“المركز الفلسطيني”: الخروقات الإسرائيلية تحوّل وقف إطلاق النار في غزة إلى أداة لإدارة الصراع

كشف المركز الفلسطيني للدراسات السياسية في ورقة تقدير موقف تحليلية جديدة أن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة لم يتحول إلى تهدئة فعلية، بل جرى توظيفه من قبل الاحتلال الإسرائيلي كأداة لإدارة الصراع منخفض الوتيرة، وإعادة صياغة الاتفاق بما يخدم أولوياته الأمنية والسياسية.

وأوضح المركز، في ورقته المعنونة “من وقف إطلاق النار إلى إدارة الصراع: الخروقات الإسرائيلية كأداة ضغط تفاوضي وسيناريوهات المرحلة المقبلة في غزة”، أن مئات الخروقات الإسرائيلية التي سُجلت منذ الإعلان عن الاتفاق، بما شمل الاغتيالات، والغارات الجوية، والتوغلات المحدودة، وقيود إدخال المساعدات، تعكس نمطًا ممنهجًا لا يمكن فصله عن مسار التفاوض ومحاولات فرض معادلة التزامات أحادية الجانب.

وبيّنت الورقة أن الحكومة الاحتلال لا تنظر إلى “التهدئة” بوصفها توقفًا عن الحرب، بل مرحلة عملياتية مختلفة تُدار فيها المواجهة بأدوات أقل ضجيجًا وأكثر انتقائية، تتيح لها الحفاظ على التفوق الاستخباري والعسكري، ومنع المقاومة من الانتقال من مرحلة الصمود إلى التعافي وإعادة التنظيم.

وأشار المركز إلى أن الخروقات تُستخدم كورقة ضغط تفاوضي لإفراغ الاتفاق من مضمونه، وحصره في ملفي الأسرى وسلاح المقاومة، مع تجاهل البنود المتعلقة بالانسحاب، وعودة النازحين، وإعادة الإعمار، كما أكدت الورقة أن هذا السلوك يحظى بغطاء سياسي أميركي ضمني، في ظل غياب آليات رقابة أو مساءلة فعالة.

وعلى الصعيد الداخلي الإسرائيلي، خلصت الورقة إلى أن التصعيد المحدود يخدم حسابات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، عبر إبقاء ملف “الأمن” حاضرًا في المشهد السياسي، ومنع أي مسار قد يُفسَّر كهزيمة أو تنازل، إلى جانب استخدام العمليات المحدودة كوسيلة للهروب من أزماته الداخلية والقضائية.

كما تناولت الورقة مواقف المقاومة الفلسطينية والوسطاء الإقليميين، مؤكدة أن دور الوسطاء بات يقترب من إدارة الأزمة أكثر من القدرة على فرض حلول، في ظل إدراك متزايد لمحدودية الضغط العربي والدولي على حكومة الاحتلال دون تدخل أميركي حاسم.

وفي ختامها، استشرفت الورقة ثلاثة سيناريوهات محتملة لمسار المرحلة المقبلة، تتراوح بين انتقال مشروط إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، أو مرحلة ثانية مُفرغة من مضمونها، أو تعطيل كامل يعيد الاتفاق إلى نقطة الصفر، محذّرة من تكريس معادلة “اللا حرب واللا هدنة” كواقع دائم في قطاع غزة.

وأكد المركز الفلسطيني للدراسات السياسية أن هذه الورقة تأتي في إطار جهوده المتواصلة لتقديم تحليلات معمّقة تستند إلى قراءة ميدانية وسياسية متكاملة، وتسهم في دعم صانعي القرار والإعلاميين والباحثين بفهم أعمق لديناميات الصراع في فلسطين والمنطقة.

disqus comments here