هآرتس .. لإسرائيل وجيشها: الإستيلاء على السفينة “مادلين” مهزلة سياسية وإنسانية

بقلم: أسرة التحرير
شهدت العاصمة الإيطالية روما ومدينة ميلانو، الاثنين، وقفات احتجاجية غاضبة تنديدا باختطاف الجيش الإسرائيلي لسفينة “مادلين”، التي كانت في طريقها إلى قطاع غزة لإيصال مساعدات إنسانية.
يبدو أن إسرائيل كاتس متشوق لأيامه المجنونة في وزارة الخارجية، تلك التي تلخص عمله فيها بإلقاء التهم اللاسامية في كل اتجاه، وتحريضات مضحكة وسياسات جنونية على الشبكات بدلاً من عمل دبلوماسي. الحماسة التي أظهرها في حربه ضد الأسطول إلى غزة تدل على أنه مسرور بالعودة إلى تلك الأيام.
بعد أن سيطر الجيش الإسرائيلي على سفينة “مادلين” التي شقت طريقها إلى قطاع غزة، وقاد نشطاء حقوق الإنسان الذين كانوا على ظهرها – ومن بينهم الناشطة البيئية غريتا تونبرغ، إلى ميناء أسدود، استغل وزير الدفاع هذه الفرصة لإلقاء تهم عبثية على تونبرغ وعلى الناشطين.
بدأ هذا بصياغة مشينة لوزارة الخارجية التي سمت السفينة “يخت السلفي” و”يخت المشاهير”، وأضافت باستهزاء بأن الأمر يتعلق بلعبة بهلوانية إعلامية للعلاقات العامة – يوجد أقل من حمولة شاحنة على ظهر السفينة. يدور الحديث عن انفصال تام عن الواقع، إن لم يكن بغباء سياسي حقيقي. أسطول من هذا النوع لم يتفاخر منذ البداية بإطعام 2 مليون نسمة في غزة تجوعهم إسرائيل، بل أراد أن يثير تماهياً ويقوم بعمل ينهي الحرب.
القلق الإنساني تجاه سكان غزة، الذين تم تجويعهم عمداً، بقرار من حكومة إسرائيل، قد يؤخذ بجدية. حقيقة أن إسرائيل استهزأت بالجهود الرمزية للتماهي مع الجوعى إنما يدل على أنها منفصلة ليس فقط عما تفعله في غزة بل أيضاً عن الطريقة التي يرى فيها العالم الكارثة الإنسانية التي توقعها بغزة.
ولكن سلوك وزارة الخارجية الصبياني المتغطرس يتقزم إزاء الصورة الكاريكاتيرية الدبلوماسية التي رسمها كاتس. مثلما في المهزلة التي جاءت بإلهام “البرتقالة الصناعية” فقد أمر بعرض “فيلم الفظائع” على ركاب الأسطول من السابع من أكتوبر (والذي لم يبث في النهاية). وورد من مكتبه “يجدر القول إن غريتا اللاسامية وزملاءها مؤيدي حماس سيرون بالضبط من هو التنظيم الإرهابي حماس الذين جاءوا لدعمه والذي يعملون من أجله”.
هذا تشويه تام للواقع. ليس هنالك سبيل منطقي وعادل للاستنتاج بأن غريتا تونبرغ لاسامية بسبب قلقها على الغزيين. محاولة تحويل كل معارضة للسياسة الإسرائيلية، وكل دعوة لإنهاء القتال، أو كل تماه مع المعاناة في غزة إلى تعبير عن لاسامية – هو ليس فقط تلاعب ديماغوجي؛ هو استخفاف شديد بمفهوم اللاسامية. القلق على الغزيين ليس معناه تأييداً لحماس ولا للسابع من أكتوبر. إن رفض التمييز ما بين معارضة الفظائع التي ترتكبها إسرائيل الآن وبين التأييد لتنظيم إرهابي، يعمق الانفصال بينها وبين العالم.
يرى العالم عشرات آلاف القتلى، معظمهم نساء وأطفال ومسنون. هو يرى أن فرض التجويع الجماعي يستخدم كوسيلة قتالية، هو يرى حكومة لا تضع حداً للتدمير ثم تستهزئ بالشبان الذين يناضلون من أجل وقفها. بدلاً من الاستخفاف بهؤلاء الشباب ولمزيد من الدقة بالشابات، يفضل أن تنهي إسرائيل الحرب وتعيد المخطوفين.

disqus comments here