعة لوقف إطلاق النار المحدود والهش بين تل أبيب وطهران تخدم مصالح موسكو، وتحافظ على مرونتها الدبلوماسية، وتمنع تورطها العسكري غير المرغوب فيه في الحرب، لكنها في الوقت ذاته تسلط الضوء على موقفها الانتهازي وهشاشة شراكاتها مع طهران.
-------------------------------------------
لوموند: رغم اتهام إسرائيل بالإفلاس “الأخلاقي” بعد تحقيق “هآرتس”.. الوضع على الأرض لم يتغير
تحت عنوان “الحرب على غزة.. الجيش الإسرائيلي متهم بالإفلاس الأخلاقي”، توقّفت صحيفة “لوموند” الفرنسية عند تحقيق صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية المثير للجدل حول إطلاق جنود إسرائيليين النار قرب مراكز توزيع الغذاء في قطاع غزة الفلسطيني.
الصحيفة الفرنسية أوضحت أن آلاف الأشخاص يحاولون يوميًا، يائسين، في سعيهم وراء الغذاء، الاقتراب من أحد المراكز الأربعة لتوزيع المواد الغذائية التي افتتحتها “مؤسسة غزة الإنسانية” المثيرة للجدل، بدعم من إسرائيل والولايات المتحدة، في القطاع الفلسطيني، منذ نهاية مايو. وفي كل يوم تقريبًا، يُقتل عدد من الفلسطينيين هناك.
لا إجراءات لضبط الحشود، ولا غاز مسيل للدموع؛ فقط إطلاق نار بالذخيرة الحية بكل ما يمكن تخيله.. وسيلة الاتصال الوحيدة هي إطلاق النار
ففي أقل من شهر، تم توثيق 19 حادثة إطلاق نار من قبل الجيش الإسرائيلي، أسفرت عن مقتل 549 فلسطينيًا وإصابة 4000 آخرين، بحسب حصيلة صادرة عن وزارة الصحة التابعة لـ “حماس”، ومؤكدة من قبل الأمم المتحدة بتاريخ 24 يونيو.
في مقالها المطوّل، الذي نُشر في 27 يونيو، جمعت صحيفة “هآرتس” شهادات صادمة من جنود وضباط إسرائيليين مكلفين بتأمين هذه المراكز. وتحت غطاء السرية، وصف الجميع مشاهد يمكن اعتبارها جرائم حرب. يقول أحد الجنود: “في الموقع الذي كنت فيه، كان يُقتل بين شخص وخمسة يوميًا. يتم التعامل معهم كقوات معادية.. لا إجراءات لضبط الحشود، ولا غاز مسيل للدموع؛ فقط إطلاق نار بالذخيرة الحية بكل ما يمكن تخيله.. رشاشات ثقيلة وقاذفات قنابل وهاونات. وبعد فتح المركز، يتوقف إطلاق النار، ويعلم الناس أنهم يستطيعون الاقتراب. وسيلة الاتصال الوحيدة لدينا هي إطلاق النار” . وأضاف أن هذه الإستراتيجية تُعرف في منطقته باسم “السمكة المالحة”، وهي ما يشبه لعبة “واحد، اثنان، ثلاثة، شمس” الإسرائيلية.
غالبًا ما تكون الحشود مشوشة بسبب التعليمات الأمنية المتضاربة عند محيط هذه المراكز (ثلاثة منها قرب رفح جنوبًا، وواحد في الوسط قرب ممر نتساريم)، ما يدفعهم للاندفاع إليها قبل فتحها- أحيانًا حتى في الليل- من دون تمييز الممرات المخصصة، تشير الصحيفة.
قال أحد الضباط: “التعامل مع سكان مدنيين بينما وسيلة التواصل الوحيدة هي إطلاق النار أمر إشكالي للغاية. ليس من الأخلاقي ولا المقبول أن يُجبر الناس على الوصول إلى [منطقة إنسانية] وهم تحت نيران الدبابات والقناصة وقذائف الهاون”.
استخدام مفرط للقوة
أثارت هذه الشهادات صدمة نادرة في إسرائيل حول الانحدار الأخلاقي للجيش، ما أجبر الحكومة على الرد مساء اليوم ذاته. في بيان مشترك نُشر عبر منصة “إكس”، نفى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت “بشكل قاطع” ما ورد في المقال، واصفين الشهادات بأنها “أكاذيب خبيثة تهدف إلى تشويه سمعة الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”.
كما رفضت وزارة الدفاع الإسرائيلية الوقائع، لكنها أشارت إلى أن المدعي العام العسكري قد فعّل “آلية تقصي الحقائق” (FFA Mechanism) لإجراء تحقيقات أولية سريعة، وأنه سيتم “استخلاص الدروس” من مهمة تأمين هذه المواقع.
وعند سؤال صحيفة “لوموند” عما إذا كان القضاء العسكري سيُجري تحقيقًا، لم ترد المؤسسة العسكرية. لكنها أعلنت، يوم الإثنين 30 يونيو، عن افتتاح مركز توزيع جديد بديلًا لذلك الموجود في تل السلطان- الذي شهد حادثة إطلاق نار دامية في 31 مايو- “من أجل تقليل الاحتكاك مع المدنيين، وضمان أمن الجنود”.
وتابعت صحيفة “لوموند” القول إن شهادات الجنود كشفت الضوء على ممارسات لا تستطيع، أو لا تريد، غالبية المجتمع الإسرائيلي- الذي يرسل أبناءه للخدمة في غزة- رؤيتها.
وتنقل الصحيفة الفرنسية عن نداف وايمان، المدير التنفيذي لمنظمة “كسر الصمت” التي أسسها محاربون قدامى عام 2004، قوله: “ليست هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها الجيش الأسلحة ضد المدنيين الفلسطينيين. في غزة، لدينا عقيدتان عسكريتان.. الأولى، عقيدة الضاحية- سُمّيت على اسم حي جنوبي بيروت دمرته الطائرات الإسرائيلية عام 2006- تقوم على استخدام مفرط للقوة للرد على الهجمات من مناطق مدنية؛ أما الثانية فهي، صفر خسائر بين جنودنا”.
ممارسات خارج السيطرة
يتابع وايمان قائلًا: “الأجواء لم تتغير كثيرًا عن حرب غزة عام 2014، لكن منذ 7 أكتوبر 2023، أصبحت القوات الإسرائيلية خارجة عن السيطرة. في السابق، عندما أراد الجيش استهداف هدف معين، كان يحرص على إصابة الشخص المعني، حتى لو نتجت أضرار جانبية كبيرة. أما اليوم، ووفقًا للشهادات التي جمعناها، قد يُقتل حتى 15 شخصًا لمجرد استهداف سائق شاحنة يُشتبه بانتمائه لحماس”.
ويشير إلى التدمير الممنهج للمنازل كأحد الممارسات الخارجة عن القانون. “أن تقاتل في أكثر مناطق المنطقة كثافة سكانية، وتتصرف وكأنك في صحراء سيناء أو هضبة الجولان! بعد إرسال رسائل نصية، أو منشورات تطالب بالإخلاء، يعامل الجيش غزة كأنها ميدان رماية مفتوح”.
هذا ما يؤكده أيضًا الباحث سامي كوهين، مؤلف كتاب “القتل أو السماح بالحياة: إسرائيل وأخلاقيات الحرب”، بقوله: “قواعد الاشتباك التي يضعها الجيش تُنقل شفهيًا للوحدات الميدانية، وعمليًا، يقوم كل قائد، وفقًا لهدفه الأساسي المتمثل في حماية جنوده، بصياغة قواعده الخاصة. وفي بعض المناطق الموصوفة بـ”المعقمة”- وهي مناطق قتل حقيقية- يُسمح بإطلاق النار على أي مدني يقترب دون إنذار، وهذا مخالف للقانون الدولي وللقواعد الأخلاقية العسكرية”.
ويضيف: “قبل 7 أكتوبر، كان تدمير مبنى يتطلب إذنًا من رئيس الأركان. اليوم، يمكن لقائد فرقة أو لواء اتخاذ هذا القرار. لقد مُنحوا هذه الحرية لأن الجيش نشر 300 ألف من جنود الاحتياط بالإضافة إلى القوات النظامية، ورئيس الأركان لا يستطيع أن يراقب كل شيء. هذه الحرية جنونية. لم يعد السؤال: نقتل أم لا؟ بل نقتل وكفى”.
باحثون إسرائيليون: ارتكاب أفعال غير قانونية وغير أخلاقية ضد الفلسطينيين في غزة يشكّل تهديدًا لا يقل خطورة على الهوية الديمقراطية واليهودية لإسرائيل.
صدى ضعيف
صحيفة “لوموند” نقلت عن العقيد السابقة في استخبارات الجيش، ميري إيسين، التي تُعد من أولى النساء اللواتي وصلن إلى هذه الرتبة، وتعمل حاليًا باحثة في جامعة رايخمان، تأكيدها أن “هذه حرب فظيعة”، ولا يمكن نقدها من دون النظر إلى “السياق”.
وتقول: “ضد نوع العمليات التي اعتمدتها “حماس” في 7 أكتوبر، لا نملك ردًا مناسبًا، ولا أحد يملكه. لا توجد قواعد اشتباك دولية بين دولة وفاعل غير حكومي. كل دولة- روسيا، الصين، الولايات المتحدة، فرنسا أو ألمانيا- تحدد الإرهاب بطريقة مختلفة. ولسنا أفضل أو أسوأ من غيرنا.”
وتضيف: “السؤال الوحيد المهم هو: هل ما نقوم به قانوني؟ لكن القانوني لا يعني بالضرورة الأخلاقي.” وتنفي وجود أوامر بإطلاق النار على المدنيين قائلة: “الجيش الإسرائيلي لا يعطي أوامر بإطلاق النار على مدنيين”.
مع ذلك، تُوجّه اتهامات لبعض الشخصيات العسكرية في الميدان، مثل العميد يهودا فاخ، قائد الفرقة 252، والذي سبق أن اشتُبه بارتكابه انتهاكات في ممر نتساريم، ويُوصف بأنه “أيديولوجي”، تشير “لوموند”.
في دراسة نُشرت في 29 مايو، حذّرت الباحثتان تامي كانير وپنينا شرفيت باروخ من معهد الدراسات الأمنية الوطنية في تل أبيب من أن “فرض مهام غير قانونية على الجيش من قبل الساسة أمر مرفوض”.
وأضافتا: “في وقت ينصب فيه قلق الرأي العام على مستقبل الديمقراطية الإسرائيلية داخليًا، فإن ارتكاب أفعال غير قانونية وغير أخلاقية ضد الفلسطينيين في غزة يشكّل تهديدًا لا يقل خطورة على الهوية الديمقراطية واليهودية لإسرائيل”.
ورغم أن تحقيق صحيفة “هآرتس” أثار ضجة محليًا ودوليًا، فإن ذلك لم يُغيّر الوضع على الأرض، توضّح صحيفة “لوموند”، مشيرة إلى أن الدفاع المدني الفلسطيني أعلن، هذا الإثنين، عن مقتل 11 شخصًا في إطلاق نار من الجيش الإسرائيلي “قرب نقاط توزيع مساعدات في وسط وجنوب قطاع غزة”.
-----------------انتهت النشرة-----------------