الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الخميس 18/9/2025 العدد 1412

الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
معهد بحوث الأمن القومي INSS - 18/9/2025
ألا تدرك إسرائيل أن في ضمها لـ”يهودا والسامرة” وغزة تهديداً أمنياً واستراتيجياً؟
بقلم: اودي ديكل وشمعون أراد
في الأسابيع الأخيرة، تزايدت الأصوات في الساحة السياسية الإسرائيلية، وخاصةً بين جماعات الضغط الاستيطانية خارج الخط الأخضر، داعيةً إلى ضم أراضٍ في يهودا والسامرة وقطاع غزة، وتطبيق السيادة الإسرائيلية عليها، ردًا على موجة إعلان العديد من الدول استعدادها للاعتراف بدولة فلسطينية. إن تشجيع الضم، وهو ليس ظاهرة جديدة، يهدف إلى سد أي طريق أمام انفصال إسرائيل في الضفة الغربية أو عنها، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة في المستقبل. ولفهم التداعيات المحتملة لضم الأراضي، تم استعراض أحداث الضم الأحادي الجانب للأراضي في تاريخ العالم. وكشف التحليل أن عمليات الضم تميل إلى إشعال فتيل مقاومة مطولة، ولا تُهيئ الظروف التي تسمح لشعبين متعارضين – عرقيًا وقوميًا ودينيًا – بالعيش معًا. ورغم أن خطوات الضم تبدو ناجحة عندما يتمتع الطرف الذي يتخذها بتفوق عسكري واقتصادي واضح، كما هو الحال في الحالة الإسرائيلية الفلسطينية، إلا أنه حتى في ظل هذه الخلفية، لا ينبغي توقع استسلام فلسطيني. سيستمر الإرهاب وأعمال المقاومة الفلسطينية العنيفة الأخرى، بل ويتزايد. علاوة على ذلك، من المتوقع أن تتجمد علاقات السلام وعمليات التطبيع بين إسرائيل ودول المنطقة، وأن تخضع لعزلة دولية، مما سيضرّ بشدة بمكانتها وأمنها واقتصادها. حتى لو ضُمّت منطقة محدودة، فلن يهدأ الصراع، بل سيشتعل ويشتعل.
هذه المقالة هي الأولى في سلسلة تهدف إلى دراسة قضية ضمّ الأراضي في يهودا والسامرة وقطاع غزة – تطبيق السيادة الإسرائيلية، وتطبيق القانون الإسرائيلي عليها – بهدف عرض المعاني والعواقب المختلفة للتحرك في هذا الاتجاه. تركز المقالة على الدروس المستفادة من حالات الضم في أجزاء أخرى من العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم. مع وجود تباين كبير بين الحالات المدروسة – من حيث طريقة الضم، وخصائص النظام الدولي، والنتائج المباشرة واللاحقة. ومع ذلك، يُمكن الاستدلال منها، مع توخي الحذر اللازم، على الآثار المحتملة لضمّ أراضٍ في يهودا والسامرة وغزة.
النتائج الرئيسية
في الغالبية العظمى من الحالات التي دُرست – وعددها 20 حالة – كان الدافع الرئيسي للضمّ مرتبطًا باعتبارات استراتيجية وأمنية قومية، إلا أنه بُرّر في الغالب بحجج وجود صلة تاريخية بين الدولة الضامة والأرض أو السكان المُضمومين.
في تسع من الحالات العشرين التي دُرست، انتهت محاولة الضمّ بالفشل لسببين رئيسيين: (1) خرق أمني وغياب ردّ عسكريّ كافٍ للتغلب على المعارضة المسلحة من الدول الأخرى و/أو السكان المُضمومين لهذه الخطوة؛ (2) عدم القدرة على توفير منافع اقتصادية كبيرة للسكان المُضمومين، مما غذى معارضتهم لهذه الخطوة.
في الحالات التي نجح فيها الضمّ تمامًا (أربع حالات فقط)، لم تكن هناك معارضة تُذكر لهذه الخطوة. لقد نجح الضم بالقوة عندما كان هناك تفاوت واضح في القوة لصالح الدولة الضامة (الصين-التبت؛ إندونيسيا-غينيا الغربية) ولم تُثر هذه القضية اهتمامًا كبيرًا من جانب النظام الدولي. في حالتي ضم، نُفِّذا سلميًا (الهند-غوا؛ الهند-السيخ)، كان هناك تفاوت اقتصادي لصالح الدولة الضامة، مما سمح لها بتقديم إمكانية تحسين وضعها الاجتماعي والاقتصادي للسكان الضامنين، الذين عانوا لسنوات من عالم الحكم الاستعماري، إذا انضموا إلى الدولة الضامة. وهكذا، تم تجنب معارضة هذه الخطوة.
في سبع حالات أخرى، ظلت عمليات الضم مفتوحة ومثيرة للجدل. ومع ذلك، في معظم الحالات، أصبح الضم دائمًا – لم يكن من الممكن العودة إلى الوضع قبل الضم أو تحقيق التكامل الكامل. تقع الحالات المفتوحة في مناطق صراع نشطة (إسرائيل والقدس الشرقية؛ إسرائيل ومرتفعات الجولان؛ المغرب والصحراء الغربية؛ تركيا وشمال قبرص؛ روسيا وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية؛ روسيا والقرم؛ روسيا وشرق أوكرانيا). ومن السمات المتكررة في هذه الحالات بقاء قضية الضم في صميم الصراع بين السكان وبين الدول المجاورة في البيئة الإقليمية.
في الغالبية العظمى من الحالات التي دُرست، لم يُسهم الضم في إنهاء النزاعات، بل فاقمها. في عشر حالات، نشأ مقاومة مسلحة متواصلة من قِبل السكان المُضمومين بدرجات متفاوتة من الشدة، مما كبد الدولة الضامة خسائر فادحة في الأرواح والاقتصاد والنسيج الاجتماعي. في خمس حالات، أُحبطت محاولة الضم بتدخل عسكري من دول أخرى.
في الغالبية العظمى من الحالات التي دُرست (14 من أصل 20 حالة)، تضمنت محاولات الضم نقل السكان، بما في ذلك طردهم و/أو نقل سكان الدولة الضامة إلى الأراضي الضامة، أي ما يُعرف بـ”التوطين”. في عشر حالات على الأقل، كان التوطين جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية الضم. باستثناء حالتين (الهند – غوا؛ الهند – السيخ)، يُصاحب دمج السكان المُضمومين في الدولة الضامة صعوبات واحتكاكات مستمرة.
الدوافع والمبررات
عُرضت الاعتبارات الرئيسية لضم الأراضي على أنها تتعلق بالأمن القومي، وتطلعات التوسع الإقليمي، وتحسين الوضع الجيوسياسي فيما يتعلق بالبيئة. ومع ذلك، أعلنت جميع الدول أن الروابط التاريخية بالأراضي والسكان المضمومة مبررة للضم. ويبدو أن ذلك كان وسيلةً لحشد ودعم المجتمع الضام، بالإضافة إلى الشرعية الدولية لهذه الخطوة. .
النجاح مقابل الفشل
يُشير تحليل النجاح مقابل الفشل إلى النتيجة الفعلية للضم. هناك ثلاث فئات: نجاح الدولة الضامة في ضمّ الأراضي المنشودة بشكل دائم وكامل؛ عدم اكتمال عمليات الضم، أو استمرارها أو إثارة الجدل؛ فشل جهود الدولة الضامة في ضمّ الأراضي.
في أربع حالات، نجح الضمّ في تحقيق هدف الدولة الضامة، وشكّلت الأراضي الضامة جزءًا من أراضيها، دون تداعيات أو اضطرابات داخلية و/أو دولية كبيرة. في سبع حالات أخرى، لا يزال الضمّ مثيرًا للجدل لدى السكان المحليين و/أو النظام الدولي. مع ذلك، في معظم الحالات، يكون الضمّ في طور الترسيخ، ويصعب تصوّر كيفية “التراجع عنه” دون موافقة الدولة الضامة. في تسع حالات إضافية، فشلت محاولة الضمّ بسبب المقاومة المسلحة من السكان و/أو الدول الأخرى والعقوبات الدولية، مما أدى إلى التخلي عن الأراضي لصالح الأراضي الضامة.
الضم كخلفية للتصعيد الأمني
في نصف الحالات التي خضعت للدراسة، نشأت مقاومة مسلحة من جانب السكان المحليين (عادةً بدعم من عوامل خارجية)، واستمرت لفترات طويلة متفاوتة الشدة. وكانت أقصر الصراعات المسلحة في التبت (حوالي ثلاث سنوات) وفي الصحراء الغربية ضد موريتانيا (حوالي أربع سنوات). وفي حالات أخرى، استمرت المقاومة المسلحة لعقود متفاوتة الشدة.
من بين حالات الضم التسع الفاشلة، أُحبطت خمس محاولات بتدخل عسكري خارجي مباشر، وأربع محاولات بمقاومة مسلحة محلية مستمرة. ومن بين الحالات السبع التي لا يزال فيها الضم مفتوحًا ومثيرًا للجدل، استمرت المقاومة المسلحة في أربع حالات على مستوى أو آخر.
في مواجهة الصراعات المسلحة ضد الضم، طُلب من الدول الضامة بذل جهد عسكري كبير ومتواصل، مما أضر بمكانتها الدولية وعلاقاتها الدبلوماسية ووضعها الاقتصادي وعلاقاتها بين مختلف فئات السكان المحليين. وفي معظم الحالات، يُلاحظ انتهاك واسع النطاق لحقوق الإنسان لسكان الإقليم المضموم. ويقدم الجدول أدناه أمثلة تمثيلية للنضالات المسلحة ورد الفعل من جانب الدولة الضامة.
نقل السكان
في معظم الحالات (14)، كان هناك نقل سكاني شمل: انتقال السكان المحليين داخل الأراضي المضمومة؛ وطرد السكان؛ و/أو نقل السكان من الدولة الضامة إلى الأراضي المضمومة. وحتى لو لم يكن نقل السكان قسريًا، فقد كان هناك في معظم الحالات انتقال للسكان إلى أراضي الدولة الضامة، في ظل العمليات الاقتصادية والبحث عن فرص لتحسين مستويات المعيشة.
تأثير الضغط الدولي
اختلف شكل الضغط الدولي على الدول الضامة. خلال الحرب الباردة، ارتبط هذا الضغط بانقسام الكتل. ولذلك، كان في أغلب الأحيان غير فعال. علاوة على ذلك، هناك اختلاف في قدرة الساحة الدولية على الضغط على القوى العالمية التي تنفذ عمليات الضم (الصين وروسيا)، والضغوط على الدول الأصغر. أدت حالات الضم التي حدثت في السنوات الأخيرة، في ظل نظام عالمي متعدد الأقطاب (روسيا-القرم وروسيا-أوكرانيا)، إلى حرب مطولة شديدة الوطأة، تخللتها تدخلات دبلوماسية، ونقل أسلحة، ودعم اقتصادي من الدول والجهات الفاعلة الدولية.
أدى العمل العسكري المباشر من جانب الدول و/أو النظام الدولي إلى إحباط محاولات الضم في أربع حالات (ليبيا، والعراق مرتين، والأرجنتين). باستثناء هذه الحالات، لم يُفضِ الضغط الدولي وحده إلى إلغاء الضم، بل كان عاملاً مُكمِّلاً في الحالات التي تغلبت فيها المقاومة المسلحة المحلية على نية الضم (إثيوبيا وإريتريا؛ إندونيسيا وتيمور الشرقية؛ موريتانيا والصحراء الغربية؛ جنوب أفريقيا وجنوب غرب أفريقيا).
يكون الضغط الدولي أكثر فعالية عندما يكون مصحوبًا بعقوبات اقتصادية، وحظر أسلحة، ومقاطعة للدولة الضامة. لا يوجد عادةً اعتراف دولي بالضم، خاصةً إذا كان الضم قد تم ضد إرادة السكان المُضمومين. هناك ميل في النظام الدولي إلى إبقاء أزمة الضم قائمة لفترة طويلة (إسرائيل والقدس الشرقية؛ المغرب والصحراء الغربية؛ روسيا وشبه جزيرة القرم) وعدم التعايش معها.
الصلة بالحالة الإسرائيلية
ما الدروس المستفادة من حالات الضم التي خضعت للدراسة والدروس المستفادة بشأن ما هو متوقع من إسرائيل، في ظل قرار سياسي بضم أراضٍ في يهودا والسامرة و/أو غزة؟
في الغالبية العظمى من الحالات، أدى الضم إلى إشعال فتيل عنف مستمر من جانب السكان الذين ضُمّوا و/أو الدول المجاورة والمهتمة. من المنطقي الافتراض أن ضم دولة إسرائيل سيفاقم إرهاب العناصر الفلسطينية المسلحة – جميع الفصائل، وكذلك آليات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية (“قلب الطاولة”)، بل وحتى إلى مقاومة شعبية واسعة النطاق، بما في ذلك امتداد العنف إلى الأراضي الإسرائيلية. ستتطلب هذه المقاومة المستمرة للضم الإسرائيلي نشرًا واسعًا لقوات جيش الدفاع الإسرائيلي، مع التعامل مع التحديات الأمنية في ساحات إضافية في الدوائر الأولى والثانية والثالثة، واستثمار موارد كبيرة في إدارة الصراعات – بالضرورة على حساب تخصيص الموارد لأهداف وطنية أخرى لإسرائيل. قد يؤدي الرد الإسرائيلي على تصاعد المقاومة الفلسطينية إلى انهيار السلطة الفلسطينية وتحميل إسرائيل مسؤولية 2.7 مليون فلسطيني، الأمر الذي سيتطلب إسهامات اقتصادية كبيرة، بشكل مباشر وغير مباشر. هذا، إلى جانب العزلة الدولية، وفرض المقاطعة، وقطع العلاقات التجارية (خاصةً مع الدول الأوروبية – التي تُمثل أكثر من 40% من حجم تجارة إسرائيل)، مما سيُلحق ضررًا بالغًا بالاقتصاد الإسرائيلي.
بناءً على الخصائص الدقيقة للضم (المنطقة ج؛ والمناطق في المنطقتين أ/ب الخاضعة لمسؤولية السلطة الفلسطينية؛ وجميع أنحاء يهودا والسامرة) – سيُطلب من الحكومة الإسرائيلية أن تُقرر كيف تنوي إدارة السكان الفلسطينيين الذين سيتم ضمهم إلى الأراضي المُضمومة – هل ينبغي منحهم حقوقًا مدنية كاملة أم ينبغي تقييدها؟ إن منح الجنسية الإسرائيلية لجماهير الفلسطينيين في المناطق المُضمومة من شأنه أن يُشكل تحديًا لوضع إسرائيل كدولة يهودية، في حين أن عدم منح الجنسية من شأنه أن يُهدد وضعها كدولة ديمقراطية. حتى لو لم تمنح إسرائيل السكان الفلسطينيين الجنسية الكاملة، ورضيت بوضع المقيمين غير المواطنين، فمن المتوقع أن يهاجر الفلسطينيون إلى إسرائيل للاستفادة مما يُنظر إليه على أنه فرصة لتحسين الظروف ونوعية الحياة.
إن رفض منح الجنسية الإسرائيلية للفلسطينيين الذين تم ضمهم قد يؤدي إلى تعريف إسرائيل في الساحة الدولية بأنها “دولة فصل عنصري”، بكل ما يعنيه هذا (لوستيك وصموئيل، 2024). في هذا السياق، قد تجد إسرائيل نفسها في وضع إشكالي – على غرار الوضع في جنوب إفريقيا من الستينيات إلى التسعينيات – في التعامل مع الكفاح المسلح في يهودا والسامرة وغزة إلى جانب العقوبات والمقاطعة الدولية.
ممثلو الجناح اليميني في النظام السياسي في إسرائيل، الذين يروجون لضم يهودا والسامرة وقطاع غزة، يتحدثون عن الحاجة إلى نقل السكان الفلسطينيين – “الهجرة الطوعية”، وهو رمز للطرد الفعلي. إذا تحققت طموحاتهم، ستتخلى إسرائيل عن هويتها الديمقراطية الليبرالية وستصبح فعليًا دولة عنصرية.
ما دامت الولايات المتحدة لا تعارض فعليًا فكرة الضم، فلن يكون الضغط الدولي وحده كافيًا لإحباط هذه الخطوة. ومع ذلك، ستخضع إسرائيل لعقوبات سياسية واقتصادية شديدة من قبل العديد من الدول والمنظمات الدولية والشركات الاقتصادية والتكنولوجية. وستُجبر إسرائيل بعد ذلك على التعامل مع إجراءات ضدها في المحاكم الدولية، لدرجة استبعادها من المنظمات الدولية.
ستتحدى خطوات الترويج للضم مصالح اللاعبين الإقليميين، وستؤدي إلى تجميد وحتى إلغاء اتفاقيات السلام و”اتفاقيات إبراهيم”، وستعيد تنشيط “محور المقاومة” بقيادة إيران، وتوفر له ذريعة ودافعًا لإلحاق الضرر بإسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، قد يُعرّض الضم استقرار النظام الأردني للخطر، ويقوّض الوضع الأمني على الحدود الشرقية لإسرائيل.
في الختام، وبناءً على دراسة أحداث الضم حول العالم، يُمكن الجزم بأن ضمّ أراضٍ في يهودا والسامرة و/أو قطاع غزة سيُفاقم الوضع الأمني والاستراتيجي لإسرائيل، وقد يُؤدي إلى تجميد علاقات السلام – لدرجة إلغائها – وزيادة الاحتكاك بين السكان، وعزلة دولية ومقاطعات، مما سيُلحق ضررًا بالغًا باقتصاد إسرائيل. ويتمثل خطر حقيقي آخر في أن الضم، مع مرور الوقت، سيُؤدي إلى تحول إسرائيل إلى “دولة إسرائيلية-فلسطينية واحدة” في شكلين: (1) “جميع مواطنيها” – أي غير اليهود؛ (2) دولة “فصل عنصري” – مما سيُقوّض شرعية إسرائيل وتماسكها الداخلي. في كلتا الحالتين، يُتوقع تضرر الاستقرار الأمني بشكل كبير، سواء داخل الدولة أو على طول الحدود وفي ساحات أخرى، كما يُتوقع نزوح السكان الفلسطينيين، ليس للهجرة خارج الدولة، بل للاستقرار في مركزها.
------------------------------------------
هآرتس 18/9/2025
كيف يمكن الغناء والدماء على اليدين
أليس عاراً على أوروبا أن تقبل مشاركة الدولة “قاتلة الأطفال” في “اليوروفيجن”؟
بقلم: جدعون ليفي
شعب يرتكب إبادة جماعية لا يمكنه مواصلة الغناء. العالم الذي يرى شعب ينفذ إبادة جماعية لا يمكن الغناء معه. ولا يستطيع أيضا قبول حقيقة ان هذا الشعب يريد مواصلة الغناء وكأنه لا يحدث شيء. مجرد حقيقة ان إسرائيل يخطر ببالها انه في ذروة الإبادة الجماعية في غزة ستشارك في منافسة الاورفزيون. مع كل هذا البهاء والاحتفال، بينما جنودها يقتلون ويدمرون بلا شفقة، هو الدليل على فقدان البصيرة. كان يجب عليها الادراك بانه لا مكان لها في أي احتفال دولي الآن. لو أنها انحنت بتواضع وابتعدت عن مسابقة الاورفزيون لكانت حافظة على كرامتها بشكل افضل بكثير من نشر وابل من اتهامات معاداة السامية ضد كل العالم، كما لو أن العالم هو الذي يقوم بالذبح في غزة وليس الجيش الإسرائيلي.
مسابقة الاورفزيون هي مسابقة غنائية لهيئات البث في أوروبا، التي دخلت اليها إسرائيل مثلما دخلت الى احداث أوروبية أخرى في مجال العلوم، الرياضة والفن، بفضل النظرة الأوروبية الخاصة لها. أسبوع من المتعة والغناء والفن الذي لا يضاهى لعشاق نوع الموسيقى هذا. هذه المسابقة تعتبر غير سياسية، لكن في 2022 قررت ادارتها طرد روسيا منها بعد غزوها لاوكرانيا.
ابعاد روسيا اعتبر في حينه أمر مفهوم ضمنا. لم يذرف احد الدموع في حينه على “كراهية الروس”. من يريد الرقص مع الشباب الذين يقصفون هم واصدقاءهم المباني السكنية في كييف؟ روسيا لا توجد في مسابقة الاورفزيون. هذا هو ما تستحقه. طردها لم يكن خطوة سياسية، بل أخلاقية. إسرائيل لم تحدث ضجة عالمية بسببها.
غزو إسرائيل لغزة هو وحشي ويعتبر إبادة جماعية، اكثر بكثير من غزو روسيا لاوكرانيا، الذي هو غزو وحشي واجرامي. اذا نظرنا مثلا الى مؤشر الأطفال القتلى، وهو المؤشر الذي يعكس البربرية، فانه في أوكرانيا قتل 659 طفل في غضون ثلاث سنوات ونصف للحرب. وفي غزة قتل اكثر من 18 ألف طفل في غضون سنتين.
هل يوجد أصلا سؤال هل دولة جنودها يقتلون أطفال بهذا القدر الكبير تستحق المشاركة في أي احتفال دولي؟ ما الذي تتحدثون عنه عندما تتحدثون عن اللاسامية في هذا السياق؟ فقط محبة السامية ومحبة اسرائيل هي التي أبقت إسرائيل في المنافسة في هذه السنة. مكانها لم يكن يجب ان يكون هناك.
الإسرائيليون يتظاهرون بالغضب. وسائل الاعلام الغبية تقول لهم بان الجميع يكرهوننا بسبب المسلمين في أوروبا. هذا سهل على الفهم، لكنه محض كذب. أوروبا تكرهنا بسبب الأطفال الذين قتلتهم إسرائيل في قطاع غزة، وليس بسبب المهاجرين المسلمين. لا يوجد أي عاقل في العالم يشاهد صور الفظائع من غزة لا يحتقر من يرتكبون هذه الفظائع.
خلافا للاسرائيليين الذين وسائل الاعلام العمياء لديهم تحميهم، فانهم في العالم يشاهدون ولم يعد باستطاعتهم الصمت. هذا ليس من حق العالم، بل واجبه. هو ربما يستطيع اقناع الشعب الروسي بقبول نظام ديكتاتوري، لكن بالنسبة لمن يدعون الديمقراطية لا مجال للتنازل. الحكومة في إسرائيل تمثل الشعب. والحرب في غزة مقبولة على اغلبية الشعب. في الحقيقة الأغلبية الساحقة ستخوضها بفرح وخضوع اعمى، ومعظم الإسرائيليين لا تهمهم الإبادة الجماعية بل هم يطالبون فقط بإعادة المخطوفين. لولاهم لما كانت هناك مثل هذه المظاهرات هنا.
نحن نستحق عقاب ثقيل لا يمكن تحمله، لا سيما منذ بدأت مرحلة الهستيريا المطلقة في مدينة غزة. هذا ليس كراهية إسرائيل أو مازوشية، هكذا هو الشعور بالعدالة، مع هذه الدماء على اليدين إسرائيل لا يجب عليها حتى محاولة قبولها في منتدى يقبل أعضاء مجرمين مثلها. الركض في قاعة “ستاد هولا” في فيينا على دماء غزة، المطهرة والمدمرة؟. عار على أوروبا، ان فقط خمس دول عارضت حتى الآن مشاركة إسرائيل، هي لا تستحق ان تكون هناك.
------------------------------------------
هآرتس 18/9/2025
رسالة الى الطيار ع. الذي يقوم بقصف غزة
بقلم: اوري مسغاف
ع. العزيز، مرحبا. أنا اعرفك منذ سنوات، انت ذهبت الى دورة الطيارين تقريبا بعد عشر سنوات. خلافا لي ولمؤهلاتي البدنية المحدودة أيضا انهيتها بنجاح. وتم تاهيلك كطيار حربي. المعارك الجوية الأخيرة التي قام بها سلاح الجو كانت في الثمانينيات. أنت وزملاؤك مؤهلون لـ “الهجوم”، أي باطلاق الصواريخ والقنابل من بعيد. انت كنت تطمع بخدمة طويلة دائمة. اجتزت عدة تدريبات وتعيينات. اقمت عائلة. هم لم يروك بشكل كاف. واصلت الطيران والتدرب والقيادة. نظرت مباشرة الى الأفق. كنت شخص وسيم وحساس وقيمي. من افضل أبنائنا.
في 7 أكتوبر تجندت لحرب عادلة. بدأت كحرب دفاعية. اقوال الهراء حول رفض الخدمة تبين أنها كما هو متوقع، دعاية معيبة لماكنة السم. لا احد يسأل الأسئلة عندما يغزون بلاده ويذبحون شعبه. منذ ذلك الحين تمكنت من القصف في القطاع، لبنان، سوريا واليمن. واصلت عدم طرح الأسئلة. لم يكن أي سبب مباشر للتساؤل حول ما تفعله وتحققه في الواقع.
بعد ذلك جاءت الحرب المبادر اليها في ايران. قاموا باعدادك لهذه المهمة. هذا كان الهدف لك وللسلاح. قمتم بالاستعداد والتدرب لهذه المهمة. لم أتوقع وبحق ان تسأل أيضا في حينه، سواء عن الوقت أو الظروف أو الصورة الكبيرة أو العلاقة المدهشة حقا بين الاحتياجات السياسية والقانونية لرئيس الحكومة وبين العملية. حتى عندما أمروك بمهاجمة فجأة استوديو أو سجن افيان، الذي يسجن فيه معارضو النظام، الذين قمتم بقتلهم هم وعائلاتهم كما يبدو في عملية من اجل مجد دولة إسرائيل – قمت بضبط نفسي.
بعد ذلك جاء الهجوم في الدوحة. لقد ارسلوك لقصف مبنى اجتمع فيه كبار قادة حماس لمناقشة صفقة لتبادل المخطوفين. لا يوجد لي تعاطف مع رجال حماس، أو مع القطريين، الذين خلال سنوات مولوا بواسطة وكيلهم نتنياهو تقوية حماس والانفاق والاستعداد لـ 7 أكتوبر، في الوقت الذي يشغلون فيه بالاجر أيضا مستشاريه المقربين جدا منه. ولكن هؤلاء القطريين توسطوا بناء على طلب من إسرائيل في المفاوضات لتحرير المخطوفين واستضافوا عندهم من كانوا سيناقشون الصفقة، الذين قمتم بمهاجمتهم هناك. أنتم حصلتم على أمر وقمتم باطلاق من بعيد صواريخ موجهة ولم تصيبوا بسبب العجلة أو لاسباب أخرى – قمتم باغتيال بيدكم الاحتمالية الأخيرة لاعادة المخطوفين ووقف حرب سلامة نتنياهو.
منذ ذلك الحين أنت وزملاءك تقومون بقصف مدينة غزة، التي يعيش فيها مليون مواطن والتي عمرها 5 آلاف سنة، صبح مساء. ربما أنتم تقتلون مخطوفين، وبالتاكيد تقتلون مئات المدنيين وتصيبون الآلاف، رجال، نساء وأطفال. المخربون محصنون في الانفاق وينتظرون رجال سلاح المشاة والمدرعات.
أنت لا تقتل المخربين ولا تحرر المخطوفين. أنت لا تدفع قدما بسم واحد مصالح إسرائيل، بل فقط تحكم عليها بالدمار، العزلة والكراهية لسنوات طويلة. أنت تشارك في جريمة ضد الإنسانية من خلال سفك الدماء هذا. من خلال قصف مدينة كاملة. أنت سيتم تذكرك كحلقة في سلسلة كوفنتري، ديرزدن وهيروشيما. لماذا تفعل ذلك؟ ما هو الغرض من ذلك؟.
إضافة الى ذلك من اجل من تفعل ذلك؟ هل من اجل نتنياهو الذي يكرهك أنت واصدقاءك بدرجة لا تقل عن كرهكم له. هل من اجل ايتمار بن غفير ويسرائيل كاتس، اللذان ينشران في الشبكة بسرور أفلام عن نتائج قصفك، ويكتبون “نحن بدأنا في احتلال غزة”، “نقوم بتغيير خط افق غزة”؟ ما الذي تفكر فيه الآن؟ اعتقدت أنني اعرفك. انت كل ليلة تقتل نساء وأطفال عاجزين. ما الذي تقوله لزوجتك عندما ستخلع زي الطيار؟ ما الذي ستقوله لاولادك عندما يكبرون ويسألونك لماذا فعلت ذلك؟ هل ستقول لهم بأنك تلقيت أمر؟.
أوقفوا اطلاق النار واوقفوا المحركات واهبطوا. انظر للحظة في المرآة: ليس من اجل ذلك أنت أصبحت طيار.
-------------------------------------------
هآرتس 18/9/2025
نتنياهو يمكنه أن ينام بهدوء الى أن يفهم ترامب بانه يخادعه.حاليا هو يُعد القاعدة للانتخابات
بقلم: حاييم لفنسون
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سيسافر في الأسبوع القادم الى حبيبته، الولايات المتحدة، وهو سعيد اكثر من أي وقت مضى. سيتواجد قليلا في نيويورك (التي سيتحدث فيها في الجمعية العمومية الفارغة، ويلقي “خطاب حازم وهجومي يظهر للعالم حقيقة إسرائيل”). وبعد ذلك نهاية أسبوع مع سارة، القليل من الوقت في واشنطن ولقاء مع الحليف والصديق الابدي دونالد ترامب. ربما أيضا عدة مقابلات مع بعض المواقع ووجبة في مقهى ميلانو. ما الخطأ في ذلك؟.
يمكن الامل بان اللقاء بين ترامب ونتنياهو في الأسبوع القادم سينتج عنه بادرة تغيير، ان يفهم ترامب بان نتنياهو يكذب، يقوم بالتسويف والخداع فيما يتعلق برغبته في انهاء الحرب. ولكن بنظرة رصينة الامر يبدو الامر معدوم. لقد مرت سنتان على الحرب ويصعب ان نرى ما الذي سيمنع إسرائيل من الوصول الى الذكرى الثالثة.
هذه هي الأيام الأكثر غرورا التي عرفها نتنياهو، ومن يحضرون المناظرات القليلة التي يجريها يصفونه بانه شخص لا يهتم بأي شيء يقال له. عملية تدمير مدينة غزة تجعله يمتليء بالانفعال والنشوة، وكل المعارضة لها يلغيها. من ناحيته تم إيجاد الصيغة السياسية التي ستوصله الى الانتخابات، وسعادته لا تعرف الحدود. هذه الصيغة تقول ان العدو اليساري الخائن في الداخل – بني غانتس، يئير لبيد، غادي ايزنكوت ونفتالي بينيت (بدعم من المؤسسة الأمنية التي لم توقظه في 7 أكتوبر، والتي أعضاءها لا يعرفون أي شيء بالدبلوماسية) – يريد انهاء الحرب والاستسلام لحماس وجلب علينا 7 أكتوبر آخر. ولكن هو الذي سيقف بقوة امام حماس، واذا لم تنتخبوني – مرة أخرى سيكون لكم 7 أكتوبر آخر. هذا يبدو مثل نكتة غير مضحكة. الشخص الذي وقف على رأس الحكومة في 7 أكتوبر يعد بان فقط انتخابه سيمنع تكرار 7 أكتوبر. ولكن يجب التذكر بان نتنياهو يعيش في عالم من المعقول فيه تعيين ماي غولان في منصب وزيرة، وبالنسبة له غير المعقول هو الرؤية العالمية.
مع تقدم المعركة في غزة فان الجيش عاد وحذر من ان الامر يتعلق بعملية عديمة الجدوى. رئيس الأركان ايال زمير، زاد من حدة تصريحاته والتصادم مع وزراء الكابنت، لكن الحديث يدور عن ما لا يزيد عن زبد على سطح الماء، مادة للتغريد. وزراء الكابنت يعيشون منذ زمن في عالم آخر. بتسلئيل سموتريتش يعقد صفقات عقارية ضخمة على أراضي غزة، والعويل الممل على حياة المخطوفين لا يزعجه.
أيضا العملية الفاشلة في قطر لم تغير أي شيء لدى نتنياهو. نجحنا – كل الاحترام لي. لم ننجح – كل الاحترام لي لانني أرسلت رسالة لقادة حماس. وعلى غير عادته الثابتة – اتهام كل العالم بالفشل باستثناء نفسه. هذه المرة لم يكن لديه أي شكوى من الجيش الذي استخدم سلاح غير فعال. القاعدة كانت متحمسة للهجوم، وكان خط الدفاع معد مسبقا للابواق: “هل أنا اعمل مع قطر؟ أنا قمت بقصف الدوحة!”. واذا فشلت المفاوضات مع حماس فهذا سيكون رائع، مثابة الكريما على الكعكة.
الجبهة الداخلية لنتنياهو محصنة تماما. رئيس الأركان قرر ان لا يحطم الأدوات ويستقيل، بل ان ينطلق لتنفيذ العملية التي لا يؤمن بها (الأخطر من ذلك هو يؤمن بانها فقط ستتسبب بالضرر). الجبهة الخارجية قوية ومقاطعة اسرائيل الآخذة في التبلور تعزز موقف نتنياهو. هل العالم يدعم إسرائيل؟، هذا بفضله. هل العالم يقاطعنا؟ العالم منافق، وهو الذي سيقف امامه. هل سيتوقفون عن بيعنا السلاح؟ نحن سننتجه. هل لن ننجح في الإنتاج لوحدنا؟ هذا سيكون بفضل المستشارة القانونية للحكومة، البيروقراطية، التي تتباطأ وتفشل بشكل متعمد حلمه في تحويل إسرائيل الى صين الصناعات العسكرية.
في هذه الجبهة يوجد لنتنياهو فقط قطب واحد يجب عليه اغلاقه، وهو سيحاول فعل ذلك في اللقاء مع الرئيس الأمريكي. رئيس الحكومة وعد ترامب ثانية بعملية سريعة، قوية وعنيفة، لتصفية حماس في غزة. ولكن جيشه يقول بان هذه العملية ستستمر ثمانية اشهر على الأقل. بالنسبة لنتنياهو لا توجد مشكلة، بل على العكس. ثمانية اشهر أخرى للحرب؟ هو يوافق على ذلك الآن. ولكن ترامب الذي يتخيل مشاهد من “جهنم الآن” سيحصل بدلا من ذلك على معركة خنادق لا تتقدم الى أي مكان. متى سيفهم ان الامر يتعلق بخداع؟. ستيف ويتكوف ادرك ذلك، لكن الرئيس ما زال يرفض السماع. فهو يفضل إعطاء نتنياهو فرصة أخرى، والى أن يستيقظ لن يتغير أي شيء.
------------------------------------------
معاريف 18/9/2025
نتنياهو .. كشمشوم المسكين
بقلم: افرايم غانور
في نهاية الستينيات في ذروة حرب الاستنزاف حين كانت إسرائيل بحاجة ماسة لطائرات “الفانتوم” الامريكية كرد على صواريخ SA2 السوفياتية التي كانت لدى المصريين عندما لم يوافق الامريكيون على تزويدها بسهولة، قال في حينه رئيس الوزراء ليفي اشكول الراحل في احدى جلسات الكابنت الأمني الذي بحث في الموضوع، ان استراتيجيتنا تجاه الأمريكيين في هذا الموضوع يجب أن تكون استراتيجية “شمشوم المسكين”. بمعنى أن ليس دولة إسرائيل القوية والعظيمة لحرب الأيام الستة بل دولة إسرائيل الضعيفة والمسكينة، مثل شمشوم البطل بعد أن قصت دليلة شعر رأسه. هكذا تصرف هذا الأسبوع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عندما وقف امام الامة كـ “شمشوم المسكين”، وكالبرق في يوم صافٍ حول دولة إسرائيل التكنولوجية والعظمى الى دولة معزولة ومقاطعة ستضطر لان تتكيف مع اقتصاد انعزالي وان تكون “سوبر اسبرطة”، دولة تعيش فقط على القوة وعلى قدرات انتاجها. لا استيراد، لا تصدير، باختصار انسوا الحياة الطيبة التي كانت لكم هنا حتى اليوم وابدأوا بالتكيف مع الواقع الجديد والصعب.
حتى لو كان 50 في المئة صحيحا وواقعيا، ما كان لرئيس وزراء مع نحو عقدين في المنصب، مع فهم في الاقتصاد أن يقف امام الشعب والعالم ليعطي تصريحا كهذا في ساعات محملة بالمصير تصريحا ليس فيه الا اضرارا جسيمة، ليس فقط بحق المعنويات الوطنية بل بحق كل ما يرتبط باقتصاد إسرائيل، مكانتها وصورتها في العالم والتي حتى بدون هذا التصريح هي في أسوأ حال. فما بالك عندما يقول رئيس وزراء ان إسرائيل ستضطر لان تعيش فقط من ثمار انتاجها ويتجاهل حقيقة أن حتى الإنتاج الذاتي يحتاج الى مواد خام ليست عندنا – فان هذا يبدو منقطعا عن الواقع.
وهذا يعني أن من خلف هذا الإعلان الهاذي يوجد ميل يؤدي بي لان اعرف بانه في الوقت الذي يتعهد فيه بن غفير احتفاليا لشرطة دولة إسرائيل “مستوطنة” للشرطة على شاطيء غزة يسكنها افضل أبنائنا وينال تصفيقا عاصفا، يختار رئيس الوزراء نتنياهو في هذه الساعات – حين تضج المدافع في بوابات غزة ودبابات الجيش الإسرائيلي تندفع نحو ميدان فلسطين في قلب المدينة في الطريق الى احتلال متجدد للمدينة – ان يقف مع استراتيجية الان الوضع صعب، نحن معزولون، كالمعتاد العالم كله ضدنا، عدنا لان نكون “شعب وحده يسكن”. وعليه، دعونا الان ننهي احتلال غزة، نصفي حماس نهائيا، نكمل النصر، نعيد المخطوفين، نرفع علم إسرائيل فوق قطاع غزة ونعمل على إعادة اعماره وفقا لفكرنا. فقط بعد هذا يأتي الخلاص، العالم يعود الى سابق عهده، والكل سيرغب في قربنا، وسيهلل ويمدح قوتنا، بطولة شعب إسرائيل وتصميمه، والعزلة ستختفي بالطبع. وبخلاف اسبرطة التي انهارت في اعقاب السياسة الاسبرطية دولة إسرائيل ستنمو وتزدهر. يمكن القول عن نتنياهو كل شيء، لكنه ليس غبيا، فليس صدفة انه وقف مع هذه المفاجأة التي لم يتوقعها ولم يرتقبها احد. كان هذا اعلان اذا ما تحقق بالفعل، فانه سيمس ليس فقط بجيب كل إسرائيلي، بل كان هذا ضربة من تحت الحزام في المكان الأكثر حساسية وايلاما لمعظم شعب إسرائيل. كل هذا فيما انه امام ناظرينا تنعقد قمة طواريء عربية إسلامية تضم ايران، بعد ثلاثة أيام من إقرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة اعلان “نيويورك” الذي بادرت اليه فرنسا والسعودية لاقامة الدولة الفلسطينية، بأغلبية 142 دولة مقابل 10 دول معترضة؛ حين تكون الكراهية لإسرائيل تتصاعد واساسا حين يكون من شأن الدخول المكثف الى غزة ان يتسبب بموت مخطوفينا الذي اخرج بعضهم منذ الان من الانفاق ليصبحوا دروعا حية لحماس. وفي الوضع الذي من شأننا أن ندفع فيه ثمنا دمويا باهظا لجنودنا، في حرب العصابات التي ستجري هناك في الساعات القريبة في قلب غزة، حين تكون هذه البشرى السيئة عن الدولة المعزولة يفترض أن تشيح النظر عن كل ذلك، لو كان سيكون نصر في غزة والمخطوفون سيعودون بسلام الى بيوتهم، سيقف نتنياهو كبطل وطني: “انقذت شعب إسرائيل من حماس، من ايران ومن حزب الله ومن الدولة المعزولة على حد سواء”.
اذا لم يتحقق النصر المنشود والتوقعات السوداء تحققت، فان نتنياهو سيقول: “لم يكن مفر من واقع الدولة المعزولة والكراهية العالمية، فيما أن مخطوفينا في ايدي حماس التي تواصل التهديد، فيما أن العالم كله ضدنا، كنا ملزمين بان نكافح في سبيل وجودنا هنا”.
هكذا بحيث أن في الختام يمكن القول ان هذه احبولة إعلامية مفاجئة أخرى من مصنع بنيامين نتنياهو الإبداعي، هذه المرة كـ “شمشوم المسكين”.
------------------------------------------
هآرتس 18/9/2025
رعاة سوريا ينتظرون انتهاء النزاع بين الإدارة واللاعبين
بقلم: تسفي برئيل
في الأفلام والصور التي نشرت امس في الشبكات الاجتماعية وفي مواقع الاخبار السورية، ظهرت دبابات قديمة يتم نقلها على شاحنات بمرافقة سيارات تندر عليها رشاشات ثقيلة، جميعها تشق طريقها من جنوب سوريا نحو دمشق. الجيش السوري كما يبدو اخذ في استكمال سحب سلاحه الثقيل من جنوب الدولة طبقا للخطة التي تطالب بها إسرائيل من سوريا.
حسب التقرير الذي نشر في موقع “اكسيوس” فان هذه الخطة تشمل إضافة الى اخراج السلاح الثقيل، إقامة “منطقة منزوعة السلاح”، التي حول حجمها ومساحتها سيتناقش الطرفان في اللقاء المخطط لعقده اليوم في باكو عاصمة أذربيجان (ربما حتى بين وزير الخارجية السوري اسعد الشيباني والوزير الإسرائيلي رون ديرمر). في هذه المنطقة منزوعة السلاح ستحظر نشاطات سلاح الجو السوري. أيضا إسرائيل تطالب بأن المنطقة العازلة التي تم تحديدها في الاتفاق بين سوريا وإسرائيل في 1974 ستوسع بـ 2 كم، وفي المقابل هي ستنسحب بالتدريج من معظم الأراضي التي سيطرت عليها في شرق هضبة الجولان بعد سقوط نظام الأسد في كانون الأول. سوريا لم ترد بعد رسميا على هذه الخطة التي تمت مباركتها من قبل الولايات المتحدة، لكن نشاطاتها على الأرض تدل على انها بدأت بالفعل في تطبيقها حتى قبل التوقيع عليها.
متى سيأتي الازدهار؟ منذ بدأ دوره كرئيس سوريا اعلن احمد الشرع بانه لا ينوي مواجهة إسرائيل أو أي دولة أخرى، وانه يرى رسالته في “إعادة اعمار سوريا وإقامة دولة مزدهرة”. في الرسائل العلنية والسرية التي أرسلها لإسرائيل أوضح بان نظامه سيعمل أيضا على منع نقل السلاح الى حزب الله، وسيمنع ايران من الحصول على موطيء قدم في بلاده، وسيمنع دخول المنظمات الإرهابية الى المناطق القريبة من الحدود مع إسرائيل ولبنان.
عمليا، تم نشر قوات سورية في نقاط كثيرة على طول الحدود بين سوريا ولبنان. وبخصوص علاقات سوريا مع ايران أوضح الشرع في هذا الأسبوع بأن “الجرح مع ايران عميق، لكن لن تكون قطيعة دائمة. سنصل الى وقت فيه سيتم استئناف العلاقات مع ايران، لكن فقط اذا احترمت ايران مصاحل سوريا ولم تتدخل في شؤونها”.
ايران في الخارج. ولكن أيضا اتفاق السلام بين سوريا وإسرائيل غير موجود الان على الاجندة، رغم انه اثناء اللقاء مع الرئيس الأمريكي ترامب في أيار لم يستبعد هذا السيناريو.
يبدو انه من بين جميع الجبهات التي تشغل إسرائيل منذ اندلاع الحرب في غزة بدأ يتضح ان سوريا هي الجبهة التي يتوقع حدوث التقدم الأبرز فيها، بالأساس بسبب الغطاء الدولي الذي يعزز مكانة الشرع. الرئيس السوري ما زال ينظر اليها في إسرائيل كـ “جسم مشبوه” – جهادي ترأس تنظيم كان فرع من القاعدة، الى أن انفصل عنها في 2016، وكان قائد جيش يتشكل في معظمه من المليشيات الإسلامية التي لم تستكمل بعد مهمة دمجها في الجيش السوري الجديد.
لكن بعد العناق الدافيء الذي حصل عليه من الرئيس ترامب، الذي رفع عن سوريا معظم العقوبات الاقتصادية وسمح لشركات أمريكية بعقد صفقات مع النظام، حصلت إسرائيل من واشنطن على وعد واضح بأنها تضمن “سلوك الشرع”. الحديث لا يدور فقط عن واشنطن: في تموز وقعت السعودية على “مذكرة تفاهم” مع الشرع التي بحسبها ستستثمر 4 – 6 مليارات دولار في إعادة اعمار البنى التحتية في سوريا. دولة الامارات وقعت على اتفاق بمبلغ 800 مليون دولار لتطوير وصيانة الموانيء في سوريا. وفي شهر آب تم التوقيع على “مذكرة تفاهم” بين شركات في السعودية، تركيا، قطر والولايات المتحدة، للاستثمار في سوريا بمبلغ 14 مليار دولار.
الى جانب الغطاء الاقتصادي الآن سوريا تعتبر أيضا كدولة رعاية لتركيا. تركيا لا تزودها فقط بالغاز، بل هي بدأت أيضا في اعداد وتدريب جيش سوريا الجديد. وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الذي كان رئيس المخابرات السابق، يعتبر احد الأشخاص الأكثر تاثيرا على احمد الشرع في الشؤون الداخلية والسياسة الخارجية. العلاقات بينهما تستند الى “ماضي مشترك” يعود الى الفترة التي فيها عرف الشرع بلقب “أبو محمد الجولاني” وكان يسيطر على محافظة ادلب. المساعدة الاستخبارية والتمويلية والعسكرية التي حصل عليها في حينه من تركيا ساعدته كثيرا في حملته السريعة لاسقاط نظام الأسد.
في الواقع تركيا وإسرائيل هما دولتان عدوتان وحتى متعاديتان، لكن في كل ما يتعلق بسوريا فان تركيا تعترف بحاجة الشرع الى التوصل الى ترتيبات امنية مع إسرائيل بعد ان اقامت هي نفسها معها آلية للتنسيق العسكري. في نفس الوقت، من اجل ان تحرر قليلا الشرع من الانشوطة الإسرائيلية – الامريكية واعطائه هامش مناورة فان تركيا شجعت الرئيس السوري على تعزيز علاقاته مع روسيا، رغم دعمها الكبير للاسد، والتي انقذت نظامه عندما بدأت في 2015 سلسلة عمليات القصف الكثيفة ضد المتمردين، وهكذا غيرت سير الحرب.
العلاقات مع روسيا آخذة في التعزز بعد الزيارة التي تمت تغطيتها إعلاميا للشرع في موسكو في نهاية شهر تموز، التي التقى فيها مع وزير الخارجية سيرجيه لافروف ومع الرئيس بوتين، وأيضا في الزيارة التي شارك فيها كثيرون، التي اجراها هذا الأسبوع في دمشق نائب رئيس الحكومة الروسية الكسندور نوباك، التي فيها دعا الشرع للمشاركة في اللقاء الروسي – العربي الذي تخطط له موسكو في 15 تشرين الأول القادم. هذا الأسبوع، للمرة الأولى منذ سقوط نظام الأسد، بدأت القوات الروسية الموجودة في قاعدة القامشلي في شمال شرق سوريا في اجراء مناورات عسكرية.
لكن شبكة العلاقات العربية والدولية التي طورها الشرع، والرعاية التركية والضمانات الامريكية (أيضا الغطاء الاقتصادي المثير للانطباع) – كل ذلك ما زال لا يضمن استقرار النظام. في الواقع الشرع حصل على الكثير من الوعود بالمساعدة والاستثمار – بالتأكيد مقابل حجم الميزانية السورية التي تبلغ 3.8 مليار دولار، لكن معظم الأموال لم تصل بعد. ليس فقط من دول المنطقة، بل أيضا المساعدة التي وعد بها من الدول الأوروبية، باستثناء المساعدة الطارئة للاحتياجات الإنسانية، حتى الآن لم تدخل الى سوريا. مثلها أيضا الشركات الأوروبية التي سارعت الى التوقيع على اتفاقات مع النظام، لكنها لا تسارع الى فتح فروع لها في دمشق وضخ الأموال الى البنوك السورية.
وقف نار دموي
حماسة الدول المانحة والمستثمرين، الذين اعتبروا سوريا ارض الفرص الجديدة، تعرضت لعدة ضربات. هذا بدأ بمذبحة الطائفة العلوية التي قتل فيها 1700 شخص. واستمر بالصدامات في شهر نيسان مع الطائفة الدرزية في مدينة جرمانة والاحداث الدموية في السويداء في شهر تموز، التي بدأت بمواجهات بين الدروز والقبائل البدوية وتطورت الى معارك مع قوات النظام. وقد قتل فيها اكثر من 1200 شخص معظمهم من الدروز.
اتفاق وقف اطلاق النار الذي وقع مع الدروز في الواقع ما زال في معظمه صامد، لكنه لا يجتث جذور الخلاف العميق بين الطائفة الدرزية والنظام. اول امس وقع في الأردن على خطة اعتبرت “خارطة طريق” لحل الازمة في السويداء برعاية الشيباني ووزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي والمبعوث الأمريكي الخاص توم براك، الذي كتب عن هذه الخطة في “اكس” بأن “المصالحة ستبدأ دفعة واحدة، وخارطة الطريق ستشق الطريق ليس فقط الى النهوض، بل الى مسار سيمكن الأجيال السورية القادمة من السير في بناء شعب بحصل على المساواة في الحقوق والواجبات”.
خارطة الطرق شملت، ضمن أمور أخرى، تشكيل لجنة تحقيق لفحص احداث المذبحة وتعويض المصابين وإعادة ترميم الممتلكات وتبادل المخطوفين والأسرى ووضع قوات شرطية للنظام بالتنسيق مع قيادة الدروز وفتح وتامين طرق المواصلات الى السويداء. ولكن تفاؤل براك كان سابق لاوانه. ففي أمس ظهرت في السويداء عشرات الطاولات للتوقيع على عريضة كتب فيها “توجد لنا حقوق كاملة في الاستقلال عن الدولة السورية، هذا هو الحل الوحيد الذي سيضمن الاستقرار والعيش بكرامة”. قبل ذلك اعلن حكمت الهاجري – الزعيم الروحي الدرزي الذي يقود الخط المناويء للنظام وينسق مع زعيم الدروز في إسرائيل، الشيخ موفق طريق – بانه يرفض خارطة الطريق التي حسب قوله لا تضمن حقوق الدروز.
عندما يكون النزاع بين المحافظة والطائفة الدرزية (التي على الأقل جزء منها يطالب بإقامة حكم ذاتي، اذا لم يكن دولة مستقلة) وبين النظام بعيد عن الحل، وعندما في شمال الدولة حتى الان لا يوجد حل لقضية دمج الاكراد في الجيش السوري، فان استقرار النظام يقتضي الفحص كل يوم.
------------------------------------------
هآرتس 18/9/2025
الجيش و”الشاباك” يستخدمان “ميليشيات غزية” لـ “مهمات حساسة”: هل ينقلبون علينا
بقلم: ينيف كوفوفيش
الجيش الإسرائيلي والشباك يستخدمان مليشيات في غزة لعمليات عسكرية مقابل أجر وسيطرة على مناطق القطاع – هذا ما يقوله مقاتلون وضباط يخدمون في غزة. في السنة الماضية نشر في “هآرتس” أن مواطني غزة يستخدمهم الجيش منذ بداية الحرب في عمليات محدودة، بالأساس تمشيط الانفاق والمباني المشبوهة. ولكن في الأسابيع الأخيرة، حسب اقوال الجنود، يتوسع التجنيد ويصل الى مجموعات، التي يتعين على القوات في المنطقة العمل بالتنسيق معها – أحيانا بدون سيطرة عليها. في كل مليشيا يوجد عشرات المسلحون الذين في معظمهم ينتمون الى عائلات معروفة في غزة، من بينها أبو شباب. الى جانب الأموال هذه المليشيات تحصل على رخصة سلاح، الامر الذي يمكنها من جني أرباح إضافية لانها تسيطر على طرق شاحنات المساعدات وعلى الاذن لاقامة خيام في مناطق تجمع السكان.
في الجيش يقولون ان الشباك هو المسؤول عن تفعيل هذه المليشيات وتجنيد لها اشخاص الى جانب رؤسائها. لانه خلافا لتجنيد المدنيين في السابق، الذين تمت تسميتهم “شاويش” فان المليشيات تعمل في نشاطات عملياتية جوهرية. على الاغلب هي تعمل في جنوب القطاع، بالأساس في رفح وخانيونس. وفي الأسبوع الماضي نشرت قناة “العربية” بأن هذه المليشيات دخلت أيضا الى مستشفى الشفاء في مدينة غزة. في صفحة الفيس بوك لابو الشباب نشر اعلان تجنيد لـ “رجال امن”، والاجرة هي 3 آلاف شيكل في الشهر للجندي و5 آلاف شيكل للضابط.
رغم ان الجيش الإسرائيلي والشباك يديرون نشاطات المليشيات الا ان الكثير من القادة في الميدان يخشون من تداعيات استخدامها: “هذا يذكر بصبرا وشاتيلا، وهو يبدو مثل شيء سينقلب علينا”، قال احد الضباط. “لا يوجد سيطرة عليهم وبحق على الأرض، ولا يوجد لديهم أي التزام انضباطي للقادة المسؤولين عن منطقة القتال. في الغد سينفذون مذبحة يقتل فيها العشرات ومن الذي سيطلب منه تقديم تفسيرات؟ ومن سيكون المسؤول عن ذلك؟ هم سيعتقلون ضابط مسؤول عن المنطقة وسينهون حياته”.
حسب اقوال القادة فان الجيش الإسرائيلي والشباك يستخدمون المليشيات بالأساس في “مناطق حساسة” من ناحية القوات: “هذه المليشيات تحصل على مهمات في المناطق المكتظة، هذه ليست العمل الأسود الذي اعطي لهم في البداية، توجد لهم عمليات كبيرة ومهمة”. الجنود اضافوا بانه يبدو انهم في الجيش وفي الشباك اصبحوا لا يحاولون إخفاء هذه الظاهرة مثلما في السابق. “هم يتدربون على عمليات امام انظارنا”، قال احد الجنود. “نحن شاهدناهم في مجموعات كل مجموعة تتكون من 5 – 10 مسلحين، أحيانا هذا يفاجيء القوات لان المليشيات لا تكلف نفسها عناء ابلاغنا بتحركاتها”.
يتأكد الشعور بأنه تم إزالة القليل من غطاء الغموض عن هذه المليشيات: في الأسابيع الأخيرة بدأ الجيش الإسرائيلي في وضع إشارات على المسلحين الغزيين مثلما يتم التاشير على قوات الجيش. “يقولون لنا ما هي مهمتهم بشكل عام، لكن الهدف النهائي نحن لا نعرفه”، قال ضابط في منصب رفيع في لواء في غزة. “يطلبون منا عدم ازعاجهم والسماح لهم بالمرور”. حتى ان ضباط وجنود قالوا بانه أحيانا يكون توتر بينهم وبين المليشيات: “هم يعملون على الاغلب قربنا ويمرون بطرقنا بدون ابلاغ احد. هناك صعوبة كبيرة في التنسيق معهم”.
المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي وجه “هآرتس” للحصول على جواب من الشباك، وهو بنفسه قال بانه لن يتطرق الى الموضوع.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 18/9/2025
لا “نصر مطلقاً” إلا بطرد الفلسطينيين و”الاستيلاء” على الأرض
بقلم: بوعز هعتسني
لقد كان لشلومو باوم، نائب أريك شارون في الوحدة 101، سيماء ازعر مخيف، لكنه بالتوازي كان مثقفا لامعا. فقد فهم بانه بخلاف الادعاء بان الإرهاب ليس مشكلة وجودية الا انها أداة للاستنزاف والتآكل الدائم في المناعة الوطنية – وبالتالي فان من الواجب اقتلاعه من الجذور. حكومة “المعراخ” عينت شارون كقائد المنطقة الجنوبية لقمع موجة إرهاب كبيرة نشبت في قطاع غزة في 1969، وحتى 1971 فعل هو هذا بوسائل مختلفة. احد الأمور الهامة التي قام بها كان جلب باوم الى الجبهة، وعلى لسانه سمعت كيف أنه اخذ قائمة مئات المطلوبين وقتلهم حتى آخر واحد منهم، بابداعية لامعة. الهدوء الذي ساد بعد ذلك أتاح لشعب إسرائيل ان يتسوق في غزة وان يتذوق الحمص في مطاعمها.
الدرس الذي استخلصته الحكومة كان ان من الواجب إقامة استيطان في غزة، وكلف موشيه دايان، إسرائيل غليلي ويغئال الون شارون بتخطيط استيطان كهذا ورأوا فيه ذخرا أمنيا وليس عبئا. ووضع شارون “خطة الأصابع الخمسة” التي بسطت تواجدا مدنيا وعسكريا على عرض القطاع. وجودها منع نشوء وحش ونتيجتها المخيفة بينما ازالتها اتاحت ذلك.
مذبحة 7 أكتوبر ليست امرا صغيرا، وكل الشرق الأوسط يرى كيف ستتصرف إسرائيل – اذ أن كل انجازاتنا ستكون عديمة المعنى اذا لم نحقق نصرا واضحا، ووحدها النهاية هي التي ستقرر اذا كنا سنكون أزعر ام ولد الصفعات في الحارة.
وعليه، فالرد يجب أن يتناسب وحجم الفظاعة التي ارتكبت بحقنا. تحرير المخطوفين واسقاط حماس هما هدفان مسلم بهما لكنهما متواضعان جدا بالنسبة لحجوم المذبحة التي تملي اهدف الطرفين. من ناحية حماس، بقاؤها هو انتصارها. على إسرائيل عبء اثبات النصر اكبر بكثير: تصفية حماس، سيطرة امنية في القطاع، اخلاء معظم عرب غزة الى العالم الواسع والاهم – اخذ الأرض. خسائر الأرواح لا تلعب دورا لدى اعدائنا، رغم الحملة الدعائية عن إبادة الشعب والتجويع الكاذبة ومزدوجة الاخلاق التي تستهدف آذان اللاساميين في العالم – لكن فقدان الأرض هو هزيمة واضحة.
عندنا توجد حملة دعائية متواصلة عن كراهية السيطرة على الأرض وخلق خوف من “المناطق”، “الاحتلال”، “الحكم العسكري”، الامر الذي جلب هذه الأفكار الى مستوى التقزز. قلب الوطن وصف في مفهوم فني جيومتري “المناطق”. ان جعل الوطن مجرد “منطقة” هو جعل “الام” “امرأة ما”، وهكذا تضخم مفهوم “الدولة” الى اكثر من تعريفه الأصلي كهيئة قانونية وحل محل مفهوم “البلاد”، الذي اصبح مدنسا حتى السخافة مثل التقارير عن حالة الطقس (ماطر وعاصف في شمال الدولة).
بشكل رائع يسري حتى الان مفعول “المحطة الأخيرة” الملزمة في القانون الدولي لقرار الانتداب في 1922 الذي منحت فيه عصبة الأمم بلاد إسرائيل الغربية للشعب اليهودي على أساس حقوقه التاريخية. حتى يومنا هذا فان مناطق يهودا والسامرة وغزة هي عديمة أي سيادة، مع ادعاء ملكية مفضلة لإسرائيل. قطاع غزة ليس سوى شاطيء النقب، جزء صارخ من بلاد إسرائيل، سلبه منا الاحتلال المصري في حرب التحرير بالتوازي مع الاحتلال الأردني ليهودا والسامرة والقدس.
ان حل الكارثة الأمنية لا يبقي لنا خيارا غير هدم المباني التي تغطي على الكون من الانفاق الذي بني تحتها، ابعاد السكان لغرض حمايتهم، والهدم المطلق كنتيجة لاصرار العدو الذي لم يضع سلاحه ويحرر المخطوفين. هذا وضع يسهل على هدف اخلاء السكان والاستيلاء على الأرض. وهكذا تتكتل اهدافنا الأمنية والتكتيكية الى حسم عسكري والاستراتيجية لتصفية الإرهاب على المدى البعيد، مع الهدف الوطني لاعادة شاطيء النقب الى سيطرتنا والذي صممته حرب التحرير في شكل قطاع.
------------------------------------------
هآرتس 18/9/2025
نتنياهو يقْدم على أكبر مجازفة له منذ بداية الحرب
بقلم: عاموس هرئيل
بدأ الجيش الإسرائيلي، الإثنين الماضي، بالتوغل البرّي في قلب مدينة غزة، في إطار العملية واسعة النطاق التي تنطلق مرحلتها الحالية، بعد خلافات وتأخير طويل. تشارك في هذا التوغل فرقتان نظاميتان، ومن المتوقع أن تنضم إليهما فرقة أُخرى لاحقًا (بينما تنتشر فرقتان إضافيتان في وضعية دفاعية). في غضون ذلك تستمر موجة النزوح الجماعي للفلسطينيين من المدينة في اتجاه الجنوب، إلى وسط القطاع، لكن مئات الآلاف من المدنيين ما زالوا في داخل مدينة غزة. وعلى الرغم من أن الأوساط المهنية في المؤسسة الأمنية، في أغلبيتها، تعارض العملية، وعلى الرغم من الشكوك الواسعة في صفوف الجمهور، فإنه لا توجد في هذه المرحلة أيّ حركة احتجاجية فعّالة ضد الخطوة الخطِرة التي يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والتي قد تكون أكبر مجازفة له منذ بداية الحرب، قبل نحو عامين.
إن تقدُّم القوات في هذه المرحلة بطيء نسبياً، ويتم بحذر شديد. وللمقارنة، عندما دخل الجيش الإسرائيلي إلى القطاع في أواخر تشرين الأول 2023، تحركت الوحدات في العمق بسرعة كبيرة، على الرغم من أن تحصينات "حماس" الدفاعية، آنذاك، كانت أصعب اختراقاً مما هي عليه الآن. فرئيس الأركان، إيال زامير، الذي تجادل مع نتنياهو بشأن العملية حتى اللحظة الأخيرة، واستمر في الضغط، عبثاً، من أجل إبرام صفقة تبادل أسرى جديدة، يحدد وتيرة التقدم وطبيعة عمل الوحدات بأنها حرب استنزاف بطيئة وحذرة، وليس اقتحاماً مباشراً. حذّر زامير في حفل تأبيني لقتلى لواء غولاني، الأسبوع الماضي، من سيناريو رعب قد تلجأ فيه "حماس" إلى التضحية بالأسرى، كوسيلة للانتقام وبثّ الرعب في إسرائيل.
زامير، الذي دخل، أول من أمس، مع القوات التي تُجري المناورة، أعاد التشديد على أهداف العملية بنبرة منضبطة ومقتضبة، وقال للقادة: "تقع على عاتقكم مهمة تعميق الضربة الموجهة إلى حماس وإلحاق الهزيمة بلواء مدينة غزة." هذا بعيد جداً عن تعهدات نتنياهو الصاخبة بالقضاء على التنظيم ومحو أثره. ومن المشكوك فيه أن رئيس الوزراء يحب إصرار زامير في اليومين الأخيرين على التأكيد أن إعادة الأسرى هي المهمة الأولى، وأن على الجيش أن يتجنب تعريض حياتهم للخطر.
لكن في هذا البند، بإمكان رئيس الأركان أن يعِد، لكنه غير متأكد من قدرته على الوفاء بوعده. شدّد زامير في آخر المشاورات في الكابينيت، وفي منتديات ضيقة أُخرى، على نقص المعلومات الاستخباراتية بشأن أماكن الأسرى الأحياء، وعلى أن "حماس" قد تستخدم بعضهم "كدروع بشرية" مع دخول الجيش إلى غزة...
لا أهمية للأسرى
هناك خط مستقيم وواضح يربط بين تصريحات وقرارات نتنياهو الأخيرة كلها: رفضُ المقترحات الأميركية بشأن صفقة تبادل جديدة، والقصف على قطر، الذي أتاح للإمارة تنظيم عرض تضامن إقليمي، بمشاركة إيران وجاراتها السُّنية، والإصرار على دخول غزة، على الرغم من معارضة قادة المؤسسة الأمنية، في معظمهم، وأيضاً خطابه الغريب، قبل أيام، الذي أعلن فيه أنه سيحوّل إسرائيل إلى "سوبر-إسبرطة"، دولة مكتفية ذاتياً واقتصادياً في مواجهة الكراهية الأوروبية.
أمّا فيما يتعلق بمصير الأسرى، فقد توقف رئيس الوزراء منذ وقت عن إبداء أي اهتمام بالموضوع. وبات كلامه خالياً من أي تعاطُف، ويقتصر على شعارات فارغة وقرار عنيد بمواصلة حرب إلى ما لا نهاية، لأن وقفَها سيهدد بقاءه السياسي. حتى في البيان الذي أصدره، أول من أمس، أثناء غارة سلاح الجو على اليمن، حذف نتنياهو أي ذِكر للأسرى. وقال: "إن قواتنا تعمل في مدينة غزة بهدف، طبعاً، هو تحقيق الحسم مع العدو، لكن بالتزامن مع إجلاء السكان." أمّا وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، فذكرَ الأسرى، أول من أمس، لكنه تجنّب إدراجهم ضمن الاعتبارات التي يجب أن توجّه الجنود. وقال: "إن العملية يجب أن تُنفَّذ بكامل القوة، ومن خلال الأخذ باعتبار واحد فقط: حماية القوات، وحماية جنودكم وقادتكم، هذا هو الاعتبار الوحيد لحظة الهجوم".
كان نتنياهو منغلقاً تماماً إزاء كل محاولات كبار المسؤولين الأمنيين لثنيه عن قرار اجتياح غزة، وما زال مصمماً على استغلال الدعم الذي يمنحه إياه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لمواصلة العملية. إن محاولة مسؤولين في الإدارة الدفع قدماً بنسخة جديدة من خطة ستيف ويتكوف التي تقضي بالإفراج عن نصف الأسرى الأحياء، ربما بحلول رأس السنة العبرية، الأسبوع المقبل، لا تلقى أي استجابة حتى الآن. من الصعب ألّا نتعاطف مع صرخات عائلات الأسرى، التي ترى نتنياهو يأمر باجتياح المدينة على الرغم من الخطر المباشر والداهم على حياة أبنائها.
هدّد ترامب "حماس" مجدداً بـ"الجحيم"، إذا ما أقدمت على قتل أسرى، لكن عملياً، هذه التهديدات فارغة، وصادرة عن شخص لا يملك عصاً حقيقية ضد قادة التنظيم المختبئين في الأنفاق منذ ما يقارب العامَين. نتنياهو نفسه لا يكلف نفسه حتى عناء التهديد. إن قتل الأسرى قد يمنحه ذريعة لتوسيع العملية، والسعي، مثلما يفعل شركاؤه من اليمين الديني المتطرف، نحو الاحتلال الكامل للقطاع وتهجير سكانه. هذه أيضاً الأصوات التي تُسمع في محيطه الداخلي، الأمر الذي يُقلق كبار قادة المؤسسة الأمنية. الجيش قلِق كذلك من خسائر في صفوفه، ومن الواضح أنه ستجري قريباً عمليات قتل لأعداد كبيرة من الفلسطينيين المدنيين، وهذه القضية لا يتم تناوُلها في النقاش الداخلي، لكنها تثير سخطاً واسعاً ضد إسرائيل في العالم.
لقد ارتكب نتنياهو خطأً فادحاً في خطابه "الإسبرطي". هبوط البورصة، وردّات الفعل القلِقة التي باغتته من خبراء الاقتصاد ورجال الأعمال، ومن هنا تأتي كثرة التصريحات التي يطلقها منذ ذلك الحين، في محاولة لتهدئة الأسواق. هل كان يحاول أن يقدم أعذاراً للمواطنين أمام الواقع القاتم، أم أننا حصلنا على لمحة حقيقية من رؤيته الأبوكاليبتية للدولة (الأبوكاليبتية كلمة يونانية تعني "الكشف" في إشارة إلى الفعل النهائي والأخير الذي سيتم على الأرض، والذي ستقوم به آلهة الخير- المحرر)؟ وفي كلتا الحالتين، الصورة الناشئة مُقلقة للغاية: الرجل الذي يقود إسرائيل إلى تعميق الحرب في القطاع، مع احتمال ضئيل للنصر، هو زعيم فاشل، معزول ومطارد، ومصمم على التمسك بالسلطة بكل الوسائل.
------------------------------------------
يديعوت 18/9/2025
من تأثيرات العزلة السياسية على إسرائيل
بقلم: إيتمار أيخنر
تصريحات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بشأن "العزلة السياسية" التي يُتوقع أن تدخل فيها إسرائيل ليست مجرد إعلان سياسي: إنها حقيقة مريرة تنتشر كالنار في الهشيم خارج المجال الدبلوماسي، وتؤثر في الاقتصاد والثقافة والعلوم والمجال الأكاديمي والرياضة والسياحة، وفيما هو أبعد من ذلك. فإسرائيل اليوم دولة منبوذة. لقد أعلن ديوان رئاسة الوزراء أنه اضطر إلى إنزال الصحافيين وأعضاء من الوفد المرافق من طائرة "أجنحة صهيون" من أجل توفير مزيد من الوقود لإطالة مسار رحلة نتنياهو إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، خوفاً من رفض بعض الدول السماح لطائرته بعبور أجوائها، لتجنُّب خرق أمر الاعتقال الصادر بحقه في لاهاي. وإذا مضت إسرائيل في تدمير غزة بالكامل وتهجير سكانها، فستكون ردّات الفعل قاسية: خفضُ مستوى التمثيل الدبلوماسي، إعادة السفراء، وقطع العلاقات. ولن تنفع أي حملة دعائية، وقد تتضرر إسرائيل بطرق عديدة:
عقوبات اقتصادية
اليوم (أمس)، سيجتمع مفوضو الاتحاد الأوروبي لمناقشة مقترحات خطِرة ضد إسرائيل. بعد تصريح رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، الأسبوع الماضي، يُتوقع أن يوافق المنتدى على مقترحات بشأن تعليق بنود في اتفاقيات التجارة مع إسرائيل، بما في ذلك إعادة فرض الرسوم الجمركية على السلع الإسرائيلية، كردّ على الحرب في غزة والانتهاكات المستمرة في الضفة الغربية...
إذا وافق المفوضون تُحال القرارات إلى مجلس الاتحاد الذي يتطلب أغلبية خاصة (تأييد دول تمثل 65% من السكان). حتى الآن، تعارض ألمانيا وإيطاليا فرض العقوبات، لكن ألمانيا تحتاج إلى إيطاليا كي لا تبقى وحدها، وإذا اقتنعت إيطاليا بالانضمام إلى العقوبات، فسيكون في وِسع خصومنا في الاتحاد فعل ما يشاؤون، وسنشعر بذلك في رفوف المتاجر. فغلاء المعيشة في البلد هو أصلاً في ازدياد، وبلغ حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل 42.6 مليار يورو في سنة 2024. تخيّلوا ماذا سيحدث إذا عاقبَنا الاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري لنا، وكيف سيؤثر ذلك في جيوبنا.
الثقافة تحت النار
تتلقى الثقافة الإسرائيلية ضربات موجعة بشكل فعلي. لقد دعت عريضة وقّعها 4000 من السينمائيين حول العالم إلى مقاطعة كاملة للتعاون مع إسرائيل، حيث تواجه فرق موسيقية إسرائيلية صعوبات في المشاركة في المهرجانات الدولية، وحتى الموسيقي عِيدان راشيل، الذي كان سفير إسرائيل الرقم 1 للموسيقى العالمية، اعترف بأنه لم يعُد يُدعى إلى المهرجانات في الخارج. هذا جزء من مقاطعة ثقافية واسعة تذكّر بالمقاطعات ضد جنوب أفريقيا في زمن الأبارتهايد.
الآن أيضاً، أعلنت إسبانيا، إحدى الدول الخمس الكبار (Big Five) التي تموّل مسابقة اليوروفيجن، أنها ستنسحب من المسابقة في سنة 2026 في فيينا في حال شاركت إسرائيل، وبهذا تنضم إلى هولندا وأيرلندا وسلوفينيا، التي أعلنت احتمال المقاطعة فعلياً، وكذلك في آيسلندا تتعالى أصوات مشابهة.
إسبانيا هي الأولى بين الدول الخمس المموِّلة التي تهدد بالانسحاب، وهذا المسار خطِر بالنسبة إلى إسرائيل، فمع كل الاحترام لها، لا يستطيع اليوروفيجن الاستغناء عن دول كهذه. المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، تيم ديفي، اعترف أمام لجنة برلمانية بأن المؤسسة "مدركة للمخاوف" بشأن مشاركة إسرائيل، لكنه شدد على أن "اليوروفيجن لم يكن سياسياً قط." ومن المتوقع أن يناقش اتحاد البث الأوروبي (EBU) الموضوع في كانون الأول، وقد يقترح حلولاً وسطية، مثل المشاركة من دون رفع علم إسرائيل، الاقتراح الذي رفضته إسرائيل مسبقاً بسبب "الكرامة الوطنية"، وهناك اقتراح آخر هو انسحاب موقت، قد يصبح دائماً.
مقاطعة رياضية وأكاديمية
تواجه الرياضة تهديداً خطِراً. هناك فعلاً محاولات لمنع فرق إسرائيلية من المشاركة في البطولات الأوروبية، وقد تبلغ الذروة إلى حد الاستبعاد الكامل من بطولة أوروبا لكرة القدم، وصولاً إلى الألعاب الأولمبية، وهو ما يشبه العقوبات المفروضة على روسيا عقب الحرب في أوكرانيا. وفي الوقت عينه، تتسارع المقاطعة الأكاديمية ضد إسرائيل، إذ تطلق لجنة رؤساء الجامعات الإسرائيلية على ذلك عنوان "التهديد بفرض حصار علمي على إسرائيل". ويظهر من العرض الذي قُدّم للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أن حجم المقاطعة الأكاديمية يتّسع بسرعة مُقلقة. وتستهدف المقاطعة عزل إسرائيل، أكاديمياً وعلمياً، من خلال إبعادها من برامج بحث أوروبية؛ ومقاطعة الباحثين الإسرائيليين في جمعيات أكاديمية مهنية؛ وقطع العلاقات ووقف التعاون بين المؤسسات؛ ووقف التعاون الأكاديمي مع أعضاء هيئات التدريس الإسرائيلية.
حظر السلاح
منذ تموز 2025، أوقفت مجموعة من الدول بيع السلاح لإسرائيل، أو قلّصته، منها سلوفينيا التي كانت أول مَن فرض حظراً كاملاً، وإيطاليا، وإسبانيا، وكندا، وهولندا، والمملكة المتحدة وبلجيكا.
واستناداً إلى تقارير في إسبانيا، اتُّخذ قرار هناك بشأن إلغاء صفقة كبيرة بقيمة إجمالية تبلغ 700 مليون يورو لشراء منظومات مدفعية من طراز PULS من شركة "إلبيت"، على الرغم من أن إسرائيل لم تتلقّ بعد إخطاراً رسمياً بذلك.
يُضاف إلغاء صفقة PULSإلى قرار وزارة الدفاع الإسبانية في حزيران بشأن تعليق صفقة ضخمة لشراء صواريخ مضادة للدبابات من طراز Spike LR 2 من شركة "رفائيل" بقيمة نحو 285 مليون يورو لمصلحة الجيش الإسباني والبحرية المحلية، والقرار جزء من جهد إسباني لـ"تصفير" الاعتماد التكنولوجي على إسرائيل بسبب الحرب في غزة.
إن قرار إسرائيل بشأن إنشاء "مديرية التسليح" لتلبية حاجات صناعة السلاح خطوة مهمة، لكنه غير كافٍ. لا تستطيع إسرائيل إنتاج كل المكونات داخلياً. لقد تخصصت منظومة الأمن الإسرائيلية دائماً في إيجاد طرق غير تقليدية للحصول على المكونات التي تحتاج إليها، ويجب الاستعداد لتوسيع حظر السلاح.
قيود شخصية
حتى الآن، يتمتع الإسرائيليون بإعفاء من التأشيرة في 131 دولة، لكن العزلة قد تغيّر ذلك. هناك دول قد تلغي الاتفاقيات بحجة التحقيق في تورُّط إسرائيل في "إبادة جماعية"، أو جرائم. ظهرت فعلاً بعض القيود في أميركا الجنوبية، الوجهة المفضلة للمسرّحين من الجيش: نشرُ أسماء جنود في شبكات التواصل الاجتماعي، جعلهم يضطرون إلى المغادرة سراً، خوفاً من الاعتقال، وهذا الوضع سيضرّ بالسياحة الوافدة والصادرة بشدة، وحتى بالإجازات العائلية البسيطة. لكن دعك من التأشيرة، فهناك مَن يريد الذهاب في عطلة إلى الخارج، وهو خائف من اكتشاف أنه إسرائيلي! كثيرون من الإسرائيليين واجهوا بشكل فعلي إلغاء حجوزات عبر Airbnb، أو في نُزل، أو فنادق، فقط لأنهم إسرائيليون.
-----------------انتهت النشرة-----------------