كتب سيف الدين باكير: بين ضغوط ترامب ومقترح بلير.. هل يُسلّم نتنياهو “المنطقة الصفراء” بغزة للسلطة الفلسطينية؟
يرى خبراء ومحللون أن التحركات السياسية المتسارعة بين واشنطن وتل أبيب تعكس لحظة فارقة في مسار الترتيبات المرتقبة لقطاع غزة، وأن الدعوة الأمريكية المفاجئة لرئيس الوزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة البيت الأبيض فتحت الباب أمام مرحلة جديدة من الضغوط المباشرة لإعادة توجيه البوصلة السياسية والأمنية في المنطقة.
وفي خضم هذا الزخم، تتكثّف القراءات التي تربط هذه الزيارة بمساعي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدفع الاحتلال نحو تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وترتيب مشهد ما بعد الحرب بما يشمل مستقبل غزة وموازنات النفوذ الإقليمي.
وقال أستاذ حلّ النزاعات الإقليمية والدولية، والخبير في الشؤون “الإسرائيلية” علي الأعور، إن الأنظار تتجه جميعها نحو البيت الأبيض والرئيس ترامب، في ظل الدعوة التي وجّهها الأخير إلى نتنياهو لزيارة واشنطن في السابع والعشرين من الشهر الجاري.
ويرى الأعور أن هذه الخطوة تأتي في إطار ضغط أمريكي مباشر على نتنياهو لدفعه نحو الانتقال إلى المرحلة الثانية من مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار.
وأضاف في حديث له اليوم الأحد، أن ملفات الشرق الأوسط ستحضر بقوة في هذا اللقاء، بما في ذلك عدوان الاحتلال على سوريا ولبنان، إلى جانب التطورات المتسارعة في العلاقات الأمريكية–العربية، والتي شهدت – بحسبه – تقدماً لافتاً في الآونة الأخيرة، انعكس على مستوى الثقة المتبادلة بين واشنطن وعدد من العواصم العربية.
وأشار إلى أن “السعودية باتت مرشّحة للعب دور محوري في المرحلة المقبلة، إلى جانب مصر، خاصة بعد إعلان الولايات المتحدة تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة (إرهابية)”.
وأكد الأعور أن “مستقبل قطاع غزة سيكون حاضراً بقوة في أجندة الأيام المقبلة”، مرجّحاً أن يتم “الانتقال إلى المرحلة الثانية مع نهاية الشهر الجاري عقب زيارة نتنياهو إلى البيت الأبيض”.
وتابع مؤكداً أن “نتنياهو بدأ في إعادة حساباته السياسية والأمنية، خصوصاً بعد فشل مشروع إيجاد البدائل في غزة، والذي تلقّى ضربة قاسية بمقتل ياسر أبو شباب”.
ويرى الأعور أن “هذا الفشل دفع نتنياهو إلى التفكير في بديل واقعي وشرعي لحركة حماس، وهو ما جعله يفتح قنوات اتصال مباشرة مع السلطة الفلسطينية”.
وكشف الأعور عن اجتماع جرى بين نتنياهو ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير الأسبوع الماضي، لم يُعلَن عنه رسمياً في حينه، قبل أن يؤكده مكتب نتنياهو لاحقاً.
وقدّم بلير – وفق الأعور – مقترحاً بانسحاب إسرائيل في المرحلة الثانية من “المنطقة الصفراء” وتسليمها للسلطة الفلسطينية، وهو المقترح الذي بات محل نقاش واسع داخل دوائر صنع القرار في تل أبيب.
ويرى الأعور أن “نتنياهو وصل بالفعل إلى قناعة تامة بأن السلطة الفلسطينية هي البديل الوحيد لحماس في غزة، وأن إعادة إدخالها إلى القطاع سيشكّل أساساً لـ(غزة جديدة بلا حماس)”.
لكنه شدد على “وجود استحقاقات دولية وإقليمية يجب على نتنياهو تنفيذها، في مقدمتها فتح معبر رفح و انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من المنطقة الصفراء، وهي خطوات قد تفجّر خلافاً داخل الائتلاف الحكومي، خصوصاً مع رفض بن غفير وسموتريتش لأي ترتيبات تمنح السلطة الفلسطينية موطئ قدم في غزة”.
ونبّه الأعور إلى أن “اقتراب موعد الانتخابات (الإسرائيلية) يجعل نتنياهو أكثر ميلاً لاتخاذ قرارات دراماتيكية، قد يكون من بينها حلّ الحكومة بنفسه وإطلاق حملة انتخابية جديدة، بينما يبقى الاتجاه الأقوى هو ذهاب نتنياهو إلى المرحلة الثانية من الاتفاق بقرار أمريكي وضغط مباشر من الرئيس ترامب”.
من جانبه، قال المحلل السياسي إبراهيم المدهون إن “هناك من “يُعوّل – بسذاجة مؤسفة – على نتنياهو أو بلير لتمهيد الطريق أمام عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة”.
وأكد أن أي “عودة للسلطة لا يمكن أن تتم إلا عبر البوابة الفلسطينية نفسها، أي من خلال الفصائل وعلى رأسها حركة حماس”.
وأضاف المدهون عبر حسابه على قناة “تلجرام”، أن “من يريد الدخول إلى غزة، عليه أن يدخل من الباب الصحيح: باب شعبها وفصائلها”، مؤكداً أن المراهنة على الدبابة “الإسرائيلية: أو على المندوب السامي – في إشارة إلى توني بلير – هي “مراهنة خاسرة”.
وختم بالقول: “لا بلير ولا نتنياهو، ولا أي جهة تأتي عبر الدبابات أو تتحالف مع الاحتلال، سيكون لها مستقبل في غزة.”
وكانت مواقع عبرية كشفت أمس السبت أن نتنياهو التلقى سراً قبل نحو أسبوع، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير”.
ونقلت الهيئة عن مصادر مطلعة أن “بلير يدفع باتجاه اتفاق مع نتنياهو ودول عربية لإدخال السلطة الفلسطينية لتتولى الإدارة في بعض المناطق داخل قطاع غزة”.
وأضافت: “من المخطط أن يُنفذ ذلك في البداية كمشروع تجريبي، وإذا نجح، يتحول إلى وضع دائم، الفكرة مشروطة بإجراء إصلاحات داخل السلطة الفلسطينية”.