الإحتلال ماضي في إعدام مناطق زراعية استراتيجية لتهجير المُزراعين والاستيلاء على الأرض .. أم الريحان ونحالين نموجاً
منذ السابع من أكتوبر 2023 تشن “إسرائيل” حرباً على مُختلف مكونات الاقتصاد الوطني الفلسطيني، بما فيها الانتاج الزراعي، وفيما يبدو فإن سُلطات الاحتلال تتعمد ضرب محاصيل استراتيجية في مُقدمتها زيت الزيتون، وذلك من خلال تحويل الموسم إلى موسم دموي للعام الثالث على التوالي، وتتعمد أيضاً ضرب مناطق الانتاج الزراعي المُختلفة وفقاً لخُطة مُمنهجة ومدروسة.
وفي مُتابعة “نشرة وطن الاقتصادية”، ، لاستهداف منطقتي أم الريحان جنوب غرب يعبد في جنين، ونحالين غرب بيت لحم، تبيّن أن الاحتلال يعمل وفقاً لخُطة أعدها مُسبقاً لإعدام منطقتين زراعيتين في الضفة، من خلال التضييق على المُزراعين باستخدام شتى الطرق والوسائل لإعدام فرص العيش الكريم واللائق، وذلك لخدمة هدفه النهائي بتهجيرهم، والاستيلاء على أراضيهم.
ومؤخراً هدمت قوات الاحتلال منشآت زراعية وسكنية في قرية أم الريحان، جنوب غرب جنين، بحجة عدم الترخيص، ما أثر على رزق السكان، وشملت عمليات الهدم بركسات لتربية المواشي وغرفاً زراعية، بالإضافة إلى إخطارات هدم لمنازل سكنية وأراضٍ سكنية.
– حلقات مسلسل الهدم في “أم الريحان” لا تتوقف .. وغالبية المُنشآت الزراعية المهدومة تقع ضمن المُخطط الهيكلي
عضو مجلس قروي أم الريحان محمد بدر، يقول إن سلطات الاحتلال هدمت مؤخراً بركساً زراعياً بمساحة 1000 متر، لتربية الدجاج البياض، ويُشكل البركس مصدر الدخل الأساسي لعائلة مُمتدة، إضافة إلى إعدام الطيور وتدمير المزرعة بشكل كُلي، وغير ذلك هدمت سُلطات الاحتلال 5 مُنشآت زراعية خلال الأسابيع الأخيرة.
ويؤكد بدر أن حلقات مسلسل الهدم في قريته الصغيرة لا تتوقف، مُشيراً إلى أن غالبية المُنشآت الزراعية التي تم تدميرها على مدار الفترة الماضية تقع ضمن المُخطط الهيكيلي للقرية، بينما تستخدم سُلطات الاحتلال حُججا وذرائع أمنية واهية لتنفيذ عمليات الهدم، فالحُجة الأمنية الإسرائيلية حاضرةٌ في كل عملية هدم في القرية الحدودية.
– مزارع الدجاج البياض المهدومة حصلت على قرار من المحكمة الإسرائيلية بعدم قانونية الهدم
وأكثر من ذلك فإن غالبية مزارع الدجاج البياض التي تم هدمها، حصلت على قرار من المحكمة الإسرائيلية بعدم قانونية الهدم، ورغم ذلك يتم الهدم بشكل غير قانوني ومخالف لقرارات المحاكم الإسرائيلية، والحُجة دائماً “عدم الترخيص”، يقول بدر.
– مُزارعو الدواجن في أم الريحان يتكبدون خسائر فادحة.. تكلفة إنشاء المزرعة الواحدة لا تقل عن 300 ألف شيكل
ويتكبد المزارعون خسائر فادحة جراء إعدام الاحتلال لفرص العيش الكريم واللائق، والقرارات الإسرائيلية الجائرة بعدم السماح للمزراعين بإعادة تأهيل وترميم المزارع المهدومة.
وخلال حديثه لـ”نشرة وطن الاقتصادية” يقول بدر إن تكلفة إنشاء المزرعة الواحدة لا تقل عن 200 – 300 ألف شيكل، وأكثر من ذلك في مزارع الدجاج البياض النموذجية، حيث تصل تكلفة الإنشاء إلى نحو نصف مليون شيكل، ويُضاف إلى ذلك الخسائر غير المُباشرة، ما انعكس سلباً على الواقع الاقتصادي والمعيشي في القرية الحدودية الصغيرة، وتعتمد عائلاتها على تربية الدجاج البياض، وتُعد من المناطق الأولى على مستوى الضفة الغربية بإنتاج بيض المائدة.
وتسعى “إسرائيل” بشكل محموم لقتل المنطقة اقتصادياً وتحويل سُكانها من مُنتجين إلى مُستهلكين، ومن مالكين لمُنشآت زراعية إلى مُتعطلين وفاقدي الرزق.
– خلال السنوات الأخيرة .. حولت “إسرائيل” مناطق ريف بيت لحم الغربي “سلة خُضار بيت لحم” إلى مناطق شبه جرداء
وفي نحالين غرب بيت لحم لا يختلف المشهد كثيراً، حيث تسعى “إسرائيل” لإعدام المناطق الزراعية في الريف الغربي لبيت لحم، وتشتهر بإنتاج زيت الزيتون والعنب ومحاصيل الخُضار المُختلفة، وخلال السنوات الأخيرة حولت إسرائيل مناطق نحالين ووداي فوكين وبتير وتعدّ سلة خُضار بيت لحم إلى مناطق شبه جرداء.
– الاحتلال يستخدم كل الوسائل للسيطرة على أراضي نحالين ووداي فوكين وبتير
المُزراع السبعيني من بلدة نحالين حسين شكارنة ، يقول إن الاحتلال يستخدم كل الوسائل للسيطرة على الأراضي، بدءً من تجريف الأراضي الزراعية ومُصادرتها لأغراض التوسع الاستيطاني، وإغلاق جزءٍ كبير من الأراضي لأغراض عسكرية، أضف إلى ذلك هدم المنشآت والغرف الزراعية، ومنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية.
ويؤكد شكارنة الذي يواجه تحديات جمّة بشكل يومي للوصول إلى أرضه الزراعية لفلاحتها وتعميرها، أن الهجمة الإسرائيلية غير المسبوقة على أراضي الريف الغربي لبيت لحم، إنما تندرج في إطار خُطتها الواسعة لتهجير الفلسطينيين، من خلال قتل المناطق الزراعية الاستراتيجية في بيت لحم، وفي مُقدمتها الريف الغربي، ويُعبر عن ذلك بالقول: “الخُطة واضحة لكل ذي بصيرة”.
– ضغوط وأعباءٌ اقتصادية ومعيشية مُتزايدة
ويشير إلى أن صعوبات وتحديات وصول المُزراعين إلى أراضيهم، تؤثر سلباً على الانتاجية، ما يضع المُزراعين في دوامة من التحديات الاقتصادية والمعيشية اليومية، ويزيد الضغوط والأعباء المالية.
وتقع بلدة نحالين داخل سياج استيطاني واسع وبالغ التعقيد، حيث تُحيط بالبلدة 11 مستوطنة وبؤرة استيطانية، وهو الأمر الذي يُضاعف معاناة المُزراعين.
– في مواجهة مفتوحة .. المزارعون لا يمتلكون إلّا قرارهم بالبقاء والمواجهة، وقرارُهم مرتفع التكلفة
وفي مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية المُمنهجة والمدروسة لقتل المناطق الزراعية الاستراتيجية في الضفة، لا تلقى أصوات المُزراعين ونداءاتهم بالاً، فالاستجابة الرسمية ضعيفة إن لم تكن معدومة بحجة ضعف الإمكانات والموارد، بينما لا يمتلك المُزراعون إلا إرادتهم الصلبة وعزيمتهم التي لا تلين، وقرارهم الفردي بالبقاء والمواجهة، وهو قرارٌ يدرك المزراعون أنه مرتفع التكلفة، قد يُكلفهم أرواحهم في حرب مفتوحة بين صاحب أرض ومُغتصب للأرض.