الاحتلال يرسّم “الخط الأصفر” في غزة: واقع ميداني جديد تحت غطاء أمني

يواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة قبل 3 أسابيع تنفيذ عمليات عسكرية ميدانية داخل ما يُعرف بـ”الخط الأصفر”  وهو خط الانسحاب المؤقت الذي يقضم نحو 52% من مساحة القطاع، بحسب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمرحلة ما بعد الحرب.

وتشمل العمليات تفجير المنازل وتدمير البنى التحتية تحت مسمى “تطهير المناطق أمنياً”، فيما نشر الاحتلال علامات ميدانية على طول الخط لمنع الفلسطينيين من الاقتراب، وسط عشرات عمليات إطلاق النار تجاه المدنيين، وتفجيرات ليلية متواصلة شرق الشجاعية والزيتون وخانيونس.

ورغم هذه الممارسات، حاول وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر نفي أن يكون الخط الأصفر “خط فصل دائم”، زاعماً أنه “ترتيب أمني مؤقت”، لكن الواقع الميداني يشير إلى ترسيخ وجود عسكري دائم وتحويل أجزاء واسعة من أراضي غزة إلى مناطق عازلة محرّمة على السكان.

تقرير لحركة حماس وثّق منذ بدء التهدئة مقتل 250 فلسطينياً بينهم 97 طفلاً و39 امرأة، وإصابة نحو 600 آخرين، فضلاً عن عمليات توغل واعتقال داخل المناطق الصفراء. كما أشار التقرير إلى أن الاحتلال أقام مكعبات إسمنتية صفراء جديدة تبعد مئات الأمتار عن الخط، ما يؤكد نية التمدد الميداني.

الباحث رامي أبو زبيدة اعتبر أن الخط الأصفر ليس انسحاباً بل أداة إسرائيلية للسيطرة التدريجية على غزة، تتيح للاحتلال “حرية الحركة النارية” وتنفيذ ضربات دون حرب شاملة، وترسيخ “احتلال جزئي طويل الأمد” يفرض واقعاً جديداً على الأرض.

أما المحلل سليمان بشارات، فربط بين ما يجري وخطة “الجنرالات” الإسرائيلية القديمة، قائلاً إن الهدف هو تطهير جغرافي شامل يضمن محو البنية التحتية للمقاومة، وإعادة هندسة مناطق الخط الأصفر بما يخدم السيطرة الإسرائيلية الكاملة.

ويرى مراقبون أن ما يجري اليوم هو إعادة ترسيم صامت لحدود غزة، تُستغل خلاله فترة الهدوء لترسيخ قواعد أمنية جديدة وبناء مناطق مراقبة عازلة، في مسعى إسرائيلي لفرض واقع دائم قبل أي تسوية سياسية قادمة.

disqus comments here