الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 12/12/2025 العدد 1484

الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

هآرتس 12/12/2025

 

 

 

الواقع يقف في طريق الانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترامب في غزة

 

 

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

“الجميع يخافون من حماس، ونتنياهو يخاف من ترامب”، هكذا لخص امس شخص رفيع في جهاز الامن الإسرائيلي الواقع هذا الأسبوع في قطاع غزة. الرئيس الأمريكي اعلن اول امس بان الإعلان عن هوية أعضاء “مجلس السلام” الذي يمكنه ان يساعد في إدارة شؤون القطاع في المستقبل، سيكون في بداية 2026. هذا سيكون كما وعد ترامب باسلوبه المميز “احد المجالس الأسطورية. زعماء الدول، ملوك ورؤساء حكومات، الجميع يريدون ان يكونوا في المجلس”. للوهلة الأولى ظهر ان الرئيس يتحدث عن قاعة الاحتفالات التي يقيمها في البيت الأبيض باستثمار ضخم.

حتى الان ربما يتحقق ذلك. ولكن في غضون ذلك الظروف على الأرض في القطاع مختلفة كليا. فحماس تسيطر بقبضة حديدية على القسم الغربي في القطاع، نفس نصف المساحة من الأرض التي تقع غرب الخط الأصفر، حدود سيطرة إسرائيل. والدول التي تذكر كاعضاء محتملين في قوة الاستقرار الدولية لا تسارع الى ارسال جنودها من اجل تولي مهمة نزع سلاح حماس، لانها تعتبر المهمة في هذه الاثناء، بدرجة كبيرة من العدل، مهمة انتحارية.

يبدو ان هذا الوضع يصب في مصلحة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. فقد حصلت إسرائيل بالفعل على كل المخطوفين العشرين الاحياء، وعلى كل جثث الرهائن القتلى، باستثناء جثة الشرطي، المقاتل في الوحدة الخاصة ران غويلي. ويبدو ان نتنياهو لا يظهر أي اهتمام حقيقي بالمضي قدما الى المرحلة الثانية في الاتفاق خشية ان يعود الضغط عليه لتقديم تنازلات للفلسطينيين، وربما منح السلطة الفلسطينية دور في الاتفاق الجديد. عودة محدودة للقتال، حيث حماس ضعيفة عسكريا ولا تمتلك أوراق ضغط على إسرائيل، يمكن ان تخدمه، لا سيما انها ستؤثر على الاجندة السياسية في سنة انتخابات.

لكن من يعيقه في الوقت الحالي هو ترامب. ويتوقع ان يلتقي الاثنان في نهاية الشهر الحالي في مار الاغو، منتجع ترامب في فلوريدا. وما زال الرئيس يتوق الى انجاز دولي. لقد أقيم حفل توزيع جائزة نوبل للسلام في هذا الأسبوع في أوسلو بدون حضوره. لا تزال الخسارة مؤلمة بلا شك، وفي مجالات أخرى، رغم الخطاب الحماسي، فانه لا يرقى تماما الى مستوى تصوره الذاتي كصانع سلام لا مثيل له في التاريخ. يبدو ان خطة ترامب للسلام مع روسيا في أوكرانيا قد فشلت فشلا ذريعا، والعلاقات مع الأوروبيين متوترة ومتأزمة، لا سيما بسبب نهجه التصالحي مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين. ومن المفارقة، ان قطاع غزة المنكوب يبدو هو المسار الذي يحمل اكبر فرصة للتقدم. لذلك، مشكوك فيه اذا كان ترامب سيسمح لنتنياهو برفع القيود المفروضة على الجيش الإسرائيلي في القطاع. هذا سينتظر زيارة رئيس الحكومة في الولايات المتحدة، هذا اذا حصلت.

في هذه الاثناء الظروف العسكرية في القطاع ليست ملحة بشكل خاص بالنسبة لإسرائيل. لقد بقي حتى الان جيب فيه بضع عشرات من مقاتلي حماس في انفاق رفح، داخل المنطقة الصفراء، ولكن الجيش الإسرائيلي يواصل محاصرتها ونتنياهو تراجع عن التفاهمات بشان خروج المخربين من الانفاق بشكل متفق عليه. في غضون ذلك يبدو ان التهديد الذي تشكله حماس على المدنيين الإسرائيليين في غلاف غزة محدود في الوقت الحالي. وتشير التقديرات الى ان حماس لم يبق لديها الا عدد قليل من الأسلحة الهجومية، 100 صاروخ تقريبا أو اكثر بقليل. ومن المفارقة ان هذا لا يمنعها من فرض سيطرتها بقبضة حديدية على المناطق التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي في القطاع. فهي تملك آلاف الأسلحة الخفيفة ولا تتردد قيادتها في استخدام القوة المفرطة ضد السكان، أيضا التهديد الذي تشكله العشائر عليها منخفض، لا سيما بعد قتل قائد المليشيا ياسر أبو شباب.

ترامب مع ذلك متحمس للإعلان عن الانتقال الى المرحلة الثانية. خطوته ستحدث كما يبدو بين عيد الميلاد ومنتصف شهر كانون الثاني. وستشمل أيضا انشاء هيئات إضافية مثل حكومة التكنوقراط الفلسطينية وقوة الاستقرار الدولية، اللتان بدونهما مشكوك فيه ان يكون أي تقدم، ولكن حتى بعد تشكيلهما ستبقى مشكلة حماس قائمة. فليس اندونيسيا أو أذربيجان أو الدول العربية ترغب في جر شعوبها الى مواجهة مباشرة مع حماس بشان نزع سلاحها، والهدف مثل النكتة القديمة “تجاهلها حتى تسقط من تلقاء نفسها”.

لا تنوي الولايات المتحدة ارسال جنود أمريكيين الى غزة، خارج الخط الأصفر، وقد لا تسمح لهم بعبور الحدود من إسرائيل الى القطاع على الاطلاق. الامريكيون يركزون الآن على إعادة الاعمار المستقبلية في “غزة الجديدة”، أي النصف الشرقي من القطاع الخاضع لسيطرة إسرائيل. وعندما يصمم الضباط الإسرائيليون على الحديث عن حماس في القطاع، يصححهم زملاءهم الأمريكيين قائلين: نحن نفضل قول “الغزيون”. هذا مستوى خطير من القمع، الذي قد ينفجر في وجوههم في المستقبل. النقاشات في قيادة التنسيق المشتركة في كريات غات هي جدية وعملية، بقيادة أمريكية. تعقد اللقاءات هناك كل يوم، وفقا “لساعة عمل” منظمة ومحددة مسبقا بين الجيش الإسرائيلي والجيوش الأجنبية. وقد تم بالفعل تحديد منطقة لبدء اعمال الاجلاء ثم البناء لاحقا، في انقاض رفح. ويدور الحديث عن انشاء عيادات ونشر قوة شرطية وإزالة الألغام الأرضية الإسرائيلية غير المنفجرة. ولكن ما يوصف بانه “مشروع تجريبي” لا يشير الا الى حلول سكنية لبضعة آلاف من سكان غزة، في وقت غير محدد في المستقبل. ولم يكتسب المخطط الاوسع حتى الان الزخم.

 

 

رسائل كابحة

 

ترامب ضغط على الكوابح وصد نتنياهو بصورة واضحة في جبهة أخرى في الشمال. خلال الشهرين الأخيرين اتخذ نتنياهو موقف مناقض في ساحات فرعية. ففي سوريا عمل على تقويض أي فرصة للتوصل الى تفاهمات جديدة مع نظام الرئيس احمد الشرع، وقام بزيارة استفزازية للمناطق التي استولت عليها إسرائيل قبل سنة تقريبا في هضبة الجولان السورية، وتعمد تاجيج التوتر على طول الحدود (في غضون ذلك تورط جنود من الجيش الإسرائيلي في حوادث اطلاق نار في المنطقة، الامر الذي ينذر على الأرجح بما سيحدث هناك اذا استمرت سيطرة إسرائيل العسكرية). أما في لبنان فقد شن الجيش الإسرائيلي هجمات متواصلة على مواقع حزب الله وعناصره لوقف جهود إعادة تسلح هذه المنظمة الشيعية. وقد بلغت الأمور ذروتها باغتيال علي طبطبائي، الذي وصف بانه رئيس اركان حزب الله، في الشهر الماضي في بيروت. وبعد هذا العمل هددت إسرائيل بتصعيد الحملة اذا لم يتقدم مسار نزع سلاح حزب الله.

ولكن توجد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أولويات مختلفة في سوريا ولبنان. فقد حرص على التحدث علنا مؤيدا احتمالية المصالحة بين إسرائيل وسوريا. وفيما يتعلق بقضية لبنان فقد تم ارسال رسائل كابحة من واشنطن من اجل ضمان ان لا يؤدي التصعيد العسكري الإسرائيلي الى تقويض ما يريد ترامب تقديمه كانجاز، وهو تعزيز الحكومة المركزية في بيروت. أيضا لا تبدو الإدارة الامريكية متحمسة لفرض استمرار نزع سلاح حزب الله. الجيش الإسرائيلي ما زال يشن هجمات متفرقة في لبنان، لكن نطاق القصف انخفض وتراجعت تهديدات إسرائيل المتكررة ضد حزب الله. وستكون الاحداث في الشمال أيضا على جدول اعمال لقاء ترامب – نتنياهو.  في الوقت الراهن، على الأقل بناء على تصريحاته في وسائل الاعلام، يبدو ان الرئيس سيحاول فرض ضبط النفس ولن يساعد إسرائيل على إعادة اشعال جبهات هدأت كما يبدو. ترامب لديه ورقة ضغط أخرى: ما زال نتنياهو يحتاج الى مساعدته في محاولة حصوله على العفو من رئيس الدولة اسحق هرتسوغ.

------------------------------------------

 

هآرتس 12/12/2025  

 

 

الولايات المتحدة تضغط على الوسطاء لدفع حماس للموافقة على نزع سلاحها

 

 

 

بقلم: ليزا روزوفسكي

 

الولايات المتحدة تتطلع الى غزة واحدة وموحدة، التي يتم حكمها من قبل الغزيين انفسهم. هذا ما قاله مؤخرا لعدد من الدبلوماسيين الغربيين، اريه لايتسون، المبعوث الأمريكي، الذي من شانه ان يخرج الى حيز التنفيذ خطة ترامب في قطاع غزة. لايتسون، الذي يوصف أحيانا بانه مستشار ويتكوف، يتواجد في العادة في إسرائيل ويتعامل مع السلطات الإسرائيلية والشركاء الدوليين للولايات المتحدة، والمطلعون على نشاطاته هناك يعتبرونه المسؤول عن الاتفاقات والقرارات التي يعهد الى مركز التنسيق الأمريكي في كريات غات بتنفيذها. وتتناقض تصريحات لايتسون مع اقوال رئيس الأركان ايال زمير في هذا الأسبوع، التي أشار فيها الى ان الخط الأصفر الذي يعبر قطاع غزة ويقسمه الى قسمين: قسم خاضع للسيطرة الإسرائيلية وقسم خاضع لسيطرة حماس، هو الحدود الجديدة.

بشكل عام، تؤكد الولايات المتحدة على عزمها على الانتقال الى المرحلة الثانية في اسرع وقت، ولا يتوقع ان تعرقل إسرائيل هذا الامر. وقد اعرب دبلوماسي غربي في حديثه مع “هآرتس” عن ارتياحه لعدم اشتراط الولايات المتحدة أو إسرائيل إعادة جثة المخطوف الأخير المتبقي في غزة، ران غويلي، من اجل الانتقال الى المرحلة الثانية. وقبل الإعلان الرسمي عن الانتقال الى المرحلة الثانية، أي قبل الإعلان عن تشكيل مجلس السلام الذي وعد به ترامب في بداية السنة القادمة، تسعى أمريكا بجهد للحصول على موافقة حماس على نزع سلاحها. ويمارس ممثلوها ضغوط كبيرة على الوسطاء في هذا الشأن، الذين بدورهم يدفعون قدما بضغطهم على حماس. وحسب دبلوماسي عربي فان الوسطاء – مصر وقطر وتركيا – يضغطون على حماس من اجل الموافقة على نزع سلاحها ونقل السلطة في غزة الى لجنة تكنوقراط فلسطينية تتولى إدارة شؤون القطاع اليومية.

معنى موافقة حماس هو ان مجلس السلام يمكنه تسلم مفاتيح غزة كاملة، ويستطيع تعيين قوة دولية (آي.اس.اف)، التي سيحصل الجنود فيها على ضمانة هامة بأن لا يكون مطلوب منهم مقاتلة حماس. في هذا الوضع فان المجلس وقوة الاستقرار حقا سيتمكنان من إدارة غزة، حتى لو كان نقلها الى أيديهم – سواء من يد حماس او من يد الجيش الإسرائيلي الذي سيضطر الى الانسحاب من الخط الأصفر وفي المستقبل أيضا من الممر الأمني – ستنفذ على مراحل.

حسب معرفتنا في حالة التوصل الى اتفاق خلال الأسابيع القادمة، سيتم الإعلان عن مجلس السلام، ومعه سياتي الانتقال الى المرحلة الثانية. في هذه الحالة سيقتصر دور المجلس مبدئيا على إدارة النصف الشرقي في قطاع غزة الذي يخضع حاليا لسيطرة إسرائيل. واذا تحقق هذا السيناريو فيتوقع ان يتم تنفيذ خطة بناء “تجمعات سكنية آمنة” للفلسطينيين شرق الخط الأصفر، التي ما زالت قيد النقاشات والاعداد، بسرعة. وغير معروف اذا ما كان سيتم تشكيل قوة دولية في مثل هذا السيناريو، واذا ما كان الجيش الإسرائيلي سينسحب من اجل افساح المجال للقوة شرق الخط الأصفر.

في غضون ذلك بدات ملامح الغموض المحيطة بهيكل وتكوين مجلس السلام تنجلي بالتدريج. من المتوقع ان يتالف المجلس من ثلاثة مستويات: سيشارك دونالد ترامب وعدد من الزعماء العرب والغربيين في قمته. اما المستوى الثاني فستكون فيه اللجنة التنفيذية التي من المرجح بشدة ان تضم ستيف ويتكوف وجارد كوشنر، المقربين من ترامب، ورئيس وزراء بريطانيا السابق طوني بلير، والمبعوث الاممي السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي مالادينوف، الذي شغل في السابق منصب وزير الدفاع في بلغاريا ويترأس حاليا اكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية في أبو ظبي، ورجل الاعمال الأمريكي – الهندي، ورئيس البنك الدولي اغاي بانغا. من المفروض ان يكون وجود بانغا في المجلس بمثابة ضمانة ضد الفساد. ولضمان عدم انقطاع التمويل عن إعادة اعمار قطاع غزة. إضافة اليهم يتوقع ان يشارك رجال اعمال آخرين لم يتم الكشف عن أسمائهم بعد في اللجنة التنفيذية.

ستضم اللجنة التنفيذية موظفين يتوقع ان يكونوا مسؤولين بشكل يومي على التنسيق مع لجنة التكنوقراط الفلسطينية. وسيتم توجيه الأموال الى غزة بواسطة اللجنة التنفيذية، كما يتوقع ان تمر المشاريع الكبيرة لاعادة اعمار القطاع من خلالها.

في غضون ذلك، في قطاع غزة يكتظ عشرات آلاف النازحين في خيام متداعية، يرتجفون من البرد وينامون على فراش مبلل. وبينما يتحدثون من شرفات ناطحات السحاب عن إعادة اعمار واسعة النطاق، ما زالت لا توجد على ارض الواقع أي فرصة حتى لادخال خيام مع هياكل معدنية متينة – ناهيك عن الكرفانات – الى القطاع. وترفض إسرائيل هذا الامر بذريعة ان المواد التي تصنع منها هذه الخيام والهياكل يمكن استخدامها لأغراض مزدوجة. وبالتالي، يمكن ان تخدم حماس. وسواء كان هذا سبب وجيه أو ذريعة، فان الافتراض السائد هو ان هذا الموقف، المدعوم فعليا من أمريكا، من غير المرجح ان يتغير الى حين توافق حماس على نزع سلاحها والتخلي عن موقعها في قيادة الحكم في النصف الغربي لغزة.

------------------------------------------

 

 

معاريف 12/12/2025

 

 

 

المحادثات بين إسرائيل وسوريا علقت في طريق مسدود

 

 

 

بقلم: جاكي خوري

 

اذا لم تطرأ قريبا انعطافة في اللحظة الأخيرة، فستذكر هذه الأيام كتفويت للفرصة. اما حكومة إسرائيل وحكومية سوريا يوجد اقتراح لتسوية الوضع الأمني على الحدود. تسوية معناها يتجاوز البنود الصغيرة والتنفيذ على الأرض وهي كفيلة بان تشكل حجر زاوية لاتفاقات أخرى. المفاوضات جرت على مدى بضعة اشهر وبجدية كبيرة في لقاءات وجها لوجه بمشاركة وسيط امريكي. لكن منذ بضعة أسابيع والعربة عالقة.

صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية كشفت هذا الأسبوع بان الطرفين توصلا الى تفاهمات في اطارها تنسحب إسرائيل من الحزام الأمني الذي استولت عليه في الجولان السوري باستثناء تعديلات طفيفة. وقد اعد الاتفاق للتوقيع في نيويورك قبل نحو شهرين ونصف، بحضور رئيس وزراء إسرائيل والرئيس السوري اللذين وصلا للمشاركة في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وتفيد الصحيفة على لسان مصادرها بان نتنياهو رفض التوقيع. مكتب نتنياهو نفى النبأ فور نشره، لكن في السطر الأخير، سواء تبلورت وثيقة مكتوبة أم لا، وصلت المحادثات الى طريق مسدود.

الجنوب السوري هذه الأيام هو منطقة حرب. يدور الحديث عن إقليم واسع يقع بين مدينتي السويداء ودرعا ويمتد شمالا على طول الحدود مع إسرائيل حتى القنيطرة. يسكن فيه دروز، سُنة وقبائل بدوية وهو مفعم بتوترات، اجتماعية، اقتصادية وطبقية. توتر عنيف يسود بين هذه الطوائف – وبينها وبين الحكم المركزي. الاستقرار بدأ يهتز في السنة الأخيرة في اعقاب تغيير الحكم. فقد فهم الجميع بانه في الوضع الجديد، عديم اليقين، ينبغي للمرء أن يستوي قدر ما يستطيع. الحكم الجديد وان كان يحاول استقرار الامن، لكن قواته قليلة، وفي بلدات المحيط يكون مستوى الحكومة دوما متدنٍ نسبيا. أقاليم بعيدة وتمردية ستشكل دوما تحديا للحكام في منطقتنا وبخاصة لحكم يوجد في بدايته.

هكذا وجد الدروز انفسهم يتعرضون للاعتداءات من البدو بسبب توترات قديمة، ومنقسمين فيما بينهم. اما السُنة بالمقابل فيتخوفون من أن يفرض الجيش الإسرائيلي عليهم إمرة الاحتلال مثلما فعل في الحزام الأمني في لبنان او في غزة، ولهذا فهم يتجندون لاستعراض العضلات. حماس والايرانيون يراقبون ما يجري ويجدون ثغرة. هم يحاولون استغلال الوضع الهش واستخدام المنطقة لاجل العمل منها ضد إسرائيل.

الخطر الذي يشكله هذا الواقع تجاه الدروز رأيناه في مجزرتين تجاههم خلال هذه السنة. وبين هذا وذاك سجلت تنكيلات أخرى. كان يمكن أن نرى هذا أيضا في النشاط الحثيث لوحدات الجيش الإسرائيلي وحملات الاعتقال الليلية التي جرت في القرى والبلدات خلف الحدود.

 

 

 فخ إسرائيلي

 

في اعقاب سقوط الأسد وخوفا من تفكك عام في الجنوب، اجتاح الجيش الإسرائيلي سوريا واستولى فيها على حزام امني واسع. المنطقة “الإسرائيلية” الفاصلة امتدت على مدى 75 كيلو متر في داخل الأراضي السورية. عرضها يتغير بين بضع مئات الأمتار الى الدخل وحتى 14 كيلو متر.

ولدى وصول حكومة سوريا لاجراء الاتصالات طلبت من إسرائيل انسحابا شبه تام من المنطقة الفاصلة الى خطوط وقف النار في 1994 أي الى الوضع الذي كان سائدا عشية الانقلاب في 7 كانون الأول 2024.  إسرائيل مستعدة لان تسحب قواتها الى الوراء لكن ان تبقى تسيطر في معظم الحزام الأمني الجديد. وذلك خوفا من ألا ينجح الجيش السوري في القضاء على الإرهاب في المنطقة التي يخرج منها الجيش الإسرائيلي. ردا على ذلك يقول السوريون اتركوا لنا المهمة، المسؤولية عن منع العمليات من أراضينا ملقاة على كاهلنا.

في إسرائيل يخشون ليس فقط من فشل النوايا الطيبة بل وأيضا من خيانة وحدات أو افراد من الجيش السوري، تأخذ المبادرة وتعمل سرا ضد إسرائيل. هكذا حصل على مدى السنة عدة مرات عندما خرجت قوات بدوية او سُنية مسلحة، ببزات الجيش النظامي لتقوم باجتياحات إجرامية ضد الدروز.

في مقابلة مع مجلة “المجلة” السعودية نشرت قبل شهر، أوضح وزير الخارجية السوري بان التسوية المقترحة ستكون مؤقتة فقط. وكان الوزير اسعد الشيباني مبعوث الرئيس السوري الى الاتصالات، فيما مثل إسرائيل وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر.

قال الشيباني وفي الواقع وضع امامنا عرضا لتطوير العلاقات: هذا لن يكون اتفاقا نهائيا. بل سيكون مراحل لبناء الثقة”، وواصل يقول: “في منطقة معينة ستكون شرطة واستحكامات وعندها ستكون قوة عسكرية، وهكذا دواليك. هذا تقريبا ذات الاتفاق ويوجد فيه تغيير طفيف. لكن الغاء 74 كله وجلب اتفاق جديد، هو امر رفضناه علنا. يوجد اتفاق كان ساري المفعول على مدى 50 سنة وتبناه مجلس الامن. فأن نأتي الان باتفاق في 2025 ونقره في مجلس الامن؟  لا حاجة لذلك، بصدق. ثانيا لا توافق على استغلال الوضع الحالي لحكومة سوريا لاجل اخذ اراضٍ جديدة منها”.

حمص في دمشق؟ بداية فلنتخلص من الرغيف السوري. لقد وجدت إسرائيل نفسها في فخ: اذا وقعت على اتفاق امني مع دمشق وسحبت الجيش الإسرائيلي من المنطقة الفاصلة، فمن شأن جملة طالبي الشر ان يستولوا على المنطقة وينفذوا من داخلها عمليات مضادة. واذا لم توقع فمن شأنه ان تنشأ هناك مقاومة لقوات الجيش الإسرائيلي بمجرد تموضعها في المنطقة الفاصلة. في الحالتين امامنا مراهنة.

 

 

 يتحدثون من الميدان

 

يوم الاثنين أحيت حكومة سوريا ذكرى السنة على الانقلاب الذي أطاحت فيه بالاسد. وقد احتفل بالحدث بضبط نسبي بالنفس كما يتلاءم والحكومة الجديدة التي توجد في اختبار من كل نواحيها ولا تتمتع بميزانية سخية على نحو خاص. سلسلة مناسبات احتفالية، خطاب الزعيم الجديد وكذا استعراض عسكري لامع. “غزة هي شعار يتطاير، قصف وخراب”، صرخ الجنود كرجل واحد فيما هم يسيرون بنظام مثالي في شوارع دمشق. واتجهت الهتافات نحو القدس. “طالعلك يا عدوي طالع طالعلك من جبل النار”.

بعيدا عن هناك في بلدة خان أرنبة في منطقة مدينة القنيطرة، التقت قوة من الجيش الإسرائيلي ترابط في احد الطرق الرئيسة بقافلة من جهاز الامن العا السوري. لوح رجاله بالبنادق وهتفوا “الله اكبر” نحو الجنود. كان هذه مظاهرة استقلال من جانبهم دون نية اشعال نار. توفيق من احد المارة يظهر صورة غير عادية على نحو ظاهر. آليات ثقيلة للجيش الإسرائيلي تقف على الطريق الرئيس، ومسلحون سوريون يمرون عنهم بقافلة وهم يحملون رسالة استفزازية. كل هذا دون اشتباك او نار.

استطلاع بادرت اليه مجلة “فورين افيرز” البريطانية وجد ان 14 في المئة فقط من مواطني سوريا معنيون بسلام كامل مع إسرائيل. 92 في المئة يرون فيها قوة عسكرية مهددة. السعودية، تركيا وقطر محبوبات اكثر بكثير على السوريين حسب الاستطلاع الذي اجري في نهاية أكتوبر وبداية تشرين الثاني.

الشارع السوري لا ينسى السنة الأخيرة التي امطر فيها الجيش الإسرائيلي الذخيرة بلا توقف على قواعد الجيش التي خلفها الأسد. الشرع قال ان الف مرة واكثر نفذت طائرات إسرائيلية طلعات في الأراضي السورية في السنة الماضية. 400 مرة تسللت قوات برية الى أراضيها. هذه اعداد دراماتيكية.

المنطق الإسرائيلي واضح. من يدري أي طبيعة ستتخذها الخطوة الجديدة. توجد فرصة ذهبية لاقتلاع قدراتها العسكرية وبالتالي يتخذونهها. كل شيء جيد وجميل، لكن للقتال بأسلوب الأرض المحروقة يوجد ثمن أيضا. تصوروا جيدا اجنبيا يدمر مخازن جيشنا. فمن يري أن يكون على سلام معه.

هذه أسابيع قرار. الاتصالات ذاتها استنفدت، والطرفان يعرفان جيدا ما الذي يريده كل طرف. السوريون يصرون على موقفهم ولا يوافقون على إبقاء الجيش الإسرائيلي عميقا في أراضيهم. من ناحيتهم إسرائيل تحاول تخليد ضم زاحف. بعد 58 سنة من نزع هضبة الجولان منهم، تسعى لان تأخذ قطعة أخرى. “يوجد سلام مع الشرق الأوسط”، قال ترامب للصحافيين هذا الأسبوع، ليس للمرة الأولى. ولعله قصد محادثات السلام إذ ان السلام نفسه لم يأتي بعد بل ان حتى المحادثات تتعثر جدا. ليس فقط في القناة السورية بل وفي غزة وفي لبنان أيضا.

------------------------------------------

 

 

هآرتس 12/12/2025

 

 

 

تزايد عدد الحريديين في المستوطنات، وكذلك العبء على دافع الضرائب الاسرائيلي

 

 

 

بقلم: شاؤول اريئيلي

 

في تسعينيات القرن الماضي، عندما قررت قيادة الحريديين في إسرائيل أن تجتاز مرة أخرى الخط الأخضر، بعد 20 سنة على الاجتياز الى شرقي القدس، لم يخطر ببال أي أحد انه بعد ثلاثين سنة سيحول الحريديون الى القوة الديمغرافية الأكثر هيمنة في مشروع الاستيطان في منطقة يهودا والسامرة. القرار في حينه لم ينبع من الصهيونية أو الأيديولوجيا، بل من الواقع الاقتصادي: ضائقة السكن المتصاعدة في بني براك وفي القدس والحاجة الى فضاء سكني منفصل وقابل للوصول اليه ورخيص. الان مجتمع الحريديين ليس مجرد جزء من الاستيطان في المناطق، بل تحول الى قلبه النابض، ومحرك النمو الديمغرافي الكبير، ولكن في نفس الوقت هو يضم سكان فقراء يعتمدون على غيرهم، الامر الذي يشكل عبء كبير على ميزانية الدولة.

حسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء فانه في نهاية أيلول 2025 شكل الحريديون حوالي 38 في المئة من اجمالي الإسرائيليين في المناطق المحتلة (مقارنة مع 32 في المئة قبل 15 سنة) أي 197.397 شخص من اصل 517.319 إسرائيلي. ويشكل الأطفال تحت سن الـ 19 نحو نصف الإسرائيليين في المستوطنات (258.370)، من بينهم 44 في المئة هم أطفال اكبر ثلاث مستوطنات يهودية حريدية: موديعين عيليت، بيتار عيليت وجفعات زئيف. ويصنف 84 في المئة من اليهود الحريديين ضمن العنقودين 1 و2، الأدنى في المؤشر الاجتماعي والاقتصادي للمكتب المركزي للإحصاء.

الحريديون يعيشون في 16 مستوطنة فقط في يهودا والسامرة (من بين الـ 167 مستوطنة). في 9 منها يعيش 94 في المئة من الحريديين، الذين يشكلون اغلبية مطلقة في مستوطناتهم (55 – 95 في المئة). باقي الحريديين في 7 مستوطنات، التي يشكلون فيها 10 – 30 في المئة من اجمالي السكان. هذه المعطيات لا تعكس تمدد تنظيمي، بل تركيز اجتماعي واقتصادي في فضاء جيوغرافي مقلص: غلاف القدس.

الحريديون يعيشون في أنواع السلطات الثلاثة: مدن، مجالس محلية ومجالس إقليمية. الأول يشمل المدن الحريدية، المستوطنات الكبيرة، موديعين عيليت (90.927 إسرائيلي)، وبيتار عيليت (72.157 اسرائيلي)، التي تضم 79 في المئة من اجمالي الحريديين، الذين يشكلون 31.5 في المئة من اجمالي الإسرائيليين في المناطق.

الحديث يدور عن مدن مكتظة جدا مع 23.535 شخص لكل كيلومتر مربع في المتوسط. نسبة الأطفال حتى سن 19 فيها هي 59 – 61 في المئة، لكن في العقد الأخير سجل انخفاض يبلغ 6 في المئة – وهو مؤشر اول على التشبع الديمغرافي نتيجة تقدم السكان في العمر وهجرة الأزواج الشابة. يحافظ النمو الطبيعي، الذي يبلغ حوالي 6 آلاف نسمة في السنة في المدينتين، الذي يمثل 48 في المئة من اجمالي النمو الطبيعي (المواليد ناقص الوفيات في يهودا والسامرة)، على النمو السكاني السنوي السريع (اجمالي الزيادة/النقص في عدد السكان)، لكن ميزان الهجرة فيها أصبح سلبي بالفعل.

بين كانون الثاني 2021 وأيلول 2025 غادر المدينتين 5530 شخص اكثر ممن انضموا اليهما. معظمهم من عائلات شابة انتقلت الى المستوطنات الحريدية مثل تل تسيون، متتياهو، غنيه موديعين، معاليه عاموس وأسبر – أو عادت الى داخل إسرائيل. المدن نفسها بقيت مع مجموعة سكانية كبيرة في السن، تجمعات كبيرة ومؤسسات تعليمية ومواصلات مريحة، تسمح باتصال يومي مع بني براك وبيت شيمش والقدس.

البناء في هاتين المدينتين توقف: في أعوام 2015 – نهاية 2024 لم يسجل الا 3031 مشروع بناء جديد، وهو معدل منخفض مقارنة مع النمو الطبيعي. ويتضاءل احتياطي الأراضي المتاحة وترتفع الأسعار وفقا لذلك. ويغطي تمويل وزارة الداخلية 85 – 90 في المئة من ميزانيات السلطات المحلية، وفي ميزانيات التطوير – الاستثمارات، الشوارع والمباني العامة – يتجاوز اسهام الحكومة أحيانا 95 في المئة. اما الإيرادات الذاتية من ضرائب العقارات التجارية فهي ضئيلة ولا تتجاوز أحيانا 10 في المئة من الميزانية.

المعنى واضح: تقريبا كل شيكل في البلديات الحريدية يمول من خزينة الدولة. ويعتبر متوسط الانفاق على الطفل في رياض الأطفال مرتفع جدا، 16 ألف شيكل، لكنه لا يساهم في توفير فرص عمل مستقبلية أو تحقيق الاستقلال الاقتصادي. وتصنف موديعين عيليت في العنقود الأول في المؤشر الاقتصادي – الاجتماعي، وهكذا منطقة بيتار عيليت حتى 2023 عندما ارتفعت لأول مرة الى العنقود الثاني.

المنظومة السياسية في هاتين المدينتين الحريديتين تتسم بالرتابة. ففي الانتخابات الأخيرة حصد حزب يهدوت هتوراة وحزب شاس معا 98 في المئة من الأصوات في موديعين عيليت (78 في المئة يهدوت هتوراة، 20 في المئة حزب شاس) و90 في بيتار عيليت (59 في المئة يهدوت هتوراة، 31 في المئة حزب شاس). اما التاييد لحزب الليكود والصهيونية الدينية فهو ضئيل جدا. ورغم الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية، الا انه لا توجد هجرة سياسية. هذا عالم مغلق ومتماسك ويدافع عن نفسه، لكنه يعتمد كليا على الاخرين في تمويل وجوده.

النوع الثاني من المستوطنات الحريدية يشمل اثنان من المجالس المحلية، اللذان يمثلان تعقيد عملية “الحردنة” في منطقة يهودا والسامرة. جفعات زئيف (24.725 نسمة) هي المجلس المحلي الأكبر في المناطق، وهي اكبر حتى من مدينة اريئيل، التي أصبحت حريدية في العقد الأخير، و57 في المئة من سكانها هم حريديون (الباقي هم علمانيون ومتدينون قوميون). عمانوئيل في المقابل، تقريبا هي الأصغر من بين جميع المجالس المحلية، حيث تحتل المكان 12 من بين الـ 14، فيها 5979 نسمة، وتتميز بسكان حريديين بشكل واضح (86 في المئة)، وهما معا تضمان 15.5 في المئة من الحريديين في المناطق، 4.7 في المئة من اجمالي الإسرائيليين هناك.

في جفعات زئيف نسبة الأطفال تحت سن الـ 19 تبلغ 52 – 55 في المئة مقارنة مع نسبة 60 في المئة أو اكثر في اكبر مدينتين. ميزان الهجرة الإيجابي في العقد الماضي في جفعات زئيف وعمانوئيل – عدد الوافدين يزيد بـ 2594 شخص عن عدد المغادرين – ينعكس في توسع الاحياء الجديدة فيها، لا سيما رمات جفعات زئيف (التي يسكن فيها على الاغلب الحريديون العاملون والذين هم من طبقة اجتماعية اقتصادية مرتفعة)، واغان هئيلوت. في العقد الماضي تم بناء 930 وحدة سكنية جديدة في جفعات زئيف مقارنة مع 722 وحدة في عمانوئيل. وتبلغ الكثافة السكانية في جفعات زئيف (9314 نسمة لكل كيلومتر مربع)، وهي اعلى 63 في المئة مما في عمانوئيل (5689 نسمة).

أيضا في التصنيف الاجتماعي – الاقتصادي الفجوة واضحة: جفعات زئيف في الواقع تدهورت من العنقود 5 الى العنقود 4، لكن عمانوئيل بقيت في العنقود 2. وطبقا لذلك فان مشاركة الحكومة في الميزانية العادية فيهما هي 60 – 70 في المئة، وفي ميزانيات التطوير هي 75 – 80 في المئة. في صناديق الاقتراع في جفعات زئيف نجد 40 – 45 في المئة من الأصوات أعطيت للأحزاب الحريدية، والباقي لليكود والصهيونية الدينية. في عمانوئيل – 76 في المئة شاس ويهدوت هتوراة. نسبة التصويت الاجمالية ترتفع باستمرار، لكن تم الحفاظ على روح الانغلاق عن المجتمع الإسرائيلي.

النوع الثالث من المستوطنات يضم المستوطنات الحريدية الصغيرة والجديدة – في المجلس الإقليمي متيه بنيامين يوجد مستوطنات تل تسيون (7175 نسمة)، التي انفصلت عن كوخاف يعقوب في شباط 2023، ومتتياهو (897 نسمة) وغنيه موديعين (3369 نسمة التي انفصلت عن موديعين عيليت في 2016)، وفي المجلس الإقليمي غوش عصيون توجد معاليه عاموس (1423 نسمة) واسبر (1606 نسمة). هذه مستوطنات شابة مع تكاثر طبيعي مرتفع بصورة استثنائية (60 – 65 في المئة أطفال حتى سن الـ 19)، مع ميزان هجرة إيجابي بشكل خاص.

تل تسيون تتصدر في النمو وفي ميزان الهجرة الإيجابي المثير للانطباع، في حين انه في غنيه موديعين سجل في السنوات الأخيرة منحى مغادرة. البناء يتواصل – 10 – 20 وحدة سكنية جديدة في السنة في متتياهو وفي معاليه عاموس – وتخلق حزام توسع حريدي في شرق غوش دان وفي جبال يهودا. نسبة تاييد يهدوت هتوراة وشاس في هذه المستوطنات هي 51 – 83 في المئة (متتياهو 83 في المئة، معاليه عاموس 59 في المئة، اسبر 55 في المئة وغنيه موديعين 51 في المئة)، مع منحى انخفاض معتدل في تاييد الليكود. أيضا في هذا السياق يجب الإشارة الى التصنيف الاقتصادي – الاجتماعي المتدني: اسبر، كوخاف يعقوب ومتتياهو هي في العنقود 2.

يعتبر موقع هذه التجمعات السكانية – نتيجة تصميم القيادة الحريدية في تسعينيات القرن الماضي – له أهمية كبيرة. فموديعين عيليت وبيتار عيليت وغنيه موديعين ومتتياهو جميعها توجد على الخط الأخضر أو قريبا منه، وتل تسيون وجفعات زئيف تبعد 3 كم عن القدس، بينما تبعد عمانوئيل 11 كم عن الخط الأخضر، وتوجد معاليه عاموس واسبر على بعد 10 كم شرق هذا الخط. وفي الاقتراحات الإسرائيلية والفلسطينية التي طرحت اثناء المفاوضات على مدى السنين تم الاتفاق بشكل شبه كامل على ضم تجمعات موديعين عيليت وبيتار عيليت وجفعات زئيف وغنيه موديعين ومتتياهو، حيث يعيش 90 في المئة من الحريديين في يهودا والسامرة، ضمها الى إسرائيل كجزء في أي تسوية دائمة. هذا يعني انه يتوقع ان يتم ضم اغلبية الحريديين الذين يعيشون حاليا خارج الخط الأخضر الى الأراضي الإسرائيلية السيادية في أي تسوية سياسية واقعية.

النتيجة هي مفارقة إسرائيلية واضحة: السكان الحريديون في يهودا والسامرة، الذين عددهم حالية 200 ألف نسمة، أي خمس اجمالي الحريديين في إسرائيل، هم المحرك الديمغرافي الرئيسي للمستوطنات، لكنهم في نفس الوقت يمثلون العبء الاقتصادي الأكبر على دافع الضرائب الإسرائيلي. وما زالوا في مكانة اقتصادية – اجتماعية متدنية ويتمتعون بتمويل شبه حكومي كامل، لكنهم يتبنون موقف سياسي يحول دون التوصل الى اتفاق يخضعهم لسيادة إسرائيل. هذه الفئة، التي كان من المفروض ان تكون المستفيد الرئيسي من أي اتفاق سياسي، باتت بمبادرة من قادتها عامل يعيق هذا الاتفاق. هذا يلخص قصة الحريديين في يهودا والسامرة: نمو ديمغرافي كبير، اعتماد متزايد على الميزانيات، خسارة سياسية شبه ماساوية لفرصة ضمان مكانة قانونية لجمهور كامل ومكانة محمية داخل دولة إسرائيل.

-------------------------------------------

 

 

يديعوت احرونوت 12/12/2025

 

 

 

جهاز الامن في إسرائيل يعتقد ان حملة التشهير بإسرائيل تقف وراءها قطر

 

 

 

بقلم: نداف ايال

 

نحن نشك في أن القطريين اتخذوا قرارا جوهرها، قال لي مصدر إسرائيل كبير وعليم: “لمحاولة هدم علاقات إسرائيل وإدارة ترامب من الأساس. التخريب. هم في جهاد”. في الدوحة منح هذا الأسبوع رئيس الوزراء القطري محمد آل ثاني مقابلة لرجل اليمين الأمريكي تاكر كارلسون (“الصهيونية هي عدو الحضارة الغربية”). رئيس الوزراء بدا هادئا للغاية؛ فاذا كان اطلق حملة هدم، فالحديث يدور عن حدث مرتب بعناية.

تحدث الزعيم القطري عن تحويل الأموال لحماس على مدى سنين بدعم من حكومات في إسرائيل، الموساد والشباك مثلما من الإدارات في واشنطن. واحتلت هذه الاقوال هذه الأمور عناوين رئيسة في البلاد. اما التصريح المقلق حقا فكان آخر: قطر لن تدفع على اعمار غزة لانها “لن تبني من جديد ما دمرته إسرائيل”. وكان آل ثاني قضى قبل ذلك “باننا نعتبر ما يحصل كوقف نار”، وقف النار لن يستكمل حتى انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من القطاع. هذا قول يمنح ظاهرا شرعية لاستئناف هجمات حماس للجيش الإسرائيلي في القطاع. في وقت لاحق، خفف ناطق قطري حدة اقوال رئيس حكومته عن اعمار القطاع وأوضح انه قصد فقط ان قطر “لن تمول وحدها” اعمار غزة لكنها مستعدة لان تفعل هذا مع دول أخرى. هذا إيضاح غريب: تغيير 180 درجة. لعل احد ما تلقى مكالمة من واشنطن.

يوم الاحد عقد في نيويورك لقاء استثنائي شارك فيه مبعوث الرئيس ستيف ويتكوف، رئيس الموساد دادي برنياع ومسؤول قطري. زميلي باراك رابيد هو من نشر عن انعقاد اللقاء وموضوعه. الخلفية هي المكالمة الهاتفية الشهيرة في البيت الأبيض بين رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس الوزراء القطري التي اعتذر فيها نتنياهو عن الهجوم الفاشل في الدوحة في 2025. كجزء من الاتفاق فرض الامريكيون آلية ثلاثية “للتنسيق” و “تخفيف التوترات” بين الدولتين. وكان هذا هو اللقاء الأول.

ما الذي طرحه الإسرائيليون؟ لم تدلي مصادر رسمية باي تفاصيل. يمكن التقدير بذكاء ماذا كانت المواضيع.

قبل اكثر من شهر استبدل محررون وقيادة عليا في “الجزيرة”. وكان الامل بان هكذا يخف الخط التحريري الهجومي ضد إسرائيل ذاك الذي ينتج بتمويل الدولة القطرية في ارجاء العالم الإسلامي. هذا لم يحصل. ففي هذا الأسبوع فقط اشتكت محافل إسرائيلية عن تغطية زائدة لمواطنين سوريين يدعون الى الجهاد ضد إسرائيل (هذا في الوقت الذي تحاول فيه الدولتان الوصول الى اتفاق امني. التغطية في “الجزيرة” هي ذات مغزى استراتيجي لمكانة إسرائيل في المنطقة.

موضوع آخر هو وجود مسؤولي حماس في قطر. تتمتع الدوحة الان بضمانة حماية رسمية من الولايات المتحدة، وهي واثقة بانها حققت ذلك من الرئيس ترامب بعد الهجوم الإسرائيلي. بالتوازي تواصل استضافة قادة حماس. وهم عمليا يتمتعون بحصانة مطلقة. هذا تطور يمكنه أن يجعل الدوحة مدينة لجوء رسمية لكل إرهابي يستهدف إسرائيل في ارجاء العالم. وكما يقول وزراء في حكومة إسرائيل صبح مساء، فان إسرائيل تريد طرد قادة حماس. هذه هي المرحلة الأولى. في المرحلة الثانية اعلن السياسيون بانه يجب تصفيتهم، الى جانب كل مخططي 7 أكتوبر.

مشكوك أن توافق الدوحة، وعلى أي حال للقطريين أيضا توجد قائمة مطالب. هم في ذروة عصرهم الذهبي مع واشنطن؛ يوجد التزام رئاسي بحمايتهم، اتفاقات تعاون مع الـ اف.بي.آي وقعت هذا الأسبوع، صفقات كبرى واستثمارات في الولايات المتحدة والاهم – لغة مشتركة مع الرئيس. هم لا يريدون ان تفوت هذه اللحظة أو تدمر بسبب خصومة مع إسرائيل، ولا يستخفون بنفوذ الأخيرة في العاصمة الامريكية. القطريون “في حالة فزع” على حد قول مصدر امريكي (ليس من الإدارة لكنه على صلة قريبة منها) من الطريقة التي يواجهونها في الرد السياسي المضاد في ارجاء الولايات المتحدة، ومن الطريقة التي “وصم” بها اسمهم على حد رأيهم. هذه ضربة جذرية لاستراتيجية الدولة في أن تلعب في كل الملاعب. ان تمد اليد للغرب، وبالتوازي – للإسلاميين. تحظى قطر بنفوذ في الولايات المتحدة، لكنها تعرف ان هذا لا يستند الى تأييد الجمهور الأمريكي. فلا يتلقى أي عضو كونغرس مكالمات هاتفية صاخبة من ناخبين أمريكيين يطالبونه بمساعدة قطر. لكن كثيرون منهم يتلقون مكالمات كهذه من مواطنين أمريكيين يؤيدون ويحبون إسرائيل. لكن لقطر يوجد ذخر آخر هام جدا: “يوجد لهم مال اكثر مما يوجد رب”، مثلما قال لي إسرائيلي كبير.

سألت بريان كاتوليس، باحث كبير في معهد MEI  في واشنطن وخبير في شؤون الخليج والسعودية، ما هي استراتيجية قطر. فذكر صدمتها من النزاع العلني مع جيرانها قبل اقل من عقد: “قطر ستواصل التطلع الى إقامة علاقات جيدة مع اكبر قدر ممكن من اللاعبين المحتملين على مدى الطيف، مع ميل ما او تفضيل للاسلام السياسي. لكن المقاطعة التي فرضت عليها في أعوام 2017 – 2020 جعلها اكثر تخوفا من تفويض الصلاحيات والشرعية من شركاء اقليميين مركزيين”.

 

 

من في الخلف

 

موضوع آخر ينشغل فيه المستوى السياسي في إسرائيل بكثافة هو حملة اللاسامية واللااسرائيلية في الشبكات الاجتماعية مثلما أيضا في الحرم الجامعي في ارجاء الغرب. ليس لدى إسرائيل يقين في أن الدوحة تقف من خلفها، لكن الموضوع يقلق إسرائيل جدا. فقد استثمرت إسرائيل مالا طائلا في التعليم العالي في الغرب. ويمكن التخمين بان الإسرائيليين قالوا للقطريين: اذا كان هذا انتم، ففي النهاية سنعرف اذا كان هذا انتم – توقفوا.

جدير التوقف عن هذا الموضوع. فهو أوسع من القصة القطرية. في الحكم في إسرائيل يشخصون جهدا واسعا، عالمي وبالاساس مصطنع – أي مُهندس وليس أصيلا – لتعظيم الضغينة والكراهية تجاه إسرائيليين ويهود صهاينة. والتشديد هو على كلمة “مصطنع”. مهنيون، مقتنعون بان مصادر سياسية فقط، مع منظمات تأثير كبيرة بمرافقة أجهزة استخبارات، او عدد من شركات النفوذ الخاصة التي اشترتها دولة، قادرون على تنفيذ الاعمال التي تجري في ارجاء العالم بالشكل الذي يبدو منسقا ومتزامنا. الحملة منسقة وليس فقط حسابات وهمية على الشبكة. بل أيضا تفعيل لشخصيات أساسية ضد إسرائيل. المشبوهات الفوريات هم قطر و/او جهات أخرى في العالم العربي، روسيا او حت الصين. لكن هذا يعانق العالم ومتزامن، ويتسبب بضرر شديد لإسرائيل. لا حاجة للتقليل من أهمية “الحملة”، بقدر ما توجد حملة كهذه. معظم الضرر ينبع من أسباب ابسط بكثير: الحرب في غزة جرت تدميرا هائلا في القطاع وموتا جماعيا لمواطنين فلسطينيين. هذا موضوع يصعب شرحه حتى بدون حملة مصطنعة ودولية.

-------------------------------------------

 

 

هآرتس 12/12/2025

 

 

 

لا توجد لجنة تحقيق في احداث 7 أكتوبر، لكن هناك بالفعل استنتاجات

 

 

 

بقلم: كارولينا ليندسمان

 

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو نشر امس استنتاجات لجنة التحقيق الوطنية في احداث 7 أكتوبر، رغم ان اعضاءها لم يتم تعيينهم حتى الآن. فقد كتب امس في الفيس بوك: “لقد سمحت شخصيات رفيعة سابقة للفوضى بأن تخترق أجهزة الدولة والمس بتماسك الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية عن طريق الترويج لرفض الخدمة”. هذه الاقوال نشرها ردا على دعوة رئيس الشباك السابق رونين بار لتشكيل لجنة تحقيق رسمية، لكنها موجهة الى من هو موجود خلف بار: “اخوة السلاح” وكل الشخصيات السابقة التي قادت الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي.

فقط شخص يعوزه الخجل مثل نتنياهو يمكنه ان يصرح بان “هذه العناصر يجب ان لا تشارك في القرارات والاعتبارات التي ستحدد كيفية التحقيق في الكارثة”. لان ذلك يعتبر “تضارب مصالح واضح”. تقرأ ولا تصدق: في البداية يمنعون تشكيل لجنة تحقيق رسمية بذريعة انها ستكون منحازة سياسيا، بعد ذلك يقررون تشكيل لجنة غير رسمية، يتم تعيين أعضاءها من قبل الوزراء الذين كانوا في مناصبهم اثناء حدوث الكارثة. هذا ليس تضارب مصالح. ولكن اذا دعا الرئيس السابق لجهاز الشباك، الذي اعترف بمسؤوليته، لتشكيل لجنة تحقيق رسمية فان هذا تضارب مصالح. هذا منطق بيبي بحت.

التحذير من تشكيل لجنة التحقيق في ذروته. وبما ان نتائج التحقيق نشرت بالفعل فان الحكومة تقوم بتعزيز الملف ضد منظمة “اخوة السلاح”، التي تم اختيارها كمتهم بديل. في بداية شهر تموز اعلن نائب الوزير الموغ كوهين بانه طلب من وزير الدفاع والقائم باعمال رئيس الشباك الإعلان عن “اخوة السلاح” كمنظمة إرهابية. لم يصل يسرائيل كاتس الى هذه المرحلة حتى الآن، لكن بدأ بالفعل في تطهير الجيش من عناصره. اول من تم استبعاده هو العقيد (احتياط) جيرمان غيلتمان.

“من يدعو ويشجع على رفض الخدمة لن يخدم في الجيش الإسرائيلي ولن تتم ترقيته”، اعلن كاتس. بالطبع، هذا هو نوع التلاعب الذي يتخصص فيه نتنياهو. غيلتمان قال: “انا غير مستعد للخدمة في مكان غير ديمقراطي… يجب ان لا نصل الى وضع نعيش فيه هنا في دولة يحكمها نظام ظلامي”. من الواضح انه يتحدث عن الظروف المستقبلية، اذا، فقط اذا، توقفت إسرائيل عن ان تكون ديمقراطية. في الحقيقة هو منذ اندلاع الحرب خدم 700 يوم في الاحتياط. ولكن غيلتمان كما يوحي اسمه، هو المذنب.

ما يفعله كاتس في الجيش، يفعله يوآف كيش في جهاز التعليم. ففي الأسبوع الماضي امر مدير عام وزارة التعليم بحظر دخول أعضاء هذه المنظمة الى المدارس. وامس قال كيش: “هم شركاء رئيسيون في ان يحيى السنوار قرر ان يفعل ما فعله”. منذ 7 أكتوبر نتنياهو واصدقاءه يعتبرون الجيش هو المذنب الوحيد بالفشل. لا يوجد خلاف حول مسؤولية الجيش، وقادته اعترفوا حقا بذلك واستقالوا. كل لجنة تحقيق ستعتبرهم شركاء في الفشل. ولكن مسؤولية المستوى السياسي معقدة اكثر.

من هنا تنطلق الحملة ضد “اخوة السلاح”. وهدفها هو اعداد متهم بديل، يمكن تقديمه للجنة التحقيق السياسية كدليل موازن للادعاءات بشان اهمال الحكومة. اذا كانت اللجنة ستكون تحت سيطرتهم الكاملة، فسيتمكنون من تصنيف “اخوة السلاح” والاحتجاجات بأنهم المتهمين. أما اذا لم يسيطروا على اللجنة تماما فسيتم تقديم صورة “معقدة”: الحكومة دفعت قدما بإصلاح قسم الشعب والاحتجاجات استمرت رغم محاولات “إطفاء النيران”، وستتم ادانة الطرفين. هذا جيد. الان سنغفر لهم جميعا. عندها لن يبقى الا استنتاج واحد وهو ان الجيش وقادته هم المتهمون الوحيدون. وكالعادة، من سيفلت من العقاب؟ نتنياهو بالطبع. ماذا يريدون منه حقا؟ لقد كان رئيس حكومة فقط، وليس رئيس وزراء سابق أو ما شابه.

------------------------------------------

إسرائيل اليوم 12/12/2025

 

 

إلى “رئيس الكذابين” نتنياهو وصاحب “الخدم” بينيت: لسنا أغبياء

 

 

 

بقلم: يوسي بيلين

 

  ليس صدفة ملء الأرشيفات باقتباسات متضاربة للسياسيين من بن غوريون شمالاً، والسبب أنهم يقتبسون أكثر من معظم الناس، يكتبون كتباً، ينشرون مقالات، يجرون مقابلات صحافية مع وسائل الإعلام، وإذا ما تبقوا في السياسة عشرات السنين، فالواقع يدفعهم لتبني مواقف متضاربة. انشغالهم بالسياسة الداخلية والخارجية لا يجعلهم كذابين. والأحرى أنهم حين يعربون عن مواقفهم، يؤمنون بها.

غير أن لكل شيء حدوداً، ونتنياهو تجاوزها بالقول الذي جاء فيه أنه هو نفسه كان سيسره مواصلة محاكمته. لكن انطلاقاً من حرصه على المجتمع الإسرائيلي ووحدته، يسعى لإنهائها وينشغل برأب الصدوع. يعتقد أننا أغبياء ومستعدون لشراء كل تفسير. وأننا لسنا واعين لدوره الكبير في هذا الصدع، الذي بدأ عندما خرق وعده الشهير ونصّب مجرماً مداناً بثماني ملفات جنائية بينها تأييد منظمة إرهاب وتحريض على العنصرية، وزيراً مسؤولاً عن الشرطة؟ لقد قرر بإسمنت مسلح من الثقة بالنفس أن حماس مردوعة، وأعلن على الملأ بأن حماس أفضل في نظره من المنظمة التي وقعت مع إسرائيل على اتفاق سياسي، اتفاق منذ 1996 لم يحاول إلغاءه رغم أنه كان يمكنه ولا يزال يمكنه. طلب تحرير كل المخطوفين، ثم أصر على تحرير متدرج، ومرة أخرى عاد ليطلب “عن حق” تحريراً كاملاً. لقد جعل الرئيس الفلسطيني نوعاً من مؤيد للإرهاب، وكذا أيضاً “الموحدة” بقيادة منصور عباس رغم أنه تسكع معها قبل ذلك. أقر التعيينات، وبعد ذلك أعلن عن تراجعه عنها لأنه الحديث يدور عمن شارك في الاحتجاجات ضد هدم جهاز القضاء. عارض تحرير مخربين مقابل أسرى، وتراجع في حالة جلعاد شاليط. عارض بشدة حل الدولتي؛ أيدها في خطاب بار إيلان الشهير، وتراجع عن ذلك بعد سنة في خطابه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. لكن حجته في صالح إنهاء محاكمته ومحاولته إلقاء السبب في ذلك علينا في ظل استخدام الحاجة المغسولة لوحدة الشعب، فهو بذلك يتخذ خطوة واحدة أكثر مما ينبغي.

من يمكنه الجلوس مع بينيت بدبابة في غزة

 “حلف الخادمين” لنفتالي بينيت، هو مجموعة مواطني إسرائيل التي قد تجلس معه في دبابة في غزة. وعليه، على حد قوله، حول طاولة الحكومة أيضاً. من بين أوساط عموم مواطني إسرائيل، أقل من النصف يخدمون في الجيش. في 1956 قرر بن غوريون ألا يجند عرب إسرائيل، ولهذا لا يتلقون أوامر تجنيد. الحريديم يتلقون أوامر تجنيد، لكنهم بإذن المدارس الدينية الحريدية يتلقون “تأجيل خدمة” لكل حياتهم. ولم نتحدث بعد عن النساء الدرزيات وعن النساء الحريديم وعن النساء اللواتي يتحررن لاعتبارات ضميرية “واعتبارات بواقع حياة عائلة – دينية” وعن أناس يتحررون لاعتبارات الصحة وكثيرين آخرين. فهل يسعى بينيت لإقصاء كل هؤلاء عن دبابته؟ يجدر به أن يبحث عن تعريف أكثر نجاحاً كي يقصي طبيب الأسنان من المغار الذي سمح له بتعيين كرئيس الوزراء في 13 حزيران 2021.

------------------------------------------

  هآرتس 12/12/2025

 

 

قضاة “العليا” أمام خيارين: إما أن يصلحوا خطأهم بإقالة بن غفير أو يذعنوا له

 

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

في شباط 2024 ردت محكمة العدل العليا لأول مرة التماساً ضد تعيين بن غفير لمنصب وزير الأمن القومي بدعوى أنه يعاني من انعدام معقولية متطرف، وقضى بأن لا مكان لتدخل قضائي في الموضوع. قرار اتخذه القضاة إسحق عميت ونوعام سولبرغ ويحيئيل كشير. ورغم رد التماس، وجه نقد ف على سلوك الوزير. أشار عميت إلى أنه في تصريحاته ما يمس بثقة الجمهور في سلطات الحكم، وبالتأكيد حين تعنى بمنصب وزير الأمن القومي. ومع ذلك، قضى بأن ماضياً جنائياً وجملة تصريحات ليست الاعتبارات الوحيدة التي ينبغي إعطاء الرأي فيها. “لرئيس الوزراء صلاحيات للنظر أيضاً في اعتبارات سياسية، ائتلافية وحزبية، في إطار قراره تعيين شخص في منصب وزير في حكومته… بما في ذلك تلك التي تصطدم بغاية طهارة المقاييس وثقة الجمهور اللازمة”، كتب عميت. مرت سنة ونصف، وأفعال بن غفير في الوزارة منذئذ أثبتت بأن محكمة العدل العليا أخطأت. بعد نحو شهر سيبحث عميت وسولبرغ ودفنا باراك – ايرز في التماسات جديدة، تطالب بتنحية بن غفير بعد أن أعاده نتنياهو إلى وزارة الأمن القومي في آذار من هذا العام. هذه المرة، سيتعين على محكمة العدل العليا أن تعمل على تنحيته بعد أن دمر كل قطعة طيبة في الشرطة وجعلها سياسية.

 في بداية الشهر، أعطت المستشارة القانونية للحكومة فرصة، ربما أخيرة لنتنياهو لوقف الوزير المخطئ بن غفير. فقد طلبت منه غالي بهرب ميارا التدخل، ومنع الوزير من مواصلة تصرفه كنوع من “المفتش العام الأعلى” الذي يخرق كل اتفاقاته معنا. ينضم بن غفير إلى نشاطات عملياتية للشرطة، بما في ذلك تجاه مواطنين، ويخلط في الإعلانات الصادرة عنه بين نشاطات الشرطة العملياتية ونشاطه السياسي. وأشارت المستشارة القانونية إلى أن بن غفير نشر وثيقة “سياسة في موضوع المظاهرات” تتعلق بممارسة حرية التعبير في ذروة فترة الاحتجاجات، دون أن يتشاور مع المفتش العام والمستشار القانوني للشرطة. وحذرت من أن سلوكه المرفوض قد يؤثر على الشرطة العاملين في الميدان. كما أن بهرب ميارا تعتقد أن الوزير يتدخل ويؤثر على سير تحقيقات جنائية “بشكل مستمر”، بخلاف التفاهمات بينهما. أحد الأمثلة التي ذكرتها: التأييد الذي أعرب عنه لرفض النائبة تالي غوتليف الامتثال للتحقيق. وثمة خرق إضافي ذكرته، ويعنى بتعيين أفراد الشرطة: بن غفير يستخدم صلاحياته استخداماً مرفوضاً ويعرقل تعيينات بشكل غير قانوني ولاعتبارات سياسية.

 

 

 لكن مثلما كشفت “هآرتس”، رد نتنياهو طلب المستشارة القانونية للعمل على منع سيطرة بن غفير على الشرطة. وعليه، فعلى قضاة محكمة العدل العليا أن يصلحوا الخطأ الذي ارتكبوه في 2024 ويقرروا تنحيته وإلا فهم شركاء في هدم الشرطة.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here