الأقمار الصناعية ترصد بناء مواقع عسكرية إسرائيلية تغير خريطة قطاع غزة
غزة: كشفت صور أقمار صناعية وتحليلات أجرتها مجموعة فورنسيك أركيتكتشر أن إسرائيل قامت، منذ دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2025، بإنشاء ما لا يقل عن 13 موقعًا عسكريًا جديدًا داخل القطاع، إلى جانب تعزيز بنية تحتية عسكرية قائمة، وشق طرق جديدة، وتدمير مزيد من الممتلكات الفلسطينية.
وبحسب التحليل، تسيطر إسرائيل حاليًا على أكثر من 50% من مساحة قطاع غزة، وتدير 48 موقعًا عسكريًا شرق ما يُعرف بـ«الخط الأصفر»، وهو خط إعادة الانتشار الذي حدده اتفاق وقف إطلاق النار. وتشير النتائج إلى أن هذه الإجراءات تمثل تغييرًا ماديًا في جغرافية القطاع، بما قد يمهد لوجود عسكري طويل الأمد.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية أن المواقع العسكرية الجديدة تتركز على امتداد الخط الأصفر، وفي شرق خان يونس، وبالقرب من الحدود مع إسرائيل. كما بيّن التحليل تسارع أعمال التوسعة والتطوير في المواقع العسكرية القائمة، وربطها بشبكة طرق جديدة تتصل بالبنية التحتية العسكرية والطرق والمستوطنات داخل إسرائيل.
كما رصد التقرير استمرار العمل في طريق جديد في منطقة خان يونس، بدأ إنشاؤه في سبتمبر/أيلول 2025، مع إعادة توجيه ممر «ماغن عوز» ليقع بالكامل ضمن مناطق السيطرة الإسرائيلية.
إلى جانب ذلك، وثّق التحليل عمليات هدم ممنهجة للممتلكات الفلسطينية، خصوصًا في شرق خان يونس، في مناطق لم تكن قد دُمّرت سابقًا، حيث ظهرت مواقع عسكرية وطرق جديدة في أعقاب هذه العمليات.
وقال الباحث والمحلل السياسي معين رباني، بعد اطلاعه على ملخص نتائج التحليل، إن إسرائيل تعمل على «ترسيخ وقائع على الأرض بشكل تدريجي»، معتبرًا أن هذه الخطوات تشير إلى محاولة لتقسيم قطاع غزة وتعزيز السيطرة طويلة الأمد عليه، مع التأكيد في الوقت ذاته على أن هذا المسار لا يضمن بالضرورة تحقيق أهدافه بشكل كامل.
وكان اتفاق وقف إطلاق النار قد نص على انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية إلى «الخط الأصفر»، كمرحلة أولى ضمن خطة من 20 نقطة أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تتضمن انسحابات لاحقة وصولًا إلى منطقة عازلة داخل غزة بمحاذاة الحدود الإسرائيلية. وتنص الخطة صراحة على أن إسرائيل «لن تحتل أو تضم غزة»، وأن الانسحاب الكامل سيتم وفق معايير وجداول زمنية مرتبطة بعملية نزع السلاح.
إلا أن تقرير فورنسيك أركيتكتشر يشير إلى أن إسرائيل، منذ بدء وقف إطلاق النار، وسّعت عمليًا نطاق سيطرتها عبر إنشاء مواقع جديدة غرب الخط الأصفر المحدد في خرائطها الرسمية، ما يثير تساؤلات حول نيتها تنفيذ مراحل الانسحاب اللاحقة.
وتأتي هذه النتائج في وقت أفادت فيه تقارير بأن الإدارة الأميركية تدرس إنشاء مجمعات سكنية تُعرف باسم «مجتمعات آمنة بديلة» شرق الخط الأصفر، لإسكان عشرات الآلاف من الفلسطينيين، مع منع البناء غربه، في خطوة يرى محللون أنها قد تعزز واقع تقسيم القطاع وترسخ السيطرة الإسرائيلية على أجزاء واسعة منه.