الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاربعاء 17/9/2025 العدد 1411

الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس/ ذي ماركر 17/9/2025
الخطة الكبيرة لسموتريتش هي جذب لاسرائيل صناديق التحوط بواسطة تسهيلات ضريبية
بقلم: ميراف ارلوزوروف
الخطة الرئيسية التي يخطط لها وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، قبل ميزانية 2026، هي جذب صناعة صناديق التحوط الضخمة الى اسرائيل، بواسطة سلسلة التسهيلات الضريبية التي سيتم اعطاءها لصناديق التحوط، ولا سيما لمدرائها. دفع ضريبة ربح على رأس المال بدلا من ضريبة الدخل، اعفاء من ضريبة القيمة المضافة، أو اذن بامتلاك اصول غير قابلة للاتجار بمبلغ كبير. حسب معرفتنا يتم فحص امكانية اعطاء لصناعة صناديق التحوط ضريبة شركات منخفضة.
الحديث يدور عن صناعة ضخمة، صناعة استثمارات مالية مع حجم اصول يقدر بـ 5 تريليون دولار، التي وجودها في اسرائيل حتى الآن كان ضئيل جدا، 20 مليار دولار. مراكز صناديق التحوط توجد في المراكز المالية العالمية مثل نيويورك، لندن وباريس، ومن هناك هم يستثمرون في صناديق استثمار خاصة في كل ارجاء العالم. مدراء صناديق التحوط الكبيرة هم من اصحاب المليارات.
حتى الآن لم يكن لصناعة التحوط ما تبحثعنه في اسرائيل، التي هي اقتصاد صغير بالنسبة لاحتياجات هذه الصناعة الضخمة، لكن عدة ظروف تخلق فرصة جلبها لاسرائيل. من بين هذه الظروف: تصاعد اللاسامية التي تهدد الكثير من اصحاب رؤوس الاموال اليهود الذين يعملون في هذه الصناعة، الزيادات الضريبية التي يخطط لها حتى في نيويورك ولندن.
تل ابيب بدلا من ميامي؟
بسبب رفع الضرائب فان التقدير هو أن عدد غير قليل من مدراء صناديق التحوط يفحصون مغادرة نيويورك ولندن، وبدلا من الانتقال الى ميامي فان وزارة المالية برئاسة سموتريتش تريد جذبهم الى البلاد. القصد هو ان مدراء صناديق التحوط سيفتحون مكاتب لهم في اسرائيل، ويدفعون ضرائب على ارباحهم الشخصية الضخمة هنا، وخلال ذلك الامل هو ان تتحول اسرائيل الى مركز مالي، وحتى جزء من اموال الاستثمارات ستتدفق للاقتصاد المحلي.
من اجل جذب مدراء صناديق التحوط لفحص فتح مكاتب في تل ابيب فان وزارة المالية تفحص ان تعرض عليهم عدة تسهيلات ضريبية بارزة، الاهم من بينها اعطاء نسبة ضريبة مخفضة لصناديق التحوط، وهو نوع من قانون تشجيع استثمار رأالمال محدد في هذا الفرع. مع ذلك، من غير الواضح اذا كان يمكن عرض ضريبة مخفضة فقط على صناديق التحوط، وليس للمؤسسات المالية الاخرى التي تعمل في اسرائيل.
احتمالات اخرى يتم فحصها الان هي الاعتراف بدخل مدراء الصناديق كارباح مالية وليس كأجور. هذا يعني ان الضريبة التي ستفرض على المداخيل الشخصية ستكون 30 – 35 في المئة (هذا يتعلق هل مدير الصندوق يعتبر شخص له سيطرة)، بدلا من ضريبة 50 في المئة على الراتب. اضافة الى ذلك تفحص احتمالية الغاء طلب القيمة المضافة على الارباح التي يتم سحبها، وكما يبدو ايضا تسهيلات فيما يتعلق بحجم الاصول غير القابلة للاتجار، التي يمكن الاستثمار فيها.
الخطة التي يؤمن بها سموتريتش توجد في مرحلة الاعداد، وهي من شانها ان يتم شملها في اطار ميزانية 2026. ولكن من غير الواضح هل ستكون هناك ميزانية للعام 2026، وهل ستكون هناك كنيست لشرعنة هذه الخطة.
اضافة الى ذلك الخطة ترتكز على جذب اليهود الاثرياء بحيث يشعرون انه من الاكثر امنا العيش في اسرائيل بدلا من العيش في نيويورك أو لندن. ومن غير المؤكد ان اسرائيل جذابة بما فيه الكفاية الآن، وبالتاكيد ليس بعد خطاب اسبرطة الذي القاه رئيس الحكومة ويبث رسالة انغلاق عن العالم – بالضبط خلافا للاستثمارات العالمية التي صناديق التحوط لها خبرة فيها.
بكلمات اخرى، الخوف هو من ان تعرض اسرائيل تسهيلات ضريبية مبالغ فيها، ولكن في نهاية المطاف من سيستفيد منها هم بالاساس اصحاب رؤوس المال المحليين، بدون أن ياتي ما يكفي من نظرائهم في العالم.
------------------------------------------
هآرتس 17/9/2025
نموذج التقليد لهتلر وموسوليني في تصاعد
بقلم: تسفي برئيل
احتلال غزة يمكن ان يوفر صورة النصر المطلق لدولة اسرائيل. لانه ليس ايران، سوريا أو لبنان، وبالتاكيد ليس الحوثيين، هم العدو المثالي الذي لم ينجح بنيامين نتنياهو في تدميره، بل المنظمة التي رعاها لسنوات كذخر استراتيجي وايديولوجي. حماس كان يمكنها ان تكون العبوة الجانبية التي ستحطم اعتبار م.ت.ف والسلطة الفلسطينية كممثلة حصرية للشعب الفلسطيني. وهكذا تمنع الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية. هذه كانت شراكة رائعة استمرت لسنوات، ومنحت حماس شبه دولة في غزة ومنحت نتنياهو تحقيق حلم ارض اسرائيل الكاملة، الى ان قامت حماس بخيانة شريكها وفشلت في تحقيق هدفها.
يبدو ان حماس انهت دورها كوكيل لنتنياهو، ويجب تصفيتها، حتى لو كعقاب على افشالها الاستراتيجية المسيحانية التي حاربت ضد حل الدولتين. ولكن السيطرة على غزة ليست فقط قصة اخرى للانتقام. فانتقامها على المذبحة، التي ارتكبتها حماس في 7 اكتوبر، في ظل الاهمال الكامل لنتنياهو، استنفدته اسرائيل منذ فترة طويلة. مقابل كل قتيل اسرائيلي دفع الفلسطينيون ثلاثين ضعف واكثر. ومقابل كل بيت تم احراقه في نير عوز أو في سدروت تم محو احياء ومدن كاملة. عشرة آلاف فلسطيني أو عشرين ألف آخرين، الذين سيقتلون في حملة التدمير الحالية، لن يضيفوا أي شيء لحلاوة الانتقام. الذي مكانه احتلته الحاجة الى الحفاظ على النظام، حتى لو كانت نتيجتها هي تدمير الدولة الأم، التي ستصبح دولة كل مستوطناتها في غزة، الضفة، جنوب لبنان وغرب سوريا.
هذا الدمار واضح ليس فقط في ساحات القتل في غزة، بل قام بمحو كل قيمة انسانية واخلاقية، ومد كل قوة الجيش الاسرائيلي حتى الحد الاقصى، والقى، وسيلقي ايضا، عبء اقتصادي يصعب تحمله وحول اسرائيل الى دولة منبوذة. مهندس مشروع الدمار الوطني احسن في تعريفه عندما قارن اسرائيل باسبرطة، التي ليست فقط رمز للقوة العسكرية والبقاء والشجاعة، بل هي نموذج تقليد لهتلر وموسوليني. في الكتاب السري لهتلر الذي ألفه في 1928 بعنوان “الكتاب الثاني لهتلر” ونشر فقط بعد الحرب، كتب: “ان سيطرة 6 آلاف اسبرطي على 350 ألف لوتي كانت فقط بفضل تفوقهم العنصري… هم اوجدوا الدولة العرقية الاولى”.
اسبرطة التي تم تدميرها وخلفت ارث رمزي، بعثت الآن للحياة في اسرائيل. واذا كنا حتى الآن “اكتفينا” بتشخيص العمليات التي شكلت اسرائيل كدولة فاشية تستند الى التفوق العرقي، فان الحرب في غزة ستستكمل هذه العمليات وهي الآن تراكم انجازات ايديولوجية مدهشة. فقد افسدت معظم الاجهزة التي دافعت عن الديمقراطية في اسرائيل، وحولت جهاز القضاء الى خرقة بالية خائفة، ووظفت نظام التعليم لتلقين عقائدي قومي ديني، الذي يملي الخطاب الايديولوجي “الصحيح” على وسائل الاعلام، السينما والمسرح، ويصف من لا يؤدون التحية للحاكم بأنهم خونة، والامل باستبدال النظام في الانتخابات تعتبره خيار. خلافا للانظمة الديكتاتورية “التقليدية” التي تقوم بقمع معارضيها، فانه يمكن للحكومة الاسرائيلية حتى استخدام المعارضة كجوهرة تتباهى بها، جوهرة تعزز صورتها كحكومة ديمقراطية تمثل “ارادة الشعب”.
المشكلة هي ان سيطرة عصابة على دولة لا تشبه عملية عسكرية تنتهي باستسلام العدو. صيانة النظام تحتاج الى نضال دائم ضد الاعداء المحتملين في الداخل، وبالاساس هي تحتاج الى شرعية جماهيرية ثابتة. هنا تكمن المهمة الجديدة لغزة وحماس. لان بقاء اسبرطة الاسرائيلية مرهون بوضع حرب دائمة. البشرى الجيدة هي انه حتى لو تمت تصفية آخر عضو في حماس فانه سيبقى اكثر من 2 مليون غزي، الذين سيضمنون ان احتلال غزة سيبقى فقط المقدمة للحرب الخالدة، التي ستخلد خضوع الجمهور الاسرائيلي لنظام العصابات الذي يسيطر عليه.
------------------------------------------
إسرائيل اليوم 17/9/2025
بين العزلة السياسية والفرصة الأخيرة
بقلم: شيريت افيتان كوهين
بين عزلة سياسية وفرصة أخيرة من البيت الأبيض – إسرائيل تأخذ الفرصة الأخيرة لتصميم نهاية الحرب في غزة بالانتصار على حماس.
المصاعب في الطريق لاحتلال مدينة غزة لم تعطي بعد مؤشراتها في الميدان كما عرضت حول طاولة المداولات. فرئيس الأركان لم يبدِ اهتماما بمعركة أخرى تقرب الجيش الإسرائيلي من حكم عسكري من جهة، في الوقت الذي عمل فيه الاتحاد الأوروبي بتسارع على قرارات من المتوقع لها أن تبقي إسرائيل منهكة في الميدان الاقتصادي.
الكتف الوحيدة التي أعطيت للمستوى السياسي برئاسة نتنياهو الذي قرر مع ذلك عدم التنازل عن هدف الحرب، تقويض حماس، توجد في مكان هام بقدر لا يقل، وربما اكثر بكثير – في إدارة ترامب في الولايات المتحدة.
ليست كبوة لفظية
كرر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو تعهدات الإدارة في القدس في بداية الأسبوع فقط؛ إعادة كل المخطوفين ومستقبل بدون حماس لقطاع غزة، والاهم من ذلك – لإسرائيل.
غير انه بينما يستند هو الى ترامب، فان نتنياهو قلق جدا ولا يفلح في إخفاء ذلك. هو قلق من عزلة سياسية ومن تحول إسرائيل الى منبوذة بين أمم العالم الغربي. وبينما وزراؤه الكبار واثقون من أن هذه كبوة لفظية، فان مقربيه يقولون ان هذا اعتراف بالتوقع.
الدليل على ذلك – الاجتماع في وزارة المالية لم يكن المرة الأولى التي يتحدث فيها نتنياهو عن اسبرطة. في المساء السابق، في المداولات الأمنية الضيقة مع قيادة جهاز الامن عن المعركة في مدينة غزة، كرر نتنياهو كلمة بكلمة امام الحاضرين التوقع المفزع: علينا أن نكون جاهزين لان نكون متعلقين بانفسنا.
هذا الدرس تعلمه في عهد إدارة بايدن، حين فرضت عليه الإدارة السابقة حظر سلاح وحشي مغلق بكلمات جميلة عرض مقاتلين للخطر في ميدان المعركة – بدون D9 جديدة ودون قذائف. في حينه في الأحاديث معه بدا نتنياهو قلقا. قلقا جدا.
والى جانب الكشف عن المخزونات الامريكية الفارغة في إسرائيل في 7 أكتوبر بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا – وسعت إسرائيل خطوط الإنتاج وبدأت بالعمل على انتاج الذخيرة 7/24.
إذن ما هو مصدر التوقع المفزع الجديد؟ التهديدات التي تطلق من جانب دول أوروبية والتي كما وصفها نتنياهو جيدا خاضعة لابتزاز مهاجرين مسلمين من الداخل.
هذه الأمور سرعت الاعتراف الذي احتل مكانا محترما في استنتاجات لجنة نيجل – الانتقال الى انتاج أمني مستقل كي لا نحتاج في الحروب التالية الى الاذن على كل قذيفة يطلقها جنودنا في المجال. سلسلة تفسيرات نتنياهو فور النبوءة السوداء جاءت لمنع وضع من العزلة السياسية الناشئة من العدم بهراء لسانه. وقد كان ملزما بذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده امس وشرح فيه مرة أخرى بانه قصد موضوع الاستقلال الأمني فقط.
على حد قول نتنياهو يوجد تأثير على البورصة والأسواق ويفضل إيضاح متأخر على صمت طويل. ومع ذلك لا يمكن تجميل الواقع السياسي التالي: للخطوات ضدنا في الأمم المتحدة وفي الاتحاد الأوروبي قد يكون تأثير شال على إسرائيل في ارجاء العالم.
مع كل الاحترام للتهديد بالمقاطعة في مسابقة الايروفزيون يدور الحديث عن اكثر من مسابقة غناء تشارك فيه إسرائيل أم لا.
حل وسط – بكاء للأجيال
هذا هو السبب الذي على أساسه تكون المعركة على مدينة غزة هي مثال الرهان الكبير الذي اخذه نتنياهو في الإصرار على استمرار الحرب، في ضوء جر الارجل من جانب حماس ومطالبها الوقحة. في هذه المرحلة كان يمكنه أن يخرج ويشرح بان الائتمان لمواصلة الحرب نفد وينبغي تقليص الخسائر، اخذ المخطوفين والايفاء بمطالب حماس. لكن في نظرة مستقبلية فان مثل هذا الحل الوسط – لو استسلم له لكان مثابة بكاء للاجيال. حماس كانت ستبقى على حالها ومواطنو الغلاف كانوا سيبقون على بؤرة الاستهداف، ولاحقا سكان إسرائيل كلهم.
فالجبن في المجال يعد ضعفا والهروب يستدعي الهجوم التالي. دخول الجيش الإسرائيلي الى غزة بتعليمات من المستوى السياسي لن يكون سهلا وسيستغرق اكثر من شهرين. كما أن هذه ستكون المعركة الهامة الأخيرة في القطاع وهي تستهدف تحقيق ما لم يتحقق حتى الان – خضوع حماس لمطالب إسرائيل، إعادة المخطوفين وشروط نهاية تضمن أمنا طويل المدى.
لهذا الغرض سيتعين على نتنياهو أن يواصل حركاته في الساحة السياسية كي يمنع سيناريو عزلة مطلقة من جهة وتوفير مستقبل ازدهار وأمن من جهة أخرى – من خلال انهاء المهمة العسكرية.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت 17/9/2025
الجيش الإسرائيلي: نفذنا 800 غارة بقصف جوي شديد في أسبوعين.. ندمّر ونطرد
بقلم: يوآف زيتون
المناورة بين الرهائن الأحياء وساحات تفجير هو أسلوب سلاح الجو الجديد لحماية المقاتلين بعد حوالي عام ونصف من مغادرتهم أحياء غرب مدينة غزة، حيث عاد مقاتلو الجيش الإسرائيلي إليها – بعد أن غطت حماس المنطقة بعبوات ناسفة مخفية. واستهدفت عشرات الغارات الجوية مواقع التفجير هذه في الساعات الأولى من المناورة، حتى تتمكن الدبابات وناقلات الجند المدرعة من العبور بأمان. هذا هو الهدف الرئيسي لحماس.
لمدة عام ونصف، لم يكن مقاتلو الجيش الإسرائيلي موجودين هناك. تقدمت قوة مدرعة إلى وسط مدينة غزة الليلة الماضية، وعبرت دبابات ميركافا شارعًا شاهقًا مزدحمًا لأول مرة – متضررة، لكنها لا تزال واقفة. ثم، قبل أن تتمكن الدبابات من الصعود إلى منحدر تحميل ضخم عند تقاطع رحوفوت، ظهرت مروحية هجومية من طراز أباتشي في السماء.
قال العميد “ج”، رئيس قسم حماية الحدود، والمسؤول عن التعاون مع القوات البرية في سلاح الجو، لموقع “Ynet” “انقلب الوضع هناك رأسًا على عقب، وقصفنا المنطقة على الفور لضمان عدم رفع أي إرهابي رأسه أو حتى التفكير في الركض نحو الدبابات وتركيب عبوة ناسفة عليها أو رميها عليها”. وأضاف: “سيكون التحدي الأكبر هو تنفيذ كل هذا عندما يكون الرهائن في المنطقة”.
من بين نحو 100 غارة جوية نفذها سلاح الجو خلال الساعات الاثنتي عشرة الأولى من المناورة الجديدة في مدينة غزة، استهدفت العشرات منها مواقع عبوات ناسفة تم تحديدها ليلاً. وقد استفادت حماس من هذه المناورة وغيّرت أسلوبها، وتمكنت من دفن جزء كبير من العبوات الناسفة بين الأنقاض، أو في الطوابق العليا من المباني، لحفرها في الجدران الخارجية، وطلائها وتجصيصها بطريقة لا تراها العين المجردة. كما استخدم بعض الإرهابيين صناديق ذخيرة فارغة تابعة للجيش الإسرائيلي، كانت قد تركتها قوات الجيش خلفها بالمئات، إن لم يكن بالآلاف، في جميع الأحياء التي داهمتها وناورت فيها على مدار ما يقرب من عامين من القتال. ملأ إرهابيو حماس “الصناديق” بالإسمنت، الذي احتوى على متفجرات شديدة الانفجار. كما جهزتها المنظمة الإرهابية بكاميرات صغيرة مخفية للمراقبة والتشغيل عن بُعد. بعض هذه المواقع مُموّهة أيضًا بـ”الطاقة الخضراء”: حيث قامت حماس بتوصيل الكهرباء إليها من ألواح شمسية تبدو بريئة، وهي أيضًا محور المطاردة الجوية. وقد قضى سلاح الجو على مئات الإرهابيين خلال الأسبوعين الماضيين، مما عطّل أيضًا انتشار هذه البنى التحتية الإرهابية.
شُنّت سلسلة من الغارات الجوية لعزل المنطقة، خشيةً من أن يخرج الإرهابيون من مخابئهم بعد تفجير العبوة الناسفة لاختطاف الجنود الجرحى أو القتلى. ويُقدّر الجيش الإسرائيلي أن حماس وضعت لنفسها هدفًا محوريًا يتمثل في تحقيق إنجاز في الأيام الأولى، وهو اختطاف مقاتل مشارك في مناورة، لتحفيز ما يُقدّر بـ 2500 إرهابي متبقٍّ في المدينة. أما البقية، فيفرّون جنوبًا مع السكان، إلى بلدات النازحين في منطقة المواصي.
لم تعد حماس تمتلك صواريخ آر بي جي أو كميات كبيرة من البنادق وذخيرة القناصة التي كانت تمتلكها في بداية الحرب، لذا فإن التركيز الرئيسي ينصب على مواقع العبوات الناسفة. العديد من المتفجرات هي فضلات الجيش الإسرائيلي من الحرب – من قذائف الهاون عيار 107 ملم من كتائب المشاة إلى قنابل سلاح الجو الإسرائيلي الضخمة غير المنفجرة. تميز اليوم الأول من المرحلة البرية من عملية عربات جدعون الثانية، كما هو متوقع، بحد أدنى من الاحتكاك مع الإرهابيين بسبب دخول الجيش الإسرائيلي القوي إلى غرب مدينة غزة. وعلى عكس المناورة الأولى، التي دخل فيها الجيش الإسرائيلي بثقة أقل ولم يسمح للعديد من المقاتلين بمغادرة مواقع الجيش الإسرائيلي إلا بعد بضعة أيام، دخل المقاتلون هذه المرة أيضًا سيرًا على الأقدام منذ البداية. ومن المتوقع أن تنتظر حماس في الأنفاق والفتحات بينما تثبت القوات نفسها في المواقع الدفاعية والمنازل التي ستحتلها، وبعد بضعة أيام، ستحاول الضرب بعمليات حرب العصابات.
لقد نفذنا عملية ” عربات جدعون 2″ لمدة عشرة أيام، في مرحلة القصف الناري، لضرب البنى التحتية الإرهابية العديدة في المدينة، بأكثر من 800 غارة في أقل من أسبوعين”، كما وصف العميد “ج” من سلاح الجو. “نُفذت معظمها بطائرات بدون طيار وطائرات مقاتلة، وهي الآن تحلق على مدار الساعة في سماء غزة، وهي متاحة للقوات البرية.”
استبدال “النقر على السطح” – “المنبه”
سيستخدم سلاح الجو أيضًا أسلوبًا في الضربات لإجلاء السكان، يُعرف باسم “المنبه”، وهو قريب من “النقر على السطح”. هذه ذخائر صغيرة تسقط بالقرب من الملاجئ المكتظة بالسكان، مسببةً انفجارات هائلة ولكن أضرارًا مادية طفيفة، مما يشجع السكان على الفرار. في الوقت نفسه، لا يزال نصف مليون شخص في مدينة غزة، وفقًا لتقديرات الجيش الإسرائيلي الحالية، ومن المرجح أن نرى في الأيام القادمة صورًا لمقاتلين يقفون بين الأنقاض، ونساءً وكبارًا في السن. والأطفال يحملون الرايات البيضاء ويسيرون على الطريق الساحلي باتجاه دير البلح.
قال الجيش الإسرائيلي: “تبذل حماس جهودًا حثيثة، باستخدام العنف الشديد والتهديدات، لمنع هذا التسلل من المدينة، لكنها لا تنجح. سيُشنّ القتال على مراحل، أولًا بقوات من فرقتين دخلتا غرب المدينة، من الفرقتين 162 و98، ثم ستنضم إليهما قوات من الفرقة 36. المدينة محاطة بقوات من الفرقة 99 وفرقة غزة، اللتين تدافعان عن المنطقة”. وفقًا للخطة، من المفترض أن تستمر العملية في المدينة لهزيمة لواء حماس في مدينة غزة حتى كانزن الاول، ولكنها قد تستمر بعد ذلك، لأننا سنعمل بشكل منظم ومنهجي ومتواصل.
أبقى الجيش الإسرائيلي مئات المقاتلين لمهام الدفاع عن النفس في المواقع في خان يونس، و”ماجن عوز” و”موراغ”، بالإضافة إلى المواقع الأمامية والدفاعية التي تحرس محور فيلادلفيا في رفح. معظمهم من جنود الاحتياط الذين حلوا محل القوات النظامية. وأضاف الضابط الكبير في سلاح الجو: “لذلك، نحن أقوياء من الجو هناك أيضًا، ونتواصل ونعمل مع القوات البرية في المدافعين في خان يونس”. “لقد زدنا عدد خلايا السيطرة والهجوم لدينا. حماس تتعلم وتتغير، ونحن كذلك، وقد استعدينا خصيصًا للقتال إلى جانب الرهائن بطريقة لم تكن موجودة طوال الحرب. كل هجوم يحصل على موافقة إدارة الرهائن المشتركة والمخابرات العسكرية، ويتم اتخاذ أقصى درجات الحذر”. هذا هو التحدي الأعظم في هذه المعركة، وكل قوة مهاجمة وقائدة، بما في ذلك المسيرات الجوية، تتلقى إحاطة خاصة بهذا الأمر قبل كل وردية عمل.”
------------------------------------------
هآرتس 17/9/2025
واشنطن وراء “أفظع الجرائم” وأوروبا ملت الأكاذيب.. والخليج: “فرصة ترامب الأخيرة”
بقلم: ليزا روزوفسكي
الحكومة تحاول تقزيم معنى ما قالته لجنة التحقيق المستقلة من قبل الامم المتحدة بانها ترتكب ابادة جماعية في غزة. وربما ايضا ان دول كثيرة في الغرب كانت تفضل كبت هذه الاستنتاجات أو التشكيك فيها. ان الذين هم مستعدون، رغم الشعار المتكرر حول الرغبة في “انهاء الحرب”، لاعطاء اسرائيل اعتماد غير محدود لاصدار مثل هذه الفظائع هم الامريكيون. اسرائيل بدأت عملية مدمرة في مدينة غزة بعد بضع ساعات على قول وزير الخارجية الامريكي ماركو روبيو اول أمس، وهو بجانب نتنياهو، ان الولايات المتحدة تفضل السير في الطريق الدبلوماسية، لكنها تفهم انه من المرجح أن لا يكون هناك خيار عدا عن القيام بـ “عملية مركزة”. واذا كان هذا لا يكفي، قبل لحظة من انعقاد الجمعية العمومية للامم المتحدة التي يتوقع فيها حدوث تصادم مباشر بين اسرائيل والعالم، حيث ينتظر الجميع رؤية ماذا ستكون خطوات “الثأر” لاسرائيل على الاعتراف بدولة فلسطينية، يمد ترامب لنتنياهو المزيد من حبل النجاة – دعوة مامولة الى البيت الابيض بعد خطابه التوبيخي المتوقع في الامم المتحدة.
من ناحية حلفاء ترامب في الخليج فان هذه هي فرصته الاخيرة لفرض قيود على اسرائيل في غزة وفي كل الشرق الاوسط، وهذه الفرصة يجب عليه تنفيذها الان طالما ان مدينة غزة لم يتم تدميرها بشكل كامل. الايام القريبة ستظهر هل سيسمح لنتنياهو بخداعه مرة اخرى. ولكن اوروبا، كجسم يعتمد على القانون الدولي، وعلى النظام العالمي والقواعد، لا يمكنها السماح لنفسها بتجاهل عمليات اسرائيل. المندوبة السامية في الاتحاد الاوروبي اورسولا فون دير لاين محسوبة على المعسكر الحذر في الاتحاد الاوروبي في كل ما يتعلق باسرائيل. هي لم تتميز في أي يوم بتصريحات قاطعة فيما يتعلق بعمليات اسرائيل في غزة. وهي ايضا معروفة كمن تحافظ على علاقة مباشرة مع المستشار الالماني فريدريك مارتس، زعيم صديقتها المقربة اسرائيل في الاتحاد الاوروبي، التي تعودت حتى الآن وقف كل قرار مهم ضد اسرائيل في هذه المنظمة. السبب الذي خرجت من اجله في الاسبوع الماضي بخطة واضحة لفرض عقوبات على اسرائيل، وبعد اسبوع بالضبط ستضع الممثلية التي تترأسها اقتراح لتعليق جزئي لاتفاق التجارة الحرة مع اسرائيل هو واحد: هي لا تستطيع إلا أن تعمل.
ان عدم الحزم للاتحاد الاوروبي تحول منذ فترة الى روتين، وفي بروكسل يدركون انه من اجل ان لا يصبحوا نكتة يجب عليهم العمل. ضغط الدول الانتقادية تجاه اسرائيل باندماج مع الرأي العام في دول تحاول بكل القوة الحفاظ على علاقات سليمة مع اسرائيل، آخذ في الازدياد. هذا يحدث تحت الارض، ايضا في التشيك، رغم ان وزير خارجيتها غرد امس بان دولته ستعارض تعليق اتفاق الشراكة مع اسرائيل (الامر غير المطروح على الاجندة). خلافا لرواية نتنياهو التي بحسبها الحديث يدور عن استسلام للاقليات المسلمة فان الواضع مختلف كليا. الجمهور الاوروبي الواسع هو الذي لا يستطيع تحمل الصور التي تخرج من غزة، بمعرفته ان حكومته تعقد صفقات كالمعتاد مع اسرائيل.
في غضون ذلك فان الدول العربية، المتاثرة مما يحدث في غزة، لا يوجد لديها وقت لاضاعته. الهجوم في الدوحة تركته وراءها عندما ضمنت في البيان المشترك الدعم لجهود وساطة قطر ومصر والولايات المتحدة. مصر ترى الجمهور الغزي وهو يهرب الآن نحو الجنوب وينزلق الى اراضيها وتامل وقف سريع وفوري للحرب. في دول الخليج البعيدة يدركون جيدا، حسب مصادر اسرائيلية، الاخطار من بقاء حماس كمنظمة ذات قوة. وهم يتشككون من السلطة ويصغون للتخوفات الامنية في اسرائيل. ولكن مثلما في اوروبا فانهم غير مستعدين للتسليم بالوضع في غزة.
------------------------------------------
معاريف 17/9/2025
اليوم التالي لاحتلال غزة: انهيار إسرائيل
بقلم: افي اشكنازي
“نحن أثينا واسبرطة، وربما سوبر اسبرطة. لا خيار لنا”، أوضح أول امس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في مؤتمر المحاسب العام، حين تناول الوضع السياسي لإسرائيل والتخوف من مقاطعة اقتصادية، الى جانب مقاطعات أخرى تشهدها الدولة منذ الان. اما الجيش فقد بدأ مرة أخرى العمل والمناورة في مدينة غزة. فرقتان بدأتا القتال منذ الان – الفرقة 192 والفرقة 98. اما الفرقة 36 فستدخل قريبا.
التحديات كثيرة ومعقدة: بداية، في المدينة يتمترس نحو 5000 مخرب، نصفهم، نحو 2500 هم مقاتلون مجربون ينتمون الى لواء مدينة غزة. النصف الاخر هم فتيان او كل أنواع المخربين من أطر أخرى لحماس ممن يوجدون في مدينة غزة. يتواجد هؤلاء حاليا تحت الأرض في محاولة للحفاظ على القوة ولا يدخلون في هذه المرحلة في اشتباك مع قوات الجيش. وسيحاولون خوض حرب عصابات بقدر ما يتقدم القتال.
يعمل الجيش الإسرائيلي في هذه اللحظة على أخذ زمام السيطرة في مناطق مختلفة في المدينة وينفذ تطويقا على معظم المجال. الخطوة التالية هي اخراج النواة الصلبة للسكان وخلق فصل بينها وبين مخربي حماس والجهاد الإسلامي. بخلاف سكان المنطقة القروية في القطاع او في خانيونس ورفح، فان النواة الصلبة لا تسارع الى مغادرة المدينة. في هذه اللحظة هذا هو التحدي للجيش الإسرائيلي.
ان مسألة احتلال مدينة غزة باتت منذ الان مسألة مغلقة ومنتهية. فقد بدأ الجيش المعركة وهو سينهيها أيضا. صحيح أن هذا سيستغرق بضعة أسابيع طويلة، وحتى اشهر. لان الجيش الإسرائيلي يعتزم العمل بجذرية وبحذر شديد، فيما أن حياة المخطوفين وكذا المقاتلين هي بوصلة قادة الجيش.
لكن القصة التي ينبغي أن تقلق إسرائيل هي المجهول ما بعد حسم المعركة مع حماس. ماذا بعد؟ هل نتجه الى حكم عسكري؟ الى إقامة استيطان في غزة؟ في جهاز الامن يحذرون منذ الان بان حكما عسكريا في غزة هو نوع من الاحبولة الخطيرة الكفيلة بان تجر إسرائيل الى الانهيار – ليس فقط سياسيا وعسكريا بل واقتصاديا أيضا.
مصدر رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي، والذي يعنى بالموضوع قال امس: “ليس بسيطا احتواء نظام عسكري في غزة. هذا يعني الاهتمام بالغذاء، الماء، الصحة، التعليم، الرفاه، حفظ النظام وانفاذه – والقائمة لا تزال طويلة. إسرائيل ستكون مطالبة بان ترهن مستقبلها الاقتصادي لعشرات السنين الى الامام”، أوضح وأضاف، “لئن كان جيل المقاتلين اليوم هم شبان يقاتلون في غزة، في النظامي وفي الاحتياط، ويحلمون بانهم ذات يوم سيتمكنون من شراء شقة، بناء استقلال اقتصادي لعائلاتهم، فيؤلمني ان أقول لهم انه بعد إقامة حكم عسكري في غزة – لعل القدرة الاقتصادية ستسمح لهم بان يشتروا خيمة او كرافان في القطاع.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 17/9/2025
المبادرة الى التصعيد والتحكم به
بقلم: رون بن يشاي
بعيدًا عن الجدل الدائر حول احتلال غزة والمعارض له، والحجج المؤيدة له معروفة جدا، وبعيدًا عن الادعاءات المتعلقة بعدم فعالية الهجمات في اليمن، يُنصح بالتعرف على المبدأ الذي يعمل بموجبه جيش الدفاع الإسرائيلي في هذين المجالين: مبدأ ضبط التصعيد. ويعني هذا المصطلح العسكري أن جيش الدفاع الإسرائيلي يسعى باستمرار إلى أخذ زمام المبادرة، وبما أن العدو قد تعلم بالفعل خلال سنوات الحرب أساليب عمل الجيش وحيله (وبالتالي يصعب مفاجأته في توقيت العمليات، كما كان الحال في لبنان وإيران مثلًا)، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي يقسم الحملات على كلا الجبهتين إلى مراحل. تبدأ كل مرحلة بأهداف وتوقيت مفاجئين، وتتميز بأسلوب عمل وحيل مختلفين.
في غزة، لم نصل بعد إلى مرحلة “المناورة القوية”، بل إلى مرحلة تهدف فيها العمليات إلى إخلاء السكان وتفكيك البنية التحتية لحركة حماس في المباني الشاهقة. ما بدأ مساء الثلاثاء ويستمر اليوم هو مرحلة “المناورة القوية” من العملية، والهدف الرئيسي هو توعية السكان بضرورة الفرار إلى مناطق الإيواء الإنساني المُجهزة جنوب القطاع واللقاء فيها. ستأتي مرحلة “المناورة القوية” لاحقًا، ربما بعد بضعة أسابيع. بعد ذلك، سيكون هناك دخول فعلي إلى المدينة. في هذه الأثناء، كان الهدف الرئيسي من الدبابات التي ظهرت على أطراف المنطقة هو إظهار وجودها لإخلاء السكان.
في اليمن ايضا، يعمل جيش الدفاع الإسرائيلي وفق مبدأ ضبط التصعيد، وبما أن الهجمات السابقة لم تُسفر عن وقف إطلاق الصواريخ والطائرات المُسيّرة على إسرائيل، يُصعّد جيش الدفاع الإسرائيلي الأضرار المادية التي تلحق بالبنية التحتية الحيوية للحوثيين بتعطيل ميناء الحديدة. هذا الميناء هو المنفذ البحري الوحيد للحوثيين، والذي يتلقون من خلاله جميع الإمدادات التي يحتاجونها من الخارج، بما في ذلك، بالطبع، الإمدادات العسكرية من إيران. ميناء الحديدة هو الوحيد القادر على استقبال شحنات كبيرة، بما في ذلك المساعدات الإنسانية القادمة من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
حتى الآن، اقتصرت أضرار إسرائيل على إمدادات الوقود للحوثيين بضرب المحطات والرافعات التي تخدم ناقلات النفط والسفن الكبيرة التي تحمل الصواريخ أو أجزاء الصواريخ. إضافةً إلى ذلك، ألحق سلاح الجو أضرارًا بإمدادات الكهرباء في الميناء. وتصاعد هجوم الأمس إلى درجة تدمير الميناء بأكمله لمنع وصول أي إمدادات، بما في ذلك الإمدادات الإنسانية. وقد يكون لهذا تأثير كبير على حكومة الحوثيين والسكان اليمنيين في المدن الرئيسية الذين يعتمدون على المساعدات. لليمن أيضًا ميناء رئيسي في مدينة عدن، لكنه يخضع لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها رسميًا، والتي تخوض حربًا مع الحوثيين. يُشدد تدمير ميناء الحديدة الحصار الاقتصادي والعسكري واللوجستي على اليمن بشكل كبير.
ولنهج التحكم في التصعيد ميزة أخرى: بما أن القتال والعمليات تُنفذ تدريجيًا، فإنها تتيح توفيرًا في القوى العاملة والجهود اللوجستية. على سبيل المثال، في غزة، تُنقل الوحدات لتناول الطعام بينما تعمل وحدات أخرى في الميدان. ولكن في المقام الأولً، يسمح هذا بوقف الهجمات واستئنافها في أي وقت يناسب الجيش الإسرائيلي. ويُجبر العدو، سواءً حماس أو الحوثيين، على تخمين متى وكيف سيتصرف الجيش الإسرائيلي، والاستعداد بناءً على ذلك، مما يسلبه الموارد والوقت.
------------------------------------------
هآرتس 17/9/2025
نتنياهو في “خطاب المضغوط”: أوروبا لاسامية واليسار خائن.. قصدتُ “السلاح” وليس “القمح”
بقلم: رفيت هيخت
رغم محاولات الليكود تصوير خطاب “إسبرطة” البائس الذي ألقاه نتنياهو، كخطاب ناجح بالنسبة للقاعدة، فإن جهات رفيعة في الحزب اعترفت بعد فترة قصيرة بأن تصريحات نتنياهو كانت زلة لسان إشكالية، وكان يفضل لو لم تحدث. “عندما تحدث نتنياهو عن اقتصاد اكتفاء ذاتي، كان واضحاً أنه يقصد السلاح وليس القمح”، قال للصحيفة مصدر مطلع في محيط نتنياهو. “لكن كان من الأفضل عدم قول هذا. أقدر بأنه لم يقصد قول ذلك. نحن أيضاً لا نريد أن نكون إسبرطة”.
هناك من يقولون بأن نتنياهو نجح بهذا الخطاب في إبراز الصورة لقاعدته، التي وحدها تهمه، وأن يعرض معادلة مقنعة بأن الوضع الدولي الكارثي لإسرائيل لا ينبع إلا من اللاسامية الأوروبية، المعززة بعدد لا يحصى من المسلمين الذين يغزونها. وذلك إضافة إلى ادعاء بأن “انقضاض اليسار” عليه عقب الخطاب حسن الصورة ليس أكثر.
لكن اختبار النتيجة أظهر أن نتنياهو فشل بنحو لم يتوقعه. في البداية، عندما أسقط البورصة وتسبب برد مندهش في أوساط المستثمرين، وعندما استدعي إلى عقد مؤتمر صحافي أمس “لتوضيح أقواله”. يحاول الآن تقليص الخسائر والخروج بشكل ما من الوضع الذي تسبب به.
“خطاب إسبرطة” يسمى “عملية غير مألوفة” في قاموس الدراما. لسنوات، خصوصاً منذ أن حول إسرائيل إلى منطقة قاتلة تشبه رواندا أو البلقان، ادعى نتنياهو تحقيق عدة نجاحات لم تكسبه إلا انتقادات جاحدة من قبل منتقديه. لقد كان الموقف السائد حتى الآن هو أن إسرائيل قوة إقليمية، وأنها تسحق كل أعداءها في إطار إعادة تنظيم الشرق الأوسط لصالح العالم الغربي كله، وأن مذبحة 7 أكتوبر كانت معجزة أطلقت هذه العملية المدهشة.
مهما كان سبب زلة اللسان الاستثنائية – قول الحقيقة أمر نادر من قبل كاذب مزمن كنتيجة لعملية غير مسيطر عليها في اللاوعي، زلة معرفية مشبوهة أو تعبير عن جنون العظمة المقطوع عن الواقع- لكنها تدل قبل أي شيء آخر على مشكلة جوهرية في قدرة رئيس الحكومة على الحكم.
على الرغم من ذلك، فإن سيطرته على أعضاء الحكومة وعلى مصير مواطني إسرائيل، غير قابلة للشك. قرار الذهاب إلى تدمير غزة بأي ثمن، رغم الثمن الفظيع الذي لم يعرض نتنياهو في خطابه سوى جزء منه، لم يتخذه وزراء اليمين المتطرف (الذين بالطبع صوتوا معه، بل نتنياهو نفسه. “صحيح أن كل ذلك يحدث لأن نتنياهو يريده”، اعترف مصدر في الائتلاف.
مصدر مطلع على ما يحدث في الكابنيت، قال للصحيفة إنه باستثناء معارضة رئيس الأركان إيال زامير، وتصريحات نشرت لوزراء مثل دافيد امسالم وجدعون ساعر، كان هناك أعضاء آخرون في الكابنيت اعتقدوا أن احتلال غزة “عملية ديناميكية للتورط، ومعروفة مسبقاً”. حتى إن كثيرين منهم حذروا من أنهم لا يعرفون إلى أين ستؤدي هذه العملية، وماذا ستكون فائدتها وما الذي سيحدث في “اليوم التالي” لتدمير غزة. هذه الأصوات بقيت وراء الكواليس.
قبل بضع ساعات من مؤتمر نتنياهو الصحافي أمس، سجل غادي آيزنكوت حزباً جديداً. هذه الخطوة كانت متوقعة في المستوى السياسي منذ بضعة أشهر، منذ التوتر الذي حدث بينه وبين شريكه السابق بني غانتس، وعملية خروجه من المعسكر الرسمي. لتسجيل الحزب معنى هامشي فقط، وهو أن آيزنكوت يحاول تشكيل قوة مستقلة في طريقه للانضمام إلى قوى سياسية أخرى. وثمة احتمالان يقفان أمامه: تشكيل جبهة وسط – يسار ليبرالية برئاسته مع رئيس المعارضة يئير لبيد، وربما أيضاً ضم يئير غولان، أو أن يكون رقم 2 مع نفتالي بينيت، وربما رقم 3 إذا انضم أفيغدور ليبرمان، في مشروع سياسي يخترق المعسكرات، كما يبدو، تحت اسم “حلف الخدم”. هذا القرار الجوهري الموجود الآن أمام آيزنكوت. وهو القرار الأكثر دراماتيكية في إطار استعداد المعارضة للانتخابات، التي في هذه الأثناء لا تلوح في الأفق.
------------------------------------------
هآرتس 17/9/2025
نتنياهو في “خطاب إسبرطة”… رجل مأزوم يجرنا إلى الهاوية
بقلم: أسرة التحرير
في خطاب إسبرطة، اعترف نتنياهو رغم أنفه بفشله الذريع، وعندها أعلن عن نيته مواصلة سير إسرائيل في الحفرة التي حفرها لها.
في خطابه أمام قسم المحاسب العام في المالية، عرض نتنياهو الدول الغربية في صورة الأعداء الجدد لإسرائيل التي اجتاحتها موجات هجرة إسلامية وبالشبكات الاجتماعية التي تستخدمها قطر والصين. ليس لإسرائيل-نتنياهو من تعتمد عليه، ومن هنا ليس لنا إلا أن نعتمد على أنفسنا فقط. لاحقاً: إسبرطة.
يختبئ طلب بسيط من خلف رؤى إسبرطة: السماح لنتنياهو بحكم فردي بلا القيود، وكل هذا باسم “الحرب الأبدية”. ولإقامة مصانع الذخيرة الهائلة هذه، هكذا قال، يجب إزالة كل تحفظ قانوني أو بيروقراطي في طريق رئيس الوزراء. كان هذا السطر الأخير لخطابه: أزيلوا كل قيد عن طريقه؛ كفى للبيروقراطية، كفى للقيود القانونية – نتنياهو يقرر وحده، ولن يقف أحد في وجهه.
إسرائيل لا تستطيع – ولا تحتاج – إنتاج كل سلاحها بنفسها. كما أنها لن تنجو إذا ما أصبحت اقتصاداً سلطوياً أو اقتصاداً “ذا سمات سلطوية”. الموضوع أنه لا صلة بين خطاب جنون الاضطهاد، والواقع. دول أوروبا لن تتجه ضد إسرائيل بسبب شبكات اجتماعية أو موجات هجرة المسلمين إليها، بل بسبب سياسة حكومة بلا لجام.
نتنياهو يعرف هذا، لكنه يفضل حرف النقاش إلى مناطق تريحه. غير أن الواقع لا يستقيم مع أحابيل من كان ولا يزال رجل تسويق وليس رجل دولة. اقتصاد إسرائيل اقتصاد تصدير، وسينهار إذا ما توجه العالم ضد دولة إسرائيل. سيناريو من هذا النوع محتمل بالتأكيد إذا قرر نتنياهو البقاء على حاله رغم كل التحذيرات.
كل الأضواء تشتعل: الاتحاد الأوروبي يهدد بإلغاء اتفاق التجارة الحرة مع إسرائيل، ومنذ الأيام القريبة القادمة يحتمل اتخاذ قرار تصريحي أول عن إلغاء الاتفاق، إلى جانب ذكر السبب. “جوع من صنع يد البشر لا يمكنه أن يكون سلاح حرب. يجب أن يتوقف هذا”، مثلما كتبت رئيسة الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين. حتى لو لم يلغَ الاتفاق التجاري في نهاية الأمر، فإن القول بارتكاب إسرائيل جرائم حرب وانتهاك حقوق الإنسان سيؤدي بحد ذاته إلى ضربة شديدة؛ لأن الكثيرين سيفضلون طوعاً ألا يتاجروا معها بعد اليوم.
إن خطاب إسبرطة كان خطاب رجل ملاحق ومهزوم. لن تسمح إسرائيل لنفسها الانجرار وراء شخص يقودها إلى الهاوية. يجب أن نوقف حملة الهدم في أقرب وقت ممكن، والتوجه إلى الشعب. الانتخابات أمر الساعة.
------------------------------------------
معاريف 17/9/2025
يجب طرد كل العرب من الضفة وغزة
بقلم: جوناثان بولارد
عندما رأيت، لأول مرة، ردة الفعل الإيجابية من الجمهور الديني - القومي على خطة فرض السيادة على 82% من الأراضي [المحتلة]، والتي وضعها وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، تذكرت مقولة "إن الإنسان الجائع يعتبر كسرة الخبز العفنة وليمة".
بكلمة واحدة، هذه الخطة عار، ولم تفاجئني الحماسة التي استقبلها بها المعسكر الديني - القومي، في معظمه.
من الواضح أن هؤلاء الناس تعبوا من القتال من أجل الحصول على 100% من الأرض التي منحنا الله إياها، نحن الشعب اليهودي، بشكل حصري، وانتقلوا إلى خطة غير مدروسة، من شأنها تأجيل اليوم الذي سنتمكن فيه أخيراً من إعلان التحرير الكامل لـ"يهودا" و"السامرة" وغزة.
من وجهة نظري، يمثل تبنّي هذه الخطة بشكل غير نقدي إفلاساً سياسياً وأخلاقياً بالكامل، ليس فقط لحركة الاستيطان لدينا، بل أيضاً لمؤيديها في الكنيست.
أمنياً، تشكل خطة الـ82% من الأراضي خطراً واضحاً ومباشراً على اليهود الذين يعيشون في الأراضي، وكذلك على أولئك الذين يعيشون في داخل إسرائيل ما قبل سنة 1967.
يبدو أن الناس لا يفهمون حقيقة أن العرب الذين يعيشون في الـ18% المتبقية من الضفة الغربية – والذين تمت برمجتهم فكرياً – سيدفعهم اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطينية إلى تكثيف سلوكهم القاتل.
ونظراً إلى الاستحالة شبه المطلقة لإغلاق الجيوب ذات الأغلبية الفلسطينية بشكل مُحكم، فإن هدر القوى البشرية والموارد لدينا سيكون هائلاً.
هل سنكون قادرين على نزع سلاح الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الفلسطينية؟
هل سنسمح باستمرار سياسة دفع السلطة تعويضات للأسرى الفلسطينيين والتحريض الدموي للسلطة الفلسطينية؟ وماذا عن وزراء السلطة الذين يشرفون على "دولة الإرهاب" هذه؟ هل سنواصل السماح لهم بممارسة نشاطهم من دون اغتيال، أو سجن مؤبد؟
الواقع هو أنه إذا لم يتم طرد جميع العرب الذين يستولون على الأراضي – لنقُل إلى سورية، على سبيل المثال - فإن تهديدهم لأمتنا سيبقى قائماً، بصرف النظر عن عدد الذين سيُسمح لهم بالعمل في إسرائيل، وهو أمر أعارضه بشدة.
إن شغفهم الديني بإبادتنا سيجد طريقه في النهاية من خلال عمليات الطعن، أو إطلاق النار، أو تنفيذ عمليات، سواء في الأراضي، أو في داخل إسرائيل نفسها.
هذا الدافع إلى قتل اليهود يجري في دمهم، ولا يوجد شيء يمكننا فعله لإزالة هذا السم سوى إخراجهم من بيننا - ليس من خلال تشجيع "الهجرة الطوعية"، بل عبر تحميلهم في شاحنات ورميهم في سورية.
لكن هذه السياسة لا يستطيع سموتريتش وحركة السيادة حتى مجرد التفكير فيها، فضلاً عن تنفيذها. إنهم يفضلون حدوث نوع من آلية "الترحيل القسري" تقوم بالعمل القذر بدلاً منهم.
حسناً، أنا غير مستعد للانتظار حتى يفهم مؤيدو خطة الـ82% أن تفضيلهم لـ"البانتوستانات" الفلسطينية، هو ببساطة، لن ينجح، ولست مستعداً أيضاً لأن يواصل جيشنا عمليات "جزّ العشب" العبثية، بينما يولد "إرهابيون" جدد يومياً في المساجد المنتشرة في أنحاء الضفة الغربية.
أريد أن ينتهي هذا الجنون الآن من خلال طرد كل عربي من الأراضي ومن غزة. نعم، سيصرخ العالم ويجنح لـ"الظلم" المزعوم في أفعالنا. لكن على الأقل، بعد الآن، لن نخاف من السفر من الخليل إلى شيلو، أو من ركوب حافلة في رامات، أو أن نضع أطفالنا في أسرّتهم في سديروت، ولا أن نقلق مما إذا كانوا سيتمكنون من الوصول إلى الملاجئ في الوقت المناسب.
-----------------انتهت النشرة-----------------