الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الخميس 11/12/2025العدد 1483

الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

معهد القدس للاستراتيجية والأمن 11/12/2025

 

 

اتفاق ترامب بشأن غزة: الانتقال إلى المرحلة الثانية – المخاطر والفرص

 

 

بقلم: العقيد (احتياط) د. غابي سيبوني والعميد (احتياط) إيريز فينر

 

 مقدمة

في 29 أيلول 2025، قدّم الرئيس الأمريكي ترامب خطة شاملة لإنهاء الحرب في غزة. حظيت الخطة، التي عُرفت باسم “خطة ترامب”، بدعم دولي واسع، بما في ذلك من دول عربية وإسلامية، واعتمدها مجلس الأمن الدولي بموجب القرار 2308. وهي عبارة عن خارطة طريق من 20 بندًا تهدف إلى إطلاق سراح الرهائن، وتحويل قطاع غزة إلى منطقة منزوعة السلاح وخالية من الإرهاب، وتمكين إعادة التأهيل الاقتصادي والتنمية لصالح سكانه، مع التعهد بالحفاظ على أمن دولة إسرائيل وتهيئة الأرضية لتوسيع اتفاقيات أبراهام. صُممت الاتفاقية كعملية تدريجية، بمراحل واضحة وإنجازات مطلوبة كشرط للانتقال بين مراحلها. أُسندت مهمة مراقبة التنفيذ إلى الولايات المتحدة، حيث ترأس ترامب بنفسه “مجلس السلام” – وهو هيئة دولية جديدة تشرف على العملية، إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. ستُلقى مسؤولية الأمن في قطاع غزة على عاتق قوة استقرار دولية، لم تُحدد صلاحياتها أو الجهات المشاركة فيها بعد. وقد نقل قرار مجلس الأمن الذي أقرّ الاتفاق المسؤولية العامة من الأمم المتحدة إلى مجلس السلام. إضافةً إلى ذلك، استبعدت الخطة فعلياً السلطة الفلسطينية عن قطاع غزة لحين تنفيذ إصلاحات شاملة.

تسعى هذه المقالة إلى دراسة الاتفاق، وتحليل مزاياه وعيوبه عشية الانتقال المحتمل إلى المرحلة الثانية، وهي مرحلة تنطوي على احتمالية نشوء خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة حول مسألة نزع سلاح حماس وبدء عملية إعادة الإعمار، فضلاً عن محاولة توضيح كيفية تعظيم إسرائيل لمكاسبها، مع تحقيق أهداف الحرب بالكامل. في رأينا، يُتيح الاتفاق فرصة تاريخية، إلى جانب مخاطر تُلزم إسرائيل بالإصرار على تنفيذ مراحله المختلفة بدقة. وكما قال الرئيس ترامب نفسه في خطابه أمام الكنيست في 13 أكتوبر 2025: “سيتم تجريد غزة، وسيتم نزع سلاح حماس – ولن يكون أمن إسرائيل مهدداً بعد الآن”.

تحليل الاتفاق: التفاصيل، المزايا، والعيوب

يتألف الاتفاق من 20 بندًا مقسمة إلى مراحل واضحة ومتدرجة، مع شروط ملزمة للانتقال بينها. فيما يلي النقاط الرئيسية: ركزت المرحلة الأولى، التي نُفذت إلى حد كبير، على وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن. وكما ذُكر، لم تُستكمل هذه المرحلة بعد، إذ لم يُعاد جثمان الشهيد ران غوئيلي. من جانبها، أفرجت إسرائيل عن 250 سجينًا مؤبدًا، بالإضافة إلى 1700 غزّي اعتُقلوا بعد 7 أكتوبر 2023. علاوة على ذلك، سلّمت إسرائيل 15 جثمانًا غزّيًا مقابل كل شهيد أُعيد.

ينص الاتفاق أيضًا على نزع سلاح حماس وتجريد قطاع غزة من السلاح. ويُعدّ تنفيذ هذا البند الاختبار الحقيقي للاتفاق. تنص المادة 13 من الاتفاق على “تدمير جميع البنى التحتية العسكرية والإرهابية والهجومية، بما في ذلك الأنفاق ومنشآت إنتاج الأسلحة، وعدم إعادة بنائها. وستُجرى عملية نزع سلاح غزة تحت إشراف مراقبين مستقلين، تشمل التفكيك الدائم للأسلحة، وآلية تفكيك متفق عليها”. إلا أن حماس، كما نرى الآن، تُحكم قبضتها على المناطق التي تسيطر عليها، ولا يبدو أنها تنوي نزع سلاحها.

لقد تعهدت حماس والفصائل الأخرى بعدم المشاركة بأي شكل من الأشكال في إدارة غزة؛ وسيتم تدمير جميع البنى التحتية الإرهابية وعدم إعادة بنائها، وستُجرى عملية نزع السلاح تحت إشراف دولي. وبعد إطلاق سراح جميع الرهائن، سيتمكن أعضاء حماس من إلقاء أسلحتهم والحصول على عفو عام، بينما سيُمنح الراغبون في مغادرة القطاع خيار المرور الآمن إلى دول أخرى.

وينص الاتفاق على أن الحرب ستنتهي بانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي إلى الخطوط المتفق عليها. سيتم زيادة المساعدات الإنسانية على نطاق واسع، على الأقل وفقًا لما نص عليه اتفاق 19 كانون الثاني 2025، بما في ذلك إعادة تأهيل البنية التحتية (المياه والكهرباء والصرف الصحي)، وإعادة تأهيل المستشفيات والمخابز، وتوفير معدات لإزالة الأنقاض وفتح الطرق. كما تقرر أن يتم توزيع المساعدات عبر الأمم المتحدة ووكالاتها، والهلال الأحمر، وهيئات دولية أخرى غير تابعة لأي من الطرفين.

ويقترح الاتفاق أيضًا خطة اقتصادية لإعادة تأهيل وتنمية قطاع غزة. وسيُدار القطاع مؤقتًا من قبل لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير سياسية، تُقدم خدمات مدنية وتعمل تحت إشراف هيئة انتقالية دولية جديدة – “مجلس السلام” – برئاسة الرئيس دونالد ترامب، وبمشاركة قادة آخرين، من بينهم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. وستضع هذه الهيئة الإطار العام وتدير تمويل التنمية إلى حين إتمام السلطة الفلسطينية للإصلاحات المطلوبة. أوضحت المادة 17 من الاتفاقية ما سيحدث في حال فشلها: “في حال تأخرت حماس في تنفيذ نزع سلاحها، ستستمر عمليات الإغاثة في المناطق الخالية من الإرهاب التي ستُنقل من الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية”.

وتنص الاتفاقية على أن الولايات المتحدة ستعمل على إنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة، تدخل قطاع غزة. وتشمل المواد من 14 إلى 16 ضمانات إقليمية، وقوة استقرار دولية بدعم من الأردن ومصر، وانسحابًا تدريجيًا للجيش الإسرائيلي – ولكن فقط بعد نزع السلاح الكامل. وستقوم قوة الاستقرار بتدريب ودعم قوات الشرطة الفلسطينية التي ستخضع للاختبار، وستنسق أنشطتها مع الأردن ومصر. وستعمل القوة مع إسرائيل ومصر لتأمين الحدود ومنع تهريب الأسلحة، مع ضمان مرور البضائع بسرعة وأمان.

وفيما يتعلق بالهجرة، تضمن المادة 12 حرية التنقل: “لا يُجبر أحد على مغادرة غزة، ومن أراد المغادرة فله الحرية في ذلك والعودة”. ينص الاتفاق على عدم ضم إسرائيل لغزة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي وفق مراحل وشروط يتم تحديدها بين الجيش الإسرائيلي والقوة الدولية والدول العربية والولايات المتحدة. وفيما يتعلق بدولة فلسطينية مستقبلية، فقد تقرر أنه مع تنفيذ الإصلاحات في السلطة الفلسطينية، ستُهيأ الظروف لمسار موثوق نحو حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم. وتشمل المادتان 10 و11 خطة تنمية بقيادة خبراء من دول الخليج، ومنطقة اقتصادية خاصة برسوم جمركية مخفضة، وتشجيع الاستثمار.

 

مزايا وعيوب الاتفاقية

 

قبل الخوض في مزايا وعيوب الاتفاقية، لا بدّ من التأكيد على أنها أهون الشرّين. كان من الأفضل لو احتلت إسرائيل قطاع غزة بالكامل، وفرضت حكم عسكري مؤقت فيه، وعملت على تفكيك حماس عسكريًا وسياسيًا، كما حددته الحكومة الإسرائيلية في هدفها الحربي الأول. إلا أن الجيش الإسرائيلي لم يرغب، أو لم يكن قادرًا، على تحقيق أي شيء قريب من ذلك لمدة عامين، رغم سيطرته على جميع مقدرات البلاد. انطلاقًا من هذا الفهم، يصبح تحليل الاتفاقية مناسبًا. تقدّم الاتفاقية لإسرائيل مزايا عديدة، تحقق بعضها بالفعل.

أولًا، فيما يتعلق بمسألة إطلاق سراح الرهائن. كانت هذه المسألة جرحًا غائرًا في صميم المجتمع الإسرائيلي، ويُعدّ نجاح إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء، والغالبية العظمى من الرهائن القتلى، إنجازًا تاريخيًا ظنّ كثيرون أنه مستحيل. هذا ليس مجرد نهاية لمعاناة العائلات، بل هو أيضاً إنجاز فكري بالغ الأهمية يُقرّب إسرائيل من النصر الكامل.

ثانياً، الاتفاق الدولي لنزع سلاح حماس وإقصائها من أي دور في قطاع غزة. مع أن هذا الأمر لم يُنفّذ بعد، إلا أن دولة إسرائيل تقف على مفترق طرق لتحقيق هذا الهدف الحربي. يُلزم الاتفاق حماس بالتخلي عن سيطرتها على قطاع غزة ويضمن تدمير جميع البنى التحتية للإرهاب. لم يتضح بعد كيف سيتم تنفيذ هذا البند. لم توافق أي جهة دولية على دخول قطاع غزة والعمل على نزع سلاح حماس. ستحاول حماس التضليل كعادتها، وستكون إسرائيل مُلزمة بضمان نزع السلاح الكامل. في رأينا، من المهم التوضيح هنا أن هناك أصواتاً تُفسّر مفهوم “نزع السلاح” على أنه نزع الأسلحة الثقيلة فقط. جوهر الاتفاق هو نزع السلاح الكامل من القطاع من جميع الأسلحة، بما فيها الأسلحة الخفيفة، ومن الضروري أن تُصرّ إسرائيل على ذلك.

إضافة إلى ذلك، يُعدّ الحفاظ على وجود الجيش الإسرائيلي على أطراف قطاع غزة عنصرًا أساسيًا لضمان تنفيذ بنود الاتفاق الأمنية، ولضمان عدم تشكيل غزة تهديدًا لدولة إسرائيل. كما يُعتبر الإصرار على التواجد في منطقة فيلادلفيا نجاحًا كبيرًا. فقد تبيّن لنا بعد الانسحاب أن الوعود الدولية لا قيمة لها في سياق منع تهريب الأسلحة إلى القطاع. ويُعدّ الحفاظ على هذا التواجد في محيط القطاع ركيزة أمنية حيوية. ويتناول الاتفاق الانسحاب الإسرائيلي في ضوء التقدم المُحرز في تنفيذه. وخلافًا للاتفاقيات السابقة، لا يوجد انسحاب إسرائيلي دون التنفيذ الكامل لكل مرحلة من مراحل الاتفاق. كما يمنح الاتفاق إسرائيل الحق في الحفاظ على “وجود أمني محيطي يستمر حتى يتم تأمين غزة بشكل كافٍ من أي تهديد إرهابي مُتجدد”. وبالتالي، تُكرّس المادة 16 من الاتفاق فعليًا وجود الجيش الإسرائيلي على امتداد محيط قطاع غزة بالكامل على مر الزمن.

تتمثل ميزة أخرى في إعادة إعمار قطاع غزة بشكل مُنظّم، مع اقتصار المساعدات على المناطق الخالية من حماس. وحسب فهمنا، يجب على إسرائيل الإصرار على نزع سلاح حماس قبل البدء بأي عملية إعادة إعمار. كما تُطرح قضية الهجرة على جدول الأعمال. ويُعدّ منح مواطني غزة فرصة مغادرة القطاع بموجب اتفاق دولي واسع، بما في ذلك مصر التي تُمثّل بوابةً للنزوح الجماعي من القطاع، إنجازًا هامًا. وتُتيح هذه الفرصة إمكانية العمل مباشرةً مع السكان لتسهيل الهجرة إلى دول أخرى، بافتراض وجود دول مُستقبلة واسعة النطاق كجزء من الاتفاق.

ومن المزايا الهامة الأخرى عدم وجود دور فعلي للأمم المتحدة في القطاع (باستثناء الشراكة في توزيع الغذاء والمساعدات الإنسانية). وقد نقل قرار مجلس الأمن فعليًا المسؤولية من الأمم المتحدة إلى مجلس السلام برئاسة الرئيس ترامب. كما يستبعد الاتفاق أيضًا وجود السلطة الفلسطينية الفاشلة في القطاع إلى حين تنفيذ إصلاحات شاملة. من غير الواضح ما إذا كانت السلطة الفلسطينية ستتمكن من تنفيذ الإصلاحات اللازمة لضمان فعاليتها، ووقف التحريض، ووقف دعم الإرهاب، ووقف تمويل الإرهابيين الذين نفذوا هجمات ضد الإسرائيليين وعائلاتهم.

تمثل الشرعية الدولية الواسعة لهذا الاتفاق فرصة لإسرائيل لتحقيق أهداف الحرب، والشروع، بالتعاون مع الولايات المتحدة، في تنفيذ الشق السياسي من استراتيجيتها، ألا وهو تطبيق مبدأ “السلام من خلال القوة”. صحيح أن لهذا التدخل الدولي تكاليفه، لكن يجب التذكير بأن لإسرائيل الحق في تحديد الدول التي ستُدمج في الحكومة المدنية التكنوقراطية، والتي ستشكل هيئة الاستقرار المؤقتة. وستعارض إسرائيل دمج قطر وتركيا، الداعمتين لجماعة الإخوان المسلمين، في هذه الهيئة.

على الرغم من المزايا المذكورة أعلاه، فإن مخاطر الاتفاق تستدعي يقظة من جانب القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل. أولًا، قد تؤدي معارضة حماس لنزع السلاح إلى تجدد القتال. وتواصل الحركة تعزيز سيطرتها على الأراضي التي تسيطر عليها، وكذلك على سكان غزة. شهدنا عمليات إعدام في مناطق انسحب منها الجيش الإسرائيلي، وفرض ضرائب على التجار، ومصادرة مساعدات كانت تدخل المناطق الخاضعة لسيطرة حماس.

تسعى تركيا وقطر ومصر إلى ما تسميه “مرونة”، وهو في الواقع تقويض للاتفاق. يُمثل هذا خطرًا جسيمًا، ويجب على إسرائيل التزام الحياد وعدم التدخل في تنفيذ الاتفاق بكامله. ستحاول هذه الدول بكل الوسائل السماح لحماس بالمشاركة في حكومة قطاع غزة من وراء الكواليس، مما يُهدد أي لجنة تكنوقراطية تُشكل لإدارة شؤون غزة.

يُعدّ ذكر الدولة الفلسطينية في الاتفاق (المادة 19) بمثابة حقل ألغام لإسرائيل. فإدراج السلطة الفلسطينية مشروط بإجراء إصلاحات واسعة النطاق. ومع ذلك، ثمة مخاوف هنا أيضًا من ضغوط لتقويض الاتفاق. لم تُحقق إسرائيل نجاحًا يُذكر في تلبية مطالب اتفاقيات أوسلو، بما في ذلك موافقتها على إشراك حماس في الانتخابات تحت ضغط أمريكي، وإنشاء قوة دايتون المسلحة تسليحًا ثقيلًا، أيضًا تحت ضغط وتمويل أمريكيين، وغير ذلك. وثمة مخاوف من أن إسرائيل لن تصمد أمام الضغوط لإعادة السلطة الفلسطينية الفاشلة إلى الواجهة بشعارات جوفاء عن “الإصلاحات”.

أخيرًا، فإن تدخل جهات دولية، بما فيها الولايات المتحدة، في قلب الصراع، وتحديدًا في غزة، حيث تتولى واشنطن مسؤولية تنفيذ الخطة وتعمل القوات الأجنبية في القطاع، قد يُؤدي من جهة إلى توترات غير مرغوب فيها بين إسرائيل وهذه الدول، ومن جهة أخرى، قد يُشكل نموذجًا لمناطق أخرى في الصراع مع الفلسطينيين. وهذا سابقة خطيرة لإسرائيل، ويُهدد قدرتها على العمل باستقلالية من أجل أمنها.

 

أساليب عمل إسرائيل

 

يكمن الاختبار الحقيقي للاتفاق في الانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي المرحلة التي يُفترض أن تقوم فيها حماس بنزع سلاحها والسيطرة على القطاع، كشرط لبدء إعادة إعمار قطاع غزة. إن مقاومة حماس لنزع السلاح تضمن فعلياً عدم تنفيذ هذه المرحلة كما هو مخطط لها. وفيما يتعلق بالحكم، تسعى حماس إلى خلق فجوة واضحة بين التنظيم ولجنة الخبراء التي ستتولى إدارة القطاع.

النموذج الذي تحاول حماس تطبيقه هو نموذج حزب الله في لبنان، وهو نموذج للسيطرة من وراء الكواليس. بما أن جميع الدول التي من المفترض أن تُشكّل قوة الاستقرار قد أعلنت صراحةً أنها لن تستخدم قواتها لنزع سلاح حماس، فإذا لم تُغيّر حماس رأيها ولم توافق على نزع السلاح، فإما أن يستمر الوضع الراهن لفترة طويلة، أو أن يتولى الجيش الإسرائيلي مهمة نزع سلاح حماس، إلا أننا هذه المرة سنتمكن من تنفيذ المهمة دون الضغوط والقيود التي فرضتها قضية الرهائن، ومع سيطرة الجيش الإسرائيلي على جميع الأراضي التي يُسيطر عليها في قطاع غزة. ونأمل هذه المرة، في غياب مجموعة العمل المشتركة التي عارضت فرض الحصار وعرقلت استخدام القوة، أن نتمكن من التصرف بمهنية (وقانونية) لإجلاء السكان من منطقة يُعتزم القتال فيها، ولن نسمح بدخول أي مساعدات إنسانية إلى تلك المنطقة، مما سيُساعد على إتمام احتلال المنطقة والقضاء على حماس مع توفير مزيد من الأمن لقواتنا.

أخذ الاتفاق في الحسبان احتمال الوصول إلى هذه المرحلة، وقد ورد ذلك في المادة 17 منه: “في حال تأخرت حماس أو رفضت هذا المقترح، فإن ما سبق ذكره، بما في ذلك عملية المساعدة الموسعة، سيستمر في المناطق الخالية من الإرهاب والتي ستُنقل من الجيش الإسرائيلي إلى قوة استقرار”. بعبارة أخرى، ستبدأ عملية إعادة تأهيل السكان ومعالجتهم في المنطقة الخاضعة حاليًا لسيطرة الجيش الإسرائيلي، والتي يجري العمل على تدمير بنيتها التحتية التابعة لحماس.

يجري حاليًا وضع ترتيبات متقدمة لتنفيذ المرحلة الأولى من عملية إعادة التأهيل في المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، بهدف توفير بديل جذاب للسكان في المنطقة الخاضعة لسيطرة حماس. هذا بالإضافة إلى فتح باب الخروج من قطاع غزة أمام كل من يرغب بذلك، وسيكون هناك الكثير منهم. بمجرد بدء العملية، سنشهد تزايدًا في عدد السكان الراغبين في مغادرة المنطقة الخاضعة لسيطرة حماس، وسكان آخرين يرغبون في مغادرة قطاع غزة لو سُمح لهم بذلك. وفي هذا الصدد، جرت عملية هادئة خلال الأسابيع الأخيرة، لكن الأعداد لا تتجاوز المئات. تعتمد القدرة على زيادة معدل الخروج بشكل رئيسي على إيجاد دولة مستقبلة توافق على استقبال الغزيين الراغبين في المغادرة بأعداد كبيرة. ومن المتوقع أن نشهد في الشهر المقبل بدء وصول القوة متعددة الجنسيات إلى قطاع غزة. وستتمكن هذه القوة من البدء في إنشاء “مدن نموذجية”، وهي مدن تتمتع ببنية تحتية متطورة للمعيشة، ونظام دعم تديره هيئة السلام. وسيمثل هذا ضغطاً كبيراً على حماس، ما يشجع السكان على مغادرة القطاع الخاضع لسيطرتها.

 

ملخص

 

يمثل اتفاق ترامب نقطة تحول تاريخية: فقد حقق إطلاق سراح الرهائن، وإمكانية تسريح وإعادة تأهيل القوات، ودعمًا دوليًا، وفرصًا لتوسيع تحالفات إسرائيل مع العديد من الدول العربية والإسلامية – وهي آفاق هائلة من شأنها تغيير وجه الشرق الأوسط وتعزيز مكانة إسرائيل كقوة إقليمية. إلا أن المخاطر، ولا سيما الفشل في تجريد حماس وتفكيكها، والضغوط الإقليمية، تتطلب عزيمة وموقفًا حازمًا من القيادة الإسرائيلية.

منذ البداية، انطلقت موجة من الانتقادات للاتفاق ونقاط ضعفه في حماية المصالح الإسرائيلية. عمليًا، منح الاتفاق إسرائيل الحق في تحديد المشاركين في القوة متعددة الجنسيات، وتحديد موقف حماس في كل مرحلة. وخلافًا لمحاولات الترهيب، لن يكون هناك جنود قطريون أو أتراك في قوة الاستقرار متعددة الجنسيات دون موافقة إسرائيلية. وتحتفظ إسرائيل بحق النقض (الفيتو) ضد الولايات المتحدة في كل قضية من القضايا الحاسمة في الاتفاق. حتى البنود الأقل استحسانًا من وجهة نظرنا، بما في ذلك ذكر السلطة الفلسطينية في سياق غزة والدولة الفلسطينية عمومًا، تخضع لقيودٍ كبيرة تضمن أنه قبل أن تتمكن السلطة من المشاركة في العملية، يجب أن تخضع لتغيير جذري، بل وتغيير الرواية الفلسطينية نفسها.

يُسيطر الجيش الإسرائيلي حاليًا سيطرةً كاملةً على كامل محيط قطاع غزة وجميع الأراضي التي يُسيطر عليها. كل خط من خطوط الانسحاب مشروطٌ بالتزام حماس التام بما هو مطلوب منها، فعلى سبيل المثال، الانسحاب الأول مشروطٌ بنزع سلاحها وإزاحتها من السلطة في القطاع.

ليست هذه محاولةً لتصوير الوضع بصورةٍ وردية، بل محاولةً لتقديم رؤيةٍ مُتحكَّم بها. بالطبع، هناك، وسيظل هناك، ضغطٌ كبيرٌ من الدول الموقعة على الاتفاقية، وعلى رأسها تركيا وقطر ومصر، للتخلي عن بعض المطالب، والمضي قدمًا في إعادة الإعمار، وإبداء مرونةٍ في تحديد الحكومة التكنوقراطية، وفي تعريف الالتزام بنزع السلاح الكامل، وغير ذلك.

إن الإصرار على الامتثال الكامل للاتفاقية ومواصلة إنفاذها في مواجهة أي انتهاك من جانب حماس، كما هو الحال الآن، أمرٌ ضروري لإتمام الاتفاقية وتحقيق أقصى استفادة من مكتسباتها. لقد صمدت إسرائيل حتى الآن، وتتفق الولايات المتحدة معها في معظم الأمور. ولضمان استمرار الأمور على المنوال نفسه، من المهم التمسك بنقطة الضعف في الاتفاقية وإظهار القوة كما فعلنا حتى الآن. وكان الإصرار على القضاء على الإرهابيين المحاصرين تحت الأرض في جنوب شرق رفح أو استسلامهم بالغ الأهمية في هذا السياق تحديدًا. فعلى الرغم من ضغوط الوسطاء، وعلى الرغم من رغبة الولايات المتحدة في المضي قدمًا وعدم الخوض في قضية تعتبرها هامشية، إلا أن إسرائيل صمدت وأظهرت تصميمًا، وهذا أمرٌ إيجابي. وهنا أيضًا، منذ البداية، عُقدت مؤتمرات صحفية وتصاعدت المطالبات الشعبية بالاستسلام وتقديم تنازلات، ومع مرور الوقت، رأينا أن إسرائيل لم تتنازل عن شيء وأن هؤلاء الإرهابيين كانوا يموتون أو يستسلمون واحدًا تلو الآخر. لقد وجّه هذا رسالةً إلى العالم العربي والمنظومة الدولية مفادها أن إسرائيل 2025 تعمل وتتصرف بشكل مختلف عن إسرائيل 2023. فإسرائيل تفرض متطلباتها الأمنية على أعدائها وتثبت على موقفها حتى في مواجهة ضغوط خارجية شديدة.

إن “السلام من خلال القوة” ليس مجرد شعار، بل هو واقع يتطلب تطبيقاً مستمراً. وبموافقة الأمم المتحدة والدعم الأمريكي، تواجه إسرائيل فرصة حقيقية، ولكن بشرط أن تفي بوعودها. وسيُحدد الاختبار الحقيقي – نزع سلاح حماس – ما إذا كانت هذه فرصة أم مخاطرة.

-----------------------------------------

 

 

 

 

 

 

يديعوت احرونوت 11/12/2025

 

 

30 مليار شيكل تعويضات الحرب

 

 

بقلم: جاد ليئور

 

مبالغ اعلى من أي وقت مضى لاكثر من 30 مليار شيكل دفعتها ضريبة الأملاك تعويضا عن اضرار الحرب.

نحو 27.5 مليار شيكل دفعتها ضريبة الأملاك للتعويض عن اضرار حرب السيوف الحديدية. على ضرر غير مباشر دفعت سلطة الضرائب مبلغ غير مسبوق بمقدار 22 مليار شيكل وعلى ضرر مباشر دفعت اكثر من 5.5 مليار شيكل.

على اضرار الحرب مع ايران التي استمرت 12 يوما فقط، في اطار حملة “الأسد الصاعد” دفع 2.6 مليار شيكل. هذا ما يتضح من معطيات أفادت بها اليوم سلطة الضرائب بناء على طلب “يديعوت احرونوت”.

يتضح من المعطيات انه منذ 7 أكتوبر 2023، عندما نشبت الحرب التي استمرت لسنتين رفعت ما مجموعه 131.973 ادعاء بالتعويض لضريبة الأملاك. المعالجة لمعظم الادعاءات انتهت منذ الان والمبلغ الذي دفعته الدولة للمواطنين وللقطاع التجاري والزرارعي بلغ حتى الان 5.541.099.726 شيكل (اكثر من 5 مليار ونصف شيكل).

812 الف دعوى رفعت لسلطة الضرائب على ضرر غير مباشر (مثل محل بيتزا تضرر ولم يعد يمكنه أن يعمل لزمن طويل) وبالاجمال دفع على الضرر غير المباشر كما أسلفنا نحو 22 مليار شيكل. من تحليل أنواع الضرر وعدد دعاوى الضرر المباشر، منذ بداية الحرب، تتضح الصورة التالية:

529 دعوى رفعت على اضرار بنى تحتية وخدمات والمبلغ الذي دفع كتعويض يصل الى 361.3 مليون شيكل. عدد اعلى يصل الى 89.128 دعوى تعويض رفعت على اضرار بالمباني، منازل وشقق ومبلغ التعويضات الذي دفع هو الاخر شاذ في ارتفاعه – 4.140 مليار شيكل.

عدد دعاوى الاضرار على السيارات هو الاخر عال على نحو خاص ويصل الى 30.354 دعوى. اما التعويض على الاضرار بالسيارات فيبلغ 518.3 مليون شيكل.

9.661 دعوى رفعت على عتاد ومحتويات، أساسا للمحلات التجارية، المصالح التجارية والمكاتب. مبلغ التعويض يبلغ 374.4 مليون شيكل.

1.369 دعوى رفعها مزارعون على الضرر الذي لحق بالاراضي الزراعية وبالحيوانات في مزارع الإبقاء والدجاج. ويبلغ المبالغ الإجمالي على الضرر حتى الان 61.2 مليون شيكل.

242 دعوى رفعت على الضرر بمخازن المحلات والمصانع ومبلغ التعويض بلغ 81.5 مليون شيكل.

وعلى خسارة الإيجارات دفعت ضريبة الأملاك تعويضا لـ 682 من أصحاب الشقق والمستأجرين بمبلغ اجمالي من 4.5 مليون شيكل.

8 دعاوى رفعت في مواضيع أخرى ومقابلها دفعت ضريبة الأملاك نحو 31 مليون شيكل.

من معطيات سلطة الضرائب عن اجمالي اضرار الحرب مع ايران في اطار حملة “الأسد الصاعد” يتبين انه على 12 يوم حرب فقط دفعت ضريبة الأملاك 2.6 مليار شيكل في 56.766 دعوى، عدد غير مسبوق على حدث أمني استمر اقل من أسبوعين.

43.820 دعوى رفعت على اضرار بالمباني، البيوت الخاصة والشقق. 59.17 دعوى رفعت على اضرار بالسيارات و 6.046 دعوى رفعت على اضرار بالمحتويات.

في سلطة الضرائب أشاروا الى أنه في إطار دفع التعويضات لايام الحرب مع ايران عولجت 9.735 دعوى في اطار المسار السريع فيما عولجت الباقية في اطار المسار العادي.

يشار الى أن مبالغ اضرار الحرب التي عوضت عنها ضريبة الأملاك يجب أن يضاف 255 مليون شيكل نقلت الى مديرية الانبعاث على حساب تعويضات لبلدات الغلاف في اثناء حرب السيوف الحديدية.

 

المسار الأحمر

 

وفي هذه الاثناء اعلن مدير سلطة الضرائب، شاي اهرنوبيتس بان الموعد الأخير لرفع الدعاوى في المسار الأحمر سيمدد بأربعة اشهر، حتى 30 نيسان 2026 وذلك في ضوء توجهات استقبلت من منظمات تمثيلية ورؤساء سلطات اخليت في اثناء الحرب.

المسار الأحمر هو مسار مخصص للاعمال التجارية في بلدات الجبهة التي تضررت من الوضع الأمني وهو يسمح للاعمال في تلك البلدات تلقي تعويض كامل على الضرر الاقتصادي الذي لحق بهم في دعوى واحدة.

------------------------------------------

 

هآرتس 11/12/2025

 

 

أين كانت وسائل الاعلام الحرة عندما قتل آلاف الاطفال في غزة؟

 

 

بقلم: جدعون ليفي

 

مرة كل بضعة اشهر، بشكل عام في سينما تيك أو في مسرح “سافتا”، يجتمع الصحافيون الاسرائيليون في “لقاء طاريء” من اجل “انقاذ الاعلام الحر”. يشارك في هذا اللقاء اشخاص موهوبون في التلفزيون، المحررون، المدراء والمراسلون، والكاهنة الكبيرة ايلانا ديان دائما تلقي خطابات حادة، والجميع يغادرون مع الشعور بانهم يناضلون من اجل انقاذ الديمقراطية. أول أمس التقوا مرة اخرى. “بدون اعلام حر لا توجد ديمقراطية”. كلمات جميلة وصادقة. ديان قالت ان جرافة “دي9” تسير بسرعة وبدون كوابح، ونحن لم نشاهد مثل هذا الرعب من قبل.

كل ذلك صحيح، “دي9” تسير بسرعة، ووسائل الاعلام في خطر. الزائر يشعر بان وسائل الاعلام الشجاعة والمتمردة تناضل على روحها وحريتها. كم هو سهل توجيه الانتقاد لشلومو قرعي وغاليت ديستل اتبريان، ولكن كم هو صعب النظر الى المرآة. لقد جاءت وسائل الاعلام الى اللقاء وعلى وجهها علامة العار المخزية. ولكن هذه العلامة لم يكن لها أي صدى في المؤتمر. مع هذه العلامة لا يوجد لها حق في النضال ضد الحكومة.

حول المس الشديد جدا بحرية التعبير، مسؤولة قبل أي أحد وسائل الاعلام نفسها. ليست الحكومة هي التي صمتت في السنتين الاخيرتين، بل هي نفسها. وضد ذلك لم تكن أي معارضة. وسائل الاعلام هي التي قيدت نفسها بارادتها، وجندت نفسها لاخفاء الحقيقة بسبب عدم الشجاعة والاعتبارات التجارية، من اجل عدم اغضاب مستهلكيها.

الرقابة الذاتية هي اكثر خطرا من أي رقابة حكومية أو عسكرية، حيث انه لا يوجد من يحتج عليها. ضد تغطية الحرب في السنتين الاخيرتين ايضا لن يكون احتجاج. الجميع راضون: الناشرون، المحررون، المراسلون، المشاهدون والقراء. وحتى الجيش مسرور. فقدسيته التي لا شك فيها تمت حمايتها. جميع الاخوة والاخوات يجلسون معا. وسائل الاعلام تقول للجمهور فقط ما يريد أن يعرفه. وسائل الاعلام التي تتمتع بحرية الكتابة والتغطية، والتي زجت برؤساء حكومة في السجن بفضل تحقيقاتها، اختارت تقديم للاسرائيليين العواطف بدل المعلومات، والفن المبتذل بدلا من الموت، والقومية المتطرفة بدلا من الحقيقة. كم هي جميلة وسائل الاعلام عندنا. أكثر من سنتين من الخيانة المشينة لوظيفتها وواجبها، نقل الحقيقة الكاملة عن الحرب.

لقد فقدت وسائل الاعلام الحق في توجيه الاتهامات للحكومة قبل محاسبة نفسها. مؤتمر طاريء؟ هذا ممتاز. والموضوع: كم كذبنا، كم اخفينا، كم اخطأنا، كم لعبنا دور الضحية، كم خدعنا الاسرائيليين. لقد كانت هاتان السنتان من تغطية الحرب في قطاع غزة بدون التطرق للغزيين انفسهم، سنتان من الكلام الممجوج الذي لا ينقطع عن 7 اكتوبر وكأنه لم يحدث أي شيء بعد ذلك، سنتان من تمجيد الابطال والتجاهل الكامل للجرائم.

حتى بدون تشريع قرعي، هذه ليست صحافة. صحافة كهذه لا فائدة من الدفاع عنها. فضررها يفوق فائدتها. محاربو الحرية في مسرح “تسافتا” هم المتهمون الرئيسيون بان صياد من النرويج وفلاح من النمسا شاهدا فظائع الحرب أكثر من الذين اجتمعوا في “تسافتا”. هم المذنبون بتكرار اكاذيب الجيش الاسرائيلي بشكل تلقائي بدون التشكيك فيها. فعندما يدلي سياسي بتصريح لوسائل الاعلام، الجميع يردون بسخرية وريبة. ولكن عندما يدلي الجيش الاسرائيلي بتصريح لوسائل الاعلام فانهم يصمتون بتوتر ويؤدون التحية.

هناك الكثير من القصص عن الضحية الاسرائيلية، لكن بدون أي كلمة عن الضحية الغزية. لا توجد أي اشارة عن وجود بشر في قطاع غزة، باستثناء المخطوفين في الانفاق. لا يوجد أي تشكيك في شرعية الحرب. قصف المستشفيات ومناطق الايواء تم تبريره. وفي النقاشات المملة في الاستوديوهات هناك رأي واحد ووحيد: رأي يشرعن كل شيء. اكثر من 100 معتقل فلسطيني ماتوا في السجون الاسرائيلية. فهل قامت وسائل الاعلام بالتحقيق في ذلك؟ هل اهتمت به؟ لا شيء، مجرد هواء. تعالوا نناضل ضد اغلاق الهيئة الثانية ومجلس الكوابل والقمر الصناعي، التي بدونها الحقيقة ستختنق. ضد اغلاق “صوت الجيش”، صوت اسرائيل الحرة. ديان قالت انه بدونها هي تخشى على مستقبلها في الدولة.

------------------------------------------

 

القناة 12 العبرية 11/12/2025

 

 

نتنياهو أم أردوغان: معركة كسب ودّ ترامب ومفاتيح غزة

 

 

بقلم: اللواء احتياط / اسرائيل زيف

 

يقترب موعد اتخاذ القرار بشأن الجهة التي ستُرسل قوة الاُستقرّار إلى غزة، ومن المتوقع أن يُحسم الأمر نهائيًا خلال زيارة نتنياهو للولايات المتحدة في نهاية الشهر. هذا ليس مجرد قرارٍ عادي، بل هو قرارٌ مصيريٌّ لإسرائيل، لسنواتٍ عديدةٍ قادمة.

للرئيس التركي أردوغان أجندةٌ إقليميةٌ واسعة. فهو يرى تركيا، وخاصةً نفسه، قائدًا للنظام الإقليمي الجديد في الشرق الأوسط. يرى أردوغان تركيا بديلاً إقليمياً لإيران في نفوذها وفي تحديد النظام السياسي والأمني ​​والديني في المنطقة. تتضمن خطته بناء سوريا جديدة، بالدرجة الأولى كوكيل يخدم مصالحه، ثم تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإقامة دولة فلسطينية مستقلة كجزء من المحور التركي الجديد في الشرق الأوسط.

 

الطريق إلى رام الله يمر عبر غزة

 

ينتمي أردوغان إلى الفرع السني لجماعة الإخوان المسلمين، ويُعتبر أكثر تطرفاً في آرائه. لقد بذل أردوغان جهوداً حثيثة ليصبح زعيماً للمنطقة، فبدأ عبر مصر، لكن مساعيه قوبلت بالرفض، ثم أرسل عدة أساطيل إلى غزة، ولم يُفوّت الفرصة بعد الهجوم الإسرائيلي على الدوحة. في تلك اللحظات، شكّل ضغطه على ترامب وقدرته على إجبار حماس على التوصل إلى اتفاق، عاملاً حاسماً في وقف الحرب وتوقيع اتفاق النقاط العشرين.

يستثمر أردوغان ميزانية ضخمة في تعزيز الجيش وتجديده، وبناء صناعة عسكرية مستقلة تُعنى بتصنيع الصواريخ فرط الصوتية وغيرها من الأسلحة. وقد اشترى منظومة الدفاع الجوي “إس-400” من روسيا آنذاك، ويعمل على بناء منظومة مماثلة لمنظومة القبة الحديدية. كما أنه بصدد إبرام صفقة مع إدارة ترامب لشراء طائرات إف-35، ما قد يرفع مستوى قدراته التقنية والعملياتية إلى مستوى إسرائيل.

في سوريا، يُعزز أردوغان سيطرته من خلال إنشاء عدة ميليشيات على غرار تنظيم داعش، تضم كل منها عشرات الآلاف من المقاتلين. ويتمثل دور هذه الميليشيات في منع عودة الحرس الثوري الإيراني، ومواصلة القتال ضد الأكراد وإرهاقهم، وفي نهاية المطاف، نشر قوة تهديدية على حدود إسرائيل. وجتى لو لم يكن واضحا اذا كان هدف أردوغان النهائي هو تدمير إسرائيل، وكانت له تصريحاته كهذه، إلا أنه يسعى بلا شك إلى تحويل التهديد على إسرائيل إلى ورقة ضغط سياسية لتعزيز نفوذه الإقليمي.

 

فخ أردوغان

 

يبذل أردوغان قصارى جهده لنشر قواته في غزة كقوة استقرار. بل إنه يهدد دولًا أخرى سرًا لكي لا ترفض العرض أو تنضم إلى القوة التي يقودها. أجندته في غزة مختلفة تمامًا عن مصالح إسرائيل. اقترح أردوغان تأجيل نزع سلاح حماس لمدة عامين، لكنه في الحقيقة لا ينوي نزع سلاحها على الإطلاق، بل تحويلها إلى ميليشيا مسلحة أقوى بكثير، على غرار تنظيم داعش في سوريا. في الواقع، يريد أردوغان مواجهة إسرائيل على حدودها الشمالية والجنوبية كتهديد طوق قويً على أمن اسرائيل.

في ظل هذا الوضع، حيث سيتم نشر جنود أتراك في غزة، فإن أي هجوم إسرائيلي على تهديد أمني مبرر في غزة، والذي قد يلحق الضرر بجندي تركي، سيُعتبر، بحكم التعريف، إلحاقًا للاذى بالجيش التركي وذريعة للحرب من وجهة نظره.

يُمثل دخول الجيش التركي إلى غزة وضعًا بالغ الخطورة من وجهة نظر إسرائيل، وقد ينتهي بحرب بين إسرائيل وتركيا في المستقبل القريب. تجدر الإشارة إلى أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مما قد يزيد الأمور تعقيدًا. تفضل إسرائيل خيار دخول مصر، بدعم من الدول المعتدلة، الأمر الذي من شأنه أن يعزز بالفعل إمكانية دخول السلطة الفلسطينية إلى غزة، وهو ما تأسف له حكومة نتنياهو، ولكنه بلا شك الحل الصحيح.

سيُتخذ القرار بنهاية الشهر من قِبل الرئيس ترامب، الذي يُولي اهتمامًا أقل لتفاصيل المعنى وأكثر لمن هو أقرب إليه. لن يُحدد قرار ترامب بين نتنياهو وأردوغان من هو الأقرب إليه فحسب، بل سيُحدد أيضًا مستقبل أمن دولة إسرائيل. وقد تتضح عواقب رهان نتنياهو المطلق على ترامب سريعًا، إما لصالح إسرائيل أو لكارثة تُهددها.

-------------------------------------------

 

هآرتس 11/12/2025

 

 

دبوس حبل المشنقة يرمز الى عقد جديد، وهو عقد العنف والموت

 

 

بقلم: يائير غولان

 

 هم لم يفحصوا كم يمكن الذهاب بعيدا، هو اصبحوا يعرفون. هم يعرفون ان الحدود تتحرك، وان الامر الطبيعي تلاشى، وانه لا يوجد شخص بالغ ومسؤول ينهض ويقول لهم: حتى هنا. في “قوة يهودية” علقوا دبوس حبل المشنقة على صدورهم بتفاخر واستفزاز، وبالاساس كبيان: علم جديد رفع في اسرائيل، وكل من نظر شاهد صورة اسرائيل 2025: عقد جديد وقع هنا.

 دبوس المخطوفين كان التعبير البسيط والمؤلم للعقد القديم: الدولة ومواطنوها معا. تضامن متبادل. دولة اسرائيل اقيمت على وعد واحد واساسي: سيدافع الواحد منا عن حياة صديقه، وسنقدس الحياة. هذه الحكومة مزقت هذا الوعد اربا اربا. هذا ليس غريب، لان من رفضوا وضع دبوس المخطوفين فسروا  ان هذا الامر “مضعف”، “سياسي”، و”يضر الوحدة”. هذا لم يكن الحقيقة. هم لم يضعوا الدبوس لانه ذكرهم بالعقد القديم، الجيد، النزيه والانساني. العقد الذي لم يكن بامكانهم تلبيته في الوقت الذي يعملون فيه على تصفيته. لقد علقوا دبوس الموت الذي جاء ليرمز الى موت العقد القديم.

 هنا دخل الى الصورة بنيامين نتنياهو، الذي اخذ الشيء غير المقبول وعمل منه أمر طبيعي. نتنياهو لم يخترع التطور، هو فقط اعطاه ما كان ينقصه: الشرعية. من كان في يوم من الايام يخجل من نفسه في الاقبية التي ليس فيها نوافذ، حصل على منصة وميزانيات وتاييد من رئيس الحكومة. اسرائيل تقف الان امام عقد جديد، وهذا ليس عقد غير واعي، بل هو عقد متعمد ومخطط له ويتم تنفيذه.

 الرموز ليست زينة فقط، بل هي دائما بيانات، هي الطريقة المباشرة جدا التي تفسر فيها الحركات العنيفة للعالم من هي وماذا تريد ان تكون. انظمة وحركات الكراهية على مدى التاريخ غطت دائما نفسها بصورة القوة، العنف والموت. الرمز هو اللحظة التي فيها الايديولوجيا تتوقف عن الخجل من نفسها وتبدأ في التعبير عن نفسها علنا. الرمز يمكن الناس من تشخيص بعضهم البعض، والتجمع وتحديد من هو ليس “من جماعتنا”.

هذا لم يحدث فجأة، وهذا لا يحدث فجأة أبدا. في البداية يكون الامر مجرد “جملة”، بعد ذلك مجرد “رمز”، وبعدها مجرد “مشروع قانون” واخيرا يصبح “هكذا هو الامر”. عندما يصبح “هكذا هو الامر” القاعدة تضعف المقاومة وتتلاشى، وتبدأ في الظهور بمظهر قديم وساذج و”يساري اكثر من اللازم”.

أي شخص ما زال يصمم على التحدث عن الحدود والمسؤولية وقدسية الحياة، يظهر فجاة وكانه شخص يستخدم لغة منقرضة.

ولكن نحن لم نصل الى هذه المرحلة بعد، بل على العكس. لقد اوقفت مقاومتنا التي تمثل الاغلبية الساحقة الانقلاب في كانون الثاني 2023. وبعد 7 اكتوبر خرجت هذه الاغلبية لانقاذ الناس ومساعدتهم واعادة تاهيلهم. وفي السنتين الاخيرتين اثمر الاصرار المدني اعادة الرهائن وانهاء الحرب والحفاظ على استمرارية المجتمع الاسرائيلي. ايتمار بن غفير وجماعته وضعوا دبوس حبل المشنقة لانهم يعرفون اننا غير موجودين هناك، وهم يريدوننا هناك. وما نشاهده الان هو انحراف سريع وخطير: من دولة تقدس الحياة الى دولة تحب خيالات العنف والموت.

دبوس حبل المشنقة ليس الدليل على الامن، بل هو بيان عن فقدان الطريق. والتناقض الاكثر خطرا على الاطلاق هو بين الحديث الطنان عن “الاخلاق اليهودية” والسهولة المريعة التي نتزين بها الان برموز المقصلة.

 من رفض تعليق دبوس المخطوفين ولكنه تبنى دبوس حبل المشنقة لا يجد نفسه في معضلة قيمية. فقد حسم امره، اختار بين الرحمة والانتقام، المسؤولية والتحريض. حسم امره ووقف في الجانب غير الصحيح.

 هذه السنة هي سنة الحسم بين عقدين. العقد الذي قامت عليه دولة اسرائيل – العقد اليهودي، الديمقراطي والليبرالي، القائم على خدمة المجتمع، والآمن والمزدهر، وعقد جديد يعمل على استبداله. عقد التطرف والانتقام والكراهية والعنصرية وتبرير العنف كحل لكل شيء.

 نحن سنحسم الامر في صناديق الاقتراع. ولكن اذا لم ننهض الان ونتحد، سياسيا وجماهيريا، فلن تكون صناديق اقتراع، ولن يتم انقاذ دولة اسرائيل الا بالوحدة الحقيقية حول القيم: قيمة الحياة، الامن، القانون، المساواة والديمقراطية. هذا هو العمود الفقري الذي سينتصر.

-------------------------------------------

 

يديعوت 11/12/2025

 

 

ما يحصل حاليا في الوسط العربي سينزلق في المستقبل الى الوسط اليهودي أيضا

 

 

بقلم: آفي شيلون

 

 1-أحد الأمور الخفية عن العين في كل ما يتعلق بتعقيدات العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة يرتبط بانه بالنسبة لدول عديدة في العالم إسرائيل هامة ليس فقط بانها قوية بحد ذاتها بل وأيضا لكونها مفتاحا للبيت الأبيض. هكذا، مثلا، بعض من رغبة الرئيس المصري، السادات، بالتوقيع على اتفاق سلام مع إسرائيل كان يكمن في رغبته في التقرب عبرها من الولاياتا المتحدة. كما أن مفاوضات السلام التي اجراها الأسد الاب مع إسرائيل في التسعينيات كان يمكن فهمها أساسا كرغبته في التقرب من واشنطن عبر القدس وليس بالذات انطلاقا من تطلع صادق للتوقيع على اتفاق مع إسرائيل.

الاعتقاد بان إسرائيل هي المفتاح للولايات المتحدة يقوم أيضا على أساس أراء مسبقة بشأن القوة اليهودية في أمريكا وكذا على أساس تحليل عقلاني للواقعية السياسية، التي استوعبت القرب الحميم لإسرائيل من القوة العظمى الأكبر في المعمورة.

ما يجري تحت إدارة ترامب يغير الميل في هذا السياق أيضا. بمعنى، إسرائيل هي لا تزال الحليف الاستراتيجي الأقرب للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكن تحت ترامب تصدعت قدرة الوصول الى أمريكا. فمثلا، كل زعيم عربي يريد أن يتقرب من ترامب – انظروا مثلا الجولاني في سوريا او أمير قطر – وللولايات المتحدة توجد مصلحة في العلاقات معه، يتلقى قدرة وصول مباشرة الى البيت الأبيض. التغيير في مكانة إسرائيل في البعد الأقل رواجا من شأنه ان يضعفها في المستقبل، وعدم القدرة على منع بيع طائرات اف – 35 للسعودية ولتركيا هو فقط الطرف البارز والاني لهذا الميل.

2-علم هذا الأسبوع بان إسرائيل ستطلب الغاء مكانة اللجوء للفلسطينيين الذين يسكنون في الضفة وفي غزة مقابل أن يسمح للسلطة بالمشاركة في إدارة القطاع. يوجد منطق جم في هذا مطلب الغاء مكانة اللاجئين الذين يعيشون عمليا في بلادهم وليس خارجها كلاجئين. لكن هذا المطلب لن يكون ذا مغزى الا مقابل استئناف المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين. والا فان موضوع اللجوء سيبقى لعبة اتهامات تناكف بين الفلسطينيين، الذين يصرون على الحق في مكانة لاجيء حتى لابناء الجيش الرابع، وبين الإسرائيليين، الذين يصرون على الغائه دون إعطاء المقابل الوحيد الذي يمكنه أن يصفي هذه المكانة بالفعل: الاستقلال.

3-لقد بدأ تعيين دافيد زيني لرئاسة الشباك بطريقة إشكالية، في حديث قصير دار بين نتنياهو وزيني في السيارة، ناهيك عن ان زيني انزل بالمظلة على الجهاز من الخارج، الخطوة التي وان كانت حصلت في الماضي لكنها هي أيضا شاذة، إذ في الغالب يعين رؤساء الشباك من داخل الجهاز. وقد بلغت الأمور ذروتها عندما احتج رؤساء شباك سابقين ضد تعيين زيني مع تسلمه مهام منصبه. لكن اذا ما حاكمنا التعيين ليس من وراء نظارات سياسية واخلاقية نكتشف أن تعيينات غير عادية بالذات تنجح أحيانا في نفض الافكار التي أصبحت مقدسة رغم انها خاطئة. والمقصود هو القرار الجديد لاشراك الشباك في مكافحة الجريمة في الوسط العربي.

الجريمة في الوسط العربي تستوج معالجة عميقة وفورية قبل كل شيء لان العرب هم مواطنون لا يمكن ان يبقوا سائبين دون اهتمام سلطات القانون. كلما كانوا سائبين فانهم سيتنكرون للدولة اكثر. السبب الثاني هو ان ما يحصل الان في الوسط العربي سينزلق في المستقبل الى الوسط اليهودي أيضا. فالجريمة ليست أمرا يمكن حصرها في حدود ما، وبقدر ما تتعاظم الجريمة في الوسط ومن خلفها يتراكم مزيد فمزيد من المال، فانها بشكل طبيعي ستتجه الى الجمهور المستهدف التالي، الوسط اليهودي. ولما كان في الخلفية يوجد أيضا النزاع القومي فاننا نكون امام وصفة خطيرة لمستقبل الدولة وسكانها جميعا. كان يجمل بالشرطة وغيرها من السلطات أن تنجح في القضاء على الجريمة. لكن اذا كانت غير قادرة، فان مشاركة الشباك ستكون في صالحنا جميعا، عربا ويهودا على حد سواء.

------------------------------------------

 

هآرتس 11/12/2025

 

 

تظهر الاستطلاعات انه لا يمكن لمعسكر التغيير أن يحصل على اغلبية بدون حزب عربي

 

 

بقلم: اوري مسغاف

 

لو انني كنت اشك في انه لدى منصور عباس نية خبيثة، وأنا لا شك في ذلك بل بالعكس، لاعتقدت انه يفعل ذلك بشكل متعمد. هو يعمل على تحسين وضعه السياسي للاثبات بشكل قاطع للمجتمع الاسرائيلي بأنه مجتمع عنصري. لا يوجد أي تفسير منطقي آخر لعدم اهلية عباس للانضمام الى أي ائتلاف في المستقبل. هو المرشح الافضل والاسهل قبوله من قبل اليهود. فما المشكلة في ان يتولى منصب وزير الصحة، المواصلات، البناء والاسكان. اذا لم يكن عباس فمن اذا؟.

في هذا الاسبوع اعلن عباس عن نيته فصل حزب “راعم” عن الحركة الاسلامية وعن مجلس الشورى. هذا يعتبر دراما. تقريبا امر غير معقول. هذا يشبه اعلان حزب شاس عن انفصاله عن مجلس حكماء التوراة، وهذا ايضا يعرض عباس للخطر، لكنه مصمم، معتدل وحكيم دائما. هو ينظر ويرى خطوتين الى الامام. هو بذلك يقوم بتحييد محاولة استبعاده عن الترشح في الانتخابات في المستقبل، واتهام حزبه بأنه من انصار الارهاب، هو ايضا يقدم علاج مبكر لاستئناف التحريض اذا ارادوا تشكيل ائتلاف معه (التحريض على انها حكومة الاخوان المسلمين).

حتى قبل ذلك اوضح منصور عباس بانه لا يرغب في التدخل في مواضيع الامن القومي، وانه يريد حل المشكلات الاجتماعية التي تثقل على المجتمع العربي. هذا في نهاية المطاف هو حلم نظرة تفوق اليهودية تجاه اعضاء الكنيست العرب (“الانشغال بشؤون ناخبيهم”، كأن المواطن العربي محظور عليه تولي مناصب في مجال يتجاوز الجريمة، رخص البناء، البنى التحتية والمجاري). ثم ياتي عباس ويقول: على الرحب والسعة، أنا اريد ذلك.

عباس اوضح ايضا بانه لا توجد لديه أي نية للتدخل في قانون الاعفاء من التجنيد (“هذا ليس من شأننا”). بالمناسبة، الحكومة البيبية الكهانية لم تكن لها أي مشكلة في التوجه في هذا الشهر لحزب “راعم” وجس النبض اذا كان يمكن رشوتهم لتمرير في الكنيست قانون الاعفاء من الخدمة. الطرف الآخر دائما مسموح له ذلك. عباس واصدقاؤه جاءوا واوضحوا: نحن لن نقدم طوق النجاة للحكومة.

ماذا نريد ايضا من اجل ان يتبنى المعسكر الذي يطمح الى انقاذ الدولة من انياب بنيامين نتنياهو ومساعديه، هذا الحزب والاعلان بأنه جزء لا يتجزأ من ائتلاف تغيير مستقبلي؟.

رئيس المعارضة، يئير لبيد، اوضح دائما في السنة الماضية بأن هذا الامر غير وارد. وقد برر ذلك بان الرأي العام في اسرائيل “غير جاهز” و”غير معد عاطفيا” له. ولكن أي رأي عام هذا؟ أنا مستعد له ومعد عاطفيا له، وهناك كثيرون مثلي في معسكر التغيير. بالطبع هناك جمهور آخر غير مستعد لذلك، ولن يكون مستعد له أبدا، بسبب العنصرية والرغبة في أن يكون في السلطة.

نتنياهو، كما نتذكر، غازل “راعم” قبل فترة قصيرة، وكان مستعد لتشكيل ائتلاف معه. حكومة بينيت – لبيد لم تسقط بسبب منصور عباس، بل بسبب مؤيدي شيكلي وسالمان واورباخ، في عرض مهين للاستغلال السياسي. لماذا اذا نكافئهم ونقدم هدية لكل المحرضين والعنصريين؟.

مؤخرا أنا ادير مع آخرين حملة الكترونية من اجل تصحيح الرسم البياني في الاستطلاعات التي تعرض في التلفزيون وفي مواقع الاخبار، ومن اجل ادراج الاحزاب العربية في المعارضة، بدلا من ابعادها ووصفها في فئة “العرب”. وقد بدأنا نحقق بعض النجاح، وهذا له اهمية تعليمية وتوعوية. ولكن لا بد من الاعتراف بان هناك منطق وجيه في الاستبعاد، طالما ان رؤساء المعارضة يرفضون حتى مجرد التفكير في الجلوس مع منصور عباس.

هذا بالطبع غباء سياسي، وهو يشبه قرار المعسكر الاخر، عدم الجلوس مع الحريديين (هم ايضا غير صهاينة ولا يتجندون في الجيش). اذا تم اجراء الانتخابات في السنة القادمة، واذا عكست الاستطلاعات الحقيقة فيبدو ان معسكر التغيير لن يحصل على الاغلبية بدون حزب عربي. انا لا اعرف ماذا ينتظرون. اذا كنتم تريدون تقديم للدولة أمل وبديل وقيادة فيجب أن تبدأوا بمنصور عباس.

------------------------------------------

 

هآرتس 11/12/2025

 

 

كاتس وكيش يفكران الان بالانتخابات التمهيدية، ووجدا الهدف السهل لحملتهما

 

 

بقلم: سامي بيرتس

 

في بداية شهر آذار 2023 اعلن 37 طيار احتياط في السرب القتالي 69، “سرب المطارق”، بانهم سيرفضون التدريب احتجاجا على الانقلاب النظامي. هم لم يكونوا لوحدهم. ففي تلك الفترة كانت تنشر كل يوم رسائل لجنود احتياط من وحدة يهلوم، وحدة 669، وحدة شلداغ، الوحدة 8200 ووحدة مراقبة الحركة الجوية وغيرها، تفيد بانهم لن يخدموا في النظام الديكتاتوري اذا نجح الانقلاب. وفي لحظة الحقيقة التزم الجميع بالحضور. ففي 27 أيلول 2024 كان افراد السرب 69 هم الذين القوا عشرات أطنان القنابل على المقر الرئيسي لحزب الله، الامر الذي نتج عنه قتل رئيسه حسن نصر الله. أيضا شارك نفس هؤلاء الطيارين في الهجمات في ايران واليمن وغزة.

خلال النضال ضد الانقلاب صرح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وقال: “يمكن للدولة ان تتدبر امرها بدون بضعة اسراب، لكنها لن تستطيع ذلك بدون حكومة”. لقد تفاخر في هذا الأسبوع في الكنيست بانه الشخص الذي “ارسل حسن نصر الله الى السماء”. وتبين ان الدولة لا يمكنها أن تستغني عن بعض الاسراب. لذلك، لا احد يسعى الى محاسبة هؤلاء الطيارين. ولكن ذلك لا يمنع وزراء الحكومة من تصفية الحسابات مع الآخرين.

وزير الدفاع يسرائيل كاتس، الذي قرر الغاء تعيين وترقية العقيد جيرمان غيلتمان في منصب قائد مركز قيادة قوات البر، بذريعة انه دعا للعصيان اثناء نضال “اخوة السلاح” ضد الإصلاح القضائي، اختار هدف سهل. هذا ليس تعيين مهم جدا، لكنه بالنسبة لكاتس يكفي لتحقيق هدفين: تشويه سمعة “اخوة السلاح” والصاق صورة “الكابلاني” برئيس الأركان ايال زمير.

وزير التعليم يوآف كيش أيضا يقوم بنضال ضد “اخوة السلاح” ويمنع دخول أعضاء هذه المنظمة الى المدارس. وحتى ان مدير عام وزارة التعليم مئير شمعوني ارسل الى المدارس تعليمات هذا الأسبوع بهذه الروحية بالضبط. شمعوني يطلب من كبار “اخوة السلاح”، “التعبير عن الندم علنا” من اجل ان تقوم الوزارة بـ “فحص إمكانية السماح لهم بالعمل في جهاز التعليم.

خط كاتس وكيش واضح: الحكومة المسؤولة عن الفشل الأخطر في تاريخ الدولة لا تتحمل المسؤولية عن أي شيء، في حين أن المواطنين الذين قاموا بالاحتجاج على الانقلاب النظامي الذي يهدد بتصفية الديمقراطية في إسرائيل، يتم عقابهم بسبب نضالهم. وزير العدل ياريف لفين اعترف في السابق بصوته، في نيسان 2023، بان الخطة التي عرضها في كانون الثاني كانت ستحول السلطات الثلاثة الى سلطة واحدة: “اذا كان يمكن بأغلبية ائتلافية، تعيين عدد غير محدود من القضاة، فسنجد انفسنا في وضع يستولي فيه الائتلاف بالفعل على الحكومة، والكنيست على المحكمة، وتصبح السلطات الثلاثة كيان واحد. هذا أمر لا يمكن ان يحدث في دولة ديمقراطية. وهو مصدر قلق مشروع”، قال.

هذه هي الخلفية التي تقف من وراء التهديد بوقف التطوع، والنضال الذي تقوده حركات الاحتجاج، بما في ذلك “اخوة السلاح”. ان محاولة نسب نية الرفض لهم بدون السياق الذي قدمه لفين نفسه، هي تلاعب في افضل الحالات وكذب في أسوأ الحالات. وهذا أدى الى المظاهرات التي شارك فيها مئات آلاف المواطنين وكتابة عرائض ورسائل من خبراء في القانون، الاقتصاد والاكاديميا، وحتى من جنود في الاحتياط الذين حذروا وتوسلوا بان لا يتم الدفع قدما بإصلاح قضائي بدون توافق.

اذا كان الوزير كاتس حقا معني بتطهير الجيش من معارضي الانقلاب النظامي، كان يجب ان يتخلى عن رجال السرب 69، وليس فقط عنهم، بل عن عشرات الآلاف الاخرين من الأشخاص الذين عارضوا واحتجوا وتظاهروا ضد الخطوات التي حاولت الحكومة، وما زالت تحاول، الدفع بها قدما. مع من كان سيهاجم في ايران؟ من سيعترض الصواريخ الإيرانية في الجولة القادمة؟.

كاتس وكيش يعرفان جيدا انه في لحظة الحقيقة فان المعارضين الأشد لحكومة الفشل امتثلوا وحاربوا، وهم سيفعلون ذلك أيضا في الجولة القادمة. هما ببساطة تعلما ان الاستقطاب هو وقود جيد للانتخابات التمهيدية لليكود، وحرف النظر عن مشروع تهرب الحريديين – الذي هو بمثابة الرفض الحقيقي – وعن ضرورة تشكيل لجنة تحقيق رسمية.

-------------------------------------------

هآرتس 11/12/2025

 

كيش.. وزير تعليم بحلة عسكرية: سأعتقل المدير والمعلم والتلميذ

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

وزير التعليم، يوآف كيش جعل وزارة التعليم ذراعاً للانقلاب النظامي والدعاية البيبية. ولايته ستذكر كفترة ملاحقة سياسية، وإسكات أصوات نقدية وانفلات على المعلمين والمدراء ممن لا يسيرون على الخط مع الحكومة واحتياجاتها. في الأسبوع الماضي، بضغط من كيش، أمر مدير عام وزارة التعليم، مئير شمعوني، بحظر دخول أناس منظمة “إخوة السلاح” إلى المدارس. وقبيل لجنة التحقيق السياسية لـ 7 أكتوبر التي أقامتها الحكومة، فإنها هي وأذرعها يديرون حملة ضد “إخوة السلاح”، بهدف استهدافهم كمذنبين في المذبحة. لقد ربط كيش جهاز التعليم بحرب الوعي. بالتوازي، يتواصل الصراع ضد منتدى العائلات الثكلى الإسرائيلي – الفلسطيني الذي أخرجه كيش في 2023 من سجل البرامج الخارجية لوزارة التعليم. كل هذا مع أن المحكمة سبق وقضت بأن الوزارة لم تستند في قرارها إلى الحقائق، بل وأمرت بإعادة البرنامج إلى سجل وزارة التعليم. بالمقابل، دخل برنامج منظمة اليمين المتطرف “إن شئتم” هذه السنة إلى السجل لأول مرة.

كما أن “إصلاح الجذور” الذي قاده كيش، مس بقدرة مدراء المدارس على اختيار برامج تعليم اليهودية لمنظمات ليبرالية وتعددية، وأبقى لها برامج ونشاطات جمعيات يمينية متطرفة وعنصرية.

 في كانون الثاني 2023 أعلن كيش بأن “محافل سياسية” ستدخل إلى المدارس بإذنه فقط. وبمرور نحو ثلاث سنوات، بدا واضحاً أن المحافل السياسية الوحيدة التي تزعج وزير التعليم هي تلك التي يشخصها كمن ينتمي إلى المعسكر المعارض للحكومة وللانقلاب النظامي. كل من يشخص مع المعسكر “غير الصحيح” يتعرض للهجوم. ثمة معلمون ومدراء يقالون أو يستدعون للاستماع بسبب تعبيرات لهم في الشبكة ضد الحرب أو ضد الحكومة. أما المدارس التي تستضيف ممثلي حركات تشجع المصالحة فباتت تستدعى للاستيضاح، وحتى تلاميذ تجرأوا على نقد الحكومة أو من دعوا لإعادة المخطوفين، تعرضوا للتنديد من الوزير المسؤول عن تعليمهم. رجال التعليم الذين تحدثوا في صالح الانقلاب والحكومة لم يثيروا أي رد فعل من جانب الوزير.

 

إن الرسالة الموجهة لرجال التعليم والتلاميذ هي الملاحقة والإسكات، تنطوي على طاعة عمياء، وولاء للحكم بكل ثمن، ودحر للقيم الإنسانية والديمقراطية. على الجمهور أن يفهم بأن الانقلاب النظامي في التعليم يجري الآن وثمة حاجة للدفاع عن المدراء والمعلمين الذين يبدون شجاعة ويعارضون الرقابة العسكرية من وزير التعليم – مثل أولئك الذين وقعوا هذا الأسبوع على كتاب لمدير عام الوزارة وناشدوه بالتراجع عن قراره. إذا لم يقف الجمهور الحر بالمرصاد، فالتعليم الرسمي سيستمر تحوله إلى إعادة تعليم.

-----------------انتهت النشرة---------

disqus comments here